قال الإمام الرازي
قال في الآية المتقدمة: { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } وقال في المتأخرة: { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } فما الحكمة فيه؟
فنقول: إنهم أنكروا الرسول، وما أنزل إليه وهو الكتاب، وذلك من نعم الله، والكافرون كلهم في كفران النعم، فلهذا قال: { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } ولأن لفظ الكافر أعم من لفظ المشرك، والمراد من الكافرين ههنا اليهود والنصارى والمشركون، وهنا ذكر النور وإطفاءه، واللائق به الكفر لأنه الستر والتغطية، لأن من يحاول الإطفاء إنما يريد الزوال، وفي الآية الثانية ذكر الرسول والإرسال ودين الحق، وذلك منزلة عظيمة للرسول عليه السلام، وهي اعتراض على الله تعالى كما قال:
ألا قل لمن ظل لي حاسدا **** أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله كأنه لم ترض لي ما وهب
والاعتراض قريب من الشرك، ولأن الحاسدين للرسول عليه السلام، كان أكثرهم من قريش وهم المشركون، ولما كان النور أعم من الدين والرسول، لا جرم قابله بالكافرين الذين هم جميع مخالفي الإسلام والإرسال، والرسول والدين أخص من النور قابله بالمشركين الذين هم أخص من الكافرين.
والله أعلم
المفضلات