السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اختي محبة الرحمن
سبحان الله وبحمده, احب الإنصات لهذا الموضوع
الاعجاز العلمي في القرآن الكريم
ننتظر المزيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اختي محبة الرحمن
سبحان الله وبحمده, احب الإنصات لهذا الموضوع
الاعجاز العلمي في القرآن الكريم
ننتظر المزيد
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . اختي الفاضلة جزاك الله كل الخير و زادكي علما ألله جل جلاله على كل شئ قدير يقول للشئ كن فيكون والحمد لله رب العالمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بجد انتي هايلة ومعلومات جميلة جدا
هل لحد دلوقتي النصاري مصرين على ان التحريف بتاعهم هو الصح؟
اللهم انصر الاسلام و المسلمين فى كل مكان
سبحان الله
التعديل الأخير تم بواسطة Doctor X ; 10-12-2011 الساعة 09:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات
قرأت منذ فترة هذا البحث الرائع عن
الاكتشافات العلمية لعلوم الأرض (الجيولوجيا) في ضوء القرآن الكريم والسنة النبويةالملخص:
والذى نال عنه صاحبه الدكتور صالح عبد القوى اسماعيل درجة الدكتوراه من جامعة
ام درمان الأسلامية
وللأمانه فقد تبحرت فيه جيدا وكم اخذ منى كثيرا من الوقت نظرا للمتعه التى عشت فيها والتى اجبرتنى بالطبع بالرجوع الى
كتاب الله العزيز وكتب السنه النبوية الشريفة . واصارحكم احبائى بأننى قد ارتشفت من هذا البحث القيم الكثير والكثير من
النفحات الايمانية التى يحتاجها كل مسلم ومسلمة
ونظرا لضخامة البحث , فسوف انقله لكم على جزئين او ثلاث اجزاء, وكم اتمنى ان تستمتعوا كما استمتعت انا
( الجزء الاول )
--------------
أهم نتائج البحث
أولاً : لقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة معلومات عن حقائق علمية بشأن الأرض لم يكن بوسع البشر مشاهدتها عين اليقين إلا بعد قرون من نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم وبعد اكتشاف واختراع الأدوات اللازمة لذلك ، وقد استعرضنا ولله الحمد في هذا البحث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في بعض الموضوعات التي لها علاقة بعلوم الأرض وتتطابق مع ما ورد في القرآن والسنة وبينا وجه الإعجاز بعد استعراض ما توصل إليه الباحثون من معلومات علمية يقينية وحقائق قطعية من علوم الأرض التجريبية قال تعالى:(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) ([1]) .
ثانياً :إن أبحاث الإعجاز العلمي امتداد لبينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية، فإذا كان المعاصرون لرسول اللـه قد شاهدوا بأعينهم كثيراً من المعجزات ، فإن اللـه أرى أهل هذا العصر معجزة لرسولـه تتناسب مع عصرهم ، ويتبين لـهم بها أن القرآن حق ، وتلك البينة المعجزة هي : بينة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، وقد مكث موريس بوكاي عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم ، والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ([2]) ، وكان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هز الدول الغربية قاطبة ورج علماءها رجا ، لقد كان عنوان الكتاب (القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة).. الذي أثبت فيه تطابق نصوص القرآن الكريم مع الحقائق العلمية المكتشفة .
ثالثاً: إن أبحاث الإعجاز العلمي تصحح مسار العلم التجريبي ،ولقد جعل اللـه النظر في المخلوقات ، الذي تقوم عليه العلوم التجريبية طريقاً إلى الإيمان به ، وطريقاً إلى الإيمان برسولـه ولكن أهل الأديان المحرفة كذبوا حقائقه ، وسفهوا طرقه ، واضطهدوا دعاته ، فواجههم حملة هذه العلوم التجريبية ، بإعلان الحرب على تلك الأديان ، فكشفوا ما فيها من أباطيل ، وأصبحت البشرية في متاهة ، تبحث عن الدين الحق ، الذي يدعو إلى العلم ، والعلم يدعو إليه ، وبإمكان المسلمين أن يتقدموا لتصحيح مسار العلم في العالم ، ووضعه في مكانه الصحيح ، طريقاً إلى الإيمان باللـه ورسولـه ، ومصدقاً بما في القرآن ، ودليلاً على الإسلام .
رابعاً: إن في أبحاث الإعجاز العلمي تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية ، لأن التفكير في مخلوقات اللـه عبادة ، والتفكير في معاني الآيات والأحاديث عبادة ، وتقديمها للناس دعوة إلى اللـه . وهذا كلـه متحقق في أبحاث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة و من شأنه أن يحفز المسلمين على اكتشاف أسرار الكون بدوافع إيمانية تعبر بهم فترة التخلف التي عاشوها فترة من الزمن في هذه المجالات . وسيجد الباحثون المسلمون في كلام الخالق عن أسرار مخلوقاته ، أدلة تهديهم أثناء سيرهم في أبحاثهم ، وتقرب لـهم النتائج ، وتوفر لـهم الجهود، كما تبشر الأبحاث المتعلقة بعلاج الأمراض المستعصية باكتشافات مذهلة لباحثين في الإعجاز العلمي .
خامساً: إن في أبحاث الإعجاز العلمي وسيلة للدعوة إلى دين الله بالحجة والبرهان ، وقد شاهدنا في مؤتمرات الإعجاز العلمي وقوف كبار علماء العالم يشهدوا بصدق محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه رسول من عند الله ، ويعلنوا للعالم دخولهم في دين الله.
سادساً: في هذه الأبحاث تقوية لإيمان المؤمنين ، ودفع الفتن التي ألبسها الإلحاد ثوب العلم عن بلاد المسلمين ، وفيها دعوة لغير المسلمين ، وفيها فهم لما خوطبنا به في القرآن والسنة ، وفيها حفز المسلمين للأخذ بأسباب النهضة العلمية . ويتبين من ذلك كلـه الواجب الملقى على عاتق المسلمين تجاه ذلك و أن القيام بهذه الأبحاث من أهم فروض الكفايات . وصدق اللـه القائل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ([3]) .
سابعاً: من أهم الأسباب وراء ظهور التيار المادي الإلحادي المعاصر وانتشاره : معارضة الأديان المحرفة للحقائق العلمية المكتشفة في علوم الأرض ، والكنيسة وما قامت به من ممارسات خاطئة. فالرهبان والقساوسة حرفوا النصرانية التي أنزلها الله على عيسى عليه السلام وأدخلوا في دين الله كثيرا من البدع والخزعبلات والخرافات ، وكونوا من خلال مجامعهم ،عقائد باطلة عرفت في أوروبا باسم النصرانية ، فرفعوا عيسى عليه السلام من مرتبة البشر إلى مرتبة الإلوهية ، ونادوا بأسطورة التثليث ، وأسطورة الأب الذي صلب ولده فداء لخطيئة آدم التي ورثها البشر جميعا كما يزعمون ، بل وجعلوا العلم هو خطيئة آدم الأولى. ومارست الكنيسة ألوانا من الطغيان الروحي والعقلي والفكري والعلمي على الناس ، الأمر الذي لا يتفق مع دعوة الأنبياء والمرسلين ، ذلك أن العقائد المنحرفة والتصورات والأساطير التي تبنتها الكنيسة ، لم يستطع الناس استيعابها وفهمها لما شابها من خلط واضطراب عجيب ، ومن ثم جعلت الكنيسة لنفسها حق التفرد بمعرفة تلك الأسرار والألغاز ، وربطت إيمان الناس بها من غير فهم ولا مناقشة ، وبهذا استحالت عقائد الدين إلى مجموعة من الطلاسم المنافية لبداهة العقل ومنطقه ومسلماته.
ومنعت الكنيسة العقل من التفكير في مسائل الكون والحياة وفقاً لما يقتضيه العلم من الملاحظة والمشاهدة والتجارب العلمية ، وشنت الكنيسة حربا شعوا على العلماء التجريبيين ، فأحرقت وعذبت وهددت ، وأنشأت محاكم تصادر كل رأي مخالف لما تقرر عندها من أفكار خرافية ، وتطارد العلماء والمفكرين وتحاكمهم . ولم تستطع الكنيسة بهذا السلوك أن توقف هذا التيار العلمي ، ولكنها ولدت ما يعرف في تاريخ البشرية بالخصام والعداء للدين (اللادينية) ، وهو في حقيقته عداء بين العلم الذي استطاع أن يدعم ما وصل إليه بالبراهين والأدلة وأن يثبت خطأ آراء رجال الدين الباطل ومعتقداتهم ، وبين الكنيسة التي عجزت عن الدفاع عما تعتقده من آراء خرافية وتصورات أسطورية . وكانت النتيجة أن ترك الناس الدين المحرف الذي يحجبهم عن العلم ويحجز عليهم التفكير وطلب المعرفة ، وساروا وراء العلم مصطحبين معهم كراهية للدين ، ونفورا منه ، ومحاولة إبعاده تماما عن جميع مجالات الحياة ، وهو الأمر الذي ساد في أوروبا وما يزال يسود فيها الآن ، وظهرت مذاهب وفلسفات تحارب الدين وما يرتبط به من إيمان بالغيب ، وترفض رفضا تاما كل المعتقدات الدينية من إيمان بالله والملائكة والرسالات الإلهية والآخرة والجنة والنار ، ولا تؤمن إلا بما هو مادي ، وتفسير الكون تفسيرا ماديا ، وإرجاعه إلى عوامل داخلية ذاتية ، وتنفي أي تدبير أو غاية أو قصد من وراء خلقه وما فيه من نظام وتناسق .وظهرت الدول الشيوعية التي اتخذت من الإلحاد دينا ، ومن المادية مذهبا ، وحرصت على حمل الناس على أفكارها حملا ، محاربة للفطرة وقهرا للمشاعر الإنسانية المتجهة إلى خالقها ، كما ظهرت مذاهب ونظريات هدامة ارتبطت بالحركة اليهودية العالمية التي سعت بوسائل مختلفة لدعم قضية الإلحاد ، سعياً لإفساد الشعوب بالمادية المفرطة والانسلاخ عن القيم الأخلاقية والضوابط التشريعية التي نادت بها الأديان السماوية وظهر شعار (لا إله والحياة مادة) ، كما ظهر شعار اشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر رأسمالي.
ثامناً: في الوقت الذي نزل القرآن الكريم فيه كانت أوروبا تخضع لكلام أرسطو الذي تؤكد تعاليمه( أن في مقدورنا استنتاج جميع القوانين التي تحكم الكون بالفكر المجرد وأن لا ضرورة للتثبت من ذلك بالمشاهدة ، وكانت فلسفة اليونان هي السائدة وظلت هي الغالبة إلى القرن الثامن عشر ، وكان الفكر السائد بين الناس يغلبه الخبط العشوائي من كلام أرسطو وما يقوله القساوسة ، فإذا بالقرآن يدل على المنهج العلمي ، والذي لم يعرف إلا بين عامي 1830م و 1872م . هذا المنهج الذي يربط كيفية بدء الخلق بالسير في الأرض و هو الذي دلت عليه الآية في قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ...) ([4]) ، هذا المنهج العلمي لم تصل إليه أوروبا إلا في نهاية القرن التاسع عشر بينما قرره القرآن الكريم قبل 14 قرناً ، فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه المنهجية ؟ إن هذا لا يمكن أن يكون إلا من عند الله .
تاسعاً: في الوقت الذي لم تصل فيه البشرية إلى حقائق قاطعة بشأن خلق السموات والأرض إلا في نهاية القرن العشرين نجد في القرآن الكريم ليس نصاً واحداً على خلق السماوات والأرض، بل نصوص وآيات حتى لا يأتي جاحد أو مكابر ، ويدعي أن الأمر ربما ورد على سبيل الصدفة.
عاشراً: يذكر القرآن الكريم أن السموات والأرض كانتا دخان في قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ... ) ([5])، حتى أن بعض المفسرين حين استعرض هذا الوصف القرآني في وقت لم تصل معلومات البشر إلى معرفة هذا الغيب الذي كان محجوبا عنهم قد أول لفظ الدخان عن ظاهره وفق معلوماته ودرايته وحمله على بخار الماء ، وهذا بعيد عن ظاهر اللفظ ، و تأويل المؤولين يدل على صعوبة التصور لهذه الحقيقة في تلك الأزمان ، إن كون السماء كانت دخان أصبح حقيقة مشاهدة ومصورة بعد أن توافرت الأجهزة المطلوبة لتظهر إعجازاً علمياً عظيماً في حقيقة يذكرها محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ولم يشاهدها البشر عياناً إلا في العقد الأخير من هذا القرن . ألا يدل ذلك على أن القرآن وحي من عند الله عالم الغيب والشهادة ؟ . قال تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)([6]) .
الحادي عشر:يقول الله جل وعلا : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)([7]) ،كانتا رتقا: أي متصلات لأن الرتق هو الاتصال ، وفتقناهما أي : فصلناهما . وفي قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ترشيح للكافرين أن الرؤية ستكون لهم، والرؤية هنا رؤية علمية وليست بصرية مشاهدة لأن الرؤية ترد بالمعنيين ، فقد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) ([8]) ، وهو لم ير تلك الواقعة بصرياً بل علم بها،حيث حصلت في عام مولده ، فخاطبه بهذا لأن ذلك الخبر تواتر عندهم فهو بمنزلة المشاهدة . فالخطاب للكافرين وكأنهم سيرشحون لرؤية هذا الأمر (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا... ) ، وقد تحققت هذه الرؤية العلمية على أيديهم ، فيكون الخطاب للكافرين الأولين إعلام ، ويكون للكافرين الآخرين مشاهدة . ويقول كرونر : ( وشخص لا يعرف عن الفيزياء النووية منذ 1400 سنة ما كان له في رأيي أن يكون في وضع يكشف فيه بعقله هو مثلاً أن الأرض والسموات كانت لهما نفس الأصول ).
فلا يمكن للإنسان أن يتصور قبل هذا التاريخ أن ماء الأرض وترابها وأشجارها كانت جزءاً من نار الشمس ونار النجوم والكواكب في السماء . ولا يمكن للعقل أن يتخيل بأن مياه المحيط والبحر كانتا جزءاً من الشمس الملتهبة ، ولا يمكن أن يتصور أن الأشجار والشمس والنجوم كانت شيئاً واحداً . ولا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذا التصور أو يحتمل مثل هذا الخيال إلا إذا كان على علم بالنظرية الذرية التي لم تعرف إلا بعد عام1915م، ولم يكن ذلك متاحاً في عصر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، لكن القرآن الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرر هذه الحقيقة في غاية الوضوح ويبين ما يتصل بها في غاية الجلاء ثم يصل إلى النتيجة الإيمانية (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ). هذا القانون الذي سجله القرآن (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) يعرض على الكفار بدليل قوله تعالى:(أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ؟.فهو إنكار عليهم كيف تكفرون وهذه الأدلة وهذه البراهين وهذه الحجج أمامكم.
الثاني عشر: إن حقيقة أن الكون آخذ بالتوسع منذ خلقه الله تعالى ، هذه الحقيقة لم يكن يعلم بها أحد من البشر والتي أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بها في قوله تعالى : (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) ([9])، وموسع : اسم فاعل يدل على الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل مثل قوله تعالى : (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ([10])، فالله تعالى حفظ القرآن ويحفظه وسيحفظه. وكذلك لفظ موسع يدل على أن الله وسع الكون قبل نزول القرآن ويوسعه أثناء نزول هذه الآيات وسيوسعه بعد نزولها. وهي الحقيقة التي لم يطلع عليها البشر مشاهدة إلا في القرن العشرين ، فهو اسم فاعل بصيغة الجمع لفعل أوسع الذي يفيد الاستمرار، وما كان يخطر ببال أحد من قبل أن السماء في حالة توسع دائم ، بل إن بعض المفسرين رضي الله عنهم لم يفهموا من التوسع إلا سعة خزائن الله تعالى وسعة النعم التي يسبغها على عباده وبسط الرزق ، أو فهموه بمعنى الطاقة والقدرة، وهذا كله بعيد عن ظاهر النص الذي يفيد التوسع في بناء السماء نفسها . أما من قال بأن المقصود اتساع بناء السماء فقد أصاب ولكن استعمال القرآن للفظة موسع هو استعمال لاسم فاعل يدل على أن الفعل يشمل الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل وقد فهموا التوسع الذي حدث في الماضي فقط ، وممن أشار إلى اتساع بناء السماء ابن كثير رحمه الله حين قال:وإنا لموسعون: أي قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد حتى استقلت كما هي، وهكذا يتجلى مظهر من مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وهذا المعنى الذي انكشف الآن والذي يحمله النص القرآني هو تحقيق لوعد الله القائل (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)([11]).
الثالث عشر: إن القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من 1400سنة قد تضمن معلومات دقيقة عن ظواهر بحرية لم تكتشف إلا حديثاً بواسطة الأجهزة المتطورة، ومن هذه المعلومات وجود حواجز مائية بين البحار، قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ) ([12]).ويشهد التطور التاريخي في سير علوم البحار بعدم وجود معلومات دقيقة عن البحار وبخاصة قبل رحلة تشالنجر عام (1873م) فضلاً عن وقت نزول القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة الذي نزل على نبيٍ أمي عاش في بيئة صحراوية ولم يركب البحر قط.
ولم تتقدم علوم البحار إلا في النصف الأخير من القرن العشرين. وقبل ذلك كان البحر مجهولاً مخيفاً تكثر عنه الأساطير والخرافات ، ولم يعرف الإنسان أن البحار الملحة بحار مختلفة إلا في الثلاثينات من القرن العشرين ، بعد أن أقام الدارسون آلاف المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار ، وقاسوا في كل منها الفروق في درجات الحرارة ، ونسبة الملوحة ، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار الملحة متنوعة،ولم يعرف الإنسان البرزخ الذي يفصل بين البحار الملحة، إلا بعد إنشاء محطات الدراسة البحرية ، وبعد أن قضى وقتاً طويلاً في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة، التي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام، ولم يعرف الإنسان أن مائي البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي، مع السماح باختلاطهما في نفس الوقت إلا بعد دراسات علمية لحركة المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق ، ولم يقرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة.
فهل كان يملك رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المحطات البحرية ، وأجهزة تحليل كتل المياه ، والقدرة على تتبع حركة الكتل المائية المتنوعة ؟ .وهل قام بعملية مسح شاملة ، وهو الذي لم يركب البحر قط ، وعاش في زمن كانت الأساطير هي الغالبة على تفكير الإنسان وخاصة في ميدان البحار ؟ وهل تيسر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه من أبحاث وآلات ودراسات ما تيسر لعلماء البحار في عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة ؟.
إن هذا العلم الذي نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها دالاً على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ([13]) . كما يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله، وصدق الله القائل :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([14]) .
الخامس عشر: المتأمل في الفرق الدقيق الذي يميز التقاء بحرين ملحين المذكورين في قوله تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ) ([15])، عن حالة اللقاء لبحر ملح وآخر عذب المذكورين في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) ([16])، فسيرى أنه في حالة البحرين الملحين لا وجود لمنطقة الحجر المحجور لأن الاختلاف في الضغط التناضحي (الاسموزي) بين البحرين متقارب مما يسمح بانتقال الكائنات الحية بين البحرين ، أما في حالة اللقاء بين البحر الملح والبحر العذب (النهر) فإنه لابد من وجود منطقة المصب التي يكون الماء فيها مزيجاً بين العذوبة والملوحة ، مما ينشأ عنه فوارق كبيرة في درجات الضغط التناضحي الأسموزي الذي يجعل من منطقة المصب منطقة حجر (حبس) على ما فيها من الكائنات الحية فلا يسمح بخروجها لا إلى البحر ولا إلى النهر كما يجعل منطقة المصب أيضاً منطقة محجورة على كائنات البحر والنهر فلا يسمح بدخول أي منها إلى منطقة المصب. فتأمل كيف عبر القرآن الكريم عن هذه الحقائق بأوضح وأوجز وأجمل بيان ، فمن أين جاء هذا العلم لمحمد عليه الصلاة والسلام إن لم يكن من عند الذي أحاط بكل شيء علماً.
السادس عشر: إن القرآن الكريم قد جاء بترتيب الرياح بحسب قوتها وأثرها ولم يطلقها مجرد أوصافاً متناثرة فبدأ بالساكنة فهي أضعف نوع " إن يشأ يسكن الريح " . ثم ذكر الأقسام الأخرى التالية :
-الريح الطيبة " وجرين بهم بريح طيبة " .
-الريح العاصفة " جاءتها ريح عاصف " . وفيها أمل للنجاة.
-الريح القاصفة والمدمرة " فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم " .
فمن أوجه الإعجاز القرآني ترتيب هذه الأنواع بحسب قوتها ونتائجها ، وهذا يشهد بأن هذا كلام الله عز وجل الذي فلق البحر علماً لمحمد صلى الله عليه وسلم .
السابع عشر: إن تأثير الرياح على البحر لم تكن ظاهرة ولا جلية ولم تعرف إلا بعد الاستقصاء والدراسات المستفيضة والقرآن يبين أن السبب المباشر لحالة البحر وتغير أحواله هي الرياح ، وأن العلاقة بين البحر والرياح هي العلاقة الرئيسة التي تحكم حالة البحر وما ينشأ عنه من ظواهر ، ولم يتمكن الإنسان من معرفة ذلك بدقة إلا بعد أن ركب البحر وخاض أمواجه بأحدث الأجهزة والسفن فهذا وجه من أوجه الإعجاز القرآني.
الثامن عشر: من أوجه الإعجاز القرآني تعبير القرآن الكريم عن أعقد الظواهر وأدقها بعبارات سهلة وقليلة وواضحة و في أبسط صورة وأحسن عبارة، مع ما تضمنه من الحقائق العلمية بأدق تفاصيلها ، فلو تكلم عالم من علماء البحار وحدثك عن علاقة الرياح بالبحار فسيقول كلاماً علمياً طويلاً مزدحماً بالمعلومات التي ربما لا تستوعبها إلا بصعوبة ، أما القرآن الكريم فيصف لنا هذه الحالات ويسوقها بعبارات سهلة ، دقيقة ، وبألفاظ مضبوطة تغطي الأمر كله وتشرح لنا أعقد القضايا والظواهر بأبسط أسلوب قال تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ([17]) ، وإن هذا التبسيط للحقائق العلمية في القرآن مع الإحاطة الدقيقة والألفاظ المعبرة عن الحقائق بكفاءة عالية قد أثار البروفسور " ألفرد كرونر " فقال عن القرآن الكريم : إن القرآن الكريم هو الكتاب العلمي المبسط.
التاسع عشر: إن المعلومات عن الرياح والبحر لم تتجمع للإنسان ولم تتيسر له إلا بعد رحلات طويلة وواسعة في البحار كلها ، وبعد أن رأى أنها تسير في البحار وفق سنن و قواعد ثابتة ، وقام عبر عدة أجيال من الباحثين برصد لجميع حالات البحر وتوصل إلى تقسيمها وترتيبها في الجدول العالمي ، وهذا لا يتأتى إلا بركوب جميع البحار وعبر فصول السنة كلها ومشاهدة جميع الحالات، ودراسة كل حالة من الحالات ، ووضع فوارق وفواصل وعلامات تدل عليها ، ولم يتم هذا إلا بعد أن تمكن الإنسان من ركوب البحر بأحدث الأجهزة والتقنيات،واستخدام القياسات الدقيقة، لأن الجدول يحدثنا عن ارتفاع الموج بالمتر وقوة الريح بالبيفورت وسرعتها بالعقدة وهذا من المستحيل أن يكون في عهد محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعده بقرون ، هذا التقسيم لم يكن موجوداً في كتب البحار قبل عصر النهضة الحديثة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، فإذا رجعنا إلى تأريخ البحار كله لا نجد مثل هذا التقسيم ولا هذا التصنيف مما يدل على أن هذا التقسيم لم يكن في مقدور البشر قبل 1400 عام ، فندرك بأن هذا العلم المحيط وهذا التقسيم الدقيق لأحوال البحر بأنواعه لا يمكن أن يكون معلوماً عند أحد أو قادراً على العلم به في زمن محمد صلى الله عليه وسلم فهذه من أوجه الإعجاز العلمي للآيات التي تتحدث عن الرياح تدلنا على أنه من عند الحكيم الخبير ولتكون معجزة قاطعة وحجة واضحة ومستمرة لمحمد صلى الله عليه وسلم .
العشرون : لم يستطع البعض في وقت نزول القرآن الكريم أن يستوعب دلالة القسم بالبحر المسجور، لأن سجر التنور :تعني أوقد عليه حتى أحماه والماء والنار من الأضداد فالماء يطفئ النار والحرارة تبخر الماء ، فكيف يمكن لهذين العذبين أن يجتمعا دون أن يلغي أحدهما الآخرة، فصرفوا الأمر إلى الآخرة استناداً إلى ما جاء في سورة التكوير التي تشير إلى أمور ستحدث يوم القيامة في قوله (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)([18] ). كما صرفه بعض المفسرين معاني سجر إلى معنى ملأ وكف. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أكد على أن (تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً) وهو الذي لم يركب البحر قط ولكن الله أخبره بعلمه المحيط بهذه الإسرار لأنه يعلم أن هذه الحقائق المبهرة ستكشف للإنسان يوماً ما وستكون معجزة خالدة لمحمد صلى الله عليه وسلم على أنه رسول من عنده سبحانه وتعالى وأن القرآن كلام (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)([19] ).
الحادي والعشرون : لقد ذكر القرآن الكريم معلومات دقيقة عن وجود ظلمات في البحار العميقة ، وأشار إلى سبب تكوينها ، ووصفها بأن بعضها فوق بعض ، ولم يتمكن الإنسان من معرفة هذه الظلمات إلا بعد عام 1930م. وأخبر القرآن عن وجود موج داخلي في البحار لم يعرفه الإنسان إلا بعد عام 1900م ، كما أخبر بأن هذا الموج الداخلي يغطي البحر العميق ، الأمر الذي لم يعرف إلا بعد صناعة الغواصات بعد الثلاثينيات من القرن العشرين، ولم يصل الإنسان إلى هذه المعلومات إلا بعد أن ابتكر أجهزة للبحث العلمي تمكنه من الوصول إلى هذه الأعماق، ودراسة هذه الظواهر، وبعد أن استغرق البحث فترة طويلة امتدت لثلاثة قرون من الزمن، واحتشد لها مئات الباحثين والدارسين حتى تمكنوا من معرفة تلك الحقائق. فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الأسرار في أعماق البحار وهو الأمي في الأمة الأمية والبيئة الصحراوية ، والذي لم يتيسر له ركوب البحر طوال حياته ، وفي وقتٍ كانت وسائل البحث العلمي فيه معدومة، والخرافة والأسطورة هي الغالبة على سكان الأرض في ذلك الزمان ، وبخاصة في مجال البحار ، وكيف جاءه هذا العلم الدقيق بهذه الأسرار ؟.
إنه الدليل القاطع على أن هذا العلم الذي حملته هذه الآيات قد أنزله الله الذي يعلم السر في السموات والأرض ، كما قال تعالى:( قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ([20]). وكما قال تعالى:( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) ([21]). والقائل:( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([22]).
الثاني والعشرون: لقد أصبح خروج الماء من باطن الأرض ومد قشرة الأرض أمران محققان ، و المتخصصون يدرسون أمراً آخر يتعلق بالموضوع ، وهو عن تكوين النبات المرتبط بذلك في بداية الأمر ، وإرساء الجبال:
فالنتيجة الأولى : أن قشرة الأرض كانت في باطنها وخرجت وألقى بها إلى أعلى بالجبال البركانية ، ثم مدت الأرض فكانت القشرة الأرضية .
والنتيجة الثانية : خروج الماء من باطن الأرض وتكوينه .
والنتيجة الثالثة : تكون النباتات.
والنتيجة الرابعة:بردت البراكين وأرسيت الجبال.
وما كان لأحد في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أو قبله أو بعده بقرون طويلة أن يتخيل كل هذه العمليات، وكيف ألقيت الأرض ومدت، وكيف خرجت هذه الكميات الهائلة من المياه من باطن الأرض .
فمن أين جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه المعلومات التي لم يصل إليها البشر في الآونة الأخيرة إلا بعد دراسات مستفيضة وجمع لمعلومات هائلة لم تتوافر وسائل اكتشافها وجمعها إلا بعد قرون طويلة من إقرار تلك الحقيقة على لسان خاتم الرسل وهو يبلغ رسالة ربه تبارك وتعالى ، وما كان بوسع من سمع تلك الآية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتصور حقيقة أن جميع مياه الأرض خرجت من باطنها ، وقد علم الناس اليوم أن باطن الأرض صهير ملتهب لا يمكن أن يتدفق منه الماء تدفقا ، ولابد أن تكون عملية تكون الماء قد مرت بمراحل كما وصفها المختصون ،هذه الأسرار العلمية ذكرت في كتاب الله بدقة بالغة قال تعالى(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ([23]).
الثالث والعشرون: لقد ذكر القرآن الكريم والسنة النبوية الجبال شكلها الوتدي وبنيتها ووظيفتها ، وما يظهر لنا منها على سطح الأرض لا يعطي ذلك الشكل الوتدي لأن الوتد لا يعرف إلا بمعرفة امتداد الجزء المنغرس منه في الأرض ، والجبال ما عرفت جذورها الغائصة والتي تصل إلى عشرات الكيلومترات إلا بعد تقدم العلوم الحديثة ، عبر رحلة طويلة استغرقت أكثر من قرن من الزمان ، وعرفت وظيفة الجبل في التثبيت كما يثبت الوتد، وتقوم بوظيفة المرساة ، وذلك بعد أن علم أن قشرة الأرض الصلبة تطفو على بحر من الصهير البركاني المتحرك على الدوام ، وتلك الجذور الغائصة تعمل عمل الأوتاد الغائصة في التربة لتثبت الخيمة على سطح الأرض ، إن تلك الجذور الجبلية تعمل على تثبيت القشرة الأرضية على سطح الطبقة اللزجة المتحركة في باطن الأرض ، كما أن تلك الجذور الصلبة الممتدة من جسم الجبل الظاهر على السطح إلى الطبقة الكثيفة من الصهير البركاني تعمل كما تعمل المراسي التي تمثل امتدادات غائصة في الماء تحمل المادة الصلبة التي تقر حركة السفينة على سطح البحر .
لقد عبر القرآن الكريم عن الجبال بالرواسي وبالأوتاد ، ويستحيل في وقت نزوله تخيل الشكل الوتدي للجبال أو تخيل وظيفة الإرساء فيها أو المادة المنصهرة تحت تلك القارات التي تشبه البحر أو الرمال التي تدخل فيها المراسي أو الأوتاد ، كما بين القرآن الكريم أن خلق الجبال بطريقة إلقاء مادة الجبال على الأرض ، كما قال تعالى : (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ([24]) ، ولقد وضح الحديث النبوي أن ذلك الإلقاء قد بدأ بمغادرة تلك المادة التي ستكون الجبال للأرض في صورة براكين وأنه عاد بها عليها فعادت تلك المواد التي ألقى بها من الأرض إلى الجو مرة ثانية إلى الأرض فكونت الجبال البركانية ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( فعاد بها عليها ) ونشأ عن تكوين تلك الجبال استقرار الأرض وإرساء جذورها كما قال تعالى : ( والجبال أرساها ) .
إن هذه المعلومات التي لم تكن في متناول البشر ولا في مدى الخيال الذي تعارضه المشاهدات السطحية على الأرض حتى منتصف القرن التاسع عشر ، أخذت تتكامل طوال أكثر من قرن بجهود المئات من العلماء والباحثين في علوم الأرض وبواسطة أدق الآلات والأجهزة ، و هذه المعلومات التي سجلها القرآن تشهد بأن مصدرها العلم الإلهي الذي يحيط بأسرار السماء والأرض : (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ([25]) ، وتلك هي الشهادة الجلية بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تشهد له أن هذا القرآن نزل بعلم الله قال تعالى : (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) ([26]) .
الرابع والعشرون: أشار الباري عز وجل إلى حقيقة نقص الأرض من أطرافها قال تعالى:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)([27]). وقوله تعالى :(بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ) ([28]).
وظاهر النص في الآيتين الكريمتين يعني أن من كان قادراً على إنقاص الأرض من أطرافها في عمل متجدد كما يفيد الفعل المضارع " ننقصها " لا يمكن لأحد أن يتحدى أحكامه أو يغلبه سبحانه وهذا النقص في الأرض يكون بالمشاهدة العلمية كما يدل عليه اللفظ "أولم يروا"، فكيف فهم المفسرون هذه النصوص في وقت لم تتيسر لهم هذه الرؤية العلمية ولا المشاهدات التي تدل على نقص الأرض ؟ . فالناس يرون الجبال والصحراء والرمال والبحار والشواطئ ثابتة ، فكل شيء ثابت لا نقص فيه ، فذلك نجد كثيراً من المفسرين اضطروا إلى التأويل وتخصيص المعنى .
( الجزء الثانى )وقد تبين اليوم لعلماء الجيولوجيا في الوقت الحاضر من ظواهر نقصان الأرض من أطرافها ما يكشف عن هذه العملية المستمرة ،و جاء موعد رؤية ما تحمله الآيتان من علم كان خافياً عن السابقين كما قال تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([29]). وتمكنا اليوم من رؤية حقيقة نقص أطراف الأرض بعد الدراسات الواسعة والرصد الدقيق لما يحدث في إطراف الأرض الأفقية والرأسية وهي عملية بطيئة في الغالب ومستمرة كما يدل على ذلك الفعل المضارع ( ننقصها ) والذي يدل على استمرار الحدث والفعل ، ولما كانت هذه الحقائق غائبة عن معلومات المفسرين في عصورهم المختلفة اضطروا إلى تأويل هذا النص الجلي بتأويلات تحتملها مداركهم وتستوعبها درايتهم ، وإذا أخذنا الآيتين على ظاهرهما وهو منهج المحققين من أهل التفسير فإنهما يتكلمان عن الأرض المعهودة للإنسان ، وهي اليابسة مقابل البحار ،فيتجلى لنا الإعجاز المدهش في ذكر القرآن لهذه الظواهر الخفية على الناس وقت ظهوره بلفظ عربي مبين، ويدل عليها دلالة واضحة لم يعرفها الناس إلا بعد تقدم علومهم وبعد مشاهدتهم لما تحدث عنه القرآن ، وصدق الله القائل في كتابه الكريم : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ([30]).
---------------
الخامس والعشرون:يقرر القرآن الكريم أن مكان المعركة الأولى بين الفرس والروم في أدنى منطقة للأرض(فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) وهذه الحقيقة يستحيل معرفتها إلى زمن قريب دون الاستعانة بمسح الأقمار الصناعية.كما أخبر القرآن الكريم بالعديد من الأحداث المستقبلية على دقتها الزمانية والمكانية في تلك المرحلة التاريخية الحرجة من بداية الدعوة الإسلامية والتي تعتبر خطوة أجرأ من أن يقوم بها صاحب حركة سياسية لو لم يكن صاحبها نبياً مرسلاً لأن إخفاق هذه التنبؤات وخاصة في دقتها في تحديد النتائج والأماكن والأزمنة كانت كافي في زعزعة المسلمين بهذا النبي ، ولكن صد ق هذه التنبؤات والتحدي بها دلالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم،وصدق رسالته،قال تعالى:(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)([31]).
السادس والعشرون: في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا) ([32]). تحديد صفتين للسماوات وهما: عدد هذه السماوات سبع ، وشكل السماوات وهي (طِبَاقًا) أي طبقات بعضها فوق بعض أما قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) ([33]) ، فقد أكدت على أن الأرض تشبه السماوات بقوله: (وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ). فكما أن السماوات هي طبقات، كذلك الأرض عبارة عن طبقات، وكما أن عدد طبقات السماوات هو سبعة، فكذلك عدد طبقات الأرض هو سبعة أيضاً. ففي قوله تعالى: (طِباقاً)، هذه اللفظة توحي بوجود طبقات، وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم من أن الأرض عبارة عن طبقات ( Layers ) كما بين القرآن الكريم، وحدد أيضاً عدد هذه الطبقات سبعاً، إن القرآن الكريم قد حدّد الصفة الدقيقة لبنية الأرض وهي طباقاً أو طبقات. أي أن القرآن قد سبق علماء الأرض بالحديث عن حقيقة طبقات الأرض بأربعة عشر قرناً، ويقول صلى الله عليه وسلم: (مَن ظَلَم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين )و هذه معجزة نبوية عظيمة، حيث يحدد هذا الحديث الشريف عدد طبقات الأرض بسبع طبقات، والقرآن الكريم قد أعطانا التسمية الدقيقة لحقيقة تركيب الأرض من خلال لفظة (طباقاً) وأعطانا العدد الدقيق لهذه الطبقات وهي سبع، بينما استغرق الباحثون سنوات طويلة للوصول إلى هذه الحقيقة العلمية.
السابع والعشرون: إن القرآن الكريم وهو يصف الكون إنما يصفه على حقيقته التي خلقه الله تعالى عليها بألفاظ في غاية الدقة للتعبير عن ذلك الأمر ، فيحمله من لا يعرف إلا الظواهر المرئية على معنى تطمئن إليه نفسه ويستريح إليه عقله ، و يجلي القرآن تلك الحقيقة الخفية ببعض لوازمها التي تدل دلالة واضحة على الأسرار الخافية عن أنظار الناس ، فيرى العلماء والباحثون ومن يتيسر لهم وسائل الرؤية لتلك الحقائق والأسرار دقة وصف تلك الحقيقة بلوازمها ومعانيها ، فيتجلى بذلك الإعجاز الذي وصف الأمر وصفاً دقيقاً عاصماً لمن خفيت عليهم تلك الأسرار عن تكذيب القرآن ، ويتطابق ظاهره ومستلزماته مع حقيقة تلك الأسرار .
وقد فتح الله على بعض العلماء المجددين أمثال الشيخ /عبد المجيد الزنداني، الذين دققوا في هذه النصوص عن الأرض ورأوا أن حديث القرآن عن ظاهرة الليل والنهار تمثل أهم نتيجة لظاهرة كروية الأرض ودورانها ، لأنه يصف الظاهرة وصفاً لا يكون ويستحيل أن يتم على غير هذا السطح الكروي ، ويستعمل التعبير الدقيق الدال على ذلك : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) ([34]). وعندما يصف سطح الأرض الذي يجب أن يسير الناس عليه ، فيصفه بالمناكب المائلة للأرض كلها . ولا تكون الأرض ذات مناكب في كل سطحها إلا بالشكل الكروي ، كما سبق بيان ذلك كله من قبل ، وهكذا يتحقق الوعد الإلهي بالانكشاف للمعاني الدقيقة التي تحملها النصوص القرآنية . مثل قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([35]).
السابع والعشرون : عند التدقيق في الألفاظ وتراكيب الجمل ومجموع الآيات والأحاديث في الموضوع الواحد تتجلى حقائق تلك الأسرار التي اختفت عن الناس قروناً طويلة ، وتتطابق تلك الألفاظ مع تلك الحقائق ، مما يدل بجلاء على أن الذي أنزل هذا القرآن يعلم أسرار هذا الكون ويعلم ما سيكون من تطور علمي بشري فجاءت ألفاظه دقيقة تجلي الحقيقة بأدق عبارة وأوجز بيان ، وهذا وجه من أوجه الإعجاز . قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([36]).
الثامن والعشرون : في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ، وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً...) ([37]).إن مجيء الآية في سياق شدائد وأهوال الساعة، أسلوب حكيم في مخاطبة عقول البشر بما يتفق ومداركهم وإفهامهم، هو من خصائص الإبداع القرآني ، حتى إذا جاء عصر الأقمار الصناعية، والمراكب الفضائية، وغزو الفضاء، رأوا بأم أعينهم صدق ما أخبر عنه القرآن، ولهذا غاير الله تعالى بين اللفظين: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ، (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) فجاء في الآية الأولى بصيغة المجهول، وجاء في الآية الثانية بصيغة المعلوم، بالخطاب للناظر المشاهد، الذي يرى الجبال بعينية واقفة، مع أنها تسير، وأكدها بالصنع والإتقان، والإخبار في علمه تعالى بأعمالهم في الدنيا، وهذا ما كشفه لنا العلم اليوم في عصر غزو الفضاء، تحقيقاً لقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([38]) .
التاسع والعشرون : إن القرآن الكريم وكذا السنة النبوية الشريفة يشيران إلى حقيقة أن باطن الأرض الذي يقع تحت القشرة مباشرة في حالة اضطراب وتردد دائمين . قال تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) ([39]). وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( بينا رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) ([40]) . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( بينما رجل يمشي إذ أعجبته جمته وبراده ، إذ خسف به الأرض ، فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة ) ([41]) .
فالنصوص توضح أن باطن الأرض في حالة من الاضطراب والحركة والتدافع ، ولو قدر لأحد أن يتوغل في أعماقها فسيفاجأ بأن الأرض المستقرة قد تحولت إلى ارض تمور موراً . لذلك استعمل القرآن ( إذا ) الفجائية التي تدل على المفاجأة بالظاهرة الجديدة المخالفة لما كان مألوفا من استقرار ، وأن من خسف به بسبب خيلائه وتكبره سيظل يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. وفي عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن معروفاً أن باطن الأرض يمور وأن ما يرى من هدوء واستقرار على سطحها يكمن تحته نار تتلظى ومواد منصهرة تتحرك وتضطرب وأنها وراء البراكين والزلازل التي تحصل من حين لآخر ، ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، فجاء بالعلم الذي لم يكن في حوزة أحد من البشر آنذاك والذي لم تتيسر سبل معرفته إلا بعد قرون طويلة .
الثلاثون : إن هذا الوصف الدقيق لسماء الأرض بأنها سقف محفوظ والذي جاء في القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من اليوم ،ولم تصل البشرية لمعرفة بعض هذه الأسرار في هذا الحفظ إلا بعد امتلاك الصواريخ والمركبات الفضائية، إنه شهادة وبينة من البينات العلمية التي لا تحصى لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله قال تعالى :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([42]) ..
الواحد والثلاثون : في قوله تعلى:( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) ( [43])، فقد أقَسَمَ الحقّ سبحانه بالنهار، إذ يجلي الشمس، أي: يكشفها ويوضحها، أي أن النهار هو الذي يجعل الشمس واضحة جلية لمن يراها من سكان الأرض، وهذه لمحة من لمحات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، تقرر أن ضوء الشمس لا يُرى إلا على هيئة النور في نهار الأرض، وأن الكون خارج نطاق الأرض ظلام دامس، قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ([44]) .
الثاني والثلاثون :إن التغير السريع للضغط الجوي عند الارتفاع السريع في السماء يسب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً، وكلما أرتفع الإنسان في السماء انخفض ضغط الهواء وقلت كمية الأكسجين مما يؤدي إلى ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس ، ومن المسلم به أن الإنسان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على أي معرفة علمية بأن الضغط الجوي يقل كلما ارتفعنا في الفضاء وأن ذلك يؤدي إلى ضيق في الصدر، وتفجر الشرايين عند الارتفاعات العلية ومع ذلك فإن الآية الكريمة تشير إلى هذه الحقيقة العلمية،قال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)([45]) ،فالآية لم تتكلم عن مجرد الضيق الذي يلاقيه المتصاعد في السماء فقط بل تكلمت أيضا عن ازدياد هذا الضيق مع الصعود حتى يبلغ أشده قال تعالى:(قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ) ([46]).
الثالث والثلاثون : لم يكن ممكناً أن يتوفر فهم عالمي للرياح إلا في القرن العشرين، وكان من العسير في الماضي أن يتم وضع منطقة بهذا القدر من الاتساع تحت الملاحظة ولم يكن ممكنا لأي راصد في أحد المواقع أن يجمع معلومات عن مناطق أخرى، فكيف جاء محمد صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان بهذا العلم المطابق لأعقد الاكتشافات العلمية في العصر الحديث في مجال علم الرياح؟..،إنه العلم والوحي الإلهي،قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)([47]).
الرابع والثلاثون :وصف القرآن الكريم السحب الممطرة وهي السحاب الطبقي والسحاب الركامي والسحاب المعصر وطريقة التكوين لكل نوع والظواهر المصاحبة له والنتائج، كيف علم محمد صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة عام خطوات تكوين السحاب الركامي؟ التي لم تعرف علمياً إلا بعد اكتشاف الرادارات. إنه العلم والوحي الإلهي،قال تعالى: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)([48]).
الخامس والثلاثون : القرآن الكريم يحدثنا عن الشرط الضروري لتكوين البرد في السحاب وشكل هذا السحاب الجبلي ،كما يحدثنا عما يجري له عن توجه للسقوط على الأرض وما يحدث له من صرف عن النزول فيعيده في حركة صاعدة في جسم السحابة هبوطاً وصعوداً، وتكرار ذلك عدة مرات قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) ([49]) ، ولم يعلم سر تكوين البرق بصفة علمية قطعية إلا في الثمانينات من القرن العشرين، هكذا اخبرنا القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام وهكذا جاءت البحوث العلمية شاهدة ومصدقة لما أخبر به القرآن الكريم ، ومن علم محمد صلى الله عليه وسلم شروط تكوين البرد في جسم السحابة؟ ومن علمه العلاقة بين تكوين السحاب و حركات حبات البرد صعوداً وهبوطاً، وما يجري من تكوين شحنات كهربائية وسبب تكوين تلك الشحنات، وما ينشأ عنها من برقٍ يكاد يذهب بالأبصار؟ من علمه إلا الذي يعلم السر في السماوات والأرض سبحانه وتعالى، القائل: (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ) ([50]).
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
2- المقترحات والتوصيات:
يوصي الباحث بالآتي:
1-القيام بأبحاث ودراسات في موضوعات الإعجاز العلمي في القٌرآن والسنة في مختلف العلوم التجريبية.
2- قيام الجامعات بتدريس الموضوعات الأساسية في الإعجاز العلمي كمتطلبات إجبارية.
3-قيام الكليات بتدريس موضوعات الإعجاز العلمي المرتبطة بنفس التخصص.
4- فتح مجال التخصص في الإعجاز العلمي في الجامعات الإسلامية.
5- الاهتمام بالأبحاث الكونية انطلاقاً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
6- التنسيق بين مراكز الأبحاث العلمية والباحثين في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
7- إقامة دورات تخصصية في مجال الإعجاز العلمي في المراكز الدعوية للمسلمين في أنحاء العالم.
8- دعوة العلماء والباحثين والمهـتمين بالإعجاز العلمي في العالم إلى التزام منهـاج التأصيل للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
9- تشجيع العلماء المتخصصين في الصحة والعلوم الطبية والصيدلة إلى دراسة الإعجاز العلمي في الطب النبوي، مع إجراء التجارب العلمية النافعة لصالح الإنسانية في مجالات الفلك والجيولوجيا.
10- توجيه الإعلاميين إلى الاهـتمام بمجالات الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ونشرهـا عبر الوسائط المتعددة.
11- إنشاء قنوات فضائية متخصصة في مجالات الإعجاز العلمي تبث برامجهـا باللغة العربية واللغات الحية.
12- الاستفادة من بحوث الإعجاز العلمي في ربط العلوم والتقنيات الحديثة بحقائق الإيمان.
13- الاستفادة من أبحاث الإعجاز العلمي في خطاب غير المسلمين لتعريفهـم بحقيقة الإسلام ودورهـ الحضاري.
14- الاهـتمام بترجمة ونشر وتوزيع بحوث الإعجاز العلمي إلى أهـم اللغات العالمية، وذلك للتعريف بهـا، وتعميم الاستفادة منهـا.
15- إنشاء مراكز معلومات تتضمن قاعدة بيانات عن العلماء والمراكز البحثية ذات العلاقة بالإعجاز العلمي لتحقيق التنسيق والتعاون.
16- تزويد مكتبات مراكز البحث العلمي والجامعات بـالموسوعات والمؤلفات في بحوث الإعجاز العلمي لتكون مساعدة للباحثين في هـذا المجال.
17- توصية الجامعات والكليات والمعاهـد العلمية على تدريس مناهج الإعجاز العلمي ، وتقديم منح للطلاب المتميزين المهـتمين بهـذا الشأن.
18- عقد دورات متخصصة في الإعجاز العلمي للأئمة والخطباء والدعاة والمشتغلين في مجال الإعلام.
19- إقامة مسابقة عالمية سنوية عن الإعجاز العلمي لإثراء البحوث، وكذلك إنشاء جائزة عالمية سنوية تقديراً للمتميزين في هـذا المجال.
20- التنسيق بين الهـيئات والمؤسسات العاملة في أنشطة الإعجاز العلمي وبرامجه على مستوى العالم الإسلامي.
21- عقد اتفاقيات تعاون بين الجهات التعليمية والتربوية والهـيئات والمراكز العاملة في مجال الإعجاز العلمي.
22- العمل على إنشاء أوقاف لدعم برامج الإعجاز العلمي والمنح الدراسية المتعلقة به.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
([1]) الذاريات:20.
([2]) فصلت :43
([3])البينة: الآية1 .
[4]) ) العنكبوت:20
([5] ) فصلت:11.
([6] ) النمل:93
[7]) ) الانبياء:30.
[8]) ) الفيل:1.
[9]) ) الذريات:47
[10]) ) الحجر:9
([11] ) النمل:93
([12] ) الرحمن20،19
[13]) ) الفرقان:6
[14]) ) فصلت:53
([15])الرحمن:19-20
([16])الفرقان:53
[17]) ) القمر:17.
[18])) التكوير:6.
[19])) النجم:1-4.
([20])الفرقان:6.
([21])النساء:166.
([22])فصلت:53.
( [23] ) الفرقان:6.
( [24] ) النحل:15.
( [25] ) الفرقان:6.
( [26] ) النساء:166.
[27]) ) الرعد:41.
[28]) ) الانبياء:44.
[29]) ) النمل:93.
[30]) ) صّ: 87-88.
[31]) ) النجم:1-4.
[32]) ) الملك: 3.
[33]) ) الطلاق: 12.
[34]) ) الزمر:5
[35]) ) النمل:93
[36]) ) فصلت:53
[37]) ) النمل:87ـ89.
[38]) ) فصلت:53.
( [39] ) الملك:16.
( [40] ) فتح الباري ، حديث رقم 5790 ، باب : من جر ثوبه من الخيلاء .
( [41] ) صحيح مسلم ، باب : تحريم التبختر في المشي ، حديث رقم 5433 .
[42]) ) فصلت:53.
[43]) ) الشمس: 3.
[44]) ) فصلت:53.
[45]) ) الأنعام:125.
[46]) ) الفرقان:6.
[47]) ) النجم: 3،4.
[48]) ) النجم: 3،4.
[49]) ) النور:43.
[50]) ) الفرقان:6.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات