وجه المرأة في المذهب الشافعي 2
8. الإمام البغوي (ت:516هـ) في شرح السنة (9/23):
((فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئ منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة)).
ويقول في تفسيره "معالم التنزيل":
((واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي هو الوجه والكفان وقال ابن مسعود هي الثياب بدليل قوله تعالى ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) وأراد بها الثياب وقال الحسن الوجه والثياب وقال ابن عباس الكحل والخاتم والخضاب في الكف فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئا منها غض البصر وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة يلزمها ستره)).
9. الإمام أبو شجاع الأصفهاني (ت:593هـ) في متنه الشهير يقول:
(ونظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب:
أحدها: نظره إلى أجنبية لغير حاجة فغير جائز....)
ومن أهم شروحه:
أ- كفاية الأخيار للإمام الحصني الدمشقي (ت:829هـ) يقول (ص41-42):
((وقال صاحب المنظومة:
ونظر الفحل إلى النساء على ضروب سبعة: فالرائي
إن كان قد قيل لأجنبية فامنع لغير حاجة مرضية
والرجل هو البالغ من الذكور، وكذا المرأة هي البالغة من الإناث إن لم يرد بالألف واللام الجنس، ثم إن النظر قد لا تدعو إليه الحاجة وقد تدعو إليه الحاجة. الضرب الأول أن لا تمس إليه الحاجة. فحينئذ يحرم نظر الرجل إلى عورة المرأة الأجنبية مطلقاً، وكذا يحرم إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، فإن لم يخف ففيه خلاف الصحيح التحريم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، وبه قطع الشيخ أبو إسحق الشيرازي والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج حاسرات سافرات وبأن النظر مظنة الفتنة وهو محرك الشهوة فالأليق بمحاسن الشرع سد الباب والاعراض عن تفاصيل الأحوال كما تحرم الخلوة بالأجنبية ، ويحتج له بعموم قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} ))
ب- فتح القريب لابن قاسم الغزي (ت:918هـ) ص 19 يقول:
((وجميع بدن المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وهذه عورتها في الصلاة أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها))
ج-الإقناع للخطيب الشربيني (ت:977هـ):
(( (أحدها نظره) أي الرجل (إلى) بدن امرأة (أجنبية) غير الوجه والكفين ولو غير مشتهاة قصداً (لغير حاجة) مما سيأتي (فغير جائز) قطعاً وإن أمن الفتنة، وأما نظره إلى الوجه والكفين فحرام عند خوف فتنة تدعو إلى الاختلاء بها لجماع أو مقدّماته بالإجماع كما قاله الإمام، ولو نظر إليهما بشهوة وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة حرم قطعاً، وكذا يحرم النظر إليهما عند الأمن من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة على الصحيح كما في المنهاج كأصله. ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرّك للشهوة وقد قال تعالى: {قلْ للمؤمنينَ يغُضُّوا مِنْ أبصارِهم} واللائق بمحاسن الشريعة سدّ الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية، وقيل لا يحرم لقوله تعالى: {ولاَ يبدينَ زينتهنَّ إلا ما ظهرَ منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، ونسبه الإمام للجمهور والشيخان للأكثرين، وقال في المهمات: إنه الصواب لكون الأكثرين عليه، وقال البلقيني: الترجيح بقوّة المدرك والفتوى على ما في المنهاج اهـ وكلام المصنف شامل لذلك وهو المعتمد، وخرج بقيد القصد ما إذا حصل النظر اتفاقاً فلا إثم فيه)).
ومن أقواله أيضا:
((وعورة الحرة غير الوجه والكفين ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، وإنما لم يكونا عورة، لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما)).
**وللعلامة البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب سماها "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" قال فيها:
((قوله (وعورة الحرة) أي في الصلاة. أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة، ولو رقيقة فيحرم على الأجنبي أن ينظر إلى شيء من بدنها ولو قلامة ظفر منفصلا منها))
10. رأي الإمام الرازي (ت:606هـ) في تفسيره "مفاتيح الغيب":
((اعلم أن العورات على أربعة أقسام عورة الرجل مع الرجل وعورة المرأة مع المرأة وعورة المرأة مع الرجل وعورة الرجل مع المرأة
ثم قال بعدها في عورة المرأة مع الرجل ما يلي:
أما عورة المرأة مع الرجل فالمرأة إما أن تكون أجنبية أو ذات رحم محرم، أو مستمتعة، فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، ونعني بالكف ظهرها وبطنها إلى الكوعين، وقيل ظهر الكف عورة.
واعلم أنا ذكرنا أنه لا يجوز النظر إلى شيء من بدنها، ويجوز النظر إلى وجهها وكفها، وفي كل واحد من القولين استثناء.
أما قوله يجوز النظر إلى وجهها وكفها، فاعلم أنه على ثلاثة أقسام لأنه إما أن لا يكون فيه غرض ولا فيه فتنة، وإما أن يكون فيه فتنة ولا غرض فيه، وإما أن يكون فيه فتنة وغرض أما القسم الأول: فاعلم أنه لا يجوز أن يتعمد النظر إلى وجه الأجنبية لغير غرض وإن وقع بصره عليها بغتة يغض بصره، لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصـارهم }
وقيل يجوز مرة واحدة إذا لم يكن محل فتنة، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ولا يجوز أن يكرر النظر إليها لقوله تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـائك كان عنه مسؤولا } (الإسراء: 36) ولقوله عليه السلام: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» ولأن الغالب أن الاحتراز عن الأولى لا يمكن فوقع عفوا قصد أو لم يقصد.
أما القسم الثاني: وهو أن يكون فيه غرض ولا فتنة فيه فذاك أمور: أحدها: بأن يريد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيها، روى أبو هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة»
وقال المغيرة بن شعبة «خطبت امرأة فقال عليه السلام نظرت إليها، فقلت لا، قال فانظر فإنها أحرى أن يدوم بينكما» فكل ذلك يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها للشهوة إذا أراد أن يتزوجها، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } (الأحزاب: 52) ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن
وثانيها: إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة منها وثالثها: أنه عند المبايعة ينظر إلى وجهها متأملا حتى يعرفها عند الحاجة إليه ورابعها: ينظر إليها عند تحمل الشهادة ولا ينظر إلى غير الوجه لأن المعرفة تحصل به
أما القسم الثالث: وهو أن ينظر إليها للشهوة فذاك محظور، قال عليه الصلاة والسلام: «العينان تزنيان» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» وقيل: مكتوب في التوراة النظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزنا طويلا. أما الكلام الثاني: وهو أنه لا يجوز للأجنبي النظر إلى بدن الأجنبية فقد استثنوا منه صورا
إحداها: يجوز للطبيب الأمين أن ينظر إليها للمعالجة، كما يجوز للختان أن ينظر إلى فرج المختون، لأنه موضع ضرورة. وثانيتها: يجوز أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها لتحمل شهادة الولادة، وإلى ثدي المرضعة لتحمل الشهادة على الرضاع،
وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة إلى نظر الرجال للشهادة وثالثتها: لو وقعت في غرق أو حرق فله أن ينظر إلى بدنها ليخلصها))
هذا آخر كلامه .
11. الإمام النووي (ت:676هـ) في "منهاج الطالبين" وهو من أهم متون المذهب ولأهل المذهب عناية فائقة به بل إن كثيرا منهم على أن الفتوى على ما فيه يقول:
((ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح)).
ومن أهم شروحه:
أ- الإمام الرملي (ت:1004هـ) في نهاية المحتاج (6/187-188):
(( ( و كذا عند الأمن ) من الفتنة فيما يظنه من نفسه من غير شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه و بأن النظر مظنة للفتنة و محرك للشهوة ، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية ، وبه اندفع القول بأنه غير عورة فكيف حرم نظره لأنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا ، على أن السبكي قال : الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر ، والثاني لا يحرم و نسبه الإمام للجمهور و الشيخان للأكثرين ، و قال في المهمات : إنه الصواب ، و قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك ، و الفتوى على ما في المنهاج ، و ما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء : أي منع الولاة لهن معارض لما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها و إنما ذلك سنة ، و على الرجل غض البصر عنهن للآية ، و حكاه المصنف عنه في شرح مسلم و أقره عليه ، و دعوى بعضهم عدم التعارض في ذلك إذ منعهن من ذلك ليس لكون الستر واجبا عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة و في تركه إخلال بالمروءة مردودة ، إذ ظاهر كلامهما أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع ، و كلام القاضي ضعيف ، و حيث قيل بالجواز كره و قيل خلاف الأولى ، و حيث قيل بالتحريم و هو الراجح حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي و لا سيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر ، وافهم تخصيص الكلام بالوجه و الكفين حرمة كشف ما سوى ذلك من البدن)).
ب- الإمام الهيتمي (ت:974هـ) في تحفة المحتاج وقال نفس الكلام السابق إلا أن فيه زيادة مهمة سنوضح اهميتها فيما بعد يقول:
((وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وافهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه)).
وقد قيد كلامه هنا في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/119) فقال :
(قيدت ذلك في شرح الإرشاد وغيره أخذا من قولهم الإعانة على محرم والتمكين منه اختيارا محرما بما إذا لم تعلم المرأة أن أجنبيا ينظر إليها نظرا محرما وإلا حرم عليها بقاء كشف وجهها أو غيره مما ينظر إليه لأن قدرتها على ستره منه يصيرها إذا لم تستره معينة له على محرم وممكنة له منه , وقد صرح الأصحاب بأنه يحرم على الحلال تمكين الحليل المحرم من الجماع ونحوه وصرح النووي وغيره بأنه يحرم كشف العورة بحضرة من يعلم أنه ينظر إليها نظرا محرما خلافا لمن وهم في ذلك زاعما أن الناظر عليه غض البصر فلا يكلف المنظور التحفظ منه وهذا خيال باطل ).
ج- الإمام الخطيب الشربيني (ت:977هـ) في مغني المحتاج وقال نفس الكلام إلا أن في كلامه زيادة أيضا يقول:
((تنبيه:ظاهر كلام المصنف أن وجهها وكفيها غير عورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر،وبه صرح الماوردي في كتاب الصلاة فقال:عورتها مع غير الزوج كبرى وصغرى، فالكبرى ما عدا الوجه والكفين، والصغرى ما بين السرة والركبة ، فيجب ستر الكبرى في الصلاة ، وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى والصغرى عن النساء وإن قربن ، وكذا عن رجال المحارم والصبيان ، وقال السبكي: إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة)).
د- قال الزهري الغمراوي (المتوفى بعد 1337 هـ) في السراج الوهاج في شرح المنهاج :
(( (ويحرم نظر فحل) اي غير مجبوب (بالغ) ولو شيخاً (إلى عورة حرة) والمراد بعورتها ما عدا الوجه والكفين (كبيرة) وهي من بلغت حداً تشتهى فيه (أجنبية) وهى من ليست من المحارم (وكذا وجهها وكفيها عند خوف فتنة) تدعو إلى الاختلاء بها وكذا إذا كان يتلذذ بالنظر المجرد (وكذا) يحرم النظر اليهما (عند الأمن) من الفتنة وعدم الشهوة (على الصحيح) ومقابله لا يحرم وظاهر كلامه أنهما ليسا بعورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر))
**وللإمام البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب ليس فيها جديد سوى شئ واحد يأتي في تحرير المذهب إن شاء الله تعالى.
**لم يضف الإمام المحلي (ت:864هـ) في شرحه للمنهاج ولا عميرة(ت:957هـ) وقليوبي (ت:1069هـ) في حاشيتهما ولا العبادي (ت:994هـ) والشرواني (ت:1301هـ) في حاشيتهما على التحفة جديدا غير أن الشرواني نقل عن غيره ما يلي:
((قال الزيادي في شرح المحرر بعد كلام وعرف بهذا التقرير أن لها ثلاث عورات عورة في الصلاة وهو ما تقدم وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد وعورة في الخلوة وعند المحارم كعورة الرجل أ.هـ.))
**ثم اختصر شيخ الإسلام الأنصاري (ت:926هـ)متن المنهاج وسماه "منهج الطلاب" يقول فيه:
((وحرم نظر نحو فحل كبير ولو مراهقا شيئا من كبيرة أجنبية ولو أمة))
ثم شرحه في "فتح الوهاب" وحشى الإمام الجمل (ت:1204هـ) والبجيرمي (ت:1221هـ) حاشيتين اسمهما "فتوحات الوهاب" و"التجريد لنفع العبيد" على التوالي وليس فيها جديد على ما سبق.
12. الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
يقول شارحا بعض الأحاديث في ((باب ندب النَّظر إلى وجه المرأة وكفَّيها لمن يريد تزوّجها)):
((وفيه: استحباب النَّظر إلى وجه من يريد تزوّجها وهو مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيِّين، وأحمد وجماهير العلماء.
وحكى القاضي عن قوم: كراهته، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمَّة على جواز النَّظر للحاجة عند البيع والشِّراء والشَّهادة ونحوها.
ثمَّ أنَّه إنَّما يباح له النَّظر إلى وجهها وكفَّيها فقط لأنَّهما ليسا بعورة، ولأنَّه يستدلّ بالوجه على الجمال أو ضدّه، وبالكفَّين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا، ومذهب الأكثرين.
وقال الأوزاعيُّ: ينظر إلى مواضع اللَّحم.
وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السُّنَّة والإجماع.
ثمَّ مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور: أنَّه لا يشترط في جواز هذا النَّظر رضاها بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدُّم إعلام، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة.
وعن مالك: رواية ضعيفة أنَّه لا ينظر إليها إلاَّ بإذنها وهذا ضعيف لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد أذن في ذلك مطلقاً ولم يشترط استئذانها، ولأنَّها تستحي غالباً من الإذن، ولأنَّ في ذلك تغريراً، فربَّما رآها فلم تعجبه، فيتركها، فتنكسر وتتأذَّى، ولهذا قال أصحابنا: يستحبُّ أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتَّى إن كرهها تركها من غير إيذاء، بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة، واللَّه أعلم)).
والشاهد أيضا في قوله أن له أن ينظر بغير إذنها وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت كاشفة لوجهها.
13. الإمام البيضاوي (ت:685هـ) في تفسيره "أنوار التنزيل وأسرار التأويل":
((ولا يبدين زينتهن كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له إلا ما ظهر منها عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة)) .انتهى.
14. الإمام الخازن ( ت 741 هـ) في تفسيره ( لباب التأويل في معاني التنزيل ):
(( فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للرجل الأجنبي النظر إليه للضرورة مثل تحمل الشهادة ونحوه مـن الضرورات إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئاً من ذلك غض البصر وإنما رخص في هذا القدر للمرأة أن تبديه من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة)) ا.هـ.
15. الإمام ابن الوردي (ت:749هـ) في البهجة الوردية وهي منظومة يقول:
((وكذا النظر لا لاحتياج كالعلاج يحظر ولا لما ليس يعد الكشف له تهتكا في سوأة فحلله))
**وقد شرح هذه المنظومة شيخ الإسلام الأنصاري في الغرر البهية يقول:
((وقضية كلامه أنه يحرم نظره إلى وجهها وكفيها مع أمن الفتنة بها وهو ما صححه في المحرر والمنهاج ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاس الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية لكن في الروضة كأصلها أكثر الأصحاب على أنه لا يحرم لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } وهو مفسر بالوجه والكفين لكن يكره وقال في المهمات إنه الصواب لكون الأكثرين عليه وقال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج)).
16. الإمام ابن الملقن (ت:804هـ) في التذكرة يقول:
((فصل النظر:ويحرم نظر فحل بالغ ومراهق إلى عورة كبيرة أجنبية ووجهها وكفيها لغير حاجة))
المفضلات