هل شربَ معاويةُ الخمرَ وهو مسلمٌ ؟!
قال أحدُ الكارهين للصحابي الجليل معاوية -في مقطع فديوا على اليوتيوب– أن معاوية كان يشرب الخمر في الإسلام، ثم ذكر رواية تحمل كلمة الخمر مدعيا أنها في مسند أحمد وأن شعيب الأرنؤوط صححها ....كما يلي: عن عبد الله بن بريدة الصحابي قال: دخلت أنا وأبي على معاوية بن أبي سفيان ، أي في دمشق ، ثم أتينا بالطعام، فأصبنا منه، أو قال:أكلنا،ثم أتينا بالشراب (الخمر) فشرب معاوية، وناول أبي، وقال: ما شربته منذ حرّمه رسول الله.اهـ
وأخذ يلهث بكلمات تافهات كاذبات... حول الصحابي الجليل معاوية .
الرد على الشبهة
أولًا: إن الرواية جاءت في مسند الإمامِ أحمدَ ليس فيها كلمة خمر ؛ وهذا هو نص الرواية حرفيًّا جاءت برقم 21863 حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَنَا عَلَى الْفُرُشِ ثُمَّ أُتِينَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا ثُمَّ أُتِينَا بِالشَّرَابِ فَشَرِبَ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ نَاوَلَ أَبِي ثُمَّ قَالَ مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ مُعَاوِيَةُ:" كُنْتُ أَجْمَلَ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَأَجْوَدَهُ ثَغْرًا وَمَا شَيْءٌ كُنْتُ أَجِدُ لَهُ لَذَّةً كَمَا كُنْتُ أَجِدُهُ وَأَنَا شَابٌّ غَيْرُ اللَّبَنِ أَوْ إِنْسَانٍ حَسَنِ الْحَدِيثِ يُحَدِّثُنِي".
فالظاهر أن المعترض مدلس كاذب .... ...
ثم إن المعترض قال: إن شعيب الأرنؤوط صحح الرواية ، ولم ينقل تحقيقه كاملًا ...
فقد جاء في الحاشيةِ له تحت الروايةِ يقول: إسناده قوي ..... وأخرجه ابن أبي شيبة 11/94-95 عن زيد بن الحُباب، به. ولفظه: دخلتُ أَنا وأَبي على معاوية، فأَجْلسَ أَبي على السَّرير، وأُتِيَ بالطعام فأطْعَمَنا، وأُتِيَ بشرابٍ فشربَ، فقال معاوية: ما شيءٌ كنت أَستلِذُّه وأنا شابٌّ فآخُذه اليومَ إلا اللَّبَنَ، فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم، والحديثَ الحسَنَ.
وأخرجه ابن عساكر ص 417 من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، به، بلفظ: دخلت مع أبي على معاوية.
وقوله: “ثم قال: ما شَرِبتُه منذ حرَّمَه رسولُ الله " أي: معاوية بن أبي سفيان، ولعله قال ذلك لِما رأَى من الكراهة والإنكار في وجه بريدة، لظنِّه أنه شرابٌ مُحرَّم، والله أعلم. اهـ.
الملاحظ : أن العالم المحقق شعيب الأرنؤوط أوضح بالروايات الأخرى مفاد هذه الرواية التي آتى بها المعترض على زعمه الكاذب... ما يلي:
1- رواية ابن أبي شيبة ليس فيها أنه أتى بشراب فيه حرمة من الله -خمر- وإنما ذكرت أن معاوية كان يحب شرب اللبن في الجاهلية ...
2-رواية ابن عساكر تقول : إن أبا بريدة ظن أن الشراب محرم ، وكان ظنه ليس في محله ؛ وذلك لما أوضح له معاوية حب شرب اللبن.... ومعلوم أن الظن لا يغني من الحق شيئًا.
ثانيًّا : إن ما قام به هذا المعترض هو سب وقذف بالباطل للصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان يخرج عن دائرة الأمانة العلمية ؛ بل هو نتاج سوء ظن وكره له لا أكثر....
إذًا: لم تذكر الروايات أن هناك خمر قدم على المائدة أبدًا.....
بل ذكرت الروايات نفسُها أن معاوية شربها في الجاهلية إلى أنْ حرمها رسول الله ولم تكن محببة لديه.... بل كان اللبن هو أحب الشراب إليه...وعليه فلم يشربها في الإسلام بعد تحريمها وبعد ملازمة وصحبة رسول الله r وصحابته الكرام ...
وكل ما هنالك أن معاوية لم يكن زاهدًا بل كان يحب الرفاهية، فلما رأي أبو بريدة الآنية والأكواب مُجمّلة ومزينةً ظن أنها خمرًا... فبين له معاوية أنه ما شربها منذُ تحريمها وكان يحب شرب اللبن....
قال I: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) "( الحجرات).
وقال I : "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) " (الحج).
كما لم يقل بذلك واحد من المقربين أو المبعدين بما قاله هذا المعترض غير الأمين ...والله يدافع عن المؤمنين.
كتبه/ أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه(الإصابة في الدفاع عن الصحابة).
المفضلات