الله الواحد في علاك ، نرجو رحمتك و نخشى عذابك .
_ من تحدثين يا أمي ؟
يشوب صوت أمي التوتر ، تغطي سماعة الهاتف بيدها ثم تضيف : تلك زوجة عم أبيك ؟ انتشر سرطان العظام في جسده .
_ أ لأبي عم ؟
أجل تذكرته ، كان والدي يزوره وحده على فترات متباعدة فعمه هذا يسكن في الجيزة بعيداً عن بيتنا ، في الحقيقة لو حاولت الذهاب إليه فسأضل الطريق إلى بيته و أسرته !
تواصل أمي الحديث في الهاتف مع زوجته .
يستحضر عقلي ما يعرفه عن هذا المرض ، سرعة انتشاره و تغلغله . تكلف علاج والد صديقتي آلاف الجنيهات شهرياً ، بينما جسده يفقد الحيوية جراء علاج مكلف و مبالغ فيه لا يفرق بين الخلايا السرطانية و الخلايا السليمة. علاج بسوء المرض .
يتساءل عقلي مجدداً : ما المطلوب عمله في حالته ؟
........
تبلغ أمي أهل البيت . تحمل الهواتف رسائل القلق و المواساة للرجل و لأهله و محاولة معرفة ما يحتاجه . يؤكد الرجل للجميع أنه بخير حال ، و أنه لا يحتاج سوى ما عنده .
نجتمع فنجمع له مبلغاً من المال يساعده على تجاوز تلك الأزمة ثم توكل إلى مهمة إيصال الظرف له . أزور عمي، أدفع له حملي و أطلب منه إيصال المبلغ للمريض ، يأخذنا الحديث إلى بعد آخر فنتفق أن أمر به بعد صلاة الجمعة و نذهب للمريض زائرين . أتولى القيادة وصولاً إلى المستشفى .
هناك أقابل قريبي البعيد يبتسم مطمئناً على فراش المرض ، ينتظر دوره لإجراء أشعة يقرر بعدها الطبيب إن كان يجرى له عملية تعين كليته على العمل ، أم أن السرطان أثقلها و من الأفضل تركه و شأنه ؟
يلقي القلق في مسمعي سؤالاً فأنصت : لم لا يصيب السرطان رضا قريبي بعطب ؟
يؤذن لصلاة العصر فيتلفت حوله إلى من يعينه على الوضوء و الصلاة يدعو من حوله لإقامتها و لطالما أمّ المصلين تطوعاً عمراً مديداً في الجامع .
ملاحظة : تقرر الأشعة أن المرض انتشر في جسده و أن الجراحة لن تصلح مرضاً فيعود إلى بيته ، يتلقى علاجه هناك و يقيم الصلاة في الجامع المجاور كما اعتاد .
*****
المفضلات