-
مراسيل الصحابة
صورة مرسل الصحابي روايته حديثاً لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لكونه ممن تأخَّر إسلامه، أو كان غائباً عن المشهد، أو كان صغيراً صحابي آنذاك .
مثاله ": حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (من أصبح جُنُباً فلا صومَ له) حدَّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رُد على أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخبرنيه الفضل بن عباس، رواه البخاري، وفي رواية النسائي: أنه أسامة ابن زيد، وفي رواية مالك في الموطأ أن المُخبر لم يُسم. وحكم مراسيل الصحابة القبول ولاحتجاج عند جمهور أهل العلم لأنه لو كان المحذوف صحابياً فجهالة الصحابي وعدم معرفته لا تضر، لأن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول، وبقي أنه هناك احتمال بأنه قد يروي الصحابي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكون أخذه عن التابعي وهو قليل ، ولذا توقف بعض أهل العلم في القبول لهذا السبب ، والحق أن الصحابي إذا روى عن التابعي فإنه يسميه، وإذا لم يُسم فالأصل إما أنه سمعه من صحابي آخر، أو سمع النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد، وهي كلها حجة، ككثير من الروايات التي يرويها ابن عباس وابن الزبير وغيرهما، ومن المعروف أن ابن عباس صحب النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، وابن الزبير ولد بعد الهجرة سنة اثنتين، وقيل: سنة إحدى. فهو أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين، أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أعوام وأربعة أشهر، مع أن علماء أهل الحديث يجعلونه في حكم الموصول المسند.
تنبيه : قد سمّى البيهقي في بعض كتبه الروايات من هذا النوع بالحديث المرسل إلا أن البيهقي لا يقصد بهذه التسمية أنه ليس بحجة، وإنما يقصد أن في الإسناد رجلاً لم يُسم.
وقد ذكر فضيلة الدكتور ضياء الرحمن الأعظمي أن الذي أخذ على البيهقي هو تسميته هذا النوع من الحديث مرسلاً فقط، وإلا فقد وجدنا في كتابه (السنن الكبرى)، و (المعرفة) أنه احتج بكثير من مراسيل الصحابة مع تسميتها بالمرسل ، وذكر أنه لم يجد مرسلاً من مراسيل الصحابة صحَّ الإسناد إليه وأعرض عنه البيهقي إلا إذا خالفه ما هو أصح منه.
ومن مظان الحديث المرسل: كتاب المراسيل لأبي داود السجستاني و المراسيل لابن أبي حاتم ، وكتب السنن ، ومصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق.
وانظر للمزيد :
(جامع التحصيل في أحكام المراسيل)، للعلائي و التمهيد (1/5-19)، و(شرح علل الترمذي لابن رجب),ومعجم مصطلحات الحديث للدكتور الأعظمي ، وينظر ما حررناه في الحديث المرسل
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
مصطلح الحديث
علم يطلق عليه أيضاً(علم أصول التحديث) أو (علم الرواية)أو (علوم الحديث).
وبيان قواعد ومصطلحات هذا العلم نجدها في كتب ألفت في مسميات مختلفة ك مصطلح الحديث أو علوم الحديث وكذا في الكتب المفردة في بعض أنواعه كالعلل وغيرها و الكتب التي تعنى بدراساتُ مناهج المحدثين ، وكتب الجرح والتعديل ، ومقدمات بعض المؤلفين وكتب مجالس الختم.
وتاريخ التصنيف في هذا العلم كما حرره الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -في مقدمة نخبة الفكر بقوله:
أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه (( المحدث الفاصل ، لكنه لم يستوعب .
والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، لكنه لم يهذب ولم يرتب .
وتلاه أبو نعيم الأصبهاني ، فعمل على كتابه (( مستخرجا )) ، وأبقى أشياء للمتعقب .
ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي ، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه (( الكفاية )) ، وفي آدابها كتابا سماه (( الجامع لآداب الشيخ والسامع )) .
وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا ، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة : كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه .
ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب :
فجمع القاضي عياض كتابا لطيفا سماه ((الإلماع في كتاب الإسماع )) .
وأبو حفص الميانجي جزءاً سماه (( ما لا يسع المحدث جهله )) .
وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبسطت ليتوفر علمها ، واختصرت ليتيسر فهمها .
إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري - نزيل دمشق - ، فجمع - لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية - كتابه المشهور ، فهذب فنونه ، وأملاه شيئا بعد شيء ، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب ، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة ، فجمع شتات مقاصدها ، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره ، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ، ومستدرك عليه ومقتصر ، ومعارض له ومنتصر.
ثم قال ابن حجر : فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك فلخصته في أوراق لطيفة سميتها (( نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر )) على ترتيب ابتكرته ، وسبيل انتهجته ، مع ما ضممته إليه من شوارد الفرائد وزوائد الفوائد .
ثم شرحها ابن حجر باسم : "نزهة النظر شرح نخبة الفكر"
أقول :
وهناك مؤلفات أخرى في مصطلح الحديث وعلومها من أبرزها فيما يبدو لي :
فتح المغيث للسخاوي ،والبحر الذي زخر شرح ألفية أهل الأثر للسيوطي ،وتدريب الراوي له ، والنكت على ابن الصلاح ،وتزهة النظر لابن حجر العسقلاني ،وتوضيح الأفكار للصنعاني ،وتوجيه النظر لطاهر الجزائري ،وقواعد التحديث للقاسمي ،ومباجث في علوم الحديث للدكتور صبحي الصالح ،وتعليقات شيخنا الألباني على الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر،والحديث والمحدثون لمحمد أبي زهو، وغيرها كثير،والله أعلم.
وأما أنواع علوم الحديث ومصطلحه فقد ذكر الحافظ أبو عمرو الشهير بابن الصلاح أنه قد اعتنى بالكلام فيه جماعة من الحفاظ قديماً وحديثاً، كالحاكم والخطيب، ومن قبلهما من الأئمة، ومن بعدهما من حفاظ الأمة.، وأن ابن الصلاح ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين تبعاً في ذلك للحاكم أبي عبد الله النيسابوري ، وهي على النحو التالي كما هي عند ابن الصلاح وبترتيبه :
صحيح، حسن، ضعيف، مسند، متصل، مرفوع، موقوف، مقطوع، مرسل، منقطع، معضل، مدلَّس، شاذ، منكر، ماله شاهد، زيادة الثقة، الأفراد، المعلَّل، المضطرب، المدْرَج، الموضوع، المقلوب، معرفة من تقبل روايته، معرفة كيفية سماع الحديث وإسماعه، وأنواع التحمل من إجازة وغيرها، معرفة كتابة الحديث وضبطه، كيفية رواية الحديث وشرط أدائه، آداب المحدث، آداب الطالب، معرفة العالي والنازل، المشهور، الغريب، العزيز، غريب الحديث ولغته، المسلسل، ناسخ الحديث ومنسوخه، المصحَّف إسناداً ومتناً، مختلف الحديث، المزيد في الأسانيد، المرسل، معرفة الصحابة، معرفة التابعين، معرفة أكابر الرواة عن الأصاغر، المدبج ، ورواية الأقران، معرفة الإخوة والأخوات، رواية الآباء عن الأبناء، عكسه، من روي عنه اثنان متقدم ومتأخر،من لم يرو عنه إلا واحد، من له أسماء ونعوت متعددة، المفردات من الأسماء، معرفة الأسماء والكنى، من عرف باسمه دون كنيته، معرفة الألقاب، المؤتلف والمختلف، المتفق والمفترق، نوع مركب من اللذين قبله. نوع آخر من ذلك، من نسب إلى غير أبيه، الأنساب التي يختلف ظاهرها وباطنها، معرفة المبهمات، تواريخ الوفيات، معرفة الثقات والضعفاء، من خلط في آخر عمره، الطبقات، معرفة الموالي من العلماء والرواة، معرفة بلدانهم وأوطانهم.
ثم قال ابن الصلاح :
" وليس بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى، إذ لا تنحصر أحوال الرواة وصفاتهم، وأحوال متون الحديث وصفاتها".
وتعقب الحافظ ابن كثير - رحمه الله -في اختصار علوم الحديث ابن الصلاح رحمه الله بقوله:
"وفي هذا كله نظر، بل في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد نظر. إذ يمكن إدماج بعضها في بعض، وكان أليق مما ذكره.
ثم إنه فرق بين متماثلات منها بعضها عن بعض، وكان اللائق ذكر كل نوع إلى جانب ما يناسبه.ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب، وربما أدمجنا بعضها في بعض، طلباً للاختصار والمناسبة. وننبه على مناقشات لا بد منها، إن شاء الله تعالى"انتهى.
ويقول أبو صهيب القريوتي : وستجد إن شاء الله في ثنايا تحريراتنا هذه الكلام على أبرز أفراد هذا العلم وأنواعه ،سائلاً الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى التوفيق والسداد.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
معرفة التابعيين
التابعي: من صحب الصحابي.
وفي كلام الحاكم ما يقتضي إطلاق التابعي على من لقي الصحابي وروى عنه وإن لم يصحبه.
ولم يكتف العلماء بمجرد رؤية الراوي للصحابي ليعد تابعيا، كما اكتفوا في إطلاق اسم الصحابي على من رآه عليه السلام. وذلك لأجل عظمة وشرف رؤيته عليه الصلاة والسلام.
أهمية معرفة التابعين :لمعرفة التابعين أهمية كبيرة من عدة وجوه :
لشرف مكانتهم وللقائهم للصحابة حيث يقول الله عزوجل ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) . ولذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في قوله :« خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ».
ولأنه من غفل عن هذا العلم لم يفرق حينئذ بين الصحابة والتابعين ، ثم لم يفرق أيضا بين التابعين وأتباع التابعين.
وللتفريق بين الصحابة والتابعين أحكام كثيرة تتعلق بفضل الصحبة وكذا معرفة نوع الحديث هل هو مرفوع متصل من رواية الصحابي أم هو مرسل من رواية التابعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
كما أن لمعرفة الآثار عن السلف من الصحابة والتابعين في فقه العقيدة وفقه الأحكام والسلوك أهمية كبيرة لسلامة منهج السلف .
وما جاء عن التابعين أو من دونهم من أقوالهم وأفعالهم موقوفاً عليهم فيسمى المقطوع .
طبقات التابعين :
اخْتُلف في طبقات التَّابعين, فجعلهم مسلم ثلاث طبقات, وابن سعد أربع طبقات ، وأما الحاكم فقد قسم طبقات التابعين إلى خمسة عشر طبقة فذكر:
الطبقة الأولى من التابعين : وهم قوم لحقوا العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ويعدهم جماعة من الصحابة فمنهم : سعيد بن المسيب ، وقيس بن أبي حازم ، وأبو عثمان النهدي ، وقيس بن عباد ، وأبو ساسان حضين بن المنذر ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وأبو رجاء العطاردي ، وغيرهم
ملاحظة :
قال ابن الصلاح : وعليه في بعض هؤلاء إنكار، كأن سعيد بن المسيب ليس بهذه المثابة، لأنه ولد في خلافة عمر، ولم يسمع من أكثر العشرة. وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص.
وذكر الحاكم أن سعيداً أدرك عمر فمن بعده إلى آخر العشرة وقال: ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم. وليس ذلك على ما قال كما ذكرنا. نعم، قيس بن حازم سمع العشرة وروى عنهم، ليس في التابعين أحد روى عن العشرة سواه، ذكر ذلك عبد الرحمن ابن يوسف بن خراش الحافظ، فيما روينا أو بلغنا عنه. وعن أبي دارد السجستاني أنه قال: روى عن التسعة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.
الطبقة الثانية من التابعين : الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، ومسروق بن الأجدع ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وخارجة بن زيد وغيرهم من هذه الطبقة .
الطبقة الثالثة من التابعين عامر بن شراحيل الشعبي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وشريح بن الحارث ، وأقرانهم من هذه الطبقة ، وهم طبقات خمس عشرة طبقة :
آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة .
ومن لقي عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة .
ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة .
ومن لقي عبد الله بن الحارث بن جزء من أهل مصر .
ومن لقي أبا أمامة الباهلي من أهل الشام.
أفضل التابعين :
المشهور في ذلك أنه سعيد بن المسيب، قاله أحمد بن حنبل وغيره.
وقال أهل البصرة: الحسن.
وقال أهل الكوفة: علقمة، والأسود.
وقال بعضهم: أو يس القرني..
وقال أهل مكة: عطاء بن أبي رباح.
وسيدات النساء من التابعين:
حفصة بنت سيرين. وعمرة بنت عبد الرحمن، وأم الدرداء الصغرى. رضي الله عنهم أجمعين.
ومن سادات التابعين: الفقهاء السبعة بالحجاز، وهم:
سعيد بن المسيب
القاسم بن محمد.
خارجة بن زيد.
عروة بن الزبير.
سليمان بن يسار
عبيد الله بن عتبة بن مسعود.
سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام.
ومن التَّابعين المُخَضْرمون كما سيأتي التعريف بهم استقلالاً إن شاء الله.
ينظر للمبحث : معرفة علوم الحديث للحاكم ، و علوم الحديث لابن الصلاح ، والباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث النوع الأربعون،قواعد التحيث للقاسمي ، وما حررناه في المخضرمين.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
من لا يروي الا عن ثقة
هناك عدد من الأئمة عرف من حاله واشتهر من أمرهم ،وذكر العلماء أنه لا يروي لواحد منهم إلا عن ثقةٍ وهذا لا يلزم الاضطراد في جميعهم وفي كل هؤلاء ، وممن وصف بذلك :
أحمد بن حنبل الشيباني
قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (1/80) و(5/122) وقال الحافظ ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) (ص18-19) : « فإن قيل : قد روى الإمام أحمد بن حنبل عن موسى بن هلال وهو لا يروي إلا عن ثقة ، فالجواب أن يقال : رواية الإمام أحمد عن الثقات هو الغالب من فعله والأكثر من عمله كما هو المعروف من طريقة شعبة ومالك وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم ، وقد يروي الإمام أحمد قليلاً في بعض الأحيان عن جماعة نُسبوا إلى الضعف وقلة الضبط، وذلك على وجه الاعتبار والاستشهاد لا على طريق الاجتهاد.
بقي بن مخلد
ذكره مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال) : « وفي "تاريخ قرطبة" : قال بقي : كل من رويت عنه فهو ثقة » وانظر النكت على ابن الصلاح 3/372 والتنكيل (ص305 و 697) . ولكن روى بقي عن جماعة من التالفين الساقطين منهم جبارة بن المغلس الحماني ومحمد بن خالد بن عبد الله الواسطي .
حريز بن عثمان الرحبي الحمصي
قال الآجري عن أبي داود : شيوخ حريز كلهم ثقات » .وقال ابن عدي في (الكامل) (2/453) : « وحريز يحدث عن أهل الشام، عن الثقات منهم ». و انظر (تهذيب التهذيب) (2/238 و(اللسان) (2/438) و(الميزان) (4/10843 ، وذكر ابن رجب في (شرح علل الترمذي) (2/879) بضعة كليات في اطلاقها عنده نظر، منها قول أبي داود في مشايخ حريز بن عثمان (كلهم ثقات)، وقول أبي حاتم في مشايخ سليمان بن حرب (كلهم ثقات) ». وقال ابن المديني في عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أحد رجال أبي داود وابن ماجه : « مجهول لم يرو عنه غير حريز بن عثمان ».وظاهر هذا أن ابن المديني لايوثق شيوخ حريز بروايته عنهم.
روى الخطيب في الكفاية (ص133) عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال : « لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة أحاديث الضعاف فإن أقل ما فيه أن يفوته بقدر ما يكتب من حديث أهل الضعف يفوته من حديث الثقات ». وقال الحافظ ابن حجر في النكت (1/482) : « وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه؛ ومن الثانية يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبد الرحمن 000 وقال النسائي : (لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه)؛ فأما إذا وثقه ابن مهدي وضعفه يحيى القطان مثلاً فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقد ». انتهى.
أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني
ذكره ابن القطان في (بيان الوهم والإيهام) (3/466) : ونقله الزيلعي في (نصب الراية) 1/199) .وانظر تهذيب (2/344) بعد كلام نقله عن أبي داود في ترجمة الحسين بن علي بن الأسود العجلي ، وقال المعلمي في (التنكيل) (ص443) مستدلاً على قوة بعض الرواة : « وروى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأبو داود مع أنه لا يروي إلا عن ثقة ،مع شدة متابعته لأحمد ». وقد ذكر بعض الباحثين أن في (تقريب التهذيب) من شيوخ أبي داود في (سننه) نحو مئة أكثرهم إذا أهملنا مقتضى رواية أبي داود عنهم لا يستحقون أن يوصفوا عند التحقيق بأعلى من كلمة صدوق، بل لعله لا يرتقي إلى هذه الرتبة إلا أقلهم، بل إنه لا يوجد في كثير منهم نقد صريح معتبر ففيهم بعض جهالة، بل إن طائفة منهم كانوا الى جهالة الحال أقرب .
سليمان بن حرب
قال ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن أبي رزين من الجرح والتعديل (7/255) : « سئل أبي عنه فقال : شيخ بصري لا أعرفه لا أعلم روى عنه غير سليمان بن حرب، وكان سليمان قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة » ، وقد رد النباتي هذا القول على أبي حاتم كما في تهذيب التهذيب (4/179)، وكذلك قد روى لسليمان بن حرب رواية عن جماعة من الضعفاء مثل مبارك بن فضالة وحفص بن أسلم الأصغر.
شعبة بن الحجاج
ذكر ابن عبد البر في التمهيد أنه لا يأخذ إلا عن ثقةٍ. وذكر الحافظ ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) (ص89-90) : « إن الغالب على طريقة شعبة الرواية عن الثقات، وقد يروي عن جماعة من الضعفاء الذين اشتهر جرحهم والكلام فيهم الكلمة والشيء والحديث وأكثر من ذلك ».
وذكر أن بعض شيوخ شعبة قد تكلم فيه ونسب إلى الضعف وسوء الحفظ وقلة الضبط ومخالفة الثقات.
وفي جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص90) : « إن مالكاً لم يرو إلا عن ثقة عنده، ووافقه الناس على توثيق شيوخه الا في النادر منهم كعبد الكريم بن أبي المخارق وعطاء الخراساني؛ وأما سفيان الثوري فإنه روى عن جماعة كثيرين من الضعفاء مثل جابر الجعفي ونحوه، وشعبة متوسط بينهما في ذلك».
عامر بن شراحيل الشعبي
في (تاريخ قرطبة) أن بقي بن مخلد قال كل من رويت عنه فهو ثقة، وقال يحيى بن معين إذا حدث الشعبي عن رجل فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه.
وانظر (النكت على مقدمة ابن الصلاح) للزركشي (3/372) و العلل (1/377) .
عبد الله بن أحمد بن حنبل
قال ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص355) ترجمة الليث بن خالد البلخي : « وقد كان عبد الله بن أحمد لا يكتب الا عن من يأذن له أبوه في الكتابة عنه، ولهذا كان معظم شيوخه ثقات ».
عبد الرحمن بن مهدي
قال أبو داود في سؤالاته لأحمد ص338-339 : « سمعت أحمد قال : أبان بن خالد شيخ بصري لا بأس به كان عبد الرحمن يحدث عنه، وكان لا يحدث إلا عن ثقة ».
وانظر السير (9/203) وشرح العلل (1/377) ،وورد عن الإمام أحمد وغيره كما في الكفاية (ص92) : « كان عبدالرحمن أولاً يتسهل في الرواية عن غير واحد ثم تشدد بعد، كان يروي عن جابر الجعفي ثم تركه » ، وقال أحمد بن سنان فيما حكاه عنه الخطيب في الكفاية أيضاً (ص143) : « كان عبد الرحمن بن مهدي لا يترك حديث رجل إلا رجلاً متهماً بالكذب أو رجلاً الغالب عليه الغلط ».
وروى مسلم في التمييز ص136 وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1/1/38 27 عن أبي موسى محمد بن المثنى قال :قال لي ابن مهدي : يا أبا موسى ! أهل الكوفة يحدثون عن كل أحد !! قلت : يا أبا سعيد هم يقولون انك تحث عن كل أحد !! قال : عمن أحدث ؟! فذكرت له محمد بن راشد، فقال : احفظ عني : الناس ثلاثة : رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك، لأنه لو ترك حديث هذا لذهب حديث الناس، وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك ».
مالك بن أنس
ذكر سفيان بن عيينة و ابن حبان و ابن عدي و ابن عبد البر وابن حجر وغيرهم ، أن مالكاً لا يروي إلا عن ثقةٍ .
قال علي - كما في اسعاف المبطأ (ص2) - : « إن مالكاً لم يكن يروي إلا عن ثقة ». - قال عليّ : « لا أعلم مالكاً ترك إنساناً إلا إنساناً في حديثه شيء ». - قال الشافعي - كما في تقدمة الجرح والتعديل (ص14) والكامل (1/92) - : « إذا جاء الحديث عن مالك فشدَّ به يدك ».وقال أحمد : ما روى مالك عن أحد إلا وهو ثقة ، كل من روى عنه مالك فهو ثقة . كذا في مسائل ابن هانئ ( 244) وشرح علل الترمذي لابن رجب (2/876).وقال أحمد أيضاً : « لا تبالِ أن لا تسأل عن رجل روى عنه مالك ولا سيما مدني ».
و قال أبو سعيد الأعرابي : كان يحيى بن معين يوثق الرجل لرواية مالك عنه ، وسئل عن غير واحد فقال : ثقة روى عنه مالك .
وقال يحيىَ بن مَعِين : « كُل مَن روىَ عنه مالك بن أنَس فهو ثقة إلاّ عبد الكريم البَصْريّ أبو أُمية ».
قال البخاري كما في (العلل الكبرى) للترمذي (ص271) : « ما أعرف لمالك بن أنس رجلاً يروي عنه مالك يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني.
محمد بن إسماعيل البخاري
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (الرد على البكري) : « ان القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان منهم من لم يرو إلا عن ثقة عنده كمالك وشعبة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وكذلك البخاري وأمثاله».
وللإمام المعلمي في (التنكيل) في ترجمة أحمد بن عبد الله (ص320-322) كلام في هذا فليراجع ، وفيه في ترجمة ضرار بن صرد ص495-496 : « وأما ضرار فروى عنه أبو زرعة أيضاً، وقال البخاري والنسائي : (متروك الحديث)، لكن البخاري روى عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة كما صرح به الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ومر النظر في ذلك في ترجمة أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن. والظاهر التوسط وهو أن البخاري لا يروي الا عمن هو صدوق في الأصل يتميز صحيح حديثه من سقيمه......
مع أن المعلمي في تخريج (الفوائد المجموعة) (ص354) قال في بعض الضعفاء : « وروى له البخاري في الأدب المفرد، وليس في ذلك ما يشد منه، لأن البخاري لا يمتنع في غير الصحيح عن الرواية عن الضعفاء ....».
محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي أبو الهذيل الحمصي
قال فيه الإمام أحمد كما في (تهذيب التهذيب) (9/503) : « كان لا يأخذ إلا عن الثقات ».
محمد بن سيرين
قال ابن عبد البر في (التمهيد) (8/301) : « أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة وأن مراسله صحاح كلها ليس كالحسن وعطاء في ذلك والله أعلم ». قال ابن حجر في (النكت) (2/557) : « صحح ابن عبد البر مراسيل محمد بن سيرين قال : لأنه كان يتشدد في الأخذ ولا يسمع الا من ثقة---- ». وقال العلائي في (جامع التحصيل) (ص90) : « وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال : إذا روى الحسن ومحمد - يعني ابن سيرين - عن رجل وسمياه فهو ثقة ». وانظر (شرح العلل) (1/355)
أبو كامل مظفر بن مدرك الخراساني الحافظ.
قال الإمام أحمد بن حنبل : لم يكن ببغداد من أصحاب الحديث ولا يحملون عن كل إنسان ولهم بصر بالحديث والرجال ولم يكونوا يكتبون إلا عن الثقات ولا يكتبون عمن لا يرضونه إلا أبو سلمة الخزاعي والهيثم بن جميل وأبو كامل ؛ وكان أبو كامل بصيراً بالحديث متقناً يشبه الناس لا يتكلم إلا أن يسأل فيجيب ويسكت ،له عقل سديد ، والهيثم كان أحفظهم ، وأبو سلمة كان من أبصر الناس بأيام الناس ، لا تسأله عن أحد إلا جاءك بمعرفته ، وكان يتفقه » (تاريخ بغداد) (13/70).
وقال ابن حجر في ترجمة مظفر بن مدرك في (التقريب) : « ثقة متقن ، كان لا يحدث إلا عن ثقة ».
منصور بن المعتمر
قال الآجري عن أبي داود : كان منصور لا يروي إلا عن ثقة »تهذيب الكمال (28/549) ، وقال يحيى بن سعيد : إذا حدثت عن منصور فقد ملأت يدك من الخير لا ترد غيره ، وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (4/391) في شرحه لهذه العبارة : « إذا حدثت بصيغة المجهول عن منصور أي ابن المعتمر يعني إذا حدثك رجل عن منصور فقد ملأت يدك من الخير ، كناية عن كونه ثقة ثبتاً في الحديث ، وكان هو أثبت أهل الكوفة ، وكان لا يحدث إلا عن ثقة ، لا ترد من الإرادة غيره ، أي غير منصور
منصور بن سلمة بن عبدالعزيز أبو سلمة الخزاعي
سبق الكلام عليه ضمن مظفر بن مدرك
موسى بن هارون الحمال
قال ابن عدي في مقدمة الكامل (1/137) : « كان عالماً بعالي الحديث ، متوقي ، ولم يحدث إلا عن ثقة ».
يحيى بن سعيد القطان
قال العجلي في الثقات (2/353) : « بصري ثقة نقي الحديث، وكان لا يحدث إلا عن ثقة »؛ ونقل قول العجلي هذا الذهبي في السير (9/181).
وقال ابن عدي في الكامل (4/72) في صالح بن رستم : « وقد روى عنه يحيى القطان مع شدة استقصائه، وهو عندي لا بأس به ». وقال الذهبي في ترجمة سيف بن سليمان المكي من ميزان الاعتدال : « حدث يحيى القطان مع تعنته عن سيف ». وقال ابن حجر في مقدمة الفتح (ص585) في بعض رجال البخاري : « قال الدوري عن ابن معين : في حديثه عندي ضعف، وقد حدث عنه يحيى القطان ويكفيه رواية يحيى عنه ». وقال ابن حجر في ترجمة الفضل بن دكين من تهذيب التهذيب : « وقال عبد الصمد بن سليمان البلخي سمعت أحمد يقول : ما رأيت أحفظ من وكيع، وكفاك بعبد الرحمن اتقانا، وما رأيت أشد تثبتا في الرجال من يحيى وأبو نعيم أقل الأربعة خطأ ». وقال الخليلي : هو إمام بلا مدافعة، وهو أجلّ أصحاب مالك بالبصرة، وكان الثوري يتعجب من حفظه، واحتج به الأئمة كلهم وقالوا : من تركه يحيى تركناه ».
يحيى بن أبي كثير
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/2/142) : « سمعت أبي يقول : يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة »؛ ونقله عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/128) وأقره بسكوته عليه.
يعقوب بن سفيان الفسوي
جاء في تهذيب الكمال (32/333) عنه قوله :كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات ».
أبو زرعة الرازي
قال ابن حجر في ترجمة داود بن حماد البلخي من لسان الميزان : « من عادة أبي زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة». وانظر التنكيل (ص 300 و 416 و 442 وغرها) .
وفي شرح العلل (1/386-387) : « والذي يتبين لي من عمل الامام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ، ويروي عمن دونهم في الضعف مثل من في حفظه شيء ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه، وكذلك كان أبو زرعة يفعل ».
ختاماً:
ظهر لنا مما سبق أن كون الإمام لا يروي إلا عن ثقة حكمٌ أغلبيٌّ ،حيث أنه وقع لبعضهم الرواية عن بعض الضعفاء،ويحمل ذلك على أنهم لم يعرفوا ما عرفه غيرهم من حالهم ،أو أنه لم يتبين لهم حالهم آنذاك ،ومنهم من ترك الرواية عنهم بعد ذلك.
ومن فوائد تصريحهم في الراوي بأنه لا يروي إلا عن ثقة أنه إذا كان ذلك التصريح مقبولاً ولو في الجملة أنه إذا كان في طبقة شيوخه شيخان يشتركان في الاسم والنسب وتجيء رواية له عن أحدهما مهملاً -أي من غير بيان -دال على تعيينه، أوكان أحدهما عدلاً والآخر فاسقاً ،أو أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً ،كان ظاهر الحال أن المراد هو العدل أو الثقة دون صاحبه.
وكذا يستفاد من معرفة من لا يروي إلا عن ثقة أنه إذا روى أحد هؤلاء عن من لم يعرف فيه الجرح فيمكن أن يقال وثّقه فلان و روى عنه مع التقييد بأنه عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة مع ملاحظة الضعفاء والتقييدات التي ذكرها أهل العلم في ذلك .
وقال المعلمي في التنكيل (ص660) : « والحكم فيمن روى عنه أحد أولئك المحتاطين أن يبحث عنه فإن وجد أن الذي روى عنه قد جرحه تبين أن روايته عنه كانت على وجه الحكاية فلا تكون توثيقاً، وإن وجد أن غيره قد جرحه جرحاً أقوى مما تقتضيه روايته عنه ترجح الجرح، وإلا فظاهر روايته عنه التوثيق ».
وراجع : رواية الثقات عن الضعفاء
وانظر للمزيد:( الدرر المتناسقة فيمن قيل إنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ) للشيخ محمد خلف سلامة نشر في مجلة الحكمة ، وزاد عليه تحريرات في كتابه (لسان المحدثين )ومنه استفدت كثيراً في هذا الموضوع جزاه الله خير الجزاء.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
منازل أئمة الجرح والتعديل في أحكامهم على الرواة
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في " ذكر من يعتمد قوله": اعلم هداك الله أن الذين قبل الناس قولهم في الجرح والتعديل ثلاثة أقسام :
قسم تكلموا في أكثر الرواة كابن معين وأبي حاتم الرازي .
وقسم تكلموا في كثير من الرواة كمالك وشعبة .
وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي .
والكل أيضاً على ثلاثة أقسام :
*قسم متعنت في الجرح متثبت في التعديل ، يغمز الراوي بالغلطين والثلاث ، ويلين حديثه ، فهذا إذا وثق شخصاُ فعض على قوله بنواجذك ، وتمسك بتوثيقه . وإذا ضعف رجلاً فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه ، فإن وافقه ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف ، وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه : لا يقبل تجريحه إلا مفسراً ، يعني لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلاً : هو ضعيف ، ولم يتضح سبب ضعفه وغيره قد وثقه ، فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه وهو إلى الحسن أقرب ، وابن معين وأبو حاتم والجوزجاني متعنتون . (وأضاف في الموقظة يحيى بن سعيد ،وابن خِراش ).
*وقسم في مقابلة هؤلاء ، كأبي عيسى الترمذي وأبي عبد الله الحاكم وأبي بكر البيهقي متساهلون (وزاد في الموقظة الدارقطنيِّ في بعض الأوقات).
*وقسم كالبخاري وأحمد بن حنبل وأبي زرعة وابن عدي معتدلون منصفون .انتهى.
ويضاف لهم قسم رابع وهم متكلم فيهم أصلاً ، وهؤلاء لا يقبل قولهم إذا خالفوا غيرهم ،وأما إذا لم يوجد إلا كلامهم في الراوي فيعمل به ،إلا لقرائن أخرى كأن يكون متهماً في عقيدته أو مذهبه ويطعن بالراوي بما يشعر لمخالفته له في ذلك.
وللإمام المعلمي رحمه الله ،تحرير جيد في فيما اشتهر أن فلاناً من الأئمة فيه تساهل وفلاناً متشدد بأن هذا ليس على إطلاقه ،فإن منهم من يسهل تارة ويشدد تارة أخرى ، بحسب أحوال مختلفة ، ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم ، لا تحصل إلا باستقراء بالغ مع التدبر .
وراجع :
علم الجرح والتعديل ،ومراتب الجرح والتعديل
انظر : ، ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ،والموقظة كلاهما للذهبي(ص20) ،وفتح المغيث ج:3 ص:358،ومقدمة المعلمي للفوائد المجموعة للشوكاني.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
ناسخ الحديث ومنسوخه
النَّسخ رفع الشَّارع حُكمًا منه متقدمًا, بحكم منه متأخِّر.
وهذا الفن ليس من خصائص مصطلح الحديث ، بل هو بأصول الفقه أشبه.
وقد كانت للإمام الشافعي في ذلك اليد الطولى، كما وصفه به الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى. قال الإمام أحمد لابن وارة, وقد قدم من مصر: كتبتَ كُتب الشَّافعي؟ قال: لا. قال: فرَّطت, ما علمنا المُجْمل من المُفسَّر, ولا ناسخ الحديث من منسوخه, حتَّى جالسنا الشَّافعي.
أهميته :
قال الزهري رحمه الله: "من لم يعلم الناسخ والمنسوخ خلط في الدين" .
وقد أسند الحازمي عن حُذيفة, أنَّه سُئل عن شيء فقال: إنَّما يُفتي من عرف النَّاسخ والمَنْسُوخ. قالوا: ومن يعرف ذلك؟ قال: عُمر.
ويعرف الناسخ والمنسوخ بما يلي:
1) بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وكنتُ نهيتكُم عن لُحوم الأضَاحي فوق ثَلاثٍ, فكلوا ما بَدَا لكُم, وكنتُ نهيتكُم عن الظروف ...» الحديث أخرجه مسلم(282).
2) بجزم الصَّحابي بأنه متأخر, كـ: كانَ آخرُ الأمرين من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضُوء مِمَّا مسَّت النَّار. رواه أبو داود والنَّسائي عن جابر.
3) بالتأريخ وعلم السيرة، وهو من أكبر العون على ذلك، كما سلكه الشافعي في حديث شداد بن أوس مرفوعا: " أفطر الحاجم والمحجوم ".
وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفيدة، أهمها:
1) ناسخ الحديث ومنسوخه، لأبي بكر الأثرم.
2) ناس الحديث ومنسوخه، لابن شاهين.
3) الاعتبار في بيان النَّاسخ والمنسوخ من الآثار، للحافظ الفقيه أبي بكر الحازمي.
4) إعلام العالم بعد رسوخه بحقائق ناسخ الحديث ومنسوخه، لابن الجوزي.
5) رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار،للجعبري.
وينظر للمزيد:
فتح المغيث للسخاوي ،والباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث ، و تدريب الراوي النوع الرابع والثلاثون وقواعد التحديث للقاسمي.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
-
وجوه الترجيح بين ما ظاهره التعارض
اعلم أن من نظر في أحوال الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم وجدهم متفقين على العمل بالراجح وترك المرجوح، وطرق الترجيح كثيرة جداً، ومدار الترجيح على ما يزيد الناظر قوة في نظره على وجه صحيح مطابق للمسالك الشرعية، فما كان محصلاً لذلك فهو مرجح معتبر.
والترجيح قد يكون باعتبار الإسناد، وباعتبار المتن، وباعتبار المدلول، وباعتبار أمر خارج، فهذه أربعة أنواع:
1- وجوه الترجيح باعتبار الإسناد:
1- الترجيح بكثرة الرواة فيرجح ما رواته أكثر على ما رواته أقل لقوة الظن به، وإليه ذهب الجمهور.
قال ابن دقيق العيد هذا المرجح من أقوى المرجحات، وقال الكرخي إنهما سواء.
ولو تعارضت الكثرة من جانب والعدالة من الجانب الآخر ففيه قولان:
ترجيح الكثرة وترجيح العدالة فإنه رب عدل يعدل ألف رجل في الثقة، كما قيل إن شعبة بن الحجاج كان يعدل مئتين، وقد كان الصحابة يقدمون رواية الصديق على رواية غيره.
2- ترجح رواية الكبير على رواية الصغير لأنه أقرب إلى الضبط إلا أن يعلم أن الصغير مثله في الضبط أو أكثر ضبطاً منه.
3- ترجح رواية من كان فقيهاً على من لم يكن كذلك لأنه أعرف بمدلولات الألفاظ.
4 - ترجح رواية الأوثق.
5 - ترجح رواية الأحفظ.
6 - أن يكون أحدهما من الخلفاء الأربعة دون الآخر.
7 - أن يكون أحدهما صاحب الواقعة لأنه أعرف بالقصة.
8 - أن يكون أحدهما مباشراً لما رواه دون الآخر.
9 - أن يكون أحدهما كثير المخالطة للنبي دون الآخر، لأن كثرة الاختلاط تقتضي زيادة في الاطلاع.
10 - أن يكون أحدهما قد ثبتت عدالته بالتزكية والآخر بمجرد الظاهر.
11 - أن يكون المزكون لأحدهما أكثر من المزكين للآخر.
12 - ترجح رواية من يوافق الحفاظ على رواية من ينفرد عنهم في كثير من رواياته.
13 - ترجح رواية من دام حفظه وعقله ولم يختلط على من اختلط في آخر عمره ولم يعرف هل روي الخبر حال سلامته أو حال اختلاطه.
14 - تقدم رواية من كان أشهر بالعدالة والثقة من الآخر، لأن ذلك يمنع عن الكذب.
15 - تقدم رواية من تأخر إسلامه على من تقدم إسلامه، لاحتمال أن يكون ما رواه من تقدم إسلامه منسوخاً.
16 - تقدم رواية من ذكر سبب الحديث على من لم يذكر سببه.
17 - تقدم الأحاديث التي في الصحيحين على الأحاديث الخارجة عنهما.
18 - تقدم رواية من لم ينكر عليه على رواية من أنكر عليه فإن وقع التعارض في بعض هذه المرجحات فعلى المجتهد أن يرجح بين ما تعارض منها.
2- وجوه الترجيح باعتبار المتن:
الأول: يقدم الخاص على العام
الثاني: تقدم الحقيقة على المجاز إذا لم يغلب المجاز
الثالث: يقدم ما كان حقيقة شرعية أو عرفية، على ما كان حقيقة لغوية.
الرابع: يقدم ما كان مستغنياً عن الإضمار في دلالته، على ما هو مفتقر إليه.
الخامس: يقدم الدال على المراد من وجهين على ما كان دالاً عليه من وجه واحد.
السادس: يقدم ما كان فيه الإيماء إلى علة الحكم على ما لم يكن كذلك، لأن دلالة المعلل أوضح من دلالة غير المعلل.
السابع: يقدم المقيد على المطلق.
3- وجوه الترجيح باعتبار المدلول:
الأول: يقدم ما كان مقرراً لحكم الأصل والبراءة على ما كان ناقلاً.
الثاني: أن يكون أحدهما أقرب إلى الاحتياط فإنه أرجح.
الثالث: يقدم المثبت على المنفي لأن مع المثبت زيادة علم.
الرابع: يقدم ما كان حكمه أخف على ما كان حكمه أغلط.
4- وجوه الترجيح باعتبار أمور خارجة:
الأول: يقدم ما عضده دليل آخر على ما لم يعضده دليل آخر.
الثاني: أن يكون أحدهما قولاً والآخر فعلاً فيقدم القول لأن له صيغة والفعل لا صيغة له.
الثالث: يقدم ما كان فيه التصريح على ما لم يكن كذلك كضرب الأمثال ونحوها فإنها ترجح العبارة على الإشارة.
الرابع: يقدم ما عمل عليه أكثر السلف على ما ليس كذلك لأن الأكثر أولي بإصابة الحق.
الخامس: أن يكون أحدهما موافقاً لعمل الخلفاء الأربعة دون الآخر فإنه يقدم الموافق.
السادس: أن يكون أحدهما موافقاً لعمل أهل المدينة.
السابع: أن يكون أحدهما أشبه بظاهر القرآن دون الآخر فإنه يقدم.
من: قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث
للشيخ جمال الدين القاسمي - رحمه الله -
ص 257 فما بعدها.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 15-03-2012, 01:50 AM
-
بواسطة مريم في المنتدى منتدى الديكور والأثاث المنزلي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-05-2010, 02:00 AM
-
بواسطة lost في المنتدى פורום עברי
مشاركات: 6
آخر مشاركة: 09-01-2009, 02:50 PM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى Translators' Resource Center
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 01-12-2007, 12:44 AM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى Translators' Resource Center
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-11-2007, 05:24 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات