نلاحظ هنا أن رشيد أتى بمقاطع من الآيات "فيما هو مشار إليه باللون الأحمر"
وقد أتيت لكم بكامل الآيات لنرى كيف يقوم رشيد بخلق أكاذيب وإفتراء على الإسلام .
___________________________
قال الله عز و جل فى الحديث القدسى : ( يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم )(1) فذلك دليل على أن العبد إذا شاء الهداية و طلبها من الله بصدق هداه الله عز و جل .
و هنا نبيّن أن الهداية قسَّمها العلماء إلى قسمين : 1- هداية إرشاد و دلالة. 2-هداية توفيق.
فأما هداية الإرشاد : فهى أن الله عز و جل أرسل الرسل ليبينوا للناس طريق الحق و يدعوهم إليه و يخبروا الناس بما يفعلوه حتى ينالوا رضا الله عز و جل.
و أما هداية التوفيق : فهى أن يوفق الله عز و جل العبد إلى الطريق الذى اختاره ، و هى مترتبة على الهداية الإرشادية فلو اتبع الإنسان ما أمر به الرسل و الأنبياء و سلك طريق الهداية أعطاه الله هداية التوفيق و وفقه إلى طريق الخير و الحق ، و أما لو لم يتبع الإنسان هداية الرسل و اختار الضلال و الفسق أضله الله كما اختار العبد لنفسه.
و هذه الهداية التوفيقية هى المرادة بالآيات التى أتى بها النصراني صاحب الشبهة ، أى المترتبة على اختيار العباد لأنفسهم فمن اختار الهداية و اتبع الرسل شاء الله عز و جل له الهداية و وفقه للحصول عليها و هذا معنى ( يهدى من يشاء ) و لو لم يختر العبد الهداية و اختار الضلال و التكذب لم يهده الله عز و جل و لم يوفقه الله للهداية لأن العبد سلك فى طريق الضلال و الباطل و هذا معنى ( يضل من يشاء)
قال السعدي فى تفسيره :
[ (فلما زاغوا ) أى انصرفوا عن الحق بقصدهم ( أزاغ الله قلوبهم) عقوبة لهم على زيغهم الذى اختاروه لأنفسهم و رضوه لها ، و لم يوفقهم الله للهدى ، لأنهم لا يليق بهم الخير و لا يصلحون إلا للشر ](2)
و قال ابن كثير فى تفسيره :
[ (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) أى فلما عدلوا عن اتباع الحق مع علمهم به أزاغ الله قلوبهم عن الهدى و أسكنها الشك و الحيرة و الخذلان...و لهذا قال تعالى فى هذه الآية ( و الله لا يهدى القوم الفاسقين) ](3)
(1)صحيح : رواه مسلم (2577)
(2)تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى،ط:مكتبةالصفا،ص:819
(3)تفسير ابن كثير، ط:دار الكتب العلمية ،ج:8 ، ص136
ثم يقول سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ } [الزمر: 3]
نعم لا يهديه الله، لأن الكاذب الكفَّار ليس أهلاً لعطاء الهداية؛ لأن الله تعالى هدى الكل هدايةَ الدلالة والإرشاد، فمَنْ آمن منهم زاده هداية المعونة والتوفيق،
إن رجل المرور الذي يقف على مفترق الطرق ينظم المرور ويرشد الناس، فحين تسأله أين الطريق إلى الأسكندرية مثلاً يقول لك من هنا، فتتوجه إلى حيث أرشدك، وقبل أنْ تفارقه قلت له: جزاك الله خيراً، لقد كدتُ أضلّ الطريق، وأذهب من هنا ومن هنا، لولا أن الله يسَّر لي أنْ أقابلك، فقال لك: والله أنت رجل طيب تستحق كل خير، لكن في هذا الطريق منطقة خطر سأركب معك حتى أساعدك في المرور منها.
إذن: لما أطعتَهُ في الإرشاد الأول زادكَ بالمعونة والمساعدة، كذلك الحق - سبحانه وتعالى - مَنْ يستجيب لهداية الدلالة والإرشاد فيؤمن يزيده هداية أخرى، هي هداية التوفيق والمعونة.
والكاذب الكفَّار هو الشديد الكفر الذي لا ينتفع بإرشاد، ولا هداية.
هذا الكلام يُعَد تعريضاً وطَعْناً في فرعون، فالحق سبحانه لا يترك أحداً يكذب عليه دون أنْ يفضح كذبه، لماذا؟ لأن سَتْر هذا الكذب يُعتبر تدليساً في منهج السماء، وحاشا لله تعالى ذلك، لذلك نرى كلَّما ادَّعى أحدٌ النبوةَ افتُضِح أمره وعلم الناس كذبه، لأنه لا يصح أنْ يدَّعي كذابٌ النبوة، ولا يظهر الله للناس كذبه، وهذا مُتضمِّنٌ في قوله تعالى وفي وعده:
{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [غافر: 51].
وفي قوله: { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [الصافات: 173].
3- نفسير الشيخ الشعراوي {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}
ويذيل الحق القول الكريم: { وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }
وذلك بلاغ للمؤمنين كافة وإلى الناس عامة؛ لأن الله لا يهدي إلا من تطامن إلى منهج الله، أما من يفسق فلن يعينه الله، ذلك أن الله لا يعين كافراً ولا ظالماً ولا فاسقاً.
أما من آمن بالله، فالحق سبحانه وتعالى يعينه على هذا المنهج ويهديه إلى الصراط المستقيم.
ولماذا أنزل الله هذه الآيات بعد أن أجرى الأحداث التي تتطلبها؟ نعرف أن الحكم إن نزل في ظرف يتطلبه، تكون النفس إليه أشوق وبه أعلق، مثال ذلك: كوب الماء الذي يتناوله العطشان، إنه يتناوله بشوق ولهفة. عكس الإنسان الذي يتناول كوب الماء وهو غير عطشان، فقد يضعه في مكان قريب منه دون أن يشربه، وكذلك الدواء الذي يُؤتى به للمريض لحظة معاناته القصوى من المرض، إنه يقبل عليه بلهفة مهما كان مر الطعم، وهكذا جاءت بعض أحكام القرآن مناسبة لأحداث وقعت لتكون اللهفة على التطبيق موجودة في النفوس المؤمنة.
4- تفسير الشيخ الشعراوي {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
وهؤلاء كالحجر الصفوان الذي عليه تراب فنزل عليه وابل.. أي مطر شديد فتركه صلدا.. تلك هي صفات من قصدوا بالإنفاق رئاء الناس، فيبطل الله جزاءهم؛ لأن الله لا يوفقهم إلى الخير والثواب. ويأتي الله بالمقابل، وهم الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله فيقول: * وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ... *
______________________________________
مقدمة لا بد منها أرجو أن توضح لكم بعض الامور الواجب إدراكها
الهُدى : معناه الارشاد ، والدلالة .. وله أنواع أربعة :
" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " (10) البلد
أى بينا له طريق الخير والشر وهذا الهدى لا يستلزم الجبر عليه
" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ..." (17)
فصلت أي بينا لهم وأرشدناهم ودللناهم فلم يهتدوا . وهذه الهداية لا تستلزم الهدى التام فإنها سبب وشرط فقط و لا توجب الهداية التامة فالانسان مكلف وعاقل يختار فالله يهديه وهو إما أن يتبع الهدى أو لا ، ولهذا نجد أمثال تلك الهداية ينتفي الهدى معها فى نفس سياق الايات
3- هداية التوفيق والإلهام وهى لمن قبل الهداية السابقة :-
" إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ " (37) النحل
فالهداية هنا مستلزمة للاهتداء الواقع من الانسان بإختيارة ومخالفة لمن يضل
4- الهداية إلى الجنة أو النار وهى نتيجة لقبول أو رفض الهداية :-
إن إختيار الانسان نفسه هو الذى يحدد هذا النوع من الهداية فإن كان قبل هداية الله السابقة فى الدنيا وأمن وعمل الصالحات فسوف يلقى جزائه فى الاخرة وهو جنات النعيم أما إن رفض تلك الهداية وظلم نفسه فيصدق عليه قول الله تعالى :
" احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوايَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم ِ(23) الصافات
ومما سبق فقد أكدنا أن الله يهدي بالفعل بأنواع من الهداية والله سبحانه وتعالى هو الذى أنعم على مخلوقاته بهدايته لهم منذ بداية خلقه لهم ثم تتابعت هدايته بأنواعها متواليه لهم منها ارساله للرسل ليهدوا الناس إلى طريق الحق بعد أن ضلوا عنه ونجد أن منهم من يقبل هداية الله فيكون من أتباع الرسل ومنهم من يرفضها وقد يبين سبب رفضه مثل :-
والآن لنرى ما هو القاسم المشترك فى تلك الشبهة فنجد الايات كلها تتكلم عن أن الله لا يهدى الكافرين الضآلين الظالمين الفاسقين الخائنين ... الخ
ويجب علينا ان نفكر هنا فى حكم الله على قوم بأنهم كافرين أو ضآلين أو .... الخ
هل هذا حكم ظالم لهم أم لا ؟ وهل أقام الله عليهم الحجة وأعطاهم فرصة الهداية قبل الحكم أم لا ؟ وهل قبلوا هداية الله أم رفضوها فإستحقوا الحكم ؟
كل هذه الاسئلة يجب أن تكون فى عقلنا إذا تعرضنا لشبهة مثل تلك وسأعطى مثال واحداً حتى لا أطيل عليكم أن تقيسوا باقى الآيات على هذا المثال فأنا هنا لا أسعى للرد على الشبهة التى لا تستحق بقدر ما اسعى لتبيان طريقة التفكير فى الرد على الشبهة ..
وليكن المثال هو مع أول أيه { فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }البقرة258
هذا رجل أتاه الله الملك فكفر بنعمة الله وسعى لكى يساوى بين نفسه وبين الله فحاجه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فبهت الذى كفر ... إذن أقيمت عليه الحجة على يد رسول الله الذى سعى لهدايته ولكنه أصر على الكفر وظلم نفسه ... وأختار أن يكون من الكافرين الظالمين .
أرأيتم أن من كتب الموضوع إقتطع الاية من السياق لكى يسلط الضوء على ما يريد أن يثير به شبهته وهى لا أساس لها فى الاصل .. المهم قياس كلامى السابق على كل الايات التالية وإعتبروا هذا تدريب عملى ولانى دائماً أنبه الاخوة لان ينتبهوا لكلمات الذى يسوق الشبهة فنجدة يقول :- اله الاسلام في الايات لا يهدي وهنا لم يختص بكلامه اهل قريش ولكن كلامه كان عام للجميع نلاحظ هنا أنه قال لا يهدي ... وتوقف ولم يذكر القوم .. أى أنه لم يقل ( لا يهدى الكافرين الضآلين الظالمين الفاسقين الخائنين .. الخ ) فهو يسعى فقط لقطع كلمة من جملة لتظهر للقارئ أن صاحب الشبهة محق .
ووالله إننا لنعذر جهل العوام من المسيحيين بأنهم لا يقرأون ليتأكدوا .
. أما الاخوة والاخوات المسلمون فإنه من الواجب عليهم ألا يهجروا القرأن فقد شكانا الرسول صلى الله عليه وسلم لربنا وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30 ) الفرقان
المهم أننى والله أتعجب من هؤلاء القوم فالغريب أننا طالبناهم كثيراً بأن يعاملونا كما نعاملهم فلا يقتطعون النصوص من سياقها ولكن هذا ما تعلموه فى كنائسهم ولان الشيئ بالشيئ يذكر فإننا نريد منهم أن يخبرونا بما رأيهم فى تلك النصوص:
المفضلات