سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

من يدفع لأجل خطايا الكنيسة - 6 - ؟؟؟ » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | 1- هل اطلاق مصطلح ابن الله على المسيح صحيح لاهوتيا ؟ » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | الرجاء و الدواء ليسوا في الفداء و يسوع يحسم قضية الملكوت » آخر مشاركة: الشهاب الثاقب. | == == | أنا و الآب واحد بين الحقيقة و الوهم » آخر مشاركة: ronya | == == | النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الألف إلى الياء كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | أولًا : تبدأ القصة حين طلق زيد بن حارثة زوجته بعد أن تعذر بقاء الحياة الزوجية » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | من هو المصلوب ؟! قال أحدُهم : إن الإسلامَ جاء بعد المسيحيةِ بقرونٍ عدة لينفي حادثة الصلب بآياتٍ تقول : { وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِ » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | الســـلام عليكم أحبابي في الله ماهو رأيك ان يسوع ليس كلمة الله - لايوجد نص في الكتاب المقدس يقول ان المسيح اسمه كلمة الله أصلا - لايوجد دليل ان الكلم » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | (هدم عقيدة التليث) و أتحدى أن يجيب اي احد من النصارى لحظة القبض علي المسيح هل كان يسوع يعلم أنه اله و أنه هو الله ان لاهوته لم يفارق ناسوته كما تقو » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | بسم الله الرحمن الرحيم (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) هل تشهد لكتب اليهود والنصارى بالحفظ من الله ؟؟! 👉 يحتج النصارى بهذه الاية (( انا » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 80

الموضوع: سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    المصادر الوثنية القديمة للعهد الجديد


    كما كانت الوثنيات القديمة مرجعاً مهماً للإنجيليين وهم يصوغون قصتهم عن المسيح، خاصة تلك الأجزاء التي لم يشهدوها، كتلك المتعلقة بولادة المسيح أو صلبه المزعوم ومحاكمته.

    فقد نقل المحققون عن علماء تاريخ الديانات أوجه شبه كثيرة التقت فيها روايات الأناجيل مع أقوال الوثنيات البدائية - التي سبقت وجود المسيحية بقرون طويلة - عن آلهتهم المتجسدة.

    أولاً: التشابه بين الوثنيات وأسفار العهد الجديد فيما يخص ولادة الآلهة

    ظهور النجوم عند ولادة الآلهة

    تحدث متى عن ولادة المسيح فقال: " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين : أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له.. فلما سمعوا من الملك ذهبوا وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم، حتى جاء ووقف حيث كان الصبي.. وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه، فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً " ( متى 2/1 - 11 ).

    تتشابه قصة متى مع ما يقوله البوذيون في بوذا. يقول بنصون في كتابه " الملاك المسيح " : "لقد جاء في كتب البوذيين المقدسة عندهم أنه قد بشرت السماوات بولادة بوذا بنجم ظهر مشرقاً في الأفق، ويدعونه في هذه الكتب المذكورة " نجم المسيح " ومثل هذا نقله المؤرخ بيال.

    وأما المؤرخ ثورنتن في كتابه " تاريخ الصينيين "، فينقل أنه عند ولادة " يو " المولود من عذراء ظهر نجم في السماء دل عليه، ومثله حصل عند ولادة الحكيم الصيني لاوتز.

    يقول القس جيكس في كتابه " حياة المسيح " : " وعم الاعتقاد في الحوادث الخارقة للعادة، وخصوصاً حين ولادة أو موت أحد الرجال العظام، وكان يشار إلى ذلك بظهور نجم أو مذنب أو اتصالات بين الأجرام السماوية".

    هدايا للآلهة المولودة

    ويتحدث متى في سياق قصة المجوس السابقة عن هدايا المجوس للمولود " وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه، فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً" ( متى 2/10 - 11).

    وهو أمر اشتهر أيضاً عند الوثنيات السابقة، فها هو كرشنا لما ولد، وعرف الرعاة أمر ولادته أعطوه هدايا من خشب وصندل وطيب، ومثله فعل الرجال الحكماء عند ولادة بوذا، وأما مسرا مخلص العجم فقد أعطاه حكماء المجوس هدايا من الذهب والطيب والحنظل، وهو ما فعله المجوس أيضاً عند ولادة سقراط 469 ق. م، فقد أتي ثلاثة منهم من المشرق وأهدوه ذهباً وطيباً ومأكولاً مُراً.

    الفرح السماوي بولادة الإله

    ويذكر لوقا في حديثه عن ميلاد المسيح أن الملائكة فرحت ورنمت سروراً بمجيئه " وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، وإذا ملاك الرب وقف بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً، فقال لهم الملاك : لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب... وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة " ( لوقا 2/8 - 14 ).

    وهذا الذي ذكره لوقا سبقت إليه الوثنيات القديمة، فقد جاء في كتاب " فشنو بورانا " : "كانت العذراء ديفاكي حبلى بحامي العالم، مجدها الآلهة، ويوم ولادتها عمت المسرّات، وأضاء الكون بالأنوار، وترنمت آلهة السماء، ورتلت الأرواح لما ولد عون الجميع …، شرعت الغيوم ترتل بألحان مطربة، وأمطرت أزهاراً ".

    ويقول البوذيون مثل ذلك كما نقل المؤرخ " فو نبهنك " : " وصارت الأرواح التي أحاطت بالعذراء مايا وابنها المخلص تسبح وتبارك وتنشد : لك المجد أيتها الملكة، فافرحي وتهللي، لأن الولد الذي وضعتيه
    قدوس ".

    وقريباً من هذا يقول المصريون في ولادة " أوزوريس "، والصينيون في " كونفوشيوس " كما نقل ذلك السرجون فرنسيس دافس وبونويك في كتابه " اعتقاد المصريين "، ونقل مثله عن عدد من الأمم.

    مكان ولادة الآلهة

    ويذكر لوقا أن المسيح ولد في مذود ( انظر لوقا 2/16 )، ومثله تذكر الوثنيات، فكرشنا كما ذكروا ولد في غار، ووضع بعد ولادته في حظيرة غنم ربّاه فيها أحد الرعاة الأمناء، وهوتسي ابن السماء عند الصينيين، تركته أمه وهو صغير، فأحاطت به البقر والغنم، وحمته من كل سوء.

    ثانياً: تشابه قصة الصلب الإنجيلية مع قصص الوثنيات القديمة

    وبولس عندما ادعى صلب المسيح فداء للخطيئة فإنه إنما يكرر عقيدة قديمة، تناقلتها الوثنيات قبل المسيح بزمن طويل، وقد نسج الإنجيليون أحداث صلب المسيح، على نحو ما قرره بولس، وعلى صورة ما ورد عن الأمم الوثنية القديمة، حتى أضحت قصة الصلب في الأناجيل قصة منحولة من عقائد الأمم الوثنية، ولعل أوضحها شبهاً بقصة المسيح أسطورة إله بابل " بعل".

    ثانياً : صور التشابه بين قصة صلب بعل البابلي وصلب المسيح

    نقل المؤرخ "فندلاي" وغيره مقارنة بين ما قيل عن بعل قبل المسيحية، وما قيل عن المسيح في المسيحية.ويوضح ذلك الجدول التالي :


    وقد انتقلت هذه الأسطورة البابلية فيما يبدو عن طريق الأسرى اليهود الذين عادوا من بابل.

    ومما يؤكد وصول هذه القصة إلى الفكر اليهودي ثم المسيحي أن التوراة ذكرت ما يدل على شهرة مثل هذه القصة ففي سفر حزقيال " فجاء بي إلى مدخل باب بيت الرب - الذي من جهة الشمال - وإذا هناك نسوة جالسات يبكين على تموز " ( حزقيال 8/14 )، وتموز هو الإله البابلي الذي قتل لأجل خلاص البشر، ثم قام من بين الموتى.

    موت الآلهة على الصليب

    ويصف الهنود أشكالاً متعددة لموت كرشنا أهمها أنه مات معلقاً بشجرة سُمر بها بحربة. وتصوره كتبهم مصلوباً وعلى رأسه إكليل من الذهب، يقول المؤرخ دوان في كتابه " خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى: " إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم العهد جداً عند الهنود والوثنيين.

    وكذلك اعتقد أهل النيبال بمعبودهم أندرا، ويصورونه وقد سفك دمه بالصلب، وثقب بالمسامير كي يخلص البشر من ذنوبهم كما وصف ذلك المؤرخ هيجين في كتابه : "الانكلوسكسنس".

    دماء الآلهة المسفوحة

    وليست مسألة المخلص فقط هي التي نقلها بولس عن الوثنيات، فقد تحدث أيضاً عن دم المسيح المسفوح فقال: " يسوع الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه " ( رومية 3/25 )، ويقول: "ونحن الآن متبررون بدمه " ( رومية 5/9)، " أليست هي شركة دم المسيح " (كورنثوس (1) 10/16 ).

    ويقول: " أنعم بها علينا في المحبوب الذي فيه لنا الفداء، بدمه غفران الخطايا " ( أفسس 1/7).

    وفي موضع آخر يتحدث عن ذبح المسيح: " لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا " (كورنثوس (1) 5/7)، ومثل هذه النصوص تكثر في رسائل بولس وغيرها من الرسائل.

    لكن النصارى يتغافلون عن مسألة هامة هي أن المسيح لم يذبح، فالأناجيل تتحدث عن موت المسيح صلباً لا ذبحاً، الموت صلباً لا يريق الدماء، ولم يرد في الأناجيل أن المسيح نزلت منه الدماء سوى ما قاله يوحنا، وجعله بعد وفاة المسيح حيث قال: " وأما يسوع فلما جاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء " (يوحنا 19/23 - 24). وهو ليس ذبحاً بكل حال.

    يقول ولز: " إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بُعداً عن الدقة ".

    ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل قولها: " بنى نوح مذبحاً لله.. وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه:لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان "(تكوين8/20- 21 ).

    ومثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: " وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة " (الأيام (1) 21/26).

    وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول ارثر ويجال: " نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة".

    ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية.

    غرائب ترافق موت الآلهة

    وتتشابه كثير من تفاصيل قصة الصلب مع تفاصيل واردة في قصص وثنية مشابهة.فقد ذكر متى أحداثاً غريبة عدة، صاحبت موت المسيح حيث يقول: " وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض، إلى الساعة التاسعة...، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت... " ( متى 27/45 - 53 ).

    وهذا نقله النصارى من الوثنيات القديمة، فقد نقل العلامة التنير في كتابه الرائع "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" عن عدد من المؤرخين الغربيين إجماعهم على انتشار هذه الغرائب حال موت المخلصين لهذه الأمم.

    من ذلك: أن الهنود يقولون: " لما مات "كرشنا" مخلصهم على الصليب، حدثت في الكون مصائب جمة، وعلامات متنوعة، وأحاطت بالقمر دائرة سوداء، وأظلمت الشمس عند منتصف النهار، وأمطرت السماء ناراً ورماداً.. ".

    ويقول عباد بروسيوس: " إنه لما صلب على جبل قوقاس، اهتزت الكائنات، وزلزلت الأرض.. ".

    والاعتقاد بحدوث أحداث سماوية عظيمة عند موت أحد العظماء أو ولادته، معروف عند الرومان واليونان.

    كما ينقل المؤرخ "كنون فرار" في كتابه "حياة المسيح"، والمؤرخ جيبون في تاريخه أن عدداً من الشعراء والمؤرخين الوثنيين كان يقول: " لما قتل المخلص اسكولابيوس، أظلمت الشمس، واختبأت الطيور في أوكارها... لأن شافي أمراضهم وأوجاعهم فارق هذه الدنيا ".

    والقول بظلمة الشمس عند موت أحد المخلصين قيل عند مقتل هيركلوس وبيوس وكوتز لكوتل وكيبير ينوس إله الرومان، وعليه، فهو أسطورة قديمة تداولتها الأمم، ونقلها أصحاب الأناجيل من تلك الوثنيات.

    وقد كان عباد الشمس يقدمون الضحايا لها، خاصة عند حدوث الكسوف الشمسي، فإذا زال الكسوف اعتقدوا أنه بسبب فداء أحد زعمائهم، حيث خلصهم وحمل عنهم العذاب، ومنه أخذ متى قوله: " ومن الساعة السادسة، كانت ظلمة على الأرض إلى الساعة التاسعة " ( متى 27/45 ).

    قيام الآلهة من الأموات

    ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات، فقد أجمعت الأناجيل على قيامة عيسى من الموت، ولكن هذا قد سبقهم إليه الهنود، حيث قالوا في كرشنا: "هوذا كرشنا صاعد إلى وطنه في السماوات "، وكذا يقول عُبّاد بوذا بأنه حزن عليه بعد موته أهل السماوات والأرض " حتى إن مهاويو ( الإله العظيم ) حزن ونادى: قم أيها المحب المقدس فقام كام ( أي بوذا ) حياً، وبُدلت الأحزان والأتراح بالأفراح، وهاجت السماء، ونادت فرِحة : عاد الإله الذي ظُن أنه مات وفُقد.. "، ومثله يعتقده الصينيون في إلههم (لأوكيون)، والمجوس في (زورستر).

    ويقول عابدو (سكولابيوس) في القصيدة التي حكت عن حياته " أيها الطفل القادر على شفاء الأمم في السنين القادمة حينما يهبُّ مَن في القبور.... وأنت من المسكن المظلم ستقوم ظافراً وتصير إلهاً " وعن تموز يقول البابليون: "ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم، واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات ".

    ومثل هذا الاعتقاد، سرى في كثير من الوثنيات قبل المسيحية، فقد قيل بقيام أوزوريس، وحورس، ومتراس، وباخوس، وهرقل، وكوتز لكوتل، ويلدور، وغيرهم، فكل هؤلاء قال عُبّادهم بقيامتهم من الموت. ولعل أهم هؤلاء أوزوريس معبود المصريين القريب من مهد المسيحية، وقد انتشرت أسطورته في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول المؤرخ مهامي: " إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله ".

    قيامة وعودة الآلهة من الموت للحساب والجزاء

    يتحدث النصارى عن دينونة المسيح للبشر يقول يوحنا عن المسيح: " وقد أعطاه السلطان لأن يدين لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ).

    وهو أيضاً معتقد وثني، فقد تحدث المؤرخون عن قول المصريين بقيامة مخلصهم بعد الموت، وأنه سيكون ديان الأموات يوم القيامة.

    ويذكر هؤلاء في أساطيرهم أن أوزوريس حكم بالعدل، فاحتال عليه أخوه وقتله، ووزع أجزاء جسمه على محافظات مصر، فذهبت أرملته أيزيس، فجمعت أوصاله من هنا وهناك، وهي تملأ الدنيا نحيباً وبكاءً، فانبعث نور إلى السماء، والتحمت أوصال الجسد الميت، وقام إلى السماء يمسك بميزان العدل والرحمة.

    وكذلك اعتقد الهنود في معبودهم كرشنا أنه مخلص وفادي. يقول القس جورج كوكس: "يصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً، لأنه قدم شخصه ذبيحة.. ويعتقدون أن عمله لا يقدر عليه أحد".

    ويقول المؤرخ دوان: " يعتقد الهنود بأن كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو، والذي لا ابتداء ولا انتهاء له - على رأيهم - تحرك حنواً كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه "، ومثله يقوله العلامة هوك.

    ثالثاً : التشابه في فكرة الفادي بين الوثنيات القديمة والنصرانية

    نقلجاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء " (يوحنا 19/23 - 24). وهو ليس ذبحاً بكل حال.

    يقول ولز: " إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بُعداً عن الدقة ".

    ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل قولها: " بنى نوح مذبحاً لله.. وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه:لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان "(تكوين8/20- 21 ).

    ومثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: " وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة " (الأيام (1) 21/26).

    وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول ارثر ويجال: " نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة".

    ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية.

    غرائب ترافق موت الآلهة

    وتتشابه كثير من تفاصيل قصة الصلب مع تفاصيل واردة في قصص وثنية مشابهة.فقد ذكر متى أحداثاً غريبة عدة، صاحبت موت المسيح حيث يقول: " وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض، إلى الساعة التاسعة...، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت... " ( متى 27/45 - 53 ).

    وهذا نقله النصارى من الوثنيات القديمة، فقد نقل العلامة التنير في كتابه الرائع "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" عن عدد من المؤرخين الغربيين إجماعهم على انتشار هذه الغرائب حال موت المخلصين لهذه الأمم.

    من ذلك: أن الهنود يقولون: " لما مات "كرشنا" مخلصهم على الصليب، حدثت في الكون مصائب جمة، وعلامات متنوعة، وأحاطت بالقمر دائرة سوداء، وأظلمت الشمس عند منتصف النهار، وأمطرت السماء ناراً ورماداً.. ".

    ويقول عباد بروسيوس: " إنه لما صلب على جبل قوقاس، اهتزت الكائنات، وزلزلت الأرض.. ".

    والاعتقاد بحدوث أحداث سماوية عظيمة عند موت أحد العظماء أو ولادته، معروف عند الرومان واليونان.

    كما ينقل المؤرخ "كنون فرار" في كتابه "حياة المسيح"، والمؤرخ جيبون في تاريخه أن عدداً من الشعراء والمؤرخين الوثنيين كان يقول: " لما قتل المخلص اسكولابيوس، أظلمت الشمس، واختبأت الطيور في أوكارها... لأن شافي أمراضهم وأوجاعهم فارق هذه الدنيا ".

    والقول بظلمة الشمس عند موت أحد المخلصين قيل عند مقتل هيركلوس وبيوس وكوتز لكوتل وكيبير ينوس إله الرومان، وعليه، فهو أسطورة قديمة تداولتها الأمم، ونقلها أصحاب الأناجيل من تلك الوثنيات.

    وقد كان عباد الشمس يقدمون الضحايا لها، خاصة عند حدوث الكسوف الشمسي، فإذا زال الكسوف اعتقدوا أنه بسبب فداء أحد زعمائهم، حيث خلصهم وحمل عنهم العذاب، ومنه

    قيام الآلهة من الأموات

    ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات، فقد أجمعت الأناجيل على قيامة عيسى من الموت، ولكن هذا قد سبقهم إليه الهنود، حيث قالوا في كرشنا: "هوذا كرشنا صاعد إلى وطنه في السماوات "، وكذا يقول عُبّاد بوذا بأنه حزن عليه بعد موته أهل السماوات والأرض " حتى إن مهاويو ( الإله العظيم ) حزن ونادى: قم أيها المحب المقدس فقام كام ( أي بوذا ) حياً، وبُدلت الأحزان والأتراح بالأفراح، وهاجت السماء، ونادت فرِحة : عاد الإله الذي ظُن أنه مات وفُقد.. "، ومثله يعتقده الصينيون في إلههم (لأوكيون)، والمجوس في (زورستر).

    ويقول عابدو (سكولابيوس) في القصيدة التي حكت عن حياته " أيها الطفل القادر على شفاء الأمم في السنين القادمة حينما يهبُّ مَن في القبور.... وأنت من المسكن المظلم ستقوم ظافراً وتصير إلهاً " وعن تموز يقول البابليون: "ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم، واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات ".

    ومثل هذا الاعتقاد، سرى في كثير من الوثنيات قبل المسيحية، فقد قيل بقيام أوزوريس، وحورس، ومتراس، وباخوس، وهرقل، وكوتز لكوتل، ويلدور، وغيرهم، فكل هؤلاء قال عُبّادهم بقيامتهم من الموت. ولعل أهم هؤلاء أوزوريس معبود المصريين القريب من مهد المسيحية، وقد انتشرت أسطورته في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول المؤرخ مهامي: " إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله ".

    يتحدث النصارى عن دينونة المسيح للبشر يقول يوحنا عن المسيح: " وقد أعطاه السلطان لأن يدين لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ).

    وهو أيضاً معتقد وثني، فقد تحدث المؤرخون عن قول المصريين بقيامة مخلصهم بعد الموت، وأنه سيكون ديان الأموات يوم القيامة.

    ويذكر هؤلاء في أساطيرهم أن أوزوريس حكم بالعدل، فاحتال عليه أخوه وقتله، ووزع أجزاء جسمه على محافظات مصر، فذهبت أرملته أيزيس، فجمعت أوصاله من هنا وهناك، وهي تملأ الدنيا نحيباً وبكاءً، فانبعث نور إلى السماء، والتحمت أوصال الجسد الميت، وقام إلى السماء يمسك بميزان العدل والرحمة.

    وكذلك اعتقد الهنود في معبودهم كرشنا أنه مخلص وفادي. يقول القس جورج كوكس: "يصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً، لأنه قدم شخصه ذبيحة.. ويعتقدون أن عمله لا يقدر عليه أحد".

    ويقول المؤرخ دوان: " يعتقد الهنود بأن كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو، والذي لا ابتداء ولا انتهاء له - على رأيهم - تحرك حنواً كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه "، ومثله يقوله العلامة هوك.

    ثالثاً : التشابه في فكرة الفادي بين الوثنيات القديمة والنصرانية

    وكذلك سرت في الوثنيات فكرة الفادي والمخلص الذي يفدي شعبه أو قومه، وكانت الأمم البدائية تضحي بطفل محبوب، لاسترضاء من تسميهم آلهة السماء، وفي تطور لاحق أضحى الفداء بواسطة مجرم حكم عليه بالموت، وعند البابليين كان الضحية يلبس أثواباً ملكية - كتلك التي ألبسها الإنجيليون للمسيح في قصة
    الصلب -، لكي يمثل بها ابن الملك، ثم يجلد ويشنق.

    وعند اليهود خصص يوم للكفارة يضع فيه كاهن اليهود يده على جدي حي، ويعترف فوق رأسه بجميع ما ارتكب بنو إسرائيل من مظالم، فإذا حمل الخطايا أطلقه في البرية.

    وأما فكرة موت الإله فهي عقيدة وثنية حيث كان العقل اليوناني يحكم بموت بعض الآلهة.

    والفداء عن طريق أحد الآلهة أو ابن الله أيضاً موجودة في الوثنيات القديمة كما وقد ذكر السير آرثر فندلاي في كتابه " صخرة الحق " أسماء ستة عشر شخصاً اعتبرتهم الأمم آلهة سعوا في خلاص هذه الأمم. منهم: أوزوريس في مصر 1700 ق.م، وبعل في بابل 1200ق.م، وأنيس في فرجيا 1170 ق.م، وناموس في سوريا 1160 ق.م، وديوس فيوس في اليونان 1100 ق.م، وكرشنا في الهند 1000 ق.م، وأندرا في التبت 725 ق.م، وبوذا في الصين 560 ق.م، وبرومثيوس في اليونان 547 ق.م، ومترا (متراس) في فارس 400 ق.م.

    ولدى البحث والدراسة في معتقدات هذه الأمم الوثنية نجد تشابهاً كبيراً مع ما يقوله النصارى في المسيح المخلص.

    فأما بوذا المخلص عند الصينيين فلعله أكثر الصور تطابقاً مع تخلص النصارى، ولعل مرد هذا التشابه إلى تأخره التاريخي، فكان تطوير النصارى لذلك المعتقد ضئيلاً.

    والبوذيون كما نقل المؤرخون يسمون بوذا المسيح المولود الوحيد، ومخلص العالم، ويقولون: إنه إنسان كامل وإله كامل تجسد بالناسوت، وأنه قدم نفسه ذبيحة ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم من ذنوبهم حتى لا يعاقبوا عليها.

    وجاء في أحد الترنيمات البوذية عن بوذا: " عانيتَ الاضطهاد والامتهان والسجن والموت والقتل بصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس، وسامحتَ المسيئين إليك ".

    ويذكر مكس مولر في كتابه " تاريخ الآداب السنسكريتية " فيقول: " البوذيون يزعمون أن بوذا قال: دعوا الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع عليّ، كي يخلص العالم ".

    ويرى البوذيون أن الإنسان شرير بطبعه، ولا حيلة في إصلاحه إلا بمخلص ومنقذ إلهي.

    وكذلك فإن المصريين يعتبرون أوزوريس إلهاً ويقول المؤرخ بونويك في كتابه " عقيدة المصريين " : يعد المصريون أوزوريس أحد مخلصي الناس، وأنه بسبب جده لعمل الصلاح يلاقي اضطهاداً، وبمقاومته للخطايا يقهر ويقتل ".

    ويوافقه العلامة دوان في كتابه " خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى".

    لذا يقول ارثر ويجال :" إن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني، وهي حقاً من آثار الوثنية في الإيمان "

    نزول الآلهة إلى الجحيم من أجل تخليص الأموات من الجحيم

    وتشابهت العقائد النصرانية مع الوثنيات القديمة مرة أخرى عندما قال النصارى بأن المسيح نزل إلى الجحيم لإخراج الأرواح المعذبة فيها من العذاب، ففي أعمال الرسل " سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح، أنه لم تترك نفسه في الهاوية، ولا رأى جسده فساداً " ( أعمال 2/31 )، ويقول بطرس: " ذهب ليكرز للأرواح التي في السجن " ( بطرس (1) 3/19 ).

    يقول القديس كريستوم 347م : " لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلا الكافر ".

    ويقول القديس كليمندوس السكندري: " قد بشر يسوع في الإنجيل أهل الجحيم كما بشر به وعلمه لأهل الأرض، كي يؤمنوا به ويخلصوا " وبمثله قال أوريجن وغيره من قديسي النصارى.

    وهذا المعتقد وثني قديم قال به عابدو كرشنا، فقالوا بنزوله إلى الجحيم لتخليص الأرواح التي في السجن، وقاله عابد زورستر وأدونيس وهرقل وعطارد وكوتز لكوتل وغيرهم.

    ولما وصل النصارى إلى أمريكا الوسطى، وجدوا فيها أدياناً شتى، فخفّ القسس لدعوتهم للمسيحية، فأدهشهم بعد دراستهم لهذه الأديان أن لها شعائر تشبه شعائر المسيحية، وخاصة في مسائل الخطيئة والخلاص.

    رابعاً: تشابهات أُخر بين الوثنيات القديمة وأسفار العهد الجديد

    وثمة تشابهات أُخر بين الوثنيات وأسفار المسيحية - في غير الولادة والصلب والفداء -، منها ما ذكره متى عن تجربة إبليس للمسيح أربعين يوماً، " فلم يأكل حتى جاع أخيراً" (متى 4/1 - 12)، وهو ما ينقل مثله عن بوذا في الصين وزورستر عند المجوس وغيرهم من الآلهة المتجسدة عند الأمم الوثنية.

    وقد جاء في كتاب " حياة بوذا الصيامية " لمونكيور كونري : " الكائن العظيم بوذا جرد نفسه في الزهد لدرجة عدم الأكل والتنفس أيضاً.. فأتى الأمير مارا ( أي أمير الشياطين ) وقصد تجربة بوذا.. ".

    وقد وصلت المعطيات المشتركة بين كرشنا والمسيح إلى ستة وأربعين تشابهاً، وبين المسيح وبوذا إلى ثمانية وأربعين تشابهاً.

    وقد أقر رجال الكنيسة بهذه الأمثلة للتشابه، وكانوا يدعون أن أسفار الفيدا الهندية قد أخذت عن الأناجيل، لكن العلماء المحققين أثبتوا أن هذه الأسفار موجودة قبل التوراة والأناجيل بمئات السنين، وممن أكد ذلك لجنة الدراسات للآثار الهندية المكونة من علماء إنجليز وفرنسيين.

    تفسير النصارى لهذا التشابه الغريب بين الوثنيات والنصرانية


    فكيف يفسر النصارى هذا التطابق بين معتقداتهم والوثنيات القديمة والذي جعل من النصرانية نسخة معدلة عن هذه الأديان ؟

    زعم الكثيرون أن هذه الأديان نقلت هذا الفكر عن النصرانية، لكن ذلك اصطدم بكون هذه الديانات كانت قبل المسيحية بقرون طويلة، والمخطوطات والأحافير التي سجلت عقائدها كانت أقدم من ظهور المسيحية وأناجيلها.

    لذا كان لا بد من الاعتراف بانتحال كتاب العهد الجديد لأساطير الوثنيات السابقة أو الهروب إلى عالم الأسرار والظلام، حيث يختفي دليل العقل وتسيطر الخرافة، ومنه قول الأب جيمس تد المحاضر في جامعة
    " أكسفورد" عن هذا التشابه: " سر لاهوتي فوق عقول البشر، وليس من الممكن تفسيره حسب تفسير وتصور هؤلاء البشر.

    صدق الله إذ يقول عن النصارى ] ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل{ (التوبة:30)، وقد نهاهم الله عن مشابهة المشركين فقال: ] قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقّ ولا تتّبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيراً وضلّوا عن سواء السّبيل { (المائدة: 77).

    وإذا كانت هذه الأناجيل والرسائل من صنع البشر وتأليفهم، وإذا كان أصحابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم يسجلون كلمة الله، فكيف أضحت هذه الكتابات مقدسة وإلهية؟ وأين الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، والذي يؤمن به المسلمون؟
    التعديل الأخير تم بواسطة kholio5 ; 20-05-2007 الساعة 07:06 PM

  2. #32
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    الإنجيل الصحيح: إنجيل المسيح


    تساءل المحققون طويلاً عن إنجيل المسيح الذي أنزله الله على عيسى، ذلكم الإنجيل الذي يؤمن به المسلمون والذي تذكره الأناجيل كثيراً.

    لكن الإجابة النصرانية هي صمت مطبق وتجاهل لوجود هذا الإنجيل، فنقطة البدء عندهم للإنجيل أو العهد الجديد تبدأ من الحواريين وهم يسطرون الرسائل والأناجيل.

    لكن رسائل بولس التي ألفت في النصف الثاني من القرن الأول تتحدث في نصوص كثيرة عن إنجيل المسيح، ولا تذكر شيئاً عن الأناجيل الأربعة التي لم يكن مرقس - أول الإنجيليين - قد خط شيئاً منها، إذ أن بولس – ولـه أربعة عشر رسالة في العهد الجديد - قتل سنة 62 بينما ألف مرقس أول الأناجيل عام 65م، ثم تتابعت العشرات من الأناجيل بعد ذلك، وهي تشير أيضاً إلى إنجيل المسيح أو إنجيل الله.

    نصوص تتحدث عن إنجيل المسيح


    تحدث بولس ثم الإنجيليون عن إنجيل المسيح في نصوص كثيرة منها: قول بولس: " إني أعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر.. يوجد قوم يريدون أن يحولوا إنجيل المسيح.. " ( غلاطية 1/6 - 8 )، فهو يتحدث عن إنجيل حقيقي يتركه الناس إلى إنجيل آخر مزور.

    ومثله قول بولس: " بل نتحمل كل شيء، لئلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح.. أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل، من الإنجيل يعيشون " ( كورنثوس (1) 9/12 - 14 ).

    ويقول متوعداً: " الذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي "(تسالونيكي(2)1/8-9 ).

    وفي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل حديث عن إنجيل حقيقي، ففي أعمال الرسل أن بطرس قام وقال: " أيها الرجال الإخوة: أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل، ويؤمنون " ( أعمال 15/7 ).

    وعندما سكبت المرأة الطيب عند قدمي المسيح قال: " الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها " ( متى 26/13 )، وهو بالطبع لا يقصد إنجيل متى الذي ألفه متى بعد القصة بسنوات طويلة.

    ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " ( مرقس 8/35).

    والملاحظ أن هذه النصوص تتحدث عن إنجيل واحد، وليس الأناجيل الأربعة أو السبعين التي رفضتها الكنيسة، وتسمي النصوص هذا الإنجيل، إنجيل الله، وإنجيل المسيح.

    وقد تهرب عموم النصارى من الإقرار بوجود إنجيل حقيقي هو إنجيل المسيح، فقالوا : لم ينزل على المسيح شيء، بل الإنجيل هو أقواله الشخصية، وقد سطرها الإنجيليون، وهذا بالطبع متسق مع قولهم بألوهية المسيح، إذ لا يليق بالإله أن يؤتى كتاباً، فهذا حال الأنبياء.

    لكن يردُّ هذه الدعوى ذكر النصوص التي تحدثت عن وحي الله إلى المسيح، منها قوله: " أنا أتكلم بما رأيت عند أبي " ( يوحنا 8/38 ). وكذا قوله مثبتاً نزول الوحي عليه، بما أسماه وصية الله التي أعطاه الله إياها: "لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية: ماذا أقول وبماذا أتكلم، وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية. فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب، هكذا أتكلم" (يوحنا 12/49-50)، ومثله قوله: " أتكلم بهذا كما علمني أبي " ( يوحنا 8/28 )..

    ويسمي يوحنا المعمدان كلام الله الذي سيؤتاه المسيح الشهادة، ويتنبأ بإعراض الكثيرين من بني إسرائيل عنها، فيقول: "الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع، وما رآه وسمعه به يشهد، وشهادته ليس أحد يقبلها، ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق، لأن الذي أرسله اللهُ يتكلم بكلام الله" (يوحنا 3/31-34).

    ويثبت في مواضع أُخر أنه يوحى إليه كسائر الأنبياء، وأن التلاميذ آمنوا به كرسول، وصدقوا أن ما يقوله لهم إنما هو بوحي من الله، فيقول: " والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك، لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم، وهم قبلوا وعلموا يقيناً أني خرجت من عندك، وآمنوا أنك أنت أرسلتني" (يوحنا 17/7).

    لذا لما جاءته أمه وإخوته ووقفوا ببابه، أعرض عنهم وأقبل على تلاميذه الذين يسمعون منه كلام الله ويعملون به "فأجاب وقال لهم: أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله، ويعملون بها" (لوقا 8/21).

    وكذا يقول مؤكداً وحي الله إليه فيما يقوله ويبلغ عنه: "الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني" ( يوحنا 14/24 ).

    وهذا الوحي الذي آتاه الله سيحاسب الناس بحسبه يوم القيامة " من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير، لأني لم أتكلم من نفسي " (يوحنا 12/48-49).

    الإقرار بوجود إنجيل المسيح وفقده


    ونقل العلامة رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه، ومنهم مارش وليكرك وكوب وأكهارن وغيرهم، يقول أكهارن: " إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم، ولم يروا أحواله بأعينهم، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ".

    ويصف الدكتور هارناك هذا الإنجيل فيقول : " والإنجيل الذي قام بتبليغه المسيح إنما كان يتعلق بالأب وحده، ولا يتعلق بالابن، وليس ذلك أمراً متضاداً، كما أنه ليس عقلانية، وإنما هو عرض بسيط ساذج للحقائق التي بينها مؤلفو الأناجيل ".

    يا مسلمون أحضروا إنجيل المسيح!!


    ولنا أن نتساءل إن كان هذا الإنجيل مما أمرت الكنيسة بإحراقه ضمن الأناجيل الكثيرة التي حرمتها وأمرت بحرقها في مجمع نيقية، لكنا لا نجد لسؤالنا جواباً إلا إنكار وجود هذا الإنجيل، وقد ثبت لدينا وجوده.

    فكثيراً ما نسمع مطالبة النصارى للمسلمين أن يظهروا إنجيل المسيح الذي يدعونه، فيجيب العلامة منصور حسين في كتابه الفريد "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام": " إنه منذ فجر المسيحية، وبعد رفع المسيح، وقبل الإسلام كان هناك العديد من الأناجيل، قبل المسيحيون أربعاً منها فقط.. والباقي - كما وجدنا - طوردت وأحرقت، والذين طاردوها هم المسيحيون أنفسهم وأحرقوها، وليس المسلمون، وليدلنا سيادته (أي القمّص باسيليوس، وهو أحد المرددين لهذه العبارة) عليها، وحينئذ أدله من بينها على الإنجيل الصحيح، أما أن يحرقها المسيحيون، ثم يطالبون المسلمين... فهذا غير معقول ".

    إذاً قد اختفى إنجيل المسيح، وعهدة إحضاره باقية في ذمة النصارى، لا المسلمين

  3. #33
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    تدوين وقانونية العهد الجديد


    ويقفز إلى الأذهان أسئلة جديدة : كيف ظهرت الأناجيل بعد اختفاء إنجيل المسيح؟ ومن الذي كتبها؟ وما ظروف كتابتها؟

    في الإجابة عن هذه الأسئلة نقول: يقرر عدد من مؤرخي النصرانية انتقال روايات شفاهية، تبلورت فيما بعد بحركة دائبة في كتابة سيرة المسيح لتلبية حاجات الكنيسة المسيحية الناشئة، ونكتفي هنا بنقل ما ذكره يواكيم إرميا في كتابه الذي نشرته الكنيسة المصرية بعنوان " أقوال المسيح غير المدونة في بشائر الأناجيل " فيقول: " ينبغي أن نضع نصب أعيننا حقيقتين أساسيتين عن بشائر الإنجيل وكتابتها : أنه لمدة طويلة، كانت كل التقاليد المعروفة عن المسيح، كلها أقوال شفاهية متناقلة.. واستمرت على هذه الصورة ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً، ولم يتغير الوضع إلا في عهد اضطهاد نيرون للمسيحيين، حينها اجتمع شيوخ الكنيسة وكبارها في خريف عام 64م، ووجدوا أن الكثيرين من أعمدة الكنيسة قد فقدوا.. ولم يجد المجتمعون أمامهم إلا يوحنا الملقب مرقص، زميل الرسول بطرس في الخدمة.. ليسجل كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح.

    والحقيقة الثانية : أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه، وينسجوا على منواله.. وتنشأ بشائر أخرى...حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر...

    ولما رأت الكنيسة أن الأمر جدُّ خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها " بشائر أبو كريفية "، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت ".

    وينبه المحققون إلى أمر هام، وهو أن شيئاً من الأناجيل لم يكن يسمى إنجيلاً في الصدر الأول للنصرانية، إنما سميت " كاروزوتا " أي موعظة، وذلك باللغة اليونانية التي وجد بها ما سمي فيما بعد بالأناجيل.

    وهذه الكتابات أطلق عليها القديس جوستين في منتصف القرن الثاني اسم " مذكرات الرسل".

    وقد بدأت في أواسط القرن الثاني حركة لتكوين كتاب مقدس للنصارى على غرار ما عند اليهود، وقد أثمرت ما بين أيدينا من أسفار العهد الجديد، يقول المدخل الفرنسي للعهد الجديد : " لم يشعر المسيحيون الأولون إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين أهم ما عمله الرسل وتولي حفظ ما كتبوه... ويبدو أن المسيحيين حتى ما يقرب من السنة 150م تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر إلا قليلاً جداً إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة، وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء أمرهم رسائل بولس، واستعملوها في حياتهم الكنسية، ولم تكن غايتهم قط أن يؤلفوا ملحقاً بالكتاب المقدس..

    ومع ما كان لتلك النصوص من الشأن فليس هناك قبل القرن الثاني ( بطرس (2) 3/16 ) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة، ولا يذكر أن لمؤلَف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم، فلم يظهر ذلك إلا في النصف الثاني من القرن الثاني... فيمكن القول أن الأناجيل الأربعة حظيت نحو السنة 170م بمقام الأدب القانوني، وإن لم تستعمل تلك اللفظة حتى ذلك الحين،...

    يجدر بالذكر ما جرى بين السنة 150 والسنة 200 إذ حدد على نحو تدريجي أن سفر أعمال الرسل مؤلف قانوني، وقد حصل شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى... هناك عدد كبير من المؤلفات ( الحائرة ) يذكرها بعض الآباء ذكرهم لأسفار قانونية في حين أن غيرهم ينظر إليها نظرته إلى مطالعة مفيدة.. وهناك أيضاً مؤلفات جرت العادة أن يستشهد بها ذلك الوقت على أنها جزء من الكتاب المقدس، ومن ثم جزء من القانون لم تبق زمناً على تلك الحال، بل أخرجت آخر الأمر من القانون، ذلك ما جرى لمؤلف هرماس وعنوانه الراعي، وللديداكي، ورسالة أكليمنص الأولى، ورسالة برنابا ورؤيا بطرس ".

    وهذا الذي ذكرته مقدمة العهد الجديد نستطيع أن نجمله بأن حركة تدوين الأناجيل بدأت بعد موت أهم التلاميذ، وأخذت شرعيتها في أواسط القرن الثاني كما ساعد في تكوين قانونية العهد الجديد مرقيون الهرطوقي سنة 160م حيث دعا لنبذ سلطة العهد القديم، واحتاج لتزويد كنيسته بأسفار مقدسة أخرى، فساهم أتباعه في نشر هذه الأناجيل فقد جمع في عهده إنجيلاً، وراجعه مراجعة دقيقة ليتمشى مع أفكاره، وجمع إليه رسالة بولس إلى أهل غلاطية، وهي رسالة تؤكد إبطال الناموس ونقده، ثم أضاف رسائل بولس إلى أهل كورنثوس وتسالونيكي وأفسس وفيلبي وفليمون

    كيفية اختيار الأناجيل الأربعة


    أما الكيفية التي اختارت بها الكنيسة هذه الأناجيل دون غيرها، ومكان الاختيار ... فلا يوجد أي تفصيل عند النصارى عن هذه النقطة سوى ما ذكره المدخل الفرنسي للعهد الجديد : "يبدو أن مقياس نسبة المؤلف إلى الرسل استعمل استعمالاً كبيراً، ففقد رويداً رويداً كل مؤلَف لم تثبت نسبته إلى رسول من الرسل ما كان له من الحظوة ".

    ولكن هذا القول إنما يصح لو كانت هذه الأناجيل جميعاً قانونية، ثم بدأ بعضها يفقد بريقه عند التحقيق والتدقيق، بينما حصل العكس في تاريخ الكتاب المقدس، إذ لم يعتبر شيء من هذه الكتب قانونياً، ثم بدأ في الاختيار فيما بعد، ويقول الأب كننغسر بأن الأناجيل التي رفضت هي التي لا تتفق مع الخط الأرثوذكسي.

    لكن المتفق عليه عند مؤرخي الكنيسة أن الأناجيل الأربعة ورسائل بولس قد أقرت في أواخر القرن الثاني، وكان أول من ذكر الأناجيل الأربعة المؤرخ أرمينيوس سنة 200م تقريباً، ثم ذكرها كليمنس اسكندريانوس، ودافع عنها، واعتبرها واجبة التسليم.

    فيما بقيت أسفار العهد الجديد موضع نزاع بين الكنائس طوال القرن الثالث، وقد قبلت بعض الكتب في الكنائس الشرقية كالرسالة إلى العبرانيين، بينما رفضها أتباع الكنائس الغربية، وقبلوا رؤيا يوحنا اللاهوتي.

    ترتيب الأسفار المقدسة ودلالته


    وكما وقع الخلاف في إلهامية بعض الأسفار وقع الخلاف في ترتيب هذه الأسفار في العهد الجديد، وهذا الخلاف مهم، إذ كلٌ رتب الأسفار حسب ما يعتقد لها من قيمة وقداسة وأهمية، فالخلاف في الترتيب خلاف في قيمة الأسفار.

    وأقدم قائمة رتبت الأسفار كانت في أواسط القرن الرابع قائمة أثناسيوس 367م، وكان ترتيبه كالتالي: الأناجيل ثم أعمال الرسل ثم الرسائل الكاثوليكية ثم رسائل بولس ثم سفر الرؤيا.

    ثم أصدر مجمع روما 382م ترتيباً آخر، تلا الأناجيل فيه رسائل بولس ثم رؤيا يوحنا ثم الرسائل الكاثوليكية السبعة.

    وأما الترتيب الحالي فكان من قرارات مجمع ترنت 1546م.

    وقد بين لنا المحققون من خلال استعراضهم مسيرة الأناجيل، وتحولها من عمل شخصي إلى عمل قانوني مقدس حقيقة هامة، وهي أن تقديس هذه الكتب عمل بشري لا يستند إلى دليل من هذه الكتب، بل هو قرار اختلفت فيه المجامع حتى أُقر، ولو كان من الوحي لما اختلفت فيه المجامع، ولما احتاج إلى قرار كنسي ليصبح مقدساً ووحياً إلهياً.

  4. #34
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    الأناجيل غير القانونية


    نشطت حركة التأليف في الجيل الأول من النصرانية بشكل واسع، وظهرت أناجيل كثيرة كما تدلنا على ذلك مقدمة إنجيل لوقا " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمتَ به" (لوقا 1/1-4)، لكن هذه الكثرة الكاثرة من الأناجيل التي سطرها تلاميذ المسيح لم يكتب لها القبول فيما بعد من الكنيسة، فاندثرت وأضحت في خبر كان .

    أولا: نظرة تاريخية في الأناجيل غير القانونية

    رأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، وأنها رفضت عدداً كبيراً من الأناجيل والكتب التي ألفها الجيل الأول من المسيحيين، وأوصلها صاحب كتاب اكسيهومو ( 1810م ) إلى أربعة وسبعين كتاباً، وعدّدها، فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه، وللحواريين، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة، وبعض الباحثين يصل بعدد الأناجيل إلى ما يربو على المائة كتاب، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين.

    وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه ( متى ) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلاً لا تعترف بهم الكنيسة رغم نسبتهم إلى المسيح وكبار حوارييه.

    وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي.

    وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها، من غير أن تقدم مبرراً لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها.. ".

    وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة الكنسية، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب.

    ثانياً: ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة

    وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس، كما عثر أخيراً في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا.

    ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولاً منسوباً للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح، بل نقل أقواله، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي، وأرجعه كيسيبل إلى 140م.

    وعثر أيضاً على إنجيل " الحقيقة " والذي اعتبره ايرينوس (180م ) إنجيلاً مزوراً

    ثالثاً: الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل

    وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم نتذكر ما سطره لوقا في مقدمته " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا.. رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمتَ به " ( لوقا 1/1 - 4 )، فقد كان بين يديه مجموعة كبيرة من الأناجيل، لا يعلم عددها إلا الله.

    وقد استشهد كل من كليمنت الرومي ( 97م ) وبوليكارب ( 112م ) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة.

    وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات.

    مـــلاحظــــات


    وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات.

    -أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه.

    -أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية، وبعضها كان خاصاً بفرق مسيحية موحدة.

    - أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل، لم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته.

    -أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة، فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبوكريفا ( مزيفة، خفية ).

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    إنجيل برنابا


    كثيراً ما يتردد على الألسنة ذكر هذا الإنجيل المثير، والذي ينسب لأحد أخص تلاميذ المسيح، وهو برنابا.

    وهذا الإنجيل يخالف سائر الأناجيل الأربعة في أمور جوهرية، منها نقضه لدعوى ألوهية المسيح، وتأكيده نجاة المسيح من الصلب، وتنديده ببولس، ورفضه لتبشيره، وكذا تصريحه ببشارة عيسى عليه السلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مرات عديدة.

    من هو برنابا ؟


    برنابا هو أحد حواريي المسيح، واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم، يهودي من سبط لاوي من قبرص، باع حقله وجاء ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح. ( انظر أعمال 4/36 – 37 )، عرف بصلاحه وتقواه، ويسميه سفر الأعمال " يوسف الذي دعي من الرسل برنابا " ( أعمال 4/36 ).

    ولما ادعى بولس أنه رأى المسيح وعاد إلى أورشليم يتقرب إلى التلاميذ تولى برنابا تقديمه إلى التلاميذ
    ( انظر أعمال 9/27 )، وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية وكان داعية ناجحاً "ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً في الروح القدس والإيمان، فانضم إلى الرب جمع غفير "
    ( أعمال 11/22 – 24 ).

    ثم خرج إلى طرسوس ودعا فيها مع شاول ( بولس ) سنة كاملة. (انظر أعمال 11/25 - 26)، ثم تشاجر مع بولس وافترقا. (انظر أعمال 15/29 ) وبعد هذا الشجار اختفى ذكر برنابا من العهد الجديد.

    وذكر المؤرخون أن وفاته كانت سنة 61م في قبرص، حيث قتله الوثنيون رجماً بالحجارة ودفنه ابن أخته مرقس الإنجيلي.

    ثبوت وجود رسائل وإنجيل منسوب لبرنابا


    وتنسب المصادر التاريخية إلى برنابا إنجيلاً ورسالة وكتاباً عن رحلات وتعاليم الرسل، وقد عثر العالم الألماني تشندروف ( 1859 م ) على رسالة برنابا ضمن المخطوطة السينائية التي عثر عليها، مما يشير إلى اعتبارها رسالة مقدسة فترة من الزمن.

    لكن أياً من رسائله وكتاباته لم تعتبر مقدسة، وهنا نعجب كيف اعتبرت رسائل بولس ولوقا اللذين لم يريا المسيح؟ ولم تعتبر أقوال برنابا الذي سبقهم بالإيمان وبصحبة المسيح ‍‍!!

    وقد صدر عام 366م أمر من البابا دماسس بعدم مطالعة إنجيل برنابا، ومثله مجلس الكنائس الغربية عام 382م، كما صدر مثله عن البابا أنوسنت 465م، كما وقد حرّم البابا جلاسيوس الأول عام 492م مطالعة بعض الأناجيل، فكان منها إنجيل برنابا.

    العثور على نسخة من إنجيل برنابا


    واختفى ذكر إنجيل برنابا قروناً طويلة حتى عثر الراهب الإيطالي فرامينو في أواخر القرن السادس عشر على نسخة منه في مكتبة البابا سكتس الخامس في الفاتيكان، فأخفاها، وخرج بها ثم أسلم، وانقطع ذكر هذه النسخة.

    وفي عام 1709م عثر كريمر أحد مستشاري ملك روسيا على النسخة الوحيدة الموجودة اليوم من إنجيل برنابا والتي استقرت عام 1738م في البلاط الملكي في فيينا، وتقع في 225 صحيفة سميكة مجلة بصحيفتين ومكتوبة بالإيطالية.

    وقد ترجمت إلى العربية في مطلع هذا القرن على يد الأستاذ خليل سعادة، وقدم للترجمة بمقدمة نستعين بها في معرفة أصول هذه النسخة، وقد ذكر وجود ترجمة أسبانية تناقلها عدد من المستشرقين في أوائل القرن الثامن عشر، وانتهت إلى يد الدكتور هوايت الذي ذكر بأنها مترجمة عن نسخة البلاط الملكي الإيطالية، وأن مترجمها للأسبانية مسلم يدعى مصطفى العرندي، واختفت هذه النسخة المترجمة عند الدكتور هوايت.

    فمن هو كاتب نسخة البلاط الملكي الوحيدة ؟ ومن هو كاتب الإنجيل ؟

    وصف المخطوطة الوحيدة لإنجيل برنابا


    أما بخصوص النسخة الوحيدة فإنها كما يصفها خليل سعادة مجلدة بصحيفتين عليهما نقوش ذهبية..ويرى المحققون أن ناسخ هذه المخطوطة من أهالي البندقية في القرن 15 - 16 أو أوائل القرن السابع عشر، وأنه أخذها من نسخة توسكانية أو بلغة البندقية، وتطرقت إليها اصطلاحات توسكانية.

    ويذهب الكاتبان " لو تسدال " و " لو راواغ " إلى أن النسخ تم عام 1575م تقريباً، وأنه من المحتمل أن يكون الناسخ فرامينو الراهب.

    ويوجد على هوامش النسخة ألفاظ وجمل عربية، بعضها صحيح العبارة، وبعضها ركيك لا يتصور سعادة أن " يفعله كاتب عربي تحت الشمس ".

    ويرجح سعادة أن الكاتب لهذه الهوامش واحد، وأنه عربي، وأن الناسخ بدل وغيّر في النسخة، فنتج هذا الاضطراب في العبارات العربية، ويجزم سعادة أن هذه النسخة نسخة منقولة عن أصل آخر لها.

    موقف المسلمين من إنجيل برنابا وعلاقتهم بتأليفه


    وبخصوص كاتب الإنجيل، أراد النصارى إلصاق هذا الإنجيل بالمسلمين، من غير أن يكون لديهم دليل واحد يثبت ذلك، أو يحدد اسم هذا المسلم الألمعي العارف باليهودية وكتبها.

    وبعد قراءة سعادة للإنجيل رجح - من غير أن يقدم أدلة شافية - أن كاتبه " يهودي أندلسي اعتنق الدين الإسلامي بعد تنصره واطلاعه على أناجيل النصارى، وعندي (أي سعادة) أن هذا الحل هو أقرب إلى الصواب من غيره ".

    واستند في زعمه إلى أمور :

    1) أن للكاتب إلماماً عجيباً بأسفار العهد القديم " لاتكاد تجد له مثيلاً بين طوائف النصارى إلا في أفراد قليلين من الأخصائيين... والمعروف أن كثيرين من يهود الأندلس كانوا يضلعون بالعربية .. فيكون مثلهم في الإطلاع على القرآن والأحاديث النبوية ".

    2) أن الإنجيل يؤكد على أهمية الختان وغيره من الأحكام التوراتية، وفيه من الكلام الجارح ما يستحيل صدوره من نصراني، كما يتضمن تقاليد تلمودية يتعذر على غير اليهودي معرفتها.

    ويتضمن أيضاً أساطير وقصص عربية مما يتناقله العامة في البيئة العربية، فدل ذلك على أنه يعيش في البيئة العربية.

    3) أن هذا الإنجيل يوافق القرآن والسنة في مواضع عدة أهمها إنكار ألوهية المسيح أو أنه ابن الله، وإنكار صلب المسيح، والقول بصلب يهوذا، وكذا يصرح الإنجيل، كما يؤكد على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق، ويذكر أن محمداً رسول الله هو المسيّا المنتظر في أكثر من موضع.

    4) أن هذا الإنجيل يباين الأناجيل الأربعة بما فيه من أدب راقٍ ومسائل فلسفية وعلمية.

    واستدل لذلك بما في الإنجيل من مباحث فلسفية تشبه فلسفة أرسطو طاليس التي كانت شائعة في القرون الوسطى، كما يحوي الإنجيل تشبيهات واستعارات أدبية تشبه ما نقل عن الشاعر دانتي في العصور الوسطى.

    والنتيجة: أن النصارى لا يعترفون بصحة نسبة الإنجيل لبرنابا، ويؤكدون أنه منحول، وأن كاتبه مسلم في القرون الوسطى.

    وقد صدرت في ذلك كتابات نصرانية أكدت أن الإنجيل مزور مستدلة بما سبق وبأمور أخرى أقل أهمية مثل مخالفة الإنجيل لبعض حقائق الجغرافيا والتاريخ، وأيضاً أنه حوى أموراً تكذبه بها الأناجيل الأربعة ومنها قوله: " أن الله اعتبر الكذب في سبيل الحمد فضيلة " ( برنابا 161/60 )، ومنها أن قوله بصلب يهوذا بدلاً عن المسيح فكرة غير ناضجة، لأن الله لو أراد إنقاذ المسيح لأنقذه بمعجزة، وليس عن طريق الغش والخداع الذي يلجأ إليه الضعفاء.

    موقف علماء الإسلام من إنجيل برنابا


    على الرغم من موافقة إنجيل برنابا لمعتقدات المسلمين في الجملة، فإن أحداً من المسلمين لا يعتبره الإنجيل الذي أنزله الله على المسيح..

    ولم يلجأ المسلمون إلى الاستشهاد بهذا الإنجيل إلا نادراً، وكان استشهادهم به أقرب إلى الاستئناس منه إلى الاستدلال، فالمسلمون لا يرون في هذا الإنجيل إنجيل المسيح، لكنه أقرب إلى طبيعة دعوة المسيح وتلاميذه من سائر الأناجيل.

    ورفض المسلمون نسبة هذا الإنجيل إلى المسلمين، فلقد وُجد في بيئة مسيحية صرفة كما سبق بيانه، وقد سبق ذكره قبل الإسلام بقرون عدة، مما يدل على براءة المسلمين منه.

    وأما التعليقات العربية الموجود على نسخته الإيطالية فهي من عمل الناسخ عن الأصل أو قارئ للنسخة لا يجيد العربية، ولعله فرامينو الراهب الذي أسلم، وتكون حينذاك هذه النسخة هي التي عثر عليها في مكتبة البابا.

    ثم من ذا المسلم الذي سيؤلف هذا الإنجيل، ولا يستشهد به هو ولا من بعده في مناظرة النصارى؟ وكيف له أن يوصله إلى مكتبة البابا بالفاتيكان؟ فجهل المسلمين به وعدم استشهادهم به دليل براءتهم منه.

    وأما تصريحه باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم واعتباره دليلاً على أنه من وضع المسلمين، وأن المؤلف المنتحل - كما يقول سعادة – "بالغ وجاوز في الغرض، ولو أشار من غير تصريح باسم النبي لكان ذلك أبلغ".

    فهذا نراه دليلاً على صحة نسبة الإنجيل وبراءة المسلمين منه، إذ لا يمكن أن يفوت كاتب الإنجيل - وهو الذي يصفه سعادة بالذكاء البارع - مثل هذا الأمر، فلو كان منتحلاً لأشار للنبي ولم يصرح باسمه، فتصريح صاحب الإنجيل باسمه عليه الصلاة والسلام مع ذكائه وبراعته دليل أصالته.

    وأما تكذيب الإنجيل لألوهية المسيح، وتشنيعه الشديد على من ترك الختان فهو دليل على نصرانية كاتبه لا يهوديته، إذ ترك الختان ليس من دين المسيح، بل هو من تغيير بولس بعد المسيح، ومثله القول بألوهية المسيح.

    وقد كتب برنابا إنجيله ليكشف ما صنعه بولس كما جاء في مقدمته " إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى، مبشرين بتعليم شديد الكفر، داعين المسيح ابن الله، ورافضين الختان الذي أمر الله به دائماً مجوزين كل لحم نجس، الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم معه إلا مع الأسى، وهو السبب الذي لأجله أسطر ذلك الحق الذي رأيته..." (برنابا: مقدمة /2 - 8 ).

    مخالفة الإنجيل لمعتقدات المسلمين


    ومما يدل على براءة المسلمين من هذا الإنجيل اختلافه في طريقة صياغته وأسلوبه عن طريقة العرب وأسلوبهم، فليس في المسلمين من يذكر الله ولا يثني عليه. أو يذكر الأنبياء ولا يصلي عليهم.

    كما يخالف إنجيل برنابا المعتقدات الإسلامية في مسائل منها قوله بأن الجحيم للخطاة السبعة: المتكبر والحسود والطماع والزاني والكسلان والنَهِم والغضِب المستشيط، ( انظر برنابا 135/4 - 44 ) وقد ترك ذنوباً أكبر كالشرك والقتل، كما أن الكسِل والنهِم لا يستحقان النار.

    ومثله قوله: " دعوا الخوف للذي لم يقطع غرلته، لأنه محروم من الفردوس " ( برنابا 23/17 )، فمثل هذا لا يوافقه عليه مسلم.

    ومثله تسمية الله " العجيب " ( برنابا 216/3 )، وهو ليس من أسماء الله الحسنى، وأسماء الله عند المسلمين توقيفية، لا يجوز لأحد أن يزيد عليها.

    وكذا قوله عن الله: " إن الله روح " ( برنابا 82/6 ) والأرواح عندنا مخلوقة.

    ويتحدث عن الله، فيصفه أنه " المبارَك " ( برنابا 71/16 )، ولا يمكن لمسلم أن يقول عن الله ذلك، إذ هو الذي يبارِك، ومن ذا الذي يبارك الله جل وعلا !!! فتبارك الله أحسن الخالقين.

    ومما يرد أيضاً انتحال مسلم لإنجيل برنابا قوله: " أقول لكم إذاً: إن السماوات تسع " ( برنابا 105/3)، ولا يقول بهذا مسلم قرأ القرآن.

    وأيضاً يذكر برنابا تسميات للملائكة لم يقل بها المسلمون، وفي ذلك ذكر اسم رفائيل وأوريل في قوله: " أمر جبريل وميخائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم … فجاء الملائكة الأطهار "(برنابا215/4-5 )

    ثم قد ورد اسم الرسول " محمد " خمس عشرة مرة في إنجيل برنابا، ولم يرد اسمه " أحمد " مرة واحدة، ولو كان الكاتب مسلماً لعمد إلى كتابته - ولو مرة واحدة ليحقق التوافق الحرفي مع ما جاء في سورة الصف { ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } (الصف: 6).

    ثم لو كان كاتبه مسلماً لكتب معجزة كلام المسيح في المهد التي ذكرها القرآن وأغفلتها الأناجيل، وغير ذلك من المسائل التي تثور في وجه من يقول بانتحال مسلم لهذا الإنجيل.

    وحين يدفع المسلمون القول بأن إنجيل برنابا منحول، ليس لجزمهم بصحة نسبة الإنجيل إلى برنابا، بل لجزمهم بأن هذا الإنجيل لا يقل حاله بحال من الأحوال عن سائر أسفار العهد القديم والجديد.

    ويوافق المسلمون النصارى في اعتراضهم على هذا الإنجيل، ودعواهم بأنه لم يصل بطريق موثق، وأنه لا يعلم أصله، لكن الحال الذي ينكرونه في إنجيل برنابا هو حال كل صحيفة من صحائف الكتاب المقدس.

    بل إن لإنجيل برنابا مزية على سائر الأناجيل، فقد صرح فيه الكاتب أنه برنابا، ويقول عن نفسه في سائر صفحات الإنجيل: فقال لي برنابا، وقلت للمسيح....، بينما لا تجد مثله في سائر الأناجيل ( انظر متى 9/9 ) و( يوحنا 21/24 ).

    وأما عن أخطاء الإنجيل التاريخية أو ذكره تسمية "جبل طابور" ( برنابا 42/20 ) وهي تسمية غير معهودة أيام المسيح، فهذا لا يختلف أبداً عن ذكر حبرون في عهد موسى، وقد سميت بعده ( انظر التكوين 13/18 ).

    ولعل هذه التسمية الجديدة - إن صحت جدتها - من عمل الناسخ وتدخله في النص.

    ثم إن أسلوب الكاتب ومعلومات الإنجيل يؤكدان بأن الكاتب ضليع في علوم الكتاب المقدس، متصف بعمق واسع يليق ببرنابا داعية النصرانية في الجيل الأول، فليس بمستغرب أن يكون قد كتب إنجيلاً، ومنع قراءته دليل وجوده بل واشتهاره.

    وأما مخالفة الإنجيل للحقائق التاريخية فلكونه عملاً بشرياً، ولا حرج في ذلك، إذ أن النصارى ينسبون مثل هذه المخالفات إلى أسفار الوحي.

    وقول برنابا: " الكذب فضيلة " لا يختلف كثيراً عن قول بولس عن نفسه بأنه روماني كذباً (انظر أعمال 23/25)، ثم قوله: " فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده " ( رومية 3/7 )، فصدور هذا الاعتراض من النصارى لا يقبل.

    وأما التشابه بين أقوال الشاعر دانتي وإنجيل برنابا فهو لا يعني جزماً بأن كاتب الإنجيل كان بعد دانتي، بل قد يكون دانتي هو المستفيد من برنابا.

    ثم إن التشابه لا يعني بالضرورة نقل اللاحق عن السابق دائماً، وإلا لزم أن نقول بأن أسفار التوارة التشريعية منقولة عن قوانين حمورابي للتشابه الكبير بينهما.

    وأخيراً، فإنه لو كان كاتب الإنجيل في العصور الوسطى لما وقع بتلك الأخطاء في الإحالة إلى أسفار التوارة، ولكان أيضاً قد اهتم بالتنديد بالأناجيل الأخرى، ولكنه لم يصنع لسبب بسيط، وهو أنه كتب إنجيله قبل انتشار هذه الأناجيل.

    ولو كان الإنجيل منحولاً لندد مؤلفه بالتثليث وكتب في إبطاله، لكنه لم يتحدث عنه، فدل ذلك على أن زمن الكتابة سابق على دعوى التثليث التي ظهرت في القرن الميلادي الرابع.

    وهكذا نرى أن إنجيل برنابا لا يختلف من ناحية الإسناد كثيراً عن الأناجيل الأربعة، لكنه الإنجيل الوحيد الذي صرح فيه كاتبه باسمه وبأنه شاهد لما يكتب، وأما متنه فكان أكثر اتساقاً من جميع الأناجيل، متميزاً بترابطه وجمال أسلوبه ومعرفته الكبيرة بالعهد القديم وأسفاره، وهو ما يليق حقاً بداعية النصرانية في الصدر الأول : برنابا.

    وقد كانت مضامين هذا الإنجيل متفقة إلى حد بعيد مع ما يعهد في رسالات الله إلى أنبيائه، وحُقَّ لتولاند 1718م في كتابه " الناصري " أن يقول عند ظهور هذا الإنجيل : " أقول على النصرانية السلام ". وكذا قوله: " إن مد النصرانية قد وقف من ذلك اليوم.. إن المسيحية ستتلاشى تدريجياً حتى تنمحي من الوجود ".

  6. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    أغلاط الأناجيل


    وكأي جهد بشري معرض للخطأ، فإن الأناجيل كذلك تمتلئ بالأغلاط التي يكذبها التاريخ والواقع، وثبوت الغلط في الكتاب يحيل قداسته، ويحيل دعوى إلهامه إلى سراب.

    والأغلاط في الأناجيل كثيرة، وهي على أنواع فمنها ما تشهد عليه الأسفار المقدسة بالخطأ أو الكذب، ومنها ما يشهد عليه العقل، ومنها ما يشهد عليه التاريخ والواقع.

    الأغلاط بشهادة الكتب المقدسة

    أين هذه النصوص من تعظيم الله ورسله!

    يتحدث سفر الرؤيا، رؤيا يوحنا اللاهوتي عن رؤيته للأقنوم الثاني لله، أي الله الابن، وهو جالس على عرشه على صورة خروف له سبعة قرون وسبع أعين، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، يقول يوحنا: " ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة، وفي وسط الشيوخ خروف قائم، كأنه مذبوح له، سبعة قرون وسبع أعين، هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض" (الرؤيا 5/6-8).

    ويمضي النص فيقول متحدثاً عن القائمين أمامه: " هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحرّ، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حيّة، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم..." (الرؤيا 7/15-18).

    ويفصح النص عن ماهية الجالس على العرش على صورة الخروف، إنه الله الابن، الأقنوم الثاني للإله الواحد المتعدد الأقانيم، فيقول: "هؤلاء سيحاربون الخروف، والخروف يغلبهم، لأنه رب الأرباب وملك الملوك، والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون" (الرؤيا 17/14).

    ويمضي نص يوحنا ليذكر أن الجموع التي كانت أمام العرش كانت تصرخ بخلاص الله والخروف "الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف ومتسربلين بثياب بيض، وفي أيديهم سعف النخل، وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف. وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة وخرّوا أمام العرش على وجوههم وسجدوا للّه قائلين: آمين " (الرؤيا 7/9-12)، فهل الرب محتاج للخلاص؟ وممن ؟ ومن الذي سيخلصه؟ أولا توجد طريقة أفضل للرمز على الإله المعبود؟

    ويتحدث العهد الجديد عن جهالة لله وضعف، ولكن جهالته أكثر حكمة من الناس، وكذا ضعفه أقوى من الناس، وذلك في قول بولس: "لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس (1) 1/25).

    ولا يقبل بحال أن يقال عن الله العظيم أن له ضعفاً أو جهالة، بل هو القوي العزيز الحكيم العليم.

    ويتحدث بولس عن سلطان للروح على الله وقدرة على معرفة غيوبه ومكنوناته، فيقول: "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (كورنثوس (1) 2/10).

    و ينال بولس من ناموس الله وكتابه وشريعته، ويحتقره ويصفه بالعتق والشيخوخة، ومثل هذا الموقف لا يكون في كتب الله وما يوحيه إلى الأنبياء والرسل الذين تأتي دعوتهم لتؤكد على تعظيم كتبه ووحيه، يقول بولس: " فإنه يصير إبطال الوصية السابقة ( التوراة وشرائعها) من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس لم يكمل شيئاً، ولكن يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله " (عبرانيين 7/18 - 19 ).

    ويقول عن التوراة التي أنزلها الله على موسى : " وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال " ( عبرانيين 8/13 ).

    ويقول: " فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طُلب موضع لثانٍ" ( عبرانيين 8/7 ).

    هذا ما يقوله بولس عن ناموس الله الذي تصفه المزامير فتقول: "ناموس الرب كامل يرد النفس، شهادات الرب صادقة تصيّر الجاهل حكيماً، وصايا الرب مستقيمة تفرّح القلب، أمر الرب طاهر ينير العينين"
    (المزمور 19/7-8).

    وينسب العهد الجديد إلى المسيح سباب إخوانه من الأنبياء وتشبيههم باللصوص والسراق، واتهامهم بعدم الحرص على هداية أقوامهم، فيقول يوحنا: " قال لهم يسوع أيضاً: الحق الحق أقول لكم: إني أنا باب الخراف. جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص. ولكن الخراف لم تسمع لهم... السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك.

    وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل. أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. وأما الذي هو أجير وليس راعياً الذي ليست الخراف له، فيرى الذئب مقبلاً ويترك الخراف ويهرب، فيخطف الذئب الخراف ويبددها" (يوحنا 10/7-12).

    ومن المحال أن يسطر الله في وحيه مثل هذه الإساءات لمقامه العظيم، وكذا لكتبه ورسله.

    ضياع نقط بل حروف من الناموس

    ينسب الإنجيليون في محاولة منهم لتوثيق العهد القديم، ينسبون إلى المسيح أنه قال : "ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس" (لوقا 16/17)، وفي متى أن قال: " فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (متى 5/18)، فهل كان هذا الكلام حقاً أم ضاعت كلمات، بل سطور وأسفار كاملة، فيما لم تزل السماوات والأرض.

    وقد ذكرت أمثلة كثيرة لتلك المفقودات في الحلقة الأولى من هذه السلسلة، سلسلة الهدى والنور، وأكتفي هنا بعرض ثلاث نماذج فقط، تاركاً للقارئ الكريم أن ينظر في تحقق هذا النص، طالباً منه أن يرى في عدم تحققه دليلاً على أنه ليس من كلام الله ووحيه أو قول المسيح نبيه ، بل هو بعض إضافات كتبها أولئك الكُتاب، ونسبوها زوراً وبهتاناً لوحي الله.

    فمن شواهد النقص وضياع النقط والحروف من الكتاب ما جاء في سفر الأيام "وبنو عزرة يثر ومرد وعافر ويالون ******، وحبلت بمريم وشماي ويشبح أبي اشتموع" (الأيام (1) 4/17)، ولم يذكر السفر بقية أبناء عزرة، ولا تلك التي حبلت بمريم وأخواتها، واكتفى طابعو الكتاب بوضع خمسة نجوم للتنبيه على وجود سقط في النص. ولرؤية المزيد من نجوم الكتاب المقدس انظر (الأيام (2) 36/23)، و(عزرا 1/3)،
    و(عزرا 6/5-6)، و(صموئيل (2) 5/8)، و(حزقيال 22/43)، و(الملوك (2) 5/6)، (زكريا 6/15)، وغيرها مما يطول المقام بذكره.

    ويمتد السقط والضياع في الكتاب ليشمل أسفاراً تحوي الآلاف من النقاط والحروف، كسفر حروب الرب المذكور في سفر العدد، حيث يقول: "لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية أرنون" ( العدد 21/4 )، وهو سفر مفقود.

    وكذا فقدت آلاف الحروف والنقاط المكونة لسفر أخبار النبي ناثان النبي وسفر أخبار أخيا الشيلوني الضائع وسفر رؤى يعدو، وقد ذكروا في سفر الأيام، في قوله: " هي مكتوبة في أخبار ناثان النبي وفي نبوّة أخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي " (الأيام (2) 9/29 ).

    ولرؤية المزيد من الأسفار المفقودة انظر ( يشوع 10/13 )، و(صموئيل (2) 1/18)، و( الأيام (1) 29/29)، و(الأيام (2) 12/15)، و(الملوك (1) 4/32 - 13)، وغيرها مما يطول المقام بذكره.

    وهذه الشهادات جميعاً تشهد بضياع كلمات وحروف من الناموس، فيما تشهد السماوات والأرض وبقاؤهما ببراءة المسيح مما نسبه إليه الإنجيليون من الغلط والوعد الكاذب في هذا النص.

    زكريا المقتول هو ابن يهوياداع وليس ابن برخيا

    فمن الأغلاط التي تشهد لها الأسفار المقدسة عند النصارى بالخطأ ما جاء في متى في قوله أن المسيح قال:
    " كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح " ( متى 23/35 ).

    وقد غلط متى، إذ المقتول بين الهيكل والمذبح هو زكريا بن يهوياداع، فقد جاء في سفر الأيام " ولبس روح الله زكريا بن يهوياداع الكاهن فوقف فوق الشعب.. ففتنوا عليه، ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب " ( الأيام (2) 24/20 - 21 ).

    وأما زكريا بن برخيا فهو آخر عاش أيام سبي بابل، وهو من الأنبياء الصغار، وينسب له السفر الذي في التوراة، ويقول عنه قاموس الكتاب المقدس " ويذكر التقليد اليهودي أن زكريا هذا طالت أيامه، وعاش في بلاده، ودفن بجانب حجي الذي كان زميلاً له ".

    كما يجدر أن ننبه هنا إلى أن لوقا قد نقل قول المسيح الذي ذكره متى، ولكنه لم يخطئ كما أخطأ متى، فقد قال: " من دم هابيل إلى دم زكريا الذي أهلك بين المذبح والبيت " ( لوقا 11/51).

    إحالة متى الخاطئة إلى سفر إرمياء

    وفي نبوءة أوردها متى أخطأ وهو ينقل عن التوراة، يقول متى: " لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ.. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف.. فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا : لا يحل أن نلقيها في الخزانة، لأنها ثمن دم، فتشاوروا، واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء.. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي : وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل، وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب " (متى 27/3 - 10 ).

    فإحالته إلى سفر إرميا غير صحيحة، إذ لا يوجد شيء من ذلك في إرميا، والصحيح أنه في سفر زكريا : " فقال لي الرب : ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به، فأخذت الثلاثين من الفضة، وألقيتها إلى الفخاري في بيت الرب " ( زكريا 11/12 - 14 ).

    ويجدر أن ننبه هنا أن القصة في سفر زكريا لا علاقة لها بيهوذا ولا المسيح، إذ الثمن الذي يطلبه زكريا ثمن كريم ، أجرة كهانته، في حين أن الثمن الذي قبضه يهوذا ثمن خيانة ولؤم.

    أصحاب داود لم يأكلوا خبز التقدمة في عهد الكاهن أخيمالك

    وأخطأ كاتب إنجيل مرقس مرتين وهو يتحدث عما فعله داود عندما جاع فأكل من خبز التقدمة الذي لا يجوز أكله إلا للكهنة فقال: " أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه، كيف دخل بيت الله في أيام أبياثار رئيس الكهنة، وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل إلا للكهنة، وأعطى الذين معه"(مرقس2/25- 26 ).

    وقوله: " الذين كانوا معه " خطأ ولا محالة، لأن داود كان حين ذهب إلى رئيس الكهنة كان وحيداً فاراً من وجه شاول، كما في سفر صموئيل وفيه " فجاء داود إلى نوب إلى أخيمالك الكاهن، فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود، وقال له : لماذا أنت وحدك وليس معك أحد... يوجد خبر مقدس... "( صموئيل (1) 21/1 - 4 ).

    والخطأ الثاني الذي وقع فيه مرقس حينما سمى رئيس الكهنة أبياثار، وفي صموئيل أن رئيس الكهنة يومذاك هو أبوه، أخيمالك الذي قتله شاول، لأنه أعطى الخبز المقدس لداود. ( انظر صموئيل (1) 22/20 - 23 ).

    وينبه محررو الكتاب المقدس إلى أن أبياثار هرب بعدها إلى داود مع صادوق رئيس الكهنة بعد مقتل أبيه أخيمالك.

    وقد اعترف بهذا الغلط وارد الكاثوليكي في كتابه " الأغلاط "، وقال نقلاً عن مستر جوويل أنه كتب: غلط مرقس، فكتب أبياثار موضع أخيمالك.

    الثناء على يهوذا الخائن

    وفي أثناء حديث الإنجيليين عن التلاميذ فإنهم يذكرون الاثني عشر بخير، وينسون أن فيهم يهوذا الخائن، ولربما ذكروا حوادث حصلت بعد موته، فذكروه فيها.

    ومن ذلك قول متى أن المسيح قال لتلاميذه الإثني عشر: " الحق أقول لكم : إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر " ( متى 19/28 ).

    ولم يستثنِ متى يهوذا الخائن الذي يقول عنه ناقلاً عن المسيح: " ويل لذلك الرجل.. خيراً لذلك الرجل لو لم يولد " ( متى 26/24 )، وقد تنبه لوقا لخطأ متى، فلم يقع فيه، ولم يذكر عدد الكراسي. ( انظر : لوقا 22/28 - 29 ).

    وهذا الخطأ وقع به بولس وهو يتحدث عن قيامة المسيح والتي يفترض أنها بعد وفاة يهوذا بأيام وقبل انتخاب البديل عنه ميتاس ( انظر أعمال 1/26 )، فقال بولس: " قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر، وبعد ذلك ظهر لأكثر من خمسمائة أخ " (كورنثوس (1) 15/4 - 6).

    وقد تنبه للخطأ كاتب مرقس وهو يروي ذات القصة، فقال: " ثم ظهر للأحد عشر.. " (مرقس 16/14 ).

    مدة مكث المسيح في بطن الأرض ليست ثلاثة أيام وثلاث ليال

    ومن الأغلاط ما ذكره متى عن مكث ابن الإنسان (المسيح) في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال، حيث يقول: " أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين: يا معلّم نريد أن نرى منك آية. فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (متى 12/38 - 40 ).

    ومن المعلوم في الأناجيل أن المسيح صلب يوم الجمعة، ودفن ليلة السبت، وخرج من قبره قبل فجر الأحد، أي لم يمكث في القبر سوى ليلة السبت ويوم السبت وليلة الأحد. وهو ما يعدل ليلتين ويوم، وليس ثلاثة أيام وثلاث ليال، كما أخبر متى.

    وقد اعترف بالسي وشلز أن متى قد غلط، وزعم أنه أخطأ في فهم كلام المسيح، فهذا التفسير بالبقاء ثلاثة أيام وثلاث ليال في الأرض كان من جانبه، وأما مقصود المسيح فهو : " أن أهل نينوي كما آمنوا بسماع الوعظ وما طلبوا معجزة، كذلك فليرضَ الناس مني بسماع الوعظ".

    وأرى أن هذا الاعتذار لا يقبل، لأنه قد جاء مثل هذا القول عند غير متى، ففي يوحنا قال لهم: " انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه "، فلم يفهم اليهود كلامه، وظنوه يتحدث عن هيكل سليمان " وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده، فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا" (يوحنا 2/19 - 24 )، ولكنه قد قام في اليوم الثاني، وبعد مضي ليلتين فقط.

    وقال لوقا : " إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويصلب، وفي اليوم الثالث يقوم "
    ( لوقا 24/7 )، وفي مرقس " ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم " ( مرقس 10/32)، وقيامته هي القيامة من الموت، وقد قام في اليوم الثاني من الموت المزعوم.

    أغلاط بشهادة الواقع


    العودة القريبة للمسيح والنهاية السريعة للدنيا

    وثمة نصوص أخرى كثيرة غلط فيها الإنجيليون بشهادة الواقع والتاريخ، ومن مثل ذلك ما جاء في إنجيل متى عن القيامة القريبة التي تقترن بعودة المسيح القريبة، والتي حددها المسيح كما يزعمون بأنها قبيل انقضاء جيله، وعليه طلب إلى تلاميذه أن لا يذهبوا للدعوة في مدن السامريين فإن القيامة دون ذلك.

    وقد قارب مجموع النصوص التي تحدثت عن عودة المسيح والقيامة العشرة، أهمها : " فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله، الحق أقول لكم: إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته " ( متى 16/27 - 28 ).

    ويقول أيضاً : " متى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى. فإني الحق أقول لكم : لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان " ( متى 10/23 ).

    وفي سفر الرؤيا يقول: " ها أنا آتي سريعاً " ( الرؤيا 3/11 ).

    ويقول يعقوب: " أيها الإخوة،.. فتأنوا أنتم، وثبتوا قلوبكم، لأن مجيء الرب قد اقترب" (يعقوب 5/8).

    ويقول بطرس: "وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت " (بطرس (1) 4/7).

    وتحدث متى عما يرافق عودة المسيح من أحداث " وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين : قل لنا متى يكون هذا ؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟ ".

    فأجابهم المسيح بذكر علامات كثيرة، ومنها " وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السموات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض، ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير... الحق أقول لكم : لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله، السماء والأرض تزولان، ولكن كلامي لا يزول " ( متى 24/3 - 30 ).

    وقد سيطرة فكرة العودة السريعة والقيامة القريبة على كُتاب الرسائل، ففي رسالة بولس إلى تسالونيكي " إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب " ( تسالونيكي (1) 4/15 ).

    وفي موضع آخر يقول: " نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور " ( كورنثوس (1) 10/11).

    وأيضاً يقول: " هو ذا سر أقوله لكم : لا نرقد كلنا (أي لن نموت كلنا)، ولكننا كلنا نتغير في لحظة، في طرفة عين،عند البوق الأخير فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمي فساد،ونحن نتغير"(كورنثوس(1)15/51 - 52 ).

    فهذه الأقوال وسواها تدل على أن وقوع القيامة وعودة المسيح قبلها، سيحصل في زمن الجيل الأول، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، وقد مرت قرون طويلة متطاولة دون تحققه ، فدل ذلك على أن هذه النبوءات من الغلط الذي وقع به الإنجيليون.

    ويبدو أن المسيح أبلغ أصحابه بنزوله من السماء قبيل يوم القيامة، وذكر لهم بعضاً من الأمور التي تحدث قبله، وطرأ الغلط والتحريف من قولهم بأن ذلك سيكون في زمن الجيل الأول.

    ويتهرب المفسر بنيامين بنكرتن من هذه النصوص الواضحة الدلالة فيقول: " إن المراد من إتيان المسيح في ملكوته هو معجزة التجلي الآتي ذكرها.. وإن القوم هم بطرس ويوحنا ويعقوب " أي أن تفسير هذه النصوص هو القيامة المزعومة للمسيح بعد موته بثلاثة أيام.

    ولكن كلام المفسر من العبث، إذ النصوص تتحدث عن إتيان للمسيح فوق السحاب يرافقه مجد الله، بينما كان المسيح عند عودته بعد الصلب المزعوم متخفياً. ثم هل كان المسيح يخبر تلاميذه عن أمر سيحصل قبل أن ينتهي الجيل، وقبل أن يكملوا التبشير في مدن اليهودية، هل كان يحدثهم عما سيحصل بعد أسبوع ‍‍‍!!!

    ثم ماذا عن النصوص التي قالها بولس وغيره بعد القيامة؟ وأين العلامات التي رافقت مجيء المسيح.

    معجزات المؤمنين

    ومن النصوص أيضاً التي تثبت شهادة الواقع خطأ الإنجيليين فيها ، لأن المسيح لا يكذب، ولا يمكن أن يقول ما نسب إليه فيها، إذ هو من الخطأ البيّن.

    من ذلك ما جاء في خاتمة مرقس، ففيها أن المسيح ظهر لتلاميذه بعد الصلب وقال لهم: "وهذه الآيات تتبع المؤمنين، يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة، يحملون حيّات، وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى، فيبرؤون " ( مرقس 16/17 - 18 ).

    وقريباً من هذا المعنى يقول مرقس بأن المسيح قال لتلاميذه: " ليكن لكم إيمان بالله، لأني الحق أقول لكم : إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر، ولا يشك في قلبه بل يؤمن، إن ما يقوله يكون، فمهما قال يكون له " ( مرقس 11/22 - 23 ).

    وفي إنجيل متى: " وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه " ( متى 21/22 ).

    وينقل يوحنا على لسان المسيح أنه قال: " الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها" ( يوحنا 14/12 )، فكل مؤمن يستطيع صنع المعجزات الباهرة التي صنعها المسيح من إحياء للموتى وشفاء للمرضى، والتجربة خير برهان!

    أما أولئك الذي يعجزون عن فعل المعجزات ممن يؤمن بقدسية هذا النص، فهؤلاء لا إيمان لهم، إذ يحكى متى عن تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد ليسألوه عن سبب إخفاقهم في شفاء المصروع فأجابهم : " لعدم إيمانكم، فالحق الحق أقول لكم : لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم " ( متى 17/20 ).

    وعليه فكل مؤمن نصراني يستطيع إحياء الموتى وشفاء المرضى وإخراج الشياطين...، وإن لم يصنع ذلك فليس بمؤمن.

    ويبالغ يوحنا في عرضه للمعجزات التي يتوارثها النصارى عن المسيح، إذ يقول في نص آخر بأن المسيح قال لليهود: " الحق الحق أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد " وفهم اليهود منه موتاً حقيقياً فقالوا: " ألعلك أعظم من أنبياء إبراهيم الذي مات، والأنبياء ماتوا " فلم يتهمهم بسوء الفهم بل قال لهم: " إن كنت أمجد نفسي فليس مجدي شيئاً، أبي هو الذي يمجدني" ( يوحنا 8/51 - 54 ).

    إذاً هذه النصوص تتحدث عن معجزات يصنعها المؤمنون، فهل تحقق شيء منها ؟

    هل حقق آباء الكنيسة فضلاً عن بقية المؤمنين أمثال معجزة المسيح أو أفضل منها؟ هل أحيوا موتى؟ هل شفوا مرضى؟ هل أتقنوا لغات عدة وصاروا يتكلمون بألسنة مختلفة؟ أم هم غير مؤمنين فلم تقع منهم هذه المعجزات.

    ولو كانت هذه النصوص حقاً من أقوال المسيح لما مات بابوات الكنيسة، ولما رأينا القسس يجتهدون في تعلم اللغات للتبشير ثم لا ينجحون، ولو كان حقاً لما مات البابا اسكندر السادس مسموماً !!

    وفي مناظرة ديدات لكبير قساوسة السويد ستانلي شوبرج وقف واحد من الجمهور، وقرأ على القس شوبرج نص مرقس ( 16/16 - 18)، وطلب إليه إن كان مؤمناً أن يشرب زجاجة سُم رفعها الرجل بيده قائلاً : " اشرب هذا السائل السام المميت ولا تمت، لأن عندك إيمان بألوهية يسوع، وعندك إيمان بصدق ".

    فتغير وجه شوبرج، وتلعثم في القول، وقال: " إننا لو شربنا شيئاً ساماً لا نموت. إن هذا أمر غريب، أنا مؤمن بالله وبالروح القدس كحقيقة، الروح القدس يخبرنا ماذا سيحدث لنا. لقد قالت لي زوجتي منذ ثلاثين يوماً : يا استانلي كن حذراً، إن شخصاً ما سيغتالك بالسم... أنا أرى الشيطان بداخلك ( للسائل )، أنا لا أريد أن أقوم باستعراض... ". ثم حمل السمّ وصبه في حوض الزرع.

    ومن الأمور التي ذكرتها الأناجيل أيضاً، ويكذبها واقع الناس ما جاء في مرقس أن بطرس قال للمسيح: " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك، فأجاب يسوع وقال: أقول لكم : ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً، مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية " ( مرقس 10/28 - 30 ) ومثله في متى : " يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية " ( متى 19/29 )، وفي لوقا: " يأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة " ( لوقا 18/28 - 30 ).

    وحار المحققون في فهم كيفية الحصول على هذا التعويض، كيف يمكن للإنسان أن يصبح عنده أمهات وآباء كثر... وإذا فُهم أن الآباء والإخوة والأمهات أمور مجازية، فكيف يفهم تعويض الحقول والزوجات؟ ومتى رأينا ذلك لأحد أولئك الذين يهجرون أوطانهم للتبشير، فيتركون أمهاتهم وأخواتهم وأموالهم، متى أعطوا جزاء في الدنيا مائة ضعف.

    والنص واضح الدلالة أنه يتحدث عن جزاء دنيوي " مع اضطهادات "، " في هذا الزمان " ثم وعد بالحياة الأبدية في الآخرة.

    فهذا النص من الكذب، ولو كان حقاً لرأينا الناس يسرعون إلى إجابة هذه الدعوة، ولكشفت التجربة الواقعة منها عن معطيات يستبق الناس إليها ويقتتلون من أجلها.

    التعويض السريع في الدنيا

    ومن الأمور التي ذكرتها الأناجيل أيضاً، ويكذبها واقع الناس ما جاء في مرقس أن بطرس قال للمسيح: " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك، فأجاب يسوع وقال: أقول لكم : ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً، مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية " ( مرقس 10/28 - 30 ) ومثله في متى : " يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية " ( متى 19/29 )، وفي لوقا: " يأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة " ( لوقا 18/28 - 30 ).

    وحار المحققون في فهم كيفية الحصول على هذا التعويض، كيف يمكن للإنسان أن يصبح عنده أمهات وآباء كثر... وإذا فُهم أن الآباء والإخوة والأمهات أمور مجازية، فكيف يفهم تعويض الحقول والزوجات؟ ومتى رأينا ذلك لأحد أولئك الذين يهجرون أوطانهم للتبشير، فيتركون أمهاتهم وأخواتهم وأموالهم، متى أعطوا جزاء في الدنيا مائة ضعف.

    والنص واضح الدلالة أنه يتحدث عن جزاء دنيوي " مع اضطهادات "، " في هذا الزمان " ثم وعد بالحياة الأبدية في الآخرة.

    فهذا النص من الكذب، ولو كان حقاً لرأينا الناس يسرعون إلى إجابة هذه الدعوة، ولكشفت التجربة الواقعة منها عن معطيات يستبق الناس إليها ويقتتلون من أجلها.

    الأرض كروية أم مسطحة؟

    ويتحدث سفر الرؤيا عن الأرض وقد رآها يوحنا مسطحة لها أربع زوايا، ويقف ملَك عند كل زاوية من الزوايا الأربع، يقول يوحنا: "وبعد هذا رأيت أربعة ملائكة واقفين على أربع زوايا الأرض، ممسكين أربع رياح الأرض، لكي لا تهب ريح على الأرض ولا على البحر ولا على شجرة ما" (الرؤيا 7/1)، وقد أعاد يوحنا ذكر زوايا الأرض الأربعة ثانية في قوله: "ثم متى تمت الألف السنة يُحَل الشيطان من سجنه، ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض" (الرؤيا 20/7).

    وأكد متى هذا التصور للأرض حين تحدث عن تجربة إبليس للمسيح، فعندما أراد أن يريه جميع ممالك الأرض أصعده إلى جبل عال، فرأى جميع العوالم والممالك، " ثم أخذه أيضاً إبليس إلى جبل عال جداً، وأراه جميع ممالك العالم ومجدها" (متى 4/8).

    والذي مكنه من رؤيتها علو الجبل الذي صعد عليه، وهذا قد يستقيم فيما لو كانت الأرض مسطحة، لكنه يستحيل مع كرويتها، كما لا يخفى.

  7. #37
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    أغلاط بشهادة العقل


    كما ثمة أغلاط في الأناجيل يشهد العقل بأنها لا تصدر عن الوحي، لأنه أي العقل يشهد بخطئها وجهل قائلها بقوانين الله في الطبيعة.

    نجم يتمشى في سماء أورشليم

    ذكر متى قصة المجوس الذين جاءوا للمسيح عند ولادته وسجدوا له فقال: " ولما ولد يسوع في بيت لحم في أيام هيردوس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود ؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق، وأتينا لنسجد له … ذهبوا إذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء، ووقف فوق حيث كان الصبي، فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً..." (متى 2/1-10).

    فعند عرض القصة على العقل فإنه يرفضها لأمور :

    -أن متى يتحدث عن نجم يمشي، وحركته - على رغم بعده الهائل - ملحوظة على الأرض تشير إلى بعض أزقة أورشليم دون بعض، ثم إلى بيت من بيوتها، حيث يوجد المسيح، فيتوقف وهو في السماء ،فكيف مشى، وكيف دلهم على البيت، وكيف وقف ؟!! وكيف رأوا ذلك كله ؟ أسئلة ليس لها إجابة.

    - كيف عرف المجوس خبر المسيح ونجمه وهم لا يعرفون الله؟ وكيف يسجدون لنبي وهم لا يؤمنون بدينه؟ فهذا من الكذب بدليل أن أحداً من قدماء المجوس ومؤرخيهم لم ينقل مثل هذا، وكذلك لم ينقله الإنجيليون الآخرون، ومنهم لوقا الذي تتبع كل شيء بتدقيق.

    -ثم لماذا تحمل المجوس عناء هذه الرحلة الطويلة؟ هل لمجرد أن يسجدوا بين يديه ويقدموا له الهدايا ثم يعودون!!؟

    -كما يتحدث النص عن اهتمام الوالي هيرودس بأمر المولود وأنه أضمر قتله، وطلب من المجوس أن يخبروه إذا وجدوا الطفل ليسجد له، ثم أُوحي للمجوس في المنام أن لا يرجعوا لهيرودس، ففعلوا، فلو كان اهتمام هيرودس حقاً لقام معهم إلى بيت لحم وهي على مقربة من أورشليم، أو لأرسل معهم خاصته، إذ الموضوع بالنسبة إليه جِدُّ خطير.

    وأما ما ذكره متى عن قتل هيرودس للأطفال بعد تواري المجوس قبل أن يقف على الطفل فهذا كذب بدليل أن أحداً من المؤرخين لم يذكره على أهمية هذا الحدث، كما ننبه إلى أن هيرودس الكبير قد مات قبل الميلاد بأربع سنوات كما تذكر ذلك كافة المصادر التاريخية.

    الركوب على الجحش والأتان معاً

    ومما يكذبه العقل ولا يتصوره ما ذكره متى عند حديثه عن دخول المسيح أورشليم فقال: "وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما، فجلس ( أي المسيح ) عليهما " ( متى 21/7 ) فجلوس المسيح على الجحش والأتان معاً لا يتصوره العقل.

    وهو غلط وكذب أراد متى من خلاله أن يحقق نبوءة توراتية " فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون: هو ذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان" (متى 21/4-5).

    عجائب متى عند موت المصلوب

    ومثله يرفض العقل ما حكاه متى من عجائب حصلت عند موت المسيح يقول: " وأسلم الروح، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين "
    ( متى 27/51 - 54 ).

    والقصة من الغلط بل والكذب، إذ لم يعهد مثل هذه العودة للقديسين والراقدين، ولم يعهد أن عاد هؤلاء أو غيرهم من الموت.

    ثم ماذا بعد العودة هل تزوجوا؟ وهل عادوا لبيوتهم؟ أم ماتوا بعدها؟ أم..، ثم ماذا كانت ردة فعل اليهود وبيلاطس والتلاميذ أمام هذا الحدث العظيم؟

    الإجابة : لا شيء. إذ لم يذكر شيء عند متى ولا عند غيره ممن لم يذكر هذه العجائب، ولو كانت حقاً لسارت في خبرها الركبان، ولآمن الناس بالمسيح حينذاك، يقول الأب كننغسر : يجب الامتناع عن الهزأ
    (أي بمثل هذه الأخبار )، لأن نية متى كانت محترمة جداً، إنه يدمج المعطيات القديمة للرواية الشفهية مع مؤلَفه، ولكن يبقى إخراجه لائقاً بعيسى، المسيح النجم.

    وقال نورتن الملقب بحامي الإنجيل :" هذه الحكاية كاذبة، والغالب أن أمثال هذه الحكايات كانت رائجة عند اليهود بعد ما صارت أورشليم خراباً، فلعل أحداً كتب في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى، وأدخلها الكاتب في المتن، وهذا المتن وقع في يد المترجم، فترجمها على حسبه".

    ونقول ما قاله العلامة أبو زهرة: " لعل كثيراً مما في المتن أصله في الحاشية ثم نقل خطأ في المتن"، فكيف يتسنى لنا بيان هذا الزائف وإخراجه من الكتاب؟

    كيف اختفت هذه الأغلاط وغيرها عن أعين النصارى


    لقد بقيت هذه الأغلاط وغيرها حبيسة دفتي الكتاب المقدس قروناً طويلة، بقي خلالها الكتاب المقدس حكراً على رجالات الكنيسة بعيداً عن أيدي العامة.

    ولما ظهرت الطباعة وانتشرت نسخ الكتاب المقدس في القرن السادس عشر أكد آباء الكنيسة أن شرح الأناجيل وفهم ما فيها هو من اختصاص البابا الذي يُعينه في ذلك روح القدس.

    بيد أن مارتن لوثر وأتباعه رفضوا هذه الخصوصية للكنيسة، وطالبوا بأن يكون حق قراءة وفهم الكتاب المقدس لكل أحد، فانعقد مجمع تريدنت نوتردام في 1542 - 1563م للرد على دعوة لوثر.

    وكان من قراراته : " إذا كان ظاهراً من التجربة أنه إذا كان الجميع يقرؤون في الكتب باللفظ الدارج، فالشر الناتج من ذلك أكثر من الخير، فلأجل هذا ليكن للأسقف أو القاضي في بيت التفتيش سلطان حسب تميزه بمشورة القس أو معلم الاعتراف ليأذن في قراءة الكتاب باللفظ الدارج لأولئك الذين يظنون أنهم يستفيدون، ويجب أن يكون الكتاب مستخرجاً من معلم كاثوليكي، والإذن المعطى بخط اليد، وإن كان أحد بدون الإذن يتجاسر أن يتجرأ أو يأخذ هذا الكتاب فلا يسمح له بحل خطيئته حتى يرد الكتاب إلى الحاكم ".

    ويبدو في قرار المجمع هروب وهلع من اكتشاف العامة لأغلاط الكتاب المقدس وما فيه من المفاسد، وهو ما يؤكده بعض المحققين، حين يربطون بين الإلحاد الذي شاع في أوربا وانتشار نسخ الكتاب المقدس وإطلاع العامة على ما فيه.

    رأي النصارى في أغلاط الكتاب الأناجيل


    وبعد : لعل المرء يتساءل ما هو رأي النصارى بأغلاط الأناجيل ؟ وهل يقرونها ؟

    في الإجابة نقول : لا ريب أن أتباع الكنيسة الذين أغلقوا عقولهم في وجه الحقيقة يرفضون أن يحوي الإنجيل غلطاً، لأن روح القدس لا يغلط، ومن هؤلاء الدكتور القس شروش حيث يقول : " إنا نعلم أن الإنجيل هو وحي الله، لأن التنبؤ بالأحداث قد تم قبل وقوع الأحداث بقرون، إن للإنجيل تأثيره على المجتمعات البشرية طالما تم الإيمان به والعمل بمقتضاه. أكثر من ذلك فإن دقة الإنجيل قد وجدت من يتحداها، ولكنها لم تجد من ينجح في التحدي ".

    ويقول أيضاً : " إن صحة محتويات الإنجيل قد أثبتتها الوثائق التاريخية والحفريات الأثرية والوثائق القديمة، وتوجد الآن أكثر من خمس وعشرين ألف وثيقة من الوثائق المقدسة بالمتحف البريطاني من أجلكم، لكي تتأكدوا من صحة مشيئة الله ".

    ولما كانت الحقيقة - بوجود الغلط في الأناجيل والرسائل - ساطعة كالشمس عمل بعض علماء النصرانية على التخلص من هذه الأغلاط بالإقرار بأن الإلهام لم يكن مصاحباً للإنجيليين حال كل كتابة كتبوها، يقول هورن: " إذا قيل إن الكتب المقدسة أوحي بها من عند الله لا يراد أن كل الألفاظ والعبارات من إلهام الله... ولا يتخيل أنهم كانوا يلهمون في كل أمر يبينونه، وفي كل حكم كانوا يحكمون به ".

    وتقول دائرة المعارف البريطانية: " وقع النزاع في أن كل قول مندرج في الكتب المقدسة هل هو إلهامي أم لا ؟ وكذا كل حال من الحالات المندرجة فيها، فقال جيروم وكثيرون : ليس كل قول إلهامي... الذين قالوا: إن كل قول إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة ".

    وهذا القول يطالب قائلوه بتعيين المواضع غير الإلهامية وإقامة الدليل على خصوصها بعدم الإلهام أو إقامة الدليل على خصوص المواضع التي يقولون بإلهاميتها، وإذا لم يتم ذلك وجب التوقف في شأن الكتب المقدسة، إذ فيها ما هو عمل بشري لا يجوز اعتباره مصدراً دينياً.

  8. #38
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    تناقضات الأناجيل


    (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) (سورة النساء، آية : 82 ).

    أمثلة التناقض في العهد الجديد


    ضرب المحققون عشرات الأمثلة لتناقض الأناجيل الأربعة والرسائل الملحقة بها، منها ما يتعلق ببعض الأحداث التي تقصها الأناجيل، ومنها ما يجعل المسيح متناقضاً مع نفسه ومنها على الخصوص تلك التناقضات المتعلقة بروايات حادثة الصلب، ومنها تلك التي خالف فيها الإنجيليون ما في العهد القديم، فبدلوا في رواياته أو أخطئوا، فحصل منهم التناقض:

    أولاً: تناقضات الإنجيليين في رواياتهم بعض الأحداث

    نسب المسيح

    لعل أهم وأصرح تناقضات العهد الجديد تناقض متى ولوقا في نسب يوسف النجار، فقد اختلفا اختلافاً لا يمكن الجمع فيه، كما تناقض لوقا ومتى مع ما جاء في سفر الأيام الأول، وهو يتحدث عن بعض ملوك إسرائيل الذين جعلهم متى من أجداد المسيح.

    يقول متى: " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم. إبراهيم ولد إسحق. وإسحق ولد يعقوب. ويعقوب ولد يهوذا وإخوته، ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد حصورن. وحصرون ولد أرام، وأرام ولد عمينا داب. وعمينا داب ولد نحشون. ونحشون ولد سلمون، وسلمون ولد بوعز من راحاب. وبوعز ولد عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد يسى، ويس ولد داود الملك.

    وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا، وسليمان ولد رحبعام. ورحبعام ولد أبيا. وأبيا ولد آسا. وآسا ولد يهوشافاط. ويهوشافاط ولد يورام. ويورام ولد عزيا. وعزيا ولد يوثام. ويوثام ولد أحاز. وأحاز ولد حزقيا. وحزقيا ولد منسي. ومنسي ولد آمون. وآمون ولد يوشيا. ويوشيا ولد يكنيا وإخوانه عند سبي بابل.

    وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتئيل. وشألتئيل ولد زربابل. وزربابل ولد أبيهود. وأبيهود ولد ألياقيم. وألياقيم ولد عازور. وعازور ولد صادوق. وصادوق ولد أخيم. وأخيم ولد أليود. وأليود ولد أليعازر، وأليعازر ولد متان. ومتان ولد يعقوب. ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع، الذي يدعى المسيح.

    فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً. ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً " ( متى 1/1 - 17 ).

    لكن لوقا يورد نسباً آخر للمسيح يختلف تمام الاختلاف عما جاء في متى يقول لوقا :" ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو - على ما كان يظن - ابن يوسف بن هالي، بن منثات بن لاوي بن ملكي بن ينا بن يوسف بن متاثيا ابن عاموص بن ناحون بن حسلي بن نجاي، بن ماث بن متاثيا بن شمعي بن يوسف بن يهوذا، بن يوحنا بن ريسا.

    ابن زربابل بن شألتئيل بن نيري، بن ملكي بن أدى بن قصم بن ألمودام بن عير، بن يوسي بن أليـعازر بن يوريم بن متثات بن لاوي. بن شمعون بن يوذا بن يوسف بن يونان بن ألياقيم بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود.

    ابن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن أرام بن حصورن بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن تارح بن ناحور، بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن فينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن أخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله " ( لوقا 3/23 - 38 ).

    توقف المحققون ملياً عند التناقض في نسب المسيح، وقد استوقفتهم ملاحظات منها :

    - أن متى ولوقا اتفقا في ابتداء النسب بيوسف النجار، ثم افترقا ليلتقيا من جديد بزربابل بن شألتئيل، حيث جعله متى الجد العاشر ليوسف، فيما جعله لوقا الجد التاسع عشر ليوسف النجار، ثم اختلف الإنجيليان من جديد اختلافاً كبيراً، فقد جعل متى المسيح من ذرية ملوك بني إسرائيل سليمان ثم رحبعام ثم أبيا ثم آسا ثم يهوشافاط....، بينما يجعله لوقا من نسل ناثان بن داود، وليس في أبنائه من ملك على بني اسرائيل.

    -ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين، أي سليمان وناثان ابنا داود عليه السلام، كما لا يعقل أيضاً ذات الأمر بخصوص زربابل وأبوه شألتئيل، فإما أن يكونوا (المسيح وزربابل وشألتئيل) من نسل سليمان أو من ذرية أخيه ناثان.

    -وأيضاً بلغ الاختلاف بين القوائم الثلاث مدى يستحيل الجمع فيه على صورة من الصور، فالاختلاف في أعداد الأجيال كما الأسماء، وثمة خلل في الأنساب وإسقاط لعدد من الآباء.

    -وقد حرص متى على تقسيم سلسلة الأنساب التي ذكرها إلى ثلاثة مجموعات في كل منها أربعة عشر أباً فيقول: " فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً، ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً، ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً " ( متى 1/17 ).

    لكن متى لم يوف بالأرقام التي ذكرها، إذ لم يذكر بين المسيح والسبي سوى اثني عشر أباً. وقد تصرف متى في المجموعة الثانية، فأسقط عدداً من الأسماء ليحافظ على الرقم 14، فأسقط ما بين يورام وعزيا ثلاثة آباء، هم أخزيا بن يورام وابنه يواشى وابنه أمصيا والد عزيا.

    ولعل صورة التناقض والتلاعب تتضح إذا تأملنا في الجدول الذي يقارن بين سلسلتي لوقا ومتى، ونضع إلى جوارهما ما جاء في سفر (الأيام (1) 3/10-19)، لنقف على الأسماء التي أسقطها متى، لتنتظم له سلسلته التي أرادها، فقد غيّر في نسب المسيح، لتتناسب وحساباته الخاصة:

    والسؤال كيف يجمع علماء الكتاب المقدس بين تناقضات أنساب المسيح ؟

    قال بعضهم: " لا يراد من هذا شجرة نسب كامل، … أسماء قد سقطت من بعض الإنجيليين، وهذا للتوضيح الموصل إلى الرغبة بإثبات سلالة مؤسسة على الصحة التاريخية في خطوطها العريضة أو عناصرها الأساسية ".

    ولكن بوكاي لا يرى هذا التبرير مقبولاً، لأن النصوص لا تسمح بمثل هذا الافتراض، إذ أن نص التوراة الذي اعتمد عليه الإنجيليون يقول : فلان في عمر كذا أنجب كذا، ثم عاش كذا من السنين، وهكذا فليس ثمة انقطاع.

    ويقول صاحب كتاب " شمس البر ": "معرفتنا بطريقة تأليف جداول النسب في تلك الأيام قاصرة جداً "، ويعلق بوكاي: " لاشك أن نسب المسيح في الأناجيل قد دفع المعلقين المسيحيين إلى بهلوانيات جدلية متميزة صارخة تكافئ الوهم والهوى عند كل من لوقا ومتى ".

    لكن النتيجة الخطيرة والمهمة المترتبة على وجود هذا التناقض هي : أن إنجيل متى لم يكن معروفاً للوقا مع أنه قد سبقه بنحو عشرين سنة، ولو كان لوقا يعرفه، أو يعتبره إنجيلاً مقدساً لراجعه ولما خالفه، فدل ذلك على عدم وجود إنجيل متى يومذاك، أو إسقاط الاعتبار له.

    ثم ماذا عن يوحنا ومرقس لم أهملا نسب المسيح، فلم يذكراه ؟ هل يرجع ذلك لشكهما في صحة متى ولوقا أم خوفاً من سخرية اليهود أم..... ؟

    أسماء التلاميذ الاثني عشر

    ومن التناقضات بين الأناجيل أيضاً اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ الاثني عشر، إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى، وبيانه :

    أن أسماء التلاميذ ذكرها متى في إنجيله ( 10/1 - 4 )، ومرقس أيضاً ( انظر 3/16 )، وذكرها لوقا في إنجيله في ( 6/14 ) ثم في أعمال ( 1/13 ).

    وتتشابه القوائم الأربعة في تسعة أسماء وهي سمعان بطرس، وأخوه اندرواس، ويعقوب بن زبدي، وأخوه يوحنا، وفيلبس، وبرثو لماوس، وتوما، ومتى، ويعقوب بن حلفي.

    ويتفق متى ومرقس ولوقا على ذكر يهوذا الأسخريوطي، فيما أهمل في أعمال الرسل، وهو ما يمكن أن نعتبره توافقاً، إذ قد أهمل ذكر التلميذ الخائن.

    وأما الاسمان الباقيان، فتختلف القوائم فيهما اختلافاً بيناً، فيذكر متى ومرقس اسم سمعان القانوي، فيما يذكر لوقا في الإنجيل والأعمال سمعان الغيور.

    ويذكر متى ومرقس اسم تداوس فيكملان به الاثني عشر، فيما يذكر لوقا في إنجيله وأعمال الرسل يهوذا بن حلفي.

    وإذا كانت الأناجيل تختلف بأمر بمثل هذه الأهمية والوضوح، فكيف لنا أن نثق بما وراء ذلك من أخبار ووقائع وتفصيلات تعرضها عن حياة المسيح وغيره.

    هل أوصى المسيح تلاميذه بأخذ العصا أم أوصاهم بتركها؟

    ومن التناقضات أن مرقس يذكر وصية المسيح لتلاميذه بعد أن أعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة فقال : "وأوصاهم أن لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصا فقط، لا مزوداً ولا خبزاً ولا نحاساً في المنطقة، بل يكونوا مشدودين بنعال، ولا يلبسوا ثوبين " ( مرقس 6/8 - 9 ).

    لكن الوصية في لوقا تتفق مع مرقس في أمور وتختلف في أخرى فقد جاء فيها: " وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى، وقال لهم: لا تحملوا شيئاً للطريق، لا عصا ولا مزوداً ولا خبزاً، ولا فضة ولا يكون للواحد ثوبان " ( لوقا 9/2-3). فقد تناقضا في وصية المسيح بخصوص العصا.

    كما ناقض إنجيلُ متى القديسَ مرقس في حمل العصا والأحذية، إذ نسب للمسيح قوله: "لا تقتنوا ذهباً ولا فضة، ولا نحاساً في مناطقكم، ولا مزوداً للطريق ولا ثوبين، ولا أحذية ولا عصا" (متى 10/9-10)، فقد نص متى على منعهم من اقتناء (أي تملك) الأحذية والعصا، مخالفاً ما جاء في إنجيل مرقس.

    هل حضر القائد إلى المسيح؟

    ويذكر متى أن المسيح عندما دخل كفر ناحوم " جاء إليه قائد مائة يطلب إليه ويقول : يا سيدي، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً متعذباً جداً " ( متى 8/5 - 7 ).

    ويروي لوقا القصة وذكر بأن القائد لم يأت للمسيح بل " فلما سمع عن يسوع (أي القائد) أرسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده، فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد.." (لوقا 7/3 - 4 )، فهل حضر القائد أم لم يحضر.

    هل سمعوا صوت الله أم أن الله لا يسمع صوته

    يتحدث يوحنا عن الله الآب فيقول: "والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي، لم تسمعوا صوته قط ولا رأيتم هيئته" (يوحنا 5/37)، وعليه فإن أحداً لم يسمع صوت الله.

    في حين أن الإنجيليين الثلاثة يتحدثون عن صوت لله سمعه الناس بعد عمادة المسيح على يد يوحنا المعمدان، يقول مرقس: "وكان صوت من السماوات: أنت ابني الحبيب الذي به سررتُ" (مرقس 1/11)، و(انظر متى 17/5، ولوقا 3/22)، فكيف يتحدث الإنجيليون عن صوت الله وهو يبشر بالمسيح في حين أن يوحنا يذكر أن أحداً لم يسمع صوت الله ولم يره؟

    هل يوحنا المعمدان هو إيلياء؟

    ويذكر يوحنا أن الكهنة واللاويين أرسلوا إلى يوحنا المعمدان ليسألوه : من أنت ؟ فسألوه وقالوا : " أأنت إيليا ؟ فقال : لست أنا " (يوحنا 1/20 - 22).

    لكن متى يذكر أن المسيح قال عنه بأنه إيليّا " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه.. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليّا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع" ( متى 11/14 ).

    وفي موضع آخر قال المسيح، وهو يقصد يوحنا : " ولكني أقول لكم : إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا " (مرقس 9/13)، فلزم من هذا التناقض تكذيب أحد النبيين أو تكذيب كتبة الأناجيل، وهو الصحيح.

    متى يبست التينة؟

    وتتحدث الأناجيل عن إتيان المسيح شجرة تين، فلما وجدها غير مثمرة دعا عليها قائلاً: " لا تخرج منك ثمرة إلى الأبد، فيبست تلك الشجرة للوقت، فنظر التلاميذ وتعجبوا " ( متى 21/19 – 20 )، إذاً كان يباسها في الحال.

    وهذا ما يناقضه مرقس، إذ ذكر دعاء المسيح على الشجرة ثم " لما صار المساء خرج إلى خارج المدينة، وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول، فتذكر بطرس، وقال له: يا سيدي، انظر التينة التي لعنتها قد يبست! " ( مرقس 11/19 – 20 )، ومعنى هذا أنها لم تيبس في الحال، كما لم يكتشف التلاميذ يباسها إلا في الغد.

    أم المجنونة، كنعانية أم فينيقية؟

    وجاءت المرأة تشكو إلى المسيح مرض ابنتها بالجنون، وهذه المرأة عند متى " كنعانية " ( متى 15/22 )، غير أنها عند مرقس " فينيقية سورية " ( مرقس 7/26 )، فأيهما الصحيح ؟

    متى حصلت قصة تطييب المرأة لقدمي المسيح؟

    وتتحدث الأناجيل الأربعة عن قصة المرأة الخاطئة التي دهنت قدمي المسيح بالطيب ومسحت قدميه بشعرها، ويختلف الإنجيليون في تحديد الوقت الذي جرت فيه القصة، فقد جعلها لوقا في أوائل تبشير المسيح، في حين جعلها الآخرون متلازمة مع قصة الصلب، واختلفوا هل كانت قبل الفصح بيومين أم قبله بستة أيام.

    أما لوقا جعل القصة من أوائل قصص المسيح (انظر لوقا 7/36-50) وإبان حياة يوحنا المعمدان، فقد ذكر لوقا قصة إرسال المعمدان تلاميذه إلى المسيح في نفس الإصحاح (انظر لوقا 7/19-23).

    لكن مرقس يزعم أن هذه القصة حدثت قبل عيد الفصح بيومين "كان الفصح وأيام الفطير بعد يومين، وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه. ولكنهم قالوا: ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب.... جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن" ( 14/1-4 )، والفصح الذي يتحدث عنه مرقس في أواخر تبشير المسيح، أي العيد الذي حصلت فيه حادثة الصلب.

    وأما يوحنا فجعل القصة قبل الفصح بستة أيام، بدلاً من يومين، يقول يوحنا: " ثم قبل الفصح بستة أيام.. فأخذت مريم منّاً من طيب ناردين خالص كثير الثمن، ودهنت قدمي يسوع ومسحت " ( 12/1-3)، وهو يتحدث عن ذات الفصح الذي تحدث عنه مرقس، أي الذي سبق أحداث الصلب، فمتى حصلت القصة؟ وهل أخطأ روح القدس في إبلاغ بعضهم؟ أم أن الإنجيليين كانوا هم المخطئين؟

    هل جرب إبليس المسيح على الجبل أولاً أم في الهيكل؟

    ويتحدث الإنجيليون عن تجربة إبليس للمسيح في موضعين، أحدهما في القدس عند الهيكل، والثانية عند جبل عال جداً، لكن الإنجيليين يختلفون في ترتيب الحدثين، فمتّى يرى أن تجربة الهيكل أولاً ثم تلته تجربة الجبل، فيقول: "ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل، وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل.. ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبل عال جداً، وأراه جميع ممالك العالم ومجدها" (متى 4/5-8).

    وهذا الترتيب يخالف فيه لوقا ، والذي يرى أن تجربة الجبل حصلت أولاً "ثم أصعده إبليس إلى جبل عال، وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له إبليس: لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهنّ ... ثم جاء به إلى أورشليم، وأقامه على جناح الهيكل، وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل" (لوقا 4/5-9)، فأي التجربتين كانت أولاً؟ إنها إحدى معضلات العهد الجديد.

    متى ظهر إيليا وموسى للتلاميذ؟

    ويتحدث الإنجيليون عن ظهور موسى وإيليا أمام التلاميذ بعد أن ذهبوا مع المسيح إلى جبل للصلاة، وذلك بعد مغادرة المسيح قيصرية بعدة أيام، اختلف الإنجيليون هل كانت ستة أيام أم ثمانية أيام، يقول لوقا: "وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلّي" (لوقا 9/28).

    ويخالفه متى فيقول: "وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه، وصعد بهم إلى جبل عال منفردين" (متى 17/1)، فهل كان ظهور موسى وإيليا بعد ستة أيام أم ثمانية؟.

    أين كانت موعظة المسيح؟

    ويذكر الإنجيليون موعظة المسيح الطويلة لتلاميذه، والتي عزّى فيها الفقراء والجياع، وتهدد الأغنياء والمتخمين، لكنهم اختلفوا في الموضع الذي كانت فيه الموعظة ، "ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل، فلما جلس تقدم إليه تلاميذه .. " (متى 5/1)، فمتّى يرى أن الموعظة كانت على الجبل.

    وهو ما يخالفه فيه لوقا، والذي يجعل الموعظة في سهل، لا في الجبل، فيقول: "ونزل معهم، ووقف في موضع سهل هو وجمع من تلاميذه .." (لوقا 6/17).

    نهاية يهوذا

    ويتحدث العهد الجديد عن نهايتين مختلفتين للتلميذ الخائن يهوذا الأسخريوطي الذي خان المسيح، وسعى في الدلالة عليه وتسليمه مقابل ثلاثين درهماً من الفضة، فيقول متى: " لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، قائلاً: قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً. فقالوا: ماذا علينا؟ أنت أبصر. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه، فأخذ رؤساء الكهنة الفضة، وقالوا: لا يحل أن نلقيها في الخزانة، لأنها ثمن دم. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم" (متى 27/2-5).

    ولكن سفر أعمال الرسل يحكي نهاية أخرى ليهوذا وردت في سياق خطبة بطرس، حيث قال: "أيها الرجال الإخوة، كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع، إذ كان معدوداً بيننا، وصار له نصيب في هذه الخدمة، فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها، وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم، حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما، أي حقل دم" (أعمال 1/16-20).

    فقد اختلف النصان في جملة من الأمور:

    -كيفية موت يهوذا، فإما أن يكون قد خنق نفسه ومات " ثم مضى وخنق نفسه"، وإما أن يكون قد مات بسقوطه، حيث انشقت بطنه وانسكبت أحشاؤه فمات " وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها "، ولا يمكن أن يموت يهوذا مرتين، كما لا يمكن أن يكون قد مات بالطريقتين معاً.

    -من الذي اشترى الحقل، هل هو يهوذا " فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم"، أم الكهنة الذين أخذوا منه المال " فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري "؟

    -هل مات يهوذا نادماً " لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم...قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً" أم معاقباً بذنبه كما يظهر من كلام بطرس؟

    -هل رد يهوذا المال للكهنة " وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ "، أم أخذه واشترى به حقلاً " فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم "؟

    -هل كان موت يهوذا قبل صلب المسيح وبعد المحاكمة " ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي، حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم... فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه " أم أن ذلك كان فيما بعد، حيث مضى واشترى حقلاً ثم مات في وقت الله أعلم متى كان؟

    -هل سمي الحقل حقل دم لأنه كان ثمناً لدم المسيح " فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا: لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم، فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء، لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم"، أم لأن دم يهوذا قد سال فيه لما انشق بطنه " فإن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها، وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم، حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما، أي حقل دم".

  9. #39
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    ثانياً: هل يتناقض المسيح؟

    وتظهر الأناجيل المسيح متناقضاً مع نفسه في أقواله، ومرد ذلك إلى تناقض الإنجيليين الأربعة، أو تناقض الواحد منهم مع نفسه.

    بطرس شيطان أم رسول؟

    يتناقض متى في صفحة واحدة وهو يتحدث عن رأي المسيح في بطرس، فقد قال له: " طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات.. أنت بطرس... وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات...".

    ولكنه ناقض ذلك بعده بسطور حين قال عنه: " قال لبطرس : اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي، لأنك لا تهتم بما لله، لكن بما للناس " ( متى 16/17 - 23 ).

    ثم يتحدث متى عن إنكار بطرس للمسيح في ليلة المحاكمة بل وصدور اللعن والسب منه (انظر متى 26/74 ).

    ثم يقول عنه في موضع آخر: " متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر " ( متى 19/28 )، فأي الأقوال تصدق في حق بطرس، وجميعها منسوبة للمسيح؟

    ماذا يصنع التلاميذ مع أعدائهم؟

    ويعود لوقا للتناقض فيقول على لسان المسيح: " أحبوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم، وباركوا لاعنيكم "
    ( لوقا 6/27 - 38 ).

    ثم يوقع المسيح بالتناقض عندما زعم أنه قال : " أما أعدائي الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا، واذبحوهم قدامي " ( لوقا 19/27 )، فأي الموقفين صدر من المسيح؟

    هل المحايد معنا أو ضدنا؟

    ومن التناقض الذي نسبه الإنجيليون للمسيح عليه السلام ما زعمه متى أن المسيح قال لتلاميذه: " من ليس معي فهو علي، ومن لا يجمع معي فهو يفرق " ( متى 12/30 ).

    وهذا يناقض ما ذكره مرقس عنه: " من ليس علينا فهو معنا " ( مرقس 9/40)، فبأي الهديين يهتدي التلاميذ.

    هل المطلوب بغض الوالدين أم محبتهما؟

    ومن التناقض أيضاً ما وقع فيه لوقا حين زعم أن المسيح قال: " إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته، حتى نفسه أيضاً، فلا يقدر أن يكون تلميذاً " ( لوقا 14/26 ).

    ثم في موضع آخر يذكر لوقا أن رجلاً سأل المسيح عن طريق الحياة الأبدية فكان من إجابته "أكرم أباك وأمك "
    ( لوقا 18/20 ).

    وفي مرقس أن المسيح قال: " تحب قريبك كنفسك " (مرقس 12/31 )، فهل المطلوب من التلاميذ بغض الوالدين أم محبتهما؟.

    هل مصير المسيح عليه السلام جهنم؟

    وتتناقض الأناجيل حين تذكر أن المسيح توعد الذين يشتمون إخوانهم بالنار، ثم تزعم أنه صنعه، فقد قال: " ومن قال: يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (متى 5/23).

    في حين أن لوقا زعم أن المسيح قال لتلميذيه اللذين لم يعرفاه بعد القيامة: " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء" (لوقا 24/25)، وأنه قال لبطرس : "اذهب عني يا شيطان " (متى 16/23).

    وخاطبه في موطن آخر: "يا قليل الإيمان لماذا شككت " ( متى 14/31 )، فهل يحكم النصارى على المسيح باستحقاقه النار، أم يحكمون على هذه النصوص بالقصور والتناقض

    ثالثاً: التناقض بين العهد القديم والعهد الجديد

    وكما تناقض الإنجيليون وكتاب الرسائل مع بعضهم فإنهم تناقضوا مع أسفار العهد القديم، في مختلف القضايا التي شاركوا كُتاب العهد القديم في الحديث عنها، اللاهوتية منها والتاريخية.

    التناقضات في صفات الله

    يقول يوحنا: " الله لم يره أحد قط " ( يوحنا 1/18 ) وكلامه حق.

    لكنه متناقض مع ما جاء في عدة مواضع في التوراة، منها قول يعقوب: " نظرت الله وجهاً لوجه" ( التكوين 32/30 ).

    ومثله ما جاء في سفر الخروج أن موسى أصر على رؤية الله فقال له الرب: " هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة، وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي، أما وجهي فلا يرى " ( الخروج 33/21 - 23 ).

    كما يتناقض قول يوحنا مع زعم لوقا بأن استفانوس قد رأى الله بصورته ومجده، إذ يقول: "وأما هو فشخص إلى السماء، وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجدَ الله ويسوعَ قائماً عن يمين الله. فقال: ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله" (أعمال 7/55-56).

    ويصف بولس الله عز وجل بوصف حق، فيقول: " الله ليس إله تشويش، بل إله سلام " (كورنثوس (1) 14/33 ).

    ولكنه يناقض بذلك ما جاء في سفر التكوين " وقال الرب: هوذا شعب واحد، ولسان واحد لجميعهم.. هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم، حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض، فبددوهم من هناك على وجه كل الأرض" ( التكوين 11/6-9).

    هل كل المطعومات مباحة؟

    ومن التناقضات أيضاً أن التوراة تتحدث عما يجوز أكله وما لا يجوز من الأطعمة مما ينجس أكله. ( انظر اللاويين 11/1 - 47 ).

    لكن مرقس يذكر أن المسيح خالف ذلك فقال كلاما غريباً أباح فيه كل طعام فقال: "اسمعوا مني كلكم وافهموا : ليس شيء من خارج الإنسي إذا دخل فيه يقدر أن ينجسه، لكن الأشياء التي تخرج منه هي التي تنجس ".

    وقد صعُب فهم هذا على تلاميذه فأعادوا السؤال عنه، فأعاد الجواب، وقال: " لأنه لا يدخل إلى قلبه، بل إلى الجوف، ثم يخرج إلى الخلاء، وذلك يطهر كل الأطعمة " (مرقس 7/14 - 19 ). فهذه أغرب طريقة في تطهير الطعام، وهي تناقض أحكام التوراة وتخالفها وتنقضها.

    هل انقطع المطر في السنة الثالثة أم بعدها؟

    ويذكر يعقوب في رسالته انقطاع المطر بدعاء إيليا، وأنه استمر ثلاث سنين وستة أشهر فيقول: " كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر " ( يعقوب 5/17 )

    والقصة في سفر الملوك وفيه " قال إيليا..: إنه لا يكون طل ولا مطر في هذه السنين إلا عند قولي " ( الملوك (1) 17/1 ) ثم " بعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا في السنة الثالثة قائلاً : اذهب وتراءى لأخاب فأعطي مطراً على الأرض " ( الملوك (1) 18/1 ) وفعل، فنزل المطر، وكان ذلك في السنة الثالثة، أي لم يكملها كما زعم يعقوب، بل وزاد عليها ستة أشهر.

    من الذي اشترى الأرض من شكيم؟

    ومن التناقضات أيضاً ما بين أعمال الرسل وسفر التكوين فيمن اشترى أرض شكيم من بني حمور، هل هو إبراهيم أم إسحاق ؟

    فقد جاء في أعمال الرسل " نزل يعقوب إلى مصر، ومات هو وآباؤنا، ونقلوا إلى شكيم (نابلس) ووضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمن فضة من بني حمور أبي شكيم" ( أعمال 7/15 - 16 ).

    وفي سفر التكوين أن أرض شكيم قد ابتاعها يعقوب لا إبراهيم، حيث يقول : " ثم أتى يعقوب سالماً إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان... وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمائة قسيطة " (التكوين 33/18 - 19 ).

    والخطأ من كاتب أعمال الرسل لأن الأرض التي ابتاعها إبراهيم، هي في أرض حبرون (الخليل), واشتراها من عفرون، وفيها دفن سارة، ثم دفن هو فيها كما في سفر التكوين " ووزن إبراهيم لعفرون الفضة التي ذكرها في مسامع بني حث، أربعمائة شاقل فضة.. بعد ذلك دفن إبراهيم سارة امرأته في مغارة حقل المكفيلة أمام ممرا التي هي حبرون، في أرض كنعان " (التكوين 23/16 - 19). فمن الذي اشترى أرض شكيم، يعقوب أم إبراهيم ؟

    كم سنة حكم شاول على بني إسرائيل؟

    جاء في سفر صموئيل أن شاول ملك على بني إسرائيل لمدة سنتين، حيث يقول: " كان شاول ابن سنة في ملكه، وملك سنتين على إسرائيل " ( صموئيل (1) 13/1 )، وهو مناقض لما ذكره سفر أعمال الرسل، حيث جاء فيه : "ومن ثم طلبوا ملكاً، فأعطاهم الله شاول بن قيس رجلاً من سبط بنيامين أربعين سنة" (أعمال 13/21)، فهل ملك شاول أربعين سنة أم سنتين فقط؟

    من ابن الله الذي بشّر به داود؟

    نقل بولس في رسالته إلى العبرانيين بشارة الله لداود بابنه سليمان، لكنه جعلها نبوءة بالمسيح عليه السلام، فيقول: "كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء.. صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً أفضل منهم، لأنه لمن من الملائكة قال قط: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك. وأيضا أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً" (عبرانيين 1/5).

    وقد اقتبس بولس العبارة الواردة في سفر صموئيل الثاني ( 7/14 )، وجعلها نبوءة عن المسيح، ففيه : "أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً " فقد ظن بولس أن هذه العبارة نبوءة عن المسيح عليه السلام فنقلها في رسالته.

    إلا أن هذا الاقتباس غير صحيح، فالنص جاء في سياق الحديث إلى داود، فقد أمر الله النبي ناثان أن يقول لداود: "فهكذا تقول لعبدي داود...متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أقيم نسلك الذي يخرج من أحشائك، وأثبت مملكته، هو يبني بيتاً لاسمي، وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد، أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً، وإن تعوج أودبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم..كذلك كلم ناثان داود" (صموئيل (2) 7/8-17)، فالمتنبئ عنه يخرج من أحشاء داود وليس من ذريته، وهو يملك على بني إسرائيل بعد اضطجاع داود أي موته، وهو باني بيت الله، وهو متوعد بالعذاب إن مال عن دين الله، وكل هذا قد تحقق في سليمان كما تذكر التوراة.

    إن أياً من تلك المواعيد لم يتحقق في المسيح عليه السلام، فهو عندهم إله لا يصح أن يتوعد بالعذاب من الله لأنه لا يخطئ ابتداءً، كما أنه لم يبنِ لله بيتاً، ولم يملك على بني إسرائيل يوماً واحداً، ولم يثبت كرسي مملكته، لأنه لا مملكة له أصلاً في هذا العالم كما أخبر هو فقال: "أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون، لكي لا أسلّم إلى اليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (يوحنا 18/36).

    كما جاء في سفر أخبار الأيام الأول أن اسم صاحب النبوءة يكون سليمان، فقد قال لداود: "هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة، وأريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان. فأجعل سلاماً وسكينة في إسرائيل في أيامه. هو يبني بيتا لاسمي، وهو يكون لي ابناً، وأنا له أباُ، وأثبت كرسي ملكه على إسرائيل إلى الأبد" (الأيام (1) 22/9).

    من الذي دعي من مصر؟

    ومن تحريف النبوءات المزعومة ما صنعه متى في قوله عن المسيح وعودته من مصر إبان طفولته: " كان هناك إلى وفاة هيرودس، لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : من مصر دعوتُ ابني " ( متى 2/14-15 )، فقد زعم أن ذلك يحقق النبوءة التوراتية التي في سفر هوشع (انظر هوشع 11/1-2 ).

    لكن النص الذي في هوشع لا علاقة له بالمسيح، فالنص يتحدث عن عودة شعب إسرائيل من مصر مع موسى، والحديث في أصل السياق عن يعقوب، ثم ينتقل للحديث عن أبنائه وعودتهم من مصر، ثم عبادتهم للأوثان بعد ذلك وإعراضهم عن دعوات الله لهم، فيقول: " لما كان إسرائيل غلاماً أحببته، ومن مصر دعوت ابني، كلما دعوا ولوا وجوههم، وذبحوا لبعاليم، وقربوا للأصنام " (هوشع 11/1-2 ).

    فالنص لا علاقة له بالمسيح، فعبادة الأصنام التي يتحدث عنها النص حصلت قبل المسيح، ولا تنطبق على معاصري المسيح، لأن اليهود تابوا عن عبادة الأوثان توبة جيدة قبل ميلاد المسيح بخمسمائة وست وثلاثين سنة بعدما أطلقوا من أسر بابل، ثم لم يحوموا حولها بعد تلك التوبة كما هو مصرح في كتب التواريخ.

    واستخدام هذه الصيغة ( ابني ) في شعب بني إسرائيل معهود في التوارة، فقد جاء فيها " عندما تذهب لترجع إلى مصر... فتقول لفرعون : هكذا يقول الرب: إسرائيل ابني البكر. قلت لك : أطلق ابني ليعبدني " ( الخروج4/21-23 ).

    رابعاً: النصارى بين الاعتراف بالتناقضات والمكابرة

    وتبذل محاولات يائسة وساذجة للجمع بين هذه المتناقضات وتقديمها بصورة متوافقة متكاملة، لكن التكلف يكتنف جميع هذه المحاولات التي غالباً ما تظهر باهتة، إضافة لما تحمله من صور للجمع لا دليل عليها.

    لذا فإن الفيلسوف الناقد اليهودي اسبينوزا صدق وهو يقول عن التوراة، وينطبق حديثه على العهد الجديد: " فإذا ظن أحد أني أتحدث بطريقة عامة جداً دون أساس كاف، فإني أرجو أن يكلف نفسه العناء، ويدلنا على ترتيب يقين لهذه الروايات يستطيع المؤرخون إتباعه في كتاباتهم للأخبار دون الوقوع في خطأ جسيم، وعلى المرء في أثناء محاولته تفسير الروايات والتوفيق أن يراعي العبارات والأساليب، وطرق الوصل في الكلام، ويشرحها بحيث نستطيع طبقاً لهذا الشرح أن نقلدها في كتاباتنا، ولسوف أنحني مقدماً في خشوع لمن يستطيع القيام بهذه المهمة، وإني على استعداد لأن أشبهه
    ( بأبوللو ) نفسه.

    على أني أعترف بأني لم أستطع أن أجد من يقوم بهذه المحاولة، على الرغم من طول بحثي عنه، ومع أني مشبع منذ طفولتي بالآراء الشائعة عن الكتاب المقدس، فقد كان من المستحيل ألا أنتهي إلى ما انتهيت إليه. وعلى أية حال فليس هناك ما يدعونا إلى أن نعطل القارئ هنا، وأن نعرض عليه في صورة تحد أن يقوم بمحاولة ميئوس منها".

    اعترافات بتناقضات الأناجيل


    وقليلون هم الذين يعترفون بالحقيقة، ومنهم محررو مجلة " الحقيقة المجردة ( الناصعة ) " النصرانية والتي يقول عدد يوليو 1975م منها: " هناك ادعاءات كثيرة لتناقضات في الكتاب المقدس لم يستطع العلماء حلها حتى الآن، وفيها ما يسر كل كافر ملحد، فهناك بعض الصعوبات النصية التي ما زال العلماء يتصارعون معها إلى يومنا هذا، ولا ينكر هذه الحقيقة إلا من كان جاهلاً بالكتاب المقدس ".

    ومثلهم يقول مفسرو الترجمة المسكونية للتوراة عن الأناجيل بأنها " صورة لأدب غير مترابط، مفتقر هيكله إلى حسن التتابع... يبدو أن ما فيه من تضاد غير قابل للتذليل ".

  10. #40
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    خـــاتـمـــــة


    نختم بعد هذه الجولة الطويلة فنقول بأننا نؤمن بالإنجيل الذي أنزله الله على المسيح هدى ونوراً للبشرية، ومبشراً برسالة نبينا ، وقد أضاعه النصارى
    ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به ) (سورة المائدة: 14).

    وأما ما تسطره رسائل العهد الجديد زاعمة أنه وحي الله من غير دليل ولا حجة، فقد تبين لنا بطلانه وتحريفه، وعليه سقط الاستدلال به على ما تزعمه النصارى من عقائد فاسدة لسقوط الدليل.

    وقد ثبت لدينا وبالأدلة المتكاثرة أن العهد الجديد ليس كلمة الله، بل هو كتابات لمجهولين لا تصح نسبتها إلى الحواريين، وقد اقتبس الكتاب المجهولون رواياتهم من الوثنيات القديمة. ورأينا كيف نقل بعضهم عن بعض دون التزام الأمانة العلمية في النقل.

    وثبت لدينا بتفحص أسفار العهد الجديد أن كتبتها ليسوا بملهمين لكثرة ما وقعوا فيه من أخطاء وتناقضات لا تستقيم مع دعوى النبوة والعصمة التي لم يزعموها لأنفسهم، وقد نسبهم إليها آباء الكنيسة ومجامعهم.

    وبقرار هؤلاء الآباء أضحت هذه الكتابات دون غيرها من كتابات القرن الميلادي الأول كتابات مقدسة تحمل وحي الله، فيما أصبح قراءة غيرها مستوجباً للقتل ثم للنار والطرد من رحمة الله.

    وتتابع إخفاق العهد الجديد حتى في الأمور الأخلاقية، حيث قدم مُثل وأخلاقيات تبأس معها الحياة البشرية وتتوقف عند تطبيقها الحضارات الإنسانية، وفي مقابل ذلك نسبت الأسفار الكثير من القبائح إلى المسيح عليه السلام، لتدلل من الجديد أنها ليست كلمة الله.

    وصدق الله إذ يقول: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (سورة النساء: 79).

    وإلى لقاء متجدد مع الجزء الثالث من كتاب المجموع في الرد على النصارى وعباد اليسوع .

    واللهَ نسأل أن يشرح صدورنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنه. إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتاب (البيان بما فى عقيدة النصارى من التحريف والبهتان)
    بواسطة المهدى في المنتدى منتديات الشيخ أيوب
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 16-08-2022, 11:21 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-06-2013, 07:13 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-05-2013, 04:58 PM
  4. في إثبات التحريف
    بواسطة محمد مصطفى في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10-06-2007, 12:34 AM
  5. سلسلة محاضرات الدكتور شريف حول التحريف
    بواسطة الحاتمي في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-11-2006, 01:57 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى