بسم الله الرحمن الرحيم و الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ..
الإسلام والحياة وحدود الله
أنزل الله الإسلام دينا ً قِيما ً ..
ليقيم ميزان العدل ..
ويصلح حال الدنيا والناس ..
بنظام متكامل ..
لا يغفل صغيرة ً ولا كبيرة ً إلا أخذها ..
وسن لها بمرونته ما يتناسب معها من شرائع ضابطة وحاكمة لها ..
فكان في الإسلام العفو ..
وكانت أيضا ً الحدود لمن ينتهك حرمات الله ..
فكان في القصاص حياة فيرتدع الفاعل ومن يرغب بفعل المثل فيستقيم حال الدنيا والدين ..
وكان الإعتراض من قديم الزمان عليها ممن في قلوبهم مرض ويخشون على أنفسهم الوقوع في حدود الله ..
قال الشاعر متعجبا ً على قطع اليد في السرقة .
قال معترض على قطع يد السارق:
يد بخمسين عسجد وديت ***
ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجاب الأخر
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ***
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
معنى الحد :ـ
الحد هو المنع
الحد في اللغة: المنع, يقال حدني عن كذا أي منعني، ومنه سمي السجان حدادًا، وسميت العقوبات حدودًا، لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك، وأيضًا تسمى حدودًا؛ لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها.
والحد في الشرع: عقوبة بدنية واستيفاء حق الله تعالى، أو هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقا لله أم للعبد فلا يسمى القصاص حدًا لأنه حق العبد، ولا التعزير لعدم التقدير.
وركنه: إقامة الإمام أو نائبه في الإقامة .
وشرطه: كون من يقام عليه صحيح العقل سليم البدن من أهل الاعتبار والانتذار حتى لا يقام على المجنون والسكران والمريض وضعيف الخلقة إلا بعد الصحة والإفاقة.
************
تكريم القرآن والإسلام للإنسان :
وليس في الإسلام أي إنتهاك لحرمات الإنسان ولا لحياته ..
﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا﴾ [الإسراء: 70]
, وقال رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: «
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر», صحيح البخاري .
وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا ؟
, كما أن مبادئ حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية السمحة، ووفق المفهوم الإلهي لهذه الحقوق وهو ذلك المفهوم الذي يقوم على أسس الدين والأخلاق لا الفردية المطلقة غير المنضبطة.
**********
ثبات الحد بالنصوص الشرعية :ـ
وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء: 14], وقد حذر الله تعالى من اقتراف الحدود،
:
﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1], وقال -جل شأنه-:
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: 187](8) .
وقال :salla-s: : «
حد يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا » سنن النسائي: 8/75، قال الشيخ الألباني: ( حسن ) انظر حديث رقم: 3130 في صحيح الجامع.
, وقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإقامة الحدود، فقال: «
أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم» ابن ماجة2/846, برقم: 2540 قال الشيخ الألباني: صحيح انظر السلسلة الصحيحة 2/274, برقم: 670.
قال شيخ الإسلام : خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابًا مطلقًا كقوله: ﴿
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ ﴾[المائدة: 38] وقوله:
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾[النور: 2] وقوله:
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾[النور: 4]
؛ لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرًا عليه والعاجزون لا يجب عليهم، وقد علم أن هذا فرض على الكفاية، وهو مثل الجهاد؛ بل هو نوع من الجهاد, فقوله:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216] وقوله:
﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾[البقرة: 190] وقوله:
﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾[التوبة: 39] ونحو ذلك هو فرض على الكفاية من القادرين و " القدرة " هي السلطان ؛ فلهذا: وجب إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه.
يتبع
المفضلات