السؤال :
لماذا يسمح لامرأة غريبة بأن تمس جسمه ..
أخي الفاضل صاعقةالإسلام سوف أضع النص الإنجيلي كاملاً , لكي توضح الصورة :
تـوبـة امرأة خـاطئة :
7 36 ودَعاهُ أَحَدُ الفِرِّيسيِّينَ إِلى الطَّعامِ عِندَه، فدَخَلَ بَيتَ الفِرِّيسيّ وجَلَس إِلى المائدَة.
37 وإِذا بِامرأَةٍ خاطِئَةٍ كانت في المَدينة، عَلِمَت أَنَّهُ على المائِدَةِ في بيتِ الفِرِّيسيّ، فجاءت ومعَها قاروةُ طِيبٍ،
38 ووَقَفَت مِنْ خَلْفُ عِندَ رِجْلَيه وهيَ تَبْكي، وجَعَلَت تَبُلُّ قَدَمَيهِ بِالدُّموع، وتَمسَحُهُما بِشَعْرِ رَأسِها، وتُقَبِّلُ قَدَمَيه وتَدهُنُهما بِالطِّيب.
39 فلَمَّا رأَى الفِرِّيسيُّ الَّذي دَعاهُ هذا الأَمر، قالَ في نَفْسِه: "لو كانَ هذا الرَّجُلُ نَبِيّاً، لَعَلِمَ مَن هِيَ المَرأَةُ الَّتي تَلمِسُه وما حالُها: إِنَّها خاطِئَة".
40 فأَجابَه يسوع: "يا سِمعان، عندي ما أَقولُه لَكَ". فقالَ: "قُلْ يا مُعلِّم".
41 قال: "كانَ لِمُدايِنٍ مَدينان، على أَحدِهما خَمسُمِائةِ دينارٍ وعلى الآخَرِ خَمسون.
42 ولَم يَكُنْ بِإِمكانِهِما أَن يُوفِيا دَينَهُما فأَعفاهُما جَميعاً. فأَيُّهما يَكونُ أَكثَرَ حُبّاً لَه ؟"
43 فأَجابَه سِمعان: "أَظُنُّه ذاك الَّذي أَعفاهُ مِنَ الأَكثرَ". فقالَ له: "بِالصَّوابِ حَكَمتَ".
44 ثُمَّ التَفَتَ إِلى المَرأَةِ وقالَ لِسِمعان: "أَتَرى هذهِ المَرأَة ؟ إِنِّي دَخَلتُ بَيتَكَ فما سكَبتَ على قَدَمَيَّ ماءً. وأَمَّا هِيَ فَبِالدُّموعِ بَلَّت قَدَمَيَّ وبِشَعرِها مَسَحَتهُما.
45 أَنتَ ما قَبَّلتَني قُبلَةً، وأَمَّا هي فلَم تَكُفَّ مُذ دَخَلَت عَن تَقبيلِ قَدَمَيَّ.
46 أَنتَ ما دَهَنتَ رأسي بِزَيتٍ مُعَطَّر، أَمَّا هِيَ فَبِالطِّيبِ دَهَنَتْ قَدَمَيَّ.
47 فإِذا قُلتُ لَكَ إِنَّ خَطاياها الكَثيرَةَ غُفِرَت لَها، فِلأَنَّها أَظهَرَت حُبّاً كثيراً. وأَمَّا الَّذي يُغفَرُ له القَليل، فإِنَّه يُظهِرُ حُبّاً قَليلاً"،
48 ثُمَّ قالَ لَها: "غُفِرَت لَكِ خَطاياكِ".
49 فأَخَذَ جُلَساؤُه على الطَّعامِ يَقولونَ في أَنفُسِهم: "مَن هذا حَتَّى يَغفِرَ الخَطايا ؟"
50 فقالَ لِلمَرأَة: "إِيمانُكِ خَلَّصَكِ فاذهَبي بِسَلام".
لقد لبّى يسوع دعوة الفريسي سمعان لتناول الطعام على مائدته , لأن يسوع أحب خصومه مع أنهم قصدوا أن يهلكوه . ومع أن سمعان كان يحترم السيد المسيح , إلاّ أنه كان يزدري به بعض الازدراء بالنظر إلى أصله الناصري , وإلى عدم تخرجه من إحدى مدارسهم العالية , وإلى معيشته الفقيرة . وكان يحتقره من الوجه الديني لعدم قيامه بالعوائد والتقاليد الفريسية . لذلك لم يقدم للمسيح الاحترام والخدمة كجاري العادة في الضيافات
. وانتشر في المدينة خبر قبول المسيح دعوة سمعان , وربما انتشر أيضاً خبر تقصير سمعان في إكرامه الواجب , فتحمست لذلك امرأة في المدينة كانت خاطئة , لم تتحمل معاملة التحقير لهذا المعلم والنبي الفاضل , فقصدت أن تعوّض عن ذلك التقصير في إكرامه فجاءت بقارورة طيب و وقفت عند قدميه , لأنها تعرف مقامها الدنيء في أعين المجتمعين , وتشعر بثقل خطاياها الماضية . فلم تجسر أن تتقدم لتسكب هذا الطيب الثمين على رأس المسيح , فاستبدلت رأسه بقدميه . نراها واقفة وراءه تدهن قدميه بالطيب . لكن أطيب من الطيب دموع توبتها السخية التي تتساقط وتمتزج مع الطيب , فعملها هذا الإكرامي مألوف عند الناظرين . لكن غير المألوف رؤية امرأة شريرة تذرف دموع التوبة أمام عيونهم , مع الاحترام الذي جعلها تمسح قدمي هذا المعلم بأعزّ ما لديها أي شعرها . ولم يدركوا انها فعلت فعل المستعطي المتذلل , ثم الآخذ الشكور , فقبّلت قدمي المسيح الذي قادها للتوبة والخلاص
. كان سمعان الفريسي يتحاشى العشارين والخطاة . ولذلك فقد استاء للغاية من دخول المرأة الخاطئة بيته , ومن العمل الذي قامت به للمسيح – ولا بد أنه استغرب كيف يقبل المسيح ما عملته به هذه المرأة . ألا يعلم من تكون ؟ إن كان المسيح يعلم فقد أخطأ بقبول لمساتها له . وإن لم يكن يعلم فهو ليس نبياً . دارت هذه الأفكار في عقل سمعان الفريسي
– ولكنه لم يقل منها شيئاً . وعرف المسيح ما جال في فكر سمعان , فوجّه إليه مثل المديونان , ثم سأله سؤلاً : " فمن منهما يحب المداين أكثر "؟ فأجاب سمعان : " أظن الذي سامحه بالأكثر " . كان المسيح يريد أن يقول لسمعان إنه هو المديون بالقليل , أمّا المرأة الخاطئة فهي المديونة بالكثير
. قارن المسيح دموعها التي سكبتها على رجليه ونشفتهما بشعر رأسها بالماء الذي لم يقدمه سمعان لغسلهما . وقارن تقبيلها لقدميه بالتي لم يطبعها سمعان على وجنتيه . وقارن الطّيب الثمين الذي سكبته , بالزيت الرخيص الذي بخل به سمعان عليه . وفسر قصدها الشريف بأنه طلب المغفرة منه على خطاياها الجسيمة , وانه منحها الضمان بأنه قد استجاب هذا الطلب
. فشكرُها الحبي للذي منح الغفران جاء نتيجة لشعورها بعظم آثامها . أين هو فعل الزنى الذي يكمن في هذا العمل سامحك الله ؟ هل أنك مثل سمعان ؟ الذي لم يشعر بعظم آثامه , ولم يشعر أيضاً بالشكر الحبيّ نظيرها , فلم يفهم شعورها . وقول السيد المسيح : " قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً " يُؤخذ مع المثل الذي أوضح فيه السيد المسيح لسمعان أن الخاطئ يحب كثيراً لأنه غُفر له كثير . فلا يُستنتج أن محبة الخاطئ لله تسبق المغفرة وتكون سببها , بل عكس ذلك هو الصحيح . في القولين ليس المقصود أن الذي يحب كثيراً يُغفر له لأنه أحب , بل إن الذي يُغفر له كثيراً يحِب كثيراً لأنه غُفر له الكثير . ثم قال السيد المسيح للمرأة : " مغفورة لك خطاياك " . ولما عرف السيد المسيح أن الحاضرين ينتقدونه , كما سبق أن انتقده أهل كفر ناحوم على غفرانه لخطايا المفلوج ( المقعد ) لوقا 5/20 , قال السيد المسيح للمرأة : " إيمانك قد خلّصك . اذهبي بسلام " . وكل من يغفر الله له الكثير يجتهد ألّا يعود إلى الخطية التي غفرها الله له .
ولا زال ربنا يسوع المسيح إلى يومنا , المخلصَ الذي يغفر للخاطئ ويردُّه عن ضلال طريقه .
المفضلات