ثياباً خضراً
قال الله تعالى واصفاً لباس أهل الجنة :
" ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق "
(الكهف 31)
وهنا يظن لأول وهلة أن لباس أهل الجنة لونه أخضر فهل يمكن أن يعتبر اللون الأخضر مميزاً عن بقية الألوان ليكون مميزاً لأهل الجنة هذا التمايز حتى أنه أشير إليه في أكثر من آية . لاشك أن هناك سر وراء هذا اللون الأخضر لم يدرك تمام الإدراك حتى القرن الماضي ، حيث اكتشف علماء البيولوجيا عملية تحدث في الطبيعة تعتبر من أهم العمليات الكونية على الإطلاق ، فهناك ميزة عظيمة للون الأخضر في النباتات في صنع جميع المواد الطبيعية من غذاء ولباس ، ولأهمية هذه العملية فإنها تدرس من بداية التعليم الأساسي وحتى أعلى الاختصاصات الجامعية وهذه العملية تسمى التركيب اليخضوري ولولاها لما وجدت في الأصل حياة على سطح الأرض، فبهذه العملية تتم إعادة تركيب المواد التالفة والمستهلكة لصنع الأغذية والألبسة الطبيعية . كما اكتشف علماء البيولوجيا أن اليخضور الموجود في النبات والشجر الأخضر هو الأصل في تكوين جميع أنواع الوقود ضمن سلاسل كيميائية معقدة . قال الله تعالى :
" الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون "
(يس 80 )
وفي وقتنا الحاضر يمكننا تقسيم الألبسة التي يرتديها الإنسان الى نوعين أساسيين :
1 – النوع الأول صناعي مشتق غالباً من نواتج النفط ( القطران )
2 – النوع الثاني طبيعي يصنع من الصوف والقطن والحريروجلود الحيوانات وهي أهم المواد المستخدمة في صنع الألبسة الطبيعية ، فالقطن هو ناتج صناعة اليخضور في النبات الأخضر كما أن اليخضور يصنع المواد الغذائية التي تتغذى عليها الحيوانات وتنتج الأصواف والحرير وألأوبار والجلود ، إذاً يعزى صنع الألبسة الطبيعية إلى النبات الأخضر . وفي يومنا هذا يبدع العباقرة في صتع نماذج وأشكال فيها من الذوق والحسن والجمال ما يبهر الأبصار فكيف يكون الأمر في الجنة ؟ قال الله تعالى:
" متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان "
( الرحمن 76 )
وهكذا نرى أن القرآن الكريم قد أشار الى أهمية اليخضور في النبات كمادة وليست لون فمن المعروف أن الإنسان يملُّ أحياناً من لبس لون معين فيلجأ إلى تغيير اللون أوتجديده وقد أشار القرآن الكريم إلى اختلاف الألوان في آيات كثيرة سواء في اللباس أو الغذاء أو المسكن أو الأثاث , ففي المسكن فإن الرخام المستخرج من الجبال قد جعله الله تعالى بألوان مختلفة ويمكن تجديده عن طريق ما يعرف بـ (جلي الرخام) .
" ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء "
( فاطر 27 )
وهكذا نرى بانه ليس هناك ميّزة لأي لون دون الآخر حتى يميّز لباس أهل الجنّة باللون الأخضر فأهل الجنّة يلبسون ألبسة طبيعية من صنع الله .
ومن المعروف أن المواد الطبيعية المستخدمة في اللباس والغذاء تتميزعن المواد الصناعية من حيث الصحة والبيئة . لذلك نشأت في المجتمعات الحديثة أحزاب تدعو للعودة إلى الطبيعة والحفاظ عليها بعد أن خربتها يد الإنسان كحزب الخضر .
قال الله تعالى :
" هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه "
( لقمان 11)
" فتبارك الله أحسن الخالقين "
( المؤمنون 14 )
من كتاب خواطر علمية من كتاب الله تعالى
للمؤلف محمد صفوح الموصللي
دمشق
المفضلات