-
-
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
جزاك الله خيرا على التفصيل و نفع الله به
-
اضافتان مهمتان :
الاولى : كما ذكرنا سابقا فانه لم يصح شيء من المراسيل - المتضمنة لقصة الغرانيق - الى رواتها غير اربعة و هو ما اسند الى قتادة و ابي العالية و سعيد بن جبير و ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، و قد رددنا على قول من قال بان هذه المراسيل تعضد بعضها البعض بما نقلناه عن الامام الالباني رحمه الله من كون الاربعة من طبقة واحدة فلا يستبعد نقلهم عن بعضهم البعض و كذلك مخالفة متن روايتهم للحديث الصحيح و ما صح عن عروة بن الزبير رحمه الله في رسالته الى عبد الملك بن مروان و لكن علاوة على كل هذا اضيف علة اخرى و هي : ان اهل العلم تكلموا في مراسيل بعض من هؤلاء .
فاما مرسل ابي العالية رحمه الله :
نقرا من جامع التحصيل للعلائي الباب الرابع((وحكى ابن عبد البر عن الجماعة تصحيح مرسلات محمد بن سيرين كمراسيل النخعي وان مراسيل عطاء والحسن البصري لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد وكذلك مراسيل ابي قلابة وأبي العالية
قلت تقدم عن ابن سيرين أنه ضعف مراسيل الحسين وأبي العالية وقال كانا يصدقان كل من حدثهما رواه عنه ابن عون ))
و نقرا من نفس المصدر الباب الثاني
((ومنها أن بعض المراسيل رويت من وجوه متعددة مرسلة والتابعون فيها متباينون فيظن أن مخارجها مختلفة وإن كلا منها يعتضد بالآخر ثم عند التفتيش يكون مخرجها واحدا ويرجع كلها إلى مرسل واحد ومثال هذا حديث القهقهة المتقدم ذكره روي مرسلا من طريق الحسن البصري وأبي العالية وإبراهيم النخعي والزهري بأسانيد متعددة وعند التحقيق مدار الجميع على أبي العالية
قال عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث لم يروه إلا حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه هشام بن حسان من حفصه فحدث به الحسن البصري بأرسله الحسن وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سليمان ابن أرقم يختلف إلى الحسن وإلى الزهري فسمعه من الحسن فذاكر به الزهري فقال الزهري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن مهدي وحدثنا شريك عن أبي هاشم قال أنا حدثت به إبراهيم يعني النخعي عن أبي العالية فأرسله إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال البيهقي فإذا سمع السامع هذا الحديث يجده قد أرسله الحسن وإبراهيم النخعي والزهري وأبو العالية فيظنه متعدد الأسانيد وإذا كشف عنه ظهر مداره على أبي العالية
قلت ومرسلات أبي العالية ضعيفة روى ابن عدي عن ابن سيرين قال كان ههنا ثلاثة يصدقون كل من حدثهم الحسن وأبو العالية وسمى آخر))
و نقرا ما نقله ابن رجب في كتابه شرح علل الترمذي عن الامام الترمذي في الجزد الاول :
((روى حماد عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كان ههنا ثلاثة يصدقون كل من حدثهم، وذكر الحسن وأبا العالية ورجلا آخر.
وروى جرير عن رجل عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين قال: لا تحدثنا عن الحسن، ولا عن أبي العالية فانهما لا يباليان عمن أخذا الحديث. ))
وقول ابن سيرين هنا عام في كل مراسيل ابي العالية و لا يخصص بحديث القهقهة فقط كما ذهب اليه بعض النوكى من النصارى و الا لما قرنه بمرسل الحسن و على هذا اعتمد العلائي رحم الله في توهين مرسل ابي العالية عند السلف
و اما مرسل قتادة رحمه الله :
نقرا من كتاب المراسيل لابن ابي حاتم رحمه الله :
((- بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَسَانِيدِ الْمُرْسَلَةِ أنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِهَا الْحُجَّةُ
1 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الَْقَطَّانُ لَا يَرَى إرْسَالَ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ شَيْئًا وَيَقُولُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرِّيحِ وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حُفَّّّاظٌ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا الشَّيْءَ عَلَّقُوهُ ))
و اما مرسل سعيد بن جبير رحمه الله :
نقرا من كتاب الكفاية للخطيب باب الكلام في ارسال الحديث:
((خْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَدِينِيِّ , قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: " مُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ بِكَثِيرٍ , كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ , وَقَالَ يَحْيَى: مُرْسَلَاتُ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَمُرْسَلَاتُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَحَبُّ إِلَيَّ , قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِيٍّ , قَالَ يَحْيَى: إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلِيٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ , قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَوَّلَ مَا طَلَبْتُ فِي الْحَدِيثِ وَقَعَ فِي يَدِي كِتَابٌ فِيهِ مُرْسَلَاتٌ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ , فَجَعَلْتُ لَا أَشْتَهِيهَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ , وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: وَكُلٌّ ضَعِيفٌ , قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ شِبْهُ لَا شَيْءٍ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ إِنْسَانٌ صَاحَ بِهِ , وَقَالَ يَحْيَى: مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ , قُلْتُ لِيَحْيَى: فَمُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: سَعِيدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ , قُلْتُ لِيَحْيَى: فَمُرْسَلَاتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مُرْسَلَاتُ طَاوُسٍ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: " مُرْسَلَاتُ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدِي شِبْهُ لَا شَيْءٍ , وَالْأَعْمَشِ , وَالتَّيْمِيِّ , وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , وَقَالَ يَحْيَى: مُرْسَلَاتُ ابْنِ عُيَيْنَةَ شِبْهُ الرِّيحِ , ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: إِي وَاللَّهِ وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ , قُلْتُ لِيَحْيَى: فَمُرْسَلَاتُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ؟ قَالَ: هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ , ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ مَالِكٍ " قَالَ الْخَطِيبُ: وَالَّذِي نَخْتَارُهُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ سُقُوطُ فَرْضِ الْعَمَلِ بِالْمَرَاسِيلِ , وَأَنَّ الْمُرْسَلَ غَيْرُ مَقْبُولٍ , وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إِرْسَالَ الْحَدِيثِ يُؤَدِّي إِلَى الْجَهْلِ بِعَيْنِ رَاوِيهِ , وَيَسْتَحِيلُ الْعِلْمُ بِعَدَالَتِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِعَيْنِهِ , وَقَدْ بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبُولُ الْخَبَرِ إِلَّا مِمَّنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ , فَوَجَبَ لِذَلِكَ كَوْنُهُ غَيْرَ مَقْبُولٍ , وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَدْلَ لَوْ سُئِلَ عَمَّنْ أَرْسَلَ عَنْهُ , فَلَمْ يُعَدِّلْهُ , لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ , إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ , فَكَذَلِكَ حَالُهُ إِذَا ابْتَدَأَ الْإِمْسَاكَ عَنْ ذِكْرِهِ وَتَعْدِيلِهِ ,لِأَنَّهُ مَعَ الْإِمْسَاكِ عَنْ ذِكْرِهِ غَيْرُ مُعَدِّلٍ لَهُ , فَوَجَبَ أَلَّا يُقْبَلَ الْخَبَرُ عَنْهُ ))
اقول : قول الامام يحيى بن سعيد بان مرسلات سعيد بن جبير احب اليه من مرسلات عطاء ليس فيه دليل على احتجاج يحيى بن سعيد القطان رحمه الله بمرسل سعيد بن جبير اذ ان قوله يندرج تحت باب التفاوت بين الضعيف و الاضعف و دليل ذلك انه صرح بان رواية مالك عن سعيد بن المسيب احب اليه من رواية سفيان عن ابراهيم النخعي و كلتاهما ضعيفة ثم ختم كل هذا بالتصريح بان مراسيل مالك هي اصح المراسيل و على هذا مشى الخطيب رحمه الله اذ صرح ان هذه الجملة من يحيى تعني سقوط العمل بالمرسل .
الثانية : ان ما قاله بعض الاحناف و المالكية من الاحتجاج بالمرسل اطلاقا دون قيد انما يكون فيما يتعلق بعلم الفروع من الاحكام لا فيما يتعلق بعلم الاصول من العقائد فعلى مذهبهما تكون رواية الغرانيق ساقطة ايضا .
نقرا من دلائل النبوة للبيهقي رحمه الله الجزء الاول فصل في المراسيل :
(( كل حديث أرسله واحد من التابعين أو الأتباع، فرواه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ من حمله عنه، فهو على ضربين:(أحدهما) : أن يكون الذي أرسله من كبار التابعين الذين إذا ذكروا من سمعوا منه ذكروا قوما عدولا يوثق بخبرهم. فهذا إذا أرسل حديثا نظر في مرسله، فإن انضم إليه ما يؤكده من مرسل غيره، أو قول واحد من الصحابة، أو إليه ذهب عوامّ من أهل العلم- فإنّا نقبل مرسله في الأحكام ))
و نقرا من ما قاله الامدي في كتابه الاحكام في اصول الاحكام الجزء الثاني القاعدة الثانية في بيان الدليل الشرعي و احكامه :
(( وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِرْسَالُ الْأَخْبَارِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ إِذَا حَدَّثْتَنِي فَأَسْنِدْ، فَقَالَ: إِذَا قُلْتُ لَكَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي حَدَّثَنِي، وَإِذَا قُلْتُ لَكَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، فَقَدْ حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ عَنْهُ، وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثًا، فَلَمَّا رُوجِعَ فِيهِ قَالَ: (أَخْبَرَنِي بِهِ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا اشْتُهِرَ مِنْ إِرْسَالِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَشْهُورًا فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ إِجْمَاعًا (3) وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّ الْعَدْلَ الثِّقَةَ إِذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، مُظْهِرًا لِلْجَزْمِ بِذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَجِيزُ ذَلِكَ إِلَّا وَهُوَ عَالِمٌ أَوْ ظَانٌّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ.
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ظَانًّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْهُ، أَوْ كَانَ شَاكًّا فِيهِ، لَمَا اسْتَجَازَ فِي دِينِهِ النَّقْلَ الْجَازِمَ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى الْمُسْتَمِعِينَ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَعْدِيلَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ عَالِمًا وَلَا ظَانًّا بِصِدْقِهِ فِي خَبَرِهِ (1) . فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ الْإِجْمَاعَ، وَدَلِيلُهُ مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ: أَمَّا الْإِجْمَالُ فَهُوَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ، فَلَا يُسَاعِدُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ التَّفْصِيلِ فَهُوَ أَنَّ غَايَةَ مَا ذَكَرَ مَصِيرُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ إِلَى الْإِرْسَالِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى إِجْمَاعِ الْكُلِّ.))
وقال محقق الكتاب عبد الرزاق عفيفي في تعليقه على الهامش رقم 3 :
(( (3) أَقُولُ إِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِرْسَالِ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمُرْسَلَةُ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ سُكُوتَهُمْ مُوَافَقَةٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ لِكُلِّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَالْكَلَامُ فِي مِثْلِهَا بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ، إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْبَحْثِ، وَالْمُنَاظَرَةُ دُونَ الْإِنْكَارِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ سُكُوتَهُمْ مُوَافَقَةٌ، فَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، إِذِ النِّزَاعُ هُنَا فِي حُكْمِ الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُرْسَلُ مِنَ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ هُوَ إِجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالنِّزَاعُ فِيهِ قَائِمٌ، وَلَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ))
و نقرا من نصب الراية للامام الزيلعي رحمه الله الجزء الاول :
(( ، وَفِي "مُسْند" الشَّافِعِي نَفسه مَرَاسِيل كَثِيرَة، بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ الَّذِي هُوَ الْمَعْرُوف بَين السّلف، وَفِي "موطأ مَالك"، نَحْو ثَلَاثمِائَة حَدِيث مُرْسل، وَهَذَا الْقدر أَكثر من نصف مسانيد "الْمُوَطَّأ" وَمَا فِي أَحْكَام الْمَرَاسِيل للصلاح العلائي من البحوث فِي الْإِرْسَال، جُزْء يسير، مِمَّا لأهل الشان من الْأَخْذ وَالرَّدّ فِي ذَلِك، وَفِيمَا علقناه عَلَى شُرُوط الْأَئِمَّة الْخَمْسَة، وَجه التَّوْفِيق بَين قَول الْفُقَهَاء بتصحيح الْمُرْسل، وَقَول متأخري أهل الرِّوَايَة بتضعيفه، مَعَ نوع من الْبسط فِي الِاحْتِجَاج بالمرسل، بل البُخَارِيّ نَفسه ترَاهُ يسْتَدلّ فِي كتبه بالمراسيل، وَكَذَا مُسلم فِي الْمُقدمَة، وجزء الدّباغ، وَلَا يتَحَمَّل هَذَا الْموضع لبسط الْمقَال فِي ذَلِك بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَمن شُرُوط قبُول الْأَخْبَار عِنْد الْحَنَفِيَّة مُسندَة، كَانَت، أَو مُرْسلَة، أَن لَا تشذ عَن الْأُصُول المجتمعة عِنْدهم، وَذَلِكَ أَن هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء بالغوا فِي استقصاء موارد النُّصُوص من الْكتاب وَالسّنة، وأقضية الصَّحَابَة، إِلَى أَن أرجعوا النَّظَائِر الْمَنْصُوص عَلَيْهَا، والمتلقاة بِالْقبُولِ إِلَى أصل تتفرع هِيَ مِنْهُ، وَقَاعِدَة تندرج تِلْكَ النَّظَائِر تحتهَا، وَهَكَذَا فعلوا فِي النَّظَائِر الْأُخْرَى، إِلَى أَن أَتموا الفحص والاستقراء، فاجتمعت عِنْدهم أصُول - مَوضِع بَيَانهَا، كتب الْقَوَاعِد والفروق - يعرضون عَلَيْهَا أَخْبَار الْآحَاد، فَإِذا ندت الْأَخْبَار عَن تِلْكَ الْأُصُول، وشذت، يعدونها مناهضة لما هُوَ أَقْوَى ثبوتاً مِنْهَا، وَهُوَ الأَصْل المؤصل من تتبع موارد الشَّرْع الْجَارِي مجْرى خبر الكافة، والطَّحَاوِي كثير المراعاة لهَذِهِ الْقَاعِدَة فِي كتبه، ويظن من لَا خبْرَة عِنْده أَن ذَلِك تَرْجِيح مِنْهُ لبَعض الرِّوَايَات عَلَى بَعْضهَا بِالْقِيَاسِ))
هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم
التعديل الأخير تم بواسطة محمد سني 1989 ; 04-10-2021 الساعة 01:52 AM
-
اضافة مهمة :
هناك من كان من المائين الاولى من السلف ممن رفض الاحتجاج بالمرسل وهذا يرد على ما قاله الطبري و ابو داود رحمهما الله من ان المرسل كان يعمل به حتى اتى الشافعي رحمه الله .
1. ابن سيرين رحمه الله
نقرا من مقدمة صحيح مسلم رحمه الله :
(( حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ " حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: لَقِيتُ طَاوُسًا فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»))
2. سفيان بن عيينة رحمه الله
نقرا من الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل
(( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " حَمَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَصَعِدَ فَوْقَ غُرْفَةٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: تُرِيدُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا عَنْكَ حَدِّثْهُمْ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ , فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا , يَأْمُرُنِي أَنْ أَصْعَدَ فَوْقَ الْبَيْتِ بِغَيْرِ دَرَجَةٍ " قَالَ صَالِحٌ: يَعْنِي أَنَّ الْحَدِيثَ بِلَا إِسْنَادٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَأَنَّ الْإِسْنَادَ دَرَجُ الْمُتُونِ , بِهِ يُوصَلُ إِلَيْهَا "))
3. عبد الله بن المبارك رحمه الله .
نقرا من نفس المصدر السابق :
(( أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الدِّينَوَرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، ثنا الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الْمُقْرِئَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَعْدَانَ , يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ أَمْرَ دِينِهِ بِلَا إِسْنَادٍ كَمَثَلِ الَّذِي يَرْتَقِي السَّطْحَ بِلَا سُلَّمٍ» ))
4. علي بن المديني رحمه الله
نقرا من نفس المصدر السابق :
(( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو عِيسَى أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا جَدِّي , قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ إِسْنَادِ حَدِيثٍ سَقَطَ عَلَيَّ , فَقَالَ تَدْرِي مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْحَدَّادُ؟ قَالَ: «الْإِسْنَادُ مِثْلُ الدَّرَجِ وَمِثْلُ الْمَرَاقِي , فَإِذَا زَلَّتْ رِجْلُكَ عَنِ الْمَرْقَاةِ سَقَطْتَ , وَالرَّأْي مِثْلُ الْمَرْجِ»))
وقد رد العلائي رحمه الله على دعوى الاجماع الذي ذكره الطبري رحمه الله و اقره ابن عبد البر رحمه الله
نقرا من جامع التحصيل للعلائي رحمه الله الباب الثالث :
(( وأما الإجماع فقد ادعاه جماعة منهم حتى قال محمد بن جرير الطبري لم يزل الناس على العمل بالمرسل وقبوله حتى حدث بعد المائتين القول برده يشير إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه قالوا أما عصر الصحابة فلا ريب في شيوع الإرسال منهم وإن لم يحصل نكير البتة على أحد ممن أرسل من الصحابة رضي الله عنهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم ....وأما التابعون فإرسالهم للأحاديث التي لا تدخل تحت الحصر مشهور شائع بينهم كابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومن يطول الكلام بذكرهم ولم يكن روايتهم لها إلا للعمل بها وإلا فلو كانت لغوا لا تفيد شيئا ولا يحتج بها لأنكرها عليهم العلماء وبينوا أن إرسالهم الحديث يقتضي التوهين له وعدم الاحتجاج به فما أنكر ذلك عليهم نظراؤهم ولا من فوقهم وإنما أنكره من جاء من بعدهم
قالوا ولا يعترض على هذا بأنه يلزم منه أن يكون الخلاف في ذلك مردودا قادحا في المخالف لكونه خارقا للإجماع وذلك باطل لأن الخلاف في المرسل مقبول مسموع من قائله لا نجيب عنه بأن الخلاف المردود المقتضي للقدح إنما هو خرق الإجماع القطعي أما الإجماع الاستدلالي أو الظني فلا يقدح في خارقه وهو هنا بهذه المثابة لأنه إجماع سكوتي
والجواب عن ذلك كله إن دعوى الإجماع في ذلك باطل قطعا إلا في عصر الصحابة زمن النبوة وبعدها بيسير حين لم يخالط الصحابة غيرهم وذلك لا يرد على من لم يحتج بالمرسل وكذلك إرسال صغار الصحابة لما تقدم إن مثل هذا مقبول على الراجح المشهور الذي عليه جمهورالعلماء وإنه لم يخالف... وأما بعدما كثر التابعون وانتشرت رواياتهم بين الصحابة المتأخرين وغيرهم فلا يمكن دعوى إجماع سكوتي على قبول المرسل فضلا عن غيره وقد تقدم قصة ابن عباس مع بشير بن كعب وعدم قبوله المراسيل مطلقا وإلا فيمن يعرف وهي ثابتة في صحيح مسلم من الوجهين المتقدم ذكرهما وكذلك قول ابن عباس أيضا كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فأما إذا ركبتم الصعب والذلول فهيهات وقول ابن سيرين لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم
قلت لأن المتدعة كذبت أحاديث كثير تشيد بها بدعتها قال ابن عباس رضي الله عنه لما بلغه ما وضعه الرافضة من أهل الكوفة على علي رضي الله عنه قاتلهم الله أي علم أفسدوا رواه مسلم في مقدمة صحيحه أيضا
قال الإمام الشافعي رحمه الله كان ابن سيرين وعروة بن الزبير وطاووس وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلو الحديث إلا عن ثقة يعرف ما يروي ويحفظ وما رأيت أحدا من أهل الحديث يخالف هذا المذهب وقد تقدم إنكار الزهري على إسحاق بن أبي فروة إرسال الحديث وقوله قاتلك الله يا ابن أبي فروة تحدثنا بأحاديث ليست له خطم ولا أزمة يعني الأسانيد والزهري ممن كان يرسل الحديث فدل قوله هذا على أن إرساله الحديث لم يكن ليعمل به ربما كان للمذاكرة ونحوها أو رأى أبن أبي فروة ربما يرسل عن غير ثقة فأنكر عليه ذلك
فإن قيل فكيف أرسل الزهري عن سليمان بن أرقم وغيره حتى ضعف جماعة من الأئمة مراسيله مطلقا
قلنا يحتمل أنه لم يطلع على ضعف سليمان بن أرقم وأحسن الظن به وكذلك قال الشافعي فيه رآه الزهري يعني سليمان ابن أرقم من أهل المروءة والعقل فقبل عنه وأحسن الظن به فسكت عن اسمه إما لأنه أصغر منه وإما لغير ذلك
والحاصل أن إنكار أهل ذلك العصر للإرسال وردهم للمرسل موجود في صور كثيرة فلا إجماع حينئذ ولا يمكن طرد اتفاق الصدر الأول من الصحابة بعد ذلك لما أشار إليه ابن عباس وابن سيرين وغيرهما من الفرق بينهم وبين من بعدهم لوجود الأهواء والكذب بعد الصدر الأول ثم إن هذا القول من ادعاء الاتفاق معارض بما نقله مسلم في مقدمة صحيحه عن غيره مقررا لكلامه المرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة وقول محمد بن جرير لم يزل العمل بالإرسال وقبوله حتى حدث بعد المائتين القول برده مردود بقول من رده قبل المائتين كالأوزاعي وشعبة والليث بن سعد وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم وبالله التوفيق))
هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله صحبه وسلم
التعديل الأخير تم بواسطة محمد سني 1989 ; 07-10-2021 الساعة 07:01 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة محمد سني 1989 في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 30-06-2023, 02:22 AM
-
بواسطة محمد سني 1989 في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 19-11-2020, 09:11 PM
-
بواسطة محمد سني 1989 في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 10-01-2019, 02:54 PM
-
بواسطة المسلم الناصح في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 20-07-2009, 01:53 PM
-
بواسطة الاصيل في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 19-05-2007, 01:33 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات