-
11- ومنهم من يدلل على ألوهية المسيح بسجود الناس له وأن السجود لا ينبغي أن يكون إلا لله. وما داموا سجدوا للمسيح، فهو الله إذن. ولشرح ذلك نقول وبالله التوفيق أن السجود لغير الله كان مشهورًا في الأمم السابقة في منطقة الشرق. وهو ليس سجود عبادة وإنما سجود تبجيل واحترام كالسجود للأتبياء والملوك ووجهاء الناس. والعهد القديم يزخر بهذا النوع من السجود حتى من بعد نزول شريعة موسى التي لم تحرم ذلك. إن الفعل العبري المستخدم في السجود لله هو shawkhaw وهو نفس الفعل المستخدم ليدل على سجود التبجيل والاحترام:
فَالآنَ هَئَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتَنِي يَا رَبُّ. ثُمَّ تَضَعُهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ وَتَسْجُدُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ. (تث 26: 10)
اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ, وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. (1 صم 20: 41)
ثُمَّ قَامَ دَاوُدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَرَجَ مِنَ الْكَهْفِ وَنَادَى وَرَاءَ شَاوُلَ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ». وَلَمَّا الْتَفَتَ شَاوُلُ إِلَى وَرَائِهِ خَرَّ دَاوُدُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ. (1 صم 24: 8)
فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ لِتُكَلِّمَهُ عَنْ أَدُونِيَّا. فَقَامَ الْمَلِكُ لِلِقَائِهَا وَسَجَدَ لَهَا وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَوَضَعَ كُرْسِيّاً لِأُمِّ الْمَلِكِ فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ. (1 مل 2: 19)
فَأَعْطَى يُونَاثَانُ سِلاَحَهُ لِلْغُلاَمِ الَّذِي لَهُ وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ. ادْخُلْ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ». اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ, وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. (1 صم 20: 40، 41)
ثُمَّ عَادَتْ أَسْتِيرُ وَتَكَلَّمَتْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَكَتْ وَتَضَرَّعَتْ إِلَيْهِ أَنْ يُزِيلَ شَرَّ هَامَانَ الأَجَاجِيِّ وَتَدْبِيرَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ عَلَى الْيَهُودِ. (أستير 8: 3).
وهكذا نقرأ عن سجود داود لشاول سجود احترام (1 صم 20: 41) وسجوده ثانية في (1 صم 24: 8) وسجود ابن ابن يوناثان بن شاول لداود واستخدامه لفظة "عبد" وقبول داود لهذا التصرف (2 صم 9: 6) وسجود سليمان لبثشبع (1 مل 2: 19). إنه تبجيل اليهود لملوكهم وأنبيائهم وكبرائهم أو تقديم الخضوع للملك تمهيدًا للتقدم بطلبات.
والآن نقرأ ما يلي:
حِينَئِذٍ خَرَّ نَبُوخَذْنَصَّرُ عَلَى وَجْهِهِ وَسَجَدَ لِدَانِيآلَ وَأَمَرَ بِأَنْ يُقَدِّمُوا لَهُ تَقْدِمَةً وَرَوَائِحَ سُرُورٍ. (دا 2: 46)
والفعل العبري الأرامي المستخدم هنا هو segid الذي ليس له معنى غير "يعبد"، ومع ذلك استخدم هنا مع النبي دانيال ليدل على سجود التوقير والإجلال. وتخطيء بعض النسخ الإنجليزية بجهلها بعادات الشرق وتترجم الفعل إلى "وعبد دانيال". يقول المرجع المسيحي العالميVincent's Word Studies :
"ترجمة مؤسفة في نظر اللغة الإنجليزية الحديثة ولكن نفهمها من خلال استخدامات اللغة الإنجليزية المبكرة حيث أن الكلمة worship كانت تعني ببساطة " "honour"يبجل".
لذلك قامت نسخة NIV التي قام على إعدادها مئآت من العلماء والمتخصصين وقادة الكنائس ولم تخرج إلا بعد مراجعة وتدقيق، قامت هذه النسخة بكتابة الفقرة كما يلي:
Then King Nebuchadnezzar fell prostrate before Daniel and paid him honor…
ثم خر نبوخذناصر ساجدًا أمام دانيال مقدمًا له التبجيل.
وعبارة " تَقْدِمَةً وَرَوَائِحَ سُرُورٍ" تختلف فيها النسخ تبعًا للمخطوطات التي أخذت منها كل نسخة. فنسخة GWV تترجمها "هدايا وعطايا" ونسخة BBE تكتبها "عطايا وتوابل".
ونجد سفر دانيال يمدح دانيال ويصفه بأنه يحوي روح الآلهة بداخله:
أَخِيراً دَخَلَ قُدَّامِي دَانِيآلُ الَّذِي اسْمُهُ بَلْطَشَاصَّرُ كَاسْمِ إِلَهِي وَالَّذِي فِيهِ رُوحُ الآلِهَةِ الْقُدُّوسِينَ فَقَصَصْتُ الْحُلْمَ قُدَّامَهُ. (دا 4: 8)
وقد فشل المفسرون من أمثال جون جيل وألبرت بارنرز في وضع شرح بَيِّنٍ لهذه الفقرة. لذلك شككت نسخة The NET BIBLE في الفقرة ووضعت ما تحته خط بين قوسين لتقول لنا إن هذا ليس إلهامًا من الروح القدس. أما النسخة السبعينية فقد كتبت عبارة "الروح القدس" بدلًا من "الآلهة القدوسيين".
أما فالفعل اليوناني proskuneo "يسجد" يستخدم ليدل على العبادة وعلى تقديم الاحترام والتبجيل. وقد استخدم هذا الفعل مع الله ومع المسيج وبطرس:
وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعاً عَلَى قَدَمَيْهِ. فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ». (أع 10: 25، 26).
يقول آدم كلارك:
"سجد لبطرس مقدمًا له أعلى درجات الاحترام المدني، ولا شيء في هذا التصرف الذي قام به كرنيليوس كعمل يقتصر على عبادة الله. فالسجود للوجهاء كان سائدًا في الدول الآسيوية. إن نسخة بيزا والنسخة السريانية المتأخرة تكتب هذا في الهامش مختلفة عن باقي المخطوطات والنسخ."
ويعلق جون جيل:
"وعبده": ليس عبادة دينية ولا كعبادة الله، لأن هذا يتناقض مع شخصيته كرجل تقي، يخاف الله، ولكن ذلك عبادة مدنية وإجلال."
ويؤكد تفسير Geneva Bible Translation Notes عل هذا المعنى إذ يقول:
"ان سجود العبادة فقط يقدم الى الله، وسجود الاحترام لرسل الكلمة (الذين ارسلهم المسيح) مع عدم خلو هذا الفعل من خطورة."
بل إن الروح القدس يستعمل اللفظة اليونانية التي تعني worship وهي أكثر تأكيدًا من "يسجد". وهذه اللفظة اليونانية هي doxa وقد استخدمها كاتب إنجيل لوقا (لو 14: 10) مع الناس للدلالة على التبجيل والمهابة لا على المعنى الحرفي للكلمة. ونقرأها في نسخة الفانديك مترجمة إلى "مجد".
وعندما ندقق في الفقرات التي انحنى فيها الناس للمسيح تعبيرًا عن الاحترام، نجد أن الفقرة (يو 9: 38) "فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ». وَسَجَدَ لَهُ." غير موجودة بالمخطوطات الأقدم وأنها إضافة لاحقة على النص كما تقول نسحة The NET BIBLE فتضع الفقرة بين قوسين. وهذا يقذف بالشك في صدورنا تجاه نوايا هؤلاء الذين كتبوا أسفار العهد الحديد محاولين تثبيت عقائد مستحدثة. إننا لما نتأمل عرض إبليس للمسيح بأن يعطيه جميع ممالك العالم مقابل أن يسجد له، نرى المسيح يرفض ذلك قائلًا:
حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». (متى 4: 10)
فهو هنا يرفض السجود للشيطان ويعلن أن عبادته لله وحده فقط. والمسيح هنا لا يملك ممالك العالم لذلك حاول إبليس إغواءه ملوحًا بها. والمسيح هنا عبد من عباد الله إذ يعلن خضوعه التام لله وحده. لذلك يؤكد المسيح عبوديته لله. فيقول:
أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ. (يو 4: 22)
وفي سفر الرؤيا نهى يسوع المسيح يوحنا عن السجود له وأمره أن يسجد لله وسيأتي تفصيل ذلك. والآن نتأمل ما يلي:
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ (يو 14: 16).
الترجمة هنا مزورة لأن لفظة " أَطْلُبُ" هو الفعل اليوناني erōtaō ويعني interrogate الذي يعني Pose a series of questions to "يتقدم بسلسلة من الطلبات، كما يعني beg "يتوسل" (ترجمة Darby). والمعنى أنه يضرع إلى الله طالبًا منه ما يريد. لذلك تترجمها نسحة الملك جيمس و ASV إلى:
And I will pray the Father.. سأصلي لله متضرعًا بين يديه
-
12- يحتجون بأن المسيح قال في سفر الرؤيا "أنا الأول والآخر" وهما اسمان من أسماء الله (سورة الحديد 3). وعندما نسألهم: من الذي قال أنا الأول والآخر البداية والنهاية في سفر الرؤيا؟ يقولون بدون تردد: يسوع المسيح. فلتلق نظرة سريعة على بداية سفر الرؤيا:
إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ، لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ، وَبَيَّنَهُ مُرْسِلاً بِيَدِ مَلاَكِهِ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا. (رؤ 1: 1)
هنا الله يعطي إعلانًا ليسوع المسيح. فبين أيدينا طرفان: عاطٍ (هو الله) ومعطَ (هو يسوع المسيح). وبين الله هذا الأمر فأرسل الملاك ليوحنا. فنحن بين أيدينا 3 شخصيات إن صح التعبير: الله – المسيح – ملاك.
لنستمر:
أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. (رؤ 1: 8)
من المتحدث هنا؟.. إنه ليس المسيج. بل المتحدث هو الله. يقول المفسر ألبرت بارنرز:
"هنا يوجد اختلاف في قراءة الآية في هذا المكان في النص اليوناني ولا يمكن التأكد مما قصده الكاتب هنا. هل قصد أن يشير إلى يسوع المسيح خاصة هنا؟ فهذا ما لا يمكن قوله بأمانة كدليل نصي يظهر ألوهيته. إن كثير من المخطوطات تذكر بدلًا من "كيريوس" kurios تذكر لفظة "الله" Θεὸς. وهذه القراءة قد تبناها Griesbach و Tittman و Hahn وتعتبر الآن القراءة السليمة. وبذلك فليس هناك تناقض حقيقي إذا اعتقدنا أيضًا أن الكاتب هنا يقصد أن يشير إلى "الله" لأن المقدمة التي تشير إليه لن تكون ملائمة للتجسد. كما أن العبارات اللغوية المستخدمة هنا "الذي يكون والذي كان والذي يأتي" تشير بدرجة طبيعة إلى "الله" أكثر من "يسوع المسيح". (انظر رؤ 1: 4).
ويقول تفسير JFB:
"عبارة "الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ" محذوفة في جميع المخطوطات الأقدم. وقد وجدت في الفولجاتا والنسخة القبطية. ربما قام النساخ بإقحامها بعد اقتباسها من (رؤ 21: 6)."
وتشهد ترجمة The NET BIBLE في تعليقها على (أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ: رؤ 1: 8) أن اللفظة "الياء" إضافة ثانية دخيلة على النص. أي أن الأصل يقول "أنا الألف" ولا وجود لكلمة "الياء".
ننظر الآن في الفقرات التي ورد بها التعبير "الأول والآخر":
قَائِلاً: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِي تَرَاهُ.. " (رؤ 1: 11)
يقول المفسر آدم كلارك:
1- "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ: هذه العبارة كلها محذوفة في مخطوطات ABC (السكندرية والفاتيكانية والأفرامية) و 31 مخطوطة أخرى، وقد حذفتها بعض النسخ والنسخة السريانية والقبطية والإثيوبية والأرامية والسلافية والفولجاتا، وحذفها العلماء Arethas و Andreas و Primasius و Griesbach حذفوها من النص تمامًا." .. لذلك فهي فقرة مدسوسة ومكذوبة على المسيح لتعظيمه. ومن ثم حذفتها جميع الترجمات الحديثة.
2- وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ .......... فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ. (رؤ 1: 13 – 18)
يقول المفسر جون جيل، مفجرًا صدمة مدوية في تعليقه على (رؤ 1: 17) وبعض الفقرات التي ورد بها تعبير "الأول والآخر":
"إن عبارة "الأَوَّلُ وَالآخِرُ" تكتبها المخطوطة السكندرية "البكر الأول والأخير". ويقول أن لفظة "الأول" وهي الكلمة العبرية ראשון هي اسم النبي المسيا عند اليهود.
ويقول المفسر ألبرت بارنرز:
"إلا أن يوحنا لم يعرف حتى الآن أنه يسوع المخلص. ومن غير المحتمل أن في هذه الرؤيا تعرف على الفور على أي من سمات يسوع المسيح المألوفة كما تعود أن يراه قبل 60 عامًا."
بل إننا نفاجأ أن الروح هو الذي يتكلم:
مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ». (رؤ 2: 7)
وهذا الروح له 7 أرواح الله:
وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ: «هَذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ (رؤ 3: 1)
ثم يقول هذا الكائن:
مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ. (رؤ 3: 12)
اسْمَ إِلَهِي ........ مَدِينَةِ إِلَهِي ......... مِنْ عِنْدِ إِلَهِي........
لا يمكن أن يكون المتكلم هنا هو المسيح كإله في العقيدة المسيحية.
وإذا نظرنا في عبارة " شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ" (الغير موجودة في سفر الرؤيا اليوناني كما يقول المرجع المسيحي العالمي VWS) نجدها لم تحدد ماهية هذا الكائن. فهو ليس "ابن الإنسان" بالتعريف والتي تطلق على يسوع المسيح في العهد الجديد، وإنما يشبه "ابن إنسان". فهو ابن، أيُّ ابنٍ، لـ "إنسان"، أي إنسان. إنه تعبير نكرة لا يفيد بشيء. وتقول نسخة The NET BIBLE في تعليقها على هذه الفقرة (رؤ 1: 13):
"هذا التعبير يشكل إشارة إلى (دا 7: 13).. إن لفظة "ابن" هنا فضفاضة وغير محددة. ويعتبر بعض المفسرين والمترجمين هذا التعبير إشارة إلى (دا 7: 13) وليس إلى "ابن الإنسان" العبارة الموجودة في الأناجيل (مثل مر 8: 31، 9: 12) (انظر D. E. Aune, Revelation [WBC], 2:800-801; cf. also NIV) ويعتبر البعض الآخر من المفسرين وبعض النسخ تعبير "ابن إنسان" تعبيرًا محددًا يتضمن الإشارة إلى دا 7: 13 وإلى "ابن الإنسان" في الأناجيل (انظر G. K. Beale, Revelation [NIGTC], 771-72; NRSV).
وحتى لو أخذنا بالرأي القائل أن الفقرة إشارة لما ورد في سفر دانيال، فإن ما جاء فيه لا يدل بصفة مؤكدة على أن المسيح هو القمصود. تقول ترجمة The NET BIBLE في تعليقها على (دا 7: 13):
"من المحتمل أن هذا النص يشكل خلفية رئيسية في العهد القديم لاستخدام يسوع لعبارة "ابن الإنسان".. ويفهم كثير من الباحثين حاليًا هذا التعبير أنه سمة مشتركة. وبهذا تكون عبارة "ابن إنسان" متعلقة بالأشخاص الإلهيين (الربيين: ومنهم ربيون ..) أو أتباعهم وتفهم هذه العبارة كإشارة إلى اليهود. ويفهم آخرون أن عبارة دانيال هي إشارة للملاك ميخائيل."
يتكرر تعبير "ابن إنسان" في:
ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ. (رؤ 14: 14)
والفقرة التي تلي هذه الفقرة تقول:
وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إِذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ».
هنا ملاك مخلوق يأمر "ابن إنسان" أن يفعل كذا وكذا. ومن ثم لا يمكن أن يكون "ابن إنسان" هو يسوع المسيح الذي يصوره المسيحيون على أنه هو الله. فالله لا يُؤْمَر.
3- وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا: «هَذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتاً فَعَاشَ. (رؤ 2: 8)
يقول المفسر جون جيل:
"هذه الآية تكتبها النسخة الإثيوبية هكذا "هَذَا يَقُولُهُ الروح القدس" إلا أنه لا يمكن أن يقال هذا بخصوص الروح القدس وذلك لوجود عبارة "الَّذِي كَانَ مَيْتاً".".... ومن هنا لا نعرف ماهية المتكلم هنا.
4- وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ». ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّاناً. مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلَهاً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً. (رؤ 21: 5 – 7)
يقول المفسر جون جيل:
وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: يقصد به إما "الله الآب" الذي يظهر في هذا السفر جالسًا على العرش متميزًا عن المسيح الحمل.... وإما يقصد به المسيح الذي لا يتم إجلاسه على عرش أبيه فقط، بل له عرشه الحاص به "عرش الخروف".
5- وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ، خَرَرْتُ لأَسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِي هَذَا. فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هَذَا الْكِتَابِ. اسْجُدْ لِلَّهِ». وَقَالَ لِي: «لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ. مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ». «وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي لِأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ». طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لأَنَّ خَارِجاً الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِباً. «أَنَا يَسُوعُ.... (رؤ 22: 8 – 8 – 16)
هنا يسوع المسيح يظهر على هيئة ملاك ثم نفاجأ في نهاية الفقرات أنه يسوع المسيح. حسنًا! لماذا لم يستشهد بهذا النص الصريح الزميل "عرفة"؟ ربما يعتقد البعض أن ذلك راجع لوجود بعض الألفاظ التي تشكل مشكلة شديدة تجثم على صدر أي محاور مسيحي فلا يمكنه الفكاك منها. نعم هذا صحيح. وهناك مشاكل ضخمة أخر. لنقرأ ما يلي لتتضح لنا الصورة:
1- المسيح أعلاه يقر أنه عبد من عباد الله وهو نبي مثل يوحنا في زمرة الأنبياء.
2- المسيح ينه يوحنا أن يقوم بالسجود ليسوع المسيح ويأمره المسيح أن يسجد لله فقط. وهذا إقرار صريح من المسيح أنه ليس هو الله.... لذلك ابتعد الزميل عرفة عن هذا النص الصريح.
3- أن قول يسوع المسيح " الأَوَّلُ وَالآخِرُ" قول لا يتناسب مع إقراره بأنه نبي عبد مع إخوانه الأنبياء عباد الله. فكيف نوفق بين هذا التعارض الكبير؟ إن الحل هو أن هذا التعبير كما قالت النسخة السكندرية هو "الابن البكر الأول والأخير"، وكما قالت التفاسير أن "الأول" اسم النبي المنتظر في الدين اليهودي.
وهكذا لا يصلح تعبير "الأول والآخر" للدلالة على ألوهية المسيح. والالتباس يقع للمسلم لأن من أسماء الله "الأول" و "الآخر" لكنك تلاحظ أن المصادر المسيحية لا تقول لك أن الاسمين من أسماء الله في الكتاب المقدس.
-
13- كما يحتجون بقول إليصابات: " فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (لو 1: 43). والترجمة الصحيحة هي "أم سيدي" لأن اللفظة اليونانية المستخدمة هي "كيريوس" وتعني: سيد، لورد، مالك وصاحب (رب البيت)، حاكم، أمير، رئيس، الإمبراطور الروماني، لقب يطلق للإحترام كالذي يستخدمه الخادم مع سيده، لقب مع الله ومع المسيح.
إن إليصابات لا يمكن أن تقصد به "أم ربي"، وإلا لسجدت له. إلا أننا لم نسجل لها عبادة واحدة للمسيح في حياتها. كما أنه يفترض أن تأمر ابنها يوحنا منذ نعومة أظفاره بعبادة هذا الرب الإله. ونحن نعرف أن يوحنا لم يسجد سجدة من أي نوع للمسيح، بل إنه نسي في سجنه أنه رسول يهوه ونسي كل كلامه عن المسيح وتهيئة الطريق أمامه وتقديم النصح باتباعه، فنراه يسأل ويرسل تلاميذه ليسألوا عمن هو المسيح وماذا يكون، في تغيير درامي لا مثيل له. ولاحِظ أنه أرسل تلاميذه، أي كان له تلاميذ، فلا هو الذي اتبع ربه يهوه، ولا هو الذي أمر تلاميذه باتباع "يهوه" الذي أشرقت الأرض بقدومه لأول مرة في تاريخ الآلهة. مواقف لا تفسير لها إلا أن تلغي عقلك.
السيدة مريم بالطبع سمعت إليصابات الممتلئة بالروح القدس، وهي ترحب بها وتقول لها "أم ربي". وبالطيع علمت السيدة مريم أنها تحمل "يهوه" بداخل رحمها. وهؤلاء نساء صفوة نساء العالمين. فهن أول من يفهم. ومن يفهم إذا لم يفهم هؤلاء الخاصة الخِيَرَة الذين اختصهم يهوه بنعمه؟؟!! ومع ذلك تعال نقرأ معًا:
وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ! فَقَالَ لَهُمَا: لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟ فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. (لو 2: 42 – 50)
هنا نحن أمام موقفين:
السيدة مريم ويوسف ملتاعان على ابنهما الصبي الصغير. فربما يتوه أو يقع له مكروه. لذلك لم يذقا للراحة طعمًا حتى وجداه. هنا السيدة مريم تعلم علم اليقين أنه مجرد طفل كأي طفل يتعرض لعوارض الدنيا وأحداثها.
لما قال المسيح لهما: "يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي." لم يفهما كلامه. السيدة مريم لم تفهم ما يدور بخلد ابنها. لم تفهم بالتحديد لفظة "أبي". ولم يفهمها أحد حتى الآن.
ولا حجة لمن يقول أن السيدة مريم سمعت هذا الكلام لأول مرة. فقد سمعته من ملاك الله الذي بشرها بمولود يدعونه "ابن العلي" الذي يملك على بيت يعقوب إلى الأبد (لو 1: 30 – 33)، وسمعته من الرعاة الذين سمعوا من الملائكة التي باركت المسيح وهو مولود. يقول الروح القدس شاهدًا بذلك:
وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. (لو 2: 19)
لقد سمعت تعبير "ابن العلي" وعلمت أنه "ابن الله" أي أن الله "أبوه". فلماذا لم تفهم كلامه عندما نطق لفظة "أبي"؟! هذا يجعلنا نتشكك في نوايا كتبة العهد الجديد الذين لم يضبطوا تحريفهم وتركوا أثارًا تشير إلى تغييرهم المتعمد للدين.
ذكرنا أن لفظة "كيريوس" تعني "سيد، رب، رب (البيت)...الخ". ومن ثم لا حجة فيها لأنها كلمة مشتركة وليست مقصورة على مقام الربوبية والألوهية. وقد ترجمت مرات كثيرة مع المسيح إلى "سيد". مثل:
وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي. (متى 8: 2)
أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هَذَا؟ قَالاَ لَهُ: نَعَمْ يَا سَيِّدُ. (متى 9: 28)
يَا سَيِّدُ ارْحَمِ ابْنِي فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيداً وَيَقَعُ كَثِيراً فِي النَّارِ وَكَثِيراً فِي الْمَاءِ. (متى 17: 15)
واستخدمت بمعنى "رب" مع غير المسيح:
مت 9:38 فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده.
مت 13:27 فجاء عبيد رب البيت وقالوا له يا سيد أليس زرعا جيدا زرعت في حقلك. فمن اين له زوان.
ومن ثم اختلفت النسخ في ترجمة هذه الكلمة على مستوى الفقرة الواحدة:
وإِذا أَبَرصُ يَدنو منهُ فيَسجُدُ لَه ويقول: ((يا رب، إِن شِئتَ فأَنتَ قادِرٌ على أن تُبرِئَني)). (متى 8: 2) (الترجمة الكاثوليكية)
وقد ترجمتها الفانديك والترجمة العربية المشتركة إلى "سيد". وكذلك وردت اللفظة في (متى 14: 30) وترجمتها الفانديك و ترجمة دار الكتاب المقدس المصرية إلى "رب" ولكن ترجمتها الترجمة العربية المشتركة إلى "سيد". ونفس الأمر في فقرة (لو 5: 8) حيث ترجمتها SVD إلى "رب"، والترجمة العربية المشتركة إلى "سيد". وتأمل ما يلي لترى اضطراب المخطوطات التي تأخذ منها كل نسخة على حدة وأن كاتب كل مخطوطة يريد أن يُثَبِّت عقيدة فرقة وفكر طائفة معينة:
"اذكرني يا رب متي جئت في ملكوتك " (لو 23 : 42) (الفانديك)
يَا يَسُوعُ ، اذْكُرْنِي عِنْدَمَا تَجِيءُ فِي مَلَكُوتِكَ! (ترجمة دار الكتاب المقدس الدولية)
أُذكُرْني يَسُوعُ إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ. (الترجمة الكاثوليكية)
أُذكُرْني يا يَسُوعُ، متى جِئتَ في مَلكوتِكَ. (الترجمة العربية المشتركة)
لقد كان اليهود يطلقون على المسيح لقب "رابوني" rhabbi التي تطلق على العالم الحبر اليهودي العظيم:
فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَانِ؟» فَقَالاَ: «رَبِّي (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ) أَيْنَ تَمْكُثُ؟» (يو 1: 38)
إلا أنهم يعودون ويقولون لك: لا. لا. إن "كيريوس" تدل على الربوبية الحقيقية مع المسيح بدليل قوله:
وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضاً. (مرقس 2: 28)
وقد تكررت هذه الفقرة في إنجيلي متى ولوقا. إن المسيح هنا قد خالف شريعة السبت في عرف اليهود. لنقرأ السياق لنفهم:
"وَاجْتَازَ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ فَابْتَدَأَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَهُمْ سَائِرُونَ. فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «انْظُرْ. لِمَاذَا يَفْعَلُونَ فِي السَّبْتِ مَا لاَ يَحِلُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ احْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللَّهِ فِي أَيَّامِ أَبِيَاثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إلاَّ لِلْكَهَنَةِ وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَيْضاً؟» ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذاً ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضاً»." (مر 2: 23 – 28)
رَبُّ السَّبْتِ أَيْضاً: كما كان داود ربًّا (أي سيدًا) لخبز التقدمة لظرف معين كذلك أنا ربٌّ (أي سيدٌ) لشريعة السبت لنفس الظرف أيضًا. مع أن سفر صموئيل الأول يذكر أن ذلك كان في عهد أخيمالك والد أبياثامار، ثم يذكر بعد ذلك أن أخيمالك كان له ولد اسمه أبياثار، ومعنى ذلك أنه لم يكن معروفًا، وكان صغير السن:
"فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى نُوبٍ إِلَى أَخِيمَالِكَ الْكَاهِنِ. فَاضْطَرَبَ أَخِيمَالِكُ عِنْدَ لِقَاءِ دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا أَنْتَ وَحْدَكَ وَلَيْسَ مَعَكَ أَحَدٌ؟ ... فَأَجَابَ الْكَاهِنُ دَاوُدَ: «لاَ يُوجَدُ خُبْزٌ مُحَلَّلٌ تَحْتَ يَدِي, وَلَكِنْ يُوجَدُ خُبْزٌ مُقَدَّسٌ إِذَا كَانَ الْغِلْمَانُ قَدْ حَفِظُوا أَنْفُسَهُمْ لاَ سِيَّمَا مِنَ النِّسَاءِ». ( 1 صم 21: 1، 4)
فَنَجَا وَلَدٌ وَاحِدٌ لأَخِيمَالِكَ بْنِ أَخِيطُوبَ اسْمُهُ أَبِيَاثَارُ وَهَرَبَ إِلَى دَاوُدَ. (1 صم 22: 20)
-
14- ويحتجون بقول توما وهو يتحسس جسد المسيح "ربي وإلهي". وهذا مردود. لنقرأ الفقرات أولًا:
أَمَّا تُومَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». (يو 20: 24 – 28)
توما هنا غير قادر على أن يصدق ما يسمع. ولم يجد المسيح معه إلا أن يمسك بيديه ليتحسس جسد المسيح بنفسه ويتأكد أنه هو نفس الجسد الذي صلب فيه. وهنا أخته الدهشة فصاح متعجبًا: "ربي وإلهي!"
لذلك تضع علامة تعجب بعد هذا التعبير النسخة الكاثوليكية والترجمة العربية المشتركة ونسخة الملك جيمس الحديثة ونسخة ISV.
يقول السياق أن توما لم يكن مؤمنًا بقيامة المسيح من الموت. قارن ذلك بتجسد الابن. فالقيام من الموت شيء عادي بالنسبة للتلاميذ الذين رأوا معجزات المسيح بأعينهم. ومع ذلك نرى توما لا يستطيع أن يستوعب قيامة المسيح من الموت. من أحيى الموتى بإذن الله، توما لا يصدق أنه يستطيع أن يقوم من الموت بإذن الله. فهل شخص بهذا المستوى الإيماني، يؤمن بأن المسيح هو الله الذي تجسد؟! السياق ينفي هذا. لو أن توما آمن أن يسوع هو الابن المتجسد لسجد للمسيح وعبده. ولم يسجل الإنجيل له سجدة واحدة للمسيح. لو كان توما آمن بهذا لنشر ذلك وسط التلاميذ وبشر بهذه الحقيقة. في إنجيل يوحنا بعد قول توما لم يسجد للمسيح أي أحد من تلاميذه. فلا توما ولا تلميذ واحد من تلاميذ المسيح بشر بأن المسيح هو الله الظاهر في الجسد. فهذا دليل لا ريب فيه أن توما كان يصيح صيحة تعجب. لذلك قامت نسخ إنجليزية كثيرة بكتابة الضمير العائد على المسيح بحرف صغير لأنها لا ترى ذلك إشارة إلى ألوهية المسيح.
الدليل التاريخي: أنه لم يعلن أحد من بعد التلاميذ (بولس مثلًا) أن المسيح هو الله الظاهر في الجسد. واستمر هذا حتى وقعت خلافات بشأن ماهية المسيح وتقررت ألوهيته في مجمع نيقية 325م بعد خلافات حادة بين رجال الكهنوت الذين درسوا الدين وتخصصوا فيه.
-
15- يقولون أن المسيح قال: "أنا كائن" I AM وهو نفس اسم الرب الإله في العهد القديم I AM. وهذا تضليل لأن الاسم في سفر الخروج هو كلمة واحدة لا كلمتين كما يتراءى للقاريء. وهذه الكلمة العبرية هي hayah وتترجم إلى "أنا الذي هو أنا". والكلمة كما نرى ليست ولا تصلح اسمًا. أما قول المسيح في (يو 8: 58) "أنا كائن" التي يترجمونها إلى I AM، يتكون من كلمتين هما ضمير المتكلم I وفعل "يكون" am. ومن ثم فالترجمة الصحيحة هي "أنا أكون" ولا علاقة لهذا التعبير بالكلمة العبرية. تقول نسخة The NET BIBLE:
I am" أنا أكون" إدعاء واضح بالألوهية مع أن العبارة "أنا أكون" في الإنجيل الرابع بحاجة للفحص بمفردها طبقًا للسياق لنر إذا كانت مرتبطة بـعبارة (خر 3: 14). ويبدو من الواضح أن هذا هو المقصود هنا لأن رد السلطات اليهودية في الفقرة التالية يوضح هذا."
كما نرى النسخة غير متأكدة من المسألة وتوصي بإعادة فحص فقرة يوحنا. فكيف أبني عقيدتي على ضرب من التخمين والظنون؟! كما نلاحظ أنه في سفر الخروج يسألون موسى عن اسم الرب الإله. ويرد الرب محددًا اسمه الذي فقد ووضعوا مكانه حروفًا مجهولة. وفي فقرة يوحنا لا يحدد المسيح اسمه وإنما يتكلم عن وضعه ومكانته بين أنبياء الله ورسله. ولذلك كتبت am مع المسيح بحروف صغيرة نسخ
(KJV, ASV, ISV, AV, AVRLE, BBE, ESV, Webster, GWV, The NET BIBLE, 1889 Darby Bible)
ومعنى ذلك أن هذه النسخ لا ترى في التعبير ما يدل على ألوهية المسيح. أما بشأن قوله "قبل إبراهيم أنا كائن" فلا تدل على أزلية المسيح بالمرة. إن هذا أسلوب مشهور ومعروف في الكتاب المقدس ويعني وجودنا مع الله أي في علمه منذ الأزل لا قبل إبراهيم فقط. اقرأ قول سيدنا سليمان:
«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْقِدَمِ. مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ مُنْذُ الْبَدْءِ مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ. إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ الأَرْضَ بَعْدُ وَلاَ الْبَرَارِيَّ وَلاَ أَوَّلَ أَعْفَارِ الْمَسْكُونَةِ. لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ. لَمَّا أَثْبَتَ السُّحُبَ مِنْ فَوْقُ. لَمَّا تَشَدَّدَتْ يَنَابِيعُ الْغَمْرِ. لَمَّا وَضَعَ لِلْبَحْرِ حَدَّهُ فَلاَ تَتَعَدَّى الْمِيَاهُ تُخْمَهُ لَمَّا رَسَمَ أُسُسَ الأَرْضِ كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ فَرِحَةً دَائِماً قُدَّامَهُ. فَرِحَةً فِي مَسْكُونَةِ أَرْضِهِ وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمٍَ. (أم 8: 22 – 31)
إن سيدنا سليمان موجود مع الله منذ الأزل، فهل هو إله أو هو الله أيضًا؟! بل إن ملكي صادق أبدي أزلي إذا نظرنا في الحرف لا المعنى:
"بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هَذَا يَبْقَى كَاهِناً إِلَى الأَبَدِ." (عب 7: 3)
بل إن بولس يقول أن الله اختاره قبل خلق الكون:
"كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ." (أف 1: 4)
وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ. (غل 1: 15)
وكذلك النبي إرميا لما يخاطبه الله:
"قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيّاً لِلشُّعُوبِ." (إر 1: 5)
ولكن ما معنى "قبل أن يوجد إبراهيم، أنا أكون"؟
لنقرأ في تفسيرBJF:
"يبدو أنه يشير إلى اللقاءات المعتادة لإبراهيم مع الرب الإله الذي يطلق عليه في العهد القديم "ملاك الرب" والذي يقصد يسوع به هنا نفسه. ففي هذه اللقاءات نقرأ إبراهيم رآني saw ME. ولكن أولشوسين يعتقد أن الفقرة تشير إلى حدث لم يقع (أي أن الحدث نبوءة ومن ثم يقع مستقبلًا).
ومن دراسة هذا الموضوع نخرج بالآتي:
1- أن رؤيا إبراهيم هي نبوءة مستقبلية. وكم من أنبياء رأوا وحكوا نبوآت. كالقائل: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا ......." فإذا كانت هذه نبوءة، فمعنى ذلك أنه لم ير عذراء على وجه الحقيقة.
2- اليهود قوم كذبة باعتراف المسيح نفسه.
3- أخطا اليهود في صيغة السؤال: وتقول أنك رأيت إبراهيم؟ .... والمفروض أن تكون الصيغة: وتقول أن إبراهيم رآك؟
4- ذكر اليهود أن السيد المسيح قد قارب على الخمسين عامًا، مع أنه صعد إلى السماء وهو يقارب الثالثة والثلاثين.
5- اليهود لم يسألوا المسيح عن قصده من قوله "قبل أن يوجد إبراهيم، أنا أكون"، وإنما رفعوا حجارة دون أن يعطوه فرصة يوضح لهم هدفه.
6- كان هدف اليهود وقادتهم أن يمسكوا أي شيءٍ على المسيح فيحاكمونه به أو يقتلونه كما بينَّا من قبل.
-
16- «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». (يوحنا 10: 30)
يستدلون به على حقهم في تأليه المسيح. فلنقرا الفقرات لنتعرف على السياق:
"وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْراً.أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ. فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضاً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. فَقَالَ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟ أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟ إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. فَطَلَبُوا أَيْضاً أَنْ يُمْسِكُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ (يو 10: 23 – 39)
إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ: إن كنت انت النبي المسيا الخاتم فقل لنا. اليهود هنا يريدون أن يكون النبي الخاتم منهم ويتوجسون شرًا هو انتهاء النبوة والرسالة في وسطهم. وهذا هو السبب الرئيسي لمحاولتهم قتل المسيح عيسى بن مريم لأنه لم يكن النبي الخاتم الذي ينتظرونه.
وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ: لا أحد يستطيع أن يخطف من يد الله شيئًا، ولا أحد يستطيع أن يخطف من يدي شيئًا أعطانيه الله، فأنا والآب واحد من هذه الجهة.... ولكن اليهود حاولوا أن يرجموه فسألهم المسيح عن السبب محتجًا بأعماله الصالحة. فردَّ اليهود أنهم لا يرجموه بسبب أعماله ولكن لأنه جعل نفسه إلهًا في قوله "أنا والآب واحد". فبماذا ردَّ المسيح؟
احتج المسيح بما جاء في كتب اليهود المعتمدة:
"أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟"
وبالفعل قال الله ذلك لليهود:
"أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ." (مز 82: 6)
وتجمع التفاسير المسيحية واليهودية على أن معنى الآية هو أن الله جعلهم سادة وأشرافًا وذوي جاه باختيار الله لهم لتكون كلمته ورسالاته فيهم. ولا يكون المعنى حرفيًا وإنما مجازيًّا ويُحْمَل على هذا المحمل. والمسيح يقيس كلامه على هذه الآية. ومن ثم فكلامه مجازي لا يحمل على الحرف. لذلك يلومهم المسيح بعد أن استشهد بالمجاز:
"إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟"
فإذا كان الله دعاهم آلهة، فهل الرسول الذي يقول أنه "ابن الله" يكون مجدفًا وهو يرنو إلى المعنى المجازي الذي يقصد من ورائه أنه رسول الله ومختاره؟!
وهنا نرى التزوير المفضوح لكاتب إنجيل يوحنا. المسيح ادعى أنه هو والآب واحد. فهمَّ اليهود بضربه وإصابته بالحجارة. فلما سألهم عن السبب قالوا أنه يقول أنه يجعل من نفسه إلهًا. والمفروض أن يرفض المسيح ويفند هذا التجديف في نظرهم هم (أنا والآب واحد). إلا أننا نفاجأ أن المسيح يلومهم أنهم يعيبون عليه أنه جعل نفسه ابنًا لله ثم يفند التعبير (ابن الله) مع أنه لم يقل ذلك بالمرة في هذا الموقف. مما يدل دلالة قاطعة على التزوير باسم المسيح وعلى لسانه.
كما أم عبارة "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ" تعني المغايرة. كيف؟ إن حرف العطف "و" يعني أن ما قبله غير ما بعده. أي أن المسيح غير الله. هذه قضية منطقية لغوية لا يمكن مخالفتها أو تجاهلها. فمثلًا لو أن اسمي "زيد" فلا يمكنني أن أقول "أنا وزيد واحد". فهذا محال منطقيًا ولغويًا. وبهذا يعني التعبير وحدة الهدف والغاية والأسلوب. واستشهد هنا بقاموس الكتاب المقدس Webster تحت لفظة "one":
At one, in union; in agreement or concord.
The king resolved to keep Ferdinand and Philip at one with themselves.
يجعلهم واحد: في الاتحاد والاتفاق والوئام:
قرر الملك أن يجعل فرديناند وفيليب واحدًا مع أنفسهم (أن ينشر التفاهم بينهم فيصل بهم إلى الوحدة في الرأي في قضية ما). ولنفترض نجاح الملك في هذا، فإن فرديناند سيقول: "أنا وفيليب واحد".
وإذا تجاهلنا هذا وضربنا بقضايا المنطق عرض الحائط فإن العبارة تقبل احتمالات كثيرة. وبذلك تسقط كدليل على ألوهية المسيح.
إن عبارة "أنا والآب واحد" تبطلها أيضًا الفقرات المجازية التالية:
أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ لأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ. (1كو 6: 16، 17)
و عبارة الترجمة العربية الكاثوليكية الجديدة: "ولكن من اتحد بالرب صار و إياه روحا واحدا."
وتنضم للترجمة الكاثوليكية ترجمة ISV:
But the person who unites himself with the Lord becomes one spirit with him.
أما عبارة " أنا في الآب والآب فيَّ" فيبطلها ما يلي:
" أنا فيهم و أنت فيَّ ليكونوا مكملين إلي واحد" ( يو 17 : 23).
«أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ... لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». (يوحنا 17: 11، 21)
-
17- يحتجون أن اليهود حاولوا أن يرجموا المسيح. ولم يكن الرجم إلا لمن يجدف ويدعي أنه ابن الله أو إله أو هو الله.
نقول وبالله التوفيق أن الترجمة العربية للعهد الجديد مضللة إلى حد بعيد. هناك 3 أفعال يونانية تترجم خطأً متعمدًا إلى "يرجم". الفعل الأول هو ballo. ويعني: يرمي شيء بدون اهتمام أين يسقط، يبعثر (قاموس Thayer). أي يلقي الحجارة على شخص كنوع من الاحتجاج وعدم الرضا. والفعل lithazo الذي يعني: "يضرب" كعقوبة من أجل القتل أو إحداث جروح. والفعل lithoboleo، ويعني: "يرجم" من أجل القتل (الإعدام) بالدرجة الأولى. وقد استخدم الروح القدس الفعل الأول مع اليهود عندما قال لهم المسيح: "قبل إبراهيم أنا كائن" (يو 8: 58، 59). والمعنى أنهم لم يروا ذلك تجديفًا على الله. لقد سأل اليهودُ المسيحَ: "لَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ؟" وكانوا يتوقعون منه نفي ذلك، فلما أخبرهم أن أباهم إبراهيم فرح بقدوم يوم المسيح وأن المسيح موجود قبل إبراهيم، اعتبروا هذا سبًّا موجهًّا لأبيهم إبراهيم وانتقاصًا لحقه ومقامه عندهم. ولما قال المسيح "أنا والآب واحد" ازداد حنقهم وغضبهم عليه فحاولوا ضربه بالحجارة بشدة وإصابته بجروح. لذلك استخدم الروح القدس الفعل الثاني. واستخدم الروح القدس الفعل الثالث الدال على تنفيذ عقوبة الرجم في الشريعة في الفقرة التالية:
وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» (يو 5: 8)
لذلك فإننا نخلص إلى أن اليهود لم يتهموا المسيح بالتجديف ومن ثم لم يحاولوا تطبيق عقوبة الرجم ضده. وكاتب إنجيل يوحنا يشهد أن اليهود لم يفهموا أن المسيح كان يكلمهم عن الآب فكيف يحكموا على كلام لم يفهموا مغزاه العقيدي مع وضوحه وأسلوبه المباشر:
وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. (يو 8: 27)
لنقرا ما يلي لمزيد من الأدلة:
"ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ أَجَابُوا: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَداً. لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ. ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي. قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: مَا هُوَ الْحَقُّ؟. وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً." (يو 18: 28 – 38)
سمح بيلاطس لليهود أن يحاكموا المسيح حسب نصوص شريعتهم. ولما كان المسيح لم يجدف على الله وظهر لهم الحق، اعترف اليهود أن شريعتهم لا تقضي بقتل المسيح. فهو في نظرهم "فاعل شر" (مشاغب). وبعد أن استجوبه بيلاطس وأنكر المسيح أنه ملك دنيوي لليهود، لم ير بيلاطس سببًا يقتضي محاكمته. ولوقا يؤكد شهادة بيلاطس وكَذِبَ اليهود:
وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هَذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْه (لو 23: 14)
والرسول بولس يشهد:
وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ. (أع 13: 28)
لنستمر:
يهوذا يندم أنه تسبب في سفك دم بريء!!!
"قَائِلاً: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاً. فَقَالُوا: مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!." (متى 27: 4)
وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ. (لوقا 22: 2)
رؤساء الكهنة غير مقتنعين بموقفهم من المسيح وأن الشعب اليهودي سيثور ضدهم. ومن هنا لا يمكن للمسيح ان يكون جدف في نظرهم وإلا لطاردوه جميعًا. تعالوا نقرأ:
مت 27:29 وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود.
مت 27:37 وجعلوا فوق راسه علته مكتوبة هذا هو يسوع ملك اليهود
مر 15:18 وابتدأوا يسلمون عليه قائلين السلام يا ملك اليهود.
مر 15:26 وكان عنوان علّته مكتوبا ملك اليهود.
لو 23:37 قائلين ان كنت انت ملك اليهود فخلّص نفسك.
لو 23:38 وكان عنوان مكتوب فوقه باحرف يونانية ورومانية وعبرانية هذا هو ملك اليهود.
يو 19:3 وكانوا يقولون السلام يا ملك اليهود وكانوا يلطمونه.
يو 19:19 وكتب بيلاطس عنوانا ووضعه على الصليب.وكان مكتوبا يسوع الناصري ملك اليهود.
يو 19:21 فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس لا تكتب ملك اليهود بل ان ذاك قال انا ملك اليهود.
هذه هي تهمة اليهود الملفقة ضد المسيح لاستعداء السلطة السياسية ضده التي لم تقتنع بعد استجوابه وسلمت المسيح لهم فأخذوه ومضوا به إلى حيث خططوا. إلا أن البعض يحاول الخروج من اعتراف اليهود أنه لا يجوز لهم أن يقتلوا أحدًا حسب شريعتهم لأنهم تحت الأحتلال الروماني ومن يقوم بتنفيذ حكم الأعدام في أي شخص يكون الرومان أو بمعنى آخر السلطة الحاكمة وليس الشعب. وهذا تبطله الآيات التالية:
وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يُمْسِكُوا يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ. وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلَّا يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ». (متى 26: 4، 5)
فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هَذَا رَقَدَ. (أع 7: 59، 60)
ها هم ينفذون حكم الرجم بعيدًا عن السلطة الحاكمة.
وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هَذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ». (لو 23: 2)
مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ وَلَكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ». (يو 19: 12)
يهددون بيلاطس بالوشاية ضده عند قيصر ملك الروم. فيخاف بيلاطس على وضعه السياسي ويرضخ لمطلبهم.
والمسيح يقول ردًّا على تجربته في محاولة للإيقاع به لدى السلطات السياسية:
فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ». فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ. (مر 12: 17).... ثم يرفض تنصيبه ملكًا:
وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً انْصَرَفَ (هرب) أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ. (يو 6: 15)
لذلك وجب عدم الالتفات لأي شهادة تخرج من أفواه اليهود بشأن المسيح. فهم خصمه. وخصم غير شريف مطلقًا كما هو واضح بالدليل الساطع.
-
18- أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. (يو 14: 10)
"الآب الحال فيّ".. ربما يفاجَأ البعض بهذا التعبير وربما يفرح البعض الآخر أن قد وجد دليلًا قاصمًا على أن الله قد حلَّ في المسيح، أي أن المسيح هو الله المتجسد. هذه ترجمة مزورة مع سبق الإصرار والترصد. فماذا قال الأصل؟
but the Father that dwelleth in me (KJV)
ولكن الآب الساكن فيَّ ............. = ولكن الآب الذي فيَّ .........
والكلمة اليونانية المستخدمة هي meno وقد اُسْتُخْدِمت 118 مرة في العهد الجديد منهم 10 مرات بمعنى dwell أي يسكن بحسب قاموس الملك جيمس. وجاءت مع المؤمنين يسكنون (يحلون) في المسيح، وهو يسكن (يَحِلُّ) فيهم:
مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. (يو 6: 56)
رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. (يو 17: 14)
مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. (1 يو 4: 15)
وترجموها هنا بمعنى "يثبت في / يكون في" ليوهموك أن الله قد حل في المسيح فقط. وها نحن نرى أن المؤمنين تحل فيهم الأقانيم الثلاث: المسيح (يو 6: 56) والروح القدس (يو 17: 14) والله كذلك يحل فيهم (1يو 4: 15)
-
19- وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ. (1 تي 3: 16)
1. And without controversy great is the mystery of godliness: God was manifested in the flesh. (MKJV + EMTV + Darby + ALT)
2. And without controversy great is the mystery of godliness; He who was manifested in the flesh. (ASV)
3. In flesh was he revealed to sight. (ISV)
4. Here is the great mystery of our religion: Christ came as a human. The Spirit proved that he pleased God, and he was seen by angels. Christ was preached to the nations. People in this world put their faith in him, and he was taken up to glory. (CEV)
في النسخ الأُوَلِ: الله أُظْهِرَ في الجسد"، الصيغة مبني للمجهول. والمعنى ان هناك شخصًا آخر أَظْهَرَ الرب الإله في الجسد. ثم نقرأ: "هو الذي أُظْهِرَ في الجسد" أو في الجسد هو أُظْهِر "، ولا ندري من "هو". وتختلف النسخة الأخيرة عن الباقي.
المبني للمجهول يدل على أن نائب الفاعل (الله) قد وقع عليه الفعل (التجسد) من فاعل مجهول. فمن هو؟
المرجع العالمي Robertson's Word Pictures يقول: "إن النص الأصلي لا يذكر "الله" ولا "هو". ويقر هذا المرجع أن الفعل المبني للمجهول "أُظْهِرَ" يعود على عبارة "سر التقوى". كذلك لا نجد لفظة "الله" في المخطوطة السينائية والفاتيكانية، ولا توجد الفقرة في أي مخطوطة قديمة.
وقد انعكس هذا الخلاف على نسخ أخر:
"ولا خِلافَ أَنَّ سِرَّ التَّقْوى عَظيم: ((قد أُظهِرَ في الجَسَد وأُعلِنَ بارّاً في الرُّوح وتَراءَى لِلمَلائِكَة وبُشِّرَ به عِندَ الوَثَنِيِّين وأُومِنَ بِه في العالَم ورُفِعَ في المَجْد)). (الترجمة الكاثوليكية)
"ولا خِلافَ أنَّ سِرَّ التَّقوى عَظيمٌ ((الّذي ظهَرَ في الجَسَدِ وتَبَرَّرَ في الرُّوحِ، شاهدَتْهُ المَلائِكَةُ، كانَ بِشارَةً للأُمَمِ، آمَنَ بِه العالَمُ ورفَعَهُ الله في المَجدِ)). (الترجمة العربية المشتركة).
سِرَّ التَّقْوى عَظيم: قد أُظهِرَ في الجَسَد....... هنا العبارتان منفصلتان بدليل وجود نقطتين، والمعنى أنهم لا يعرفون من أو ما أُظْهِرَ في الجسد.
سِرَّ التَّقوى عَظيمٌ الّذي ظهَرَ في الجَسَدِ....... استخدام "الذي" هنا يجعل "سر التقوى" هو الذي أُظْهِر.
"موافقون على أن ديننا يحوي تجليات مدهشة: هو أُظْهِرَ في الجسد." (NET BIBLE). وتعلق هذه النسخة فتقول:
"يبدو أنه بعد القرن الثاني خرجت هذه القراءة إلى الوجود كسوء فهم أو تعديل متعمد لتعظيم يسوع المسيح ولإعادة صياغة الجملة في الوقت نفسه. ولما دخلت هذه القراءة كان من السهل أن تؤثر على كل باقي المخطوطات المتعلقة بها (حتى التي كتبت من قبل مثل المخطوطــــــــــات I A C D ).
والفقرة التي تساند ما سبق هي:
اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. (1يو 1: 1، 2)
فإذا احتكمنا إلى المراجع المتخصصة ونسخ الكتاب المقدس نجد أن الآية (1 يو 1: 2) غير موجودة في المخطوطات الأقدم. وإنها يد الناسخ التي تحركت وكتبت. ومن ثم لا حجية للفقرة. لذلك وُضِعَت هذه الفقرة بين قوسين في النسخ الآتية:
(and the life was manifested, and we have seen, and bear witness, and declare unto you the life, the eternal life, which was with the Father, and was manifested unto us) (1 jo 1: 2) (ASV) (AV) (AVELE) (BBE) (KJV) (MKJV) (Webster)
-
20- يحتجون بما ورد في العهد القديم من تشابه في صفات يهوه (الله) مع صفات المسيح في العهد الجديد:
صعدت الى العلاء. سبيت سبيا. قبلت عطايا بين الناس وايضا المتمردين للسكن ايها الرب الاله (يهوه) (مزمور 68: 18)
(الكلام هنا عن الرب يسوع) لذلك يقول. اذ صعد الى العلاء سبى سبيا واعطى الناس عطايا. واما انه صعد فما هو الا انه نزل ايضا اولا الى اقسام الارض السفلى. الذي نزل هو الذي صعد ايضا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل. (افسس 4: 8)
والتناقض واضح لا ريب فيه بين الأصل (مز 68: 18) والصورة (أف 4: 8). فالأصل يقرر أن هذا الشخص يقبل هديا من الناس:
you have taken offerings from men (BBE)
ولكن اقتباس بولس يقرر أنه وزَّع الهدايا للناس. لذلك يجب وضع الفقرتين جانبًا.
ثم يحتجون بالفقرة التالية التي يرونها تثبت أن المسيح عالم بكل شيء، ولا عالم بكل شيء إلا الله. إذن هو الله بالتالي. نقرأ الفقرة أولًا:
لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ، الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. (كو 2: 2، 3)
كل أنبياء الله ورسله كذلك:
إِنَّ السَّيِّدَ الرَّبَّ لاَ يَصْنَعُ أَمْراً إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ. (عاموس 3: 7)
فيحتجون بفقرة يرونها أشد برهانًا من الأولى وأقوى تأكيدًا:
وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. (1 كو 1: 24)
اكتشف علماء الكتاب المقدس عدم وجود كلمة "المسيح" في هذه الفقرة، وإنما الكلمة الموجودة هي "ممسوح". فقامت نسخة Diaglot بتحديث الكتاب المقدس بناء على هذا:
to those but to the called ones, Jews both and Greeks, Anointed of God power and of God wisdom. (DIAGLOT)
ليس لهؤلاء ولكن للمدعوين، اليهود واليونان، الممسوحين بقوة الله وحكمته.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة khaled faried في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 29-12-2013, 12:41 PM
-
بواسطة محمد مصطفى في المنتدى حقائق حول عيسى عليه السلام
مشاركات: 22
آخر مشاركة: 17-01-2012, 03:34 AM
-
بواسطة البريق في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 15-09-2007, 09:45 AM
-
بواسطة ناصرالحق في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 62
آخر مشاركة: 14-02-2007, 11:57 AM
-
بواسطة المهندس زهدي جمال الدين محمد في المنتدى فى ظل أية وحديث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 18-12-2006, 07:12 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات