لماذا أنت مسيحى يا ضيفنا النصرانى ؟
------------------------------------
1- هل لأنك ولدت لأبوين مسيحيين وهذا هو قدرك المكتوب ؟
2- هل لأنك نشأت فى بيئة مسيحية ولا تتخيل أن تكون الكثرة المسيحية على خطأ والقلة المسلمة على صواب ؟
3- هل لأنك لا تعلم ما هو الإسلام بالضبط وإلام يدعو وما هى مزاياه عن المسيحية ؟
4- هل لأنك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟
5- هل لأنك ترى الإسلام دينا مليئا بالقيود والممنوعات والمحرمات والأوامر والنواهى وعلاوة على ذلك فليس به ضمان للأبدية .. بينما ترى المسيحية دين سهولة ويسر وتضمن الملكوت والغفران بلا التزامات مضجرة ؟
6- هل لأنك ترى الإسلام دينا يدعو إلى العنف والإرهاب ويرفض الحب والسلام ويستنكر ويحارب المعتقدات الأخرى .. بينما ترى المسيحية دين المحبة والتسامح ؟
7- هل لأنك مقتنع فعلا بعقلك أن المسيحية هى الدين الحق ؟
8- هل لأنك متردد وخائف تخشى أن تخسر المسيح والأبدية الموعودة وتخشى أن تتخذ (قرارا خاطئا) تندم عليه ؟
9- هل لأنك متزوج/متزوجة ولا تستطيع الإسلام كيلا تتدمر أسرتك وتخشى قطيعة الأقرباء والأصدقاء وتخشى فقدان عملك أو مركزك الإجتماعى ؟
10- هل لأنك ترى إجراءات إشهار إسلامك معقدة وأن أنظمة الدولة والكنيسة سيضطهدانك ؟
أجب نفسك بصراحة عن السبب/الأسباب الحقيقية لتمسكك بالمسيحية ورفضك الإستماع إلى دعوة الإسلام
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 20-12-2018 الساعة 09:49 AM
1- هل لأنك ولدت لأبوين مسيحيين وهذا هو قدرك المكتوب ؟
إعلم يا ضيفنا الفاضل أن الله قد خلقك أولا على الفطرة ودين الإسلام حتى قبل أن تولد وعرفك بنفسه وأشهدك على ذلك .. قال تعالى :
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)
(فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ)
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ما مِن مَولودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطرَةِ، فأبَواه يُهوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمجِّسانِه))
------------------------------------
يا ضيفنا الكريم ...
يجب أن تعلم - قبل أن تتحجج بالقضاء والقدر وتزعم أن الله تعالى هو من لم يشأ لك الهداية وأراد لك الضلال مسبقا - أن كل ما يجري في هذا الكون مهما صغر أو عظم هو بقضاء الله تعالى وقدره وسَبَق علمه به في سابق أزَلِه .. قال الله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن أحدكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطن أمه أربعين يوماً نُطْفَةً، ثم يكون عَلَقَةً مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك، ثم يُرْسَل إليه المَلَكُ؛ فينفخُ فيه الروحَ، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أو سعيدٌ))
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((كتب اللهُ مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة))
وفي سنن أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن أول ما خَلَقَ القلم، فقال له: اكتبْ؛ قال: وما أكتبُ يا ربِّ؟ قال: اكتبْ مقاديرَ كلَّ شيءٍ حتى تقوم الساعة))
ويدخل في عموم ذلك أفعالُ العباد .. وهي تشمل حركاتهم وأفكارهم واختيارهم .. فكل ما يعمله الإنسان أو يحصِّل له من خير أو شرٍّ لا يخرج عن قدرة الله تعالى ومشيئته
قال عزَّ وجلَّ : (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
وقال تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)
والإنسان ميسَّرٌ لما خلق له من جنة أو نار .. ومع ذلك فقد جعل الله تبارك وتعالى للعبد اختياراً ومشيئةً .. وأعطاه عقلاً وسمعاً وإدراكاً وإرادةً .. فهو يعرف الخير من الشرِّ والضارَّ من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه .. وأُعطاه القوة لتنفيذ ما يريد ويختار لنفسه طريق الخير أو الشر .. وبذلك تعلَّقت التكاليف الشرعية المرتبطة به من الأمر والنهي والتى على أساسها يُحاسب على أفعاله التي اختارها لنفسه .. فينال الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية .. قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) .. وقال سبحانه : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)
فأدلَّة الوحي تفيدُ بأن للإنسان كسباً وعملاً وقدرةً وإرادةً .. وبسبب تصرُّفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار
وبناءً على هذا .. فإن الإنسان مسيَّرٌ لا يخرج بشيءٍ من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته .. ومخيَّرٌ في أفعاله من خير أو شرٍّ إذ لم يُكرهْهُ أحدٌ على انتهاج هذا المسلك أو ذاك .. فالله تعالى خلق كل إنسان مسلماً مهيَّئاً لقبول الحق .. أما التهوُّد أو التنصُّر أو التمجس فأمرٌ دخيلٌ على أصل الفطرة من قِبَلِ الإنسان نفسه تقليداً لآبائه واتِّباعاً لهواه
ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((قال الله تعالى: وإنِّي خلقت عبادي حُنَفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجْتَالَتْهُم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحلَلْتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً))
فالله تعالى خلق البشر كلهم وفطرهم على التوحيد والإسلام له سبحانه.. فما من مولود إلا ويولد على الفطرة .. ثم بعد ذلك منهم من يبقى على فطرته .. ومنهم من تحرفه شياطين الإنس والجن عن فطرته السوية
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
"الكفر ليس من ذات المولود ومقتضى طبعه؛ بل إنما حصل بسببٍ خارجيٍّ، فإن سَلِمَ من ذلك السبب؛ استمرَّ على الحق"
"والمرادُ تمكُّن الناس من الهدى في أصل الجِبِلَّة، والتهيُّؤ لقبول الدين، فلو تُركَ المرءُ عليها؛ لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها؛ لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس، وإنما يُعْدَل عنه لآفة من الآفات البشرية، كالتقليد، والله خلق قلوب بني آدم مؤهَّلة لقبول الحق، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيَّات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية؛ أدركت الحق، ودين الإسلام هو الدين الحق"
ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه)) ولم يقلْ : (أو يسلمانه) لأنه يولد مسلماً فى الأصل !!
فالله تعالى لا يظلم مثقال ذرَّة .. فقد خلق الإنسان وركَّب فيه الفطرة التي هي التهيُّؤ لقبول الحق وأنعم عليه بنعمة العقل الذي يميز به بين الأشياء ثم أرسل إليه رسلاً مؤيَّدين بالمعجزات لإقامة الحُجَّة عليهم .. ولا يعذب الله أحداً -مطلقاً- حتى تقوم عليه الحجة الرِّساليَّة قال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) .. وقال : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .. وقال تعالى : (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) .. وأخبر سبحانه أن أهل النار يُقرُّون بأنهم أُنذروا وجائتهم الرسل ووصلهم البلاغ فعاندوا وكذبوا واستكبروا .. قال تعالى : (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِير)
------------------------------------
ضيفنا الفاضل :
نحن المسلمون نؤمن بالقضاء والقدر
ونؤمن بكمال الله تعالى وعدله وتنزهه عن ظلم عباده أدنى ما يكون ذلك الظلم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
ونؤمن أن الله تعالى رفيق يحب الرفق في الأمر كله، رحمن رحيم ذو رحمة واسعة هي أوسع من غضبه وانتقامه، فالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ))
ومن أجل ذلك، فالله تعالى يحب أن يمهل عباده ويحلم عليهم ويعذر إليهم .. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ))
الله سبحانه وتعالى قد هيأ لكل إنسان ما يمكنه من معرفة الخير والشر
قال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وهَدَيْنَاهُ النَّجدين)
وقال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)
فقد بَيّن لله في هذه الآيات أنه عز وجل وَهَبَ للإنسان الوسائل التي يُمْكِنُه معها معرفة طريق الخير والشر فوهب لهم الأسماع والأبصار والألسن والأفئدة والعقول .. ثم إنه سبحانه لم يجعل هذه الوسائل حجة على عباده بمفردها، بل فتح لهم باب العذر وأملى لهم في الحجة حتى يأتيهم نور الوحي من السماء
قال تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)
وقال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)
ومن أجل ذلك يوبخ الله تعالى الكافرين به على ما أضاعوا من عذر الله وإمهاله، وغفلوا عن رسله وبيناته :
( َيا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ * ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)
فبعد كل هذا الإنعام من الله .. مَنْ اختار الكفر على الإيمان إتِّباعاً للآباء فمصيره جهنم لا محالة
قال الله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)
وقال تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)
وقال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)
فلا حجة لمن كفر تقليداً للآباء والأجداد .. والحاصلُ أن الإنسان إنما يعذَّبُ إذا ولد لأبوَيْن كافرَيْن لاستمراره على الكفر بعد بلوغه وتمكُّنه من الإستدلال والنَّظَر الذي يوافق الفطرة التي فطره الله عليها وهي التهيُّؤ لقبول الحق .. ثم إن الله تعالى برحمته لا يعذبه إلا بعد بلوغ الحجَّة إليه بطريقة يفهمها - قطعاً للعذر- ثم رفضه إيَّاها
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى)
وقال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ولذلك علق النبي صلى الله عليه وسلم مؤاخذة من لم يؤمن به بسماعه بدعوته صلى الله عليه وسلم وبلوغها إياه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَسْمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلا كان مِن أصحابِ النارِ))
فمن لم تبلغه دعوة الإسلام .. أو بلغته وهو غير مهيأ للتكليف بها .. فهو معذور ويمتحنه الله فى عرصات القيامة .. قال صلى الله عليه وسلم: ((أربعَةٌ يحتجُّونَ يومَ القيامةِ رجلٌ أصمُّ لا يَسمعُ شيئًا ورجلٌ أحمَقُ ورجلٌ هرِمٌ ورجلٌ مات في فترَةٍ فأمَّا الأصمُّ فيقولُ لقدْ جاء الإسلامُ وما أسمعُ شيئًا وأمَّا الأحمقُ فيقولُ يا ربِّ لقدْ جاءَ الإسلامُ والصِّبْيانُ يخْذِفُونِي بالبَعْرِ وأمَّا الهرِمُ فيقولُ يا ربِّ لقدْ جاءَ الإسلامُ وما أعْقِلُ شيئًا وأمَّا الذي ماتَ في فترَةٍ فيقولُ ما أتاني لَكَ رسولٌ فيأخُذُ مواثِيقَهُم لَيُطِيعُنَّهُ فيُرْسِلُ عليهم أنِ ادْخلُوا النارَ فوالذي نفْسِي بيدِهِ لو دَخَلُوها كانت عليهم بردًا وسلامًا))
فهؤلاء الذين لم تبلغهم الدعوة ولم تقم عليهم حجة الله بالرسل، أصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، ويرسل إليهم هناك رسول، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار
------------------------------------
وخلاصة القول :
أن من أنعم الله عليه وولد لأبوين مسلمين فهذا من فضل الله عليه .. ولكن ليس معنى ذلك أن من ولد لأبوين كافرين معذور بعد أن بلغته دعوة الإسلام وقامت عليه الحجة وأبصر طريق الحق فأبى واستكبر وعاند
ومن قَلّد أباه وأمه فى الكفر والشرك ومات على ذلك .. فهو أحد ثلاث حالات :
1- مُقَلّدٍ معرض تَمَكّن من العلم ومعرفة الحق .. فهذا مفرطٌ تاركٌ للواجب عليه ولا عذر له عند الله
2- مُقَلّد لم يتمكن من من العلم ومعرفة الحق بِوَجْهٍ، عاجز عن السؤال والعلم، مُرِيدٌ للهدى مُؤْثِر له، مُحِب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يُرْشِده، يقول : (يا رب لو أعلم دينا خيرا مما أنا عليه لَدِنْتُ به وتركت ما أنا عليه) .. فهذا حكمه حكم أرباب الفترات .. فمن لم تبلغه الدعوة فهو كمن طلب الدين في الفترة ولم يَظْفَر به، فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عَجْزاً وجهلاً
3- مُقَلّد لم يتمكن من من العلم ومعرفة الحق بِوَجْهٍ، عاجز عن السؤال والعلم، معرض لا إِرَادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه، راضٍ بما هو عليه، لا يُؤْثِر غيره عليه، ولا تَطْلُب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته .. فهو كمن لم يطلب الدين في الفترة ولم يَظْفَر به ولم يسع إليه، بل مات على شركه، ولا عذر له عند الله
------------------------------------
تعال لنطبق عليك هذا الكلام يا ضيفنا الكريم :
والداك المسيحيان قد أنجباك بأمر الله .. وبعد ميلادك أخذك والداك إلى الكنيسة حيث تم تعميدك .. وربياك على الأسس والعقائد المسيحية .. وعلماك العبادات المسيحية .. وغرسا فيك الإعتقاد بأن المسيحية هى دين الحق
لا حساب عليك ما لم تبلغ سن الرشد والعقل والتكليف : ((رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ : عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يشِبَّ وعن المعتوهِ حتَّى يعقِلَ)) .. فهذا الحديث صريح في أن كل مولود يولد مسلماً فإذا كان أبواه غير مسلمين .. فإن أطاعهما فيما يدعوانه إليه من يهودية أو نصرانية أو مجوسية خرج عن الفطرة إلى ما يدعوانه إليه ويربيانه عليه .. وإن هداه الله إلى الإسلام فهو مسلم باقٍ على الفطرة التي فطره الله عليها .. فاعلم أن الإنسان يولد مسلماً حتى إذا وصل إلى السن التي يكون فيها مخاطباً شرعاً فإن أسلم بلسانه وقلبه وجوارحه لله تعالى فهو مسلم وإن اختار غير ذلك فهو على ما اختار !!
فأنت إذا بلغت سن العقل والتكليف فلا حجة لك أمام الله بأنك قد ولدت لأبوين مسيحيين ولذلك صرت مسيحيا !!!
فالله تعالى قد وهبك العقل لتستخدمه وتتدبر به طريقك وأفعالك .. ووهبك السمع والبصر والقلب لتستمع إلى دعوة الحق وترى بعينك وتبحث وتقرأ وتتفكر بقلبك .. وليس من الضرورى ولا من البديهى أو المسلم به أن يكون الدين الذى ارتضاه لك والداك هو السبيل الأقوم والصراط المستقيم .. والأمثلة امامك لا تعد ولا تحصى .. فتدبر وتفكر !!!
* هل تربية الأبناء على عبادة الأصنام والحيوانات والأموات والنار يعنى أن هذه الديانات هى الدين الحق ؟
إن قلت يا ضيفنا الكريم : لكن هذه الديانات باطلة !!
فأنا أسألك : وكيف عرفت بطلانها ؟
بالتأكيد : درست وقرأت عن معتقداتها فوجدتها لا تدخل العقل السليم ويرفض القلب تعاليمها ويستنكرها .. إذ تكفر بالإله الواحد وتعبد من دونه ما لا ينفع ولا يضر
وهذا هو المطلوب منك .. أن تبحث وتفتش الكتب وتدرس وتقارن ثم تستخدم عقلك وقلبك وضميرك بحيادية وشفافية لتصل إلى طريق الحق !!
* هل إجبار والديك لك على دخول كلية معينة للدراسة أو اختيار فتاة معينة للزواج أو ترشيح وظيفة محددة لك بلا اعتبار لرأيك ولا ميولك يعنى أن اختيارهم هو فقط الطريق الصحيح وأنهم أدرى بمصلحتك ؟
أنت أصلا يا ضيفنا الفاضل لا تقبل ان يتدخل والداك فى هذه الأمور المصيرية بالنسبة لك .. لماذا ؟؟
لأن لك شخصيتك .. ولك عقلك .. ولك حرية اختيارك .. إذ أنك وحدك من ستتحمل النتائج لهذه القرارات .. فلن يتعب أحد فى الإستذكار غيرك .. ولن يتحمل طباع وتصرفات وتكاليف الزوجة غيرك .. ولن يتحمل مشاق العمل والوظيفة غيرك !!
أنت ترى هذه القرارات (مصيرية) فى حياتك ولا ينبغى لأحد غيرك تقريرها وفعلها
فكيف بمصيرك فى الآخرة ؟؟؟؟
كيف تدع أبواك يتخذان أهم قرار مصيرى فى حياتك وعمرك بلا دراسة ولا تمحيص وبلا كلمة أو اعتراض منك وتتبعهما كالأعمى ؟؟
------------------------------------
قد تقول يا ضيفنا الفاضل : وأنتم مسلمون لأن آبائكم وأمهاتكم كانوا مسلمين
نعم .. كلام صحيح .. والحمد لله على نعمة الإسلام .. والشكر لآبائنا وأمهاتنا وجزاهم الله خير الجزاء
لكن الكثير منا قد اطلعوا - مع إسلامهم - على عقائد الآخرين .. ودرسوها .. وتدبروا فيها وفى تعاليمها بكل حيادية وشفافية .. فما زادهم ذلك إلا اقتناعا بصحة الإسلام وبأنه هو الدين الوحيد الحق .. وما زادهم البحث والتقصى إلا إيمانا وتثبيتا
وخير دليل على دراستنا للمسيحية والأديان الأخرى هو تحاورنا معكم .. إذ كيف نحاوركم فى دين ونحن لا نعلم عنه شيئا ؟ وكيف نعرف معتقداتكم وشرائعكم وعباداتكم وطقوسكم ونناقشكم فيها ؟
------------------------------------
وهذا هو المطلوب منك بالمثل يا ضيفنا الفاضل قبل فوات الأوان
إقرأ عن الإسلام وابحث فى تعاليمه ..
وقارنها بالمسيحية ..
واستفت عقلك وقلبك وضميرك بحيادية ..
واسأل الله العون والإرشاد ..
فإن لم تقتنع وظللت متشبتا بمسيحيتك فلك دينك ولنا ديننا ..
لن تضرك المعرفة بالإسلام شيئا !!!
وفى كل الأحوال .. فقد بلغتك - بقراءة هذا الموضوع - رسالة الإسلام
ولا حجة لك أمام الله يوم القيامة
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 03-12-2018 الساعة 01:22 PM
2- هل لأنك نشأت فى بيئة مسيحية ولا تتخيل أن تكون الكثرة المسيحية على خطأ والقلة المسلمة على صواب ؟
ضيفنا الفاضل المسيحى :
البيئة هي المحيط الإجتماعي الذي يحتضن الشخص .. فينمو ويترعرع في وسطه .. ويتأثر بأخلاقياته .. ويكتسب صفاته وعاداته وتقاليده .. سواء بالقدوة أو بالخبرة والسلوك العملي الذي يعامل به .. أو بما يسمعه ويشاهده أو يستوحيه من ظروف الحياة في هذا المحيط الإجتماعى
والعلاقات الإنسانية المختلفة التي تتكون نتيجة التفاعل والتعامل الإنساني القائم بين الأفراد فى هذا الوسط تؤثر بلا شك في الشخص .. وهي غالبا ما تطبعه بطابعها وتمنحه صفاتها وتؤثر عليه في مختلف أدوار نموه النفسى من ناحية العقائد والأعراف والتقاليد وطريقة التفكير
* الشىء الهام الأول الذى يجب أن تعلمه يا ضيفنا الفاضل ..
أن ما يقصد بالبيئة الدينية المحددة هو (تعاليم هذا الدين) وليس (تصرفات أتباع هذا الدين) ... فتعاليم الدين ثابتة لا تتغير .. بخلاف تصرفات وأفعال أتباعه التى تتفاوت بوضوح تبعا لشخصية كل منهم وقوة إيمانه وتمسكه بتعاليم دينه .. فهناك الملتزم والمستهتر .. والمطيع والعاصى .. والجيد والردىء .. والصالح والفاسد
وليست تصرفات الأشخاص أبدا هى ما يحكم بها على الدين والبيئة الدينية .. بل بالعكس تعاليم الدين هى من تحكم على أفعال متبعيه من حيث الإحسان والإساءة .. بمعنى أنه لا يجوز الحكم على البيئة الإسلامية - مثلا - بأنها (مرفوضة) لمجرد أن بعض (من ينتمون إلى الإسلام) إرهابيون أو لصوص أو زناة أو سكيرون أو فاحشى اللسان أو كاذبين أو مرتشين أو قتلة .. فالعبرة هنا بموافقة شريعة الإسلام على أفعال هؤلاء من عدمه يا ضيفنا الكريم !! وبالتأكيد لا يوجد دين يرضى أو يوافق على هذه الأفعال وخصوصا الدين الإسلامى العظيم !!
* والشىء الهام الثانى الذى يجب أن تعلمه ..
أنه من النادر - بل المستحيل تقريبا - أن ترى شخصا يعترف بفساد بيئته التى تربى فيها ولم يخرج منها أو يرى أو يسمع عن غيرها
فمن المستحيل مثلا أن يصف راهب منقطع لون وشكل كنيسته من الخارج إذا لم يكن قد خرج منها مرة واحدة على الأقل أو شاهدها على التليفزيون أو رآها فى صورة أو سمع عنها من شخص ما
ومن المستحيل أن تصف منزلا بأنه (أجمل وأنظف منزل فى العالم) إذا لم تكن قد رأيت باقى المنازل والفنادق والفيلات والقصور
ومن المستحيل أن يصف من ولد ضريرا لون وجمال الأشياء وهو لم يبصرها قط ولم يألف غير الظلام فى حياته !!
فهل علمت شيئا يا ضيفنا النصرانى عن (بيئة الإسلام) حتى تحكم مسبقا بأنه (لا بيئة صالحة ومستقيمة إلا البيئة المسيحية) ؟
* والشىء الهام الثالث الذى يجب أن تعلمه ..
أن صحة الدين - أو البيئة الدينية - لا تقاس مطلقا بعدد متبعيه ..
فقد يأتى سؤال فى الإمتحان الذى تقدم له 100 طالب وتكون إجابة طالب واحد مجتهد فقط هى الإجابة الصحيحة !! إذ ليس معنى أن 99 طالب قد كتبوا وأجمعوا على (إجابة خطأ) أن ما كتبوه هو الصواب أبدا !!!
(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
ففى هذه الآية العظيمة يؤكد الله تبارك وتعالى ضلال أكثر الناس وانحرافهم، وفساد عقائدهم وأديانهم، وأن ما يتبعونه هو الظن والباطل، إذ لا يتبع أكثرهم الحق والصواب .. وفيها إشارة واضحة بأن لا نغتر وننبهربالكثرة، فإن الحق لا يعرف بالكثرة، ولا تدل عليه الأغلبية المطلقة، وإنما الحق هو الحق، ولو كان المتبع له نفراً واحداً .. قال تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .. فسماه الله تعالى أمة مع أنه كان فرداً .. ولكن لأنه كان سالكاً طريق الحق وحده، برغم البيئة الكافرة عابدة الأصنام التى كان موجودا بها، فقد جعله بمثابة أمة كاملة !!!
ولو تأملنا في كتاب الله جل وعلا لوجدنا أن نصوص القرآن تدل على أن الأكثرية من الناس غالباً ما يكونون في صف الباطل وفي جانب الطاغوت :
(وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) .. (ومَا أَكْثَرُ النَّاسِ ولَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) .. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)
وتكررت في القرآن الكريم كثيراً من الفواصل القرآنية التي تذم الكثرة، وتخبر عن حالها وضلالها :
(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) .. (ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ( .. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (.. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) .. (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)
فكثرة الأتباع من الناس حول رأي معين أو فكر معين أو عقيدة معينة، لا يدل أبداً على أنها هى الحق وأن الصواب معهم وأن النجاة فيما اتبعوه وتمسكوا به، بل فى الغالب يكون العكس هو الصحيح :
(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)
(وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ)
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ)
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)
والله تعالى فى هذه الآيات يذم الكثرة التي لا تعلم ولا تعقل ولا تؤمن ولا تفهم .. وليس الكثرة المؤمنة بالله العالمة به المتبعة لدينه ومنهجه .. فهو تعالى لا يذم الكثرة لمجرد أنها كثرة، وإنما يذم كثرتهم بسبب كفرهم وفسوقهم وإعراضهم عن منهج الحق والصد عن إتباعه :
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ)
فذمهم لشركهم وعدم إيمانهم .. لا لمجرد كثرتهم فقط
فالكثرة المذمومة التي ذمها الله هي الكثرة التي تفضل الدنيا على الدين، وتُغلب الباطل على الحق، وتختار الهزل على الجد، وتؤثر الإفساد على الإصلاح، وترجح الهوى على الهدى، وترشح الضلال والخطأ على الحق والصواب، ولذلك ذمها الله كثيراً في كتابه، ونهى عن إتباعها أو الاغترار بأتباعها
فلا تغترّ يا ضيفنا الفاضل بكثرة الهالكين فتهلك معهم !!!
* والشىء الهام الرابع الذى يجب أن تعلمه ..
أن كونك قد نشأت فى بيئة مسيحية ليس حجة ولا عذرا لك أمام الله فى عدم إسلامك .. فقد بلغتك دعوة الإسلام .. وحتى لو كنت فردا واحدا فى بيئة كلها من المسيحيين يمكنك ممارسة شعائر الإسلام بكل حرية ولو فى السر .. فإن اضطهدوك فاخرج من هذه البيئة إلى غيرها وانج بدينك .. فأرض الله واسعة وهو الكفيل بنصرتك وتثبيتك ورزقك وتوفيقك أينما كنت ما دمت صادق الإيمان :
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
------------------------------------
نعلم يا ضيفنا الفاضل أنك ولدت ونشأت وتربيت فى (بيئة مسيحية) تشمل أسرتك وعائلتك الكبيرة وكنيستك ..
قلدتهم فى طقوسهم وعبادتهم ..
وتأثرت بتعاملاتهم وتصرفاتهم وتعلمت منهم ..
وأثروا بالتأكيد فى تشكيل وتكوين شخصيتك المستقلة وطريقة تفكيرك وطباعك .. ولكننى أسألك :
* هل شخصية الإنسان وطريقة تفكيره هى مما يستحيل تغييره ؟
* هل يرتكب الإنسان حماقة أو جرما إذا غير طباعه أو شخصيته أو طريقة تفكيره ؟
* هل كل بيئة نشأ فيها شخص ما هى بيئة سليمة وصحية ولا بيئة أفضل منها ؟
الأمثلة امامك لا تعد ولا تحصى .. فتدبر وتفكر !!!
------------------------------------
1- هل البيئة التى ينشأ فيها أبناء تجار المخدرات أو اللصوص أو الزناة أو الراقصات هى بيئة سليمة وليس على الأبناء ذنب إذا اتبعوا ما رباهم عليه أهلهم وعشيرتهم ولا جناح عليهم فى تقليد ألفاظ وسلوكيات من كان فى بيئتهم ؟
إن قلت يا ضيفنا الكريم : لكن هذه السلوكيات خاطئة ومحرمة !!
فأنا أسألك : وكيف عرفت خطأها وتحريمها ؟
بالتأكيد : لأن تربيتك وبيئتك وتعاليم دينك يرفضونها ويستنكرونها ويحرمونها
لكن على الضفة المقابلة .. ماذا عنهم هم ؟؟ هل يعتقدون أنهم على خطأ أو حرام أو أن بيئتهم فاسدة وقذرة ومجرمة ؟؟
هل اعتقادهم هذا يعنى أنهم على صواب .. وأن بيئتهم صالحة .. وليس هناك أفضل ولا أنظف منها .. بحيث يكون من خرج منها وذهب إلى غيرها فقد خاب وخسر ؟؟!!
ماذا لو كان عددهم كبيرا وكانوا أغلبية ؟ هل يؤثر ذلك على اعتقادك بأنها (بيئة فاسدة منحلة) مهما بلغوا من الكثرة ؟
لو كان كل زملائك فى العمل مرتشين وأنت الوحيد فيهم نظيف اليد يقظ الضمير .. فهل يعنى ذلك أن الجميع على صواب بينما أنت على خطأ ؟ هل يعنى هذا أن بيئة العمل صحية وسليمة وأن عليك إعادة النظر فى تربيتك وبيئتك التى ستؤدى بك إلى الفقر من وجهة نظرهم ؟
------------------------------------
2- هل البيئة التى نشأ فيها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت بيئة سليمة ؟ أم كانت بيئة كفر وضلال وشرك بالله ومعاصى وخطايا وفساد كبير ؟
لو كانت بيئة سليمة .. فما الداعى أصلا لإرسال الرسل والأنبياء ؟
هل يقول عاقل بأن الأنبياء كانوا على خطأ إذ رفضوا سلوكيات بيئتهم ؟
هل يقول عاقل بأنه ليس على الناس ذنب ولا جناح فى تقليد أفعال وسلوكيات من كان فى بيئتهم ؟ فلماذا كان عذاب الله ينزل على من عصوا الرسل ؟
هل يقول عاقل بأن من اتبعوا الرسل كانوا (مجموعة من السفهاء والمجانين) وقد (خسروا أبديتهم) باتباعهم لمن يرى فساد وضلال معظم الناس فى هذه البيئة ؟
لمن كان الإنتصار والتمكين فى النهاية ؟ للقلة المؤمنة أو للأكثرية الكافرة ؟
هل أغنت كثرة الكفار عنهم شيئا من عذاب الله لما نزل بهم ؟
------------------------------------
3- هل البيئة التى ينشأ فيها أبناء البوذيين والهندوس والمجوس واليهود والملاحدة وعبدة الشيطان هى بيئة سليمة وليس على الناس إثم فى تقليد ألفاظ وسلوكيات وعبادات واعتقادات من كان فى بيئتهم ؟
ماذا تقول أنت عن هذه البيئات ؟ ولماذا ؟
وماذا عنهم هم ؟ هل يعتقدون أنهم على خطأ أو ضلال أو شرك أو أن بيئتهم فاسدة ؟
ماذا لو كان عددهم كبيرا وكانوا أغلبية ؟ هل يؤثر ذلك على قرارك بأنها (بيئة فاسدة ضالة كافرة) ؟
------------------------------------
هذا هو المطلوب منك يا ضيفنا الفاضل ..
أن تبحث وتدرس وتقارن مختلف البيئات بدون تعصب لبيئتك الخاصة ..
ثم تستخدم عقلك وقلبك وضميرك بحيادية وشفافية ..
لتصل إلى طريق الحق والبيئة الصحية السليمة !!
3- هل لأنك لا تعلم ما هو الإسلام وإلام يدعو وما هى مزاياه عن المسيحية ؟
هذه ليست بحجة على الإطلاق يا ضيفنا الفاضل لعدم البحث عن الدين الحق .. لا سيما فى هذه الأيام حيث التقدم والتطور التكنولوجى والمعرفى الهائل !!
فمن أو ما الذى يمنعك عن التعرف على الإسلام الحق ولو من باب العلم بالشىء ؟؟
* عندك الإنترنت ملىء بآلاف المواقع الدعوية والموضوعات والكتب المنشورة فى جميع العلوم الإسلامية من قرآن وفقه وتوحيد وتفسير وسيرة نبوية وتاريخ إسلامى وعلوم الحديث واللغة العربية
* عندك مئات المنتديات الإسلامية يمكنك أن تحاور وتناقش فيها من تشاء تحت مظلة التهذيب والإحترام وتسأل فيها عن الإسلام من أهله
* عندك المكتبات مليئة بالكتب التى تشرح لك الإسلام بشكل مبسط أو متعمق
* عندك الفضائيات والإذاعات الإسلامية والدعوية تستطيع أن تتعلم منها
* عندك الجيران والأصدقاء فى العمل أو الدراسة يمكنك سؤالهم فيجيبك من يعلم منهم أو يوجهونك لمن يعلم
إذا كنت صادق الرغبة فى التعرف على الإسلام .. فصدقا لن تعدم الوسيلة !!
وليكن معلوما لديك يا ضيفنا الفاضل .. أن التعرف على دين الإسلام ينبغى أن يكون من أهله أو من المحايدين على الأقل .. فليس من المقبول منطقيا أن تسأل أعداء الإسلام وكارهيه عنه وعن تعاليمه إلا إذا كنت أنت أصلا كارها له وتبحث عمن يعزز ويؤيد توجهك الشخصى .. ففى هذه الحالة أنت بالحقيقة لست باحثا جادا عن الحق لعدم حيادك ووجود نية مسبقة لديك لرفض هذا الدين !!
هب أنك تريد أن تتعرف على صديق جديد .. فإلى من تلجأ للسؤال عن طباعه وأخلاقه ومميزاته وعيوبه ؟
إلى أصدقائه وجيرانه أم إلى أعدائه والحاقدين عليه ؟
لو لجأت إلى الأعداء والحاقدين .. فحتما سيشوهون لك صورته وينفرونك منه بدافع البغض والكراهية والحسد ..
سيخترعون لك عيوبا فيه وينفون عنه أى فضيلة وسيؤلون لك تصرفاته بحيث تراها كلها عيوبا لا مزايا:
* فإن كان صادقا قالوا : ليس صادقا بل فتانا
* وإن كان كريما قالوا : ليس كريما بل مسرفا سفيها يحب الفشخرة والتباهى
* وإن كان خدوما محبا للناس قالوا : ليس خدوما ولا محبا بل منافقا يريد مصلحته
* وإن كان عفيفا قالوا : ليس عفيفا بل مريضا معقد الشخصية
* وإن كان حريصا قالوا : ليس حريصا بل بخيل شحيح
* وإن كان متسامحا قالوا : ليس متسامحا بل ضعيف جبان
* وإن كان شجاعا قالوا : شجاعا بل ظالم بلطجى مجرم
* وإن كان عزيز النفس قالوا : ليس عزيزا بل مغرور متكبر
* وإن كان أمينا قالوا : ليس أمينا بل يتظاهر بذلك ويسرق فى الخفاء
* وإن كان جادا عاقلا قالوا : بل هو نكدى الطبع متشائم عبوس
* وإن كان غيورا قالوا : بل هو ضعيف الشخصية حاد الطبع فاقد للثقة فى نفسه
* وإن كان ناهيا عن المنكر آمرا بالمعروف قالوا : بل هو حشرى متطفل متسلط قامع للحريات
وهكذا دواليك !!!
فإذا كنت جادا فى التعرف على صديق جديد ومهتما بالفعل بالتعرف إليه .. فاسأل عنه أصدقاءه ومعارفه وجيرانه ..
هكذا يقول العقل السوى .. وهكذا يتصرف صاحب النية الصادقة
------------------------------------
أصدق نفسك القول يا ضيفنا الفاضل :
ما الذى يمنعك عن التعرف على الإسلام الحق ؟؟
1- هل لأنك تخشى أن يتضح لك أنه الدين الحق فعلا
وأن عقيدة المسيحية هى عقيدة بشرية فاسدة محرفة لم يدع إليها المسيح أبدا بل ابتدعها آباء الكناىس وقساوستها ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فالأمل كبير أن يهديك الله تعالى إلى الإسلام .. إذ ما يزال فيك حيادية وجدية وضمير يقظ يتوقع أن تبصر الحق وتدرك ضلال ما كنت عليه .. ولكن الشيطان يخوفك باستماتة .. ويزرع فى نفسك الرهبة والتردد والشكوك .. لئلا تنجو بنفسك فيخسر الشيطان نفسا كان يتمنى أن يدخلها النار معه بعد أن يتبرأ منها يوم القيامة معلنا عبوديته لله وخشيته منه !!!
(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ)
2- هل لأنك لا تتقبل فكرة أن يزيح أو (يهزم) دين آخر عقيدتك وعقيدة آبائك ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فأدعوك لمراجعة نفسك إذ أن الأمر هنا (حقد وحسد وكراهية لدين الآخر) ..
ولن تستطيع البحث عن طريق الحق وأنت تحمل فى صدرك هذه الضغائن والمشاعر السلبية أبدا !!!
الحقد والحسد والكراهية .. لا يجتمعون مع الإنصاف والحيادية مطلقا !!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فلن يغير أحد دينه أبدا مهما كان على ضلال وشرك وكفر بواح .. وبهذا الحقد والحسد يكون اليهود معذورين فى محاربتهم للمسيح ورفضهم لتعاليمه ورسالته إذ كان يغير فى شريعة موسى ويبدلها !!!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فيكون قوم موسى معذورين أيضا - وعلى حق - إذ جاءهم موسى بناموس مخالف لعقائدهم الوثنية وهم - مثلك - لا يتقبلون فكرة استبدال وانهزام عقيدتهم التى تربوا عليها !!!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فيكون كل قوم معذورين أيضا - وعلى حق - فى رفضهم فكرة استبدال وانهزام عقيدتهم التى تربوا عليها مهما كانوا عليه من ضلال ووثنية وجاهلية .. والمفروض أن تكف الكنائس عن محاولات تنصيرهم وتحترم دياناتهم !!!
3- هل لأنك مشغول بأمور الحياة وأعبائها (العمل والأولاد والبيت والمصاريف أو الدراسة مثلا) ولا تجد الوقت الكافى للبحث والإطلاع ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فسوف نساعدك فى هذا الأمر بكل طاقتنا وجهدنا .. والأمل كبير أن يهديك الله تعالى إلى الإسلام !!!
وبمنتهى البساطة .. فالدين الإسلامى أقوال وأفعال حسية (أركان الإسلام) واعتقادات قلبية (أركان الإيمان) :
http://madrasato-mohammed.com/outaymin/pg_070_0002.htm
قبل أن تتحجج بضيق الوقت وكثرة المشاغل ..
تذكر فقط أنك ضيف زائر فى هذه الدنيا لفترة مؤقتة .. وأنك ستغادرها حتما فى ساعة معلومة هى نهاية عمرك وفرصة امتحانك .. ولذلك فأنه لا شىء أهم من الأبدية والآخرة اللذان تستخسر (إهدار وقتك الثمين) لنوالهما !!!
تذكر أن من باع الخلود الأبدى إلى ما لا نهاية بمكاسب الدنيا ومتاعها - حتى لو طال عمره إلى 100 سنة - فهو إنسان (غير عاقل) أبدا !!!
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
(أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ)
تذكر قول السيد المسيح :
(إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي)
(وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ)
البحث عن طريق الحق والأبدية يا ضيفنا الفاضل أولى بوقتك من أى شىء !!!
4- هل لأنك لا تريد أن تتعرف على الإسلام أصلا ولست مهتما بذلك ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فأدعوك لمراجعة نفسك إذ أن الأمر هنا (مكابرة وعناد وإصرار على الضلال واتباع عقيدة الآباء والأجداد) .. وفى هذه الحالة لا نقول لك إلا أننا قد أوصلنا لك رسالة الإسلام وأبلغناك .. فلا عذر لك امام الله إذ قصرت وأهملت فى التعرف على هذا الدين - دينك الأصلى الذى خلقك الله عليه - عامدا متعمدا بتكاسلك وركونك إلى الدنيا وعدم استخدام عقلك الذى أنعم الله به عليك !!!
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 05-12-2018 الساعة 01:16 PM
بارك الله فيك أخي الكريم .. محاضرة رائعة للغاية
جزاك الله كل خير
4- هل لأنك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟
هنا .. يجب أن تكون (محايدا للغاية) و (صادقا للغاية) مع نفسك !!
فكونك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام .. معناه أنك أولا درست الإسلام بما فيه الكفاية من مصادر موثوقة محايدة لكى تقول بحيادية : هذا أفضل من ذلك !!
والآن يا ضيفنا العزيز .. أخبرنا بصدق وأمانة وحيادية :
1- ما هى الفضائل والمحاسن والخصال الحميدة التى دعت إليها المسيحية وأمرت بها بينما نهى عنها الإسلام وحرمها ؟؟
* هل دعت المسيحية إلى الصدق ونهى عنه الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الأمانة والإخلاص ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى العفة والإحتشام ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الطيبة والوداعة ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الحب والإحترام ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى إعانة الغير ونجدته ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى حسن الحديث وحلاوة اللسان ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى حب الله والإخلاص فى عبادته ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الكرم والسخاء ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الرحمة ونهى عنها الإسلام ؟
2- ما هى النقائص والخطايا و الخصال السيئة التى أمر بها الإسلام وأحلها بينما حرمتها المسيحية ؟؟
* هل أحل الإسلام الزنا والدعارة وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام السرقة وأكل أموال الناس بالباطل وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام القتل وإزهاق الأرواح بغير حق وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام شرب الخمر والمخدرات وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الفواحش والبذاءات وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الخيانة والغدر وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الكذب والغش وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام عقوق الوالدين وقطع الأرحام وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الظلم والإضطهاد وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام النفاق والرياء وحرمتهما المسيحية ؟
--------------------------------------
إن دين الإسلام يدعو إلى مكارم الأخلاق ويأمر بالمعروف وينهى عن الفحشاء والمنكر يا ضيفنا الفاضل .. والقرآن الكريم ملىء بالأيات التى تأمر بمكارم الأخلاق وتنهى عن كل سوء وشر وخبيث :
1- (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
2- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
3- (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
4- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
5- (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
6- (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
7- (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا * وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا * وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا)
8- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)
9- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
10- (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
11- (لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا * وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا * وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)
فمن حسن الخلق الذى أوجبه الإسلام :
برُّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسانُ إلى الجيران، وإفشاء السلام على الخاص والعام، وطِيب الكلام، وإطعام الطعام، والتواضع، وبشاشة الوجه، والصدق، والأمانة، وإحترام الغير، والوفاء بالعهد، والنظافة، والكرم، والتسامح، والعدل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واللين، وإحسان الظن، والحياء ..
كل هذا قد أمر به الإسلام العظيم وحث عليه
والإسلام يعظم حُسن الخُلق، إذ لم يعُدِ الإسلام الخلق سلوكًا مجرَّدًا، بل عده عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد؛ فقد جعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فقال : «إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا»
وكذلك جعَل أجر حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقلُ منه، فقال : «ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق»
وجعَل كذلك أجرَ حُسن الخُلق كأجرِ العبادات الأساسية، مِن صيام وقيام، فقال : «إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم»
وقال: «إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ»
وبلَغ من تعظيم الشارع لحُسن الخُلق أنْ جعَله وسيلة من وسائل دخول الحنة؛ فقد سُئل صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يُدخِل الناسَ الجنَّةَ ؟ فقال : «تقوى اللهِ وحُسن الخُلق»، وفي حديث آخرَ ضمِن لصاحب الخُلق دخولَ الجنة، بل أعلى درجاتها، فقال : «أنا زعيمٌ ببيت في ربَضِ أطراف الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسَط الجنة لِمَن ترَك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حسُن خلُقه»
فالخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، والخُلق السيِّئ يُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ
وقد ذكر اللهُ أن للإنسان عورتينِ؛ عورة الجسم، وعورة النفس، ولكل منهما ستر؛ فستر الأولى بالملابس، وستر الثانية بالخُلق، وقد أمر الله بالسترين، ونبَّه أن الستر المعنوي أهمُّ من الستر الحسي فقال : {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}
فطهارةُ الباطن أعظمُ من طهارة الظاهر عند الله
والعقيدة الصحيحة تحمل صاحبَها على مكارم الأخلاق، كما أنها تردَعُه عن مساوئِ الأخلاق .. وحُسن الخُلق من أفضل ما يقرِّبُ العبد إلى الله تعالى، وهو سبب فى حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب منه يوم القيامة ونيل شفاعته، وهو سبب لعفو الله تعالى وغفرانه إذ يمحو الله بحُسن الخُلق السيئات ويُدرِكُ المرءُ بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم ويجعل صاحبَه ممن ثقلت موازينه يوم القيامة ويحرِّمُ جسدَ صاحبه على النار
ولقد كان من دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « اللهم اهدِني لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها، لا يصرِفُ عني سيِّئها إلا أنت»
وكان يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن منكَراتِ الأخلاق والأعمالِ والأهواءِ»
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من بِعثته الدعوة للأخلاق .. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق»
بين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب أهمية الخُلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه، فإن قال قائل : ما وجه أهمية الخُلق حتى يقدَّم على العقيدة والعبادة ؟ فالجواب : إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله
وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى (إندونيسيا والهند وجزر الملايو والفلبين وماليزيا)، لم يعتنقْ أهلُه الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار المسلمين وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة والوفاء والكرم !!
--------------------------------------
لا تجبنا - إن كنت لا تريد - يا ضيفنا الفاضل .. لكن أجب نفسك بصدق ..
وتذكر أن من كذب على نفسه فقد أهلكها !!!
1- ما الشر الذى أباحه الإسلام وحرمته المسيحية ؟
2- ما الخير الذى نهى عنه الإسلام وأوجبته المسيحية ؟
إن كنت محايدا وترى كلا الديانتين تحثان على الفضائل والمحاسن والخصال الحميدة وتحرمان وترفضان النقائص والخطايا و الخصال السيئة .. فالعقل المحايد المنصف يقول أنه : (لا مزية لأحداهما على الأخرى) على الأقل !!!
فما الذى يجعلك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟؟
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 08-12-2018 الساعة 02:00 PM
5- هل لأنك ترى الإسلام دينا مليئا بالقيود والممنوعات والمحرمات والأوامر والنواهى وعلاوة على ذلك فليس به ضمان للأبدية .. بينما ترى المسيحية دين سهولة ويسر وتضمن الملكوت والغفران بلا التزامات مضجرة ؟
هنا دعنى أسألك يا ضيفنا الفاضل بعض الأسئلة لتجيب عليها بتلقائية وشفافية نابعة من القلب والعقل والفطرة .. راجيا أن تجيب نفسك بمنتهى الحيادية والضمير حتى تصل إلى الحق والنور :
-------------------------------------------
1- إذا أعطاك شخص ما ثروة هائلة من المال، أو كنزا ثمينا من الذهب لا تحلم به، وكان دائما ما يساعدك ماديا ومعنويا بلا انتظار لأى ثمن ولا مقابل ولا خدمة منك، وكان يساعدك ويخلصك من الشدائد والديون، ويتكفل بطعامك وشرابك وكسوتك وعلاجك ونفقاتك كلها من الألف إلى الياء .. وكان العرفان بالجميل من صفاتك الشخصية .. فأخبرنى بصدق يا ضيفنا الكريم :
ماذا سيكون مدى استعدادك لتنفيذ أى طلب أو أمر منه إليك ؟
هل ستكون أوامره مضجرة وثقيلة على قلبك وجسدك ؟
بماذا تصف من لا يرى نفسه ملزما بتنفيذ أوامره بكل رضا وسرور وشكر للجميل ؟
إن الله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة وحده لأنه خالقنا، ورازقنا، وحامينا، وكافينا، وشافينا، ومجيب دعائنا، ومنجينا من كل سوء، ومفرج همومنا، وناصرنا، وهادينا، والمنعم علينا بما لا يعد ولا يحصى، وهو ربنا ورب كل شيء، وقد خلقنا لعبادته وأمرنا بها، كما قال : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وقال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
ولم يأمرنا الله بعبادته لحاجة به إلى ذلك، فإنه الغني عن خلقه، لكنه تعالى يحب من عباده أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوه ويطيعوا رسله عليهم الصلاة والسلام :
قال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
ولكن منفعة العبادة راجعة إلى العباد ومضرة تركها واقعة عليهم، فالعباد لا ينفعون الله ولا يضرونه :
قال تعالى : (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
وقال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
وقال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
وقال تعالى : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)
وقال تعالى فى الحديث القدسى : "يَا عِبَادِي : إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي : إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي : إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ"
وقد بين سبحانه وتعالى أنه لم يخلق الجن والإنس ليرزقوه أو يطعموه أو يتقوى بهم من ضعف، فقال سبحانه : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
فالله غني عن كل شىء، لا تنفعه عبادتنا، ولا يضره كفرنا ومعصيتنا
ولذلك .. فبالحق والعدل والإنصاف والحيادية :
* فمن يستثقل أوامر الله تعالى ونواهيه وفروض عبادته .. ويرى أن ما فرضه الله تعالى على عباده هو (التزامات مضجرة) رغم كل نعم وأفضال الله تعالى عليه .. ويرى أن العبادات المفروضة مجرد (شكليات غير ملزمة) .. فهو شخص جاحد كافر ناكر للجميل
* ومن يعتبر العبادة هى (مقابل) أو (ثمن) أو (ضريبة) لنعم الله الكثيرة على الإنسان وأن الله تعالى ينتظرها أو يحتاجها .. فهو شخص جاهل ضال
* ومن يعتبر التقيد بالحلال والحرام والأوامر والنواهى والعبادات (طقوسا غير ضرورية) إذ لا يحتاج الله تعالى إليها ولا تزيده شيئا .. وأنها مجرد (قيود) و (تعب) بما أن المعاصى لا تضر الله تعالى .. فهو شخص جاهل سفيه
-------------------------------------------
2- ما معنى الدين بلا قيود ولا أوامر أوممنوعات ومحرمات ونواهى ؟ .. كيف سيكون هناك فرق وتمييز بين مطيع وعاص ؟ وبين مؤمن وكافر ؟ وبين صالح وفاسد ؟ وبين محب لله ومحب للشيطان ؟ وبين مهتد وضال ؟
يجب أن تعلم ابتداء يا ضيفنا الفاضل أن الدين - ببساطة - هو منهج للبشر
وأى منهج - بالعقل - هو توجيهات وإرشادات .. إفعل كذا ولا تفعل كذا .. إسلك هذا الطريق ولا تسلك ذاك .. هذا خير وحلال وهذا شر وحرام
فمن أطاع الإرشادات والتوجيهات فهو (مطيع) (مؤمن) (محب لله) (مهتد)
ومن خالف الإرشادات والتوجيهات فهو (عاص) (كافر) (محب للشيطان) (ضال)
فالله تعالى قد فرض فى دين الإسلام فرائض لا يجوز تضييعها .. وحدَّ حدودًا لا يجوز تعديها .. وحرم أشياء لا يجوز انتهاكها .. وهذه الحرمات هي حدوده سبحانه وتعالى .. يحرم الإقترال منها فضلا عن تعديها :
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا)
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وقد توعد الله أولئك الذين يتعدون حدوده وينتهكون حرماته :
(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)
واجتناب المحرمات والمحظورات أمر واجب .. قال صلى الله عيه وسلم : (( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((إِنْ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رُخْصَةً لَكُمْ لَيْسَ بِنِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُو حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))
والتحليل والتحريم حق خالص لله وحده .. فالحلال ما أحله الله ورسوله (بوحى وإلهام من الله) .. والحرام ما حرمه الله ورسوله (بوحى وإلهام من الله) .. ولا يجوز لأحد كائنا من كان أن يحلل أو يحرم إلا بمقتضى ما دلَّ عليه الدليل الشرعي من الكتاب والسنة
قال تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ)
إن من الشرك الأكبر تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو اعتقاد أن أحدا يملك الحق في ذلك غير الله .. ومن الكفر إنزال القوانين منزلة شرع رب العالمين بالتحاكم إلى القوانين الوضعية والمحاكم الجاهلية عن رضا واختيار واستحلال ذلك واعتقاد جوازه .. وقد ذكر الله الكفر الأكبر في قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .. فلما سمع عدي بن حاتم هذه الآية قَالَ : قُلْتَ : يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ قَالَ : ((أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ، فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ))
والكثير من ضعفاء النفوس ومتبعي الهوى وقليلي العلم والراكنين إلى متاع الحياة الدنيا وزينتها إذا سمع بالمحرمات الكثيرة تأفف وتضجر وغضب وقال :
كل شيء حرام ..
كل شيء حرام ..
كل شيء حرام ..
ما تركتم شيئا إلا حرمتموه ..
لقد عقدتم حياتنا وضيقتم صدورنا ونكدتم معيشتنا ..
أليس فى الإسلام إلا الحرام والتحريم والنهى ؟؟ ..
إن الدين يسر والأمر واسع والله غفور رحيم !!!
وإلى هؤلاء الذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم والمتبعين أهوائهم نقول :
1- إن الله تعالى يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه وهو الحكيم الخبير .. يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء .. وإن من أساسيات دين الإسلام أن نرضى بما حكم الله ونطيعه ونسلم له تسليما بلا حرج في الصدر .. وأن أحكام الله صادرة عن علم وحكمة وعدل فليست عبثا ولا لعبا : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
2- أن الطيبات حلال والخبائث حرام : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
3- أن التحليل والتحريم حق خالص لله وحده .. فمن ادعاه لنفسه أو أقر به لغيره فهو كافر كفرا أكبرا مخرجا من الملة : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)
4- أنه لا يجوز لأحد أن يتكلم في الحلال والحرام إلا العلماء العالمين بالكتاب والسنة .. فقد ورد التحذير الشديد فيمن يحلل ويحرم دون علم : (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)
5- أن المتحايل على شرع الله فيما أحل وحرم ملعون : فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ))
6- أن الأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص قاطع بتحريمها .. والله تعالى - وهو الرحيم بعباده - قد أحل لنا من الطيبات ما لا يحصى كثرة وتنوعا .. ولذلك لم يفصِّل الله المباحات لأنها كثيرة لا تحصر .. وإنما فصَّل المحرمات لانحصارها فى أمور معينة لكي نعرفها ونجتنبها قال سبحانه :
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)
(وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)
أما الحلال فأباحه على وجه الإجمال ما دام طيبا فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) .. فكان من رحمته أن جعل الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم .. وهذا من كرمه تعالى وتوسعته على عباده .. فوجب علينا الطاعة والحمد والشكر له سبحانه
وبعض الجهلة إذا رأوا الحرام مفصلا ومعددا ضاقت صدورهم ذرعا بالأحكام الشرعية .. وهذا من ضعف إيمانهم وقلة فقههم في الشريعة .. فهل يريد هؤلاء أن نعدد عليهم أصناف الحلال حتى يقتنعوا بأن الدين يسر ؟؟ وهل يريد هؤلاء أن تسرد وتعدد الطيبات بأنواعها حتى يطمئنوا أن الشريعة لا تكدر عليهم عيشهم ؟؟
فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟؟!!!
7- الإحتجاج بأن الدين يسر هو قول حق يراد به باطل .. فإن مفهوم اليسر ليس بحسب الأهواء والمزاج والفهم الملتوى والمقاصد الخبيثة .. وإنما بحسب ما جاءت به الشريعة .. فالفرق عظيم بين انتهاك المحرمات بحجة أن الدين يسر وبين الأخذ بالرخص الشرعية التى تدل دلالة واضحة على يسر الشريعة وأن الإسلام دين يسر ورفق وسماحة وتوسعة !!
8- أن في تحريم المحرمات حكم عظيمة لا يعلمونها لضيق عقولهم وقساوة قلوبهم :
* منها أن الله يبتلي عباده بهذه المحرمات فينظر كيف يعملون .. هل يتركونها أم ينتهكونها .. ولولا هذا الابتلاء لم يتبين الطائع من العاصي ولا أهل الإيمان من أهل الفسوق والعصيان
* ومنها تمييز أهل الجنة من أهل النار .. فأهل النار انغمسوا في الشهوات التي حفت بها النار .. وأهل الجنة صبروا على المكاره التي حفت بها الجنة .. فأهل الإيمان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين احتساب الأجر وامتثال أمر الله لنيل رضاه ورحمته فتهون عليهم المشقة .. وأهل النفاق والفسوق والعصيان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين الألم والتوجع فتكون الوطأة عليهم شديدة والطاعة عليهم عسيرة
* ومنها أنه بترك المحرمات يذوق المطيع حلاوة فى روحه .. فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .. ويجد لذة الإيمان وحلاوته في قلبه
* ومنها أن الله لم يحرم إلا ما فيه ضرر على الإنسان ولا خير فيه : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
-------------------------------------------
3- إذا لم تكن العبادات المفروضة بكيفية معينة ومواقيت محددة فكيف يتعلم البشر فضائل الإنضباط والنظام والطاعة ؟ وعلى أى أساس سيتم تقييم الأعمال فى الدنيا بالإتمام والإلتزام أو بالتقصير والإهمال ؟
إن إطاعة الإرشادات والتوجيهات الإلهية يا ضيفنا الكريم يجب أن تكون بالكمية والكيفية التى حددها الله تعالى بالضبط .. هذا هو دين الإسلام .. دين الإنضباط والإلتزام والطاعة والإنقياد والإستسلام لرب العالمين
فلا معنى للصلاة والصيام والزكاة (حسب احتياج العبد الشخصى) (وقتما يشاء) !!
لا معنى لأداء العبادات (بالكيفية التى يرغبها الشخص) !!
فالصلاة فى الإسلام مثلا لها أوقات محددة وأركان محددة وكيفية محددة لجميع المسلمين بلا استثناء .. وهناك تيسير فيها من الله تعالى على من لا يستطيع إتمام أركانها فى ظروف معينة (كالخوف والسفر والمرض وانعدام الماء) .. لكن هذا التيسير هو بشرع الله ذاته وليس (بمزاج) و (اجتهاد) البشر !!
وما ينطبق على الصلاة .. ينطبق على الصيام والزكاة والحج
كل عبادة لها توقيت محدد وكيفية محددة ومقدار محدد ملزم لجميع المسلمين
أما فى المسيحية فنجد العبادات (غير إلزامية) و (تؤدى بحسب حاجة المسيحى) و (بالصيغة التى يحبها) و (للمدة التى يستطيعها) .. وهناك صلوات خاصة بالرهبان والقساوسة فقط .. والآباء يصلون ويصومون عن الشعب !!
فعلى أى أساس تتم إدانة البشر أو مكافأتهم يوم القيامة إذا كانت الفروض غير محددة ولا معلومة الكيفية أصلا (حسب المزاج والنشاط) ؟؟
على أى أساس سيتم تقييم الأعمال بالإتمام والإلتزام أو بالتقصير والإهمال ؟؟
* هل هناك منهج بغير توجيهات محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك دستور بغير مواد وفقرات محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك قانون بغير مواد محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك امتحان يكون المطلوب فيه : (الإجابة على ما تستطيع من الأسئلة بالأسلوب الذى يعجبك فإجابتك مقبولة وأنت ناجح فى كل الأحوال) ؟؟ .. كيف سيتم احتساب الدرجات إذا لم يكن هناك (منهج مرجعى محدد) و (إجابة نموذجية) يتم التقييم على أساسهما ؟؟ .. كيف سيتم تمييز من استذكر والتزم ممن تكاسل وأهمل ؟؟
أجب نفسك بصراحة وحيادية وإنصاف يا ضيفنا الكريم
-------------------------------------------
4- إذا كانت نتيجة إمتحان البكالوريوس - مثلا - مضمونة .. والنجاح أكيد بمجرد إقرارك أنك (طالب فى البكالوريوس) واعترافك للأستاذ بأنك مقصر فى دراستك فيطمئنك بأنه سيتوسط لك بالتأكيد عند العميد لتنجح .. فما الداعى للتعب والسهر والإجتهاد والإستذكار إذا كان الجميع ناجحا فى النهاية بالواسطة ؟
المسيحية يا ضيفنا الفاضل تقول أن النجاح (بالواسطة) فقط .. فالأستاذ فى هذا المثال هو (آباء الكنيسة والقساوسة) .. والعميد فى هذا المثال هو (يسوع) الذى تدعى المسيحية أنه هو الله .. وأنت ما عليك إلا الإقرار بأنك فرد فى شعب يسوع المخلص وأحد خراف الراعى الأمين !!
فى المسيحية .. إن لم تكن لك (واسطة) فلا خلاص لك :
(اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ)
فلكى تغفر خطاياك وتضمن الملكوت عليك اللجوء لوساطة القساوسة والإعتراف لهم أولا وإلا فلن تنال الغفران وهم فقط بيدهم المنح والمنع بتفويض من يسوع !!
فأين ضمان الملكوت المزعوم إن رفض القسيس منحك الغفران ؟؟
وأين العدل فى منح الغفران لشخصين أحدهما بار متقيد بأوامر ونواهى المسيحية والآخر غارق فى الملذات والشهوات حتى أذنيه ونال الغفران (بمزاج) القسيس ما دام يعترف بيسوع فاديا ومخلصا ؟؟
ثم أنه ليس كل مسيحى سيدخل الملكوت بحسب الكتاب المقدس ..
فأين الضمان والفداء والخلاص المزعومين هنا ؟؟
(أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ) .. فالنص هنا صريح بأن هناك مسيحيون آمنوا بيسوع فاديا ومخلصا ولن ينالوا الملكوت بسبب ذنوبهم !!
أى أنه لا ضمانة للملكوت فى المسيحية كما تظن يا ضيفنا الكريم !!
حسنا .. لنأتى إلى الضفة الأخرى .. (ماذا عن الإسلام) ؟؟
هل قرأت عن طريق الإنترنت أنه لا يوجد شخص مسلم يضمن دخول الجنة ولو أتم فرائض الإسلام كلها .. حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضمن دخوله للجنة ؟؟
إن كنت قرأت ذلك يا ضيفنا الفاضل .. فهو كلام لا اساس له من الصحة
ولا يعدو (سوء فهم) أو (سوء تفسير) للقرآن والسنة .. سواء جهلا أو عمدا !!
فالحقيقة أنه : لا يضمن دخول الجنة إلا من أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا (ملة الإسلام) وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يكن من المشركين
ولكنك لا تجد يا ضيفنا الفاضل (مسلما مؤمنا حقيقيا) يقول أنه يضمن الجنة مهما كانت أعماله صالحة .. لماذا ؟؟
* لأنه يؤمن أنه تعالى : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)
* لأنه يعلم أنه لولا مضاعفة الله تعالى لحسناته وتجاوزه عن سيئاته وغفرانه لذنوبه لهلك وخسر : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ)
* لأنه يخشى الله ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله .. يرجو رحمته ويخاف عذابه
* لأنه يعلم أن الله يحاسب بالنوايا القلبية لا بظاهر العمل وإن كان حسنا
* لأنه يؤمن بقوله تعالى : (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)
صحيح أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله .. وإنما يدخلها برحمة الله وفضله .. ولكن هل معنى هذا أنه لن يدخل الجنة ؟؟ .. ركز من فضلك على كلمة (وإنما يدخلها) !!!
لو قلت لك مثلا : أنك لن تنال هذه الوظيفة بمؤهلاتك وإنما ستنالها ببركة دعاء والديك أو بسبب طيبة قلب صاحب العمل .. فهل يعنى هذا أنك لن تنال الوظيفة ؟؟ .. ركز مرة أخرى على كلمة (وإنما ستنالها) !!!
فيكون المعنى الصحيح والفهم الصحيح : أن العامل لا ينبغي أن يتكل على حسن عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات ويعزو الفضل فى دخول الجنة إلى صالح عمله .. لأنه إنما عمل صالحا بتوفيق الله .. وإنما ترك المعصية بعصمة الله .. فكل ذلك بفضل الله ورحمته وحفظه .. فعندما يدخل الجنة إن شاء الله فذلك - بالتبعية - بسبب فضل الله ورحمته :
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
وصحيح أيضا أن لله عتقاء يدخلون الجنة برحمته ولم يعملوا خيرا أبدا .. لكن لن يدخلها مشرك مات على الكفر والشرك أبدا .. لأن الله توعد المشركين بالحرمان من المغفرة والرحمة جزاء شركهم وكفرهم : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)
هذا ما نخشاه عليك ونحذرك منه يا ضيفنا العزيز
والقول بأن النبي والمؤمنين لا يدرون ما يفعل الله بهم، ولا يضمنون دخول الجنة وإن أدوا الفرائض وأحسنوا العمل، هو قول باطل ومكذوب
فالمسلمونَ يؤمنون بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سيكون يوم القيامة في الفردوسِ الأعلى كما دلت السنةُ المطهرةُ على ذلك، ودلت أيضًا على أن هناك أناسًا بعينِهم من أصحابِه في الجنةِ:
* (لما ثَقُل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَل يتَغَشَّاه ، فقالتْ فاطمةُ عليها السلامُ : واكَربَ أباه ، فقال لها : ليس على أبيك كَربٌ بعدَ اليومِ)
* (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا . وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئًا)
* (مَنْ كان له ثَلاثُ بَناتٍ، أو ثَلاثُ أخَواتٍ، اتَّقَى اللهَ وأقام عليهنَّ، كان معي في الجَنَّةِ هكذا، وأشارَ بأصابِعِه الأرْبَعِ)
* (أنا أولُ الناسِ يَشْفَعُ في الجنةِ، و أنا أكثرُ الأنبياءِ تَبَعًا)
* عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه قَالَ : (كنت أبيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه فقال لي : سَلْ فقلت : أسألُك مرافقتَك في الجنةِ قال : أو غيرَ ذلك ؟ قلت : هو ذاك قال: فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ(
* (عشَرةٌ في الجنَّةِ : أبو بكرٍ في الجنَّةِ وعُمَرُ في الجنَّةِ وعُثمانُ في الجنَّةِ وعلِيٌّ في الجنَّةِ والزُّبيرُ في الجنَّةِ وطَلحةُ في الجنَّةِ وابنُ عوفٍ في الجنَّةِ وسعدٌ في الجنَّةِ وسعيدُ بنُ زيدٍ في الجنَّةِ وأبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ في الجنَّةِ)
* (لما مات إبراهيمُ عليه السلامُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إنَّ له مُرضِعًا في الجنةِ)
* (أنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ النَّضْرِ أَتَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان ابنُها حارِثَةُ بنُ سُرَاقَةَ وكان أُصِيبَ يومَ بَدْرٍ أصابه سَهْمٌ غَرَبٌ فأَتَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت أَخْبِرْنِي عن حارِثَةَ لَئِنْ كان أصاب خيرًا احْتَسَبْتُ وصَبَرْتُ وإن لم يُصِبِ الخيرَ اجْتَهَدْتُ في الدعاءِ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يا أُمَّ حارِثَةَ إنها جِنَانٌ في جنةٍ وإنَّ ابْنَكِ أصاب الفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى والفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الجنةِ وأَوْسَطُها وأَفْضَلُها)
* (أُهِدي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ثوبُ حريرٍ ، فجعَلْنا نَلْمِسُه ونَتَعَجَّبُ منه ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من هذا ؟ قلنا : نعم . قال : مَنادِيلُ سعدِ بنِ معاذٍ في الجنةِ خيرٌ مِن هذا)
* (قال رجلٌ للنبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم يومَ أُحُدٍ : أرأيتَ إن قُتِلتُ فأين أنا ؟ قال : في الجنةِ . فألقَى تمراتٍ في يدِه، ثم قاتَل حتى قُتِلَ)
ومما يعلمه المسلمون قطعاً أن الله غفر لنبيه ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من تفتح له الجنة .. وأن له الشفاعة العظمى .. وأن للنبي الحوض المورود فى الجنة ومن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً .. وأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أول الأمم دخولاً للجنة وأن منهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب .. وأن النبي بشرَّ عشرة من صحابته بالجنة منهم الخلفاء الراشدون .. وأن فاعلى الكبائر من الذنوب - وإن عذبوا في النار فترة - فهم يخرجون منها ولا يخلدون في النار مثل الكفار
والذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فإن دخل النار بذنبه، فإنه يمكث فيها ما شاء الله، ثم يخرج منها إلى الجنة
فعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ))
ومن مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير
ومع ذلك فنحن نؤمن أن دخول المؤمن للجنة هو بفضل الله ورحمته .. ولا يستحقه الإنسان بعمله .. فأعمال الإنسان الصالحة كلها لا توازي نعمة واحدة من نعم الله .. ومن فضل الله تعالى أنه يضاعف الحسنة إلى عشرة أضعاف إلى سبعين ضعفاً إلى أضعاف كثيرة ويغفر السيئات بفضله ويمحوها إذا تاب عنها المرء
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 10-12-2018 الساعة 07:59 PM
6- هل لأنك ترى الإسلام دينا يدعو إلى العنف والإرهاب ويرفض الحب والسلام ويستنكر ويحارب المعتقدات الأخرى بينما ترى المسيحية دين المحبة والتسامح ؟
هل لأنك قرأت أن المسيحية قد انتشرت باللين والمحبة والنصيحة والإقتناع .. بينما الإسلام قد انتشر بالسيف والحروب والدماء والإجبار ؟؟
يا ضيفنا الفاضل :
وجهناك سابقا أن تأخذ المعلومات عن الإسلام من أهله أو المحايدين على الأقل .. لا من أعدائه ومحاربيه .. فلا يفتأ أعداء الإسلام من المنصّرين والمستشْرقين واليهود وغيرهم يدعون أنَّ الحروب في الإسلام كانت لإجْبار غير المسلمين على الدُّخول في الإسلام، وأنَّ الَّذين اعتنقوا الإسلام دخلوا فيه بالإكراه والقهْر، لا عن اقْتِناع وتسليم .. ويزعمون أنَّ السيرة النبويَّة شاهدة على انتِشار الإسلام بحدِّ السَّيف، وأنَّ الغزوات التي غزاها الرَّسول صلَّى الله عليْه وسلَّم كان الهدف منها هو إجْبار النَّاس على الدخول في الإسلام عنوة وغصبا !!!
هذه الإفتراءات مرْدود عليها من وجوه كثيرة، تتلخَّص فيما يلي :
-----------------------------------------
(1) أن الإسلام جاء بشريعة تعظِّم حرمة الدماء والنفوس، وتحرِّم سفكها وإزهاقها بغير حق، وتتوعد المخالفين بالحرمان من الجنة :
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
((مَن قتَل مُعاهَدًا، لم يَرَح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا))
((ألا مَن ظلَم معاهَدًا، أو انتقصَهُ حقَّهُ، أو كلَّفهُ فوق طاقتِهِ، أو أخذ منه شيئًا بغير حقِّهِ، فأنا حجيجُهُ يومَ القيامَةِ، وأشارَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى صدرِهِ، ألا ومَن قتلَ رجلًا له ذمَّةُ اللهِ ورسولِهِ حرَّمَ اللهُ عليهِ الجنَّةَ، وإنَّ ريحها ليوجَدُ من مسيرَةِ سبعينَ خريفًا))
وكان من ثمرات الإسلام العظيمة إيقاف الحروب التي كانت مشتعلة بين القبائل العربية، ونشر السلام والتسامح بينها :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
(2) أن الإسلام نهى عن إكراه الناس على الدين، قال تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، أي : لا تُكرِهُوا أحدا على الدخول في دين الإسلام، فهذا نفيٌ في معنى النهي، أي لا تُكرهوا أحدا على اعتناق الدين
وقال تعالى : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) .. فلكمال الدّين الإسلامي، واتِّضاح آياته، وكونه هو دينَ العقل والعِلْم، ودين الفطْرة والحِكْمة، ودين الصَّلاح والإصْلاح، ودين الحقّ والرشْد، وقبول الفِطَر له، فهو لا يَحتاج إلى الإكْراه عليه .. لأنَّ الإكراه إنَّما يقع على ما تنفر منه القلوب، ويتنافَى مع الحقيقة والحقّ، أو تخفى براهينُه وآياته، فمَن جاءه هذا الدين وردَّه ولم يقبلْه فإن ذلك مرجعه لعناده واستكباره وقساوة قلبه وغفلته، فإنَّه قد تبيَّن الرُّشد من الغيّ، والهدى من الضلال، والنور من الظلام، ولم يبقَ لأحد عذرٌ ولا حجَّة إذا ردَّه ولم يقبله .. وهنا يقال له :
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)
(3) أن الإسلام أمر بالإحسان إلى غير المسلمين من المسالمين، ورغَّب في ذلك، وهيَّج النفوس للعمل به بأن جعله سببا لنيل محبة الله تعالى، قال عز وجل : (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
ونهى الإسلام عن إيذاء الذميين والمعاهَدين والمستأمَنين، ورتَّب على ذلك الوعيد الشديد، قال صلى الله عليه وسلم : ((ألَا مَن ظلَم مُعاهَدًا أو انتقَصه أو كلَّفه فوق طاقتِهِ أو أخَذ منه شيئًا بغَيرِ طِيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجيجُهُ يومَ القِيامةِ))
كما أباح الإسلام الزواج من الكتابيَّة (اليهودية أو النصرانية) مع بقائها على دينها، فلو كان الإسلام يُجبِر أحدًا على اعتناقه لأجبر الزوجة على ترك دينها واعتناق الإسلام
(4) أن الإسلام أقرَّ بقاء غير المسلمين على دينهم، مقابل دفع الجزية وهو مبلغ سنوي زهيد جدا - أقل بكثير من الزكاة المفروضة على المسلمين - نظير توفير الأمن لهم وحمايتهم من أي اعتداء خارجي، وجعل ذلك مقصورا على الرجال المقتدرين فقط، فلا يُؤخذ شيء من النساء والصبيان والفقراء والمرضى العاجزين والشيخ الفاني والرهبان، بل يجب حمايتهم والذود عنهم مع بقائهم على دينهم جميعا، وهذا من أدل الدلائل على أن الإسلام ليس من تعاليمه إجبار أحد على الدين
(5) أن القرآن يوجه بمحاججة غير المسلمين، ومحاورتهم، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالحسنى، والإقناع والترغيب، والنصح بالرفق واللين وطيب الكلام، وإقرار الحقِّ بالبينات، وتفنيد الباطل بالحجج الناصعات، وقَصص الأنبياء المذكورة في القرآن حافلة بالمحاورات والمجادلات بالحسنى مع أقوامهم، وقد أمر الله تعالى خاتم المرسلين بذلك فقال : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
وقال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
وقال تعالى : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وفى ذلك أكبر دليل على أن الإسلام لم يكن قائما على السيف ولم ينتشر بالبطش والعنف والقتل والإرهاب وإجبار الناس على الإيمان .. بل كان قائماعلى الحجة والعلم والإقناع وانتشر بهذه الوسائل
(6) أن الجهاد لم يُشرع في العهد المكي، إذ مكث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مكَّة ثلاثة عشر عامًا يدْعو بالحجَّة والموعظة الحسنة بلا قتال أو إراقة نقطة دم، وكان صلَّى الله عليْه وسلَّم وأصحابُه مستضعفين يتعرَّضون للتَّعذيب والتَّنكيل ليرجعوا عن دينِهم، فما صرفهم هذا عن الإسْلام، وما زادَهم إلاَّ إصرارًا على اتِّباع الحقّ، فإن كان هناك إكراه، فقد كان في الصَّدّ عن الإسلام، لا في اتِّباعه !!
ومع ذلك فقد انتشر الدين بين الناس، واعتنقه المهاجرون والأنصار طوعا واختيارا، حتى استنارت جنبات المدينة النبوية بنور الإسلام، فلم يبق فيها بيت إلا وسطع فيه هذا النور المبين، إذ دخل الإسلام إلى أهل يثرب - المدينة المنورة - بلا أيّ قتال؛ فقد اقتنع سادتُهم بالإسلام حين عرضَه عليْهِم الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم فبايعوه بيْعتَي العقبة الأولى والثانية، ثمَّ أرسل إليهم مصعبَ بن عُمير فاجتهَد في دعْوة أهل المدينة حتَّى دخلَ معظمُهم في دين الإسلام، فأين الإجبار في إسلام أهل المدينة ؟؟
كل ذلك تم بجهود الدعوة والبيان والبلاغ بلا حروب !!!
وقد بلغ التمسك بهذا الدين مداه في الصبر وقوة التحمل والتضحيات الكثيرة التي قدمها المسلمون المستضعفون في مكة، إذًا، فمن المسلَّمات الَّتي لا يداخلُها شكٌّ، أنَّ المهاجرين والأنصار - الَّذين هم ركيزة الدولة الإسلامية الأولى - قد دخلوا في دين الله عنِ اقْتِناع وتسليم، وتحمَّلوا في سبيله الابتِلاءات والاضطِهادات، ممَّا ينفي أيَّ شبهة إكراه وإجبار في حقِّهم
(7) أن النبي عليه الصلاة والسلام، حينما فتح مكة بعدما نقض أهلها الصلح، لم ينكِّل بهم، ولم ينتقم منهم، ولم يجبرهم على قبول الإسلام، بل صفح عنهم أجمعين قائلا : ((إذهبوا فأنتم الطلقاء))، فدخلوا في دين الله تعالى أفواجا، حينما رأوا هذا التسامح والكرم والتواضع النبوي الشريف، وتلك الأخلاق التعاليم الإسلامية الراقية الرحيمة، التي أسرت قلوبهم، وأخجلتهم من أنفسهم !!
(8) أن الجهاد بالسيف لم يُشرع إلا للضرورة، لرد العدوان، والدفاع عن النفس، وإزالة العقبات التي تحول دون تبليغ رسالة الدين إلى جميع البشر، وهناك أيضا (الجهاد بالكلمة)، المتمثل بالدعوة والبيان، وهو الجهاد المشروع في كل حال، وقد وصفه الله تعالى بالجهاد الكبير في قوله سبحانه : (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) .. أي : بالقرآن والعلم
فغالب الحروب والغزوات الإسلاميَّة في العصر النبويّ لم يكن بِمبادرة وابتداء من جانب المسلمين، فقد غُزي المسلمون مثلاً في بدْر وأحُد والأحزاب، وأمَّا غزوات اليهود وفتْح مكَّة ومؤْتة وتبوك وغيرها، فقد كانت تأديبًا لِمَن خانوا العقود، وخالفوا العهود والمواثيق، وبدؤوا بالاعتداء، أو قتلوا رسُل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
(9) كان المسلِمون يدخلون في الغالب في معارك غير متكافِئة من حيث العددُ (الكثرة) والعدَّة (السلاح)، حيث كان خصمُهم يتفوَّق عليهم تفوُّقًا ساحقًا .. ففي غزوة مؤْتة - على سبيل المثال - كان عدد جنود المسلمين حوالَي ثلاثة آلاف رجُل، في حين كان عددُ جيش الكفَّار مائتي ألْف مقاتل، ناهيك عن التفوُّق في العدَّة والآلة الحربيَّة، فهل يظنّ بهذه القلَّة المستضعفة أن تغرَّها قوتها وتشرع في فرض ما معها من الحقّ على هذه الجموع الغفيرة ؟؟ هل فرض ثلاثةُ آلاف مسلم دين الإسلام على مائتَي ألف شخص بالإجبار والغصب ؟؟
(10) العقائد لا تستقرُّ في النفوس تحت وطْأة السَّيف والقهر على الإطلاق، وإنَّما تستقرُّ بالإقْناع والقبول بالحجَّة الواضحة، ولو كانت الشُّعوب قد دخلت في الإسلام مُجْبرة، فسرعان ما كانت تمرَّدتْ عليه ولفظته، ولكنَّ الحقيقة التي يشْهَد لها التَّاريخ والواقع أنَّ الشُّعوب الإسلاميَّة هي أكثر الشعوب تمسُّكًا بدينها، رغم ما تُعانيه من اضطِهادات وحروب في كثير من أنحاء العالم حتَّى في عصرنا هذا
(11) بعض القوَّات والجيوش التي حاربت المسلمين وانتصرتْ عليْهِم - كالتَّتار مثلاً - قد أسلموا ودخلوا في دين الله أفواجًا، في سابقةٍ لَم يعرفْ لها التاريخ مثيلاً، فأنَّى للمنتصِر أن يدخُل في دين المهزوم بالغصب ؟؟ وأيّ شبهة إكراه هاهنا ؟؟
(12) هناك كثافة إسلاميَّة في جنوب شرق آسيا، في بلادٍ لَم تطأْها قدمُ مجاهد مسلم فاتح، ولم يُسلَّ للمسلمين في هذه المناطق سيف، كالفلبّين وإندونيسيا وماليزيا والصين، فهناك عشَرات الملايين اعتنقوا دين الإسلام طوعًا واختيارًا، فمَن الَّذي أجْبر هؤلاء على اعتِناق الإسلام ؟؟
كما أنَّ هناك كثيرًا من المسلِمين في دول أوربَّا والأمريكتَين، وهي بلاد لم يدخُلْها الفاتحون المسلمون، وهناك أقلّيات مسلمة في كلّ الدُّول غير الإسلاميَّة وهم متمسِّكون بالإسلام بفضل الله، ونرى رأي العين في زماننا هذا كثيرا من الناس من مختلف الأديان والأعراق والبلدان، يعتنقون الإسلام من دون أيِّ إكراه أو إجبار أو عنف، مدلِّلين بذلك على أن الإسلام دين تسامح وإقناع لا دين عنف وإجبار، ففي كلّ يوم تدخُل جموع غفيرة إلى دين الإسلام في بلاد غير إسلاميَّة فى شتى أنحاء المعمورة، حتَّى ثبت بالإحصاءات الرَّسمية غير الإسلاميَّة أنَّ الإسلام هو أسرع الأدْيان انتشارًا في العالم الآن بلا إراقة قطرة واحدة من الدماء !!!
(13) التاريخ الإسلامى والعالمى شاهد على بقاء غير المسلمين في دولة الإسلام، من غير أن يكرهوا على تغيير دينهم، وقد اعترف بذلك كثير من المستشرقين والمؤرخين النصارى فى كتاباتهم :
* قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان :
" الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة - فترة العصور الوسطى - هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين، إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام "
* وقال المستشرق الفرنسى هنري دي كاستري :
"قرأت التاريخ، وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة، وعلى حسن مسايرة، ولطف مجاملة، وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آنذاك"
* وقال الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ول ديورانت :
"كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون، يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي، يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم"
* وقال المستشرق الإنجليزي السير توماس أرنولد :
"لم نسمع عن أية محاولة مدبَّرة لإِرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإِسلام، أو عن أي اضطهاد منظَّم قُصد منه استئصال الدين المسيحي، ولو اختار الخلفاء تنفيذ إِحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها فرديناند وإِيزابلا دين الإِسلام من أسبانيا، أو التي جعل بها لويس الرابع عشر المذهب البروتستانتي مذهبًا يعاقب عليه متبعوه في فرنسا، أو بتلك السهولة التي ظل بها اليهود مبعدين عن إنجلترا مدة خمسين وثلاثمائة سنة"
* وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان :
"إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين، بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم"
أما إكراه النصارى للمسلمين على تغيير دينهم، وقتلهم وتعذيبهم واضطهادهم إن رفضوا ذلك، فشواهده من التاريخ القديم والمعاصر واضحة للعيان، وما محاكم التفتيش والحروب الصليبية إلا مثالان اثنان فقط من هذه الوقائع !!!
-----------------------------------------
قد تتسائل هنا يا ضيفنا الكريم قائلا:
ولماذا شُرِع الجهاد في الإسلام ؟؟ أليْس لإجبار النَّاس على اعتِناق الإسلام ؟؟
فنجيبك بإذن الله تعالى :
أنَّ الجهاد لم يشرعْ في الأساس لإجْبار النَّاس على دخول الإسلام قهرًا، وإنَّما الغاية العظْمى من الجهاد هي تطْهير الأرض من أجواء الفتن، وتهيئة بيئة صحية صالحة، حتَّى يتمَّ تعْبيد النَّاس لله ربِّ العالمين وحده، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، وإقامة توْحيد الله في أرض الله بين عباد الله، وإرْجاع البشر إلى أصل فطرتِهم، وهي الإسلام لله تعالى الَّذي يخلِّص البشرَ من كل عبوديَّة مذلَّة لغيره
قال ربعي بن عامر لرستم ملك الفرس يوضِّح سبب جهاد المسلمين :
"إنَّ الله ابتعثنا لنخْرج مَن شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ضيق الدنيا إلى سَعتها، ومن جور الأدْيان إلى عدل الإسلام، فأرسلَنَا بدينِه إلى خلقِه لندعُوَهم إليْه، فمَن قَبِل ذلك قبِلْنا منه ورجعنا عنْه، ومن أَبَى قاتلْناه أبدًا حتَّى نفضي إلى موعود الله"
وهذا ما جاء به الحقّ في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)
أى : فقاتِلوا الكفار حتَّى لا يكون شرْكٌ، ولا يعبد إلاَّ الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة، ويكون الدِّين كله لله، ويكون دين الله هو الظَّاهر على سائر الأديان، وتكون الطاعة والعبادة كلّها لله خالصة دون غيره
وهذا ليس إجبارا على اعتناق الإسلام يا ضيفنا الفاضل كما يتهيأ لك !!
ولتوضيح ذلك نضرب لك مثلا :
إذا كنت رئيس دولة .. وأردتَ أن تُعالج الشعب من إدْمان الخمر، فلا بدَّ أن تغْلِق الخمَّارات والكباريهات، وتغلق محال المشروبات الكحولية، وتحظر بيعها، وتنشىء مستشفيات لعلاج الإدمان، وتتلف الخمور الموجودة وتمنع استيرادها مستقبلا، أو على الأقل تفرض ضريبة على شراء واستيراد الخمور
نفس الإجراءات الإحترازية تنطبق على الدعارة أيضا
السؤال هنا .. هل أنت باتخاذك تلكم الإجراءات تكره الناس وتجبرهم على عدم شرب الخمر أو الدعارة ؟؟
لا تتسرع وتقول : طبعا .. هذا إجبار !!!
فبمنتهى البساطة يمكن للسكيرون والزناة فعل هذه الأمور سرا فى بيوتهم بدون علمك .. واستيراد الخمور بطريق التهريب .. أو حتى تعلم تصنيعها فى منازلهم .. أو السفر إلى بلد مجاور واحتساء الخمور وممارسة الرذيلة والعودة مرة أخرى .. أو حتى دفع الضرائب المطلوبة والإستمتاع بالسكر والزنا !!!
أنت بهذه الإجراءات الإحترازية، وكرئيس يعرف مصلحة شعبه، تريد أن تَجعل النَّاس أصحَّاء وفاضلين، فيجب عليك أن توفِّر لهم (أجواء صحّيَّة نظيفة) لا أكثر .. لكنك لن تستطيع إجبارهم إن لم يريدوا التوقف عن فعل هذه الأمور !!!
قد تعترض يا ضيفنا الفاضل على هذا المثال التشبيهى لأن المسلمون ليسوا رؤساء ولا أوصياء عليك وأنك حر وتعرف مصلحة نفسك .. وهذا حقك وحريتك طبعا ..
لكننى ضربت لك هذا المثال لتعلم فقط أن تشريع الجهاد لا يستلزم إكراه الناس على اعتناق الإسلام قسرا !!!
فالجهاد هو وسيلة تطْهير الأرض من أدْواء الشِّرْك وتخليصها من أمراض الكفْر، وهذا معنى: (حتَّى لا تكون فتنة) .. والجهاد في الإسلام ليس لإكْراه النَّاس على الإسلام؛ وإنَّما لإفساح الطريق وتهيئة البيئة للناس أن يعْبُدوا الله ويتركوا الشِّرْك، من خلال توفير أجواء إيمانيَّة لهم تساعدُهم على التَّفريق بين الحقّ والباطل، وتوضِّح لهم الرشْد من الغيّ، ثم بعد ذلك : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
فالجهاد يزيل العقبات والعراقيل التي تمنع الناس من النظر والتفكير والإطلاع على محاسن الإسلام، ومعرفة أفضليته على سائر الأديان، ولذلك ملئت قلوب أعداء الإسلام رعباً من تشريع الجهاد فراحوا مدفوعين بدوافع الخوف والحسد والغيظ والكراهية والحقد الأعمى يشيعون أن الإسلام دين القتل والإرهاب .. فأما الإسلام أو الموت !!!!
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
-----------------------------------------
إن مقولة (انتشار الإسلام بالقوة والسيف والجهاد) هى مقولة صحيحة ..
ولكن تفسير هذه المقولة بأن نشر الإسلام كان (إجباريا) بهتان وكذب وافتراء !!
لماذا ؟؟
لأن نشر الإسلام لو كان (إجباريا) ، لكان أول ما يفعله الفاتحون المسلمون لدى غزوهم البلاد هو قتل كل من لا يسلم وهدم المعابد والكنائس، ولما بقى فى هذه البلاد يهودى أو نصرانى أو مجوسى واحد .. والتاريخ يشهد بعدم حدوث ذلك.. فمن لم يكن يريد الدخول فى الإسلام طواعية من غير المحاربين، كان يبقى على دينه، ويدفع الجزية السنوية، ويمارس طقوسه وعباداته فى أمان واطمئنان !!
وانتشار الإسلام بالقوة والسيف والجهاد ليس مما يعيبه، فالحق لا بد له من قوة تحميه وتؤمنه وتعضده وتدافع عنه، قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)
فقد أمر الله تعالى بإعداد العدة لمجاهدة الكفار وتخويفهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام دعوة مقرونة بالسيف، ويأمر بذلك قواده، لعل الناس إذا رأوا القوة والبأس والعزة والجد من المسلمين في الدعوة إلى دينهم تزول عنهم الغشاوة فيؤمنوا طواعية
* روى البخاري ومسلم عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ : ((لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَالَ : أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقِيلَ : يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الراية، فَقَالَ : أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ؟ فَقَالَ : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ))
* وروى مسلم عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ :
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ))
* وقال صلى الله عليه وسلم :
((بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))
-----------------------------------------
فالإسلام دين السلم والسلام، ولكن على أساس إنقاذ البشرية كلها من الشرك وعبادة غير الله، وإخضاع البشرية كافة لحكم الله، لإنه منهج الله، وليس منهج عبد من العبيد، ولا مذهب مفكر من البشر
حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس مذاهب بشرية من صنع العبيد، وحين تكون الأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضاً، ففي هذه الحالة يصبح لكل مذهب ولكل نظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا ما دام لا يعتدي على حدود الآخرين، ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا يحاول أحدها إزالة الآخر .. أما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية وإلى جانبه مناهج ومذاهب من صنع البشر، فإن الأمر يختلف من أساسه، ويصبح من حق المنهج الإلهي أن يجتاز الحواجز البشرية، ويحرر البشر من العبودية للعباد
الإسلام انتشر بالحجة والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند وكابر حتى غُلِب على أمره، فذهب عناده وأسلم لذلك الواقع .. أو بقى على ملته ودفع الجزية صاغرا ذليلا !!
وليس معنى الجهاد في سبيل الله لدعوة الناس إلى الإسلام وإزالة معالم الشرك من الوجود أن الإسلام يكره الناس على الدخول فيه، كلا، فإن الله تعالى يقول : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) .. ولذلك، فمن رفض من المشركين الدخول في الإسلام تُرِكَ ودينَه، ولكن بشروط نعقدها معه، وهو ما يسمى بـ "عقد الجزية" أو "عقد الذمة" .. فلليهودي أن يبقى على يهوديته في دولة الإسلام، وكذلك النصراني وغيرهم من أهل سائر الأديان
-----------------------------------------
ويجب أن تعلم يا ضيفنا الكريم أيضا - فى النهاية - أن الجهاد فى الإسلام ليس قتلا للعباد ونهبا وتخريبا للبلاد .. فللجهاد آداب كثيرة منها :
1- تجنب الغدر والمغالاة فى القتل والتمثيل بالجثث
2- عدم تعذيب الأسرى وامتهان آدميتهم
3- عدم قتل الشيوخ والنساء والأطفال والرضع والمرضى
4- عدم التعرض للرهبان المعتكفين فى صوامعهم
5- عدم قتل حيوانات الحقل النافعة
6- عدم حرق المزروعات وإتلاف الثمار
7- عدم قطع الأشجار المثمرة والنخيل
8- عدم هدم المساكن والمعابد وحرق الخيام
-----------------------------------------
قارن ذلك يا ضيفنا الفاضل بما يقوله الكتاب المقدس فى شأن محاربة الكافرين (أعداء الرب) وسلب أملاكهم وحرقهم وقتلهم حتى الشيوخ والنساء والأطفال والرضع .. بل والبهائم أيضا :
(اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفُقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ)
(نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى)
(أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي)
(تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ)
(فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا)
(اذْهَبُوا وَاضْرِبُوا سُكَّانَ يَابِيشِ جِلْعَادَ بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ النِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ وَهذَا مَا تَعْمَلُونَهُ: تُحَرِّمُونَ كُلَّ ذَكَرٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتِ اضْطِجَاعَ ذَكَرٍ)
(وَضَرَبَ نُوبَ مَدِينَةَ الْكَهَنَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ. الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ وَالرِّضْعَانَ وَالثِّيرَانَ وَالْحَمِيرَ وَالْغَنَمَ بِحَدِّ السَّيْفِ)
(لأَنِّي عَلِمْتُ مَا سَتَفْعَلُهُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ، وَتَقْتُلُ شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ، وَتَشُقُّ حَوَامِلَهُمْ)
(طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ)
(كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ)
(فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا)
(فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ)
(وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ. وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. وَأَخَذُوا كُلَّ الْغَنِيمَةِ وَكُلَّ النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وَأَتَوْا إِلَى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَإِلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْغَنِيمَةِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا)
(وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ)
(لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ)
(وَأَخَذَ دَاوُدُ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ، فَوُجِدَ وَزْنُهُ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ، وَفِيهِ حَجَرٌ كَرِيمٌ. فَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ. وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا. وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ)
(وَتَكُونُ جِمَالُهُمْ نَهْبًا، وَكَثْرَةُ مَاشِيَتِهِمْ غَنِيمَةً)
أليس ذلك إجبار وإكراه وغصب لهم على الإيمان بالله يا ضيفنا الفاضل ؟؟
لماذا تعيب على الإسلام ما تدعو إليه المسيحية ذاتها .. وبشكل أقسى وأفظع ؟؟
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 12-12-2018 الساعة 11:40 AM
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
المفضلات