الفرع الثاني
بداية تدوين (التناخ) التوراة
1ـ أولى بدايات التدوين:
تمت أولى بدايات تدوين التوراة في الفترة ما بين 586 و538 ق.م فمن الصفحات القليلة
السابقة عرفنا انه في عام 586 ق.م وهو تاريخ سقوط مملكة يهوذا ومن قبلها سقطت مملكة إسرائيل في عام 722 ق.م وحتى عام 538 ق.م
وهو تاريخ سقوط الدولة البابلية الكلدانية واستيلاء قورش على بابل الذي أسس إمبراطورية فارسية كبيرة ضمت فارس وليديا وميديا وآشور،
وامتدت سلطته على أسيا الغربية كلها، ثم جاء ابنه قمبيز وضم مصر إلى إمبراطورية أبيه في عام 525 ق.م ثم توفى قمبيز في عام 523 ق.م
ولم يكن له ولد فانتقل التاج إلى أخيه سميرديز والذي قتله كهنة ميديا سراً ووضعوا أحدهم بدلاً منه ولكن أمرهم كُشف بعد عدة أشهر،
فنظم قادة الفرس مؤامرة قتلوا فيها الكهنة و( سميرديزهم ) المزعوم وقدموا التاج لداريوس والذي كان قد غدا صهراً لقورش مرتين
وقد عُرف في التاريخ باسم داريوس المادي وقسم داريوس إمبراطوريته إلى إحدى وعشرين مقاطعة وحكم ما بين عامي 521 إلى 481 ق.م
وبعد فترة من الزمن أعلن حاكم مقاطعة بابل نابوا ينتوك وابنه بلساروسو الأمر الذي أرغم داريوس على الأمر الذي أرغم داريوس
على الاستيلاء عليها مرة أخرى في عام 516 ق.م .
ترجع أهمية هذه الأحداث للوقوف على التزوير المتعمد في التوراة فمن المعروف أن نبونيد هو أخر ملوك الدولة البابلية وهو ليس من
ادعته التوراة بـ ( بلتّصر) لأن بابل عادت وسقطت ثانية بيد داريوس الأول بعد اثنتين وعشرين عاماً، ويحاول كُتاب التوراة أن ينفذوا عبر هذا الباب
ليؤكدوا أن الملك البابلي الذي كان في هذا العصر هو بلتصر التوراتي.
2ـ المبادئ التي كتبت عليها التوراة:
بعد سقوط دولة بابل في يد الفرس، وتحدياً بعد مرور 66 عاماً أُعيد بناء الهيكل مرة أخرى وذلك بإذن من الملك الفارسي داريوس وذلك على يد جماعة
من الكهان اليهود وأشهرهم زربابل بن شالتئيل وعزرا ونحميا.
هذا وقد استغرق بناء الهيكل خمس سنوات وذلك فيما بين عامي ( 520 ـ 515 ق.م ). وفي مدينة بابل اتفق العبرانيون والسامريون
على تدوين التوراة لأنهم في الأسر لما تأكدوا من إدبار الدنيا عنهم وإقبال الخير على بني إسماعيل بعد سنوات طويلة، رأوا أن يحتفظوا بكيان مستقل إلى الأبد.
ومن أجل ذلك كتبوا التوراة بأيديهم وذلك على المبادئ التالية:
أ ـ الله تعالى إله واحد ولكن ليس للعالمين، بل لبني إسرائيل وحدهم من دون الناس
ب ـ شريعة التوراة أنزلها الله تعالى ولكن ليست للعالمين بل لبني إسرائيل وحدهم من دون الناس.
ج ـ النبي المنتظر الذي أخبر عنه موسى سوف يأتي ولكن ربما من بني إسرائيل لا من إسماعيل.
وكتب لهم عزرا كتاب التوراة على تلك المبادئ وعرضها عليهم فسُروا بها واستحسنوها.
ولما رجع بنو إسرائيل من بابل بتوراة عزرا وسكن العبرانيون في مدنهم وسكن السامريون في مدنهم، ظهر عداء شديد بين العبرانيين والسامريين،
حيث يقول العبرانيون أننا على حق ويقول السامريون بل نحن وحدنا على الحق وانتم الذين حرفتم وغيرتم وزدتم أنقصتم من كتاب الله.
موجز عن الكتاب المقدس وأسفارهولغته الأصلية وترجماته الأساسية
الكتاب المقدس عند النصارى قسمان العهد القديم والعهد الجديد.
أسفار العهد القديم قبل المسيح وعددها مع الأسفار غير القانونية يزيد على الأربعين.
أما أسفار العهد الجديد وهي الأسفار المقدسة عند المسيحيين بعد السيد المسيح فهي الأناجيل الأربعة والأسفار الملحقة بها.
ينقسم الكتاب المقدس العبري إلى ثلاثة أقسام:
التوراة – قسم الشريعة, الأنبياء – القسم المتعلق بالأنبياء والكتابات – قسم الأدبيات
ترمز التوراة للأسفار الخمسة الأُولى من الكتاب المقدّس العبري (التناخ) وهم:
القسم الأول:أسفار العهد القديم
ما يعرف اليوم بـ(العهد القديم) (OldTestament) هو ثلاث مجموعات من الكتب والأسفار.
المجموعة الأولى : التوراة [תורה ]
وهي الأسفار الخمسة (Pentateuch) وتعرف بالتوراة الخماسية (The chum ash) [חמשהחומשיתורה ] (حمشه حومشي توراه).
وهي :
سفر التكوين [ ברא שית ] (براشيت) (Genesis).
سفر الخروج [ שמות ] (شموت) (Exodus).
سفر الأخبار [וידרא ] (ويكرا) (Leviticus).
سفر العدد [במדבר] (بمدبار) (Numbers).
سفر التثنية [דוברימ ] (دوبريم) (Deuteronomy).
وتعرف هذه الأسفار الخمسة بتوراة موسى وتعرف أيضا بـ(الناموس) وهي لفظة يونانية تعني القانون .
المجموعة الثانية : أسفار الأنبياء [נביימ ] (نبييم) أي (الشريعة).
وتشتمل على:
الأنبياء الأوائل
سفر يشوع [ יהושע ] (يهوشوع Yehoshoua’).
وسفر القضاة [ שופטימ ] (شوفطيم Shoftim).
و(صموئيل الأول) شموؤيل اليف Shmuel Alef و(صموئيل الثاني) شموؤيل بيت [שמואיל אשמואיל ב].
والملوك الأول والثاني ملخيم اليف و ملخيم بيت [מלוימ א מלוימ ב ].
الأنبياء المتأخرون
وإشعياء (يشعيهو Yesha’yahu)[ ישעיה ].
وإرميا (يرمياه Yirmiyah) [ירמיה ].
وحزقيال (يحزقيال Yehezkel) [ יחזכ אל ].
أسفار الأنبياء الأثنين العاشر
سفر هوشع (بالعبرية: הושע هوشيع Hoshea’)
سفر يوئيل (بالعبرية: יואל يوئيل Yoel)
سفر عاموس (بالعبرية: עמוס عاموس A’mos)
سفر عوبديا (بالعبرية: עובדיה عوبديا O’vadya)
سفر يونان (بالعبرية: יונה يوناه Yonah)
سفر ميخا (بالعبرية: מיכד ميخا Mikha)
سفر ناحوم (بالعبرية: נחום ناحوم Nah’oum )
سفر حبقوق (بالعبرية: חבקוק حبقوق H’avaqouq )
سفر صفنيا (بالعبرية: צפניה صفنيا Sefanya)
سفر حجى (بالعبرية: חגי حجاي H’agay)
سفر زكريا (بالعبرية: זקריה زكيرا Zekharya)
سفر ملاخى (بالعبرية: מלאדי ملاخي Malakhi)
المجموعة الثالثة : وهي الكتب [כתובים ].
وتشتمل على:الكتابات
أسفار الحكمة الشعرية
سفر المزامير (بالعبرية: תהלים تهيليم Tehilim)
سفر الامثال (بالعبرية: משל י مشلي Mishley)
سفر ايوب (بالعبرية: איוב ايوب Eyob)
سفر نشيد الاناشيد (بالعبرية: שר השרים شير هاشيريم Shir Ha-Shirim)
سفر الجامعه (بالعبرية: קהלת قوهيليت Qohelet)
سفر راعوت (بالعبرية: רות روت Rut)
سفر المراثي (بالعبرية: איכא ايخا Eykha)
سفر استير (بالعبرية: אשתר استير Ester)
سفر دانيال (خليط من اللغتين العبرية والآرامية الغربية, بالعبرية: دانيئيل Daniel)
سفر عزرا (خليط من اللغتين العبرية والآرامية الغربية, بالعبرية: عزرا E’zra)
سفر اخبار الايام الآول (بالعبرية: דברי הימים א دبري هاياميم اليف Divrey Hayamim Alef)
سفر أخبار الأيام الثاني (بالعبرية: דברי הימים ב دبري هاياميم بيت Divrey Hayamim Bet)
وهذا الترتيب هو الترتيب الثابت في التوراة العبرية المتداولة عند اليهود إلى اليوم، كما ان هذه المجموعات الثلاثة
تحمل اســم (تناخ) [תנד] (Tanach) عند اليهود كعنوان للكتاب الذي يجمعها وهي لفظة مكونة
من الأحرف الأولى لـ(توراه) [תורה] ونبييم [נביים] وكتوبيم [דתובים] .
أما الترجمة اليونانية (السبتوجنت) (Septuagint) وهي ترجمة يهودية فقد صنفت الأسفار فيها إلى مجموعتين:
الأولى : تحمل عنوان كتب الشريعة والتاريخ.
الثانية : تحمل عنوان كتب الشعر والأنبياء.
وتختص الترجمة اليونانية إضافة إلى اختلافها في ترتيب الأسفار باحتوائها على أسفار جديدة كان علماء اليهود ومن تبعهم
من علماء النصارى فيما بعد قد اعتبروها غير قانونية وهذه الأسفار الإضافية هي (نشيد الثلاثة الفتية المقدسين) و(تتمة سفر دانيال)
و(تاريخ سوسنة) و(تاريخ انقلاب بيل) و(بقية سفر استير) و(رسالة ارميا) و(صلاة منسى) و(سفر باروخ) و(سفر طوبيت) و(سفر يهوديت)
و(اسدراس الثاني) [(عزرا)] و(سفر حكمة سليمان) و(سفر حكمة يشوع بن سيراخ) ومعظم هذه الأسفار كتب ما بين سنة 200ق.م و 100م).
(قاموس الكتاب المقدس لفظة ابوكريفا.) .
وقد ترجمت بعض هذه الأسفار إلى العربية وطبعت في الكتاب المقدس الترجمة العربية ـ المطبعة الكاثوليكية بيروت سنة 1960م.
وقد تبنى علماء النصارى في ترجماتهم السريانية والعربية والإنجليزية وغيرها ترتيب أسفار العهد القديم على طريقة التوراة اليونانية (السبتوجنتا)
مع حذف الإسفار غير القانونية منها.
التلمود
التلمود هو أحد كتب اليهود الدينية ، وهو عبارة عن موسوعة تتضمن الدين، والشريعة، والتأملات الغيبية، والتاريخ، والآداب ،والعلوم الطبيعية؛
كما يتضمن علاوة على ذلك فصولاً في الزراعة، وفلاحة البساتين، والصناعة، والمهن، والتجارة؛ والربا، والضرائب، وقوانين الملكية؛
والرق؛ والميراث؛ وأسرار الأعداد؛ والفلك، والتنجيم؛ والقصص الشعبي، بل أنه ليغطى جوانب الحياة الخاصة لليهودي، إذ يتناول -في جملة ما يتناول-
كل دقائق إعداد الطعام وتناوله، والعلاقات الخاصة بين الرجل وزوجته، والطمث - وحتى الدعوات التي يقولها الإنسان بعد الذهاب إلى دورة المياه،
أي أنه لا يدع للفرد اليهودي حرية الاختيار في أي وجه من وجوه النشاط في حياته العامة والخاصة.
?وقد بـدأ تدوين التلمود مع بداية العصر المسيحي ، واستغرق تأليفه ما يقرب من خمسمائة عام. ويوجد تلمودان وهما : التلمود البابلي،
والتلمود الفلسطيني "الأورشاليمى"، وكلاهما مكون من "المشنا" و" الجمارا" . ووجه الاختلاف بينهما في الجمارا، وليس في المشنا؛ لأنها واحدة في الاثنين.
أما الجمارا فاثنتان إحداهما في فلسطين والأخرى في بابل، وحيث أن الجمارا البابلية أكمل وأشمل من الجـمارا الفلسطينية؛ فإننا نجد أن التلمود البابلى
هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود.
وتبلغ أقسام المشنا ستة أقسام، وهى الأقسام الأساسية للتلمـود، باعتبار أن الجمارا تعليق على المشنا وشرح لـها. ويبلغ عدد صفحات
التلمود "مشنا وجمارا" حوالي ستة ألاف صفحة في كل منها 400 كلمة.
?والتلمود هو أول محاولة من جانب حاخامات اليهود لتفسير العهد القديم، بـما يتناسب مع وضع اليهود الجديد كأقليات تجارية متناثرة في العالـم،
وليس كشعب مستقر في أرضه. ولكن التلمود هو أيضًا تعبير عن محاولة اليهودية الحاخامية التلمودية السيطرة على جماهير اليهود، وعزلـهم عن بقية الشعوب،
خاصة بعد ظهور المسيحية التي اتخذت من العهد القديم كتاباً مقدساً، وأكملته وعدلته بالعهد الجديد. وهذه الانعزالية مسألة منطقية
في الـمجتمعات الإقطاعية التي كانت تشجع الفصل بين الطبقات والجماعات الدينية، وهى انعزالية كانت تأخذ في الغالب شكل التعالي على الناس.
وتسري هذه النزعة الانعزالية الـمتعالية بحدة في معظم صفحات التلـمود.
وقد كان التلمود يستخدم أساساً للتربية اليهودية؛ فكان الدارسون اليهود يستذكرونه لـمدة سبع ساعات يومياً طوال سبع سنوات.
وقد نجح التلمود في ضرب العزلة الوجدانية والروحية والعقلية على اليهود؛ حتى أن أحد الشعراء الألمان أسـماه وطن اليهود الـمتنقل.
ومما زاد من حدة هذه الانعزالية تلك القداسة التي تحيط بالتلمود ، فعلى الرغم من أنه مجرد "تفسير" للمقرا ، فإنه مثل كل كتب
الشروح اليهودية يكتسب قداسة معينة، خاصة وأن أسطورة الشريعة الشفوية سيطرت على الوجدان اليهودي سيطرة تامة بعد ظهور المسيحية؛
فكان ينظر للتلمود في بداية الأمر على أنه يأتي في المرتبة الثانية بعد التوراة، ولكنه بعد حين أصبح يلقب بالتوراة الشفوية، أي صار مساوياً لتوراة
موسى في المرتبة، ولـم يعد في وسع أي يهودي مخالفته، ثم أخذت درجة قداسته في الازدياد والاتساع حتى أصبح أكثر قداسة من التوراة ذاتها.
المفضلات