أحد هؤلاء المسيحيين الموحدين الأوائل رجلٌ اسمه إيرينايوس Irenaeus (130-20م). يخبرنا السيد محمد عطاء الرحيم في كتابه (عيسى نبي الإسلام – Jesus, Prophet of Islam) بأنه كان أحد أوائل المسيحي الذين قتلوا بسبب موالاتهم لوحدانية الله. و قد استشهد بقوله فيم يتعلق بالمحاولات غير المنتهية للعبث بالكتاب المقدس: ((من أجل أن يُدهشوا البسطاء الجاهلين بأمور الكتب المقدسة الحقة، قاموا بإقحام أعداد مهولة من الكتب المزيفة و الكاذبة من اختراعهم الخاص)) [وهي الأناجيل التي بحوزتنا اليوم].
عندما حصلت الكنيسة البولسية على السلطة و التأثير في روما قامت بإدانة هؤلاء المسيحيين الموحدين بشكل رسمي، اضطهدتهم، و قتلتهم. كان هنالك محاولة لطمسهم و كتبهم كلياً عن طريق إجبارهم لقبول معتقد "الثالوث المقدس" و إلا قتلهم بتهمة الهرطقة و إحراق أناجيلهم. أكثر من ميلون من هؤلاء المسيحيين الموحدين أُعدموا بسبب رفضهم للتسوية بإيمانهم. و على الرغم من هذا فقد نجى إيمانهم حتى يومنا هذا. عندما جاء الإسلام بدعوته لله الواحد و بالإيمان بعيسى (عليه السلام) و بمعجزاته، كان هؤلاء المسيحيين الموحدين بين أوائل الناس ممن تعرّفوا على كلمة الله و قبلوا الإسلام.
و بهذا دخل بولس و كنيسته في إبادة شاملة لكافة تعاليم عيسى (عليه السلام) و تلاميذه الأوائل فلم ينجو منها إلا القليل، و لا حتى الطريقة المفضلة لعيسى (عليه السلام) في إلقاء التحية على أتباعه. كان أنبياء الله في الأزمنة الغابرة بمن فيهم موسى و يوسف و يعقوب و عيسى و ملائكة الله و آخرون بمن فيهم الله نفسه – كان من عادتهم أن يحيّوا المؤمنين بقولهم ((السلام عليكم)). يمكننا قراءة ذلك في أعداد مثل [التكوين 43: 23]،[القضاة 6: 23]،[صموئيل الأول 25: 6]،[العدد 6: 26]،[صموئيل الأول 1: 17]،[لوقا 24: 36]،[يوحنا 20: 19]،[يوحنا 20: 26]، و بخاصة العدد:
وأيَّ بَيتٍ دَخَلْتُم، فَقولوا أوّلاً: السَّلامُ على هذا البَيتِ.
الكتاب المقدس – لوقا 10: 5
هل لأحد منكم أن يخمّن ما علّم محمد ( ) أتباعه أن يقولوا عند إلقاء التحية على بعضهم البعض أو عندما يفترقوا؟ نعم! إنها ((السلام عليكم)). هل قابلت يوماً مسيحياً يحيي الآخرين بكلمات عيسى (عليه السلام): ((السلام عليكم))؟
إذاً، فماذا يقوله علماء المسيحية عن بولس؟:
هينز زاهرنت Heinz Zahrnt يسمي بولس "مفسد إنجيل عيسى".
التقرير اليسوعي – جوان ليمان ص 126
“The Jesus Report,” Johannes Lehman, p. 126.
يصفه ويرد Werde على أنه "المؤسس الثاني للمسيحية". ثم يقول ويرد عن بولس: ((إن الانقطاع بين عيسى التاريخي و مسيح الكنيسة أصبح كبيراً لدرجة جعلت من توحيد الاثنين أمراً يصعب إدراكه))
التقرير اليسوعي – جوان ليمان ص 127
“The Jesus Report,” Johannes Lehman, p. 127
كتب سكونفيلد Schonfield يقول: ((لقد تحولت الهرطقة البولسية إلى أساساً للمذهب المسيحي الأورثوذوكسي و أُنكر على الكنيسة الحقيقية شرعيتها بتهمة الهرطقة)).
التقرير اليسوعي – جوان ليمان ص 128
“The Jesus Report,” Johannes Lehman, p. 128
السيد مايكل هارت Michael H. Hart في كتابه (المئة الأكثر تأثيراً في التاريخ - The 100, a Ranking of the Most Influential Persons in History) يضع محمد ( ) في المرتبة الألى، و من ثم بولس، و عيسى (عليه السلام) بعد بولس. و كحالة أغلب العلماء في الغرب فإنه يدرك أن بولس يستحق فضلاً أكبر من "المسيح" نفسه فيما يخص "المسيحية".
تقول موسوعة جرويلر Grolier’s encyclopedia تحت باب (المسيحية):
"بعد صلب عيسى، شكل أتباعه الجماعة المسيحية الأولى في أورشليم يُآزرهم في ذلك إيمانهم بأنه قام من الأموات و أنهم قد امتلؤوا بقوة الروح القدس. وفي أواسط القرن الأول نشر المبشرون الدين الجديد بين شعوب مصر، سوريا، الأناضول، اليونان، و إيطاليا. أحد المبشّرين الأساسيين كان القديس بولس الذي أرسى دعائم اللاهوت المسيحي و لعب دوراً أساسياً في تحويل المسيحية من كونها جزء يهودياً إلى ديانة عالمية. حافظ المسيحيون الأصليون – باعتبارهم يهوداً – على امتناعهم عن أكل المحرمات و على أداء شعائر الشريعة الواردة في التوراة، و طلبوا من غير اليهود المعتنقين للمسيحية الشيء نفسه. ففضّل بولس و غيره إزالة الواجبات لجعل المسيحية أكثر جذباً للأمميين."
الدكتور آرنولد ماير Dr. Arnold Meyer يقول:
"إن كنا نفهم من المسيحية أن الإيمان بالمسيح إنما هو إيمان به كإبن الله السماوي، الذي لم ينتمِ إلى البشرية الدنيوية بل عاش في شبهٍ و مجدٍ إلهيين، الذي نزل من السماء إلى الأرض، الذي دخل الجنس البشري و اتخذ لنفسه هيئة بشرية من خلال عذراء، و الذي سيقوم بتكفير خطايا البشر من خلال دمه المهدور على الصليب، و الذي أُقيم بعدها من الموت و رُفع إلى يمين الله، و الذي هو سيد (رب) شعبه المؤمنين به، و الذي يسمع صلواتهم، يحميهم و يرشدهم، و الذي سيأتي مرة أخرى على سحاب السماء ليحكم العالم، و الذي سيقضي على جميع أعداء الله و سيجلب شعبه معه إلى موطن النور السماوي حتى يصبحوا كمثل جسده الممجد – إن كانت هذه هي المسيحية، فإن مثل تلك المسيحية قد أُسست من قبل القديس بولس و ليس من قبل سيدنا (ربنا)."
عيسى أو بولس، الدكتور آرنولد ماير بروفسور اللاهوت في جامعة زوريتش، ص 122.
Dr. Arnold Meyer, Professor of Theology, Zurich University, Jesus or Paul, p. 122
المفضلات