الشبهة: زعم أن عمر بن الخطاب "ألّف" آيات من القرآن بسبب موافقة الوحي لرأيه في بعض المواضع.
الرد على الشبهة:
1. القرآن الكريم كلام الله، وليس كلام بشر:
القرآن هو كلام الله عز وجل المنزل على النبي محمد ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام.
الله تعالى يقول: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4].
أي أن كل ما جاء في القرآن هو وحي إلهي خالص، وليس للنبي ﷺ أو لأي أحد من البشر تدخل فيه.
2. معنى الحديث وموافقة الوحي لرأي عمر:
الحديث لا يعني أن عمر "ألّف" الآيات، بل يدل على أن رأيه واجتهاده كان مصيبًا وموافقًا لما أراده الله سبحانه وتعالى.
النبي ﷺ قال ذلك كإشارة إلى فضل عمر رضي الله عنه وبصيرته التي ألهمها الله له.
3. اجتهاد عمر كان رأيًا بشريًا، والوحي يؤكد صحة الرأي:
عندما قال عمر: "يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى"، كان هذا رأيًا بشريًا نابعًا من حرصه وحكمته، فنزلت الآية:
{وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125].
نزول الوحي بهذه الآية يثبت أن هذا الحكم هو من عند الله، وأن رأي عمر كان متوافقًا مع إرادة الله، وليس العكس.
لو لم ينزل الوحي، لبقي كلام عمر مجرد رأي اجتهادي دون إلزام.
4. موافقة الوحي هي دليل نبوة محمد ﷺ وليس تأليفًا:
لو كان النبي ﷺ يدعي النبوة، لما احتاج إلى تأييد رأي أحد من الصحابة، بل كان ينسب كل شيء لنفسه.
موافقة الوحي لعمر دليل على أن النبي ﷺ لا ينطق عن الهوى، وإنما ينتظر الوحي لتأكيد أي أمر، حتى لو كان هناك توافق مع رأي الصحابة.
5. الحكمة من موافقة الوحي لبعض آراء الصحابة:
موافقة الوحي لبعض آراء الصحابة، وخاصة عمر بن الخطاب، هي من فضائل الصحابة التي أكرمهم الله بها.
هذه الموافقات تظهر مكانة عمر وحكمته، لكنها في النهاية وحي إلهي مستقل لا علاقة له بأي تدخل بشري.
لو كان القرآن مأخوذًا من آراء الصحابة، لكان متناقضًا أو مختلفًا، بينما هو متناسق ومحكم.
6. القرآن محفوظ من التحريف أو التدخل البشري:
الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ القرآن الكريم من أي تحريف أو تدخل بشري، حيث قال:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وجود موافقات لا يعني أن عمر أو غيره أضاف شيئًا للقرآن، بل هي إشارات على سبق علم الله وحكمته.
الرد التكميلي:
1. قول عمر "وافقني ربي" دليل على استقلالية الوحي:
قول عمر رضي الله عنه: "وافقني ربي" يعني أن الله سبحانه وتعالى أنزل الوحي مطابقًا لرأي عمر، وليس أن الوحي مأخوذ منه.
لو كان الوحي مستمدًا من آراء عمر، لما استخدم تعبير "وافقني"، بل كان سيقول: "قال النبي برأيي".
هذا التعبير يثبت أن الرأي كان بشريًا، وأن الوحي هو المصدر الإلهي المستقل الذي لا يتبع أحدًا.
2. النبي محمد ﷺ لا ينطق عن الهوى:
الله سبحانه وتعالى قال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4].
هذه الآية تؤكد أن النبي ﷺ لا يقدّم أي قول أو تشريع إلا بناءً على وحي من الله، وليس بناءً على آراء الصحابة أو غيرهم.
النبي ﷺ لم يكن يُصدر أحكامًا بناءً على اجتهاداته الشخصية أو آراء أصحابه، بل كان ينتظر الوحي دائمًا لتحديد الأحكام الشرعية.
3. موافقة الوحي لرأي عمر تكريم له وليس مصدرًا للوحي:
موافقة الوحي لبعض آراء عمر بن الخطاب رضي الله عنه هي تكريم إلهي له، وتأكيد لحكمته ونفاذ بصيرته.
لكن الوحي لا يعتمد على آراء عمر، بل يأتي مستقلًا، وكان يمكن أن يخالف رأيه لو أراد الله ذلك.
هذه الموافقات تُظهر فضل عمر وتوافق رأيه مع إرادة الله، لكنها ليست دليلًا على أنه مصدر للوحي.
4. النبي لم يقل "وافقني ربي":
النبي ﷺ لم يقل أبدًا "وافقني ربي" لأنه هو المتلقي للوحي، وليس صاحب رأي يُوافقه الله.
النبي ﷺ كان ينتظر الوحي لتوضيح أي أمر، ولم يكن يقدم رأيه الشخصي في الأمور التشريعية أو الغيبية.
5. الحجة القاطعة من القرآن نفسه:
لو كان الوحي مأخوذًا من آراء الصحابة، لما نزل القرآن في بعض المواضع مخالفًا لرغباتهم أو مواقفهم، مثل:
في صلح الحديبية: حيث اعترض بعض الصحابة على شروط الصلح، لكن النبي ﷺ التزم بما أوحى إليه الله.
آيات العتاب للنبي ﷺ: مثل قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1]، حيث عاتب الله النبي على تصرفه.
هذه المواقف تثبت أن الوحي مستقل عن البشر تمامًا.
6. القرآن محفوظ من التحريف والتدخل البشري:
الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
هذه الآية دليل قاطع على أن القرآن محفوظ من أي تدخل بشري، سواء من النبي ﷺ أو من الصحابة.
لو كان القرآن مأخوذًا من آراء البشر، لكان عرضة للتناقض أو التغيير، لكن القرآن متسق ومحكم لأنه كلام الله وحده.
الخلاصة:
قول عمر: "وافقني ربي" دليل على أن الوحي جاء مستقلًا، وليس مأخوذًا منه.
النبي ﷺ لا يأخذ الوحي من آراء الصحابة، بل ينتظر نزول الوحي في كل أمر.
موافقة الوحي لبعض آراء عمر هي تكريم له، وليست دليلًا على أن القرآن مأخوذ منه.
القرآن كلام الله المحفوظ، لا يتدخل فيه البشر، وهذا ما يؤكده تسلسل الأحداث والآيات.