المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abd alaha
الاخوة الاحباء
هده مقالة نشرتها جريدة الاهرام المصرية للاستاد الدكتور مصطفى محمود
اتمنى أن اسمع ارائكم فيها
41095
السنة 123-العدد
1999
يونيو
12
27 من شهر صفر 1420 هـ
السبت
ليس إنكارا للسنة
بقلم : د. مصطفي محمود
وقد أجمع رواة الأحاديث علي أن النبي عليه الصلاة والسلام قد نهي عن تدوين الأحاديث وجاء هذا النهي في أكثر من حديث لأبي هريرة وعبدالله بن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وعبدالله بن مسعود وغيرهم.. وفي كلمات أبي هريرة.. يقول في قطعية لاتقبل اللبس.. خرج علينا الرسول ونحن نكتب أحاديثه فقال ما هذا الذي تكتبون.. قلنا أحاديث.. قلنا أحاديث نسمعها منك يارسول الله.. قال.. أكتاب غير كتاب الله.. يقول أبو هريرة فجمعنا ماكتبناه وأحرقناه بالنار.
وأبو هريرة نفسه هو الذي قال في حديث آخر بلغ رسول الله أن أناسا قد كتبوا احاديثه فصعد المنبر وقال.. ما هذه الكتب التي بلغني انكم قد كتبتم.. إنما أنا بشر فمن كان عنده شييء منها فليأت بها.. يقول أبو هريرة... فجمعنا ما كتبناه وأحرقناه بالنار.
وهو نفسه صاحب الحديث المتفق علي تواتره لاتكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وفي رواية لأبي سعيد الخدري قال.. استأذنت رسول الله عليه الصلاة والسلام أن أكتب حديثه فأبي أن يأذن لي..
أما عبد الله بن عمر فقال.. خرج علينا رسول الله عليه الصلاة والسلام يوما كالمودع وقال.. إذا ذهب بي فعليكم بعدي بكتاب الله أحلوا حلاله وحرمواحرامه( إنظر مسند بن حنبل).
وأبو بكر أول الراشدين روت عنه ابنته عائشة جمع أبي الحديث عن رسول الله وكان خمسمائة حديث فبات ليلة يتقلب كثيرا فلما اصبح قال. أي بنيه هلمي بالأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار وأحرقها( انظر الذهبي تذكرة الحفاظ ج1 ص5).
أما ثاني الراشدين عمر بن الخطاب.. فقد صعد المنبر وقال... أيها الناس بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب فأحبها إلي أحسنها وأقومها فلا يبقي أحد عنده كتاب إلا أتاني به فأري رأيي فيه فظن الناس الذين كتبوا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يريد أن ينظر فيها فأتوه بكتبهم فجمعها وأحرقها.. وقال.. أهي أمنية كأمنية أهل الكتاب.. ثم كتب إلي الأمصار من كان عنده من السنة شيء فليتلفه( انظر ابن حزم ـ الأحكام ج2 ص139).
وكان خوف عمر أن يحدث ما حدث لأهل الكتاب من تأليه الأنبياء وتقديس كلامهم فيتحول مع الوقت إلي وحي له شأن الوحي الإلهي وكهنوت كما حدث في الأديان الأخري.. ثم كان الخوف الأكبر من الأحاديث الموضوعة والمدسوسة والإسرائيليات.. وليس أدل علي هذا الخوف من أن البخاري لم يدون من ربعمائة ألف حديث جمعها إلا أربعة الآف حديث فقط وهو نفس الخوف الذي كان في قلب أبي حنيفة الذي لم يصح عنده سوي سبعة عشر حديثا من مئات الألوف.
وإذا كان هذا الشك والخوف عند الأكابر... فإن من الطبيعي أن يكون عندنا أضعاف هذا الخوف وألا نقبل من الأحاديث ما ناقض القرآن الكريم ليس إنكارا للسنة ولكن غيرة علي السنة وخوفا عليها من الوضاعين والمتقولين الذين قولوا الرسول عليه الصلاة والسلام ما لم يقل.. إنما نحرص علي تنقية السنة من كل دخيل عليها.
وفي سورة الاعراف الآية185 يقول رب العزة والجلال عن قرآنه فبأي حديث بعده يؤمنون.
وحرص النبي عليه الصلاة والسلام علي إحراق كل ما كان يكتب من أحاديثه باعتراف أبي هريرة نفسه واعتراف الأكابر من رواة الأحاديث.. وما فعل أبو بكر وعمر بإحراق ماوصل إلي أيديهم من أحاديث الرسول هو أكبر دليل علي استنكار النبي وخشيته وخوفه من أن تتحول هذه الكتابات إلي متاهة من التقولات والاختلافات وما نكتبه الآن هو السنة بعينها وليس انكار السنة.. إنما نخاف ما كان يخافه رسول الله ونخشي ما كان يخشاه.
وفي سورة الأعراف أيضا الآيات3,2
اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون
ولاشك أن الحجية العليا تكون للقرآن دائما خاصة في الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا هو ولايرتفع إلي مستوي هذه الحجية حديث ولايدانيها مقال فالغيب من شأن الله وحده.
فاذا كانت آيات القرآن قد نفت الشفاعة في أكثر من مكان فنحن نقف مع القرآن ونري أن هذا هو الأسلم.. وهذه هي السنة التي يحبها ويرضاها مولانا رسول الله.. يقول القرآن في محكم آياته.
يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلة ولا شفاعة.
وفي سورة السجدة
الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوي علي العرش ما لكم من دونه من ولي ولاشفيع( وهو نفي قطعي لأي نوع من ولي أو شفيع).
والله يربط هذا الأمر باسمه الجلالي.. الله الذي خلق السماوات والأرض ومابينهما.
ثم من بعد ذلك يربط آيات الشفاعة بالإذن فلا حق لشافع أن يشفع بدون إذن منه سبحانه.
مامن شفيع إلا من بعد إذنه.. فهي شفاعة مشروطة وليست مطلقة.
مثل هذه الآيات المحكمة كانت لابد أن تؤدي بنا إلي وقفة حذر وتأمل.. وقد وقفها معي الشيخ المراغي شيخ الأزهر السابق والشيخ محمد عبده وشيخ الاسلام إبن تيمية.. والأكابر من السلف الذين أحبوا القرآن وأحبوا السنة.. ووقفها معي كل ذي عقل وكل حريص علي دينه وقالوا.. لابد ان تفهم الشفاعة التي وردت في القرآن علي غيرما نفهم من شفاعات الدنيا.. فقال بعضهم هي دعاء يدعوه الرسول عليه الصلاة والسلام ليخفف الله علي الناس من أهوال المحشر.. وقال البعض الآخر هي مقيدة بالإذن الالهي.. والأذن سيكون للشافع وللمشفوع فيه ولموضوع الشفاعة.. وقال البعض ان الأمر بالعقاب أو بالعفو قد صدر علي العباد منذ الأزل وانتهي الأمر.. وما الشفاعة إلا تكريم للشافع وإعلان لوجاهته عند الله.. ولا أحد يملك ان يغير من أمر الله شيئا فأهل النار هم أهلها منذ أن ولدوا.
وما يحدث في يوم القيامة غيب.. فكيف يجوز الاختلاف والتراشق بالتهم في غيب!!.
ولكن هواة الشجار مازالوا يتشاجرون ويقذفون بالتهم بلا مناسبة.. فنحن خوارج ونحن منكرون للسنة ونحن مثيرون للفتنة.. واتهمنا المسرفون بالكفر ونحن ماكفرنا ولا خطر لنا الكفر علي بال.. بل كنا أهل شغف بالقرآن وأهل تعلق بآياته أكثر منهم.. وكيف يصبح البحث والتدبر والتأمل في آيات الله كفرا.
ونحن ما أنكرنا سنة وما أثرنا فتنة وما خرجنا علي إجماع.. وانما كانت لنا وقفة أمام إشكالية.. والإشكالية حقيقية وليست مفتعلة.. وهي مثار خلاف من قديم ونفكر معا في الموضوع..
ونتحاور في هدوء..
كيف تصور المسلمون أن للمجرمين تبعهم استثناءات في الآخرة وأن القاتل المسلم لن يدخل النار ولن يخلد فيها.. والقرآن يقول في محكم آياته ومن يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده يدخل نارا خالدا فيها وله عذاب مهين14 ـ النساء ويقول القرآن ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما93 ـ النساء.. والظالمون فيهم المسلمون وغير المسلمين ما للظالمين من حميم ولاشفيع يطاع18 ـ غافر.
لاشفاعة لظالم.. والجبارون والطغاة الذين عذبوا الناس واضطهدوهم وقتلوهم بطول التاريخ هم وأطقم النفاق التي كانت تعاونهم في الدرك الأسفل من النار.
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا.. لا نصرة لهؤلاء الناس ولا شفاعة وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم68 ـ التوبة.
المنافقون مع الكفار في الدرجة والمنافقون هم المسلمون الذين يقولون لا اله إلا الله في الظاهر ان الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا140 ـ النساء.
لا استثناء للمنافقين المسلمين فهم مع الكفار في الدرجة لأن إسلامهم إسلام لسان لا إسلام قلب.لا مجاملات ولا شفاعات ولا وساطات.. العدالة قاطعة كالسيف وهذا هو اليوم الذي يشيب لهوله الولدان.
هل أخطأنا أم عند اصحابنا الرافضين قرآن غير القرآن الذي بين ايدينا
أفيدونا أفادكم الله فنحن مثلكم في حاجة إلي قشة نتعلق بها في ذلك اليوم.
وكيف الحال بأحاديث كتبت وجمعت بعد موت صاحبها بمائة سنة ومائتي سنة في عصر القصور والسلاطين حينما كان كل شيء يكتب ويدون لإرضاء الحكام.. وأين حجية هذه الاحاديث من حجية قرآن كتب فور نزوله باملاء من جبريل كبير الملائكة وبحفظ من الله القدير.
وما الحال اذا خالف الحديث صحيح القرآن وناقضت المرويات محكم الآيات في قضايا الغيب التي لا يعلمها إلا عالم الغيب وحده.
كيف لانتوقف ويأخذنا الخوف والرهبة والحذر ونتردد ألف مرة في المصادقة علي مانقرأ ولو فعلنا غير ذلك لاتهمنا انفسنا بعدم الإخلاص.
إني لأتمني من القلب ان تكونوا صادقين في دعواكم.
ولكن الأماني لاتنفع في ذلك اليوم.
والمعاناة بحثا عن الحقيقة أفضل.. وهذا هو الدين الذي أفهمه.. وهذه هي السنة الواجبة علي كل مسلم.
المفضلات