8- الديانة الجاينية ( احدى الديانات المنفصلة عن الهندوسية)
تعريفها :
جاءت الجينية كردة فعل على غلو الهندوسية في التمييز والفصل العنصري الطبقي، حيث تحول المجتمع في ظلها إلى ساحة صراع بين الطبقات تضطرم في أحشائه نار الحقد والحنق، فأنكرت الجينية بعضا من تعاليم الهندوسية وفي مقدمتها الطبقية، لما رأت من عظيم ضررها على المجتمع، ومن ثم ناصرها في دعواها أناس كثيرون . لكنها وإن بدت كحركة تصحيحة إلا أنها أضحت محدودة التأثير، فالغالبية الساحقة من الشعب الهندي ظلت متمسكة بالهندوسية مؤمنة بها، وانحصرت الجينية في عدد يسير من الأتباع يقدره البعض بمليون شخص .
يقول أحد الفلاسفة الهنود عن الجينية : " هي حركة عقلية متحررة من سلطان الويدات - الكتب المقدسة لدى الهندوس - مطبوعة بطابع الذهن الهندوسي العام، أُسس بنيانها على الخوف من تكرار المولد - التناسخ - والهرب من الحياة اتقاء شائماتها، منشؤها الزهد في خير الحياة فزعا من أضرارها ، عمادها الرياضة الشاقة، والمراقبات المتعبة ، ومعولها الجمود للملذات والمؤلمات ، وسبيلها التقشف والتشدد في العيش ، وطريقها الرهبانية ولكن غير رهبانية البرهمية ، وقد داوى الجينيون الميول والعواطف بإفنائها ووصلوا في ذلك إلى إخماد شعلة الحياة بأيديهم ، وافتقدوا النجاة في وجود من غير فعلية، وسرور من غير انبعاث ".
الجينية وهى ديانة منشقة عن الهندوسية، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد.
وهى تعتبر ديانة وسط بين البوذية والهندوسية
مؤسسها :
مؤسس الجينية هو "وردهاماتا" ومعناه الزيادة، غير أن أتباعه أطلقوا عليه اسم "مهاويرا " وزعموا أنه الاسم الذي أطلقته عليه الآلهة .
عاش مهاويرا عيشة المترفين إذ كان ابن حاكم المدينة وكان بيت والده مقصد الرهبان والنساك لما يجدون فيه من حسن الضيافة وكرم الاستقبال، فكان مهاويرا يهوى السماع لهم ويعجبه حديثهم وود لو التحق بهم، إلا أن حبه لوالديه منعاه من أن يظهر رغبته تلك لعلمه بمعارضتهما له في سلوك طريق الرهبنة .
وبعد وفاة والده وتولي أخيه الأكبر مقاليد الحكم في بلدته، وبعد مضي سنة من حكمه طلب مهاويرا من أخيه أن يأذن له في التنسك والرهبنة فأذن له .
فخلع عنه لباسه ولبس لباس النساك والرهبان، وغدا يطوي البلاد طولا وعرضا متأملا متفكرا ، متقللا من المطعم والمشرب يعيش على الصدقات اليسيرة ، وبعد ثلاثة عشر شهرا من ترهبه خلع ملابسه بالكامل وسار عاريا إذ كان قد بلغ إلى مرحلة الجمود والخمود فقتل في نفسه غرائزه ونوازعه، فلا حياء ولا ألم ولا فرح ولا سرور !!!
وما زال في مجاهدات ورياضات دامت اثنى عشر عاما حتى أصبح كما يصفه أتباعه - : " لا يبالي بالعراقيل العاصفة، وكان قلبه نقيا كماء البركة في الشتاء ، لا يلوثه شيء كورق اللوتس ، مشاعره محمية كأعضاء السلحفاء ، وحيدا فريدا كقرن الخرتيت ، حرا كالطير ، جسورا كالفيل ، قويا كالثور ، مهيبا كالأسد ، ثابتا كالجبل ، عميقا كالبحر ، وديعا كالقمر ، بهيا كالشمس ، طاهرا كالإبريز " هكذا وصفوه اتباعه
وبعد أن وصل إلى تلك المرحلة ابتدأ مرحلة جديدة هي الدعوة إلى مذهبه الذي لاقى قبولا بين الناس لتضجرهم من الهندوسية ، فدعا أهله وعشيرته وأهل بلده فاستجابوا له، وما زال يدعوا إلى أن بلغ الثانية والسبعين، فنزل مدينة "بنابوري" في ولاية "بتنا" فألقى على الناس خمسا وخمسين خطبة وأجاب عن ستة وثلاثين سؤالا غير مسؤولة وبعدها مات سنة 527 ق . م .
ويبالغ الجينيون في نسبة مذهبهم إلى من هم أسبق عصرا من مهاويرا فيعدون أربعة وعشرين جينيا غيره ، اسم الأول منهم "رسابها" وقد ظهر منذ أمد بعيد غير أن التاريخ لا يحفظ عنه شيئا ، ووفقا لمعتقد الجينيين فقد تتابع الجيناوات الواحد بعد الآخر حتى جاء الجينا بارسواناث الذي وضع نظاما رهبانيا متشددا حث فيه على ضرورة الرياضات الشاقة، وجاء مهاويرا فاعتنق مباديء بارسواناث وزاد عليها من فكره وتجاربه حتى لا تعرف الجينية إلا منسوبة إليه .
معتقداتها :
نشأت الجينية كنقيض للهندوسية في بعض وجوهها وموافقة لها في البعض الآخر ، فالجنينية لا تعدو أن تكون ثورة تصحيحية على بعض مباديء الهندوسية التي ظهرت آثارها السيئة على الناس، إذ خلقت نظاما طبقيا مقيتا زرع العداواة والبغضاء في نفوس المجتمع الواحد ، ولما كان ذلكم النظام مرتبطا - وفق اعتقاد الهندوس - بإرادة الإله فقد أنكر مهاويرا الإله ما جعل من دينه الجديد دينا ملحدا ، وهنا وُجد فراغ كبير في الجينية بسبب عدم اعتراف مهاويرا بإله يكمل به صورة الدين الذي دعا إليه ، وكان من نتيجة ذلك أن اتخذه أتباعه والجنيين الأربعة والعشرين آلهة لهم .
الجينية مبنية على الخوف من تكرار المولد عن طريق التناسخ، لأنهم يعتقدون أن (الكارما) وهو كائن مادي يخالط الروح ويحيط بها ولا سبيل إلى تحرير الروح منه إلا بشدة التقشف والحرمان من الملذات، فالنفس تطهر عندما يتخلص من (الكارما) حيث تنتهي رغباته، وعندها يبقى حياً خالداً في نعيم النجاة، والجينية في الأصل ثورة على البراهمة لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة (براهما ـ فشنو ـ سيفا) ومن هنا سميت حركتهم بالحركة الإلحادية، ولا تعترف بالخالق الأعظم لهذا الكون لكنها تعترف بوجود أرواح خالدة، وهم لم يستطيعوا التحرر الكامل من فكرة الألوهية فاتخذوا من (مهاويرا)، معبوداً لهم وهم يعتقدون أن هناك 24 جينياً آخرهم (مهاويرا) وخلق المسالمة والمجاملة دفعهم إلى الاعتراف بآلهة الهندوس ما عدا الآلهة الثلاثة، ثم أخذوا يعظمونها لكنهم لم يصلوا بها إلى درجة تقديس البراهمة لها، ودعوا كذلك إلى احترام البراهمة (الطبقة العليا عند الهندوس) باعتبارهم طائفة لها مكانتها في الدين الهندوسي ولا يعترف الجينية بالطبقات أصلاً لأنهم في الأصل ثورة عليها .
ومن معتقدات الجينية كذلك إنكار نظام الطبقات، فكل إنسان في هذه الحياة يسعى للخلاص الذي لن يناله إلا بعمله ، غير أن الجينية رأت أن الناس ليسوا سواء في القدرة على تحمّل تعاليمها، فقسموا الناس وفقا لقدراتهم لا لأجناسهم إلى قسمين :
الخاصة : وهم الذين يقدرون على الرياضات الشاقة فيتجولون في البلدان حفاة عراة ، يعانون الآلام والجوع والعري رغبة في النجاة .
والقسم الثاني العامة : وهؤلاء من لم يسلك سبيل الخاصة في رياضاتهم ومجاهداتهم، فيلتزمون بتعاليم الجينية من المحافظة على الأرواح ولو كانت روح حشرة ويتخلقون بأخلاق الجينية ويتصدقون على الرهبان .
ومن الاعتقادات الجينية التي وافقت فيها الهندوسية القول بالتناسخ وتعدد الولادات للشخص الواحد .
والجينية يقدسون كل ذي روح ويبالغون في ذلك كثيراً فبعض الرهبان يمسك بمكنسة ينظف بها طريقه أو مجلسه خشية أن يطأ شيئاً فيه روح، ويضع بعضهم غشاءً على وجهه يتنفس من خلاله خوفاً من استنشاق أي كائن حي من الهوا العالقة في الهواء، ولا يذبحون الحيوانات وهم نباتيون بالنسبة للطعام يعملون في الزراعة خشية قتل حشرات الأرض، وهم مسالمون جداً فلا يشتركون في قتال أبداً، وقمة قتل العواطف عندهم (وقتل العواطف شيء مطلوب عندهم)
سبيل النجاة عند الجنيين :
الحياة من وجهة نظر الجينيين تعاسة مستمرة وشقاء متصل نعيمها زائل والعيش فيها باطل ، وسبيل النجاة فيها في التخلص منها والانفكاك عنها، غير أن ذلك لا يتأتى بيسر وسهولة، بل هو طريق طويل من المجاهدات والرياضات والتقشف والزهد حتى يبلغ الراهب مرحلة يحق له فيها أن يتخلص من حياته انتحارا .
فالانتحار عندهم وسيلة للتحرر من هذه الحياة وقسوتها، كما أنه جائزة لا تتاح إلا للرهبان الذين اتبعوا النظام الجيني في رياضاته ومجاهداته .
ويرسم الجينيون طريق النجاة - وفقا لمعتقداتهم - بثلاثة أمور يسمونها اليواقيت الثلاثة :
الياقوتة الأولى : الاعتقاد الصحيح، وهو رأس النجاة والمقصود بالاعتقاد الصحيح الإيمان بالقادة الجينيين الخمسة والعشرين .
الياقوتة الثانية : العلم الصحيح، ويقصد به معرفة الكون من ناحيتيه المادية والروحية والفصل بينهما، ويستطيع الشخص الذي يفصل أثر المادة عن قوته الروحية أن يرى الكون في صورته الحقيقية ، فتتكشف له الحقائق وترتفع عنه الحجب فيميز بين الحق والباطل ولا تشتبه عليه الأمور .
الياقوتة الثالثة : الخلق الصحيح، ويقصدون به التخلق بالأخلاق الحسنة التي تحث عليها الجينينة من عدم القتل لكل ذي روح ولو كان حشرة والصدق والعفاف والزهد في الملكية .
العري عند الجينية :
من الأوجه الغريبة في سلوكيات الرهبان الجينيين العري، الذي يعدونه مرحلة متقدمة في طريقهم وسلوكهم، وهي مرحلة يصل فيها الراهب حالة من الخمود والجمود تنتفي عنه الغرائز والرغبات إن خيرا وإن شرا، فلا يحب ولا يكره، ولا يفرح ولا يحزن فتستوي عنده الأشياء، فلا يشعر بألم ولا يتلذذ بمتعة فعند ذلك - وفقا لمعتقداتهم - يصل إلى مرحلة السرور والحبور، وعلامة ذلك عندهم أن يتخلص مما يستره فإذا شعر بحياء أو خجل فذلك دليل على أنه ما زال عنده بعض علائق الدنيا ولم يتخلص منها كلية.
الكتب المقدسة عند الجينية:
الكتب المقدسة عند الجينيين ما هي إلا خطب مهاويرا الخمسة والخمسين وكذلك الخطب والوصايا المنسوبة إلى المريدين والعرفاء والرهبان والنساك الجينيين، وقد انتقل هذا التراث عن طريق المشافهة ولم يجمع إلا في القرن الرابع حيث اجتمع زعماء الجينية في مدينة " باطلي بترا " وتدارسوا أمر جمع هذا التراث لما خشوا ضياعه واختلاطه بغيره، فجمعوا بعضه في عدة أسفار واختلفوا في بعض المصادر، ولم ينجحوا في جمع الناس على ما اتفقوا عليه لذلك تأجلت كتابة القانون الجيني حتى سنة 57م فدونوا آنذاك ما استطاعوا الحصول عليه بعد أن فقد كثير من هذا التراث، وفي القرن الخامس الميلادي عقدوا مجلسا آخر بمدينة "ولابهي" حيث تقرر الرأي الأخير حول التراث الجيني الذي يقدسونه ، وقد كتب بداية باللغة المسماة " أردها مجدى " ثم كتب باللغة السنسكريتية .
فرق الجينيين :
بعد موت مهاويرا حدث انقسام شطر الجينيين إلى فرقتين، تسمى إحداهما "ديجامبرا" أي أصحاب الزي السماوي وهؤلاء هم العراة الذين اتخذو السماء ستارا لهم .
والفرقة الثانية : تسمى "سويتامبرا" أي أصجاب الزي الأبيض ومجمل الخلاف بين هاتين الفرقتين دائر في تفاصيل من حياة مهاويرا، وتفاصيل في حياة التقشف والزهد وما إلى ذلك، أما أصول الجينية فقد ظلت من الأمور المتفق عليها بينهم .
ونأتى الى نظرة الإسلام للجينية :
لا يخفى على المسلم حكم الإسلام في هذه الديانة، فهي إلحادية في بدايتها، وثنية فيما بعد، فهي ديانة باطلة لا شك في ذلك ولا ريب .
ولكنا سنقف وقفة نبين فيها منهج الإسلام في تعامله مع حاجات الجسد وتطلعات الروح التي شكلت عقدة اخترعت لها الحلول الجائرة في الديانات الهندية الوثنية، فالملاحظ في الديانة الجينية بل في جل الديانات الهندية الوثنية أن ثمة معاداة ظاهرة واستخفاف مزر بحاجات الجسد ، فالجسد وفقا لهذه الديانات الوثنية ما هو إلا مركب للروح فلا يستحق إكراما ولا اهتماما، بل تعذيبه وإشقاؤه غاية لتتحرر الروح من شقاء الحياة وتعاستها، وكل ذلك نابع من تصور فاسد مبني على أن الجسد سجن لهذه الروح، وأنه بحاجاته المشروعة يعيق تقدم الروح وانطلاقها فلا بد من معاداته وعدم الالتفات إلى قضاء حاجاته .
وهنا يبرز تعامل الإسلام مع هذا الثنائي " الروح / الجسد "، حيث قدم الإسلام منهجا ربانيا يلبي حاجتهما دون أدنى تعارض، فاللروح حق وللجسد حق ولا تعارض بين الحقين ، فالله خلق الغرائز في النفوس لُتلَبى حاجاتها وفقا لشرعه سبحانه لا لتُقْتل تلك الغرائز، فالجائع أباح الله له الطعام، والعطشان أباح الله له الشراب، وذو الشهوة أباح الله له الزواج، وكل هذه التطلعات الجسدية لا تعيق تقرب الروح وصعودها في درجات العبودية لله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم وهو قدوة المسلمين جميعا كان عابدا لله قانتا وكان متزوجا وذا عيال ويأكل الطيبات ويلبس الملابس الجميلة.
وهنا تظهر عظمة الإسلام في كونه وحيا ربانيا ودينا سماويا ، ويظهر عجز الإنسان عن أن يصنع نظاما يسير عليه، أو يضع تصوراً صحيحاً عن الكون والحياة، فالإنسان مهما علا قدره واتسعت معارفه ومداركه، إلا أن قدراته في التصور تظل محدودة لا يستطيع النفاذ بها ليكشف ما وراء الحُجُبِ .
المراجع
اسلام ويب العقيدة والفرق والمذاهب
موسوعة ويكبيديا
مقالات عبر الانترنت
اختى الفاضلة نضال 3 جزاكى الله كل خير على مرورك الطيب وعلى ما أضفتيه للموضوع بارك الله فيكى نعم اختى الغالية لقد حرفوا كلام الله عن موضعه وادعوا على المسيح الكذب والزور والمسيح عليه السلام كان نبيا مرسلا من عند الله ولم يكن كاذبا أبدا ولكنهم نسبوا له زورا وبهتنا نبؤات كاذبة وأدعوا ألوهيته وليس هم وحدهم الذين فعلوا ذلك ففى هذا البحث أردت أن أوضح كثير هم من تجرأوا على الله سبحانه وتعالى وأدعوا الألوهية او أدعوا انهم احدى أقانيم الأله ( لقد على الله عما يقول الكافرون والظالمون علوا كبيرا)
وكثير هم من ادعوا النبوة وأدعوا انهم اوحى لهم من الله وهم لم يوحى اليهم مثل بولس كما تفضلتى واختى وذكرتى وكثير هم الذين كانوا اصحاب نظرة فلسفية وجودية او كانوا زعماء صالحين ولكن بعد موتهم أتخذهم اتباعهم أنبياء ورسل ونسبوا لهم النبوة او نسبوا لهم الألوهية وهذا ناتج من انحرافات حدثت فى العقيدة نتيجة لعوامل خارجية او داخلية أوناتج ايضا من جهل اوناتج عن رغبة فى مصلحة ما ولم تبعد المسيحية كثيرا عن هذا المنظور ولم تكن بعيدة عن هذا التأثر الذى خرجها عن وحدانية الله كما خرجت مثلها طوائف أخرى أيضا
و يجب ان أذكر هنا شىء هام جدا حتى لا يحدث خلط فى الأمور وهو اننى عندما أذكر فى هذا البحث طائفة من الطوائف التى انحرفت فأنا لا أتحدث عن مذهب من المذاهب الأسلامية أو فرقة من الفرق الأسلامية ولكنى اتحدث عن حركات انحرفت عن العقيدة وضلت لانهم غيروا وبدلوا ورفضوا ما جاء فى الأسلام وٌقاموا بتأليه زعمائهم او انهم نسبوا لهم النبوة كما وضحت فى الفرق السابقة او أدعوا انهم اصحاب دين جديد ومن اجل هذا انا بنقل فتاوى وأراء علماء المسلمين فيهم لانى مجرد ناقلة فمن انا حتى احكم على احد انا اقل من هذا بكثير ولكنى بحاول الوصول معكم الى نقطة هامة جدا محورية فى هذا البحث ومشتركة فى كل ما بعرضه ولكنى سوف اجعلها موضوع للمناقشة بيننا فى نهاية البحث حتى نستفيد جميعا وقد يستفيد مننا من كان يبحث عن الحق و قد نكون جميعا سبب فى ذلك اللهم امين
وتعتبر من أحدى الديانات المنفصلة عن الديانة الهندوسية بل وأكبرها
تعريفها :
ظهرت البوذية في القرن السادس قبل الميلاد، في موطنها الأول الهند متأثرة بالجو العام الذي صبغت به الهندوسية الحياة هناك .
فتبنت نفس مخاوف الهندوسية من أن الحياة مصدر الآلام ، وأن الهروب من تكرار المولد غاية يجب أن نسعى لها، ورغم هذا التقارب بين الديانتين إلا أن البوذية قد اتخذت مسارا مختلفا بعض الشيء عن مسار الهندوسية، وبدت أشد تعقيدا في فهمها، وأشد بعدا عن الفطرة في فكرها، وإن كانت أقل كلفة ومشقة في ممارستها .
انتشرت البوذية في بلدان عديدة: الهند، سريلانكا، تايلاند، كمبوديا، بورما، لاوس، ويسود مذهب "ثيرافادا" في هذه الدول، فيما انتشر مذهب "ماهايانا" في كل من الصين، اليابان، تايوان، التبت، النيبال، منغوليا، كوريا، فيتنام، وبعض الأجزاء من الهند. يتواجد في العالم حوالي 150 مليون إلى 300 مليون شخص من معتنقي هذه الديانة. تعتبر عملية إحصاء عدد المنتسبين لهذه الديانة في البلدان الآسيوية مشكلة عويصة نظرا لتعوُد الناس على اعتناق خليط من المعتقدات في آن واحد، كما أن بعض البلدان مثل الصين تمنع إجراء مثل هذه الإحصاءات نظرا لحساسية الموضوع الديني.
مؤسسها:
ويدعى "سذهاتا" أو "سيدارتا غاوثاما" وأطلق عليه أتباعه "بوذا" أي العارف المستنير ، ولد سنة 563 ق. م. على الحدود الفاصلة بين الهند والنيبال. كان والِدُه حاكما على مملكة صغيرة. تقول الأسطورة أنه وعند مولده تنبأ له بعض الحكماء بأن تكون له حياةٌ استثنائية وأن يصبح أحد اثنين، حكيما أو سُلطانا ونشأ كما يذكر المؤرخون حياة مترفة فهو ابن أحد أمراء بلدته من ذوي الجاه والمنزلة، والأموال الكثيرة، والزروع النضرة، والقصور الشاهقة .
حيث مكث " بوذا " في هذا النعيم ثلاثة عقود من عمره يبهج بمباهج الحياة، وينعم في أثوابها، إلى أن طرأ عليه ما غير حياته، وهو ما رآه في الحياة من صور البؤس والشقاء كالمرض والفقر والحرمان، فحاول أن يجد تفسيرا مقبولا لتلك الآلام !!، عن مصدرها ! عن سببها ! عن كيفية التخلص منها ! فلم يجد إجابة تشفيه، فظن أن ما فيه من النعيم هو الحجاب الذي يغطي عقله عن رؤية الحقيقة واكتشافها.
وفي إحدى الليالي، خرج بوذا متسللا من بيته، بعد أن ألقى النظرة الأخيرة على زوجته وولده، وركب حصانه ليخرج من نعيم ظنه حجابا كثيفا يغشى بصيرته.
عاش بوذا بعد ذلك حياة قاسية، فقد لبس ثياباً من الوبر، وانتزع شعر رأسه ولحيته، لينزل بنفسه العذاب لذات العذاب، وكان ينفق الساعات الطوال واقفاً أو راقداً على الشوك، وكان يترك التراب والقذر يتجمع على جسده، حتى يشبه في منظره شجرة عجوزاً، وكثيراً ما كان يرتاد مكاناً تلقى فيه جثث الموتى مكشوفة ليأكلها الطير والوحش، فينام بين تلك الجثث العفنة، وقلّل من طعامه حتى ربما اكتفى بأرزة في يومه وليلته، ومارس التأمل وغاص في الأفكار عما يؤرقه في سر الحياة وفي سر هذا الكون .
ومكث على هذه الحال سبع سنين، فلم يفده تأمله شيئا، ولم يفهم أفكاره، وإنما أورث جسده ضعفا واضمحلالا ، فعاود تفكيره في هذا المسلك وصلاحيته لإيصاله إلى ما يبتغي من نور المعرفة، فعلم أن الجسد الضعيف لا يغذي عقله إلا بالأوهام والخيالات الفاسدة، بل إنه يَكلُّ عن التفكير، ويضعف عن التأمل، فعاد إلى عيشة الاعتدال مرة أخرى، ولكنه لم يترك السير في سبيل هدفه في تحصيل المعرفة ، بل ظل يعمل تفكيره عله يصل إلى فك لغز الحياة !!
يذكر الباحثون أن بوذا بينما كان يمشي وحيدا مال إلى شجرة في غابة " أورويلا ( Uruyala )،لينعم بظلالها ريثما يتناول طعامه ، لكن المقام طاب له في ظل تلك الشجرة، ويقال : إنه أحس برغبة في البقاء تحتها، فاستجاب لهذه الرغبة وبقى تحتها، وهنا حدث أن سمع من يناديه بداخله - كما حدّث عن نفسه - فقال : " سمعت صوتا من داخلي يقول بكل جلاء وقوة، نعم في الكون حق، أيها الناسك هناك حق لا ريب فيه، جاهد نفسك اليوم حتى تناله "
وبعد هذه الحادثة بدأ بوذا مرحلة جديدة من الدعوة إلى ما توصل إليه، لينال الناس السعادة التي نالها، والمعرفة التي توصل إليها، وابتدأ دعوته برهبان خمسة زاملوه في ترهبه الأول، فلم يعترضوا على دعوته بل وافقوه وآمنوا بما قال، ثم خطا بوذا خطوة أخرى، فجمع حوله مجموعة من الشبان بلغ عددهم مائتين، وعلمهم مبادئ دعوته وجعلهم نواة لها.
ولم تقتصر دعوة بوذا على أهل بلده، وإنما كان يبعث التلاميذ إلى الآفاق، لتعليم الناس ودعوتهم إلى دخول النظام أو عجلة الشريعة - اسم الحركة التي يقودها أو الدين الذي يدعوا إليه - ويجري لهم الاختبارات للتأكد من تأهلهم، ويودعهم قائلا : " اذهبوا وانشروا النظام في البلاد رحمة بسائر الخلق ، وإيثارا لمصلحة الكثيرين على راحتكم، ولا يذهبن اثنان منكم في طريق واحد ، بل يسلك كل واحد سبيلا غير سبيل أخيه "
صفات بوذا :
بنى الهنود بحسهم الأسطوري هالة من العظمة على مؤسس الفكر البوذي، فبالغوا في وصفه، وغلوا في تعظيمه، حتى اتخذوه إلها يعبد من دون الله، ومن جملة ما ادعوا، ما جاء في انجيل بوذا من أوصافه أنه " انتشر نوره، وملأ العالـم، ففتحت عيون المكفوفين، وشاهدوا المجد الآتي من العلاء، وحلّت عقدة ألسنة الخرس، وسمعت آذان الصم ".
ووصفوه بأنه كان " شديد الضبط ، قوي الروح ، ماضي العزيمة ، واسع الصدر ، بالغ التأثير ، جامدا لا ينبعث فيه حب ولا كراهية ، لا تحركه العواطف ولا تهيجه النوازل، مؤثرا بالعاطفة والمنطق "
موت بوذا :
"إن كل مركب مصيره إلى الفساد " هكذا قال بوذا وهكذا كان مصيره، مات بوذا بعد أن عاش ثمانين عاما، فقام تلاميذه وأتباعه بعد موته بحرقه - كالهندوس - وأخذوا يطوفون حوله، كل واحد ثلاث مرات، ثم جمُع رماد جثته وقسموه ثمانية أجزاء وأرسلوا كل جزء إلى جهة رأوها لائقة به، فبنيت فوق الرماد بنايات في الجهات الثمانية.
افكار ومعتقدات بوذا :
بوذا لم يدعى أبدا انه نبى وموحى اليه من الله كما انه لم يدعى انه اله .
فكل ما فعله بوذا أنه رسم طريق النجاة حسب ظنه وحسب تفكيره فدعا إلى بعض الأفكار والمعتقدات التي رآها جديرة بتخليص الإنسان من آلامه، فمن تلك الأفكار:
أولا : إنكار الإله : حيث شكل الإنسان محور دعوة بوذا، فهو لم يكن نبيا يوحى إليه بالمغيبات، أو فيلسوفا يفكر فيما وراء الطبيعة وفي قدم العالم أو حدوثه، بل كانت دعوته منصبة على ما يراه سبيل الخلاص للبشر، ومن هنا كان ينهى تلاميذه عن الكلام في الغيبيات، والحرص على سلوك سبيل النجاة الذي رسمه، ولكنه وقع في زلة ما كان لعاقل أن يقع فيها، وهي إنكار الإله الخالق الذي اتفقت العقول السليمة والفطر المستقيمة على الإقرار بوجوده .
ثانيا : إنكار الروح والعقل : وهو بذلك يقع في تناقض واضح، إذ كيف يؤمن بوذا بالتناسخ وتعاقب الولادات عن طريق تنقل الروح من جسد إلى جسد وهو في ذات الوقت يجحد وجودها !!
ثالثا : اعتقاده بمذهب التقمص أو تناسخ الأرواح : وهو مما ورثه من اعتقادات الهندوس، وهو مذهب قائم على تكرار المولد في ولادات متعاقبة، فلا ينتهي عمر الإنسان في مرحلة ما بالموت حتى يبدأ حياة أخرى، يتحدد فيها قدره سعادة وشقاوة حسبما تهيأ له من السلوك السابق .
واعتقاد بوذا لهذا التعاقب السخيف هو الذي جعله يزدري الحياة البشرية ازدارء مقيتا، فالولادة - في نظره - هي أم الشرور جميعا، لذا لا بد من تجفيف معينها، فدعا إلى الرهبنة وترك ملاذ الحياة ، وفي مقدمتها النكاح ، ولو سمعت البشرية مواعظه في هذا الشأن لما بقي على وجه الأرض من يمشي على ظهرها !!
رابعا: النجاة عند بوذا: أو ما يسمى ب"النيرفانا" وهذه تحصل لمن استطاع أن يعيش حياة يسودها عدل كامل، حياة يسودها صبر وشفقة على الكائنات جميعا، وأن يخمد شهوات نفسه ساعياً وراء فعل الخير دون سواه، عندئذ يجوز أن يجنب نفسه العودة إلى الحياة، وعندها سينجو وسينطلق إلى عالم آخر عالم لا يمت إلى الواقع بصلة . عالم يصفه بوذا بقوله : " أيها المريدون هي طور لا أرض فيه ولا ماء ، ولا نور ولا هواء ، لا فيه مكان غير متناه ، ولا عقل غير متناه ، ليس فيه خلاء مطلق ، ولا ارتفاع الإدراك واللا إدراك معا ، ليس هو هذا العالم ، وذاك العالم ، لا فيه شمس ولا قمر " وهذا الطور أو هذه الحياة التي يصفها بوذا بهذا التعثر والاضطراب هو ما يدعونه النيرفانا والمقصود بها النجاة، وهي خيالات وأوهام فاسدة .
خامسا : إنكار طبقات الهندوس : فقد أنكر بوذا الطبقية من جملة ما أنكر - من عقائد الهندوس - فهي التي ولدت الأحقاد والضغائن بين فئات المجتمع ، وهو ما أعطى لدعوته زخما لدى الطبقات المنبوذة من المجتمع الهندوسي حيث وجدت فيها ملجأ من ظلم البراهمة وتجبرهم .
ويلاحظ أن هذه الاعتقادات لم تكن سوى موروثات ثقافية، سبقت بوذا أو عاشت معه، فإنكار الإله والطبقات هو مذهب الجينية، وكذلك فكرة النجاة عند بوذا هي فكرة معدلة عن فكرة النجاة عند الجينيين، فلا حقيقة لما تقوله البوذية حول إشراقة بوذا، فاعتقاداته في مجملها مستمدة ممن قبله أو عاصره، فأين تلك الإشراقات الجديدة التي جاء بها بوذا !!
وصايا البوذية :
وهي وصايا عشر جوهرية، وهي ـ كما جاءت في دائرة معارف البستاني ـ : لا تقتل، لا تسرق، كن عفيفاً، لا تكذب، لا تسكر، لا تأكل بعد الظهر، لا تغنِ ولا ترقص، وتجنّب ملابس الزينة، لا تستعمل فراشاً كبيراً، لا تقبل معادن كريمة، وهناك وصايا تتعلّق بما يجب أن يقدّم من الاحترام لبوذا والشريعة وهي السيرة الجيّدة، والصحة الجيّدة، والعلم القليل .
الكتب المقدسة عند البوذية :
كانت التعاليم التي خلفها بوذا لأتباعه شفوية. لم يترك وراءه أي مصنف أو كتاب يعبر فيه عن معتقداته وآرائه. بعد وفاته قام أتباعه بتجميع هذه التعاليم ثم كتابها، وشرحها. من بين آلاف المواعظ الواردة في كتابات السوترا والتي تنسبها الآثار الهندية إلى بوذا،و يصعب التفريق بين المواعظ التي ترجع إليه وتلك التي وضعها أتباعه ومُرِيديه بعد وفاته، على أنها تسمح لنا باستخلاص الخطوط العريضة التي قامت عليها العقيدة البوذية.
فبعد موت بوذا اجتمع تلامذته ومريدوه عندما ظهر الخلاف بينهم فيما ينسب إلى بوذا من أقوال وقصص ، وعقدوا مجلسا كبيرا في " راجاجرها " سنة 483 ق . م ليزيلوا أسباب الخلاف . فسألوا كاسي أبا ( kasyapa ) أن يقرأ آراء بوذا فيما وراء الطبيعة فقرأها فتلقوها عنه ورووها، وسألوا أوبالي ( upali ) وكان أسن المريدين أن يتلو عليهم شريعة النظام ففعل فحفظوها ورووها عنه ، ثم سألوا آنندا ( ananda ) أن يلقي عليهم ما سمعه من بوذا من أقوال ومواعظ وما رآه من قصص وحكايات ففعل وتلقوها عنه ورووها .
وظل هذا التراث محفوظا في الصدور حتى عهد الملك آسوكا ( 242 ق. م ) حيث ظهر فيه شيء من التحريف والاختلاف فاجتمع زعماء البوذية وتشاوروا في سبيل حفظ تراثهم، فأجمعوا على وجوب كتابة تلك المجموعات الثلاث " العقائد " "الشريعة أو النظام"، "المواعظ والحكايات"، وسموا تلك المجموعات بالسلال الثلاث فسلة للعقائد، وسلة للقصص والمواعظ، وسلة للشريعة أو النظام، ويقال لهذه السلال الثلاث القانون البالي - نسبة للغة التي كتبت بها - .
العبادة عند البوذيين :
كانت فكرة بوذا عن الدين سلوكية خالصة، فكان كل ما يعنى به بوذا هو سلوك الناس، وأما الطقوس وشعائر العبادة وما وراء الطبيعة واللاهوت فكلها أمور لاتستحق عنده النظر، وحدث ذات يوم أن برهمياً همّ بتطهير نفسه من خطاياها باستحمامه في " جايا " فقال له بوذا: " استحم هنا، نعم ها هنا، ولا حاجة بك إلى السفر إلى " جايا" أيها البرهمي كن رحيماً بالكائنات جميعاً، فإذا أنت لم تنطق كذباً، وإذا أنت لم تقتل روحاً، وإذا أنت لم تأخذ ما لم يعط لك، ولبثت آمناً في حدود إنكارك لذاتك - فماذا تجني من الذهاب إلى " جايا " إن كل ماء يكون لك عندئذ كأنه جايا "
وعليه فليس للبوذية عبادات يفعلونها ولأن بوذا انكر وجود الأله فهم لم يجدوا ما يعبدوه او يقدسوه سوى تقديس بوذا وحمده والثناء عليه، وقد ذكر صاحب كتاب ( دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند ) بعض ترانيم البوذية في الثناء على بوذا من ذلك قولهم :
" أسجد للبوذا الإله الكامل ، الذي انكشف له العالم ( ثلاثا )
أعوذ بالبوذا الإله .
أعوذ بالدين .
أعوذ بجماعة البهشكو ( الفقراء والرهبان البوذيون )
أعوذا بالبوذا الإله مرة أخرى .
أعوذ بالدين مرة أخرى .
أعوذ بجماعة البهشكو مرة أخرى .
أعوذا بالبوذا الإله مرة ثالثة .
أعوذ بالدين مرة ثالثة .
أعوذ بجماعة البهشكو مرة ثالثة .
أتقبل حكما لا إيذاء فيه .
أتقبل حكما لا سرقة فيه .
أتقبل حكما لا شهوة فيه .
أتقبل حكما لا كذب فيه .
أتقبل حكما لا سكر فيه "
فرق البوذية :
أشهرها فرقتان:
الفرقة الأولى: "هنايان" وتعني العربة الصغيرة وهذه الفرقة تنكر وجود الله ، ولا تؤمن بإلوهية بوذا بل تعتقد أنه إنسان عاش كغيره من الناس ومات، إلا أنه بلغ درجات عالية من الصفات الحسنة والأخلاق الكريمة، حتى وصل إلى مرتبة قديس، واستحق أن يلقب ب "آجايا منش " واتخذت من قول بوذا : " لا تطلب من غير نفسك ملاذا " قاعدة أساسية في نيل النرفانا " النجاة "، وانتشرت هذه الفرقة في جنوب الهند وسيلان، وكتب هذه الفرقة كتبت باللغة البالية.
الفرقة الثانية: "ماهايان" وتعني العربة الكبيرة، وهذه تؤله بوذا، وتدعي أنه ليس له جسم، بل إنه نور مجسم، وظلٌّ ظهر في الدنيا، وهو الإله الأكبر الأزلي ، وموضع انتشار هذه الفرقة في الأرجاء الشمالية من الهند والتبت ومنغوليا والصين واليابان.
النظرة إلى الحياة بين الإسلام والبوذية :
بداية نحب أن ننبه إلى أن البوذية كما هو واضح من خلال ما عرضناه من أفكارها لم تكن دينا سماويا على الإطلاق .
وعليه فالمقارنة بينها وبين الإسلام في إحدى جوانبه لم تكن إلا لإظهار نعمة الله على عباده بهذا الدين العظيم ، الذي أراد للإنسان أن يسعد في الدنيا والآخرة .
ومقارنتنا بين الإسلام والبوذية ترتكز حول نظرة كليهما للحياة، فالبوذية ترى أن الحياة شقاء متصل وتعاسة دائمة، ولا يرون فيها إلا وجها مظلما يسعون للتخلص منه، وليس الحال كذلك في الإسلام، فالدين الإسلامي يرى الحياة بوجهيها ويرسمها بشقيها، بخيرها وشرها، بحلوها ومرها، ففيها المصائب والآلام، وفيها أيضا اللذائذ والنعم، والإنسان مطالب في هذه الحياة أن يعمل بالصالحات، لا ليتخلص من الحياة بل ليعمرها، وليعمر أيضا آخرته، وكما أن الإسلام وقف موقف الاعتدال بين تلبية حاجات الجسد وتطلعات الروح، فكذلك كان موقفه من الدين والدنيا، فالدين لا يعادي الدنيا ويجعل منها رجسا وإثما، وإنما يوجه الإنسان ليفيد منها وينعم بلذائذها وشهواتها وفق شرعه ونظامه .
وليس في الإسلام رهبانية، فالنبي صلى الله صلى الله عليه وسلم قد أعلن إعلانا عاما أن " لا صرورة في الإسلام " رواه أحمد والترمذي، والصرورة هي الانقطاع للعبادة على عادة الرهبان، وقد كان صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق ورسول رب العالمين يتنعم بما أباح الله له من لذائذ الدنيا، ويقول: ( حُبِّب إلي الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) رواه أحمد والنسائي ، وكان يحب الحلواء، ويأكل اللحم، ويلبس جميل الثياب ، ولم يكن يحرم على نفسه شيئا من الطيبات مما أباحه الله له . فأين هذا ممن أقام سوق العداوة بين الدنيا وساكنيها وأقام مذهبه على التخلص منها والفكاك عنها!!!
والشىء الغريب والذى لاحظته فى معاملاتى مع البوذيين انهم أسرع ما يكونوا فى الدخول للاسلام ولله الحمد سبحان الله وعندما قرات عن الديانة البوذية علمت لماذا دخولهم السريع فى الأسلام وتوقفت عند نقطة هامة جدا فى حياتهم.
فالبوذى ينكر حسب تعاليم بوذا وجود الله وهو لا يعلم عن الله شيئا ولا يعلم من خلق هذا الكون بكل ما فيه فهو يقدس بوذا رغم علمه بانه بشر وليس اله بل حتى وليس مرسلا من عند الله ولكنه يقدسه لان حياته العبادية خالية من اى تقديس ومن اى عبادة ولان الأنسان بالفطرة التى خلقها الله عليه يميل الى وجود الله مدبر هذا الكون وفى يديه كل امور حياته فبمجرد ان تدعوهم الى الأسلام والى عبادة الله الواحد الأحد الذى خلق كل شىء خلقه وخلق بوذا وخلق الناس اجمعين تراهم يدخلون فى الأسلام بكل ايمان صادق أدعوا الله ان يهديهم أجمعين ويهدينا جميعا الى كل ما يحبه ويرضاه .
مراجع البحث:
- موسوعة ويكبيديا
- اسلام ويب
· مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي.
· قصة الحضارة لول ديورانت.
· دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند للدكتور محمد ضياء الأعظمي .
· بعض مواقع الإنترنت.
النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يعدُّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهيًّا في سيدنا علي رضى الله عنه وألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقضه ,وهم مع كل غاز ومستعمر لأرض المسلمين.
• عرفوا تاريخياً باسم النصيرية، وهو اسمهم الأصلي ولكن عندما شُكِّل حزب سياسي في سوريا باسم (الكتلة الوطنية) أراد الحزب أن يقرِّب النصيرية إليه ليكتسبهم فأطلق عليهم اسم العلويين وصادف هذا هوى في نفوسهم وهم يحرصون عليه الآن. هذا وقد أقامت فرنسا لهم دولة أطلقت عليها اسم (دولة العلويين) وقد استمرت هذه الدولة من سنة 1920م إلى سنة 1936م.
مؤسسها:
مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري عام 270ه ( عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم علي الهادي (العاشر) والحسن العسكري (الحادي عشر) ومحمد المهدي (الموهوم) (الثاني عشر).
ـ زعم أنه البابُ إلى الإمام الحسن العسكري، وأنه وارثُ علمه، والحجة والمرجع للشيعة من بعده، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي.
ـ ادعى النبوة والرسالة ، وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية.
• خلفه على رئاسة الطائفة محمد بن جندب.
• ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني 235 ـ 287 ه من جنبلا بفارس، وكنيته العابد والزاهد والفارسي، سافر إلى مصر، وهناك عرض دعوته إلى الخصيبي.
• حسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيبي: المولود سنة 260 ه مصري الأصل جاء مع أستاذه عبد الله بن محمد الجُنبلاني من مصر إلى جنبلا، وخلفه في رئاسة الطائفة، وعاش في كنف الدولة الحمدانية بحلب كما أنشأ للنصيرية مركزين أولهما في حلب ورئيسه محمد علي الجلي والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري.
ـ وقد توفي في حلب وقبره معروف بها وله مؤلفات وأشعار في مدح آل البيت وكان يقول بالتناسخ والحلول .
• انقرض مركز بغداد بعد حملة هولاكو عليها.
• انتقل مركز حلب إلى اللاذقية وصار رئيسه أبو سعد الميمون سرور بن قاسم الطبراني 358 ـ 427 ه.
• اشتدت هجمات الأكراد والأتراك عليهم مما دعاهم إلى الاستنجاد بالأمير حسن المكزون السنجاري 583 ـ 638ه ومداهمة المنطقة مرتين. فشل في حملته الأولى ونجح في الثانية حيث أرسى قواعد المذهب النصيري في جبال اللاذقية.
• ظهر فيهم عصمة الدولة حاتم الطوبان حوالي 700ه/1300م وهو كاتب الرسالة القبرصية.
• وظهر حسن عجرد من منطقة أعنا، وقد توفي في اللاذقية سنة 836 هـ/ 1432م.
• نجد بعد ذلك رؤساء تجمعات نصيرية كتلك التي أنشأها الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي 1011ه/1602م قرب أنطاكية، وعلي الماخوس وناصر نصيفي ويوسف عبيدي.
• سليمان أفندي الأذني: ولد في أنطاكية سنة 1250ه وتلقى تعاليم الطائفة، لكنه تنصر على يد أحد المبشرين وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الباكورة السليمانية يكشف فيه أسرار هذه الطائفة، استدرجه النصيريون بعد ذلك وطمأنوه فلما عاد وثبوا عليه وخنقوه واحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية.
• محمد أمين غالب الطويل: شخصية نصيرية، كان أحد قادتهم أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا، ألف كتاب تاريخ العلويين يتحدث فيه عن جذور هذه الفرقة.
• سليمان الأحمد:شغل منصباً دينيًّا في دولة العلويين عام 1920م.
• سليمان المرشد: كان راعي بقر، لكن الفرنسيين احتضنوه وأعانوه على ادعاء الربوبية، كما اتخذ له رسولاً (سليمان الميده) وهو راعي غنم، ولقد قضت عليه حكومة الاستقلال وأعدمته شنقاً عام 1946 م.
جاء بعده ابنه مجيب، وادعى الألوهية، لكنه قتل أيضاً على يد رئيس المخابرات السورية آنذاك سنة 1951م، وما تزال فرقة (المواخسة) النصيرية يذكرون اسمه على ذبائحهم.
أفكارهم ومعتقداتهم :
جعل النصيرية سيدنا على رضى الله عنه إلهاً ، وقالوا بأن ظهوره الروحاني بالجسد الجسماني الفاني كظهور جبريل في صورة بعض الأشخاص.
• لم يكن ظهور (الإله علي) في صورة الناسوت إلا إيناساً لخلقه وعبيده.
• يحبون (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل الإمام علي رضى الله عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت من الناسوت ، ويخطِّئون من يلعنه.
• يعتقد بعضهم أن سيدنا على رضى الله عنه يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده وإذا مر بهم السحاب قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن، ويقولون إن الرعد صوته والبرق سوطه.
• يعتقدون أن على رضى الله عنه خلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأن محمد صلى الله عليه وسلم خلق سلمان الفارسي وأن سلمان الفارسي قد خلق الأيتام الخمسة الذين هم:
ـ المقداد بن الأسود: ويعدونه رب الناس وخالقهم والموكل بالرعود.
ـ أبو ذر الغفاري: الموكل بدوران الكواكب والنجوم.
ـ عبد الله بن رواحة: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.
ـ عثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.
ـ قنبر بن كادان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام.
• لهم ليلة يختلط فيهم الحابل بالنابل كشأن بعض الفرق الباطنية.
• يعظمون الخمرة، ويحتسونها، ويعظمون شجرة العنب لذلك، ويستفظعون قلعها أو قطعها لأنها هي أصل الخمرة التي يسمُّونها(النور).
• يصلون في اليوم خمس مرات لكنها صلاة تختلف في عدد الركعات ولا تشتمل على سجود وإن كان فيها نوع من ركوع أحيانا.ً
ـ لا يصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة من وضوء ورفع جنابة قبل أداء الصلاة.
ـ ليس لهم مساجد عامة، بل يصلون في بيوتهم، وصلاتهم تكون مصحوبة بتلاوة الخرافات.
• لهم قدَّاسات شبيهة بقداسات النصارى من مثل:
ـ قداس الطيب لك أخ حبيب.
ـ قداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور.
ـ قداس الأذان وبالله المستعان.
• لا يعترفون بالحج، ويقولون بأن الحج إلى مكة إنما هو كفر وعبادة أصنام !!.
• لا يعترفون بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا ـ نحن المسلمين ـ وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم زاعمين بأن مقدارها خمس ما يملكون.
• الصيام لديهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان.
• يبغضون الصحابة بغضاً شديداً، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
• يزعمون بأن للعقيدة باطناً وظاهراً وأنهم وحدهم العالمون ببواطن الأسرار، ومن ذلك:
ـ الجنابة: هي موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني.
ـ الطهارة: هي معاداة الأضداد ومعرفة العلم الباطني.
ـ الصيام: هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة.
ـ الزكاة: يرمز لها بشخصية سلمان.
ـ الجهاد: هو صب اللعنات على الخصوم وفُشاة الأسرار.
ـ الولاية: هي الإخلاص للأسرة النصيرية وكراهية خصومها.
ـ الشهادة: هي أن تشير إلى صيغة (ع. م. س).
ـ القرآن: هو مدخل لتعليم الإخلاص لعلي، وقد قام سلمان (تحت اسم جبريل) بتعليم القرآن لمحمد.
ـ الصلاة: عبارة عن خمس أسماء هي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة، و(محسن) هذا هو(السر الخفي) إذ يزعمون بأنه سقْطٌ طرحته فاطمة، وذكر هذه الأسماء يجزئ عن الغسل والجنابة والوضوء.
• أعيادهم :
لهم أعياد كثيرة تدل على مجمل العقائد التي تشتمل عليها عقيدتهم ومن ذلك:
ـ عيد النَّيروز: في اليوم الرابع من نيسان، وهو أول أيام سنة الفرس.
ـ عيد الغدير، وعيد الفراش، وزيارة يوم عاشوراء في العاشر من المحرم ذكرى استشهاد الحسين في كربلاء.
ـ يوم المباهلة أو يوم الكساء: في التاسع من ربيع الأول ذكرى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران للمباهلة.
ـ عيد الأضحى: ويكون لديهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة.
ـ يحتفلون بأعياد النصارى كعيد الغطاس، وعيد العنصرة، وعيد القديسة بربارة، وعيد الميلاد، وعيد الصليب الذي يتخذونه تاريخاً لبدء الزراعة وقطف الثمار وبداية المعاملات التجارية وعقود الإيجار والاستئجار.
ـ يحتفلون بيوم (دلام) وهو اليوم التاسع من ربيع الأول ويقصدون به مقتل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فرحاً بمقتله وشماتة به.
الجذور الفكرية والعقائدية:
• استمدوا معتقداتهم من الوثنية القديمة، وقدسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكناً للإمام علي رضى الله عنه .
• تأثروا بالأفلاطونية الحديثة، ونقلوا عنهم نظرية الفيض النوراني على الأشياء.
• بنوا معتقداتهم على مذاهب الفلاسفة المجوس .
• أخذوا عن النصرانية، ونقلوا عن الغنوصية النصرانية، وتمسكوا بما لديهم من التثليث والقداسات وإباحة الخمور.
• نقلوا فكرة التناسخ والحلول عن المعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية.
• هم من غلاة الشيعة مما جعل فكرهم يتسم بكثير من المعتقدات الشيعية وبالذات تلك المعتقدات التي قالت بها الرافضة بعامة والسبئية (جماعة عبد الله بن سبأ اليهودي) بخاصة.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• يستوطن النصيريون منطقة جبال النصيريين في اللاذقية، ولقد انتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم.
• يوجد عدد كبير منهم أيضاً في غربي الأناضول ويعرفون باسم (التختجية والحطابون) فيما يطلق عليهم شرقي الأناضول اسم (القزل باشيه).
• ويعرفون في أجزاء أخرى من تركيا وألبانيا باسم (البكتاشية).
• هناك عدد منهم في فارس وتركستان ويعرفون باسم (العلي إلهية).
• وعدد منهم يعيشون في لبنان وفلسطين.
وجه الاتفاق بينهم وبين الدروز :
ولأهمية علاقة الدروز بالنصيرية والتقائهما في كثير من العقائد، نورد نص ما جاء في مخطوطة (في تقسيم جبل لبنان) عن العقائد المتشابهة بين النصيرية والدروز:
1 – قضية التناسخ :
بانتقال أرواح من مات منهم إلى جسم آخر، ولكن الدروز يقتصرون على انتقال الأرواح من الإنسان إلى الإنسان فقط، حتى أنهم يزعمون أن روح الدرزي لا تنتقل لجسد غير درزي، وهكذا المسلم ينتقل إلى مسلم، والنصراني إلى نصراني وهلم جرّا.
وإذا تنصر واحد منهم مثلا ومات نصرانيا، وأسلم ومات مسلما، فلابد أن تكون والدته قد جاءت به من الزنا مع رجل مسلم أو نصراني أو يهودي، بحسب الملة التي انتقل إليها ذلك الرجل أنه لابد من بقاء أنفس كل ملة على مقدار ما هي عليه، وهكذا لو أن نصرانيًا مثلا اطلع على دين الدروز واعتقده وعمل بموجبه ومات على ذلك فترجع روحه إلى ملته القديمة لأن الباب قد قفل بعد ظهور الحاكم بأمره وآمن من آمن، وكفر من كفر وانقطع الأمل ولم يبق وجه لدخول أحد في دينهم.
وأما النصيرية فيعتقدون بانتقال الأرواح من البشر إلى البهائم والحشرات حتى من الممكن انتقال روح أحدهم إلى المعادن كالحديد مثلا لكي تحمى بالنار ويتطرق بالمراذب على السدان، وذلك لأجل القصاص، ثم ترجع تلك الروح ثانية إلى البشر ولا تزال تتكرر حتى تتطهر وحينئذ تصير تلك الروح نجمة تلمع في السماء، وأن الكواكب هي أرواح الصلحاء الذين ماتوا منهم.
2 – قضية العاقل والجاهل :
فالعقال يسترون دينهم عن الجهال منهم وإذا أراد أحد الجهال أن يدخل في أمور الديانة، فلا يسلمون الديانة إلا بالتدريج بعد أن يتتلمذ إلى أحد مشايخ دينهم ويتخذه والدا دينيا له.
3 – يتفقون معهم باستباحة وقتل وسلب من يخالف معتقدهم.
4 – يتفقون معهم بقدمية زمان إيجاد العالم، وأن العالم قد خلق على ما هو عليه الآن لا يزيد ولا ينقص.
5 – يتفقون معهم بقضية الأدوار والأئمة والناطق والأساس والسابق والتالي، ولكن يختلفون في صفات أصحاب الأدوار، فالبعض من هؤلاء الأشخاص يكرمونهم بأكثر مما يكرمهم الدروز، ويكرمون بعض الأشخاص الممقوتين من الدروز مثل رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام وسيدنا على رضى الله وبطرس وموسى ويوشع وإبراهيم وإسماعيل ونوح وسام وآدم وهابيل ثم شيت. 6 – وهم يعتقدون بالقرآن ويفسرونه على ما يطابق معتقداتهم التي هي مؤلَّفة من جملة معتقدات مختلفة) .
ونستنتج من هذا أن نقطة الخلاف الرئيسية بين الدروز والنصيرية هي ألوهية الحاكم عند الدروز، وألوهية سيدنا على رضى الله عنه عند النصيرية، أما بقية العقائد فقد يلتقون في شيء منها، ويختلفون في شيء آخر منها، كما هو في عقيدة التناسخ، فالدروز يصورونها على أنها تقمص من جسد إنسان إلى جسد إنسان آخر، بينما النصيرية يجيزون أن تتحول النفس الإنسانية إلى حيوان أو نبات أو جماد .وهكذاللاستزادة انظر للمرجع :
عقيدة الدروز عرض ونقد لمحمد أحمد الخطيب – ص 257
خلاصة قولنا :
أن النصيرية فرقة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، وهي فرقة غالية، خلعت صبغة الإسلام، وطرحت معانيه، ولم تستبق لنفسها منه سوى الاسم، ويعتبرهم أهل السنة خارجين عن الإسلام، ولا يصح أن يعاملوا معاملة المسلمين، بسبب أفكارهم الغالية وآرائهم المتطرفة ومن ذلك آراؤهم التي تهدم أركان الإسلام فهم لا يصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة ولهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى ولا يعترفون بالحج أو الزكاة الشرعية المعروفة في الإسلام.
• يقول شيخ الأسلام ابن تيمية:((هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية ـ هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية ـ أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم.. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم)).
مراجع للتوسع:
- صيد الفوائد.
- الدرر السنية.
ـ الجذور التاريخية للنصيرية العلوية، الحسيني عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة 1400هـ / 1980م.
ـ الملل والنحل، أبو الفتح الشهرستاني.
ـ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ـ دار الكتب العربية ـ القاهرة.
ـ رسائل ابن تيمية، رسالة في الرد على النصيرية.
ـ الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية، سليمان أفندي الأذني. بيروت، 1864م.
ـ تاريخ العلويين، محمد أمين غالب الطويل ـ طبع في اللاذقية عاصمة دولة العلويين عام 1924م.
ـ خطط الشام، محمد كرد علي ـ ط دمشق 1925م ـ ج 3/265 ـ 268 ج 6/107 ـ 109.
ـ دائرة المعارف الإسلامية، مادة نصيري.
ـ إسلام بلا مذاهب، د. مصطفى الشكعة ـ ط دار القلم ـ القاهرة ـ 1961م.
ـ تاريخ العقيدة النصيرية، المستشرق رينيه دوسو ـ نشرته مكتبة أميل ليون وبداخله كتاب المجموعة بنصه العربي.
ـ الأعلام للزركلي، 2/254 بيروت ـ 1956م.
ـ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، 3/357 ـ ط دار المعارف ـ 1962م.
ـ الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، د. أحمد محمد الخطيب، مكتب الأقصى، عمان.
ـ دراسات في الفرق، د. صابر طعيمة ـ مكتبة المعارف ـ الرياض 1401هـ / 1981م.
- L. Massignon Minora, Beyrouth 1963.
ظهرت السيخية متأخرة عن الديانات الهندية الكبرى التي ظهرت قبل ميلاد المسيح عليه السلام، حيث ظهر مذهب السيخ في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي، وذلك بعد أن أشرق فجر الإسلام على ربوع الهند وقامت فيه ممالكه ودوله.
وهى ديانة وضعية أرضية جمعت عناصرها من الثقافة الهندوسية ومن الدين الإسلامي، وقد أراد واضعها جمع المسلمين والهندوس على دين واحد، إلا أنه فشل في ذلك، فظلت الديانتان على حالهما، وشكل هو وأتباعه دينا جديدا تحت مسمى السيخية .
مؤسسها :
المؤسس الأول لهذه الديانة هو «ناناك» المولود سنة 1469م، الذي عاش في ظلّ مناخ ديني هندوسي إسلامي، من أبوين هندوسيين وفي ظلّ جوّ إسلامي.
اختلاطه بالمسلمين ومجالسته للصوفية منهم قد أثر فيه، مع ما قد عرف عنه من نقده لبعض جوانب الهندوسية، فتولد عنده همُّ الجمع بين الديانيتين، فخرج على الناس بالدعوة إلى الدمج بين الديانتين تحت شعار " لا هندوس لا مسلمون " .
فنبذه المسلمون والهندوس على السواء ، وانحاز هو وأتباعه ليكونوا جماعة دينية مستقلة، كغيرها من الجماعات الدينية التي تعج بها الهند.
أنشأ لديانته الجديدة معبدا، وكان هو أول معبد لها في "كارتاربور" ، وينسب إليه كتاب " كرو كرنتها صاحب " وهو من الكتب المقدسة لدى السيخ .
توفي تاناك سنة 1539م، وقبل وفاته عين أحد طلابه خليفة له، وقد دفن في بلدة ديرة "باباناناك" بالبنجاب الهندية الآن .
ولـم يكن ناناك هو أوّل من قام بمحاولات إصلاحية، بل سبقه إلى ذلك Kabir «كبير» (1440ـ1518) الذي تأثّر بالتراث الهندوسي وبالقرآن الكريـم.
ولعلّ ما حدا بكلّ من كبير Kabir، وناناك من بعده إلى طرح حركتيهما الإصلاحيتين، هو ذلك التعصب الذي وجداه في مجتمعيهما، ولهذا نجد ناناك قد أسس السيخية على أساس أنَّه لـم يلمس ثمة فارق بين اللّه اسم الجلالة عند المسلمين وفيشنو Vishnu الإله الحافظ عند الهندوس.
ولكنَّه كان ينكر الوحي، وعنده اللّه ينير الروح، ويحيط علمه بالملايين، وهو الخالق لملايين الأشكال والأجسام وهو ليس متجسماً، ومغاير لكلّ المخلوقات، وما هذا المفهوم إلاَّ ما نصّت عليه الآية الكريمة التي جاء فيها: ] ليس كمثله شيء وهو السميع العليم[ (الشورى:11).
و لنتعرف أكثر على ناناك :
المعلم ناناك (1469ـ1539م): Gourou Nanak:
يُعدُّ ناناك المؤسس الأول والحقيقي للسيخية في أواخر القرن الخامس عشر للميلاد، والسيخية لفظة هندية معناها تلامذة، اسم أمّة هندية أهم مواطنها البنجاب.
ولد ناناك في البنجاب من عائلة هندوسية وضيعة الشأن ضمن التصنيف الهندوسي للطبقات الاجتماعية، وطبقته كانت دون طبقة كشاتريا طبقة العسكر.
عمل ناناك في مطلع شبابه في خدمة حاكم سلطانبور Sultanpur، في المحاسبة مما أكسبه خبـرة في الحياة العملية، واغتنم وجوده في سلطانبور، وحصل ثقافة أولية في الهندوسية والاسلام، وتعرف على عامل مسلم يدعى ماردانا (Mardana)، وكان ماردانا هذا عازف ربابة، وبرفقته بدأ ناناك ينظّم بعض الأناشيد التي كان ينشدها على ألحان ربابة ماردانا، وأسسا معاً فرقة للإنشاد الديني، وتعاونا في إقامة مطعم صغير شعبي كان يقصده مسلمون وهندوس من مختلف الفئات، كلّ ذلك وفَّر للمعلم ناناك أوسع اتصال مع النّاس.
وعندما بلغ ناناك الثلاثين من العمر، اختفى عن الأنظار بعض الأيام ليظهر مدَّعياً أنَّه مكلّف بدعوة من الإله، «لقد زعم، وهو مقتنع بذلك بأنَّه، وبناءً لنداء إلهي علوي، بات الرسول المبعوث للمسلمين والهندوس ولكلّ الطبقات الاجتماعية وكذلك للفضلاء من النّاس والصالحين. ودعوته لها قواعد أساسية كالكد والعناء والتقشف، وممارسة الإحسان والبرّ، والتأمّل الذي تصدر عنه مدائح مؤلفه من قبل الغورو، وأهمية التأمّل لأنَّه يوفر للإنسان غذاءً روحياً مـمّا يمكنه من رؤية اللّه في وجوه كلّ أبناء الإنسانية، على حد تعبيرClarke .
وعلى هذا الأساس كما يقول (بارندر جفري) بدأ رحلته إلى أهم البلدان كمكة، وبغداد والتيبت ومختلف أرجاء الهند وشرقي آسيا. ومن هنا اكتسب ناناك علومه من مصادر متعدّدة، وهو وإن لـم يكن في نيته بالأصل أن يؤسس ديناً أو مذهباً خاصاً به، إلاَّ أنَّه بعد فترة أصبح صاحب دين جديد، ولكنَّ الغزو المغولي لبلاد الهند دفعه لأن يوقف رحلاته، وقضى معظم سنوات حياته المتبقية في قرية كارتربور Kartur Pur إلى أن مات هناك قرب نهاية العقد الرابع من القرن السادس عشر حوالي شهر سبتمبر 1539»، وفي هذه القرية أقام ناناك أوّل معبد للسيخ والقرية تقع اليوم في باكستان.
ويذكر البستاني في دائرة معارف السلسلة الطويلة من الغورو أهم الحوادث في عهودهم فيقول : خلفه في زعامة الجماعة السيخية عدد من الأشخاص كان كلّ واحدٍ منهم يلقب بـ «غورو Gourou» أي المعلم، ويبدو أنَّ تحوّلاً حصل في نظرة السيخ إلى زعمائهم، حيث كان أتباع الغورو ناناك يدعون في البداية ناناك بنتيز (Nank Panthis)؛ أي المتحدون مع ناناك، وبعد مدّة أصبح الواحد منهم يُعرف باسم السيخ وتعني الكلمة: المتعلّم أو «المريد».
خلف ناناك في زعامة السيخ أنغاد (1504ـ1552م)، فكتب على مذهب أبيه التفاسير، وخلف الغورو أنغاد، الغورو رامداس (1479ـ1574م)، فبدأ بعملية بلورة الشخصية السيخية، مدخلاً بعض الطقوس الهندوسية إلى السيخية، كالاغتسال في الأعياد، والتركيز على زيارة الأنهار على طريقة الهندوس، كما أنَّه أحدث تطوّراً آخر حيثُ انتقل بالسيخ إلى الريف لينشر دعوته بين الريفيين بعد أن كانت محصورة، في عهد المؤسس وخليفته أنجاد، بين سكان المدينة.
وجاء دور الخليفة الرابع الغورو رامداس، وهو زوج ابنة رامداس Ram Das (1534ـ1581م)، ألّف أناشيد أضيفت إلى التراث السيخي، وقد أدخلت خمسة منها في نصوص كتاب السيخ المقدّس آدي غرانت Adi Granth، وما صاغه هو تأمّلات في اللّه تعالى الذي لا تدركه الأبصار ولا شكل له.
وهو الذي أسس مدينة أمريستار Amristar وهي تبعد 40 كيلومتراً عن جوندفال لجهة الشمال الغربي، وبعد هذا الإجراء باتت أمريستار مدينة السيخ المقدّسة، وفيها أهم معابدهم على الإطلاق، معبد الذهب . وإن كان بناء هذا المعبد قد تـمَّ من قبل الغورو الخامس أرجان Arjun.
أمّا الغورو الخامس أرجان (1563ـ1606) ويُعتبر بحقّ من مؤسس السيخية الأساسيين، واستقر في أمريستار، وفي عهده وبإشرافه بنى السيخ معبدهم الرئيس المسمى معبد الذهب والذي لا يزال، حتّى يومنا هذا، الموقع الأكثر قداسة عند السيخ، كما أنَّ أرجان هو الذي جمع تعاليم السيخية في كتاب دعاه آدي غرانت Adi-Granth، أو غرانت صاحب Granth-Sahib، ومعناه الكتاب الأول، وعقد أتباعه محالفة سياسية تحت رياسته فنمت السيخية، وتعزز وجودهم ما أثار حفيظة المغول، فألقى حاكم المغول القبض عليه، وألقى به في السجن وقتله سنة 1606م، وقد كان لهذه الحادثة انعكاس قوي على مسار السيخ الأخلاقي، وانقلبت من محبة السلم والراحة إلى حبّ الحرب والانتقام، فاجتمعوا تحت قيادة هارغومند الغورو السادس، لمقاتلة المسلمين، ولكنَّ المسلمين ظفروا بالسيخ وطردوهم من جوار لاهور فلجأوا إلى الجبال الشمالية المجاورة، وكان هو أول الرؤساء السيخ الذي سمح لأتباعه بأكل لحوم الحيوانات إلاَّ لحم البقر.
وتوفي عام 1644 عن ولدين سورات سنغ وتغ سنغ وكانا وقتئذٍ فارّين من وجه المسلمين فخلفه حفيده هار راي Har Rai وسمي معلمهم سنة 1644م.
وجرى هارراي بخلاف سياسة سلفه، فآثر المسالمة مع المغول والعودة عمّا سنَّه سلفه، وكان عهده مرحلة سلام بالنسبة للسيخ. وهارراي هو حفيد الغورو السادس هارغوبند.
أمّا الغورو الثامن هاركريشان (1656ـ1664م) فقد سمّاه والده هار راي لمنصب الغورو، وآلت إليه الأمور وهو صغير السن سنة (1661م)، ولكنَّه لـم يعش طويلاً وأصيب بالجدري، وكانت وفاته عام (1664م)، أي عن عمر ثماني سنوات.
وأصبح الغورو التاسع تاج بهادور (1622ـ1676م)، وهو ابن هارغوبند الغورو السادس، وكان يميل إلى المسالمة وعدم اعتماد المواجهة والحرب. وآلت القيادة بعده إلى الغورو العاشر ابنه غوبند سنغ (1666ـ1708م). وكان الغورو العاشر والأخير، تسلّم مهمته عام 1776م، وبالرغم من حداثة سنه عزم على الأخذ بثأر أبيه وإنقاذ أتباعه من يد المغول، فسنّ لهم قانوناً وألّف دولة مستقلة، وأضاف إلى كتابهم الأول تواريخ حياة أسلافه، وجعل لقومه ثوباً خاصاً وعادات خاصة كإطلاق شعر الرأس، واللحية وفرض عليهم أن يكونوا كلّهم جنوداً تحت السِّلاح وأسس الخلسا Khalsa (الطاهر) وتعرف عموماً عند السيخ بأنَّها (المخلصون للسيخية) ويوحد بين مختلف جوانب التزامات السيخي الدينية والاجتماعية والعسكرية، فحوّل بذلك السيخية إلى مؤسسة يحكمها نظام عسكري، وساوى بين الجميع وأطلق على أتباعه اسم سنغة ومعناه سباع وبدأ بمحاربة سلاطين المغول فلم يفلح وقتل أحد أخصامه وكان آخر أمراء السيخ فإنَّه وضع لهم قانوناً جعل به السيادة لمجلس وطني (غورو ماتا) مؤلف من رؤساء الأمّة
أفكارها ومعتقداتها :
تشتمل أفكار السيخ ومعتقداتهم على خليط غير متجانس من العقائد والأفكار التي أُخذت من الديانة الإسلامية والثقافة الهندوسية، فمن معتقدات السيخ :
1- القول بالتوحيد : وهذا أخذوه من المسلمين إلا أنهم خلطوه بشرك الهندوس، فزعم رئيسهم - وفق ما ذُكر في كتابهم المقدس : " إن برهما خرج من سرة وشنو " وكلاً من برهما وشنو من آلهة الهندوس، فبرهما هو الخالق عندهم وشنو أو فيشنو هو الإله الحافظ لأمر العالم، وبهذا الجمع الغريب يكون السيخ قد جمعوا بين لفظ التوحيد عند المسلمين وحقيقة الشرك والتعدد عند الهندوس !!
2- القول بوحدة الوجود، وهذا القول لا شك أنهم أخذوه عن الهندوسية، فالإسلام يفصل فصلا تاما بين حقيقة الإله الخالق المعبود، وبين خلقه من الحيوان والجماد، وأما الهندوسية فتعتقد أن المخلوقات برزت من مادة الإله ولذلك فغاية المنى عند الهندوسي أن يتحد بالإله، ولعل هذه النظرة الهندوسية هي التي أخذ السيخ منها القول بوحدة الوجود .
3- تحريم عبادة الأصنام وصناعتها، وهذا مأخوذ من المسلمين، أما الهندوس فتكاد تضيق بيوتهم ومعابدهم بها .
4- القول بتناسخ الأرواح، وهو من صلب عقيدة الهندوس، فالأرواح تنتقل من جسد إلى آخر دائما وأبدا إلا أن تنجو فتتحد بالإله برهما - وفق اعتقاد الهندوس -، وقد أدخل السيخ تعديلا على عقيدة التناسخ فأرجعوا الأمر إلى الله سبحانه، فقالوا : إن التناسخ ليس بالضرورة بل قد ينجو الإنسان من التنقل أحيانا بلطف الله سبحانه.
5- تحريم الرهبنة : حيث يوجبون على أتباع الطائفة السعي لطلب الرزق، وهذا بلا ريب مأخوذ من الإسلام الذي حرم الرهبانية وأوجب على العبد اكتساب معيشته، على خلاف مذهب الهندوس الذي يرغب أتباعه في الرهبنة وترك العمل والسلبية في الحياة.
6- الإيمان بأصل النبوة والرسالة : وأن الله يبعث إلى عباده رسلا يهدونهم ويدلونهم إلى طريق الخير والصلاح، وهذا القدر يشبه معتقد المسلمين، أما الهندوس فيؤمنون بأن الله إذا أراد هداية خلقه نزل إليهم في صورة بشر لإنقاذهم، وقد تسرَّب القول بألوهية المصلح إلى السيخ من قبل زعيمهم "أرجن داس" المتوفي سنة 1601م، والذي أعلن القول بألوهية جميع المصلحين السابقين ابتداء "بنانك" مؤسس السيخية وانتهاء به، وجاء المصلحون من بعده فادعوا لأنفسهم مثل ما ادعى لنفسه !!!
7- إباحة شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وتحريم أكل لحوم الأبقار، وهذا من دين الهندوس .
8- الدعوة إلى الوحدة بين الهندوس والمسلمين ورفع شعار " لا هندوس لا مسلمون " يقول الزعيم السيخي كوبند سنغ : " لا فرق بين مندر " معبد الهندوس " ومسجد وبين عبادة الهنادك وصلاة المسلمين "
9- المحافظة على التزام القواعد الخمس وهي بمثابة الهدي الظاهر لهم وهي :
الأولى : " الكيشو " ومعناها إرسال شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما.
الثانية : "الكانغا" وهو عبارة عن تضفير الشعر وتركه مجدولا عوضا عن مشطه .
الثالثة : " الكانشا " وتعني لبس سروال متسع يضيق عند الركبتين، وتحريم لباس "دهوتي"، وهو الرداء الذي يلبسه الهندوس، وطوله ستة أمتار، يلف حول الجسد من تحت السرة .
الرابعة : "الكارا" وهو سوار من حديد يلف حول المعصم، ويحرم لبس جميع أنواع الحلي والجواهر .
الخامسة : "الكربال" وهو عبارة عن نوع من السيوف أو الخناجر يلبسه السيخي ليتحلى به، وليحمي السيخي نفسه من أعدائه .
لا وجود لنظام كهنوتي عند السيخ وإنَّما الراشدون من الجنسين هم الذين يقومون بإحياء الطقوس الدينية والشعائر بما في ذلك أداء الترانيم والأناشيد في صلاتهم وسائر مناسباتهم، وطقوسهم متنوّعة الأصول فمنها ما هو من أصل هندوسي ومنها ما هو من أصل إسلامي، وأخرى من مصدر مسيحي كالتعميد مثلاً.
المجتمع السيخي مجتمع ذكوري، يتمّ إقرار أمور الطائفة من خلال حالة شورى تتمّ في المعبد وبالتصويت، والنساء لا تشارك في هذا العمل.
وإذا انتقلنا إلى الأسرة، وهي الحلقة المهمة في المجتمع، نجد أنَّ الزواج عندهم زواج ديني بحت، ويتمّ في المعبد «الغوردوارا»، ومراسمه تتمّ أمام كتابهم «الغورو غرانت صاحب».
أمّا الولادة وإنجاب طفل فلها كذلك بعض المستلزمات، وأولها إنشاد بعض المقاطع من نصوصهم الدينية احتفالاً بالمولود الجديد، و «بعد أيام قليلة يحضرون الطفل إلى الغوردوارا ويفتح كتاب ألـ «آدي غرانت» ويعطى المولود اسماً استناداً إلى أحرف الكتاب ويكون عادة الحرف الأول من الكلمة الأولى على الصفحة اليسرى».
عندما يتفتح الوعي عند الطفل يبدأون بتعليمه بعض النصوص المقدّسة من كتبهم، وعند البلوغ يعمِّدون أولادهم، ويكون ذلك باحتفال في الغوردوارا يسقون المعمَّد فيه شراباً يسمّونه الرحيق الإلهي وبعدها يُعلنون انضمامه إلى الأخوية المسماة الخلسا.
وبعد وفاة الإنسان هناك مراسم خاصة بالجنائز مأخوذة من الهندوس، حيث تُحرق الجثة، ويتمّ حرق الجثمان وسط تواشيح وأناشيد معينة ترتل بشكل متواصل، وتتلى صلاة ابتهالية.
بعد إحراق جثة الميّت يتبع السيخ عادة الهندوس حيثُ يلقون رماد الجثمان في أحد الأنهار ويفضلون إلقاءها في نهر الغانج، وهو النهر المقدّس عند الهندوس.
بناء على ما تقدّم يمكننا القول إنَّ ديانة السيخ وعباداتهم وطقوسهم وسائر شعائرهم هي مزيج من مصادر متنوعة ومتعددة، فمنها الإسلامي ومنها الهندوسي ومنها المسيحي كالتعميد، ومنها عادات وتقاليد اجتماعية موروثة أو وافدة، لكن على أي حال فإنَّهم يشكّلون اليوم جماعة بشرية لها معتقدها ومفاهيمها وخصوصياتها، كما أنَّها تتصرّف بشكل عدواني حيال المسلمين، وبدرجة أقل عدوانية حيال الهندوس من مواطنيهم، وهم يشكلون مجتمعاً خاصاً ومتميزاً يُقارب عدده العشرين مليوناً.
الكتب المقدسة لدى السيخ :
ألف قادة السيخ كتبا قدسها أتباعهم، واتخذوها مصدر هداية لهم، فمن تلك الكتب:
كتاب آدي غرانت ويشتمل على مجموعة من الأناشيد الدينية ألفها المعلمون الخمسة الأوائل وتبلغ قريبا من 6000 نشيد ديني.
كتاب " كروكرنتها صاحب " وينسب إلى مؤسس السيخية نانك.
كتاب "راحت ناما" ويحتوي على آداب وتقاليد " الخالصدال" وهي طائفة من الشباب التزمت بنظام سلوكي قاس، حيث ينصرفون إلى العبادة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدونه .
عبادة السيخ : تتمحور عبادة الإله عند السيخ بترديد الأناشيد من كتبهم المقدسة التي سبق ذكرها.
ويتضح لنا الأن أن الديانة السيخية اختراع بشري وأن صاحبها أدعى النبوة و أراد الجمع بين ديانة سماوية هي الإسلام، وديانة وضعية أرضية وثنية هي الهندوسية، رغبه في الأولى سمو تعاليمها، وإحكام مبانيها، ورغبه في الثانية تقليد الآباء والأجداد، كما هو حال المشركين الذين وصفهم سبحانه بقوله : { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } ( الزخرف : 23 )
ومحاولة خلط دين سماوي بفلسفة بشرية وهي بذلك أشد سذاجة من منطق المشركين هذا، فالأديان تتلقى من الوحي وتنزل من السماء، ولا تخترعها العقول وترسمها الأفكار .
المراجع:
- اسلام ويب العقيدة والأديان والفرق .
- السحمراني، د. أسعد، من قاموس الأديان، بحث السيخية، دار النفائس، بيروت، ط1، 1419هـ / 1988م، ص 99ـ100، 103، 109، 111ـ112، 117ـ118.
- بارندر، جفري، المعتقدات الدينية لدى الشعوب، ترجمة د. إمام عبد الفتاح إمام، مراجعة د. عبد الغفار مكاوي، الكويت، لسلسلة عالـم المعرفة، ذو العقدة، 1413هـ ـ أيار 1993م، ص200، 201، 208ـ209.
- البستاني، بطرس، دائرة المعارف، بيروت، دار المعرفة، د.ت، ج10، ص302.
الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض، ط2، سنة 1409هـ / 1988م، ص286.
- حميد، فوزي محمَّد، عالـم الأديان بين الأسطورة والحقيقة، ليبيا، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، سنة 1991، ص212.
Clarke, Peter B. et autres auteurs, le grand livre des religions du monde, paris, editions solars l'année 1995,p 174.
Delaroute, Michel, les Sikhs, Paris, editions Breplos, l'année 1988, P.23.
Encyclopedie des religions tome I sous la direction de frédéric lender, ysé T. Masquelier, Paris, Bayourd éditons l'année 1997, P.993. [/SIZE][/COLOR]
أو المنانية كما ذكر ابن النديم في الفهرست من الديانات الثنوية أي تقوم على معتقد أن العالم مركب من أصلين قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، وكان النور هو العنصر الهام للمخلوق الأسمى وقد نصب الإله عرشه في مملكة النور، ولكن لأنه كان نقيا غير أهل للصراع مع الشر فقد استدعى "أم الحياة" التي استدعت بدورها "الإنسان القديم" وهذا الثالوث هو تمثيل "للأب والأم والابن"، ثم إن هذا الإنسان والذي سمي أيضا "الابن الحنون" اعتبر مخلصا لأنه انتصر على قوى الظلام بجلده وجرأته، ومع ذلك استلزم وجوده وجود سمة أخرى له وهي سمة المعاناة، لأن مخلص الإنسان الأول لم يحقق انتصاره إلا بعد هزيمة ظاهرية. و يعد موضوع آلام الإنسان الأول وتخليصه الموضوع الرئيسي في المثيولوجيا المانوية، فالإنسان الأول هو المخلص وهو نفسه بحاجة للافتداء.
والملاحظ من ذلك شبه المانوية للغنوصية (العرفانية)، والغنطوسية هي مصطلح عام يطلق على سلسلة عريضة من نظم التأملات الدينية التي تتماثل في نظرتها إلى أصل الإنسان. وهي تعد هرطقة من الهرطقات المسيحية وهي سابقة على المسيحية. وجميع الديانات الغنوصية تعتمد عقيدة الخلاص (الفداء) وأداة الخلاص هي (غنوص Gnose) التي تعني المعرفة أو (العرفان) وهذه المعرفة تهتم بفهم الأشياء المقدسة وكيفية الخلاص، والغنطسة لا تتحصل عن طريق العقل وإنما من خلال نوع من الإلهام الداخلي.
مؤسس المانوية :
ديانة تنسب إلى ماني بن فتك المولود في عام 216 م في بابل. وقيل أو أدعى أن الوحي أتاه وهو في الثانية عشر من عمره.
حاول ماني إقامة صلة بين ديانته والديانة المسيحية وكذلك البوذية والزرادشتية، ولذلك فهو يعتبر كلاً من بوذا وزرادشت ويسوع أسلافاً له، وقد كتب ماني عدة كتب من بينها إنجيله الذي أراده أن يكون نظيرا لإنجيل عيسى. أتباع المانوية هم من تعارف عليهم أولا بإطلاق لقب الزنادقة.
أفكارها وعقائدها:
كما ذكرت هى ديانة ثنوية وتقوم على فكرة الخلاص وهو تحرير الروح من سجنها الجسدي فبذلك يمكنها أن تصعد لله، هذا وقد سبب لها تعايشها الطويل مع الجسد نسيان أصلها السامي أي سبب لها الجهل، والخلاص من الجهل هو المعرفة، ولذلك هو بحاجة للمخلص والذي سمى "ابن الله" أو "يسوع". والجسد ورغباته شر لأنهما يمنعان الروح من الخلاص ولذلك تشجع المانوية على الزهد والرهبنة.
تحرم المانوية كل ما من شأنه تشجيع شهوات الجسد الحسية، وبما أن اللحم ينشأ من الشيطان فلذلك كان محرما، فالمانوية أعدوا ليعيشوا على الفواكه وخاصة البطيخ، كما أن الزيت مستحسن. أما الشراب فقد كان عصير الفواكه هو الاختيار الأول وفرض اجتناب تناول كمية كبيرة من الماء لأنه مادة جسدية، كما حرم عليهم قتل الحيوانات والنباتات ومن يفعل ذلك فإنه سيعاقب بولادته من جديد الشيء الذي قتله، فرض عليهم التخلي عن الزواج والمعاشرة الجنسية التي تعتبر شيئا شريرا كما عد الإنجاب أسوأ منها بكثير. وحدهم «المجتبون» هم الذين تمكنوا من تنفيذ هذه الوصايا،
أما «السماعون» فقد أوكل إليهم القيام بالأعمال المحظورة على المجتبين وتزويدهم بالطعام، ويترافق تناول تلك الأطعمة بإعلان براءة المجتبين من ذلك الفعل. مثال على قول أحدهم عند أكله للخبز: «لم أحصدك ولم أطحنك ولم أعجنك ولم أضعك في الفرن بل فعل ذلك شخص آخر وأحضرك إلي فأنا أتناول دونما إثم.» كما أن ممارسة الاعتراف والتوبة قانون هام.
ذكر أيضا وجود التعميد المانوي والعشاء الرباني أو «الوليمة المقدسة» والتي كانت في نهاية الشهر الثاني عشر أو نهاية شهر الصوم المانوي وكان محور هذا العيد هو تذكر وفاة ماني وهذه المعتقدات تشبه مثيلاتها عند المسيحية.
وصف المانويين بالزندقة وكلمة "زنديق" هي كلمة فارسية دخيلة مشتقة من "زنديك" وتعني أتباع "زند"، وتشير إلى النوع الخاص من التقاليد المكتوبة الثابتة التي تنتمي إلى الشكل المجوسي من شيز، وإنما وصف المانوية بهذا الاسم كدلالة على أنهم أتباع تقاليد هرطقية -إذ أن كلمة زنديق قد حازت على هذه الدلالة في العصور الساسانية- ولأنهم ربطوا مع ديانة المجوس.
تقهقرت واندثرت الديانة المانوية، في الغرب فبسبب عجز المانوية في مناقشاتها مع علماء اللاهوت المتدربين فلسفيا على عكس المانويين، وفي الشرق الأوسط فبانتشار الإسلام وفي الشرق الأقصى فبمعارضة البوذيين والكنفوشيين والمغول لها.
المزدكية
تعريفها :
ديانة فارسية قديمة تقول هذه الديانة بمبدأين : الخير والشر ، و النور والظلام . كما اقرت هذه الديانة النظام الاشتراكي في الأموال والنساء ، بمعنى ان يتشارك الناس في أموال بعضهم البعض وكذلك في نسائهم!!1
مؤسس الديانة المزدكية :
المزدكية منسوبة لمزدك بن نامذان المولود عام 487م بـ (نيابور) ظهر في أيام قباذ والد أنوشروان ، ودعا قباذ إلى مذهبه فأجابه ، واطلع أنوشروان على خزيه وافترائه فطلبه فوجده فقتله .
أفكارها وعقائدها:
حكى الوراق أن قول المزدكية كقول كثير من المانوية في الكونين والأصلين، إلا أن مزدك كان يقول :
إن النور يفعل بالقصد والاختيار، والظلمة تفعل على الخبط والاتفاق، والنور عالم حساس والظلام جاهل أعمى .
وأن المزاج كان على الاتفاق والخبط لا بالقصد والاختيار ، وكذلك الخلاص إنما يقع بالاتفاق دون الاختيار.
وكان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال ، ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال ، أحلَّ النساء وأباح الأموال ، وجعل الناس شركة فيهما، كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ . فدعا إلى شيوعية النساء والأموال.
وحكي عنه أنه أمر بقتل الأنفس ؛ ليخلصها من الشر ومزاج الظلمة .
ومذهبه في الأصول والأركان أنها ثلاثة : الماء والأرض والنار .
ولما اختلطت حدث عنها مدبر الخير ومدبر الشر، فما كان من صفوها فهو مدبر الخير، وما كان من كدرها فهو مدبر الشر .
وروي عنه أن معبوده قاعد على كرسيه في العالم الأعلى على هيئة قعود وبين يديه أربع قوى :
قوة التمييز والفهم والحفظ والسرور
كما بين يدي خسرو وهوقاعد في العالم الأسفل أربعة أشخاص :
موبذ موبذان والهربد الأكبر والأصبهيد والرامشكر ، وتلك الأربع يدبرون أمر العالم بسبعة من ورائهم : سالار وبيشكار وبالون وبراون وكازران ودستور وكوذك .
وهذه السبعة تدور في اثني عشر روحانيين : خواننده ودهنده وستاننده وبرنده خورننده ودونده وخيزنده وكشنده وزننده وكننده وأبنده وشونده وباينده.
وكل إنسان اجتمعت له هذه القوى الأربع والسبع والاثنا عشر صار ربانيا في العالم السفلي ، وارتفع عنه التكليف .
قال : وإن خسرو العالم الأعلى إنما يدبر بالحروف التي مجموعها الاسم الأعظم، ومن تصور من تلك الحروف شيئا انفتح له السر الأكبر، ومن حرم ذلك بقي في عمى الجهل والنسيان والبلادة والغم في مقابلة القوى الأربع الروحانية .
وهم فرق : الكوذية, وأبو مسلمية, والماهانية, والإسبيدخامكية, والكوذية, بنواحي الأهواز وفارس وشهرزور، والأخر بنواحي سغد سمرقند والشاش وإيلاق.
وكانت دعوته دعوة إباحية هادمة للقيم وتحريضية فوضوية تقوم على الغريزة ولا تأبه بالعلاقات الأسرية والمعايير الأخلاقية وخارجة عن كل العقائد والأديان، بل هي أصل الشيوعية وأصل نظرية كارل ماركس، وقد أعلنت هذه الدعوة أن الناس ولدوا سواء، فينبغي أن يعيشوا سواء لا فرق بينهم وأن أهم ما تجب فيه المساواة والاشتراك عند أصحاب هذه الدعوة هما المال والنساء.
وقد حظيت هذه الدعوة بموافقة الشبان والأغنياء والمترفين وصادفت من قلوبهم هوى وناصرها الحكام والملوك حتى انغمست الدولة الفارسية في الفوضى الخلقية وطغيان الشهوات.
قال الإمام الطبري: افترص السفلة ذلك واغتنموا مزدك وأصحابه وشايعوهم، فابتلي الناس بهم وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم وحملوا على تزيين ذلك وتوعدوه بخلعه، فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به. اهـ تاريخ الطبري ص 88.
المراجع :
-اسلام ويب
رقـم الفتوى : 54991
-ويكبيديا
-الزندقة - ماني والمانوية. تأليف جيووايد نغرين، ترجمة وزيادة ملاحق: د. سهيل زكار. دار التكوين، دمشق.
- الملل والنحل للشهرستاني – 1/294[/
الصورة توضح صورة داخل كتاب هي ربما من القرن الثامن أو التاسع، فيها رسم صفين من الكهنة المانويين في ثيابهم الطقوسية، و يحتوي وسط الصورة على نص بالصفدية المتأخرة (الايغويرية)
اختلف السلف في تعريف الصابئين، فقال قوم: هم من أهل الكتاب، ولا بأس بذبائحهم ومناكحة نسائهم.
وقال آخرون: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى؛ إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام.
وقال آخرون: هم قوم تركب دينهم من اليهودية والمجوسية لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم.
وقيل: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القبلة، ويقرأون الزبور، ويصلون الخمس، ثم قال: والذي تحصل من مذهبهم أنهم موحدون معتقدون تأثير النجوم...... ولهذا أفتى أهل العلم بكفرهم.
وقيل أنهم طائفة من مشركي العرب قبل البعثة، الذين ساورهم الشك فيما كان عليه قومهم من عبادة الأصنام ، فبحثوا لأنفسهم عن عقيدة يرتضونها ، فاهتدوا إلى التوحيد ، وقالوا أنهم يتعبدون الحنيفية الأولى ( ملة إبراهيم ) ، و اعتزلوا عبادة قومهم .. فقال عنهم المشركون أنهم صبأوا أي مالوا عن دين آبائهم ، ومن ثم سمو صابئة ، وهذا القول أرجح من القول بأنهم عبدة النجوم.
وقد قيل عنهم غير ذلك ، فقد اختلفت الآراء حولهم.
وفي الموسوعة الميسرة: أن طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، والتي تعتبر يحيى نبياً لها هي طائفة المندائية، ويقدسون الكواكب والنجوم.ومن معالم دينهم الاتجاه نحو القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالحنفاء بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة والانجيل قبل النسخ والتحريف والتبديل، وهؤلاء حمدهم الله تعالى وأثنى عليهم.
وأما الصابئة المشركون: فهم قوم يعبدون الملائكة، ويقرأون الزبور، ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية.
وبهذا يتحصل عندنا أن الصابئة عدة مذاهب وفرق فمنهم من يعتبرون أنفسهم أتباعاً لنوح عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يتبع يحيى بن زكريا، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والنصرانية، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والمجوسية.
ولكن الصابئة بفرقها المتعددة قد تلاشت ولم يبق منها إلا فرقة واحدة هي(الصابئة المندائية "والتي تعتبر يحيى عليه السلام نبياً لها،ويقدس أصحابها الكواكب والنجوم" .إن الصابئين لا يمكن اعتبارهم من أهل الكتاب أو من فرقة من فرق أهل الكتاب وذلك بدلالة القرآن الكريم والسنة النبوية ".
التأسيس وأبرز الشخصيات :
• يدّعى الصابئة المندائيون بأن دينهم يرجع إلى عهد آدم عليه السلام.
• ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، فهم ساميون.
• يزعمون أن يحيى عليه السلام هو نبيهم الذي أرسل إليهم.
• كانوا يقيمون في القدس، وبعد الميلاد طردوا من فلسطين فهاجروا إلى مدينة حران فتأثروا هناك بمن حولهم وتأثروا بعبدة الكواكب والنجوم من الصابئة الحرانيين.
- ومن حران هاجروا إلى موطنهم الحالي في جنوبي العراق وإيران وما يزالون فيه، حيث يعرفون بصابئة البطائح.
• منهم الكنزبرا الشيخ عبد الله بن الشيخ سام الذي كان مقيماً في بغداد سنة 1969م وهو الرئيس الروحي لهم، وقد كان في عام 1954م يسكن في دار واقعة بجوار السفارة البريطانية في الكرخ ببغداد.
أفكار وعقائد الصابئة المندائية :
1) يعتقد ( الصابئون ) أن دينهم أقدم الأديان على وجه الأرض وأنه أنـزل بأمر ملك النور على ( آدم وحواء ) وهو باق منذ تلك الأزمنة إلى يومنا هذا " .
2) يعتقدون- من حيث المبدأ- بوجود الإله الخالق الواحد الأزلي الذي لا تناله الحواس ولا يفضي إليه مخلوق ، ولكنهم يجعلون بعد هذا الإله (360 ) شخصاً خلقوا ليفعلوا أفعال الإله .. من رعد وبرق ومطر وشمس وليل ونهار .. وهؤلاء يعرفون الغيب ، ولكل منهم مملكته في عالم الأنوار .هؤلاء الأشخاص الـ 360 ليسوا مخلوقين كبقية الكائنات الحية، ولكن الله ناداهم بأسمائهم فخلقوا وتزوجوا بنساء من صنفهم، ويتناسلون بأن يلفظ أحدهم كلمة فتحمل أمرأته فوراً وتلد واحداً منهم.
3) يعتقدون بأن الكواكب مسكن للملائكة، ولذلك يعظمونها ويقدسونها
4)بينهم وبين المسيحية عداء ، ولكن عدائهم لليهود شديد لدرجة أنهم يعتبرون موسى عليه السلام من رسل الروح الشريرة .
وليس من المحتمل اعتبار العقيدة المندائية إحدى العقائد المسيحية المنشقة ، لأن العداء للكنيسة المسيحية بالذات يبرهن العكس من ذلك . هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن عداءهم الشديد لليهود واعتبارهم موسى من رسل الروح الشريرة مما يدل على اعتبار العقيدة المندائية من العقائد الخارجة على اليهودية الأولى .
5) المندي : هو معبد الصابئة وفيه كتبهم المقدسة ، ويجري فيه تعميد رجال الدين .
يقام على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية، له باب واحد يقابل الجنوب بحيث يستقبل الداخل إليه نجم القطب الشمالي، لابدَّ من وجود قناة فيه متصلة بماء النهر، ولا يجوز دخوله من قبل النساء، ولا بدّ من وجود علم يحيى فوقه في ساعات العمل.
6) الصلاة : تُؤدَّى ثلاث مرات في اليوم .. فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود .
7) الصوم : صابئة اليوم يحرمون الصوم لأنه من باب تحريم ما أحل الله ، لكنهم يمتنعون عن أكل اللحوم المباحة لمدة ( 36 ) يوماً متفرقة على طول أيام السنة ( .
8) يعتقدون بصحة التاريخ الهجري ويستعملونه ، وذلك بسبب اختلاطهم بالمسلمين ، ولأن ظهور النبي محمد rكان مذكوراً في الكتب المقدسة الموجودة لديهم .
9) يعتقد ( الصابئة ) المندائيون بأنهم يتبعون تعاليم ( آدم عليه السلام ) ولديهم كتاب
( الكنـزبدا ) أي صحف آدم .. ثم جاء النبي ( يحيى عليه السلام ) لتخليص الدين من الأمور الدخيلة ، وهو لم يكن رسولاً بل نبياً خاصاً بهم .
التعميد أو الصباغة: أو ما يدعى ب(مصبتا) باللغة المندائية. وهذا الطقس يعتبر عماد الديانة المندائية وركنها الأساسي، وهو فرض واجب على الانسان ليكون مندائيا.
والتعميد لديهم يجري في المياه الجارية الحية وجوبا، لانه يرمز إلى الحياة والنور الرباني. وطقس التعميد المندائي محتفظ إلى الآن بأصوله القديمة، وهو نفسه الذي نال المسيح به التعميد على يد النبي يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) الموجود فى الكتب المقدسة ويهدف التعميد في نظرهم للخلاص والتوبة ولغسل الذنوب والخطايا القصدية وغير القصدية، وللتقرب من الرب ايضا. وهو ياخذ نفس مفهوم الحج عند المسلمين. ويستفاد من التعميد لديهم في حالات النزولية الطقسية لرجال الدين .. وعند الولادة والزواج وعند تكريس رجل دين جديد، وان هذا الطقس يكرر عدة مرات للانسان ووقتما يشاء، وذلك في أيام الآحاد أو في المناسبات الدينية، وهو خلاف التعميد المسيحي الذي يجري مرة واحدة فقط.
وكما وضح أغلبية الباحثون والمستشرقون بأن المسيحية قد أخذت طقس التعميد من المندائية وطورته بما يخدم مفاهيمها المقدسة ، ويقول البروفيسور أوليري ( أن الصابئين المندائيين في جنوب العراق هم أصل معمدي الآباء المسيحيين الأوائل)..
الأنبياء عندهم :
يؤمن المندائيون بعدد من الأنبياء ويقولون بأن الله قد أوحى لهم بتعاليم المندائية وهم :
آدم ، شيت بن آدم (شيتل) ، سام بن نوح ، يحيى بن زكريا (يهيا يوهنا).
ولكن اسمهم ارتبط بالنبي إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي عاش في مدينة آور السومرية ـ مدينة إلهة القمر إنانا ـ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وكان إبراهيم عليه السلام أول من نبذ الأصنام ودعا لرب واحد عظيم القدرة أطلق عليه السومريون اسم [ لوگـال ـ ديمير ـ آن ـ كي ـ آ ] ملك آلهة ما هو فوق وما هو تحت [ رب السماوات والارض] .
آمن الصابئة المندائيون بتعاليم إبراهيم عليه السلام واحتفظوا بصحفه ومارسوا طقوس التعميد التي سنها لهم واستمروا عليها إلى يومنا هذا.
وقد هاجر قسم منهم مع النبي إبراهيم إلى حران والقسم الآخر بقي في العراق ، وقد عرفـوا فيما بعد بـ [ ناصورايي اد كوشطا ] أي حراس العهد الذين أسسوا بيوت النور والحكمة [أي ـ كاشونمال ] ـ بيت مندا او (بيت المعرفة) فيما بعد ـ على ضفاف الانهار في وادي الرافدين لعبادة مار اد ربوثا ( الله ـ رب العظمة)، واتخذوا من الشمال (اباثر) الذي دعاه السومريون (( نيبورو )) قبلة لهم لوجود عالم النور ( الجنة).
كما ارتبطت طقوسهم و بخاصة طقوس التعميد ، بمياه الرافدين فاعتبروا نهريها ادگـلات وپـورانون (دجلة والفرات) انهارا مقدسة تطهر الارواح والأجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والبهاء الذي يغمر آلما د نهورا (عالم النور) الذي اليه يعودون .
ورد مفهوم الاغتسال و التعميد في العديد من النصوص المسمـارية حيث كتب الشاعر السومري في مرثية مدينة اور: (( شعب الرؤوس السوداء ما عادوا يغتسلون من أجل اعيادك ، اناشيدك تحولت إلى أنين )).
كتب الصابئة المندائية :
كتب الصابئة ليست مطبوعة ، لقد قام بنسخها باليد الكتاب الكهنوت طيلة قرون عديدة .. وهم يشكون في أن الموجود لديهم منها هي الصورة الأصلية المنـزلة .. وتحرص الصابئة على منع الغير من الإطلاع على كتبهم
المقدسة منعاً شديداً ، إضافة إلى أنها مكتوبة باللغة المندائية التي كان يتكلم بها
( آدم عليه السلام) كما يعتقدون " .
وأهم كتبهم ما يلي :
1) كتاب كنـزه ربه : أي ( الكنـز العظيم ) ،أو ( الكتاب العظيم ) ويقال له ( سدرا - آدم ) أي صحف آدم .. ولا يمكن اعتبار الكتاب متجانساً ، فهو مجموعة فقرات غالباً ما تتناقض(116) .
2) ( دراشه أديهيأ ) : أي تعاليم يحيى ،(117) وفيه تعاليم وحياة النبي يحيى u .
3) ( سدرة إدنشماثا ):يدور حول التعميد والدفن والحداد ، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض ومن ثم إلى عالم الأنوار (118).
4) كتاب ( أسفر ملواشه ) : أي سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم (119) .
5) كتاب ( الديونان ) : ويسمى كتاب ( الديوان ) . وهو سفر ضخم من أنفس كتب الصابئة كما أنه كتاب نادر(120)، ولهم كتب أخرى غير هذه .
فرق الصابئة :
الصابئة المندائيون ينقسمون إلى قسمين متميزين :
الأول :هم فئة ( الناموريين ) وهم مسؤولون عن حفظ الدين وإقامة شعائره .
الثاني : هم المندائيون العامة .
أعياد الصابئة :
1)عيد البنجة : ومدته خمسة أيام ، يقام فيه أكبر عيد عمادي نهري والعيد هذا عيد احتفال ديني أكثر منه بهجة وفرح عيد الخليقة العلوي ويقع في آذار وهي ذكرى الخلق وتكوين عوالم النور والأرواح الأثيرية الأولى وفيها تفتح بوابات النور وتنزل الملائكة والأرواح الطاهرة فيعم نورها الأرض لتصبح جزءا من عالم النور. وتعتبر الخمسة (الأيام البيض) أسرار البداية المقدسة وفجر الحياة الأولى التي أوجدها الحي العظيم. وعلى الصعيد الدنيوي فهو يمثل اكتمال النبتة التي تعطي ثمارها في الصيف.
2) -العيد الكبير – عيد الخليقة المادي.. (دهواربا) وفيه نجدت الكواكب في السماء والشمس والقمر، وجمدت الأرض ويستمر ثلاثة ايام، وتسبقه (الكرصة) اي التجاء المندائيين إلى الانزواء في بيوتهم وعدم الخروج منها لمدة (36) ساعة.. حيث يتقرر خلالها مصير الإنسان وانتصار قوى النور على قوى الظلام والشر - يخرجون بعدها فرحين بهذا الانتصار الكبيرويسمى أيضا عيد ( ملك الأنوار ) أو ( عيد اليوم الجديد ) . لا يشرب خلاله الكهان والمتقون الشاي الممزوج بالسكر ولا يشربون الماء المعقم ، إنما يشربون ماء النهر مباشرة .
ويكون الكهان مستعدين لتعميد الراغبين من أبناء الطائفة .
3) والعيد الصغير: هو عيد الازدهار وموعده في شهر تشرين الثاني من كل عام ويسميه الصابئة المندائيون هيبة الله الصغرى (دهوا هنينة) وهو ذكرى عودة الملاك جبريل وصعوده..وقد نزل إلى الأرض بأمر الله تعالى، ثم عاد إلى السماء مبشرا بازدهار الكروم وانتشار النور واندحار الظلام.وفي المفهوم الدنيوي فيتمثل بنزول القطرة الأولى من المطر وبتكوين النطفة في رحم الام.
4) عيد التعميد الذهبي: وهو هبة الله سبحانه وتعالى للملائكة حيث تعمدوا في عالم النور وأهديت لأدم وذريته من بعده.. حيث عمده الملاك جبريل الرسول وأيضا تعمد النبي يحيى عليه السلام وتوهب فيه الهدايا والعطايا للمحتاجين ويقع في نهاية تشرين الأول من كل عام وكل طفل مولود يجب ان يعمد في هذا اليوم..
أماكن تواجدهم :
1) ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات ، ويسكنون في منطقة الأهواز وشط العرب ، ويكثرون في مدن العمارة والناصرية والبصرة ... وعدد آخر من مدن العراق .
2)ينتشرون في إيران على مدنها الساحلية كالمحمرة ، وناصرية الأهواز وشمشتر ،ودزبول .
الانتشار للصابئة حددت باحثة بريطانية رحالة هي(الليدي دراوور )في كتابها عن الصابئة المندائيين وتقول :" واليوم فإن مراكز الصابئين الرئيسية هي في جنوب العراق في منطقة الأهوار وعلى الضفاف من نهري دجلة والفرات ، في مدن العمارة والناصرية والبصرة وقلعة صالح والحلفاية وسوق الشيوخ ، ويوجد جماعات منهم بأعداد مختلفة إلى الشمال من المناطق المذكورة كبغداد والكوت والديوانية وكركوك والموصل ..أما في إيران فقد كان عدد الصابئين كبيراً في إقليم عربستان، غير أن عددهم آخذ في التناقص،والساكنون منهم في المحمرة والأهوار على ضفاف نهر كارون ليسوا بنعمة وصحة كما هي عليه مع الصابئين في العراق"(125)
- وقد تهدمت معابدهم في العراق ولم يبقَ لهم إلا معبدان .
- مهارتهم في صياغة المينا مما دفعهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية ، ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا .
الخلاصة :
لقد لاحظنا اختلاف المفسرون في معنى (( الصابئة )) على أقوال كثيرة – ماتقدم بعض منها – مما يدل على أن الصابئة أحد أمرين:
1. إما أن تكون فرقة واحدة لكن بعضهم انخرط مع المجوسية والبعض مع أهل الكتاب والبعض اعتزل جميع الأديان.
2. وإما أن تكون فرقة الصابئة، عبارة عن فرق متعددة ومذاهب متفرقة، كل فرقة لها طابع خاص تستقل به عن الفرقة الأخرى، فالجامع بينهم جميعاً المسمى – فقط – أما الحقيقة ففيه اختلاف فيما بينهم.
يقول ابن القيم – رحمه الله – : (( وقد اختلف الناس فيهم اختلافاً كثيراً، بحسب ماوصل إليهم من معرفة دينهم، وهم منقسمون إلى مؤمن وكافر. قال الله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين … الآية)[ البقرة : 62] .
فذكرهم – جل وعلا – في الأمم الأربعة الذين تنقسم كل أمة منها إلى ناج وهالك كما في قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ) [ الحج:17]
فذكر الأمتين اللتين لاكتاب لهم، ولاينقسمون إلى شقي وسعيد وهما : المجوس والمشركون، ولم يذكرهما في آية الوعد بالجنة، وذكر الصابئين فيهما فعلم أن فيهم الشقي والسعيد)) . والله أعلم.
المراجع :
- اسلام ويب (العقيدة أديان وفرق ومذاهب)
- مقالات متنوعة من النت .
- مختار الصحاح محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي .ص341، الطبعة الأولى.
- المعجم الوسيط ج1 ،قام بإخراجه إبراهيم مصطفى ، أحمد حسن الزيات، حامد عبد القادر محمد علي النجار ص(505) ، المكتبة الإسلامية استنبول (تركيا)الطبعة الثانية.
- لسان العرب لابن المنظور الجزء الأول ص(107)، مكتبة الرشد. الرياض ، الطبعة الثالثة (1414هـ - 1994م).
- موسوعة الأديان والمذاهب ، العميد/عبد عبد الرزاق محمد أسود ص(115).
- موسوعة الأديان والمذاهب ص(114-115).
- الموسوعة الميسرة ص317.
- موجز الأديان ص 95.
- تفسير القرطبي ج/7 . ص 143- 144.
- موجز الأديان في القرآن . د/ عبد الكريم زيدان ص 95.
- موسوعة الأديان والمذاهب . د/ عبد الرزاق محمد أسود ص 116
الكونفوشيوسية لها منزلة كبيرة وعالية في تاريخ الصين منذ ما يزيد على خمسة وعشرين قرنا، وهى متمكنة من قلوب الصينيين وعقولهم، فأصبحت هذه الفلسفة هي الظاهر الباطن في تحديد سلوكيات الصينيين ونمط تفكيرهم .
فمن هو كنفوشيوس ؟ وكيف نشأ ؟ وما هو دينه أو فلسفته ؟ وما هو تراثه ونتاجه العلمى
مؤسسها :
هو كنفوشيوس : اسمه كونج - فو - دزه أو كونج المعلم كما كان تلاميذه يسمونه، ولد سنة 551 ق. م في مدينة "تشو - فو" إحدى مدن "لو lu " الصينية .
هو أول فيلسوف صيني يعمل على إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الإجتماعي و الأخلاقى. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية و على أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى. تعاليمه وفلسفته قد تأثر بعمق الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية. و يلقب بنبي الصين.
وكعادة الصينيين في خصوبة خيالهم، فقد نسجوا قصصا خرافيا حول مولد كنفوشيوس فزعموا: أن الأشباح أخبرت أمه الشابة بمولده، وأن الأرواح الإناث كانت تمدها بالهواء وهي تلده في أحد الكهوف. وتقول تلك الأقاصيص أيضاً : أنه كان له ظهر كظهر التنين، وشفتا ثور، وفم في سعة البحر وولد كونفوشيوس سنة 551 ق.م.
عاش كونج - فو - دزه أو كما ينطقها الغربيون كنفوشيوس فقيرا، حيث مات والده وهو ابن ثلاث سنين فربته والدته، فكان يدرس ويعمل بعد الفراغ من المدرسة ليساعد على إعالة والدته .
وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره تزوج، ولم تمض عليه خمس سنوات حتى طلق زوجته بعد أن رزق منها بابن، ويقال إنه لم يتزوج بعدها قط.
واشتغل في سن الثالثة والعشرين بالتعليم، واتخذ داره مدرسة له، وكان التعليم آنذاك مختصا بالطبقة الارستقراطية، فكسر ذلكم القانون بتعليمه أولاد الفقراء أيضاً، وكان يتقاضى من تلاميذه ما يستطيعون أداءه من الرسوم مهما كانت قليلة .
ولم يكن له في بادئ الأمر إلا عدد قليل من التلاميذ، ولكن سرعان ما تواترت الإشاعات
بسعة علمه، ومبلغ ذكائه، فالتف الناس حوله، حتى استطاع في آخر أيام حياته أن يفخر بأنه قد تخرج على يديه ثلاثة آلاف شاب غادروا منزله ليشغلوا مراكز خطيرة في العالم .
تعرض كنفوشيوس في أثناء حياته للتشرد والإبعاد نتيجة اشتغاله بالسياسة، وطلبه المناصب، حيث رأى حروباً وفوضى سياسية اعتقد أنه لا حل لها إلا من خلال حكومة صالحة تطبق مبادئ الفلسفة لتسيير دفة الحكم، حتى أثر عنه قوله " لو وجد من الأمراء من يوليني عملا لقمت في اثنى عشر شهرا بأعمال جليلة ولبلغت (الحكومة) درجة الكمال في ثلاث سنين ".
إلا أنه لم يكن يقبل بأي ولاية تعرض عليه إذا رأى في مباديء أصحابها ما يتناقض مع مبادئه .
ويقال : إنه تولى بعض الولايات في بعض مراحل عمره فعم العدل، ونعمت المدينة بالأمن والأمان، وتقول الرواية الصينية أن المدينة في أيامه قد اجتاحتها موجة جارفة من الشرف والأمانة فكان إذا سقط شئ في الطريق بقي حيث هو أو أعيد إلى صاحبه.
وبقدر ما تولى كنفوشيوس من مناصب بقدر ما تعرض لنكبات السياسة وتقلب أحوال أهلها، حيث اضطر في فترة ما أن يهرب مع عدد قليل من مريديه المخلصين مغضوبا عليهم في وطنهم، فأخذوا يتنقلون من إقليم إلى إقليم يلقون في بعضها مجاملة وترحابا، ويتعرضون في بعضها الآخر لضروب من الحرمان والأذى.
ولما بلغ كنفوشيوس التاسعة والستين من عمره، أكرمه بعض الحكام فجعله مستشارا عنده فكان الولاة يأتونه مستنصحين ومسترشدين به، وقضى كنفوشيوس الأعوام الخمسة الباقية من حياته، يعيش حياة بسيطة معززا مكرما، قضى معظم وقته في عزلة أدبية، منصرفا إلى نشر الكتب الصينية وكتابة تاريخ الصينيين.
مات كنفوشيوس في الثانية والسبعين من عمره وواراه تلاميذه التراب باحتفال مهيب، وبنوا حول قبره أكواخا لهم، أقاموا فيها ثلاث سنين يبكونه كما يبكي الأبناء آباءهم. وبعد أن مضت تلك المدة غادروا جميعا أكواخهم إلاّ دزه - كونج وهو أخلص تلاميذه، فقد كان حبه إياه يفوق حبهم جميعا، فبقي بجوار قبر أستاذه ثلاث سنين أخرى واجما حزينا على موت معلمه.
أفكار كنفوشيوس :
لم يكن كنفوشيوس رجل عقيدة ودين ولكنه كان فيلسوفا وسياسيا، صاحب فكرة فى الحياة وفلسفة للعيش فى حياة مثالية فقد كانت النزعة المسيطرة عليه هي تطبيق مبادئ الفلسفة على السلوك والحكم.
وقد سخر حياته لتطبيق نظريته في الحكم قولا وعملا، حتى كان يتمنى لو تتاح له الفرصة لتولي الحكم ليرى الناس حقيقة ما يدعوا
يعتبر كنفوشيوس الفضيلتين الهامتين هما ( جن ) و ( لي ) و الرجل المثالي يسير حياته طبقا لهما . و قد ترجمت (جن ) بالحب أو الاهتمام الحميم باخواننا البشر ، أما ( لي ) فهي تصف مجموعة من الأخلاق و الطقوس و التقاليد و الاتكيت و اللياقة و الحشمة .
وقد كان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها - أي كان في الماضي . و هو لذلك كان يحن إلى الماضي و يدعو الناس إلى الحياة فيه .. و لكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه و لذلك لقي بعض المعارضة . و قد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين ، عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه و حرموا تعاليمه .. و رأوا فيها نكسة مستمرة . لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها . بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء .. و لكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت و انتشر تلاميذه و كهنته في كل مكان .. و استمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً - أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد . أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلى سببين : أولا أنه كان صادقاً مخلصاً .
ثانياً أنه شخص معقول و معتدل و عملي . و هذا يتفق تماماً مع المزاج الصيني . بل هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفته في الصين . و هو بذلك كان قريباً منهم . فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يثوروا عليها . و إنما هو أكد لهم كل ما يؤمنون به فوجدوا أنفسهم في تعاليمه . و لذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية . و لم تتجاوزها إلا إلى اليابان و كوريا.
و لكن انحدرت قيمة كنفوشيوس في الوقت الحاضر و ذلك لأن الصين الشيوعية هاجمت كنفوشيوس و تعاليمه.
وهذه بعض أفكاره ومعتقداته:
ترتكز فلسفة كنفوشيوس في إصلاح المجتمع على إصلاح الفرد، فهو يرى أن في صلاح الفرد صلاح لأسرته، وصلاح الأسرة صلاح للمجتمع كله، ويرى أن وظيفة الحاكم أن يحكم الناس بالعدل، ولتحقيق العدل يوجب على الحاكم أن يمثل القدوة الصالحة لشعبه في الأخلاق والسلوك الحسن، ويوجب عليه أن أيضا أن يولي ولاياتهم وأن يوكل أعمال الحكم للصالحين لتستقيم الأمور، ويحذر كنفوشيوس الحاكم من احتكار الثروة في أيدي المتسلطين، فيوجب عليه أن يوزعها ففي توزيع الثروة جمع شتات الشعب، ويوجب على الحكام كذلك أن ينشطوا في نشر العلم لأن التعليم إذا انتشر انعدمت الفروق بين الطبقات .
ويوجب على الحكومة أيضاً أن تغرس الأخلاق الطيبة بين الناس، ذلك أن الاخلاق إذا فسدت فسدت الأمة معها. وآداب اللياقة هي التي تكون على الأقل المظهر الخارجي لأخلاق الأمة .
ويوجب على الحكومة كذلك توفير الأمن الغذائي والأمن القومي لشعبها وأن تزرع الثقة فيها في نفوس شعبها حتى تحصل الموائمة بينها وبينه، فيعم النظام ويشيع الوئام .
وأما نظريته في الأخلاق فلا تقل أهمية عنده عن السياسية وشئون الحكم، بل إن بينهما تداخلا لا يخفى، فالسياسة في المحصلة هي وظيفة أخلاقية يكون فيها الحاكم هو المثال الخلقي لشعبه، وقد ألّف كنفوشيوس كتبا في الأخلاق، وحتى كتب التاريخ كان يذكر فيها قصصا يحض فيها على الأخلاق الكريمة .
هذا ما يتعلق بجانب الأخلاق والسياسة أما جانب الطقوس والعقائد فلم يأت بشيء من عنده إلا أنه كان حريصا على تقليد أهل عصره في ذلك، وكان يحث تلاميذه ألا يغفلوا عن الطقوس والمراسم التقليدية في عبادة الأسلاف وتقديم القرابين لمعبوداتهم، إلا أنه كان يتجنب البحث فيما وراء الطبيعة، ويحاول أن يصرف عقول أتباعه عن أمور الغيب، فكان إذا وجه إليه سؤال في أمور الدين أجاب إجابة سلبية، فعندما سأله بعض تلامذته قائلا : هل لدى الأموات علم بشيء أو هل هم بغير علم " أبى أن يجيب جوابا صريحا . وعندما سأله آخر عن " خدمة الأرواح " ( أرواح الموتى ) أجابه " إذا كنت عاجزاً عن خدمة الناس فكيف تستطيع أن تخدم أرواحهم ". وسأله آخر قائلا : "هل أجرؤ على أن أسألك عن الموت" فأجابه:" إذا كنت لا تعرف الحياة فكيف يتسنى لك أن تعرف شيئا عن الموت". وبذلك أبقى كونفوشيوس على نفس العبادات والشعائر التى كان يمارسها الصينيون من قبل وهى :
1- يعتقد الصينيون بالإله الأعظم إله السماء، ويسمونه بالشانج - تي أي القوة العليا المسيطرة على العالم، ويقيم له الإمبراطور احتفالاً سنوياً تقدم فيه القرابين.
2- يعتقد الصينيون أيضاً بأن للأرض إلهاً . كما أن الشمس والقمر والكواكب والسحاب والجبال .. لكل منها إله .
3- يتوجه الصينيون أيضا بالعبادة إلى أرواح آبائهم وأجدادهم وأسلافهم، ويرون أن لأولئك الأموات أرواحا تضر وتنفع .
4- يؤمنون بأن ثمة أرواح خبيثة ترفرف من حولهم، لذلك يحرصون على رد عداوتها بالأدعية والرقى السحرية .
5- يؤمنون بالسحر والتنجيم، وكانوا يستأجرون المتنبئين ليكشفوا لهم عن مستقبلهم من أصداف السلاحف أو حركات النجوم، ويستأجرون السحرة ليوجهوا منازلهم نحو الريح والماء، والعرّافين ليستنزلوا ماء الأمطار. وكانوا يعرضون للموت من يولد لهم من الأطفال في أيام " النحس ".
6- يقرب الصينيون في كل يوم قرباناً متواضعاً - ويكون في العادة شيئاً من الطعام - للموتى ويرسلون الدعوات الصالحات إلى أرواحهم.
كتب كنفوشيوس :
مات كنفوشيوس وخلف وراءه خمسة مجلدات يقال إنه كتبها بنفسه، وتعرف في الصين باسم " الجنجات الخمسة" أو "كتب القانون الخمسة"، وهذه الكتب هي :
1- اللي - جي أو( سجل المراسم) وهو كتاب يشتمل على القواعد القديمة من آداب اللياقة، والأسس الدقيقة لتكوين الأخلاق ونضجها، بما يساعد على استقرار النظام الاجتماعي .
2- كتب ذيولا وتعليقات على كتاب "إلاي - جنج" أو "كتاب التغيرات" وموضوعه علم ما وراء الطبيعة، رغم حرصه على ألا يلج بفلسفته إلى هذا المجال المستعصي على عقل الإنسان وحسه .
3- كتاب "الشي - جنج" وهو كتاب أناشيد قام بترتيبه وتبويبه، كما شرح فيه كنه الحياة ومبادئ الأخلاق الفاضلة .
4- كتاب "التشو - شيو" وهو كتاب تاريخ سجل فيه أهم الأحداث التي وقعت في مدينته "لو" .
5- "الشو - جنج" وهو كتاب تاريخ آخر ولكنه أشمل، حيث جمع فيه أهم وأرقى ما وجده في حكم الملوك الأولين من الحوادث والقصص .
ولم يكن وهو يعمل في هذه الكتب يرى أن وظيفته هي وظيفة المؤرخ بل كان فيها كلها معلما ومهذبا للشباب ، فقد أضاف إلى الحوادث الواقعية خطبا وقصصا من عنده صب فيها أكثر ما يستطيع من الحض على الأخلاق الكريمة والإعجاب بالحكمة.
ويضيف الصينيون إلى هذه الكتب الخمسة أربعة كتب أخرى، هي مما ألفها تلاميذ تلاميذه إلا أنها سجلت في إيجاز ووضوح منقطعي النظير آراء وأقوال كنفوشيوس كما ذكرها أتباعه، وقد جمعت تلك الكتب بعد عشرات السنين من وفاته .
وأول هذه الكتب : كتاب "لوق يو" أو "الأحاديث والمحاورات" المعروف عند قرّاء اللغة الانجليزية بإسم " مجموعة الشذرات " أي شذرات كنفوشيوس .
وثانيها : ما جاء في الفقرتين الرابعة والخامسة من الشو الثاني وهو المؤلف المعروف عند الصينيين بإسم "الداشوه أو التعليم الأكبر"، ويعزو الفيلسوف والناشر الكنفوشي جوشي هاتين الفقرتين إلى كنفوشيوس نفسه، كما يعزو باقي الرسالة إلى دزنج - تسان أحد أتباعه .
وثالثها : كتاب "جونج يونج" أو "عقيدة الوسط" وهو الكتاب الفلسفي من كتب الصين .
وآخر هذه الكتب هو "كتاب منشيس" وهذا الكتاب هو خاتمة الآداب الصينية القديمة.
راى الأسلام فى ما قاله ونادى به كونفيشيوس :
فالإنسان مهما أعجب ببعض أفكار كنفوشيوس ففي الإسلام منها وخير منها، فالإسلام يحث على الأخلاق ويولي أهمية بالغة لصلاح الحاكم، بل يوجب عليه أن يعتني بعماله فلا يولي إلا الصالحين، وأن يعتني كذلك بالرعية فيقوم على رعايتها، ويلزمه أن يحفظ لهم أموالهم وأنفسهم وأعراضهم وأديانهم وأولادهم .
ولو ذهبنا نقارن بين الإسلام وما جاء به كنفوشيوس في السياسة والأخلاق لرأينا الإسلام قد جاء بخير مما جاء به كنفوشيوس . وزاد عليه حسن الاعتقاد في الله وحسن عبادته والتوجه إليه، ونبذ الآلهة الباطلة المزعومة، ولا غرو أن يفضُلَ الإسلامُ الفلسفات الأرضية فهو وحي الله وهديه، وليس أفكارا بشرية يعتريها ما يعتري البشر من الخطأ والنقص، فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
المراجع:
تاريخ الحضارة لو ديورانت .
الموسوعة الميسرة .
موسوعة ويكبيديا .
مواقع إنترنت .
المفضلات