المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المهتدي بالله
البلاغ المبين، والنذارة تسبق العذاب
لو أردتُ تلخيص ما سأبينه في الأبواب القادمة عن مفهوم حقيقة الكفر،
فاعلم أن الكفر تكذيبٌ،
﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ﴾، ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)﴾ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)﴾
والتكذيب له ثلاث صور:
1- صورة تعرَّضَ صاحبها للحق المبين القطعي، أو تعرَّضَ الحقُّ المبين له، فأنكره كله، أو جحده أو عانده، أو استكبر عليه،، أو اعتقد نقيضه، أو لم يستيقنه، أو شك فيه فهذا كافر،
2- وصورةٌ تعرض فيها للحق المبين فصدق ببعض وكذب ببعض، وأعني بالبعض هنا القطعيات أو ما علم من الدين بالضرورة، فهذا كافر لتبعيضه الإيمان، لا يُقبل منه البعض ولا الكل،
3- وصورةٌ اعتقد فيها الحق، وأتى بفعل مكفر أو قول مكفر أو ارتد عن الحق بعد أن عرفه واتبعه، فالصورتان الأوليان تمثلان الكافر ابتداء والثالثة تمثل المرتد.
وفي كل ذلك فإن الكافر هو المكذب، بعد وصول النذارة إليه،
ودليل ذلك
:
﴿ كُلَّمَآ أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَىٰ﴾
وهو دليل على أن جميع أفواج أهل النار ما عذبوا في الآخرة إلا بعد إنذار الرسل.
سنستعين بالله تعالى، ثم بالربط بين خمسة مفاهيم لتحقيق معنى الكفر، وهي:
|
|
|
|
1. مفهوم إقامة الحجة، ووجوب وجود النذير، ويتفرع عنها التحقيق في: هل المطلوب وصول النذارة إليه بشخصه؟ أم يكفي وجود النذير؟ وهل كلف بالبحث عن الحق بنفسه؟ وهل كلف غيره بإيصال الحق له، فيحاسَبَ كُلٌّ على تقصيره؟ ثم إننا نجد الحق سبحانه قد أوضح طريق الوصول إلى الحق، وسد ثغراتها، فلم يترك الحق حبيس الصدور، بل أوجد آلية للوصول إليه، إقامةً للحجة، وتيسيرًا لسبيل وصول الحق للناس، سنحقق في ذلك ان شاء الله. |
|
|
|
|
2. ومفهوم المعجزة،
3. والبلاغ المبين،
4. والتكليف بالنظر، ويتفرع عنه البحث في
أ- هل يعذر بالجهل
ب- وهل يعذر بالغفلة،
ت- والبحث في دور العقل وحده هل يجب عليه وهل يستطيع الوصول لأصل الإيمان كله، فلا يُعذر حينها إن قصر في النظر، أم يجب أن يبلغه شيء من الوحي لتقوم عليه الحجة؟ فهل لو تفكر وعَبَدَ غير الله من دون أن تصله النذارة بالإسلام، هل يعذر أم لا؟
ث- والبحث في توزع المسئوليات عن إيصال الدعوة، وإقامة الحجة، بين المخاطَب بالنظر، وحامل الدعوة، والدولة الاسلامية، وبالتالي توزع إثم التقصير في النظر عليهم كل بقدر قصوره في أداء ما حُمِّلَ من أمانة، وبمقدار إمكانات كل منهم.
5. وأهل الفترة، وأنه لا عذاب إلا بعد إرسال الرسل.
يتبع ----
المفضلات