جزاك الله خيرا استفساري عن صحة الحديث فيما معناه (لا تجعلوا قبري وثنا يعبد)
هذا الحديث يروى من حديث أبي سعيد الخدري وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضوان الله عليهم جميعا ، ومن معضل سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري رحمه الله .
حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه البزار في "مسنده" كما في زوائده الموسوم ب"كشف الأستار" (440) للهيثمي ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/42-43) : حدثنا سليمان بن سيف الحراني ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني ، قال : أخبرنا عمر بن صهبان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال البزار : " لا نحفظه عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " .
قلت : وهناك وهم وقع لابن عبد البر سنوضحه الآن :
فقد سبقنا أن ذكرنا أنه قد روى هذا الحديث من طريق البزار ، ولكنه قد رواه بهذا المعرف (عمر بن محمد)
وهذا المعرف يشترك فيه راويان في الاسم ، واسم الوالد ، والرواية عن زيد بن أسلم ، والبلد (المدينة) .
وهذين الراويان هم :
الأول : عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب : وهو ثقة ، وهو ما رجحه ابن عبد البر فقال في "التمهيد" (5/42) : " وقد أسند حديثه هذا عمر بن محمد وهو من ثقات أشراف أهل المدينة روى عنه مالك بن أنس والثوري وسليمان بن بلال (وغيرهم) وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته وبالله التوفيق " .
الثاني : عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي : وهو متروك الحديث [انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/398) للمزي] ، وهو ما كشفت عنه رواية البزار (الأصل الذي روى عنه ابن عبد البر) ، فرواه بهذا المعرف (عمر بن صهبان) .
قال محققو طبعة الرسالة لمسند أحمد بن حنبل (12/315) : " وفي سنده عمر بن صهبان، ويقال: عمر بن محمد بن صهبان المدني، وهو ضعيف باتفاقهم، والتبس أمره على أبي عمر ابن عبد البر فظنّه عمر بن محمد -وهو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخظاب- الثقة! " .
قلت : فهذا اسناد منكر لا يصح ، وقد خولف عمر بن محمد بن صهبان في روايته عن زيد بن أسلم :
1- خالفه مالك بن أنس ، فأخرجه مالك في "الموطأ" (414- رواية الليثي) و (570- رواية الزهري) ، ومن طريقه ابن سعد في "طبقاته" (2/185-186) ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
2- وخالفه كلا من : محمد بن عجلان ، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/150) ، ومعمر بن راشد ، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (1/406) ، كلاهما عن زيد بن أسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ، فإنه اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
حديث عمر بن الخطاب :
قال الدارقطني في "العلل" (2/221/ رقم 233) : " وسئل عن حديث المعرور بن سويد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا ، وكان بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
فقال: يرويه أصحاب الأعمش عنه، عن المعرور، عن عمر موقوفا.
وأسنده عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن المعرور، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتابع عليه ، والمحفوظ هو الموقوف " .
قلت : فأما المرفوع فلم نجده ، وأما الموقوف فقد وقفنا عليه :
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/118) ، عن معمر بن راشد .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/151) ، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "الاقتضاء" (2/273) لابن تيمية ، عن أبي معاوية .
كلاهما (معمر وأبي معاوية) ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد قال : كنت مع عمر بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر، فقرأ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل: 1] و (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) [قريش: 1]، ثم رأى أقواما ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم فقالوا: مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمض " .
قلت : وهذا اسناد صحيح موقوفا .
حديث أبي هريرة :
أخرجه الحميدي في "مسنده" (1055) – ومن طريقه أبي طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 3- مخطوط) ، وابن سعد في "طبقاته" (2/186) ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (2/246) ، والبزار في "مسنده- البحر الزخار" (9087) – ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/43) ، والجندي في "فضائل المدينة" (51) ، وأبو جعفر العقيلي في "التاريخ الكبير" – ابن عبد البر في "التمهيد" (5/44) ، ومن طريقه والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (5/357) .
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/47) في ترجمة حمزة بن المغيرة .
كلهم من طريق سفيان بن عيينة ، عن حمزة بن المغيرة الكوفي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال أبو بكر البزار : " وحديث سهيل هذا إنما يجيء من هذا الطريق لم يحدث به إلا ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل " [التمهيد]
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل حمزة بن المغيرة الكوفي وهو صدوق لا بأس به ، قال الدارمي في "تاريخ ابن معين" (1/98) رقم (271) : " وسألته عن حمزة بن المغيرة الكوفي الذي يروي عنه ابن عيينة : "لا تجعلوا قبري وثنا " ما حاله ؟ فقال : ليس به بأس " .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (8/209) .
معضل سعيد بن أبي سعيد مولى المهري :
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8/464) : عن إبراهيم بن أبي يحيى ، وابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنا ، ومنبري عيدا " .
قلت : وهذا اسناد ساقط لما يأتي :
الأول : تدليس ابن جريج : وهو هنا كأنه متابع لإبراهيم بن أبي يحيى ، والصواب أنه رواه عن ابن أبي يحيى ودلسه ، وقد دلس عنه غير شيء [انظر أمثلة لذلك في : "العلل" (4/65) لابن أبي حاتم ، و"السنن الكبرى" (7/157) للبيهقي ، و"الأحكام الوسطى" (3/156) لعبد الحق الاشبيلي] ، فرجع الحديث الى رواية ابن أبي يحيى [بدون متابع] .
الثاني : ابراهيم بن أبي يحيى : وهو متروك متهم بالكذب .
الثالث : الاعضال : فأن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، من أتباع التابعين ، قال ابن حبان في كتاب الثقات (6/363) : " سعيد بن أبي سعيد مولى المهري كنيته أبو السميط يروي عن أبيه وإسحاق مولى زائدة روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران ، وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري ذاك أدخلناه في التابعين ، وهذا في أتباع التابعين " .
فائدة : قال ابن عبد البر في "التمهيد" (5/45) : " الوثن : الصنم وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال ، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها وذلك الشرك الأكبر ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ، وكان يخاف على أمته اتباعهم ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعبير والتوبيخ : "لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه" .
الخلاصة : أن الحديث ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه باسناد حسن لذاته ، وللحديث رواية أخرى بلفظ :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " واسناده حسن أيضا ، وسنقوم بتخريجه باذن الله تعالى .
أما حديث : " لا تتخذوا قبري عيدا "
فقد ورد من حديث علي بن أبي طالب ، وابنه الحسن وأبي هريرة رضي الله عنهم جميعا ، ومرسل الحسن بن الحسن رحمه الله .
حديث على بن أبي طالب :
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/375) – وعنه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (469) ، ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/49) – ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (20) ، أخرجه البزار في "مسنده" (509) ، والخطيب في "الموضح" (2/25) ، وأبو طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 1/ من حديث أبي علي بن الصواف / مخطوط) .
كلهم من طريق جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين ، قال : حدثني علي بن عمر ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فدعاه ، فقال : ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيث ما كنتم.
قلت : وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (2/186) عن ابن أبي شيبة ، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (26) عن ابن أبي شيبة مقتصرا على الشطر الأخير .
وقد سمعه أبو مسلم بن غازي بن حيدر القزويني - بمدينة السلام سنة سبع وثلاثين وخمسمائة - من أبي الفتوح الاسفرائني بروايته عن القاضي هجيم الروياني، عن الأشج باسناده الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ذكره الرافعي في "أخبار قزوين" (2/26) .
قال البزار : " وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَقَدْ رُوِيَ بِهَذَا الإِسْنَادِ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ فِيهَا مَنَاكِيرُ ، فَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لأَنَّهُ غَيْرُ مُنْكَرٍ : لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَلاَ بُيُوتَكُمْ قُبُورًا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين ، ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/160) وقال : "يعتبر حديثه من غير رواية عن هؤلاء" ، وتحرف كلامه في "لسان الميزان" (2/106) الى : " يعتبر بحديثه من غير روايته عن أبيه" ، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح و التعديل" (2/474) ، وسكت عنه .
حديث الحسن بن علي :
يروى عنه من ثلاثة طرق :
الطريق الأول : أخرجه ابن أبي عاصم في "الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (27) ، وأبو بشر الدولابي في "الذرية الطاهرة" (119) ، والمحاملي في "الأمالي – رواية ابن مهدي الفارسي" (144) – ومن طريقه السبكي في "طبقات الشافعية" (1/166) – ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2729) ، وفي "المعجم الأوسط" (365) ، وابن عساكر في "تاريخه" (13/61) .
كلهم من طريق سعيد بن أبي مريم قال: نا محمد بن جعفر قال: أخبرني حميد بن أبي زينب، عن حسين بن حسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حيثما كنتم فصلوا علي ، فإن صلاتكم تبلغني " .
قال الطبراني : " لا يروى هذا الحديث عن الحسن بن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به: ابن أبي مريم" .
قال السبكي : " ليس من رواية الحسن عن أبيه في شيء من الكتب الستة" .
قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه حميد بن أبي زينب لا يعرف .
قال الهيثمي في المجمع (10/162) : "فيه حميد بن أبي زينب لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".
الطريق الثاني : أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (6761) : حدثنا موسى بن محمد بن حيان ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا عبد الله بن نافع ، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، قال :سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صلوا في بيوتكم لا تتخذوها قبورا ، ولا تتخذوا بيتي عيدا ، صلوا علي وسلموا ، فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني أينما كنتم " .
قلت : وهذا اسناد منكر فيه :
1- موسى بن محمد بن حيان : ترك أبو زرعة حديثه ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : "ربما خالف" ، وقال الخطيب البغدادي في "تاريخه" : "أحاديثه مستقيمة" .
2- عبد الله بن نافع : وهو ضعيف منكر الحديث .
3- الانقطاع : العلاء بن عبد الرحمن لم يدرك الحسن بن علي .
الطريق الثالث :
وابن عساكر في "تاريخه" (13/62) من طريق الليث بن سعد ، حدثني ابن عجلان عن سهيل وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، عن حسن بن علي بن أبي طالب أنه قال ورأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو له ويصلي عليه فقال حسن للرجل لا تفعل فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " لا تتخذوا بيتي عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني" .
قال الذهبي في "تاريخ الاسلام" (6/329) : "هذا حديث مرسل" .
حديث أبو هريرة :
يروي عنه من طريقين :
الطريق الأول : أخرجه أحمد في "مسنده" (2/367) ، وأبو داود في "السنن" (2042) – ومن طريقه البيهقي في "شعب الايمان" (4162) ، وفي "حياة الأنبياء بعد وفاتهم" (ص 95) ، وأبي اليمن ابن عساكر في "اتحاف الزائر" (ص 66) – ، وابن فيل البالسي في "جزئه" (113) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8030) .
كلهم من طريق عبد الله بن نافع ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " .
قال الطبراني : " لم يصل هذا الحديث عن ابن أبي ذئب إلا عبد الله بن نافع ، تفرد به : مسلم بن عمرو ".
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل رجاله ثقات سوى عبد الله بن نافع الصائغ المخزومي وهو صدوق يخطىء ، ولكنه فقيه مدني ، والحديث سنة مدنية فهو محتاج اليه في فقهه ، ومثل هذا يضبطه الفقيه ، فينتفي خطئه في هذا الحديث .
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (ص 199) : " لا خلاف في عدالته وفقه، وإن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحياناً، ثم إن هذا الحديث مما يعرف من حفظه ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية هو محتاج إليها في فقهه. ومثل هذا يضبطه الفقيه " .
الطريق الثاني : أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/283) : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمود ، ثنا عبد الله بن وهب ، ثنا محمد بن السكن الأيلي ، ثنا عبد الله بن هشام الدستوائي ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا قبري عيدا لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يصلون إليها وصلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " .
قال أبو نعيم : " غريب من حديث هشام لم نكتبه إلا من حديث ابنه عبد الله " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف جدا فيه عبد الله بن هشام الدستوائي : وهو متروك .
مرسل الحسن بن الحسن بن علي :
أخرجه علي بن حجر السعدي في "حديثه عن إسماعيل بن جعفر" (436) عن سهيل بن أبي سهل أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فالتزمه، ومسح قال: فحصبني حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر " .
وعبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" (3/71) و (3/576) عن الثوري، عن ابن عجلان، عن رجل يقال له: سهيل، عن الحسن بن الحسن بن علي، قال: رأى قوما عند القبر فنهاهم وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/375) و (3/345) : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن سهيل ، عن حسن بن حسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.
قلت : والحسن بن الحسن بن علي لم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم ، فهو مرسل .
وإسماعيل بن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (30) : حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل قال: جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسين يتعشى في بيت عند النبي فدعاني فجئته فقال: ادن فتعش قال: قلت: لا أريده قال: مالي رأيتك وقفت؟ قال: وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلت المسجد فسلم عليه، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر، لعن الله يهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " .
قلت : وسهيل بن أبي صالح هذا ليس بصحابي وهو صدوق الا أنه تغير حفظه و نقص ، وفي الاسناد سقط .
ملحوظة : أصل هذا التخريج كنت قد أعددته قديما وناقشته في "ملتقى أهل الحديث"
هذا الحديث يروى من حديث أبي سعيد الخدري وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضوان الله عليهم جميعا ، ومن معضل سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري رحمه الله .
حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه البزار في "مسنده" كما في زوائده الموسوم ب"كشف الأستار" (440) للهيثمي ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/42-43) : حدثنا سليمان بن سيف الحراني ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني ، قال : أخبرنا عمر بن صهبان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال البزار : " لا نحفظه عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " .
قلت : وهناك وهم وقع لابن عبد البر سنوضحه الآن :
فقد سبقنا أن ذكرنا أنه قد روى هذا الحديث من طريق البزار ، ولكنه قد رواه بهذا المعرف (عمر بن محمد)
وهذا المعرف يشترك فيه راويان في الاسم ، واسم الوالد ، والرواية عن زيد بن أسلم ، والبلد (المدينة) .
وهذين الراويان هم :
الأول : عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب : ، وهو ثقة ، وهو ما رجحه ابن عبد البر فقال في "التمهيد" (5/42) : " وقد أسند حديثه هذا عمر بن محمد وهو من ثقات أشراف أهل المدينة روى عنه مالك بن أنس والثوري وسليمان بن بلال (وغيرهم) وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته وبالله التوفيق " .
الثاني : عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي : وهو متروك الحديث [انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/398) للمزي] ، وهو ما كشفت عنه رواية البزار (الأصل الذي روى عنه ابن عبد البر) ، فرواه بهذا المعرف (عمر بن صهبان) .
قال محققو طبعة الرسالة لمسند أحمد بن حنبل (12/315) : " وفي سنده عمر بن صهبان، ويقال: عمر بن محمد بن صهبان المدني، وهو ضعيف باتفاقهم، والتبس أمره على أبي عمر ابن عبد البر فظنّه عمر بن محمد -وهو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخظاب- الثقة! " .
قلت : فهذا اسناد منكر لا يصح ، وقد خولف عمر بن محمد بن صهبان في روايته عن زيد بن أسلم :
1- خالفه مالك بن أنس ، فأخرجه مالك في "الموطأ" (414- رواية الليثي) و (570- رواية الزهري) ، ومن طريقه ابن سعد في "طبقاته" (2/185-186) ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
2- وخالفه كلا من : محمد بن عجلان ، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/150) ، ومعمر بن راشد ، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (1/406) ، كلاهما عن زيد بن أسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ، فإنه اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
حديث عمر بن الخطاب :
قال الدارقطني في "العلل" (2/221/ رقم 233) : " وسئل عن حديث المعرور بن سويد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا ، وكان بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
فقال: يرويه أصحاب الأعمش عنه، عن المعرور، عن عمر موقوفا.
وأسنده عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن المعرور، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتابع عليه ، والمحفوظ هو الموقوف " .
قلت : فأما المرفوع فلم نجده ، وأما الموقوف فقد وقفنا عليه :
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/118) ، عن معمر بن راشد .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/151) ، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "الاقتضاء" (2/273) لابن تيمية ، عن أبي معاوية .
كلاهما عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد قال : كنت مع عمر بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر، فقرأ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل: 1] و (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) [قريش: 1]، ثم رأى أقواما ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم فقالوا: مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمض " .
قلت : وهذا اسناد صحيح موقوفا .
حديث أبي هريرة :
أخرجه الحميدي في "مسنده" (1055) – ومن طريقه أبي طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 3- مخطوط) ، وابن سعد في "طبقاته" (2/186) ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (2/246) ، والبزار في "مسنده- البحر الزخار" (9087) – ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/43) ، والجندي في "فضائل المدينة" (51) ، وأبو جعفر العقيلي في "التاريخ الكبير" – ابن عبد البر في "التمهيد" (5/44) ، ومن طريقه والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (5/357) .
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/47) في ترجمة حمزة بن المغيرة .
كلهم من طريق سفيان بن عيينة ، عن حمزة بن المغيرة الكوفي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال أبو بكر البزار : " وحديث سهيل هذا إنما يجيء من هذا الطريق لم يحدث به إلا ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل " [التمهيد]
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل حمزة بن المغيرة الكوفي وهو صدوق لا بأس به ، قال الدارمي في "تاريخ ابن معين" (1/98) رقم (271) : " وسألته عن حمزة بن المغيرة الكوفي الذي يروي عنه ابن عيينة : "لا تجعلوا قبري وثنا " ما حاله ؟ فقال : ليس به بأس " .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (8/209) .
معضل سعيد بن أبي سعيد مولى المهري :
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8/464) : عن إبراهيم بن أبي يحيى ، وابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنا ، ومنبري عيدا " .
قلت : وهذا اسناد ساقط لما يأتي :
الأول : تدليس ابن جريج : وهو هنا كأنه متابع لإبراهيم بن أبي يحيى ، والصواب أنه رواه عن ابن أبي يحيى ودلسه ، وقد دلس عنه غير شيء [انظر أمثلة لذلك في : "العلل" (4/65) لابن أبي حاتم ، و"السنن الكبرى" (7/157) للبيهقي ، و"الأحكام الوسطى" (3/156) لعبد الحق الاشبيلي] ، فرجع الحديث الى رواية ابن أبي يحيى [بدون متابع] .
الثاني : ابراهيم بن أبي يحيى : وهو متروك متهم بالكذب .
الثالث : الاعضال : فأن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، من أتباع التابعين ، قال ابن حبان في كتاب الثقات (6/363) : " سعيد بن أبي سعيد مولى المهري كنيته أبو السميط يروي عن أبيه وإسحاق مولى زائدة روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران ، وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري ذاك أدخلناه في التابعين ، وهذا في أتباع التابعين " .
فائدة : قال ابن عبد البر في "التمهيد" (5/45) : " الوثن : الصنم وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال ، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها وذلك الشرك الأكبر ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ، وكان يخاف على أمته اتباعهم ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعبير والتوبيخ : "لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه" .
الخلاصة : أن الحديث ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه باسناد حسن لذاته ، وللحديث رواية أخرى بلفظ :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " واسناده حسن أيضا ، وسنقوم بتخريجه باذن الله تعالى .
أما حديث : " لا تتخذوا قبري عيدا "
فقد ورد من حديث علي بن أبي طالب ، وابنه الحسن وأبي هريرة رضي الله عنهم جميعا ، ومرسل الحسن بن الحسن رحمه الله .
حديث على بن أبي طالب :
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/375) – وعنه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (469) ، ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/49) – ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (20) ، أخرجه البزار في "مسنده" (509) ، والخطيب في "الموضح" (2/25) ، وأبو طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 1/ من حديث أبي علي بن الصواف / مخطوط) .
كلهم من طريق جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين ، قال : حدثني علي بن عمر ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فدعاه ، فقال : ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيث ما كنتم.
قلت : وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (2/186) عن ابن أبي شيبة ، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (26) عن ابن أبي شيبة مقتصرا على الشطر الأخير .
وقد سمعه أبو مسلم بن غازي بن حيدر القزويني - بمدينة السلام سنة سبع وثلاثين وخمسمائة - من أبي الفتوح الاسفرائني بروايته عن القاضي هجيم الروياني، عن الأشج باسناده الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ذكره الرافعي في "أخبار قزوين" (2/26) .
قال البزار : " وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَقَدْ رُوِيَ بِهَذَا الإِسْنَادِ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ فِيهَا مَنَاكِيرُ ، فَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لأَنَّهُ غَيْرُ مُنْكَرٍ : لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَلاَ بُيُوتَكُمْ قُبُورًا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين ، ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/160) وقال : "يعتبر حديثه من غير رواية عن هؤلاء" ، وتحرف كلامه في "لسان الميزان" (2/106) الى : " يعتبر بحديثه من غير روايته عن أبيه" ، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح و التعديل" (2/474) ، وسكت عنه .
حديث الحسن بن علي :
يروى عنه من ثلاثة طرق :
الطريق الأول : أخرجه ابن أبي عاصم في "الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (27) ، وأبو بشر الدولابي في "الذرية الطاهرة" (119) ، والمحاملي في "الأمالي – رواية ابن مهدي الفارسي" (144) – ومن طريقه السبكي في "طبقات الشافعية" (1/166) – ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2729) ، وفي "المعجم الأوسط" (365) ، وابن عساكر في "تاريخه" (13/61) .
كلهم من طريق سعيد بن أبي مريم قال: نا محمد بن جعفر قال: أخبرني حميد بن أبي زينب، عن حسين بن حسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حيثما كنتم فصلوا علي ، فإن صلاتكم تبلغني " .
قال الطبراني : " لا يروى هذا الحديث عن الحسن بن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به: ابن أبي مريم" .
قال السبكي : " ليس من رواية الحسن عن أبيه في شيء من الكتب الستة" .
قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه حميد بن أبي زينب لا يعرف .
قال الهيثمي في المجمع (10/162) : "فيه حميد بن أبي زينب لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".
الطريق الثاني : أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (6761) : حدثنا موسى بن محمد بن حيان ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا عبد الله بن نافع ، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، قال :سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صلوا في بيوتكم لا تتخذوها قبورا ، ولا تتخذوا بيتي عيدا ، صلوا علي وسلموا ، فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني أينما كنتم " .
قلت : وهذا اسناد منكر فيه :
1- موسى بن محمد بن حيان : ترك أبو زرعة حديثه ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : "ربما خالف" ، وقال الخطيب البغدادي في "تاريخه" : "أحاديثه مستقيمة" .
2- عبد الله بن نافع : وهو ضعيف منكر الحديث .
3- الانقطاع : العلاء بن عبد الرحمن لم يدرك الحسن بن علي .
الطريق الثالث :
وابن عساكر في "تاريخه" (13/62) من طريق الليث بن سعد ، حدثني ابن عجلان عن سهيل وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، عن حسن بن علي بن أبي طالب أنه قال ورأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو له ويصلي عليه فقال حسن للرجل لا تفعل فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " لا تتخذوا بيتي عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني" .
قال الذهبي في "تاريخ الاسلام" (6/329) : "هذا حديث مرسل" .
حديث أبو هريرة :
يروي عنه من طريقين :
الطريق الأول : أخرجه أحمد في "مسنده" (2/367) ، وأبو داود في "السنن" (2042) – ومن طريقه البيهقي في "شعب الايمان" (4162) ، وفي "حياة الأنبياء بعد وفاتهم" (ص 95) ، وأبي اليمن ابن عساكر في "اتحاف الزائر" (ص 66) – ، وابن فيل البالسي في "جزئه" (113) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8030) .
كلهم من طريق عبد الله بن نافع ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " .
قال الطبراني : " لم يصل هذا الحديث عن ابن أبي ذئب إلا عبد الله بن نافع ، تفرد به : مسلم بن عمرو ".
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل رجاله ثقات سوى عبد الله بن نافع الصائغ المخزومي وهو صدوق يخطىء ، ولكنه فقيه مدني ، والحديث سنة مدنية فهو محتاج اليه في فقهه ، ومثل هذا يضبطه الفقيه ، فينتفي خطئه في هذا الحديث .
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (ص 199) : " لا خلاف في عدالته وفقه، وإن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحياناً، ثم إن هذا الحديث مما يعرف من حفظه ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية هو محتاج إليها في فقهه. ومثل هذا يضبطه الفقيه " .
الطريق الثاني : أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/283) : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمود ، ثنا عبد الله بن وهب ، ثنا محمد بن السكن الأيلي ، ثنا عبد الله بن هشام الدستوائي ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا قبري عيدا لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يصلون إليها وصلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " .
قال أبو نعيم : " غريب من حديث هشام لم نكتبه إلا من حديث ابنه عبد الله " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف جدا فيه عبد الله بن هشام الدستوائي : وهو متروك .
مرسل الحسن بن الحسن بن علي :
أخرجه علي بن حجر السعدي في "حديثه عن إسماعيل بن جعفر" (436) عن سهيل بن أبي سهل أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فالتزمه، ومسح قال: فحصبني حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر " .
وعبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" (3/71) و (3/576) عن الثوري، عن ابن عجلان، عن رجل يقال له: سهيل، عن الحسن بن الحسن بن علي، قال: رأى قوما عند القبر فنهاهم وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/375) و (3/345) : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن سهيل ، عن حسن بن حسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.
قلت : والحسن بن الحسن بن علي لم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم ، فهو مرسل .
وإسماعيل بن إسحاق القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم" (30) : حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل قال: جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسين يتعشى في بيت عند النبي فدعاني فجئته فقال: ادن فتعش قال: قلت: لا أريده قال: مالي رأيتك وقفت؟ قال: وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلت المسجد فسلم عليه، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر، لعن الله يهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " .
قلت : وسهيل بن أبي صالح هذا ليس بصحابي وهو صدوق الا أنه تغير حفظه و نقص ، وفي الاسناد سقط .
ملحوظة : أصل هذا التخريج كنت قد أعددته قديما وناقشته في "ملتقى أهل الحديث" على هذا الرابط :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=251758
ما صحة حديث الدجال?
thanks in advance
كيف اُمِرَ الرّسول بقتال النّاس؟
قول الله تعالى ( وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا
أخي الكريم لم تحدد أي حديث تقصد ، ولكن ان كنت تقصد حديث "الجساسة" ، فهو حديث صحيح لذاته ، أخرجه الامام مسلم بن الحجاج في "صحيحه" ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب : قصة الجساسة [هذا تبويب الامام النووي رحمه الله ، وليس من صنيع الامام مسلم رحمه الله] ، حديث رقم (2942) .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية جزاكم الله خير سيل الحق المتدفق على اثراء القسم -في موازين حسناتكم-
ربما الاخ ابا انس يقصد هذا الحديث الذي يبني عليه ان المسيح الدجال يصبح اعور عندما يدعي الالوهية
عن سليمان بن شهاد قال: نزلت على عبد الله بن معتم وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحدثني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق فيدعو لي فيتبع وينصب للناس فيقاتلهم ويظهر عليهم فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر دين الله ويعمل به فيتبع ويُجب على ذلك ثم يقول بعد ذلك إني نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه فيمكث بعد حتى يقول أنا الله فتغشى عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه كافر فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه حبة من خردل من إيمان ... )). الحديث بطوله رواه الطبراني.
بالبحث وجدت ان الحديث ضعيف السند
فهل هناك من حسن الحديث او يوجد حديث بلفظ اخر ياكد الى ما راح اليه الاخ ؟
دمتم بعز الاسلام
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
اقتباسالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
اقتباسبداية جزاكم الله خير سيل الحق المتدفق على اثراء القسم -في موازين حسناتكم-
واياكم أختنا الفاضلة على اثراء المنتدى كله بمجهودكم الكريم .
اقتباسربما الاخ ابا انس يقصد هذا الحديث الذي يبني عليه ان المسيح الدجال يصبح اعور عندما يدعي الالوهية
حديث الدجال ليس له حديث معين ، فالدجال قد ذُكر في أكثر من حديث ما بين صحيح وضعيف وغيرها من مراتب الحديث ، فالذي يحدد أي حديث بعينه هو الأخ أبو أنس نفسه ، ومحاولتي ومحاولتكم ما هي الا تخمين واحتمال يمكن أن يكون هو مراد الأخ أو لا ...
اقتباسعن سليمان بن شهاد قال: نزلت على عبد الله بن معتم وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحدثني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق فيدعو لي فيتبع وينصب للناس فيقاتلهم ويظهر عليهم فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر دين الله ويعمل به فيتبع ويُجب على ذلك ثم يقول بعد ذلك إني نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه فيمكث بعد حتى يقول أنا الله فتغشى عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه كافر فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه حبة من خردل من إيمان ... )). الحديث بطوله رواه الطبراني.
قمت بتخريجه في المشاركة التالية تخريجا موسعا ...
وصوابه : "سليمان بن شهاب" وليس "شهاد" ، فليتنبه !
اقتباسبالبحث وجدت ان الحديث ضعيف السند
وهو كذلك أختنا الفاضلة ...
اقتباسفهل هناك من حسن الحديث او يوجد حديث بلفظ اخر ياكد الى ما راح اليه الاخ ؟
لا
اقتباسدمتم بعز الاسلام
أدامِك الله بعزه ، واستخدمك في طاعته وخدمة دينه ...
أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229) : أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان ، أنبأ شجاع بن علي بن شجاع ، أنبأ محمد بن إسحاق بن مندة ، أنا محمد بن قريش المرورودي ، نا إسماعيل بن أبي كثير الفارسي ، نا يحيى بن موسى البلخي ، نا سعيد بن محمد الوراق ، نا حلام بن صالح نا سليمان بن شهاب العبسي قال : نزل علي عبد الله بن مغنم رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال ليس به خفاء يجئ من قبل المشرق فيدعو إلى نفسه فيتبع ويقاتل ناسا فيظهر عليهم لا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر عليهم .
قال ابن منده : رواه علي بن المديني عن سعيد بن محمد الوراق هذا مختصر .
قلت : وقد أخرجه أيضا الطبراني ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/340-341) : " رواه الطبراني ، وفيه سعيد بنمحمد الوراق وهو متروك " .
قلت : يُروي خطأ ب "سعيد بن محمد الجرمي" بدلا من الوراق ، أخطأ فيه أبو نعيم الأصبهاني الحافظ ، وتبعه على ذلك الحافظ ابن كثير :
قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4542) : حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا إسحاق بن موسى ، ح وحدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، قال يحيى بن موسى الخثي ، ح وحدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا محمد بن شعيب الأصبهاني ، ثنا سعيد بن عنبسة ، قالوا : ثنا سعيد بن محمد الجرمي الكوفي ، ثنا سلام بن صالح ، قال : أخبرني سليمان بن شهاب العبسي، قال: نزل علي عبد الله بن معتم ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق ، فيدعو إلى حق فيتبع ، وينصب للناس فيقاتلهم ، فيظهر عليهم ، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة ، فيظهر دين الله ، ويعمل به فيتبع ، ويحث على ذلك ، ثم يقول بعد ذلك: إني نبي ، فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه ، فيمكث بعد ذلك حتى يقول : أنا الله فتغمس عينه اليمنى ، وتقطع أذناه ، ويكتب بين عينيه كافر ، فلا يخفى على كل مسلم ، فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان ، ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى ، وهذه الأعاجم من المشركين، ثم يدعو برجل فيما يرون فيأمر به، فيقتل، ثم تقطع أعضاؤه كل عضو على حدة ، فيفرق بينها ، حتى يراه الناس ثم يجمع بينها ، ثم يضربه بعصاه ، فإذا هو قائم ، فيقول : أنا الله الذي أحيي وأميت، وذلك سحر، يسحر به أعين الناس، ليس يصنع من ذلك شيئا " .
وقال ابن كثير في "جامع المسانيد والسنن" (5/395/ رقم 6716) : " روى الحسن بن سفيان ، والطبرانى ، وأبو نعيم من طرق عن محمد بن سعيد الجرمى الكوفى ..." ، ومن الواضح أنه خرجه بواسطه كتاب أبي نعيم رحمهم الله جميعا .
قلت : والخطأ قد ظهر لي من عدة وجوه :
1- سعيد بن محمد الجرمي الكوفي : طبقته متأخرة عن سعيد بن محمد الوراق هذا ، لذا نجد أنه لم يذكر في من روى عن حلام بن صالح ، لأنه ليس من شيوخه .
2- أن ابن عساكر قد روى الحديث من طريق الحسن بن سفيان ، فقال في "تاريخه" (2/229-230) : وأخبرناه بتمامه أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد أنا أبو بكر الخطيب ، أنبأ أبو بكر البرقاني ، نا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرني الحسن بنسفيان ، قال ذكر يحيى بن موسى الختلي ، نا معبد بن محمد الوراق الكوفي ، نا حلام أبو صالح أخبرني سليمان بن شهاب العبسي ، قال نزل علي عبد الله بن مغنم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال ليس بذي خفاء إنه يجئ ....الحديث .
وان كان المذكور هو "معبد بن محمد الوراق الكوفي" فهو حتما خطأ من الناسخ أو المحقق لتشابه الرسم ، الا أنه يدل على أنه الوراق ...
3- أن أحد الرواة عن سعيد بن محمد ، والذي ذكرهم أبو نعيم وهو يحيى بن موسى خت (ثقة) قد روى عن سعيد بن محمد الوراق هذا الحديث [أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229)] .
4- أن الهيثمي قد أعل الحديث ب(سعيد بن محمد الوراق) ، مما يدل على أنه كذلك في نسخة الطبراني .
وسبب هذا الخطأ : في أن هذين الراويان قد ائتلفا في : الاسم ، واسم الأب ، وفي البلد ، واختلفا في : اللقب والطبقة ، فخفي ذلك على من لم يبحث عنهم بحثا شديدا .
قلت : وبهذا يكون الحديث مذكورا في المصادر الآتية مع ما عزاه ابن حجر في "الاصابة" (4/207) :
1- تاريخ البخاري .
2-كتاب ابن السكن .
3- كتاب الحسن بن سفيان [أظنه في مسنده] ، وعنه الاسماعيلي في "معجم الصحابة" ، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "المؤتنف" [وذُكر خطأ ب"المؤتلف"] ، ومن طريقهما أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229-230) .
4- كتاب محمد بن إسحاق بن منده [وغالبا هو كتاب "معرفة الصحابة" حيث أن المطبوع ناقص ، الى حد حرف السين ، بينما هذه الترجمة في حرف العين] ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (2/229) .
قلت : وهذا اسناد ضعيف فيه :
1- سعيد بن محمد الوراق :
البخاري : قال ابن معين : ليس بشيء [التاريخ الكبير (3/515) للبخاري].
النسائي ويحيى بن معين – رواية ابن الغلابي – قالا : " ليس بثقة" .
معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله عن يحيى بن معين قال: "ضعيف".
ابن أبي خيثمة والدوري : سمعنا يحيى بن معين يقول: "ليس حديثه بشيء" [تاريخ بغداد + التاريخ الكبير – السفر الثالث (3/181) لابن أبي خيثمة + الجرح والتعديل (4/59) لابن أبي حاتم].
أبو داود : يحيى بن معين : "ليس بشىء" .
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: " غير ثقة " .
ابن سعد: "كان ضعيفا" .
الدارقطني : "متروك" [سؤالات البرقاني له (رقم 178)
[كل هذا موجود في "تاريخ بغداد" (9/74-75) للخطيب البغدادي] .
وقال البخاري : "يتكلمون فيه" [التاريخ الكبير (2/115)] .
وقال أبو حاتم الرازي : " ليس بقوى " [الجرح والتعديل (4/59) لابنه].
وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/45) ، تحت باب : " باب من يرغب عن الرواية عنهم ، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم ، من الكوفيين ومن في عدادهم من سائر الآفاق "
خلاصة مرتبته : ضعيف الحديث .
2- المخالفة : فان سعيد بن محمد هذا قد خولف ، خالفه عبد الله بن نمير :
أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (6/233/ رقم 2154) : أخبرنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا أبي ، عن حلام بن صالح ، عن سليمان بن شهاب العبسي ، عن عبد الله بن معتم العبسي حديثا في الدجال طويلا .
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/497) : حدثنا عبد الله بن نمير قال ، حدثنا حلام بن صالح ، عن سليمان بن شهاب العبسي ، قال أخبرني عبد الله بن نعيم ، وذكر الدجال ، فقال : " ليس به خفاء , وما يكون قبله من الفتنة أخوف عليكم من الدجال , إن الدجال لا خفاء فيه , إن الدجال يدعو إلى أمر يعرفه الناس حتى يرون ذلك منه " .
قلت : وعبد الله بن نمير ثقة حافظ ، وقد رواه موقوفا على عبد الله بن معتم العبسي ، وهو الصواب .
وفيما يلي دراسة أحوال رجال مدار الحديث :
1- حلام بن صالح العبسي الكوفي الأزدي :
ووقع في كتاب "معرفة الصحابة" لأبي نعيم ، طبعة دار الوطن للنشر ، بتحقيق الشيخ عادل بن يوسف العزازي
: "سلام بن صالح" ، وهو خطأ ، ويبدو أنه من المخطوط .
ووقع في كتاب "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير ، طبعة دار خضر للطباعة والنشر ، بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش : " صالح بن خالد " ، وهو خطأ واقلاب ، والصواب ما أثبتنا ....
روى عن :
أصحاب حذيفة : سعر بن مالك العبسي - فائد بن بكير .
أصحاب عمر بن الخطاب : سالم بن ربيعة - ومسعود بن حراش - سعد بن مالك العبسي .
أصحاب عبد الله بن المعتم أو المعتمر أو مغنم : سليمان بن شهاب العبسي .
أصحاب عبد الله بن مسعود : قال ابن سعد : "روى عن أصحاب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود " [الطبقات (6/335)]
روى عنه :
من أهل الكوفة : عبد الله بن نمير - مروان بن معاوية- عبد الملك بن أبي سليمان - مسعر بن كدام - حفص بن غياث - سعيد بن محمد الوراق (ضعيف) .
من أهل البصرة : عبد الواحد بن زياد .
من أهل واسط : العلاء بن راشد الواسطي الجرمي .
أقوال العلماء :
قال علي بن المديني : " كتبنا عن عبد الله بن نمير قديما ، فربما لا يذكر الحارث بن حصيرة الأزدي ولا أبا يعفور ولا حلام بن صالح وإنما كان يحدث عن هؤلاء الضعفاء ثم حدث عن هؤلاء بعد " ثم قال : " لو كان غير بن نمير لكان ولكنه صدوق " [التعديل والتجريح (1/287) لأبي الوليد الباجي]
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/131) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/308) وسكتا عنه .
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" (6/248) .
وقد رفع أبو حاتم الرازي عنه الجهالة ، فقال في "الجرح والتعديل" لابنه (4/123/ ترجمة سليمان بن شهاب العبسي) : "هم مجهولون لا يعرف من بينهم إلا حلام بن صالح " .
خلاصة مرتبته : صدوق لا بأس به .
2- سليمان بن شهاب العبسي :
روى عنه اثنان : حلام بن صالح (صدوق لا بأس به) ، وحصين [الطبقات لابن سعد (6/233)] .
قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/19) : " سليمان بن شهاب العبسي : سمع عبد الله بن مغنم ، روى عنه : حلام ، ولم يصح " .
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/123) : " سليمان بن شهاب العبسي : روى عن عبد الله بن معتمر ، روى عنه حلام بن صالح ، سمعت ابى يقول ذلك ويقول : هم مجهولون لا يعرف من بينهم إلا حلام بن صالح " .
وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/384) .
وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/212/ رقم 3479) : " سليمان بن شهاب : عن عبد الله بن معتمر ، لا يدري من هو ، وقال أبو حاتم : مجهول " .
خلاصة مرتبته : مجهول الحال ، روى عنه اثنان ، وذكره ابن حبان في الثقات .
3- عبد الله بن معتم العبسي :
وقد وقع اختلاف شديد في اسم أبيه :
محمد بن اسحاق :
قال : " عبد الله بن المعتم كان على إحدى المجنبتين يوم القادسية ، وسيره سعد بن أبي وقاص من العراق إلى تكريت ، ومعه عرفجة بن هرثمة ، وربعي بن الأفكل ، وفيها جمع من الروم والعرب ، ففتح تكريت ، وأرسل عبد الله بن المعتم ربعي بن الأفكل إلى نينوي والموصل ، ففتحهما وجعل عبد الله على الموصل ربعي بن الأفكل، وعلى الخراج عرفجة بن هرثمة " .
قال ابن الأثير : "هذا قول ابن إسحاق" ["أسد الغابة" (3/393)]
ثم استدرك ابن الأثير : " وقيل: إن الذي فتحها عتبة بن فرقد، أرسله عمر بن الخطاب إلى الموصل، ففتحها سنة عشرين، وقيل غير ذلك، وكان عبد الله على مقدمة سعد بن أبي وقاص من القادسية إلى المدائن، وهو وزهرة بن الحوية " .
ابن سعد :
قال: " وقال لي بعض أهله : هو ابن معتم ممن شهد القادسية . ويرون أن له صحبة " [الطبقات الكبرى (6/233)] .
البخاري :
قال في "التاريخ الكبير" (5/27) : " عبد الله بن مغنم : له صحبة ، لم يصح إسناده " ، وذكره أيضا في ترجمة سليمان بن شهاب العبسي (4/19) .
ابن أبي حاتم :
قال : " سليمان بن شهاب العبسي روى عن عبد الله بن معتمر ، روى عنه حلام بن صالح " [الجرح والتعديل (4/123)] .
ابن حبان :
قال في الثقات (6/384) ترجمة سليمان بن شهاب العبسي : " يروي عن عبد الله بن المعتمر روى عنه حلام بن صالح " .
أبو نعيم الأصبهاني :
قال : " عبد الله بن معتم وقيل: ابن مغنم ، له صحبة" ["معرفة الصحابة" (4/1791)] .
ابن ماكولا :
قال في "الاكمال" (7/210) :
" باب معتم ومغنم ومعتمر:
أما معتم بضم الميم وبالتاء المعجمة باثنتين من فوقها وبالميم المشددة ، فهو عبد الله بن معتم كان على إحدى المجنبتين يوم القادسية ، قاله سيف .
وأما مغنم بفتح الميم وسكون الغين المعجمة ، وبعدها نون مفتوحة وميم خفيفة فهو عبد الله بن مغنم ، قيل له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه سليمان بن شهاب العبسي.
وأما معتمر بعين مهملة وتاء وآخره راء فجماعة " .
أبو أحمد العسكري :
وقال أبو أحمد العسكريّ: عبد اللَّه بن معتمر له صحبة. كذا ذكره بسكون المهملة وكسر الميم الخفيفة بعدها راء، وقيل المعتم بغير راء ["أسد الغابة" (3/393) لابن الأثير ، و"الاصابة" (4/205) لابن حجر] .
وأما ابن عبد البر فقال: عبد اللَّه بن المعمّر- بتشديد الميم بعدها راء، فصحفه.
ابن عبد البر :
قال في "الاستيعاب" (3/995/1665) : " عبد الله بن المعمر العبسي ، له صحبة، وهو ممن تخلف عن علي رضي الله عنه في قتال أهل البصرة " .
وقال في (3/997/1668) : " عبد الله بن مغنم الكندي ، ويقال ابن المعتمر: روى عنه سليمان بن شهاب العبسي، له حديث واحد في الدجال ، لا أعرف له غيره " .
قال ابن حجر في "الاصابة" (4/205) : " وأما ابن عبد البر فقال: عبد اللَّه بن المعمّر- بتشديد الميم بعدها راء ، فصحفه " .
الخطيب البغدادي :
قال الخطيب في "المؤتنف" : " مغنم بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبنون" [تاريخ ابن عساكر (2/230)] قال ابن حجر في "الاصابة" (4/207/ عبد الله بن مغنم) : " ذكره الخطيب في المؤتلف ، وأخرج حديثه من معجم الصحابة للإسماعيلي، وضبطه بالمعجمة والنون " .
ابن منده :
قال ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/393) : " قال ابن منده ، وأبو نعيم هكذا بالتاء فوقها نقطتان ، والميم المشددة ، وقال أبو عمر: المعتمر، في آخره راء ..." . أي : عبد الله بن معتم .
أبو زكريا يزيد بن إياس الموصلي :
قال في تاريخ الموصل: هو الّذي فتح الموصل. وذكر ذلك سيف بن عمر في الردة، وكان عبد اللَّه على مقدمة سعد بن أبي وقاص من القادسية إلى المدائن، وسيّره سعد من العراق إلى تكريت «2» ، ومعه عرفجة بن هرثمة، وربعي بن الأفكل، ففتح تكريت. ["الاصابة" (4/205) لابن حجر] .
وقال أيضا : " عبد الله بن المعتم العبسي، هو الذي افتتح الموصل، وروى ذلك عن سيف بن عمر " ["أسد الغابة" (3/393) لابن الأثير] .
ابن حجر :
قال في "لسان الميزان" (4/161) مستدركا : " سليمان بن شهاب ، عن عبد الله بن معتمر ..وصوابه مغنم " .
وقال في "الاصابة في تمييز الصحابة" (4/205/ ترجمة عبد الله بن المعتم) : " بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد الميم: العبسيّ ، ضبطه ابن ماكولا ... وقد تقدم ذكر عبد اللَّه بن مالك بن المعتمّ العبسيّ، فما أدري أهو هذا نسب إلى جده أو غيره ؟ " .
أخطاء مطبعية :
وقع في طبعتي "مصنف ابن أبي شيبة" طبعة مكتبة الرشد ، بتحقيق كمال يوسف الحوت (7/497) ، وطبعة الفاروق الحديثة بتحقيق أسامة بن ابراهيم (13/333-334)
" .... عن سليمان بن شهاب العبسي ، قال : أخبرني عبد الله بن نعيم ، وذكر الدجال ، فقال : " ليس به خفاء ..." .
قلت : وهو تصحيف وخطأ ظاهر ، وقد أتى به المحقق محمد عوامة في طبعة دار القبلة على الصورة الصحيحة (21/228) : ...أخبرني عبد الله بن مغنم وذكر الدجال ...
الخلاصة في اسم الصحابي :
عبد الله بن معتم : واختاره ابن اسحاق وأبو نعيم الأصبهاني وابن منده .
عبد الله بن معمر : صحفه ابن عبد البر .
عبد الله بن معتمر : واختاره ابن أبي حاتم وابن حبان وأبو أحمد العسكري
عبد الله بن مغنم : واختاره البخاري والخطيب وابن عبد البر وابن ماكولا وابن حجر .
عبد الله بن نعيم : خطأ مطبعي .
قلت : وأنا أرجح أنه عبد الله بن مغنم ، وسائر الأسماء تصحيف ، ثم تصحيف مركب ...
أقوال العلماء في الحديث :
1- قال البخاري : " ولم يصح " ["التاريخ الكبير" (4/19)] ، وفي موضع آخر : " لم يصح إسناده " ["التاريخ الكبير" (5/27)] .
2- قال ابن حجر في "فتح الباري" (13/91) : "وأما صفته فمذكورة في أحاديث الباب وأما الذي يدعيه فإنه يخرج أولا فيدعي الإيمان والصلاح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الإلهية كما أخرج الطبراني من طريق سليمان بن شهاب قال نزل علي عبد الله بن المعتمر وكان صحابيا فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكره ، ثم قال الحافظ : "وسنده ضعيف" .
3- وقال الصالحي الشامي في "سبل الهدي والرشاد" (10/177) : " سند واه " .
الخلاصة : الحديث ضعيف مرفوعا وموقوفا ، لأجل جهالة سليمان بن شهاب العبسي . والله أعلم .
نصيحة : يقول العبد الفقير الى الله ناصحا : ينبغي لمن يتصدى لتحقيق مخطوطات الكتب المسندة ، أن يكون بتخريج الحديث على علم ، فلا يحققها بمجرد الظن والرسم ، فانه سيقع لا محالة في بحور الوهم ، انما ينظر في الكتب الأخرى المسندة وكتب التراجم والتاريخ ... فأكثر الخطأ في أسماء الرجال ، فربما صحف اسم ، فيصير في عداد المجهولين .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات