-
س1/ يقول: إذا كان لفظ الحَنَفِي من ألفاظ الأضداد التي تطلق على الميل والاستقامة، فلماذا لا يقال من الأصل إن إبراهيم عليه السلام كان مستقيما على التوحيد ولا يقال مائلا عن الشرك؟
ج/ لفظ (الحنف) في اللغة هو الميل، والحنيف يعني المائل، والرجل به حنف إذا كان به ميل في ساقيه أو في إحدى ساقيه، والأمور التي قال فيها العرب ونطقت العرب فيها بالأضداد؛ يعني أن تطلق الكلمة وتستعمل في الشيء وفي ضده، هذا شائع في لغة العرب، وهو في اللغة يعني في اللّسان على نوعين:
( منها ما يطلق على الشيء وعلى ضده وينظر فيه إلى التلازم؛ بمعنى أن الشيء وضده متلازمان إذا وجد أحدهما وجد الآخر، ومن هذا الحنف، فيقال ?إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا?[النحل:120]، فمن مال عن الشرك فإنه لا يميل عنه إلا إلى التوحيد؛ لأنه ليس ثم إلا توحيد وشرك، ?فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ?[الذاريات:50]، إذا فررت من الكائنات فإنك تفر منها إلى مكون الكائنات؛ لأنه ليس ثم إلا هذا وهذا.
( النوع الثاني أن يطلق بلا إرادة التلازم؛ بل من باب التفاؤل تارة أو من باب آخر أو من أبواب أخر تارات أخر، مثل من يسمى اللديغ سليم، اللديغ قد تقول له سليم من باب التفاؤل، فكلمة سليم تطلق على السالم وتطلق على المريض، أطلقت على المريض من باب التفاؤل.
وهذه لها تأثير في فقه اللسان العربي فالعرب تارة تطلق من باب التلازم أو تطلق من باب التفاؤل وتارة لا من هذا ولا من هذا، في فقه لهم في هذه الألفاظ.
إذا كان كذلك فلفظ الحنيف الذي جرى عليه السؤال لا يتصور أن يكون المرء حنيفا أو حنفيا أو حنيفيا إلا أن يكون موحّدا؛ لأنه إذا مال عن الشرك فإنه يميل عنه إلى الحق وهو التوحيد، حنيف عن أهل الشرك مائلا عن أهل الشرك فإنه لابد أن يميل عنهم إلى أهل التوحيد، ولو كان من مال إليه إبراهيم وحده فإنه مع أمة وليس مع واحد، وهكذا.
فإذن الأصل في هذه أنها من باب التلازم، الحنف من باب التلازم.
ومنها كلمة -أيضا يُطلقها أهل نجد وربما بعضهم سمعها، وليسوا أهل نجد جميعا وإنما أهل الدعوة عام في أول الأمر- يقولون نحن أهل العُودَة، ما معنى العودة؟ العودة هذا من أسماء كلمة التوحيد أهل العودة؛ يعني أهل التوحيد أهل ملة إبراهيم أهل الحنيفية؛ لأنها عودة عن طريق الشرك إلى طريق أهل التوحيد، هذا هو التفسير الصحيح الذي فيها، مثل ما جاء في حديث وصف النبي ( في التوراة.
س2/ السؤال الثاني يقول: كم يساوي ربع الدينار في نصاب السرقة الذي كان على عهد رسول الله ( ثلاثة دراهم في هذه الأيام؟
ج/ نحسبها من جهة أخرى: نصاب الزكاة الذي جاء في الذهب أنّ النصاب عشرون دينارا، عشرون دينارا تبلغ من الجنيهات من الذهب السعودية التي ضربت في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله تبلغ أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنيه، عشرون دينارا تبلغ أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنيه.
إذن الدينار أقل من الجنيه، كم يبلغ؟ أحسبها أربعة أسباع الجنيه، أليس كذلك لأن إحدى عشر وثلاثة أسباع تطلع ثمانين على إحدى عشر(143) تطلع أربعة أسباع الجنيه.
إذن فيكون الدينار أربعة أسباع الجنيه السعودي، بع الديتار اقسمها عليه، المهم لأن الدينار هو كفارة في أشياء متعددة طالب العلم يَحسن به معرفة ذلك.
س3/ هل الشرطة تقوم مقام الحاكم أو القاضي في مسألة تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغته أم لا؟
ج/ الشفاعة في الحدود.
أولا ما كان دون الحد فإنه يستحب إقالة أهل الشارة وأهل المكانة في المجتمع أن يُقالوا ما دون الحدود ابتداء، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود» حتى ولو بلغت السلطان فإنه يقيل من كان من ذوي الهيئات، وذووا الهيئة في المجتمع من إذا أخذوا أو عزروا بما اقترفوا يكون ثم أثر على المجتمع لأنهم قدوة أو لأنهم أهل ولاية أو لأنهم أهل شارة، والشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكلميها ودرء المفاسد وتقليلها، فما كان كون الحد مما فيه تعزير فإنه يستحب إقالة ذوي الهيئات عثراتهم.
وأما الحدود فإنه لا يجامل فيها أحد؛ لكن إذا كان ثم شفاعة في حد من حدود الله جل وعلا فإنه لا بأس به قبل أن يصل إلى السلطان، فإذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع ولعن المشفَّع، إذا بلغت الحدود السلطان يعني الإمام أو من ينيبه في الحكم؛ القاضي الذي ينفذ الأمر ويحكم عليه.
وما قبل ذلك فإن الشفاعة مطلوبة، لم؟ لأن الشفاعة مأذون بها؛ لأن الشفاعة ترجع إلى أصل الستر على المسلم، وقبل أن يصل إلى السلطان أو إلى القاضي فهو في مظنة الخفاء، حد في مظنة الخفاء، فإذا كان في مظنة الخفاء ولم يتطلع عليه الناس فالستر فيه أولى، هذا الدليل عليه أن النبي ( لما سرقت المخزومية وأوتي بها شفع من شفع في ذلك فقال «هلا كان قبل أن تأتوني بها والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» استدل أهل العلم بذلك على أن الشفاعة لا بأس بها إذا كان فيها مصلحة، إذا كانت قبل أن تصل المسألة أو الجُرم إلى السلطان أو إلى القاضي الذي يحكم بالأمر.
أما الشُّرَط فلا يدخلون في ذلك؛ لأن الشُّرط إنما هم لحفظ الأمر أو للإمساك على المجرم وليست جهة قضائية ولا جهة تنفيذية قبل حكم الإمام أو حكم نائبه. والله أعلم.
اقرأ...
??(??
الأسئلة]
س1/ إصلاح ذات البَيْن أمر مهم في حياة طالب العلم؛ لأنه يحصل بين الإخوة الجفاء والإعراض والتدابر والشحناء، فما النصيحة؟
ج/ لاشك أن من سمات أهل السنة والجماعة أنهم يسْعَوْن لإصلاح ذات البَيْن بين المؤمنين ولقطع وسائل الشَّيطان في التفريق، فأعظم ما أمر الله جل وعلا به بيْن العباد أن يجتمعوا ويتآلفوا وأن يصلحوا ذات بينهم؛ بل جعل الله جل وعلا ذلك عنوان التقوى في قوله ?فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ?[الأنفال:1]، وجَعَل المؤمنين متعاونين فيما بينهم متوالين فيما بينهم في قوله ?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ?[التوبة:71]،
وأعظم ما نهى الله جل وعلا عنه فيما بين العباد الفُرْقة؛ لأن الاجتماع وسيلته التآلف، ولأن الفُرْقة وسيلتها التباغض والتدابر، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر بالاجتماع ونهى عن الفُرْقة فقال «الجماعة رحمة والفُرْقة عذاب»، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر عباده بالتوادد وعدم التباغض فقال «ولا تباغضوا ولا تدابروا» الحديث.
فلهذا منْ أعظم أسباب التقوى وآثار التقوى في العبد أن يكون كلامه حسنا يؤلّف الله جل وعلا به بين القلوب، وأن يكون فعله حسنا يؤلف الله جل وعلا به بين القلوب، وأن تكون أقواله وأفعاله ليست وسيلة إلى الفُرْقة بين المؤمنين وإلى اختلافهم وتدابرهم وتقاطعهم، وهذا من مُقْتضى الوَلاية التي بينهم.
ولهذا الواجب على طالب العلم أن يكون ذا خوف ووجل من ربه جل وعلا، وأن يكون ساعيا في الائتلاف والاجتماع على الحق والهدى، وإذا رأى تقصيرا أو مخالفة أو سَيْرا في غير طريق أهل السنة فإنه يبذل النُّصح ويبذل الإرشاد؛ لكن بما لا يسبب نُفْرَةً وخلافا وقطيعة وبغضاء وشحناء؛ لأنَّ حصول البغضاء والشحناء يؤول في الغالب إلى التَّقاطع والتدابر، ثم يؤول ذلك إلى الاعتداء وإلى النَّيْل من العرض ومن -ربما- النفس والاعتداء على الأموال أو على الأنفس، ولهذا كانت وصيته عليه الصلاة والسلام في أعظم موطن تحريم العِرْض وتحريم النفس في موقفه عليه الصلاة والسلام في عرفة، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي بكرة ( قال في خطبته عليه الصلاة والسلام قال«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» اليوم يوم عرفة يوم محرم، والشهر شهر ذي الحجة من أشهر الله الحرم التي قال الله جل وعلا فيها ?فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ?[التوبة:36]، والبلد مكة حرّمها الله جل وعلا لما خلق السموات والأرض، وحرّمها إبراهيم الخليل عليه السلام فصارت محرمة بتحريم الله وتحريم إبراهيم الخليل إعلانا لتحريم الله.
وهذا التشبيه فيه عظمة أن يُشَبَّه تحريم المال والدماء والأعراض بتحريم هذا اليوم وذاك الشهر وذاك المكان.
لهذا الواجب على المؤمنين أن يسعوا في وسيلة تحقيق التآلف وعدم التقاطع والتدابر، وأعظم وسائل تحقيق الائتلاف والاجتماع وقطع التَّدابر والتقاطع والاختلاف أن يتواصوا فيما بينهم بتقوى الله جل جلاله وبخشيته والإنابة إليه، وأنْ يَسعوا في معرفة العلم النافع الذي ورّثه رسول الله (.
ولهذا تجد أن أهل العلم وطلبة العلم لو اختلفوا لا يكون بينهم اعتداء، وإذا حصل ثَم اعتداء فهو من الجهل، فأهل السّنة يعاملون من خالفهم بتقوى الله جل وعلا، ولا يُعاملون من خالفهم بمثل ما عاملهم به، فلا يكفرون من كفَّرهم، ولا يبدِّعون من بدعهم، ولا يفسقون من فسقهم؛ بل يخافون الله جل وعلا بكلامهم وفي أفعالهم.
فالعلم النافع وتقوى الله وملازمة السنة مفيدة للاجتماع، وهو معنى الجماعة التي قال فيها عليه الصلاة والسلام (الجماعة رحمة) وقال فيها ربنا جل جلاله ?وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا?[آل عمران:103]، ثم من وسائل تحقيق ذلك أن يقول العبد أحسن ما يجب حتى في حال الاختلاف، قال سبحانه ?وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ?[الإسراء:53]. ?وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ? يعني أحسن ما يجب لماذا؟ ما العلة؟ قال ?إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ?، بعد ذلك يأتي الشيطان فيقلب المسألة من نصرة للحق إلى انتصارا للنفس أو الفئة إلى آخره أو للشخص أو للشيخ فتنقلب المسألة من كونها دينية إلى كونها عصبية جاهلية أو حزبية ممقوتة.
وهذا لاشك أنه من أعظم الأسباب التي وجدناها نافعة في أن العبد يختار أحسن ما يجب، فإذا كان العبد حليما متصفا بصفة الحلم وعدم الغضب؛ ممتثلا وصية النبي ( «لا تغضب» متخلقا بأخلاق الأنبياء في الحلم والأناة التي يحبها الله جل وعلا ويحبها رسوله (، فإن عاقبة أمره إلى خير.
لهذا قال بعض المتقدمين أظنّه قد يكون الأكْثَم أو غيره قال له أحد من يخالفونه إن أسمعتني كلمة أسمعتك عشر كلمات قال هذا الحليم: وإن أسمعتني عشر كلمات فلن أُسْمعك كلمة. لأن هذا حظ الشيطان؛ لأن الاعتداء بالألفاظ والتّنابز هذه كلها حظوظ الشيطان ?بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ?[الحجرات:11]، تنابز وجمع بعض الناس لبعض والطعن وهذا ليس أمرا شرعيا وإنما هي من حظوظ الشيطان.
الأمور الشرعية التي بها يحكم على المخالف هذه ليس منها الاعتداء، فليُحكم على كلامه أو يحكم عليه إن استحقَّ ذلك فيما دل الدليل عليه ووضح من منهج أهل السنة والجماعة، فإنَّ العبد لا يتجاوز؛ بل يقول ولا يتجاوز، لهذا غالب طريقة أهل السّنة أنهم يخطِّئون ولا يضللون؛ لأن غالب من خالف إنما خالف عن جهل؛ بل قد قال الله جل وعلا ?إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ?[النساء:17]، فالذي يعمل السوء بجهالة -كما قال جمع من الصحابة- هو الذي يعصي بأقواله أو أعماله، كلُّ من عصى الله فهو جاهل، وكل من أطاع الله فهو عالم، وإذا عصى الله جل وعلا في مقابلة المخالف له فهو جاهل له نسبة من الجهل، ولهذا قد يجتمع في المعيَّن من المختلفين علم بالشرع وجهل بالشّرع، جهل في كيف يعامل من اختلف معه، وعلم فيما يعلم، وهذه واضحة في الواقع بينة.
لهذا الوصية للجميع أنهم أقامهم الله جل وعلا لصلاة واحدة، وأقامهم الله جل وعلا بالاجتماع على كلمة التوحيد، وأقامهم الله جل وعلا يعني أقام الشباب في حب الخير وحب الطاعة وحب العلم والإقبال عليه، فنيل القليل منهم من بعض، ومثل هذا الكلام الذي قد يتردد، هذا ليس في المصلحة، وليس من حق المسلم على المسلم؛ بل الواجب السعي في كل وسيلة لإصلاح ذات البين، وتقوى الله جل وعلا تقضي بذلك.
وأما إذا كان ثَم خصومة خاصة بين اثنين فواجب عليهما أن يسعيا في الإصلاح وخيرهما الذي يبدأ بالسّلام، وثبت في الصحيح صحيح مسلم أنّ النبي ( قال «إنّ الله يغفر لكل مؤمن يوم الاثنين، إلا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله جل وعلا: أنظروا هذين حتى يصطلحا».
الهجر والتّرك والمقاطعة إذا كانت للدنيا فهي مذمومة، ويتوقف عليها كثير من الأحكام.
وأما إذا كانت للدّين فهي جائزة بشروطها أو مشروعة بشروطها ولكن ليس منها التقاطع والتدابر والبغضاء؛ بل هي للإصلاح.
وهذا موضوع مهم جدير بكم جميعا أن تتأملوه وأن تمتثلوا التقوى في الأقوال وفي الأعمال.
المؤمن طيب كلامه، الداعية، طالب العلم، يخشى الله جل وعلا، طيب كلامه، طيبة أفعاله، يقول ما يصلح ويترك ما يفسد، وهذا هو الذي يُصلح الناس، وهو الذي ينفع الله جل وعلا به البلاد والعباد؛ بل المسلمين جميعا، زادني الله وإياكم من أسباب ذلك وجنبنا وسائل الشيطان.
س2/ كيف نرد على من قال: إن أصل الإيمان شيء واحد يتساوى فيه المؤمنون ولا فرق بينهم؟ نرجو التكرم بإعادة شرح هذه الجملة.
ج/ بيانها مر معنا ولعل الأخ يراجع التسجيل؛ لأن بينها قد يأخذ شيئا من الوقت والفائدة قد دونت.
س3/ الخشية من الله جل جلاله أمر كلنا نحتاجه، لا سيما وأن النية يخالطها شيء من العجب والكبر في طلب العلم، فكيف يكون ذلك؟
ج/ أولا طالب العلم يجاهد نفسه على طلب العلم؛ لأن جادة طلب العلم طويلة ليست قصيرة؛ ليست سنة ولا سنتين ولا عشر ولا عشرين يمشي معك إلى أن تموت.
فهو يطلب العلم ويجاهد نفسه فيه، وإصلاح النية في طلب العلم يأتي، كلما ازداد من العلم ازداد خوفا من الله جل وعلا ورغبة فيما عنده، ستأتي تأتي النية الحسنة.
لهذا قال جمع من متقدمين: طلبنا العلم وليس لنا فيه نية ثم جاءت النية بعد. وقال بعضهم: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله. يعني في أصل هذا التنافس والحضور هذا يحضر وهذا يجمع الحديث، ثم بعد ذلك علم من السنة؛ بل علم من الشرع أنه يجب عليه أن يصلح نفسه أن يخاف الله جل وعلا، فتحقق بقوله ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ?[فاطر:28]، فخشية الله جل وعلا هي سبيل أهل العلم، وكلما ازداد المرء علما ازداد خشية، وكفى بالاغترار بالله جهلا، كفى بالاغترار بالله جهلا، كما أنه كفى بذكر الموت واعظا وكفى بمعرفة افتقار العبد إلى ربه ذلا وخضوعا.
س4/... التأمين على سورة الفاتحة في الجهرية؟
ج/ المسبوق إذا كان السجود بعد السلام فهو مخيّر ما بين متابعته وما بين إكمال الصلاة؛ لأنّ الصلاة فرغت بالتسليم الأول وما بعده من السجود هذا خارج الصلاة، وهذا السجود واجب، فإذا كان المسبوق أدرك الإمام في سهوه؛ يعني كان مصليا معه في سهوه لم يكن قبل أن يدركه في الصلاة فإنه يجب عليه أن يسجد للسهو، فإن لم يسجد مع الإمام في موضعه -يعني في الأول- فإنه يسجد إذا كان في آخر صلاته.
والإمام إذا قرأ ?وَلَا الضَّالِّينَ?[الفاتحة:7]، يشرع له أن يقول آمين، وذلك لما صحّ عن النبي ( من حديث أبي هريرة أنه قال «إذا أمّن الإمام فأمنوا» وفي الرواية الأخرى قال «وإذا قال الإمام ?وَلَا الضَّالِّينَ? فقولوا آمين»، وهذا الاختلاف يعني «وإذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين» و«إذا أمن فأمنوا» محمول على متى يبدأ المأموم في التأمين؟ هل يبدأ المأموم في التأمين بعد قول الإمام ?وَلَا الضَّالِّينَ? أو بعد سماعه التأمين؟ يعني مقتضى إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين أن تأمينه يكون بعد قول الإمام ولا الضالين سواء أمن أو لم يؤمن، وقوله «إذا أمن فأمنوا» يقتضي أنه إذا أمن شرع بالتأمين أو بعده.
جمع العلماء بينهما بأن المأموم إذا كان يعلم أن الإمام يؤمّن متصلا بالفاتحة ينتظر حتى ينتهي من التأمين ثم بعده بقليل يعني إذا شرع في التأمين يؤمن المأموم، وأما إذا لم يكن يعلم حاله هل يؤمن أو لا يؤمن وهذا هو أغلب حال الناس فإنهم لا يعلمون أن الإمام هل يؤمن أو لا يؤمن، وأكثر الأئمة بل الغالب ليس لهم طريقة واضحة تارة يؤمنون وتارة لا يؤمنون فإنهم يبدؤون بعد قول الإمام ?وَلَا الضَّالِّينَ? فإنه «من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
جعلني الله وإياكم من أهل هذا الفضل العظيم.
ابدأ...
??(??
الأسئلة]
س1/ ذكر أحد الباحثين أن الإرجاء أثّر على بعض العلماء فلم يكفروا تارك الصلاة تهاونا وكسلا، فهل هذا الكلام على إطلاقه؟
ج/ هذا الكلام غير صحيح، فليست مسألة تكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا ليس لها صلة بالإرجاء.
فالنزاع جارٍ ما بين أهل السنة في تكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا، وليس في هذا فحسب؛ بل في تكفير من ترك ركنا من أركان الإسلام، تكفير تارك الصلاة وغيرها ترى من ترك ركنا من أركان الإسلام الزكاة والصيام والحج، عن الإمام أحمد وعن غيره، حتى الإمام أحمد ثم خلاف عنده -يعني في الروايات- في تكفير من ترك ركنا من أركان الإسلام.
ومن العجائب أن الإمام أحمد رحمه الله له في هذه المسألة خمس روايات في هل يكفر من ترك أركان الإسلام العملية يعني غير الشهادتين:
الرواية الأولى: أنه يكفر في ترك أي ركن من أركان الإسلام.
الرواية الثانية: أنه يكفر بترك الصلاة والزكاة.
والثالثة: يكفر يترك الصلاة والزكاة إذا قاتل عليها الإمام؛ يعني إذا قاتل في الزكاة الإمام ليس مطلقا.
والرابعة: يكفر بترك الصلاة فقط.
الخامسة: نسيت الخامسة.
المقصود أنّ الخلاف في تكفير من ترك ركنا من الأركان تهاونا وكسلا ليس له صلة بالإرجاء، وما ذكره الباحث محل نظر.
س2/ ما هو ضابط الإعراض الذي هو من نواقض الإسلام؟
ج/ الإعراض ذكره العلماء في باب حكم المرتد، وذكره إمام الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الناقض العاشر في رسالته النواقض، قال: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.
والدليل على أن الإعراض ناقض من النواقض قول الله جل وعلا ?وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُون?[الأحقاف:3]، في أول سورة الأحقاف ?مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ?[الأحقاف:3]، كذلك قوله جل جلاله ?بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ?[الأنبياء:24]، ونحو ذلك ?فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ?[فصلت:4]، ونحو ذلك من الأدلة.
والإعراض ضابطه أنه لا يتعلم الدين ولا يعمل به، ليس له همة في معرفة توحيدٍ ولا عبادة لا من جهة العلم ولا من جهة العمل؛ يعني جميعا، لا من جهة العلم ولا من جهة العمل جميعا؛ بل لا يهمه الأمر وليس من شأنه هذا الأمر مع تمكنه من ذلك.
يعني مثل واحد في بلد مثلا نفر ض في بلدنا عنده الوسائل كافية، الكتب موجودة، والدراسة موجودة، والأئمة موجودين، والخطب والجمع، ولا يهتم بهذا أبدا، معرض تماما؛ مادي لا يهتم لا بصلاة ولا بسماع آية ولا بسماع خطبة ولا يتعلم هذه أمور ما أعلم بها، هذا هو الذي يكفر بالإعراض ما يتعلم الدين وما يعمل به، لا يرفع به رأسا ولا يهمه لا من قريب ولا من بعيد، ولو احتاج خبزا لمعيشته لذهب وبحث حتى يأتي به ولو احتاج لأمر في بيته لذهب حتى يأتي به، وأما الدين فهو معرض عنه لا يتعلم ولا يعمل، فهذا هو ضابط الإعراض.
لا يبحث عن علم ولا يهتم به؛ يعني في توحيده توحيد الله جل وعلا وفي بيان الواجب ومعرفة ما أنزل الله جل وعلا، ولا يهتم بالعمل جميعا؛ يعني علم وعمل لا يهتم بهما.
أما إذا كان عنده عل ولم يعمل أو كان عنده عمل ولا يعلم هذا لا يسمى معرضا.
تطبيقها على المعين صعب جدا، فلان معرض تماما، ربما لا يوجد أحد من أهل القبلة يعني من يصح ممن شهد أن لا إله إلا الله يعني عنده انتساب أنه لا يهتم أصلا معرض تماما؛ لكن قد يكون أحيانا تأتي دعوة للتوحيد مثل ما حصل في وقت إمام الدعوة جاهد قائم ودعوة ومجادلة ومجاهدة باللسان ومجاهدة بالسنان، وهو لا يهتم ولا عَلِم هذا الدين ولا...؛ يعني لنفسه؛ مادي.
يمكن أن تلخصها المعرض هو المادي البحت، لا يتعلمه ولا يعمل.
س4/ قال بعضهم: إن جل السلف الصالح كانوا من الصوفية، فهل هذا صحيح؟
ج/ الصوفية ما نشأت إلا في القرن الثاني الهجري؛ يعني بعد سنة مائة وخمسين (150) كنحلة بدأت تتأصل في عزلة وأوراد وأشياء، والسلف الصالح القرون الثلاثة المفضلة الصحابة والتابعون وتبع التابعين.
هذا الكلام الرد عليه من جهات كثيرة؛ لكن ليس كلاما ذا بال.
س5/ ما هو القزع؟ وهل التقصير باستخدام المقص في الشعر منه؟
ج/ القزع الذي جاء النهي عنه في الحديث الذي رواه مسلم وغيره، وهو أيضا في البخاري بوب عليه البخاري باب ما جاء في القزع.
القزع أن يحلق بعض الرأس وأن يترك بعضا، النبي ( رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعض فقال «احلقوه كله أو دعوه كله»، فكون بعض الرأس محلوق وبعضه غير محلوق هذا هو القزع، وهو مأخوذ من تقزّع السحاب وهو كون السحاب قطع هذه قطعة وهذه قطعة.
وله الصور ذكرها العلماء:
منها أن يأخذ أطراف الرأس ويبقي الأعلى.
منها وهي التي ينطبق عليها الوصف كونها مأخوذة من تقزع السحاب أن يأخذ من كل موطن قليلا؛ يعني يحلق ويترك يحلق ويترك من جميع الجهات.
فيها صور كثيرة.
والقزع منهي عنه، والعلماء يقولون مكروه كراهة تحريم، وعند طائفة كراهة تنزيه.
والعلة في النهي عن القزع فيما ذكره طائفة من العلماء أن فيه تشبّها بمن كان يعمله من أهل الجاهلية، والدين جاء بالعدل قال الله جل وعلا ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ?[النحل:90]، والعدل الذي جاءت به الشريعة في تعامل الإنسان مع النّاس؛ بل قبل ذلك في تعامله مع ربه ومع الناس، وأيضا في تعامله مع نفسه، وحلق يعض الرأس وترك بعضه منافٍ للعدل في الشعر؛ لأن هذا فيه إضرار بالمحلوق أو بالشعر الباقي أو بالرأس الذي حواهما.
ومن هذا الأصل قول النبي ( في لبس النعلين «فليلبسهما جميعا أو ليخلعهما جميعا» يعني ما ينتعل الواحد يلبس واحدة ويترك الأخرى، يلبس الثنتين جميعا أو يترك الثنتين جميعا يمشي حافيا.
وله نظائر كثيرة لتعامل الإنسان في بدنه في قص الأظافر وفي الشعر وإزالة أشياء، وأيضا فعل أشياء للبدن، فإن العدل في الشريعة جاء للجميع والله جل وعلا يحب العدل ولذلك أمر به أمرا عاما، لهذا قال العلماء في قوله تعالى ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ?[النحل:90]، قالوا: جمعت هذه الآية الدين كله، وهذا صحيح:
فليس ثم مسألة في الدين من الأوامر إلاّ وأن تكون عدلا أو أن تكون إحسانا أو أن تكون إيساء لذوي القربى.
ومن النواهي إما أن تكون فحشاء أو منكر أو بغي.
وهذا أصل مقرر في موضعه.
أما قص بعض الشعر -الذي جاء السؤال عنه-، قص بعض الشعر بدون استئصال فإن كان شبيها بالاستئصال تزاد الكراهة، وإن كان أقل وإنما يكون بعض الشعر أكثر من بعض بقليل فإن هذا مما يعفى عنه لأن هذا لا يشبه تقزع السحاب واختلاف شعر الرأس ما بين الحلق وما بين غيره.
س6/ ذكرت في الدرس السابق الخلاف في تعريف الإيمان وأن الخلاف صوري من وجه وحقيقي من وجه آخر، أرجو إعادة هذه النقطة وذلك لأهميتها؟
ج/ ذكرنا لكم أن عددا من أهل العلم قالوا: إن الخلاف صوري أو لفظي يعني غير معنوي وغير حقيقي. وذكرنا أن هذه المسألة لها جهتان:
الجهة الأولى: جهة الحكم.
والجهة الثانية: جهة امتثال الأوامر العلمية والعملية.
ومن جهة الحكم ومرتكب الكبيرة وخروجه من الإيمان، المرجئة -مرجئة الفقهاء- كحماد بن أبي سليمان والإمام أبي حنيفة ومن تبعهم ليس ثَم خلاف مع بقية أهل السنة في الحكم، فهم لا يكفرون مرتكب الكبيرة، وأيضا لا يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب؛ بل الحنفية من أشد الناس في التكفير وفي الحكم بالردة كما هو معروف من كتبهم.
ولهذا ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان لما ذكر الخلاف -وهذه احتج بها بعضهم في محل الاحتجاج- قال وأغلب أو قال أكثر الخلاف الذي بين أهل السنة في مسألة الإيمان لفظي. وهذا نستفيد منه فائدتين:
الفائدة الأولى: أن مرجئة الفقهاء لا يُخرجون من أهل السنة في هذه المسألة إخراجا مطلقا؛ بل يقيد يقال أنهم من أهل السنة إلا في مسألة الإيمان، فهم من جملة أهل السنة إلا في هذه المسألة، فشيخ الإسلام في كتابه الإيمان يدخل مرجئة الفقهاء خاصة في عموم أهل السنة؛ لأن الخلاف كما قال أكثره لفظي.
الفائدة الثانية: أن قوله أكثره لفظي يدل على أن ثمة منه ما ليس كذلك، وهو الذي ذكرت لكم من جهة الأوامر واعتقاد ذلك، وامتثال جهة الأوامر العملية والعلمية.
وفي هذا كفاية إن شاء الله.
س7/ ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى أن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا فهل هذا التقسيم كان معروفا، مجمعا عليه عند السلف؛ لأن الأحناف فيما أعلم يدخلون العمل في مسمى الإسلام؟
ج/ الإسلام والإيمان هل هما شيء واحد؟ أم هما أمران مختلفان؟ وهل إذا اجتمعا افترقا أو لا؟ هذه المسألة فيها خلاف كبير بين السلف، مسألة الإيمان والإسلام، الخلاف فيها من قال الإيمان والإسلام واحد، أو قال هما شيئان مختلفان، أو قال إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، فالكل من أقوال أهل السنة، الخلاف في هذه المسألة لا يخرج القائل.
فثَم جمع قالوا الإسلام هو الإيمان، واستدلوا عليه بقوله تعالى ?فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ(35)فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ?[الذاريات:35-36].
ومنهم من قال لا، الإسلام شيء والإيمان شيء مختلف تماما، ويستدلون عليه بقوله ?قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا?[الحجرات:14]، جعل الإيمان شيئا وجعل الإسلام شيئا آخر، وكذلك حديث جبريل قال الإسلام كذا والإيمان كذا.
والثالث الذي هو التحقيق أنّ الإسلام لابد له من إيمان حتى يصح، والإيمان لابد له من إسلام حتى يصح، فليس ثَم مسلم بلا أي قدْر من الإيمان وليس ثم مؤمن بلا أي قدْر من الإسلام؛ بل لابد هذا وهذا، والإسلام على كماله والإيمان على كماله قد يطلق الإسلام مع الإيمان فيعني بالإيمان ما جاء في حديث جبريل الأعمال الباطنة؛ يعني الإيمان الباطن، والإسلام الظاهر مثل ما جاء في الحديث الذي رُوي في مسند الإمام أحمد قال «الإسلام علانية والإيمان في القلب» فيجتمعان فتكون هذا دلالته على حديث جبريل تكون دلالته الشهادتين والأركان العملية الأربع، والإيمان الإيمان التصديق الباطن مع العلم، ويفترقان فيكون الإسلام يدل على الإيمان، ويكون الإيمان يدل على الإسلام.
المسألة الخلاف فيها سائغ يعني من خالف فيها، الخلاف منقول عن أئمة السنة؛ لكن التحقيق هو ما ذكرنا.
س8/ كثُر في الآونة الأخيرة المقدِّسون للعقل والسير على نهج المعتزلة؛ بل إن أحدهم لما قيل له إن قولك هذا قول المعتزلة قال وهل المعتزلة إلا فرقة العلماء.
وما توجيهكم خصوصا وأننا نجلس مع بعض الناس أقارب؛ لكن درسوا في الغرب ورضعوا منه سموم بالشهوات والشبهات، ويناقشون ذلك في المجالس عند العامة، هل نقوم من المجلس أو نرد عليه؟
ج/ الواجب الدعوة والمصابرة والبيان، الشرع هو الذي دل على العقل دل على اعتبار العقل، ودلنا على أن العقل يُعمل وأنه آلة يحاسب عليها الإنسان، وكذلك العقل أيضا دلنا على الشرع، وعلى أنه صواب وعلى صحة ما جاء فيه.
فالعقل والشرع غير متعارضين، الشرع قاض والعقل شاهد، العقل يشهد لحسن الشرع، يشهد لصحته، والشرع قضاء الله جل وعلا بقضائه ?وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ?[الأنعام:115]، وفي قراءة ?وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا? آيات الأنعام فكلمات الله جل وعلا الشرعية قضت صدق وعدل انتهى.
فإذن الذي يرفض العقل يرفض الشرع والذي يقدس العقل ويرفعه فوق الشرع هذا أيضا يرفض الشرع، لهذا ألّف ابن تيمية كتابه المشهور العقل والنقل يعني شو الصلة بينهما، أو المشهور باسم موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح، أو درء تعارض العقل والنقل ، وهو الذي قال فيه ابن القيم في نونيته:
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ما في الوجود له مثيل ثاني
لأنّ أصل تقديس العقل وتقديمه على النقل جاء من الجهمية ثم المعتزلة ثم الأشاعرة، الأشاعرة أيضا من أصولهم أن العقل مقدم على النقل في الغيبيات، أما السمعيات لهم بحث فيها. وهذا شيء مشهور معروف.
المقصود أن طالب العلم الداعية:
أولا يفهم ما صلة الشرع بالعقل.
ثم ثانيا يتأمل فيما يورد من الأشياء الشرعية التي يقول القائل إنها تخالف العقل يتأمل ما يعجل، يقول لا هذا كيف هذا، لو أنه ما فهم مرادها، فينبغي إذا تأمل أنه يبين عدم تعارض الشرع مع العقل؛ لأن العقل لابد له من حدود يقف بعدها على شيء ما يعرفه، الأمور الغيبية إذا تجاسر العقل عليها وقال لا ليست بصحيحة، هوالحقيقة ليس عاقلا لأن العجز عن الإدراك إدراك، هو لم يدركها لم يرها فكون ينفي شيئا لا يراه.
مثلا لو جاء قال وقال الكهرباء التي أمامك إيش الكهرباء؟ ما فيه، سلك إيش الذي في السلك، هل فيه شيء يمشي فيه؟ هل السلك أنبوبة فيه شيء ماشي ويصل؟ لا، فإذن ثم أشياء كثيرة تعرف بآثارها، ولا تُرى أو تدرك حقائقها.
مثل النوم الآن، حقيقة النوم ما هي؟ الأطباء يقولون ما أدركنا، حقيقة النوم لكن تعرف أن النوم له أثره على الجسم وعلى البدن وإذا فقده الإنسان ما ذا يحصل وإذا نام ماذا يحصل إلى آخره.
عندك الآن الهواء، الآن موجود هواء، هذا الفراغ، أين الهواء؟ فإذا أخبر مخبر بوجود الهوى، فإنه يخبر بوجود شيء دل العقل عليه، لا من جهة رؤيته ولكن من جهة إدراكه بآثاره.
كذلك النصوص الشرعية الكثيرة إذا كان فيها تعلق بالأمور الغيبية، نقول هذه ينفيها العقل فيكون هو متجنيا على عقله؛ لأن العقل لا ينفي شيئا لم يدركه.
مثلا يأتي حديث فقء موسى لعين ملك الموت، ويقول هذا العقل يرفضه مثل ما رفضه عدد من المعاصرين، العقل يرفضه حتى ولو كان في الصحيح، يقول كيف ملك الموت يأتي وله عين ويفقأها موسى، هذا يرفضه العقل، لماذا يرفضه العقل؟ لماذا؟ لأي شيء؟ تسأل عن الأسباب.
إذا قال لك:
السبب الأول هو مثلا أن الملك الموت كيف يكون له عينان؟
فيكون الجواب:
ما الذي يمنع في العقل أن الله جل وعلا بعث ملك الموت في صورة رجل لموسى عليه السلام اختبارا له وإبقاء للعلم في الناس؟ ما يمنع.
ملك الموت على صورته الحقيقة ليس صورة رجل، هذا تصوير؛ يعني جاءه في صورة على هيئة رجل ففقأه، هذا فيه اعتبار.
الأمر الثاني: إذا قال له: موسى عليه السلام كيف يعتدي عليه.
تقول: علمنا العقل أنه ما عرفه أو أنه رآه ومعتد أو أنه متجنّ على مقام الملائكة، ملك الموت ما يأتي على صورة رجل يقبض الأرواح بإذن الله جل وعلا.
فإذن ما أُدعي فيه من الأمور الغيبية أنه معارض للعقل مما عارض به المعتزلة من قبل وكل من خالف الشرعيات، الجواب عنه سهل لكن أيضا يحتاج إلى عقل.
فإذن طالب العلم والداعية إذا واجه مثل هذا:
( أولا يهدأ؛ لأنه إذا صار ذا هدوء أدرك وين يضرب الخطأ، إذا أنت استعجلت هو يْصِيدِك، وأنت تقع في موضع ضعف كيف تدافع، وأنت الآن مبلغ عن الشرع، الحاضرين في المجلس يقولون والله ما عرف يجاوب.
أولا تهدأ.
( ثم إن كان عندك علم وقوة إدراك في مناقشته فناقش، وإذا لم يكن عندك علم وقوة إدراك فترجع الأمر إلى المجملات، ما هي المجملات؟
الله جل وعلا هو الذي قال ذلك، ويجب تصديق الرب جل وعلا، لا أحد أعلم بخلق الله من الله سبحانه، أخبر بها النبي ( والحديث صحيح، ما طعن فيه أحد من العلماء يجب التسليم، كون أدركنا معناه أو لم ندرك هذه مسألة أخرى، فتحيل على المجملات، والمجملات فيها قوة؛ لأنها أقوى حجة إذا كان المجادَل مؤمنا يعني عنده انتساب للإيمان، تقول: النبي ( قال هذا، لو كان النبي ( حاضرا وقال هذا الكلام تقول هذا يرفضه العقل أو هذا غير صحيح، فإما أن يطعن في دلالة النص أو يطعن في ثبوت النص؛ فإن الطعن في الثبوت تبحث معه والطعن في الدلالة تبحث معه أو ترجعه إلى المجملات.
( الخطوة الثالثة أن هؤلاء دائما يقفون بالعقليات، العقليات يعني إذا حاججتهم الفهم تقول مسألة عقلية تجعله يقف، من المسائل العقلية المهمة التناقض، إذا كان هو يقول العقل يعارض هذا، تكون أنت محضّر لأشياء عقله هو بما أقر به أيضا يتناقض فيها يسلم بأشياء ما شافها، يسلم بأشياء العقل ربما لا يدله العقل إلا بخبر من أخبر بها.
فإذن تبحث هناك عن أشياء تجعله متناقضا، والتناقض من أقوى الأشياء التي تضعف الخصم في أي مجادلة التناقض مرة تقول كذلك ومرة تقول كذا، معناه أنه لم يقم على عقل واضح واحد، ولا على دليل بيّن، تقول فإذن أنت تسأله مرة تقول ومرة تقول ما عندك قاعدة بينة.
لهذا الشرع من اعتمد عليه فإنه لا يتناقض ?أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا?[النساء:82]، من يعتمد على الشرع ما يتناقض، الحجة واحدة والدلالة الشرعية في المسائل العقلية أيضا واحدة ما تختلف.
وهذه المناظرات والمجادلات ينبغي لطالب العلم أن يتحرّز فيها ما يقبل عليها وبضاعته قاصرة؛ لأنه يُخشى أن يفتن من يخاطبه، يخشى أن يفتنه، يقول ما جاء بحجة، هذه الذي وقع فيها حتى بعض المشهورين في المناظرات التي حصلت في بعض القنوات الفضائية الفضائية، ونحو ذلك مسائل عظيمة منها مسائل عقدية، ومنها مسائل الإيمان؛ بل في وجود الله جل وعلا، وربما ما كان عندهم حجة صار المتلقي هذا والله مسلَّم له، المتلقي شك في المسألة إذا كان هذا ما عرف الجواب الصحيح ما عرف له حجة، يؤول الأمر إلى أن المجتمع يتشكك.
ولا يجوز لمؤمن أن يقدم على شيء يحصل بسببه فتنة لآخرين، إذا كان سؤال شيء لم يحرم في عهد النبوة -شيء لم يحرمه الله جل وعلا-، السؤال عنه ثم بعد ذلك حرم أنه من أعظم المسلمين جرما، فكيف من يوقع الشبهة في أصل الدين، في العقيدة، في وجود الله جل وعلا في أشياء، ما يعرف يناقش، ما يعرف يحتج، يجعل الشرع ضعيفا أو ما يجد الحجة.، ما يلزمك أن ترد إلا إذا كنت قادرا، قادر من الناحية العلمية وقادر أيضا من الناحية النفسية.
بعض الناس إذا جاء النقاش يحس من نفسه أنه خاف، تحس أن قلبه بدأ يضطرب وخايف، هذا معناه أن يسكت، مع هذا الاضطراب ما يقضي القاضي وهو غضبان، وهذا قضاء أيضا في مسائل شرعية، لهذا قال العلماء: لا يقضي القاضي وهو غضبان. يشمل المسائل والخصومات العملية والعلمية، أنت تبلغ عن الشرع، فما تدخل في شيء وأنت تعلم من نفسك عدم ثباته، كذلك المجادل الداعية، هذا نوع من الانتهاك يحتاج إلى ثبات، يحتاج إلى ثبات، ورباطة جأش، الواحد ما نزل عليه بجبال من الكلام السيئ ما ينفعل إلى آخره.
وأنت تأمل مجادلة النبي ( للمشركين في مكة ناقشوه في كل شيء في الله جل وعلا وصرف العبادة وفي الأسماء والصفات، وجادلوه في البعث بعد الموت وسبوه، وقالوا أنت مجنون؛ لكن كل كلامه عليه الصلاة والسلام، وما أمر الله جل وعلا به رده أن يبلغ المشركين؟ كان كله على الغاية والرفعة في اللفظ وفي الحجة وفي الهدوء والطمأنينة، فلسنا بشاكين حتى نضطرب، لهذا كل واحد يعرف نفسه، فلا يوقع غيره في شبهة فيأثم بذلك.
هذه مسائل عظيمة يحتاج طالب العلم إلى أن يُدرِّج نفسه فيها، وسبيلها الهدوء والطمأنينة.
زادني الله وإياكم من كل خير ومن حمل الفقه في الدين، وغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا ومن له حق علينا، ووفق ولاة أمورنا علماءنا لكل خير.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ يقول: لماذا سُمِّي كتاب الأدب المفرد بهذا الاسم؟ وما أفضل كتاب في الأدب يمكن أن يُشرح للطلاب؟
ج/ كتاب الأدب المفرد هو للإمام البخاري رحمه الله وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وهو مؤلف الصحيح، وفي كتابه المسند الجامع الصحيح المختصر فيه كتاب باسم كتب الأدب في أواخره، ثم صنّف كتابا آخر ليس كشرطه في الصحيح جمع فيه جملا كثيرة مما جاء في السنة أو عن الصحابة رضوان الله عليهم في أبواب الأدب سماه الأدب المفرد؛ يعني مفردا عن الصحيح لئلا يشتبه بكتاب الأدب الذي هو من كتب صحيح البخاري.
وهو في الأدب الشرعي؛ يعني مثلا ما يتعلق بأدب الاستئذان، رد السلام، حقوق المسلم كيف يتعامل مع نفسه، كيف يتعامل مع الحيوان، كيف يتعامل مع النّاس، أدبه في الأكل، أدبه في النوم، أدبه في الاجتماع، أدبه في الحقوق العامة، ونحو ذلك مما يُعرف الإطلاع عليه، وهو كتاب نافع جدا، وله شرح متأخر لا بأس به سماه مؤلفه وهو أحد علماء الهند: فضل الله الصمد بشرح كتاب الأدب المفرد، وهو مطبوع في مجلدين.
س2/ ما الصواب في الجار والمجرور في أول سورة قريش؟ هل هو متعلق بسورة الفيل التي قبلها، أم هو كما قال ابن جرير إنه لام التعجب يعني إعجبوا لإيلاف قريش؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج/ هذا سؤال جيد، وسورة الفيل وسورة قريش في ترتيب المصحف الذي رتبه الصحابة رضوان الله عليهم جاءت سورة قريش بعد سورة الفيل، وسورة الفيل فيها ذكر منّة من الله جل وعلا على قريش كما قال سبحانه ?أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1)أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2)وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ(3)تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4)فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ(5)?[الفيل]، هذا قبل أن يولد محمد عليه الصلاة والسلام، فالفضل في صدّ أبرهة ومن معه والفيل وذاك الجيش عن استباحة مكة، الفضل فيها لله جل وعلا، والمتفضَّل عليه قريش، ولهذا لما جاء [أبو طالب](154) إلى أبرهة وقال له سأله عن إبله قال له ظننت أك تدفع عن البيت، قال للبيت رب يحميه وأنا رب هذه الإبل، فالفضل من الله جل جلاله والنعمة تمت على قريش أنْ منع هذا المعتدي من أن يستبيح مكة.
هذا الفضل الذي يُعرف من قراءة سورة الفيل والإنعام الخاص على قريش لصد الفيل وعقوبة أهله، لماذا؟ يعني ما العلة فيه؟
هنا جاء من قال من أهل العلم أن اللام في ?لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ?[قريش:1]، أنها تعليلية لما تضمنته سورة الفيل، هذا الإنعام وهذا الفضل وهذا الصد وهذه الحماية لأي شيء؟ ?لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ? لأجل أن يألفوا ما ألفوه من التجارة ومن النعمة ومن الراحة في هذا البيت ونحو ذلك، هذا توجه لطائفة من أهل العلم وهذا التوجه، وإن كان من حيث التعليل له حظ من النظر؛ لكن الأصل في السور الانفصال، ثم إن الترتيب ليس ترتيبا توقيفيا كما هو معلوم -ترتيب السور-، إنما هو اجتهادي على الصحيح، وسورة قريش نزلت بعد الفيل، ونزول السورة بعد السورة لا يقتضي تعلق الآخرة بالأولى.
لهذا فالقاعدة أن كل سورة مستقلة عما قبلها من جهة تعلق الآي إعرابا وتركيبا بالآي التي في السورة قبلها، وهذا يظهر به أن اللام في قوله ?لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ? أنها ليست متعلقة بما قبلها وليست تعليلية، وإنما يُقَدَّر فعل تعلق به الجار والمجرور؛ لأن الجار والمجرور في النحو يتعلق بفعل أو بمصدر أو ما أشبه ذلك.
لهذا قدره ابن جرير وغيره من المحققين بفعل محذوف هذا الفعل المحذوف، يقدر بحسب اجتهاد المقدر، والعرب تعرف أنه إذا حُذف الفعل وبقي المتعلق فإنه يُعطي سعة -هذا من جهة البلاغة- يعطي سعة في تقدير المحذوف بحيث يكون أعم من أن يذكر فعل واحد؛ يعني لو قال الله جل وعلا تعجبوا لإيلاف قريش، أذكروا لإيلاف قريش أو إعجبوا لإيلافهم، أو اعتبروا لإيلافهم، لصار هناك حد من سعة تقدير المحذوف، فلما حُذف الفعل وأُبقي الجار والمجرور الذي هو متعلق بالفعل المحذوف كان في هذا سعة في التقدير وأبلغ في الاعتبار.
لهذا نقول: الصحيح أن قوله ?لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ? وأمثاله فيما يكون في السور أنه لا يتعلق بالسورة التي قبل، وإنما يقدر له محذوف يناسب المقام.
هذا يختلف عن بحث عند أهل التفسير وعلوم القرآن، بحث آخر وهو أن تكون سورة لها صلة بالسورة التي قبلها من حيث المقاصد؛ مقاصد السور والتناسب، وهذا فيه ألف طائفة من العلماء أنه تناسب السور؛ يعني مناسبة مجيء السورة بعد السورة، هل فيه مناسبة؟ هذه المناسبة تكون لأجل الترتيب، لا لأجل أنها أنزلت لأجل ذلك، فمثلا نقول في هذا المقام: جاءت سورة قريش بعد سورة الفيل لأنها أنزلت بعدها ولمناسبة تذكر النعمة بدفع الفيل وبحصول إيلاف قريش وإلفهم وبحصول هذه الرحلة والمنة عليهم بذلك، ثم تحقق النعمتين دفع الفيل في الماضي وإلف قريش للتجارة دون معارض لهم في الشتاء وفي الصيف وما كانت عليه مكة من الغناة، لابد أن يعتبر به لأجل عبادة الله وحده ?فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ(3)الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ?[قريش:3-4]، ?أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ? بالتجارة، ?وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ? في الحاضر وفي الماضي بدفع الفيل والجيش الذي أراده. والله أعلم.
س3/ هذا السؤال يحتاج إلى بسط؛ لأنه يتعلق بأصول البدع والسنن، يقول: كثير ما أسمع من بعض علمائنا قولهم: لم يُعهد هذا على السلف، فهل هذه العبارة دليل بحد ذاتها وحجة معتبرة؟ وهل تعتبر من الاستقراء؟
ج/ هذا يحتاج إلى بيان طويل يضيق المقام عنه؛ لأنه يحتاج إلى تأصيل المسألة، والعبرة بالدليل وعمل السلف وصلته بالدليل، وهل هو مطلق في كل مسألة أم أن الحجة في الدليل ولو لم يجر عليه عمل؟ تفصيل العلماء في ذلك، يحتاج إلى بسط.
لكن في الجملة: العلماء يستدلون على عدم جواز الأفعال التي لها هيئات تضاهي المشروع بقولهم لم يعهد هذا عن السلف، فإذا كان هناك مضاهات للمشروع مثل احتفالات، اجتماعات على الأذكار على نحو معين، إعلان بشيء على المنابر، ومثل إضافة شيء للأذان ونحو ذلك، مثل هذه الأمور يحتج فيها بأنها لم تعهد على السلف ولو كان خيرا لكانوا هم أحرص عليه، هذا على وجه الإجمال لكن تحتاج إلى تفصيل.
س4/ يقول: بالأمس ضاق علينا الوقت بصلاة الجمعة ونحن خارج المدينة فتوقفنا عند مسجد وخطب بنا أحدنا وصلينا الجمعة، وكان عددنا ثلاثة وأربعين رجلا مع العلم أن هذا المسجد لا تقام فيه صلاة الجمعة، فما الحكم؟
ج/ الصلاة مجزئة، المسافر إذا صلى الجمعة أجزأت، والصحيح أيضا من قولي العلماء أن الخطيب والإمام يجوز أن يكون مسافرا، ويجوز أن يأمّ المسافر الحاضرين في الجمعة، وكذلك من كانوا مسافرين على مثل حاله.
والأفضل لمثل هؤلاء أن لا يصلوا الجمعة في السفر؛ لأن النبي ( سافر كثيرا ومرت عليه جمع كثيرة في السفر، سواء أكان في مدينة كمكة أو كان في غيرها ولم يصل الجمعة، ولذلك المسافر ليس في حقه جمعة؛ يعني لا تجب عليه الجمعة، وليس الأفضل له أن يصليها جمعة، الأفضل أن يصلي الظهر والعصر جمعا وقصرا بحسب الحال، إما في أول وقت الظهر أو أول وقت العصر.
هذا في حق المسافر الذي جدّ به السير مثل حالتهم مروا بمسجد يصلون الظهر والعصر، هذا هو الأفضل في حقهم، والصلاة مجزئة.
س5/ ما المراد بالقرب في قوله تعالى ?وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ?[ق:16]؟
ج/ التحقيق أن المراد هنا بالقرب قرب الملائكة، وذلك كما حققه ابن تيمية رحمه الله وابن القيم أن القرب هنا قرب عام، وهذا القرب إنما هو قرب الملائكة.
س6/ هل تجوز صلاة الغائب على من صُلي عليه في مكان آخر؟
ج/ صلاة الغائب العلماء لهم فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو قول أكثر أهل العلم، أن الغائب إذا كان فَقْدُه على الجميع فإنه يصلى عليه صلاة الغائب ولو كان صُلي عليه، إذا كان المسلمون يفقدونه، وهؤلاء استدلوا بحديث الصلاة على النجاشي رحمه الله، والنبي ( صلى عليه صلاة الغائب.
ويعكّر عليه -يعني على هذا القول، مع أنه قول أكثر أهل العلم- أنّ النبي ( لم يصل عليه إلا في حجرة عائشة لما قُبض صلى عليه الناس أرسالا، تدخل جماعة تصلي، ثم تدخل جماعة تصلي، ثم تدخل جماعة تصلي، ولم يُصلَّ عليه في خارج المدينة صلاة الغائب، وكذلك فعل بأبي بكر (، وكذلك فعل بعمر وهكذا.
ولهذا صار:
القول الثاني: وهو أن لا يصلى إلا على من لم يصلًّ عليه، إذا لم يصلَّ عليه أحد -يعني على مسلم فإنه مات في غربة أو عُرِف أنه لم يصل عليه- فإنه يصلى عليه صلاة الغائب، وذلك كما فعل النبي ( في حق النجاشي فإنه نعى النجاشي إلى أصحابه وتقدمهم وصفوا خلفه وصلى على النجاشي وكبر عليه أربع تكبيرات؛ وذلك لأنه مات في بلد أو دار كفر وكان مسلما رحمه الله تعالى.
وهذا هو الذي يَسعد بالدليل أولا.
وثانيا العمل عمل الخلفاء الراشدين عليه فيها هم عليه فيما هو ظاهرٌ من عملهم.
القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد الناس في ذلك تبع للإمام الإمام هو الذي يختار يصلي أو لا يصلي.
والقول الثاني هو الأظهر من جهة الاستدلال.
اقرأ...
??(??
[الأسئلة] فنأخذ بعض الأسئلة.
س1/ ما توجيهكم لحديث البطاقة وحديث «يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطيئة ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» رواه مسلم -ما رواه مسلم، هو خارج مسلم- مع العلم أن صاحب الكبيرة تحت المشيئة؟
ج/ ما فهمت وجه الاستشكال؛ لكن لعله أنه فهم من العموم في حديث «ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» فهم من العموم أن هذا يعارض صاحب الكبيرة تحت المشيئة إذا مات غير تائب، وهذا غير وارد لأن النصوص يصدق بعضها بعضا، والآيات يفسر بعضها بعضا، والأحاديث يفسر بعضها بعضا، وكذلك الوعد لا ينافي الوعيد، فقوله «أتيتك بقرابها مغفرة» هذا وعد من الله جل وعلا لمن حقق التوحيد لا يشرك بالله شيئا، وكون صاحب الكبيرة تحت المشيئة لا يعارض هذا الأصل؛ لأن هذا وعيد والوعد والوعيد يطلقان ويكونان على إطلاقهما، وكذلك يجتمعان في حق المعين، فيجتمع في حق المعين الوعد والوعيد، وهذا في حق مرتكب الكبيرة، ويدخل في عموم أهل الإيمان الذين وعدهم الله جل وعلا بالجنة، كل مؤمن وعده الله جل وعلا بالجنة، يدخل في المسلمين الذين جعلهم الله جل وعلا لهم مغفرة وأجرا عظيما كما في آية الأحزاب ?الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ? إلى قوله ?وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا?[الأحزاب:35] ونحو ذلك، فأهل السنة والجماعة في مثل هذه الأدلة التي فيها الوعد وفيها الوعيد، يُعملون الوعد ويُعملون الوعيد والوعد بشرطه والوعيد أيضا لشرطه، فلا منافاة بين الأدلة بل الأدلة يُصدِّق بعضها بعضا.
س2/ ما الضابط في التفريق بين الفعل والصفة في صفات الله جل وعلا وأفعاله؟
ج/ الصّفة صفة الرب جل جلاله مشتملة على فعلٍ له سبحانه وتعالى ومشتملة على ما هو لازم من غير الفعل؛ يعني أن صفات الرب جل جلاله منها ما هو صفة فعل ومنها ما هو صفة ذات، فليست كلها متعدية تعدي الأفعال.
فمثلا وجه الرّب جل جلاله صفة وليس بفعل، اليدان للرب جلا جلاله وصف له سبحانه وليستا باسم ولا فعل.
فإذن الفعل هو فعل يفعله الله جل وعلا له أثره، فالصفات منها ما هو صفة فعلٍ مثل الرحمة وهي صفة ذات لكن لها أثرها، ومثل النزول وأشباه ذلك والغضب الرضا، وهذا يتعلق بالمخلوق فيفعله جل وعلا فيتصف به سبحانه وتعالى.
وهناك القسم الآخر التي هي صفات الذات، صفات الذات كثيرة لا علاقة لها بالأفعال.
فإذن نقول: ليست كل صفة لله جل وعلا فعلا، فقد تكون متعلقة بفعل أو لها فعل أو أثرُها فيه فعل، وقد لا يكون ذلك، ولهذا لا يُشتق من الصفة فعل مطلقا، كما أنه لا يشتق من الفعل صفة مطلقا، وذلك أنّ الأفعال أوسع في باب وصف الله جل وعلا من الصفات، فقد يكون ثَم فعل لله جل وعلا ولا نشتق منه صفة؛ يعني نشتق من الحدث المستكنّ في الفعل صفة لله جل وعلا.
مثلا الأفعال المنقسمة إلى محمود ومذموم مثل المكر ?وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ?[الأنفال:30]، ومثل ?يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ?[النساء:142]، ومثل ?مُسْتَهْزِئُونَ(14)اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ?[البقرة:14-15]، ونحو ذلك من الأسماء [لا] نشتق منها صفات مطلقا، ونقول الفعل أطلق على الله جل وعلا فنقول له صفة الاستهزاء، له صفة المخادع، له صفة المكر، وهكذا بل تطلق هذه الصفات مقيدة لأن المكر والمخادعة والاستهزاء ليست كمالا في كل حال؛ بل قد تكون كمالا، وقد تكون نقصا، فتكون كمالا إذا كانت بحق، ومن آثار صفات الكمال الأخر، وتكون نقصا إذا كانت بباطل، وكانت من آثار صفات النقص في المخلوق.
فإذن باب الأفعال أوسع من باب الصفات، وليس كل فعل نشتق منه صفة لله جل وعلا، وليست كل صفة نشتق منها الفعل لله جل وعلا؛ لأن الصفات منها ما هو صفة ذات ومنها ما هو صفة فعل.
نكتفي بهذا، نعم، اقرأ...
??(??
[الأسئلة]
س1/ فإن لم يكن مرتكب الكبيرة من أهل الوعيد، إلا في حالات ذكرتم فيها بعض الذنوب... وقال الله جل وعلا ?فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ?[المائدة:45]، وما وجه ذلك؟
ج/ وجهها الإطلاق؛ يعني من تصدّق لقتل القاتل فهو كفارة له، والقتل كبيرة وكفارته قلنا تكفر الصغائر غير مناسب، تكفر ما يقابلها من كبيرة، لهذا قال العلماء في تفسير ?فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ? يعني فيما ناسب عظم العمل، وذاك قتل والآن يستحق أن يقتل فهو تصدق به، تصدق بتلك النفس يعني باستحقاقه القتل ?وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا?[الإسراء:33]، واضح، كفارة لمن قتل وكفارة للمتصدّق، الكفارة هنا هل هي للصغائر، الصغائر تكفرها الصلاة إلى الصلاة، لكن كفارة لما يناسب؛ لأن عظم الذنب يقابله عظم التكفير.
س2/ ....؟
ج/ القصاص، الحق يورث؛ يرثه الورثة، وهو حق طبعا القتل فلان قتل فلانا، الحق في قتل القاتل لمن؟ للمقتول، وهذا الحق يورث كسائر الحقوق يرثه الورثة، يتّضح لك هذا في صورة، وهي ما إذا قتل؛ لكنه ما زهقت نفسه -يعني في تلك اللحظة مكث مثلا ثلاث ساعات-، ثم قال أقتلوه أنا ما أعفو عنه، فهنا مات، فهل الورثة لهم حق العفو؟ هنا ما وُرِّثوا الحق، يعني ما ورثوا الحق كاملا، وإنما هذا الحق له.
فالقتل يجتمع فيه حق اله جل وعلا حق المقتول وحق الورثة لأنه حق من جنس الحقوق الأخرى التي تورث.
وهذا يُحمل عليه عند طائفة من العلماء قتل الحسن بن علي رضي الله عنهما عبد الرحمن بن ملجم، عبد الرحمن بن ملجم قتل عليا ( وباء بإثمه، ثُم قتل وكان في أولاد علي ورثة صغار والأصل أن الحق يورث فيكون لجميع الورثة، فلابد أن يُنتظر ينظر حتى يبلغوا هل يعفون أو لا يعفون؛ لأنّ الحق تقسّم للجميع، فهنا الحسن ( قتل عبد الرحمن بن ملجم وفي الورثة صغار ما انتظر بهم، لماذا قتل عبد الرحمن بن ملجم؟ للعلماء فيه توجيهان:
أحدهما أن علي ( ما أسقط حقه؛ بل أمر بقتله قبل وفاته ( وأرضاه.
والقول الثاني أن الحسن صار إمام وله أن يعذب بالقتل ولو بإسقاط حق الورثة.
س3/ الصلوات الخمس والجمعة ورمضان هل يكفر الله سبحانه بها الكبائر والصغائر أم لا يكفر إلا الصغائر، أما الكبائر فلا بد لها من توبة؛ لأن من أهل العلم من يقول بذلك؟
ج/ الحديث نص على أن الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان أنها مكفرات لما بينهما ما اجتُنبت الكبائر، فتكفر الصغائر، الصلاة في الجماعة إلى الصلاة في الجماعة تكفر ما بينهما من الصغائر؛ لكن الكبائر لابد فيها من توبة.
وأما من قال أن هذه الحسنات تكفر الصغائر والكبائر كابن حزم وغيره، فهذا قول باطل وردّ عليه ابن عبد البر في التمهيد ردا جيّدا مطولا.
لو كانت الكبيرة تكفَّر بغير التوبة ما يبقى أحد من أهل القبلة يلحقه وعيد، ولهذا قال ابن رجب رحمه الله في معرض كلام له قال: ومن قال إن الكبائر تكفَّر بمثل هذه الأمور، فهذا أشبع بقول المرجئة؛ لأن المؤمن يصلي ويصوم ويحج ويعتمر إلى آخره، معناه أن هذه الأفعال تكفر الكبائر يعني أن أهل الإسلام سيموتون ولا عذاب؛ بمعنى لا يلحق مسلم وعيد، الوعيد ما يلحق مسلم. وهذا أشبه بقول أهل الإرجاء.
فالصحيح أن الأحاديث التي فيها السيئات بفعل الطاعات أن هذا للصغائر.
في بعض الأعمال خلاف، بعض الأعمال مثل الحج قال «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» يعني هذا التمثيل يدخل فيه الصغائر والكبائر فيه طائفة من أهل العلم خصوا الحج، قالوا الحج غير العمرة إلى العمرة «حج فلم يرفث ولم يفسق» هذا يكفر الكبائر والصغائر، ولهذا شبه النبي ( الحج بالجهاد، والجهاد يمحو الله جل وعلا به السيئات لأنها حسنة عظيمة، وهذه فيها خلاف؛ لكن القاعدة أن الحسنات من الصلاة والصيام والجمعة والعمرة إلى العمرة أنها مكفرة للصغائر دون الكبائر بشرط اجتناب الكبائر؛ لقوله ?إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفَّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ?[النساء:31]. فجعل شرط التكفير اجتناب الكبائر.
ثم هنا اختلف العلماء هل ترك الكبيرة وحده تكفَّر به السيئات أم لابد أنه يترك الكبيرة مع عمل صالح؛ يعني ترك مع فعل، أم الترك وحده مكفر؟ على قولين: والظاهر من قول المحقّقين أن ترك الكبيرة لا تكفر به السيئات وحده بل لابد من فعل؛ يعني ترك الكبيرة مع الصلاة إلى الصلاة، ترك الكبيرة مع عمرة إلى عمرة، ترك الكبيرة مع رمضان إلى رمضان وهكذا، وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.
س4/ قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في قوله: والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفيّة وشفاعة مثبَتة، ما المقصود؟
ج/ يعني أن الله جل وعلا أثبت شفاعة ونفى شفاعة، نفى شفاعة فقال ?فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ?[المدثر:48]، ?لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ?[الأنعام:51]، هذه شفاعة منفية.
وهناك شفاعة مثبتة، وهي في قوله ?وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى?[الأنبياء:28], ?وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى?[النجم:26]، ?مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ?[البقرة:255]، فأثبت شفاعة ونفى شفاعة.
فإذن الشفاعة المنفية هي عن أهل الكفر والشرك.
والشفاعة المثبتة بشرطين الإذن والرضا، هذا مراد الشيخ.
??(??
الدرس الأربعون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
[الأسئلة] فهذه بعض الأسئلة بين يدي الدرس.
س1/ قال كيف نجيب على الإشكال في الأحاديث النبوية التي تذكر دخول الجنة والنار بالفعل الماضي، مثل حديث «عُذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت بها النار»، هل المقصود عذاب القبر أم ماذا؟
ج/ ما ذُكر من العذاب لمن أخبر الله جل وعلا أنه يعذب في النار أو أنه يعذب مطلقا أو أنه عُذِّب، هذا محمول عند أهل السنة والجماعة على حقيقته، فإن الجنة والنار مخلوقتان الآن لا تفنيان ولا تبيدان.
فمن شاء الله جل وعلا أن يعذبه في النار من أهل القبلة أو من استحق النار من أهل الشرك والضلال فهو إذا مات في النار وهو في قبره يكون معذبا في النار، والقبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، وقد قال جل وعلا في سورة غافر لما ذكر عذاب آل فرعون قال ?النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ?[غافر:46]، فدلت الآية أن عذاب أولئك في النار حاصل في زمنين: الآن وبعد قيام الساعة. وكلها على حقيقتها يعذبون في النار؛ لأن الواجب الأخذ بالظاهر، وهذه أمور غيبية، والنار مخلوقة والجنة مخلوقة والنعيم في الجنة حاصل الآن والعذاب في النار حاصل الآن.
لكن يُنبغي أن يفهم أن العذاب في البرزخ يختلف عن العذاب في الآخرة:
وهو أن العذاب في البرزخ يقع على الروح والبدن تبع، كما أن النعيم في البرزخ للروح والبدن تبع.
وأما بعد قيام الساعة فإن النعيم والعذاب للإنسان لروحه وبدنه جميعا في أكمل تعلق بينهما.
ويوضِّح ذلك أن الأحاديث جاء فيها ذكر نسمة المؤمن وروح المؤمن أنها في الجنة، وأن روح الكافر يؤخذ بها في النار، فالعذاب والنعيم في البرزخ يقعان على الروح ليس الروح فقط ولكن الروح والبدن تبع، بعكس الحياة الدنيا، الحياة الدنيا التنعم أو التعذب يكون على البدن والروح أيضا تتنعم وتتعذب لكن بالتّبع، وبعد الموت عكس حالة الحياة الدنيا هي على الروح والبدن تبع لها، وهذا هو ما قرّره أئمة أهل الإسلام.
وهذا خلاف من يقول أن النعيم يكون للروح والعذاب على الروح فقط وأن البدن في البرزخ لا يعذب، هذا غلط كبير ولا ينبغي أن ينسب هذا إلى أحد من أئمة الإسلام؛ بل هو على الروح والبدن جميعا؛ وذلك أن الأدلة جاء فيها أن الميت يعذب، وأن الإنسان يعذّب، والميت والإنسان اسم لبدنه وروحه معا، فمن ادعى الانفصال فلابد له من إقامة دليل على ذلك، هذا من جهة في جواب السؤال.
والجهة الأخرى هو أن ما جاء في الكتاب أو السنة من التعبير عن الشيء بالفعل الماضي له أنحاء:
الأولى: أن يعبَّر أو يوصف الشيء الذي لم يتحقق لم يأتِ بعد بالفعل الماضي، أو الذي يكون دائم التحقق بالفعل الماضي.
مثال الأول ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ? ?أَتَى? هذا فعل ماضٍ ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ? يعني بقيام الساعة ?فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ?؛ يعني كأنه من شدة التأكيد على حصوله وأنه يقينا حاصل لا محالة، ووقوعه لا شك فيه ولا ريب، كأنه قد وقع وانقضى، والناس يرون ما وقع وانقضى يقينا؛ لأنهم شاهدوه، حصل أمس وشاهده الناس وانتهى، فيعبر عما يستقبل بالماضي إذا كان وجوده وتحصيله يقينا بلا ريب ولا شك، وكأنه قد وقع وانقضى في حصول اليقين لمن علم به.
والوجهة الثانية: أو الحال الثانية أن يكون الشيء منه ما وقع ومنه ما يقع الآن ومنه ما يقع في المستقبل، وهذا وصفه بالفعل الماضي، التعبير عنه بالفعل الماضي لتحقق الاتصاف به وللتأكيد على الاتصاف به، وهذا ما يُحمل عليه مثل قول الله جل وعلا ?وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا?[النساء:134]، ?كَانَ اللَّهُ? هذا فعل ماضي الله جل وعلا سميع بصير صفة ذاتية في الماضي والحال والاستقبال، هذا للتأكيد على تحقق هذا الاتصاف وتحقق آثاره، ?وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا?[الكهف:45]، ?وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا?[النساء:47، الأحزاب:37]، وهكذا في أمثالها مما يدل على هذا المعنى.
س2/ هل الكتب السماوية التي نزلت قبل القرآن جميعها من كلام الله وكتبت مثل ما كتب القرآن الكريم؟ أم أنها لم تكتب حتى توفي الرسل الذين نزلت عليهم وكتبها من بعدهم؟
ج/ لا أعلم شيئا يدل على تعميم أن الكتب السماوية جميعا كُتبت، أو أنها نقلت بعد ذلك؛ لكن الكتب السماوية بمعنى الكتب التي أنزلها الله جل وعلا هي كلام الرب جل جلاله أوحاه إلى الرسول البشري بواسطة جبريل عليه السلام، ومنها ما اختصه الله جل وعلا بأن كتبه بيده كصحف موسى عليه السلام قال جل وعلا ?وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ?[الأعراف:145]، فالله جل وعلا كتبها بيده الكريمة العظيمة تبارك ربنا وتعالى وتقدس.
فالأصل أن الكتب السماوية كلام الله جل وعلا، وأنها كُتبت، وهل هذا يعم كل كتاب أم يستثنى منه بعضها تحتاج المسألة إلى بحث وتحقيق. والله أعلم.
اقرأ...
??(??
[الأسئلة] نجيب على سؤالين ثم ننتهي إن شاء الله تعالى.
س1/ إذا مات رجل في أرض المعركة هل نشهد له بأنه شهيد ومن أهل الجنة أم لا يجوز؟ وهناك طائفة من الناس يقولون: إن من مات في المعركة شهيد فيحتفلون بذلك، ويعملون عرس للشهيد الذي مات في المعركة، ويزفون الشهيد للحور العين في الجنة، ويوزعون المشروبات الباردة في ذلك ويهنئون أهل الميت بدخول ميتهم الجنة، ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟
ج/ هذا مما يدخل في هذا الأصل الذي ذكرنا، وهو أن الناس من أهل القبلة على إحسان نرجو له وعلى إساءة نخاف عليه، ولا نشهد لأحد بجنة نصا ولا بأسبابها.
هذه كان ينبغي أن نذكرها في الشرح فتضاف عليه.
وهي مسألة الشهادة بما يدل على الشهادة بالجنة مثل أن يقال فلان شهيد، إذا كان شهيدا الله جل وعلا ذكر ونص على أن الشهداء بالجنة.
وكذلك الشهادة له بالمغفرة المغفور له، المرحوم، النفس المطمئنة، ونحو ذلك، مما هو من أسباب دخول الجنة.
فإذا شُهد له بهذه الأوصاف بأنه غفر له وقد شُهد له بأمر غيبي، فإذا شُهد له بأنه مغفور فقد شهد له بأمر غيبي، فإذا شهد له بأن نفسه مطمئنة ?ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29)وَادْخُلِي جَنَّتِي?[الفجر:28-30]، فقد شُهد له بالجنة.
فإذن الشهادة للمعين بالجنة ممنوعة، وكذلك بما يدل على أنه يُشهد له بالجنة، مثل الأسباب هذه ونحوها.
من ذلك الشهادة له بأنه شهيد وقد جاء في صحيح البخاري بحث هذه المسألة، وبوّب عليها هل يقال فلان شهيد؟ وذكر أثر عمر: إنكم تقولون لمن مات في معارككم فلان شهيد فلان شهيد، والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله، والله أعلم بمن يقتل في سبيله. لأنه هل كان يقاتل يريد أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، هذا أمر غيبي فلذلك لا تجوز الشهادة لمعين؛ لكن نرجوا له، من مات في أرض المعركة نرجوا له الشهادة، نقول نرجوا له أن يكون شهيدا وهذا تبع للأصل أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
س2/ قلتم أن النصارى كفار يجوز الجزم بدخولهم النار فما موقفنا أمام الآيات التي تستثني بعضهم؟
ج/ ما جاء في استثناء بعضهم هو استثناء لمن مات مؤمنا، لمن أسلم، من أسلم منهم فله حكم أهل الإسلام هذا ما مات على الكفر، كقوله جل وعلا ?لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ?[المائدة:82]، هذا في فئة آمنت أسلمت، ولهذا قال جل وعلا بعدها ?وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83)وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ?[المائدة:83-84] ونحو ذلك، فهؤلاء فيمن أسلم، وأما من يسلم فإنه باق على كفره.
س3/ إذا لم يكن للمسلمين إمام مسلم يقيم الشرع مثل الأقليات المسلمة، فهل لرئيسهم المسلم أو لإمام المسجد أن يقيم الحدود عليهم؟
ج/ هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل وبحث، وهذه كل صورة لها حكمُها وكل بلد لها حكمها، فيلزم أولئك أن يستفتوا أهل العلم ويأخذوا الفتوى، ليس ثم قاعدة؛ لأن كل بلد لها حكمها، وكل أقلية لها حكمها وقد يدخلون في أشياء بمحض اجتهادهم، تكون عليهم ضرر، تكون تلك الأشياء عليهم ضررا في عاقبة أمرهم، فلابد من استفتاء أهل العلم الراسخين فيه، وتنزل كل مسألة منزلتها.
س4/ كيف قتلت حفصة أم المؤمنين الساحرة التي سحرتها وكيف قتل جندب الساحر الذي كان عند الوليد بن عبد الملك وليس لهما من الأمر شيء.
ج/ آخر السؤال: ليس لهما من الأمر شيء، هذا يحتاج إلى دليل؛ لأنه فيه نوع تأصيل وهو ليس بظاهر.
الظاهر العلماء لما ذكروا هاتين الصورتين وأمثالها قالوا إنه خول لهما ذلك.
وما جاء في الأحاديث قد يكون ثَم فيه اختصار، فكيف بأفعال الصحابة رضوان الله عليهم الأصل أنه لا تعارض الأصول الشرعية والأدلة من الكتاب والسنة بفعل بعض الصحابة، فإذا فعل أحد من الصحابة فعلا يخالف الأصول، فإنما نرجعه إلى الأصول ونحمله على المحكمات؛ بل أفعال النبي ( بل بعض آيات القرآن إذا كان فيها اشتباه ولم يتضح لنا وجهها وكونها مخالفة للقواعد والأصول أو للآيات الأخرى فنرجعها إليها، فيكون من باب حمل المتشابه على المحكم وفهم المتشابه بالمحكم.
أفعال الصحابة رضوان الله عليهم ليست حجة بمجردها فنفهمها على وفق الأدلة فالعبرة بالدليل الكتاب والسنة وفعل النبي ( سنته، أما فعل الصحابة، الصحابة حصل منهم أو بعض التابعين حصل منهم أصلا خروج على الأئمة، فهذا اجتهاد اجتهدوه في بعض المسائل؛ لكن لا يوافق الأدلة من الكتاب والسنة ولا يوافق ما قرره الأئمة من الصحابة وأئمة الإسلام في أصل الاعتقاد وفي الاتباع.
لهذا كتأصيل لا تعارض الأدلة بفعل قد يكون لم ينقل جميع أسبابه، قد يكون أُختصر إلى آخره.
فإذن ليس لهما من الأمر شيء، هذه محل نظر وتحتاج إلى تأمل يعني في وجه هذه المقولة.
وهذا ذكرته لكم مرة في محاضرة بعنوان قواعد القواعد في كيف تفهم الأدلة؟ كيف تفهم أفعال السلف؟ الآن كل واحد يجيء يقول السلف فعلوا كذا؛ لكن فعل السلف أقل درجة من نطق القرآن، والله جل وعلا جعل منطوق الوحي منها محكم ومنها متشابه، وما ضلت الفرق إلا بأخذ المتشابه من كلام الله وأخذ المتشابه من كلام النبي (، وعدم الرجوع به إلى الكلام من الصحابة والرجوع فيه إلى المحكم فكيف من نزل بمراحل واستدل بالمتشابه من أفعال السلف، فلابد أن يكون عنده فهم كيف تعامل الأئمة والسلف في هذا، ويكون قاعدة لك لحمل المتشابه من أفعالهم على المحكم من النصوص؛ لأن الأصل أنهم لا يخالفون وإذا لم يكن ثم مجال للحمل فيكون اجتهاد منهم خالفوا فيه الدليل وأمرهم إلى الله جل وعلا.
ولهذا جاء في كلام علي ( لمقابلته لبعض الفرق قال: إذا سمعتم بالحديث عن النبي ( فظنوا به الذي هو أهناه وأفقاه. الحديث عن النبي ( قد يكون فيه أيضا مجال شبهة.
مثلا الحديث المشهور الذي جاء إلى النبي ( فقال له يا رسول الله إن امرأتي لا تردّ يد لامس. فقال له النبي ( «غرّبها» وفي رواية «فارقها»، قال: يا رسول الله أخاف أن تتبعها نفسي. وفي الرواية الأخرى قال: إني أحبها. قال «فاستمتع بها»، قال الإمام أحمد: لم يكن النبي ( ليأمره أن يبقيها مع فجورها، ولهذا صار تفسير (إن امرأتي لا ترد يد لامس) ليس معناه أنها تمشي في الفاحشة كل من جاء يريدها في نفسها وافقت فإنه معناه القول الثاني قول جمهور العلماء أنها تتصرف في مالي ومن أراد من قرابتها ومن أراد تأخذ من مالي في البيت تأخذ تعطيه، الذي يريد شيء تعطيه؛ يعني تصرفت وأرهقته في التصرفات المالية إلى آخره، هذه لا ترد يد لامس، يد لامس لها أو يد لامس لمالي؟ وهنا نظن بالنبي ( مثل ما قال علي الذي هو أهناه وأفقاه، وهكذا أفعال السلف الصالح نظن بهم الذي هو موافق للدليل، هذا الأصل أن تحمله على موافقة أهل السنة موافقة أفعالهم للدليل، إذا خالفوا الأدلة فإنهم اجتهاد، هم بشر يجتهدون ويؤجرون على اجتهادهم وقد يصيبون وقد يخطئون.
أسأل الله جل وعلا أن يبارك لي ولكم في العلم والعمل، وأن يقينا العِثار وصلى والله وسلم وبارك على نبينا محمد.
س5/ سؤال من النساء: ما هي علامة الطّهر لامرأة حائض؟
ج/ المرأة الحائض الأكثر؛ أكثر النساء تكون علامة الطهر بخروج سائل أبيض يسمى عند العلماء والفقهاء القصّة البيضاء، وجاءت في الحديث أن النبي ( سئل عن هذا فقال «لاَ تَعْجَلَنْ حَتّىَ تَرَيْنَ الْقَصّةَ الْبَيْضَاءَ» وهي السائل الأبيض الذي يخرج تنظيفا لمجرى الرحم من آثار الحيض، هذا في غالب النساء.
ومن النساء من لا ترى هذه القصة البيضاء السائل الأبيض وإنما ترى الجفاف تعرف طهرها بالجفاف، المرأة الحائض بحسب ما ترى من نفسها، إذا كان تعرف أنها في آخر الأمر يخرج منها البياض، فطهرها بخروج البياض، قبل البياض قد يكون فيه أخلاط يعني بياض وحمرة، بياض وكدور من دم ونحو ذلك، هذه لا تستعجل حتى ترى البياض صافيا.
ومن هن وهن قليل لا يكون خروج للبياض هذا وإنما يكون عندها جفاف سواء بعد النفاس أو بعد الحيض تجف فقط ولا ترى من نفسها البياض.
س: تقول وإذا رأت الصفرة في آخر أيام الحيض، هل يعتبر هذا طهارة أم لا بد من البياض؟
ج: الصفرة إذا كانت قبل رؤية الطهر في أثناء الحيض هي حيضا لها حكمه، وأما إذا كانت بعد رؤية الطهر، رأت البياض بعد يومين رأت صفرة هذه لا اعتبار لها قالت أم عطية رضي الله عنها: كُنّا لاَ نَرَى الصّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئاً. رواه البخاري، وفي رواية أبي داوود زيادة: كُنّا لاَ نَرَى الصّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطّهْرِ شَيْئاً. وإذا كانت الصفرة والكدرة في زمن الحيض فهي حيض حتى ترى البياض، فإذا رأت البياض والطهر تاما وبعد يومين أو ثلاث رأت صفرة أو كدرة فلا تلتفت لها حتى ترى الدم الواضح.
بارك الله في الجميع نلتقي إن شاء الله في الأسبوع القادم.
س/ ...
ج/ الناس، أنتم شهود الله في الأرض. أثنى عليه الجميع،
س/ شو الدليل؟
ج/ أنتم، وجبت له الجنة، قال «يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار». قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: «بالثناء الحسن والثناء السيئ»، هذه شهادة، يعني مثلا ابن تيمية الذين يثنون عليه، الإمام أحمد، الأئمة الكبار، ماذا نقول فيهم؟ الإمام محمد بن عبد الوهاب، أولئك شهد لهم المسلمون جمع غفير في كل بلد، هذا عند شيخ الإسلام وهو رواية عن أحمد وعن غيره أن هؤلاء يجوز الشهادة لهم، لكن القول الصحيح أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
... الاستفاضة العامة، أنتم شهود الله في الأرض، يعني عموم الأمة، استفاضة شهادة الأمة.
س/...
ج/ أولاد المسلمين في الجنة، وأولاد المشركين موقوفون أو تبع لآبائهم والله أعلم بما هم عاملون، والصحيح أنهم موقوفون، موقوفون لا نشهد لهم، أما أطفال المسلمين إذا مات وهو صغير فللجنس في الجنة، أما المعين فلا يشهد له، المعين لا يشهد له.
س/ شرك الكواكب؟
ج/ الذين يعبدون الكواكب يضعون لها تماثيل، مثل شرك قوم إبراهيم كان بالكواكب، شرك الكواكب يعني الشرك بالكواكب، «من قال مطرنا بكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب».(159)
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ ورد في فتح المجيد حديث زينب زوج عبد الله بن مسعود أنها كانت تختلف إلى يهودي فيرقي لها عينها فتهدأ، إلى آخره، ما صحة الحديث وما توجيهه؟
ج/ الحديث هذا معروف، وهو سبب قول ابن مسعود ( قال: قال رسول الله ( «إنّ الرقى والتمائم والتولة شرك» وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داوود وجماعة.
أما قراءة اليهودي وكون اليهودي يرقي حمله العلماء على أحد وجهين:
الأول: أنه كان يرقيها بذكر الله بالدعاء العام، والرقية تكون بكتاب الله جل وعلا وبسنة رسوله ( وبالدعاء الذي ينفع المشتمل على خير واستعانة واستغاثة وتوسل إلى الله جل وعلا ونحو ذلك، فيُحمل على أنه كان يدعو ورقيته كانت دعاء.
والثاني: حمله طائفة من أهل العلم على أنه كان يرقي بالتوراة، بما يعلمه من التوراة مناسبا للرقية، وهذا هو الذي رُجح لقول ابن مسعود ( إنما ذلك الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقى اليهودي سكنت، وهذا يدل على أن الرقي عنده لم تكن مشروعة على هذا النحو فلا تشمل على الرقية بذكر الله مطلقا.
س2/ يقول أنا ممن يعتنون بالتوحيد والعقيدة السلفية؛ ولكن أنا مبتدئ في الحقيقة، لا أدري كيف أبدأ وفي أي كتاب أبدأ، لذا أرجو التوجيه والإرشاد في ذلك؟
ج/ ذكرنا لكم عدة مرات أن طلب العلم يكون بالتؤدة، ويكون شيئا فشيئا، ويعتني المرء بمراحل طلب العلم ويأخذ الأول فالأول لا يرهق نفسه بأشياء لا يستوعبها أو تكون من المطولات التي ربما يأخذ ويفهم بعضها ولا يفهم البعض الآخر ونحو ذلك، بل يبتدئ بالكتب التي اعتنى بها العلماء.
وعلم التوحيد والعقيدة على قسمين:
التوحيد: ويعنى به توحيد العبادة.
وهذا يبدأ فيه برسالة ثلاثة الأصول لإمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ثم بالنبذ المعروفة كالقواعد الأربع وكشف الشبهات ونحو ذلك.
ثم يقرأ كتاب التوحيد مع شرحه يعني على أحد العلماء، فإنه مرتبة وسطى في معرفة توحيد العبادة وأدلته.
ثم إذا أراد أن يتوسع فيقرأ الشروح المطولة له كتيسير العزيز الحميد ونحو ذلك من الحواشي والشروح.
ثم بعد ذلك في الأخير يعتني بكشف الشبهات مرة أخرى، وبفتاوى أهل العلم في مسائل التوحيد؛ توحيد العبادة لأنها تُنَزِّل ما درس على الواقع فيستفيد من ذلك.
القسم الثاني العقيدة السلفية: وهي المعروفة بكتب العقيدة التي فيها بيان أركان الإيمان، وما يتصل بذلك من منهج السلف رحمهم الله تعالى.
وهذه نبدأ فيها بما ينفع بكتاب لمعة الاعتقاد لابن قدامة صاحب المغني عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله.
ثم ينتقل بعدها إلى الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مع أحد شروحها.
ثم مع العقيدة الطحاوية مع شرحها لأبي العز الحنفي.
وثَم كتب كثيرة في العقيدة في شرح لمعة الاعتقاد أو في شرح الواسطية أو شرح الطحاوية أو غير ذلك وكلها نافعة، ولكن كمراتب يعتني بهذه المراتب وسيحصّل شيئا كثيرا بإذن الله تعالى.
س3/ هل الجماعة الواجبة جماعة المسجد أو أنه يجوز أن نقيم الجماعة في المنزل ولا أذهب إلى المسجد وليس علي إثم في ذلك؟
ج/ هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قديم وأكثر الأقوال فيها ثلاثة:
القول الأول: أن الجماعة سنة وليست بواجبة، فله أن يصلي منفردا ولو من غير عذر، وهذا مذهب عدد من أهل العلم، ويقولون: الجماعة في المساجد فرض على الكفاية.
والقول الثاني: يقول الجماعة واجبة ولا تتعين أن تكون في المسجد فلا يحل له أن يصلي منفردا، وذلك للأدلة التي دلت على هذا مما هي مشهورة ومعروفة لديكم.
القول الثالث: وهو أن الجماعة واجبة في المسجد لمن سمع النداء، وكل من سمع النداء ليس له أن يتخلف عن الصلاة في المسجد بغير عذر. وهذا القول يدلّ عليه كثير من الأدلة من القرآن ومن السنة من أن الجماعة فرض عين، وإذا كانت فرض عين فإنها تؤدذَى في المكان الذي ينادى فيها.
ومن الأدلة لهذا القول في السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام للرجل الأعمى الذي قال له: يا رسول الله إن داري بعيدة وإن بيني وبين المسجد كذا وكذا وليس لي قائد يلائمني -يعني يسير بي إلى المسجد- فهل تجد لي رخصة ألا أصلي في المسجد. فرخّص له رسول الله ( ثم لما انصرف الرجل ناداه وقال «هل تسمع النداء» قال: نعم. قال «فأجب».
ويدل عليه أيضا الحديث الذي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر».
فدل هذا أن الصلاة في المسجد واجبة؛ بل ذهب الإمام أحمد في رواية وشيخ الإسلام ابن تيمية ويُنسب إلى ابن حزم وإلى جماعة أنّ صلاة الجماعة في المسجد شرط لصحة الصلاة، وليس فقط أنها واجب عيني؛ بل إنها شرط لصحة الصلاة فيستدلون بهذا الحديث «فلا صلاة له إلا من عذر»، وكونها شرط لصحة الصلاة فيه نظر؛ لأن النفي قد يتوجه إلى نفي الصحة وقد يتوجه إلى ما دون ذلك، وهذا الحديث نفهمه مع الأحاديث الأخرى في أنها واجبة؛ ولكنها ليست بشرط.
والمسألة بحثها في جميع كتب الفقه والحديث.
س4/ ما جواب من قال بكفر تارك الصلاة تهاونا عن حديث «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان» وما أشبهه من الأدلة؟
ج/ قالوا الذرّة من الإيمان لا يعني أنه أقل من أداء الصلاة، والإيمان إذا وجد فلا بد معه من إسلام يصححه، فمن قال إن تارك الصلاة تهاونا أو كسلا يكفر، فإن الأحاديث التي فيها خروج من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان خروجه من النار هذا واضح التّوجيه من أن ذرة من الإيمان فيها صحة إيمان، ولا يصح إيمانه حتى يكون معه قدر من الإسلام، وهذا القدر من الإسلام هو أداء الصلاة، فالإيمان باطن والإسلام ظاهر، والحديث إذا ذُكر فيه الإيمان فلا يدل على انعدام الاستسلام بالعمل.
س5/ هل هناك شيء اسمه العلم الظاهر والباطن، وهل للنصوص الشرعية ظاهر وباطن؟
ج/ علم الظاهر والباطن هذا ليس من علوم أهل السنة، وإنما هو علم يعتني به طائفتان:
الباطنية وهم الاسماعيلية ومن شابههم.
والطائفة الثانية غلاة الصوفية هم الذين يعتنون بعلم الظاهر والباطن ولهم فيه تعريفات وتفصيلات.
أما النصوص الشرعية فلها ظاهر ولها باطن باعتبار أن الظاهر ما دل عليه منطوق اللفظ وأن الباطن ما دل عليه المفهوم، وهذا ربما استعمله بعض الأصوليين، وربما استعمل هذه اللفظة بعض أهل العلم، وربما جاء في بعض كتب التفسير عن بعض السلف.
فيعنون بها الظاهر ما يفهمه الإنسان ظاهر الألفاظ، والباطن ولا يقتضي التركيب وفهم يعني مفهوم وما يكون مع تأمل وتدبر.
س6/ من هم الأقارب الذين يأثم العبد إذا لم يَصِلْهُم؟ وهل الأخت من الرضاع يأثم العبد إذا لم يَصِلْها؟
ج/ الواجب هو صلة الرحم، واسم الرحم الذي تجب صلته وتحرم قطيعته يشمل كل من بينك وبينه نسب من جهة الأب؛ يعني الأب، الجد، الأعمام، الأبناء، الإخوان، ونحو ذلك، وكذلك من جهة الأم أيضا وذلك كالخالات لأن الخالة بمنزلة الأم، ومثل أقارب الأم خال الأم أو عم الأم ونحو ذلك، هذا من صلة الرحم.
وكذلك من الجهة الثانية جهة الرضاعة فإن الأب من الرضاع والأم من الرضاع توصل، وقد الأخت من الرضاع توصل، وهكذا.
لكن الصلة تختلف بحسب مرتبة الموصول، فليست كلها بمرتبة واحدة، فصلة الوالدين -من أي جهة كانت- الوالد القريب والوالدة القريبة هذا أعظم من له الحق جعل الله جل وعلا حقهما قرينا بحقه، ثم الجد والجدة وهما في مرتبة بعد الوالد والوالدة قريبين، ثم جهة الأب الأم، ثم بعد ذلك تأتي الأب من الرضاع أو الأم من الرضاع ونحو ذلك، كذلك الإخوان والأخوات القريبين، ثم الأبعد، ومَن كان بمنزلة الأم وهي الخالة.
المقصود أنهم مراتب فالمرء يؤدي الصلة الواجبة بما يناسب هذه المراتب بحسب الوسع والطاقة.
والصلة الواجبة لا يعني أنها الزيارة بالذات أو بالنفس ونحو ذلك، فيكفي في الصلة الواجبة ما عده الناس وَصْلا؛ لأن الحق لهم، هذه حقوق مشتركة، فما عده الناس صلة للرحم صار صلة، فالأب مثلا بعض الآباء لو ما أتيته كل أسبوع أو كل أسبوعين عدّك واصلا أو إذا احتاجك في شيء هذه صلة كافية شرعا.
المقصود أنه لا يصبح هناك قطيعة؛ لأن الله جل وعلا حرم القطيعة بقوله جل جلاله ?فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ?[محمد:22-23]، وثبت في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام حث على صلة الأرحام وقال «صلوا الأرحام وأفشوا السلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام»، وأيضا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «قال الله تعالى أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمه من وصلها وصلته ومن قطعها قطعته»، وأيضا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أن رجلا سأله قال: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ لِي قَرَابَةً. أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي. وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيّ. قال «إن كُنْتَ كَمَا تقول فَكَأَنّمَا تُسِفّهُمُ الْمَلّ سفّا»، وأيضا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «لَيْسَ الْوَاصِلُ بالمُكَافِىءِ وَلَكِنّ الْوَاصِلَ منْ إذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»؛ لأنه يعمل الصلة لله جل وعلا أما المكافئ عمل معك إحسان تعمل معه سأل عني أسأل عنه، وفزع لي أفزع له، وعمل معي معروف أعمل معه هذه مكافئة هذه تعملها مع القريب وتعملها مع البعيد، مع ذي الرحم ومع الآخرين، وأما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها؛ يعني لو قطعت الرحم وصار بينهم وبينه كراهة أو ما يريدونه، هذا يفعل الصلة لله جل وعلا.
المقصود من هذا يعني تلخيص الجواب:
أولا: أن الأقارب مراتب، أن ذوي الرحم مراتب، وكلّ يعطى ما يستحق من الصلة -من صلة الرحم-، وليسوا سواء في استحقاق هذه الصلة، ولا في مقدارها.
الثاني: أن هذه الصلة ضابطها العرف فما عده الناس صلة صار صلة، وهذا راجع إلى الحقوق التي يتبادلها الناس، فالمقصود أن يكون المرء واصلا بما عُهِد، بالهاتف يتصل يسأل، إذا احتيج إليه قام بالواجب، يتفقد أحوالهم المادية بين الحين والآخر، يزورهم بنفسه إذا أمكن، هذا يختلف باختلاف البلاد باختلاف الزمان والمكان إلى آخره.
والمسألة الثالثة والأخيرة: أن الصلة ليست بالمكافئة؛ بل الصلة لله جل وعلا، يصل لله ولو كان فيها غضاضة عليه، ولكن تكون صلته صلة لطلب امتثال الأمر والواجب الشرعي.
اقرأ...
??(??
[الأسئلة]
س1/ لا يخفى عليكم ما يحصل من مخالفات في التعزية في هذا الزمن، وأقلها اجتماع أهل الميت القريبين والبعيدين في بيت أحدهم أو في بيت الميت، وتلقي العزاء لمدة أيام، وقد اختلفت آراء العلماء في هذا.
فالسؤال: إذا حصل لي ذلك هل أترك المنزل ولا أستسلم، مع أن أقاربي يحملون الإنسان على ذلك؟ إلى آخره.
ج/ مسائل التعزية واجتماع أقارب الميت الذين يُقصد تعزيتهم أو مواساتُهم في موت قريب لهم؛ يعني الاجتماع المعروف الذي يسمى اجتماع العزاء، هذا حصل الكلام؛ كلام الشباب فيه وبعض الناس في هذا الوقت من جرّاء فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في أنّ الاجتماع لا يشرع، أصل الاجتماع؛ بل الذي يشرع هو التفرّق.
وبقية علمائنا وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز وبقية المشايخ يقولون لا بأس بالاجتماع، وهذا القول هو الأولى والرّاجح؛ لأن الاجتماع إلى أهل الميت في هذا الزمن يحصل به التّعزية، والتعزية سنة وعمل مشروع قد قال عليه الصلاة والسلام «من عزى مصابا فله مثل أجره»، والمواساة مشروعة، وإذا تفرق الناس فلن تحصل المواساة والتعزية إلا بكَلَفة؛ يعني أين تلقاه هل في العمل الفلاني ستجده أو في بيته أو خرج، وسيكون هناك مشقة في التتبع وفوت للتعزية.
ولهذا قال من أفتى بمشروعية الاجتماع قال: إنه يدخل تحت قاعدة الوسيلة للمشروع مشروعة، وأنّ الوسائل لها أحكام المقاصد، فلما كان المقصَد وهو السعي مشروعا فوسيلته الآن وهي الاجتماع مشروعة، في مثل هذه المدن الكبار مثل تفرّق الناس ونحو ذلك، لا يحصل إلا بهذا، إلا فيما ندر إذا كانت القرية صغيرة أو الإنسان معروف أنه طول الوقت في هذا أو كان المعزى واحد فقط؛ يعني واحد فقط إما أن يكون في بيته أو في عمله، فهذه المسألة تختلف؛ لكن إذا تعدّدوا وصارت التعزية لا تحصل إلا بالاجتماع اجتماع من يُعزى أولى من تفرقهم؛ لأنّ التعزية التي فيها تسلية ومواساة وتحصيل لأجر لا تحصل إلا بذلك.
هنا هل الاجتماع يُعد من النياحة؟ الاجتماع لا يعدّ من النياحة إلا إذا انظمّ إليه أن يصنع أهل الميت الطعام للحاضرين جميعا ليظهر الفخر ويظهر كثرة من يحضر الوليمة ونحو ذلك، وهذا موجود، كان في الجاهلية، ولهذا جاء في حديث أبي أيوب: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة.
فالنياحة تشمل شيئين صنع الطعام مع الاجتماع، لماذا؟ لأن أهل الميت هم الذين يصنعون الطعام ويدعون الناس ليقال هذا عزاء فلان أنه أكبر عزاء، أو أنهم اجتمعوا لأجل فلان، فلان ما يموت ويروح هكذا، مثل ما يقول بعض البادية، فيعملون سرادقات ضخمة وكذا، وهم الذين يتكلفون بصنع الطعام وبنحر الإبل وبذبح الذبائح؛ ليكثر من يجتمع عليها، هذه النياحة المنهي عنها بالاتفاق.
أما الاجتماع اجتماع المواساة والعزاء دون صنع الطعام ودون تكلف، فإن هذا لا يدخل في النياحة، وقد جاء في صحيح البخاري أنّ عائشة رضي الله عنها كان إذا مات لها ميت اجتمع النساء من قرابتها إليها، اجتمعوا إليها، فقالت: فربما حضر وقت الطعام فقامت امرأة إلى برمتها أو كذا فصنعت شيئا يأكلونه. يعني هؤلاء القرابة القليلين.
اُستدل بهذا الحديث على أن أصل الاجتماع للنساء لأجل المواساة تجتمع المرأة بقريبتها أختها فلانة كذا أن هذا له أصل من هدي السلف.
أيضا الاجتماع اجتماع الرجال ليس ثم ما يمنع منه.
ابن القيم رحمه الله وغيره تكلموا عن مسألة الاجتماع، وقالوا: إن هدي السلف هو التفرق، والنبي ( ما أُثر عنه أنه جلس في مكان ليقبل العزاء أو نحو ذلك. وهذا صحيح؛ لكنه ليس الحال هو الحال، وليس الوقت هو الوقت، وليست الصورة هي الصورة الموجودة في هذا الزمن، فكلام ابن القيم على بابه في قرية؛ واحد معروف إذا ما لقيته في بيته تلقاه في المسجد أو في السوق أو نحو ذلك، في شيء محدود هذا صحيح.
أما في مثل بلد لا يمكن أن يلتقي فيه الناس إلا باجتماع، أو إذا تفرّقوا عسر على الناس تحقيق سنة العزاء فإن الاجتماع للعزاء لا بأس به.
أما تحديد مدة فلا أصل له، تحديد مدة ثلاثة أيام سبعة أيام اختلف فيها الفقهاء لكن لا أصل له من السنة، السنة ليس فيها دليل يدلُّ على أن مدة العزاء محدودة بأيام؛ بل مدة العزاء تكون بحسَب من يأتي، إذا كان الناس يأتون يوم فينتهي، يومين وانتهى، خمسة أيام وانتهى وهكذا، وإن كان غالب أحوال الناس أنهم في ثلاثة أيام الأول ينتهون؛ لكن لا أصل لتحديد المدة في الشرع.
س2/ ما هو رأيكم في قراءة طلاب العلم للجرائد؟
ج/ الجرائد هذه فيها ما ينفع وفيها ما يضر، فهي بحسب الحال، إذا كان يطلع على أشياء تنفعه في دينه أو في الأخبار أو فيما حوله ليكون على بينة، هذا طيب لا بأس به، أما إذا كانت ستشغله على طلب العلم أو يقرأ جريدة يبقى فيها ساعة، والكتاب ما يصبر عليه ساعة، هذه ليست من سيما أهل العلم.
س3/ لو رأيتم جعل الدروس بعد صلاة العشاء نظرا لأحوال بعض الطلبة؟
ج/ بعد العشاء الوقت ضيق وصعب أننا نستمر بعد العشاء الأسبوع القادم نستمر الأسبوع كاملا؛ يعني كل يوم بعد العشاء؛ لأن بعد العشاء تعترضه ارتباطات ومناسبات وإلى آخره، بعد المغرب يمكن أن نستمر في الأسبوع كله، ونسأل الله الإعانة للجميع.
س4/ نحن مجموعة شباب نريد أن نقرأ العلم على المشايخ؛ ولكن لم نجد أحدا من المشايخ نقرأ عليه، كما هو المعتاد في التدرج لطلب العلم.
ج/ ستجد إن شاء الله تعالى، المشايخ ولله الحمد كثير خاصة في الحواضر الكثيرة مثل الرياض والقصيم ومكة والمدينة وأشباه ذلك هاهنا طلبة العلم والمشايخ كثير؛ لكن لا تشترط خذ من يفيدك من يكون نافعا للطلاب وصابرا عليهم، ولا تشترط أن يكون الذي تقرأ عليه فلان.
بعض الناس: فلان، مرة أذكر أحد الطلاب كان من القصيم، ولقيتي في مكان نسيت الآن أين هو، قال أنا جاي من القصيم وأريد أن أقرأ عليك، أمر عليك متن من المتون نسيت ماهو، أظن ثلاثة الأصول أو غيره، قلت له خير إن شاء الله ذاك الوقت كان عندي بعض الفراغ، قلت غدا إن شاء الله بعد العصر أو بعد غد، قال: لا أنا أريد الليلة. لماذا الليلة؟ قال لأني بعد الفجر راجع إلى القصيم، طيب الليلة الآن فيه دعوة قد ننتهي عشرة ونصف أو إحدى عشر، قال استرحلك ساعة وبعد الثانية عشر أن مستعد أسهر إلى الفجر حتى نتمه، هذا شيء مو معقول، قال: والله المستعان الأولين جاهدوا في طلب العلم وفي التعليم، طيب أنت.....
الشاهد بعض الإخوة يتشدد في اختيار المشايخ والمتون الأولى لا تحتاج إلى تشدد تأخذ من تقرأ عليه؛ لأن التصور الأول والإمرار الأول لعلم يكون ممن ينفع، لا تشترط لا تتشدد فيه، وبعد ذلك يمكن أن تجد من هو أمكن في تدريس العلم.
س5/ نريد منهجا جيدا في قراءة الكتب، هل يكتفى بقراءة مرة واحدة أم لابد من تكرار الكتب، وكيف يمكن هذا مع الكم الكبير للكتب؟
ج/ قراءة الكتب تختلف، بعض الكتب يكون كتاب علم مؤصل، هذا ممكن تقرأ مرتين ثلاث، وبعض الكتب لا يكون للمرجع فقط تقرأ مرة عند الحاجة، يعني مثلا تيسير العزيز الحميد، فتح المجيد، هذه تقرأها عدة مرات لأنها كتب أصول، وشرح الواسطية للشيخ ابن رشيد رحمه الله، مثل شرح الطحاوية ونحو ذلك هذه مهمة لو قرأتها كذا مرة لا بأس، مثل شرح شروح البدور، مثل الشروح على الزاد أو الحواشي ما يضر هذا بل هو أفضل إذا كررتها؛ لكن مثل فتح الباري تمر عليه مثل المغني الكافي إلى آخره تمر عليه كذا مرة ليس هذا الكتاب أو ذاك مما يقرأ كثيرا.
فإذن بعض الكتب إذا كررتها أمكن لك وبعضها إذا مررت عليها وقت الحاجة وعند المراجعة فهذا هو المقصود.
س6/ كتاب مدارج السالكين نرجوا أن تكون هناك كلمة قصيرة حوله؟
ج/ مدارج السالكين من الكتب الكبيرة المهمة للعلامة شمس الدين بن القيم رحمه الله شرح به كتابا مختصرا لشيخ الإسلام الهروي كتاب اسمه منازل السائرين إلى الله، وهي مراتب في المقامات والأحوال عند أهل التصوف، شيخ الإسلام الهروي كان حنبليا؛ ولكنه ربما تأثر بالطرق الصوفية وشارك القشيري والحُلَيني وجماعة ومثل هؤلاء الكلابادي في المقامات والأحوال والتعاريف لها.
هذا الكتاب الذي هو منازل السائرين اعتنى به الصوفية وحولوه إلى أشياء من وحدة الوجود وأشياء تخالف هدي السلف فأراد ابن القيم، وقد كان في فترة من حياته متأثرا بالقوم بعض التأثر، أراد ابن القيم رحمه الله أن يكتب كتابا سلفيا في السلوك يهدي به المتصوفة ويكون أيضا سبيلا لأهل السنة في إطلاع على السلوك السلفي ........ منازل السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
الكتاب في أكثره في أكثر الكتاب يمكن أن يفهم ويوجه على منهج السلف، وفي بعضه أشياء لا توافق منهج السلف ولا تربية السلف إلا على ضرب من التأويل يصعب، مثل الكلام على منزلة البرق ومنزلة الصعق ومنزلة كذا وكذا، ومثل الكلام على الفناء وأشباه ذلك مما لا يفهمه كل أحد.
حتى إنه في أثنائه ذكر أشياء ربما اعترض عليها بعض العلماء؛ لكن ابن القيم له وجهته في ذلك ووجهته صحيحة، وأراد به هداية الطائفتين يعني الصوفية يهتدوا إلى منهج السلف، ويريد ممن يكونوا على منهاج السلف أن يكون عنده سلوك شرعي؛ يعني عنده زهد عنده عبادة، عنده رعاية لمقامات القلوب وأحوال القلوب والإيمان والعمل الصالح وما أمر الله جل وعلا به من منازل العبادة.
س7/ هل يمكن أن يخرج الشرح للطحاوية مطبوعا كما فعل بعض المشايخ الآن؟ نأمل ذلك.
ج/ وأرجو أنا أيضا أن يكون ذلك متحققا.
س8/ كيف يكون الإخلاص في طلب العلم، هل يكون طلب العلم للعمل أو للدعوة آمل الإجابة والتوضيح الشافي؟
ج/ ذكرنا لكم مرارا أن الإخلاص في طلب العلم والنية فيه يكون بشيئين:
الأول أن يكون متقربا به إلى الله جل وعلا وحده، لا يريد بطلب العلم نيل جاه في الدنيا ولا سمعة ولا أن يصرف وجوه الناس إليه، أن يكون مخلصا لله، يرجو الله والدار الآخرة، والقصد وجه الله بالأعمال والأقوال والنيات.
والثاني في تحقيق الإخلاص والنية الصحيحة في طلب العلم أن ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن نفسه، حين يطلب، لماذا تطلب العلم؟ تنوي رفع الجهل عن نفسه والجهل ذمه الله جل وعلا وامتدح أهل العلم وبين أنه رفعهم على المؤمنين درجات.
فإذن يطلب العلم ليرفع الجهل عن نفسه، لهذا سئل الإمام أحمد كيف تكون النية صالحة في العلم قال: أن ينوي رفع الجهل عن نفسه؛ يعني مع نية الإخلاص لله جل جلاله.
ثم بعد ذلك يترقى وجد في نفسه انشراحا أن يعلم غيره هنا يكون معه نية أخرى أيضا أن ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن الناس، يكون لا ينوي أن يتصدر أن يقال هذا فلان بل ينوي أن يرفع الجهل عن الناس، وهذه النية الصالحة لها علامة ولها دلالة؛ وهو أن يكون في تعلمه لنفسه أو تعليمه أن يعلم ما يحتاجه الناس، أما أن يعلم ما لا يحتاجه الناس، فهذه ربما تكون لشهوة في النفس، وربما تكون لغرض آخر.
لهذا ابن تيمية لما بحث مسألة الأعمال -ذكرتها لكم عدة مرات- لما ذكر الأعمال التي يفعلها المؤمن لرغبة وشهوة له فيها، مثلا يحب يكرم الناس لأجل رغبة هو في داخله، إذا أكرم الناس يرتاح، يحب يعطي فلان ويعطي فلان ويسعى ويكون عنده نخوة شيء يجده في صدره، إذا كان هذا ارتاح ونحو ذلك.
طلب العلم يطلب العلم لأنه ينشرح لطلب العلم، تقول له أدرس العقيدة، يقول أنا منشرح في مصطلح الحديث وللرجال هذا الأمر، منشرح الصدر في هذا الأمر منشرح الصدر في طلب الصدر، يبحث معك في الحلال والحرام لا يعرف أحكام كثيرة لا في الصلاة ولا في الحج ولا في البيوع أو في معاملته مع أهله أو نحو ذلك من الأحكام.
فهنا سئل شيخ الإسلام هل من عمل عملا مما يتعبد به للذة تحصل له في هذا العمل هل هو مأجور أم يكون مرائيا؟ وأجاب عنها في رسالة مطبوعة بتحقيق الدكتور رشاد سالم رحمه الله تعالى.
وملخص الجواب أنه إن كان في أصله مخلصا لله جل وعلا فيكون ما حصل له من لذة الطاعة يكون تبعا لأصله؛ لكن ينبغي أن ينتبه إلى التفريق ما بين اللذة التي هي للدنيا واللذة التابعة؛ يعني شيء تبع شيئا أو هو مستقل في اللذات هو يريده بلذة له.
واستدل له -الجواب طويل- استدل له بما ثبت في السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبلال «يا بلال أقم(164) الصلاة أرحنا بها»، فقوله (أرحنا بها) دل على أن حصول الراحة للإنسان بالتعبد لا يمنع صحة العبادة والإخلاص فيها.
كذلك السياحة، المرء يذهب لشيء يجده في نفسه من السياحة، وقد أثنى الله جل وعلا على بعض عباده بأنهم سائحون، والسائحون إما أن يكونوا الصائمين كما في تفسير، أو أن يكونوا المجاهدين في سبيل الله في تفسير، فحصول هذه اللذة لهم لم تمنع الأجر.
المقصود من ذلك أن تحصيل النية في العلم وفي الانتباه لهذا الأصل مهم لأجل الإقبال على الخير والمداومة على ذلك.
نكتفي بهذا القدر.
س9/ لو تكرمت وجعلت الدرس في أول الأسبوع بعد العشاء وباقي الأيام بين المغرب والعشاء لأن الغياب كثير وبعض الإخوان قد يتأخر عن الحضور.
ج/ رأي مبارك، يعني قصده فيه ناس ما جاءوا اليوم يجيون الأسبوع القادم بعد العشاء على العادة يكون قد فاتهم الدرس، نجعله الدرس القادم بعد العشاء، إيش رأيكم؟ مناسب وننبهم على أن باقي الأسبوع يكون بعد المغرب، خير إن شاء الله.
نكتفي بهذا ونلتقي بكم إن شاء الله تعالى. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
??(??
الأسئلة]
س1/ يقول ذكرت أن لفظ (أهل السنة والجماعة) صار عَلَمًا على من اقتدى بالصحابة، وذكرت أن هذا اللفظ يراد به أهل الحديث والأثر، ألا ترى أن هذه الألفاظ محدثة ليست على نهج الله، فقد قال الله تعالى ?هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ?[الحج:78]، فلماذا لا نلتزم بهذا المصطلح القرآني حتى وإن صار علما على طائفة معينة؟ فلماذا لا نلتزم به ونترك غيرها من المصطلحات الحادثة؟ وجزاكم الله خيرا.
ج/ أولا قبل الدخول في الجواب استعمال لفظ (المصطلح القرآني) هذا استعمال حادث، والأخ عنده يعني رغبة في الاتباع، لفظ المصطلح القرآني أو المصطلحات القرآنية هذه من الألفاظ الحادثة التي مرت قرون الإسلام ولا تعرف هذا اللفظ، وهذا لأن كلمة (المصطلح) تعني اصطلاح، والاصطلاح هو أن يكون هناك من اصطلح مع غيره على هذه التسمية.
والله جل وعلا أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فإذن العلماء يقولون: الدِّلالات القرآنية الألفاظ القرآنية المعاني الآيات، ونحو ذلك مما هو مستعمل عند السلف.
أما ما جرى السؤال عليه، فالتأصيل الذي ذكره صحيح، والتطبيق قاصر.
أما التأصيل فهو صواب؛ لأنه لا يُحدَث ألفاظ وأسماء يجمع الناس عليها ويتعصبون لها، وهي ليست من الألفاظ الشّرعية؛ لأن هذا نوع من الفُرقة والخلاف والافتراق.
ولهذا قال العلماء: الله جل وعلا سمّى أتباع محمد عليه الصلاة والسلام مسلمين ومؤمنين، وسمى منهم المهاجرين، وسمى منهم الأنصار، وسمى منهم الأعراب، وسمى منهم إلى آخره، وهذه التسميات لأجل مجيئها في القرآن فهي شرعية، وهذه التسميات الشرعية إذا تُعُصِّب لها مع أنها شرعية صارت مذمومة حاشا اسم الإيمان والإسلام.
لهذا لما قام رجل من المهاجرين لأجل خلاف وقال: يا للمهاجرين. ينتخي بهم، وقام غلام من الأنصار وقال: يا للأنصار. ينتخي بهم وقال النبي عليه الصلاة والسلام «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» لم؟ لأن النخوة هنا والتعصب صار لطائفة من المؤمنين وللفظ ليس هو لفظ الإسلام والإيمان أو المسلمين والمؤمنين، صار هذا محدِثا للتفرق، ولهذا قال (أبدعوى الجاهلية)؛ لأن الجاهلية هم الذين ينتخون ويتعصبون للأسماء دون غيرهم.
فكذلك الأسماء المحدثة في الأمة إذا تُعُصِّب لها دون غيرها فإنه يكون ذلك مردودا على أصحابه، مثلا اسم الحنابلة، اسم الشافعية، اسم المالكية، اسم السعوديين، اسم المصريين، اسم الشرقيين المغاربة الشُّوام إلى آخره، هذه أسماء إذا كانت في الأمة لأجل التعريف فإن هذا الأمر فيه واسع؛ لكن إن كان ثم تعصب عليها وذم لما خالفها لأجل الاسم هل يمدح الشافعية لأجل أنهم شافعية، أو يذم الحنابلة لأنهم ليسوا بشافعية، أو العكس فإنّ هذا من التعصب المذموم، وهو من التفرق والأخذ بالشعارات أو الأسماء التي لم يدلَّ عليها الدليل.
إذا تبين هذا الأصل وهو ما ذكره السائل جزاه الله خيرا في سؤاله، فإن لفظ السنة والجماعة لفظان شرعيان قد ثبتا عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»، وسنته هي سنته وسنة الخلفاء الراشدين هي ما كان عليه الجماعة في وقت الخلفاء الراشدين، وفي الجماعة قال عليه الصلاة والسلام في الفرق «كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «هي الجماعة»، الله جل وعلا أمر باتباع نبيه عليه الصلاة والسلام فقال ?وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ?[الحشر:7]، مطلقا في كل مسألة ?وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا?[الحشر:7]، مطلقا في كل مسألة يعني الأخذ بالسنة.
فإذن الأصل في اتباع السنة واتباع الجماعة والتميز والثناء على اتباع السنة والثناء على الالتزام بالجماعة، هذا الأصل موجود في النصوص.
جاء في زمن الصحابة في أواخره في عهد عثمان، في عهد علي ( بدأ خروج أهل الأهواء، وأهل الأهواء وهم الخوارج مثلا في أول الأمر ثم الشيعة ثم المرجئة ثم القدرية، هؤلاء أهل الأهواء صارت لهم هذه الأسماء وهم مسلمون لا نكفرهم؛ لكن ليسوا آخذين بكل الحق فصار الاسم الذي سُمّوا به عَلَمًا لهم على ترك بعض الحق والافتراق.
فإذن تبقى الطائفة الأولى التي كانت مواصلة للمأمور به من السنة والجماعة يبقون يقابَلون، إن قلنا هؤلاء -أعني من مشى على الطريق ولزم السنة والجماعة- هؤلاء هم المسلمون، فماذا نسمي الآخرين؟ نقول: هؤلاء هم المسلمين أيضا، إذن لم يصرْ فرقا بين السنة والبدعة وما بين الاتباع والمخالفة ولا بين الخارجي والصحابي.
فإذن لزم الفرق، واسم الإسلام من ورع الصحابة رضي الله عنهم وعدلهم أن الذين قاتلوهم وضللوهم لم يخرجوهم من الإسلام بل أبقوا عليهم اسم الإسلام واسم الإيمان؛ لكن من كان على وفق ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين تميزوا بالاسم الذي هو الاسم الأصلي وهو أنهم أهل السنة وأهل الجماعة، ولا يصح أن يقال إنهم مسلمون فقط؛ لأنه إن قيل إنهم مسلمون فغيرهم أيضا مسلمون، وهذا التخصيص لهم هو في الأصل مطابق لقولهم مسلم، وفي عهد النبي ( المسلم يقابل المنافق، المؤمن يقابل المنافق، والمسلم هم أهل السنة والجماعة، فلم يكن ثَم فرق في عهده عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد أبي بكر ولا في عهد عمر ما بين المسلم وما بين أهل السنة والجماعة؛ الدلالة واحدة، مسلم مؤمن أهل السنة والجماعة الكل واحد لا فرق.
متى ظهر الاعتناء بأهل السنة والجماعة؟ لما ظهر الاختلاف.
والاعتناء بالاسم تمييزا ليس ثناء فقط لمن اتبع للسنة والجماعة؛ ولكن هو أيضا عدل مع من خالف؛ لأن الذي خالف لو قلنا هؤلاء مسلمون لقلنا هؤلاء كفار، كيف تخصون أنفسكم بالمسلمين والآخرون؟
فإذن صار عند السلف من كان على الطريقة الأولى أهل السنة والجماعة ومن كان مخالفا يقال له أهل الأهواء المرجئة الخوارج إلى آخر ذلك.
ولهذا أجمع أئمة الإسلام على صحة هذه التسمية من أهل الحديث؛ بل ومن غيرهم من الأشاعرة والماتريدية على أن تسمية أهل السنة والجماعة صحيحة، وهذا اتفاق منهم على ذلك، والتسمية صحيحة مجمع عليها؛ لكن دلالتها مختلف فيها، والاختلاف في الدلالة لم يرد له ذكر في السؤال، إنما كان السؤال في إحداث الاسم فإيضاحه بما مر. والله الموفق.
س2/ منهم النزّاع من القبائل هل هو الرجل الذي يخرج من قبيلة إلى قبيلة أخرى؟
ج/لا، يعني القليل، النزاع من القبائل يعني القليل منهم.
س3/ هل لصلاة المغرب سنة قبلية ثُم هل تقضى إذا فاتت؟
ج/ صلاة المغرب ليس له سنة قبلية بمعنى سنة راتبة؛ لكن من أتى وصلى قبل المغرب، فالصلاة قبل المغرب سنة ومستحب لكن ليست راتبة، النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يلازم ركعتين قبل المغرب، والصحابة رضوان الله عليهم حثهم عليها عليه الصلاة والسلام بقوله «صَلّوا قَبْلَ المَغْرِبِ، صَلّوا قَبْلَ المَغْرِبِ، صَلّوا قَبْلَ المَغْرِبِ لِمَنْ شَاء» رواه البخاري وغيره، فالسنة قبل المغرب الركعتين من أتى مبكرا يعني قبل الإقامة هذه مستحبة في حقه وكان الصحابة رضوان الله عليهم يبتدرون السواري؛ يعني قبل الإقامة لأجل ضيق الوقت ما بين الأذان والإقامة في المغرب لأجل صلاة تلك الركعتين؛ لكن ليست راتبة فالرواتب عشر أو ثنتا عشرة ركعة.
س4/ ما يجده المسلم من ميل ومحبة للكافر إذا أحسن إليه كالطبيب الدكتور فهل يؤثر على الولاء والبراء، وكذلك محبة الزوج المسلم لزوجته الكتابية، فهل يؤثر على الولاء والبراء علما أنه لو أبغضها لما تزوجها؟
ج/ الحب هنا ليس مطلقا، ما أحب الكافر مطلقا ولا أحب الكتابية مطلقا، وإنما أحب ذاك لأجل النفع الذي وصل إليه منه، وهذا محبة في واقع نفسه لأمر دنيوي، ولهذا ذكر العلماء أن محبة الرجل لزوجه الكتابية لا بأس به؛ لأنه كما ذكر لو لم يحبها أو يكون لها مودة في قلبه لما أبقاها معه.
لكن المحبة التي هي الولاء والبراء في الحقيقة الولاء والبراء هي المحبة والبغض:
المحبة لدينه ومن أحب الكافر لدينه فإنه يكفر.
أو المحبة لدنياه مطلقا وهذه مُوادة له لا تجوز ونوع موالاة.
والثالث محبة مقيدة لأجل النفع المقيد الحاصل له منه فهذه فيها سعة لأجل أنّ النفوس جبلت على حب من أحسن إليهم.
والذي ينبغي من صفات الكمال أن يكون تعامل المرء مع الكفار تعاملا ظاهريا بالعدل ولا يكون في قلبه ميل لهم ولا مودة لهم، وإنما إذا أحسنوا إليه فإنه يحسن إليهم.
استدل أهل العلم(166) على هذه الصورة الثالثة أظنه حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وكانت أمها مشركة وقدمت عليهم في المدينة، فسألت النبي ( عن أمها قالت أَأَصِلُ أمي؟ قال «نعم صِلِي أمك» والصلة المراد بها في هذا الحديث أنها تقيمها إكرام الولد لوالده إذا قدم عليه، وهذا الإكرام لا يخلو؛ بل لابد فيه من مودة.
والاستدلال الثاني وهو استدلال ضمني بأن الله جل وعلا نهى عن الإحسان إلى المحاربين وأذن بالصلة والإحسان لمن لم يحارب من الكفار فقال جل وعلا ?لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?[الممتحنة:8]...
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/... أقوال من المعتزلة أو الأشاعرة أو بعض المنتسبين لأهل السنة يكون البحث ناقص، لكن إذا أردت أن تبحث مسألة فقهية لابد أن.... أو قول بعض المبتدعة يكون البحث فيه خلل أن تذكر هذه الأقوال، ماذا أفعل يا شيخ؟
ج/ هذه واضحة، أني أعطيك تبحث البحوث الفقهية نبدأ بعلماء السنة، أما الأصول؛ أصول العلم فيه مآخذ كثيرة من جهة الأقوال، لهذا توسع علم الأصول ليس بأقوال أئمة الفقه هو بأقوال العقلانيين ما هو بأقوال أئمة الفقه، من هنا بدأ الخلل في الأصول حينما تناوله من لا يحسن الفقه فجعلوه صنعة مجرّدة.
مثل النحو أخذوه كقواعد، أشياء في القرآن يقولون للضرورة أو يوجهونها أو إلى آخره.
عندك البلاغة قننوها -مثلما بحثنا مرة- قننوها تقنين وانحرفت عن أصلها، البلاغة أصلها ذوق، علم المعاني هذا البلاغة، علم المعاني والتشبيه والكناية إلى آخره والبديع، ثم تدخلوا في البلاغة المجازات بأنواعها ودخّلوا أنواع البديع ثم وضعوا لها قوانين ذهب الذوق إلى آخره.
أصول الفقه أصله هو استنباط لغوي؛ يعني أصول الفقه أصل مأخذها إيش؟ لغوي شرعي، لغة قبل، شرعي يعني الدلالات المختلفة، ثم عقل.
هنا الذي حصل من الأصوليين أنهم الدِّلالة اللغوية والشرعية هذه يعلمها أئمة العلم يعلمها الفقهاء أئمة الحديث أئمة الفتوى العلم هو الذي يعرفونه، دخلوا في البحث العقلي فألغوا كثير من الدلالات اللغوية والشرعية لأجل عدم علمهم بها.
لهذا الآن الأصوليون يذكرون أقوال الكفار وبعض المرتدين ويذكرون أقوال الناس الذين ذكرتم غيرهم الذين هم أشد منهم، يذكرونها ويعتبرون خلافهم خلافا في المسألة. وهو مو صحيح.
يعني ليس المقصود الصنعة، يعني إذا بغيت الصنعة هذا بحث آخر، لدينا أصل العلوم الشرعية المساندة مثل النحو والبلاغة والأصول ومصطلح الحديث جاءتها فترات ضعف شديدة في القرون المتأخرة هذه، صارت كلها أقوال وحواشي وتعريفات واحترازات راح روح العلم، روح العلم نفسه الذي تستفيد منه، يعني ما المقصود من علوم الآلة هذه؟ فقه الكتاب والسنة فقه الدليل هذا المقصود منها.
فإذا ذهبت عن هذا إلى شيء آخر ليس المقصود منه فقه الدليل صار عندنا خلل، نعم قد يكون واحد اثنين ثلاثة من العلماء لابد أن يعتنوا بأقوال المخالفين، تخصصهم فيه، لكن كل طالب علم تقول له ابحث عن كل الأقوال، واحد يحضر رسالة في أصول الفقه جيبها ورد عليها لأنه من فرض الكفاية أنك أنت تعرف أقوال القوم ثم ترد عليها، لابد أن يوجد في الأمة من يحسن هذا الرد؛ لأنه موجود أقوال الأصوليين عند الرافضة، الرافضة يعتنون بالأصول كثيرا لهم مؤلفات فيه شبيهة بأقوال المعتزلة، كذلك الزيدية في اليمن لهم كتب في الأصول من ضمنها نهاية العقول كتاب ضخم وفيه من التفصيلات ما فيه وهو مطبوع، لا أدري شفته أو لا، فيه أجزاء كثيرة جدا، لكن كل هذه يعرفها المتخصص، لكن طلاب العلم يجب أن يفهموا دلالات النصوص تعطيهم من الأصول الشيء الذي يطبقونه، أما أن تقول الأمر أختلف فيه على أحد عشر قولا الأولين قالوا كذا والثانيين قالوا كذا، ما لهم علاقة؛ بل العقل يكسل عن أن يفهم المقصود.
لهذا الأصول بالذات أنا عندي أنه ما [...] إلى الآن على ما ينفع طالب العلم في فهم الكتاب والسنة ويؤخذ الأشياء الثانية يعني الكلامية هذه وتتوسع فيها.
... يمكن أنتم عندكم تخصص أو شيء؛ لكن أنت تلخص لازم أن تهتم بالذي ينفعك التي فيها تطبيق وأحيانا ما تدري هذه المسألة فيها تطبيق أو لا، يكون فيها تطبيقات من الذي يعرفها؟ المعلم الذي يعرف خلاف العلماء والاستدلالات والمسائل يعني في بعض مسائل التفسير تجدها هذا الخلاف فيها مبني على خلاف أصولي، دلالة الآية هذا خلاف أصولي.
... ابن حزم ينكر القياس؟ ما هو صحيح، هو ينكر بعض القياس، بعض أنواعه؛ يعني قياس الأوْلى لا ينكره، قياس الأوْلى يعمل به وقياس المعنى، أما قياس العلة فهذا ينفيه؛ لأنه عنده أصلا الشريعة غير معلّلة، وهذه نصّ عليها في الأحكام، عنده شيء هذا أولى وأحرى هذه يطبقها، هذا مثل هذا، المثليات التي داخلة في القواعد هذه يطبقها، حتى أحيانا يجيء ويقول: إن قلت هذا من قياس العلة قلنا لا هذا من باب المثليات، والشريعة جاءت للمساواة بين المثليات إلى آخره.
أما قياس العلة فهو صحيح.
... لا أحسنه إلى الآن يريد التفرغ عشان يحسنه الواحد، تعرف التعليم عشان الواحد يعلم فن لابد أن يمسكه أن يكون قوي فيه، الأصول له مخارج كثيرة ولابد له من دُربة.
... لو الواحد منكم يأخذ فيه عدد من الكتب الأصولية تأخذ منها القواعد الأصولية اجتمع عندك معلومات أصولية كافية.
... لا، هو المقصود المخالفة فيه مسائل كثيرة ثابتة بالتواتر والإجماع ما دخلّوها في العقيدة.
... فيه مسائل صارت شعارا؛ يعني واحد تشوفه ما يمسح على الخفين، يعني يقول لا أنا ما أمسح على الخفين، يؤخر الصلاة، يجمع الصلاة حتى ما يتعب، يؤخر صلاة يوم كامل عشان، المقصود منه الشعار لا خصوص المسألة؛ يعني مثل الآن الذي يصلي وقدامه حصى يسجد عليها هذا شعار، خلاص.
أهل السنة يرون الصلاة على الأرض أو على ما بُسِط عليها مو شرط أن يأخذوا من تراب مكة أو تراب المدينة.
فإذن المسألة من مسائل الشعار الذي يتميزون به، وطبعا المراعى فيه ليس وقتنا الحاضر المراعى فيه وقت التميز؛ القرون الثلاثة الأولى هي التي كان فيها هذه المسائل.
... إذا كانت شعارا وأجمع أهل السنة عليها تُذكر، يعتبر مما تميزوا به.
... أوش معنى الأركان؟ الذي ما يوجد الشيء إلا بوجوده، الآن إذا عرفنا القياس بأنه إلحاق حكم مسكوت عنه بحكم منصوص عليه بعلة جامعة بينهما، اقتضى أن يكون عندنا علة وأصل وفرع وحكم، يعني هذا لا يمكن أن يوجد إلا بالأركان، فالأركان هي التي لا يوجد الشيء إلا بها، يعني مثلا أنت أوش أركانك؟ جسد وروح، يمكن روح بلا جسد أو جسد بلا روح؟ لا، يعني يمكن أن أتصور مشلول، واحد مغمى عليه، واحد في غيبوبة؛ لكن فيه جسد وروح، نقول إنسان لكن جسد بلا روح أو روح بلا جسد ما فيه إنسان، يعني المشاهد، إذن الأركان ما تقوم عليه حقيقة الشيء، فالقائلون بالقياس متفقون على الأركان؛ لكن عندك ما هو الأصل وما هو الفرع وما هي العلة التعريفات هذه هي التي يجيء فيها الخلافات.
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك.
??(??
[الأسئلة]
فنذكر بعض الأسئلة مع الجواب عنها في فاتحة هذا الدرس.
وأنبه على أن حسن السؤال سبب من أسباب حسن الجواب، فإنّ من المسائل التي ترد والأسئلة ما يكون قد كُتب على عجل وبعبارة غير جيدة، فيتعامل معه المجيب على ظاهره أو على مقصد السائل، وهذا يفوت الجواب المرضي.
ولهذا كلما كان السؤال جيدا ومتأنًى فيه وسؤال عما يهم العبد وعما يهم طالب العلم أو يهم المسلم بعامة وحرر السؤال وأجاد السؤال كان ذلك من أنفع الأسباب في إحكام الجواب.
وقد مرت علينا أسئلة كثيرة وأسمع أيضا الأسئلة التي ترد على العلماء والمشايخ ما لا يكون محررا أو واضحا، وهذا مما يفوت نشاط المجيب للجواب على السؤال بتفصيل أو بما ينفع النفع الأكبر.
س1/ قال سائل: من الله علي بالهداية اسأل الله المزيد، كما من علي بحب العلم وأهله، فبدأت أطلب العلم منذ ثلاث سنوات تقريبا فحفظت قرابة خمسة وعشرين جزءا من القرآن وبعضا من المتون، ولكني سريع الحفظ سريع النسيان فأرجو منكم إرشاد إلى طريق رسوخ الحفظ وتثبيت العلم.
وما هي أفضل طريقة لطلب العلم وهل العبرة لكثرة حضور الدروس العلمية أو قلتها مع التفرغ للحفظ والقراءة؟ إلى آخره
ج/ أولا أحمد الله جل وعلا على ما منّ به من هدايتنا جميعا إلى صراطه المستقيم وسبيله القوم، فهذه نعمة عظيمة تحتاج إلى حمد وسؤال للثبات دائما، قد كان نبينا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهو أعظم الخلق معرفة بربه وأتقاهم له جل جلاله كان كثيرا ما يدعو «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا إلى طاعتك» ونحو ذلك من الأدعية، وأعظم النعم بعد الهداية أن يُمنّ على العبد بأن يتهم نفسه دائما بالتقصير وأنه محتاج أدنى الحاجة إلى ربه جل وعلا وإلى هدايته، هذا من أعظم النعم الدينية التي يمن الله بها على عبده .
من أعظم الأسباب في الثبات على الطاعة والثبات على الهداية العناية بالعلم النافع من كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله (، وأعظم العلوم علم التوحيد والعقيدة، ثم علم الفقه الحلال والحرام، والجميع العقيدة والفقه يُستقى من النصوص التي يُحتج بها وهي كتاب الله جل جلاله وما ثبت للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أو الإجماع السابق المنقول على الصحابة رضوان الله عليهم أو نحو ذلك من الحجج المعروفة في بابها.
فطلب العلم من أنفع الوسائل وهو من المجاهدة، فيدخل في عموم قوله والذين جاهدوا فيهنا لنهدينهم سبلنا، والله جل وعلا قرن شهادة أولي العلم بشهادته جل وعلا وشهادة ملائكته له بالوحدانية بقوله ?شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?[آل عمران:18]، فهذه تبين لك عظم معرفة أهل العلم لربهم جل وعلا وشهادتهم له بالوحدانية، كذلك أهل العلم مرفوعون درجات ?يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ?[المجادلة:11]، وإذا ارتفع أهل العلم درجات هذا أعظم من الثبات على الهداية، فهذا ثبات وزيادة فتح أبواب متنوعة من أنواع الطاعة والهداية إلى ما يحب الله جل علا ويرضى.
أيضا ما طلب من النبي ( أن يزداد في شيء إلا مما أمره ربه جل وعلا وهو أن يزداد من العلم فقال ?وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا?[طه:114]، وازدياد العلم هو زيادة حب الله جل وعلا ورسوله وهكذا.
فإذن العلم النافع هو هذا الذي ذكرنا، وهو الذي يندرج تحت كل ما بعث الله جل وعلا به رسوله (، كما جاء في حديث أبي الدرداء «مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا» إلى آخره.
فإذا تحصل العبد على هذا وأقبل على العلم فإن الناس استعداداتهم للعلم مختلفون:
منهم من استعداده قوي في الحفظ والمدارسة والغربة.
منهم من عنده الوقت كي يطلب العلم.
ومنهم من هو مشغول.
لكن ينبغي على الجميع أن يعتنوا بالعلم الذي لا يسعهم جهله؛ لأن العلم درجات العلم أبوابه واسعة كثيرة لا يمكن لأحد أن يحصّل جميع أطراف العلم؛ لكن يدخل فيه برفق ويأخذ ما يحتاجه في دينه.
فمن الناس من يحتاج الأصول العظيمة التوحيد وهذه لكل الناس وهذا واجب وهو مما لا يسع جهله بتوحيد الله جل وعلا ومعنى الشهادتين وتحقيق أنواع التوحيد له سبحانه وتعالى، ومعرفة معنى السنة والبدعة ونحو ذلك من الأصول العامة، وهي المبينة في مثل كتاب ثلاثة الأصول لإمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ونحو هذه الرسالة من الرسائل المشابهة.
ثم يأخذ من الفقه ما لا يسعه جهله، مثل كيف يتطهر، كيف يصلي، كيف يتوضأ، الصلاة صلاة الحضر صلاة السفر يعرف ذلك بما يفتح الله عليه من معرفة أدلة ذلك، وهذا من أنفع ما ييسر له العبد، وكذلك أحكام الزكاة والصيام.
فإذا هدي إلى ذلك فقد أتى بالعلم الذي يجب على كل مسلم أن يتعلّمه بمعرفة دينه في ما يحتاجه في صحة قلبه في العقيدة الصحيحة وفي صحة عباداته فيما يتعلّم وإذا أشكل عليه شيء من ذلك، فإنه يسأل أهل العلم كما قال سبحانه ?فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ?(181).
ثم الناس بعد ذلك درجات إذا فُتح له أن يحفظ القرآن كانوا أو يحفظ أكثر القرآن كما ذكر السائل، ويحضر دروس أهل العلم ويحفظ فيها المتون، فهذه الناس فيها درجات.
لكن الحفظ من المهمات حفظ القرآن، ثم يليه حفظ المتون التي تثبت؛ لأن الفهم عرض يطرأ ويزول، يأتي ويذهب؛ لكن إذا حفظت صاحب الحفظ فهم لما حفظ، فإن هذا من أسباب ثبات الفهم لأنه يبقى معك المحفوظ، ولو ذهب بعضه مع مرور الزمن لكن يبقى كثير منه أو يبقى أكثره بحسب استعدادات الناس.
وقد جرب طائفة ذلك بحفظ القرآن حفظوه وانعم الله جل وعلا به عليهم لكنهم أساؤوا فنسوا كثيرا من القرآن؛ لكن بقيت معهم الأدلة وبقيت معهم الاستدلالات، ثم بما دون ذلك منهم من حفظ الأربعين النووية وحفظ البلوغ في عمره وحفظ كتاب التوحيد وحفظ ما حفظ، ثم مع الزمن أتته المشاغل فربما نسي؛ لكن يبقى معه من ذلك ما يكون حجة له وحجة معه فيما يحتاج إليه من المسائل.
فلا يشترط في طالب العلم أنه إذا حفظ لا ينسى هذا لا يمكن.
والناس في الحفظ استعدادات ومواهب منهم من يحفظ سريعا ويثبت حفظه وهم الندرة من الناس، ومنهم من يحفظ سريعا ينسى، ومنهم من يعسر عليه الحفظ ولكنه في المراجعة و[...]يسهل عليه حتى يكون قويا في ذلك وهكذا.
فإذن المهم أن طالب العلم لا ييأس، فإذا كانت عنده موهبة بالحفظ فيحفظ ويكرر ولو كان ينسى بادئ ذي بدئ، والحفظ سريع إذا لم يكن مع التكرار -تكرار كثير-، فإنه ربما يكون مذهبا لما حفظ.
لهذا نقول إجابة على آخر ما جاء في السؤال: إنَّ من أعظم الوسائل لتثبيت المحفوظ:
أولا: أن يكون متقيا لله جل وعلا غير مفرط في أوامره ونواهيه؛ لأن العلم نور والمحفوظ في القلب من النصوص من الكتاب أو السنة هذا من النور؛ لأن الرسول نور والكتاب نور، ولهذا نور الله جل وعلا لا يثبت مع غفلة القلب، لا يثبت مع انشغال القلب بمعصية الله جل وعلا وعدم تعظيمه لأوامره.
ولهذا أعظم وسائل الحفظ أن يُتَّقى الله جل وعلا بفعل أوامره واجتناب نواهيه بحسب الاستطاعة وأن يكثر المرء بما فرط من الاستغفار، قال جل وعلا ?وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا?[النساء:66] قال بعض العلماء هنا ?وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا? تثيبا لهم في العلم وتثبيتا لهم في العمل، في العلم يثبت بما توعظ به والاستجابة لله جل وعلا ولرسوله (، وكذلك العمل يؤتاه العبد إذا عمل، وقد قال بعض أهل العلم: من عمل بالسنة أورثه الله عملا بسنة أخرى. وكذلك من عمل سوءا فإنه يحجب عنه أو قد يحجب عنه بعض العلم، والسنة في القلب والبدعة وهو العمل الصالح يتدافعان كما هو معلوم.
وفي ذلك يقول وكيع للشافعي، والشافعي رحمه الله الإمام محمد بن إدريس الشافعي المعروف المولود سنة خمسين ومائة (150هـ) والمتوفى سنة أربع ومائتين للهجرة (204هـ) رحمه الله رحمة واسعة من الأئمة المشهورين كان يعالج نفسه بالحفظ كثيرا، فشكا إلى شيخه وكيع بن الجراح العالم والإمام المعروف سوء حفظه، فأرشده إلى ترك الذنوب، وقال في ذلك الشافعي شعرا:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
فـقال اعلم بأن العلم نـور ونور الله لا يؤتاه عـاص
ولذلك كلما زاد النور في القلب كلما ذهبت الظلمة، والمعصية ظلمة فإذا استقبل العبد الظلمة ورضي بها، فإنه يذهب من التنور بقدر ذلك، وهكذا حتى تتنوع القلوب في هذا.
الأمر الثاني من أسباب الثبات على الحفظ وتيسير سبيل الحفظ أن لا يقتصر المرء على الحفظ الأول؛ بل يجعل له في كل ما يحفظ ختمة.
القرآن يجعل له ختمة إذا حفظ له عشرة أجزاء يبدأ من أول ما حفظ إلى نهاية العشرة أجزاء، فإذا انتهى منها يبدأ من جديد.
إذا حفظ الأربعين النووية يبدأ من أولها إلى أن يختمها ثم يعيد من جديد.
حفظ كتاب التوحيد يبدأ. يكون ختمة في شهر في شهرين لكن لابد أن يتعاهد ما حفظ، حفظ ألفية ابن مالك حفظ ألفية العراقي، لابد أن يكرر الزمن، حفظ أي متن من المتون لابد له من قراءة فيه وختمة بين الحين والآخر لأن هذا به المذاكرة.
الأمر الثالث أن طالب العلم إذا كان مع نفسه لا يستطيع، فإنه يتخذ صاحبا له يعينه على ذلك ممن يشركه ويشترك معه في الرغبة في الحفظ والرغبة في المدارسة هذا من أنفع الأسباب.
وهناك مسائل أخرى تتعلق بذلك تراجع في كتب آداب طلب العلم.
س2/ هل الملائكة الموكلة بالإنسان سواء الكتبة أو الحافظون تكون ملازمة للإنسان؟ أم أنهم ينفكون عنه عند دخوله الخلاء؟
وما معنى قوله تعالى ?وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ?[ق:16]؟ (182)
ج/ أما معنى الآية فقوله ?وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ? فهذا قرب الملائكة لا قرب الرب جل وعلا بذاته سبحانه وتعالى؛ لأن القرب كما هو معلوم نوعان:
* قرب عام.
* وقرب خاص.
والقرب العام لا يثبت لله جل وعلا قرب عام من جمع خلقه وإنما يثبت القرب الخاص، وما جاء في النصوص من القرب العام مثل هذه الآية ?وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ? فإنما هو قرب الملائكة كما حققه ابن تيمية وابن القيم وجماعة آخرون.
والملائكة أنواع منها ملائكة ملازمة للعبد لا تنفك عنها البتة، ومنها ملائكة تنفك عنها وتفارقه في بعض المواضع أو لبعض الأسباب.
فدخول الخلاء، وجماع الإنسان لأهله، وكون الإنسان يكون جُنبا، وأشباه ذلك مما جاء في الأحاديث، هذا من أسباب أن بعض الملائكة لا يرافقونه ينفكون عنه.
ثم هل الملائكة هذه هي ملائكة الرحمة أم ملائكة الرحمة والكتبة التي تلازم الإنسان؟ خلاف بين أهل العلم، وهل أنهم الحفظة أو الكتبة أو هما معا؟ والصحيح أن الحفظة بخصوصهم هؤلاء ينفكون عن ملازمته وأما الكتبة فإنهم لا ينفكون.
والحفظة يحفظ الله جل وعلا العبد بهم كما قال ?لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ?[الرعد:11]؛ يعني يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه، الله جل وعلا ييسر لهم أسباب الحفظ ما ييسر.
هذا وجه في الجمع بين الأحاديث، وثَم تفصيل آخر نكتفي بهذا، نعم
ننبه الإخوة أن السبت القادم أكون في مكة إن شاء الله فقط السبت القادم، السبت الذي بعده نواصل إن شاء الله.
??(??
الأسئلة] نجيب عن سؤالين فقط.
س1/ يقول: إذا حج رجل عن رجل ميت هل الرجل الحي يأخذ الأجر على هذا الحج، علما أن هذه الحجة للميت ؟
ما فهمت سؤالك بدقة: إذا حج رجل عند رجل ميت هل الرجل الحي يأخذ الأجر على هذا الحج، يعني قصده إذا أخذ مال.
هذا الميت إذا مات وعليه حج واجب فإن أولى الناس بالحج عنه ولده أو أقربائه أو وليه، هذا هو أولى الناس بالحج عنه؛ لأنه نوع بر له البراءة بذمته وقضاء للدين الذي عليه.
أما إذا لم يوجد أو كان فيه كلفة أو نحو ذلك أو كان يريدون السرعة بالحج عن الميت، وجاء من يرغب في الحج؛ ولكنه ليس عنده من النفقة ما يكفيه لأداء الحج فإنه لا بأس أن يُعطى ليحج عن الميت لما قام في قلبه من الرغبة من شهود المشاعر ورؤية الكعبة والذكر هناك وشهود دعوة المسلمين في ذلك.
فإذا كان الرجل يريد الحج أو كان المسلم يريد الحج؛ لكن لم يجد نفقة، فإنه لا بأس أن يأخذ نفقة ليحج عن غيره؛ ولكن لا يجوز أن يحج يأخذ؛ يعني لا يقوم في قلبه الحج ولا الرغبة في الآخرة وإنما إذا أتاه مال حج وإذا ما أتى مال أوش تعبي ليش أروح أنا، هذا لا يجوز لأنه استئجار على عبادة، وكما قال ابن تيمية: إنما يجوز أن يأخذ ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فالأشبه أن هذا ليس له في الآخرة من خلاق. وهو كما قال رحمه الله تعالى.
فإذن إذا أتى من يريد الحج وهذا الحج يريد أن يدفع من مال أبيه؛ يعني من التركة مال يحج عنه مكانه فهذا لا بأس به.
س2/ بقول كيف يُجاب عن الحصر في قوله ( «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث»؟
ج/ الحصر على بابه؛ لكن عمل غيره لا يدخل في كلمة عمل. فعمله ينقطع عباداته تنقطع إلا هذه الثلاث، وهي الصّدقة الجارية، علم ينتفع به، وولد صالح يدعو له.
الصدقة الجارية الوقف [المحدّث] الذي يبقى كبناء المسجد وحفر الآبار وتيسير سبل الماء، أو طباعة كتب أهل العلم النافعة أو المصحف طباعة المصاحف ونحو ذلك، هذه الصدقات الجارية الباقية.
والولد الصالح معروف الولد يدعو له ويستغفر لأبيه.
والعلم الذي ينتفع به هذا يشمل العلم الذي علّمه أو ما أمر به بالمعروف ونهى عن المنكر وسنّ سنة حسنة ودعا إلى هدى الدعوة بأنواعها هذه تدخل في العلم الذي ينتفع به؛ لأن الأنبياء دعاة والنبي ( داعية ?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ?[يوسف:108]، فإنما ورث العلم، فإذن العلم يدخل فيه كل أبواب الدعوة وتوريث العلم والتأليف وأشباه ذلك.
فإذن الحصر على بابه والحصر في هذه الأنواع في العمل عمل الميت، أما عمل غيره فلا يدخل في ذلك كما ذكرنا.
نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
سائل: هنا تعليق لبعض الإخوان.
الشيخ: تعليق، اقرأ التعليق.
السائل: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين: اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الإيمان اختلافا كثيرا، فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه، وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة رحمهم الله، وأهل الظاهر، وجماعة من التابعين إلى أنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. (183)
قال: وهو قول المعتزلة أيضا، فإنهم قالوا: الإيمان هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطا في صحته والسلف جعلوها شرطا في كماله. وانظر شرح السنة إلى آخره. (184)
ج/ هذا غلط، التعليق هذا غلط:
أولا ليس هو قول المعتزلة. (185)
ثم أيضا ليس الفرق بين أهل السنة والمعتزلة، أهل السنة لا يرون العمل شرط يرونه ركن لأن ما أدخل في المسمى فهو ركن.
هذا تعليق شعيب؟ نعم، هذا الكلام غلط، هذه أي طبعة، رقم ثلاثة عشر؟ ما هو صحيح؛ تعليقه غلط.
كل تعليقه غلط هو جعل أن قول أهل السنة أن الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان جعله قولا للمعتزلة، وهذا ليس بصحيح، ثم جعل أيضا الأعمال عند السلف شرطا في الكمال، وجعله عند المعتزلة شرطا في صحة الإيمان، هذا أيضا ليس بصحيح، كل تعليقه مبني على فهم الماتريدية في الغالب؛ يعني ينحو منحى الماتريدية في هذه المسألة.
س2/ هنا أسئلة فقهية، فيه: امرأة ذهبت إلى المستشفى لأجل تركيب لولب مانع للحمل، وعندما ذهبت قال لها الأطباء لابد من إعطائها حبوبا لأجل إخراج الدم من الرّحم، ومن ثم تركيب اللولب.
السؤال: ما حكم هذا الدم هل يعتبر دم حيض أم يعتبر دم إستحاضة؟
ج/ هذا يُسأل عنه الطبيب، هذا الدم دم حيض أم دم إستحاضة، فالطبيب يفرِّق بين هذا وهذا، والأصل أن دم الحيض دم طبيعة وجِبِلَّة يخرج في وقت معين، وما يخرج بالأدوية وما أشبه ذلك، هذا يُعتبر دم إستحاضة، وهذا ييسر العمل بأشياء كثيرة وفي أحكام للنساء.
لهذا فالأقرب أنه هنا أن يسأل الطبيب، والطبيب إذا كان ثقة هو يحدد نوع الخارج، ثمّ يفهم أنّ الأصل أنه دم إستحاضة، إذا لم يكن عند الطبيب يقين أو قال: أنا ما أعرف هذا الدم أو ما أشبه ذلك فيعتبر دم إستحاضة؛ لأنه يعني بساعات ينفذ.
س3/ هل لشارب خمرٍ أن يقيم على نفسه الحد في السر خوفاً من الفضيحة أم تكفيه التوبة؟
ج/ تكفيه التوبة، لم يقل أحد من أهل العلم أن المذنب الذي ارتكب ما يوجب حدّاً أن عليه أن يسلم نفسه أو أن يُقيم الحد على نفسه أو أن يذهب إلى من يقيم عليه الحد.
بل الصحيح هنا أن الطهارة الكاملة له تكون بالتوبة؛ لأن هذا ليس فيه تعدٍ، أما ما كان فيه تعدٍ على غيره من مثل القتل أو السرقة أو القذف أو ما أشبه ذلك فهذا له بحث آخر، أما شرب الخمر بنفسه فيما فعله وأوجب حدّاً فإنه تكفيه التوبة ومن تاب، تاب الله عليه، «التوبة تجبّ ما قبلها»، والله جلّ وعلا يقول: ?وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَىً?[طه:82]، وقال جل وعلا أيضاً: ?قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً?[الزمر:53]، أجمع أهل العلم من المفسرين والمحدثين وغيرهم على أن هذه الآية نزلت في التائبين، فمن تاب، تاب الله عليه.
س4/ يقول: ما يقول الأئمة الأعلام في مخالفي أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات من المعطلة والمشبهة وغيرهم، هل هم كفار أم لا؟ وأي نوعي الكفر وقعوا فيه وما سبب ذلك؟ هل لقولهم على الله بغير علم أم لإنكارهم بعض نصوص الوحي أم ماذا؟
وما تأويل الإمام أحمد رحمه الله عندما قال: الواقفة أو المفوّضة أشد ضلالاً من غيرهم أو كما قال؟
ج/ شُوف بعض الأسئلة كأنها أسئلة اختبارات، يعني هل هم كذا وهل..، هل هم كفار أم لا وأي نوعي الكفر وقعوا فيه؟ وما سبب ذلك هل لقولهم على الله بغير علم... على كل حال الإفادة مطلوبة.
الضالون في باب الأسماء والصفات درجات وأقسام، منهم الجهمية ومن شابههم ممن ينفون جميع الأسماء والصفات، إلا صفة الوجود المطلق، وهؤلاء هم الذين اشتد عليهم صوت السلف والأئمة؛ لأنهم ليسوا من الثنتين وسبعين فرقة وإنما هم خارجون أصلا.
فجهم ومن معه لا يعتبرون أصلا في الإسلام، يعني الجهمية الأصليين الذين ينفون جميع صفات الرحمان جلّ وعلا وجميع أسماء الرحمان جلّ وعلا إلا صفة الوجود المطلق، وهؤلاء لا وجود لهم اليوم بادوا في ذلك الوقت، هؤلاء ليسوا من المسلمين.
والفئة الثانية التي أيضاً يُحكم بكفرهم: المشبهة الذين يقولون وجه الله كوجه الإنسان، أو يده كأيدينا، أو عيناه جلّ وعلا كأعيننا أو سمعه كسمعنا، يجعل المماثلة في ذلك في تمام الاتصاف بالصفة، هؤلاء أيضاً المجسمة على هذا النحو والممثلة فإنهم أيضا ليسوا من أهل الإسلام؛ لأنهم شبّهوا الخالق بالمخلوق أو شبهوا المخلوق بالخالق جلّ وعلا.
أما من ليسوا كذلك وإنما هم مبتدعة على درجات في الصفات، منهم المعتزلة ومنهم الأشاعرة والكلابية والماتريدية ومن على هذا النحو، فإن هؤلاء منهم من يُثبت بعض الصفات، منهم من يُثبت سبع صفات أو ثمان أو أكثر أو أقل على خلاف بينهم، فلا يُطلق القول بتكفير الطائفة، ولا يُطلق القول بعدم التكفير أيضاً، وإنما يُقال هؤلاء أهل بدع، وبحسب ما نفى يكون الحكم عليه، ليسوا على باب واحد، لكن الأصل أن من أثبت بعض الصفات وتأوّل في الباقي ونفى أو أوّل فإنه لا يُحكم بكفره، وإنما يُقال هذا من أهل البدع.
لهذا أهل السنة والجماعة لما تكلّموا في المعتزلة وحكموا بكفرهم، يعني بكفر أهل الاعتزال، ذكروا أن ذلك متعلق بالقول بخلق القرآن أو ببعض المسائل الأخرى، أما نفي الصفات أصلا فهو مردود وكفر كما هو عليه الجهمية، أما تأويل الصفات في إثبات بعض أو نفي بعض فلا يُطلق القول بتكفير هذه الفئة.
ومن أهل العلم -من أهل السنة والجماعة- من خصّ مسألة علو الرحمان جلّ وعلا لأجل ظهور دليلها (علو الذات لرّب جل وعلا)، لأجل ظهور دليلها وقوّة برهانها وعدم وجود مجال للتأويل فيها خصّها بأن من أنكر علو الذات للرب جلّ وعلا فإنه يكفر، لكن الأصل الذي عليه أئمة أهل السنة والجماعة أنهم يستعملون في هذا الباب عبارات الابتداع، البدعة والضلالة والمخالفة وطريقة الخلف وأشباه ذلك.
وليس كل من نفى صفة أو تأولها يعتبر كافراً خارجاً من الدّين، وإنما ذلك الاتفاق مخصوص بالجهمية والمجسمة، وأما المعتزلة ففيهم تفصيل بحسب المسألة التي تُتناول، أما الأشاعرة والماتُريدية والكلابية فلا أعلم أحدًا من أهل السنة أطلق عليهم الكفر.
س4/ هل الصحيح أن إزار المسلم إلى نصف الساق أم إلى الكعبين؛ لأني سمعت من يقول أنه إلى نصف الساق، لكن... فسّر لي هل هذا صحيح؟ (ما فهمت لأن الخط غير جيّد)
ج/ المقصود أنّ النبي عليه الصلاة والسلام صحّ عنه أنّه قال: « إِزْرَة المسلم إلى نصف ساقه، ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين»، وأيضاً في الحديث الصحيح الذي في الصّحيحين: «ما تحت الكعبين من الإزار في النار»، وصحّ عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه قال: «من جرّ إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة».
وهذا يدلّ على أنّ المسلم ليس له أن يجعل ثوبه أو إزاره أو ما يلبس أدنى من الرّداء ونحوه أن يجعله تحت الكعبين، يعني أن يكون مستديماً تحت الكعبين، أما إذا كان في حالة يكون تحت الكعبين ثمّ إذا لبسه مستوياً لا يكون تحت الكعبين فهذا لا حرج عليه فيه كما هو ظاهر من حديث أبي بكر الصديق (، أنه قال يا رسول الله، إنّ إزاري يسترخي إلاّ أن أتعاهده، قال: «يا أبا بكر لست ممن يفعله خيلاء».
فدلّ هذا على أنّ الاستدامة هي المنهي عنها وأنّ أشد الأمر في ذلك أن يكون جرّه لإزاره أو إسبالُه لثوبه أو ردائه أو نحو ذلك على جهة الخيلاء، فهذا أشدُّه.
و إذا جعل إزاره إلى ما وفق الكعبين بقليل، ولم يجعله تحت الكعبين، فلا حرج عليه، لأن هذا مأذون فيه وفيه سعة لقول النبي عليه الصلاة والسلام.
أما جعل الإزار إلى أنصاف الساقين فهل هو عامّ في الإزار وفي غيره من الثياب، أم هو خاصّ بالإزار؟ اختلف أهل العلم في ذلك:
فمنهم من خصّه بالإزار لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي في السنن: «ِإزْرَةُ المسلم إلى نصف ساقه»، وأماّ الثوب -يعني القميص وأشباه ذلك- فإنه لا تكون السنة فيه كذلك، وهذا وجه لطائفة من أهل العلم.
وآخرون قالوا إن الأصل يعمّ الجميع فالإزار ليس له مزية على غيره في هذا الحكم؛ بل الثوب والإزار على هذا الباب في أن يكون له أن يجعله إلى نصف الساق، بل يكون هذا الأفضل في حقه إلا إذا كان يرجو مصلحة شرعية في عدم فعله هذا، فإنه لا حرج عليه، فمثلاً أن يكون رياءً، أو أن يكون فعله ذاك لا يُسَهّل له أمر الدّعوة والإرشاد وينفر الناس منه ونحو ذلك، فإن هذا أذن فيه طائفة من العلماء بهذا المعنى وهو في المرخص فيه فيما بينه وبين الكعبين.
المهم أنّ الواجب على كل مسلم أن لا يُسدل إزاره لما تحت الكعبين ولا ثوبه ولا رداءه؛ بل هذا يحرم عليه وهو من كبائر الذنوب إذا استدام، وأعظم منه أن يفعل ذلك خيلاء، يعني تكبّراً وطلباً للرِّفعة فإن هذا أعظم.
وأهل العلم اختلفوا، هل يُحمل حديث «ما تحت الكعبين من الإزار في النار» على حديث «من جرّ إزاره خيلاء» أم أن يكون هذا له باب وهذا له باب؟ على قولين:
والمعروف عند جمهور العلماء أن حديث «من جرّ إزاره خيلاء» هو الأصل، و«ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار» محمولا على من فعله خيلاء ليجمعوا بين الحديثين، وهذا قول الجمهور ومنهم الحنابلة.
وقد كان أيوب السختياني فيما رواه عنه عبد الرزاق بإسناد صحيح، كان يُسدل إزاره، والإمام مالك أيضاً ربما فعله، وقد قيل لأيوب أليس هذا من الخيلاء؟ فقال كانت الخيلاء في جرّ الإزار، والخيلاء اليوم في التشمير.
وهذا ليس بصحيح، ولكنه فعل لبعضهم، لهذا كان الإمام أحمد وعدد من الأئمة وهو الذي عليه أصحاب المذاهب أنّ الجر لغير خيلاء أو إسبال الإزار أو الرداء لغير خيلاء مكروه فالأفضل تركه، وأما جرّه للخيلاء فهو المحرم حملا للحديثين بعضهما على الآخر، لأنّ الأحاديث يفسّر بعضها بعضا.
والقول الثاني أن الإزار أو الرداء في الإسبال أو الجر محرّم مطلقا، فإن كان لغير خيلاء فهو في النار، وإذا كان لخيلاء فالإثم أعظم لما رُتّب عليه في قوله: «من جرّ إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»، وهذا له باب، يعني هذا له باب والحديث الآخر له باب، ولا يندرج عليه حمل المطلق هنا على المقيد لعدم إتحاد الأثر فيهما أو السبب فيهما.
المقصود من هذا أنه يجب على المسلم أن يتعاهد ذلك ويُخشى عليه أن يكون مرتكباً لكبيرة، وإذا كان مرتكباً لكبيرة في جرّ الإزار أو الإسبال فإنه لا يُرجى له تكفير الصغائر ولا يُرجى له أن تكون الصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينهما لأن فيه «ما اجتنبت الكبائر» فينبغي، بل يجب عليه أن يحذر أشدّ الحذر من هذا.
أعان الله الجميع على ترك ما يُغضب الرّب جلّ وعلا، نكتفي بهذا.
اقرأ...
??(??
الأسئلة] نجيب على بعض الأسئلة، سؤالين أو ثلاثة
س1/ يقول: ما الفرق بين قيام الحجة و بين فهم الحجة؟ وهل من لم يفهم الحجة يُعاقب على ما لم يفهمه؟ أفدني.
ج/ ذكرنا الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة في أجوبة أسئلة وكذلك فصّلناه في كشف الشبهات، فأنا أريد الأخ السائل أنه يرجع إلى شرح كشف الشبهات ليستفيد أولاً ثمّ ينظر إلى هذا الموضوع.
وخلاصة الكلام أن فهم الحجة ليس بشرط، وأما قيام الحجة فهو شرط في التكفير ووقوع العذاب.
و فهم الحجة يُراد منها -يعني الذي ليس بشرط-، يراد منه أن يفهم أنّ هذه الحجة أرجح مما عنده من الحجج، المهم أن يفهم الحجة ودِلالة الحجة من كلام الله جلّ وعلا وكلام رسوله ( وأن تُزال أو يُبيَّن له بطلان الشبهة تلك التي عنده.
وليس من شرط قيام الحجة أن يفهم الحجة كفهم أبي بكر وعمر والصحابة الذين نوّر الله قلوبهم، ولا من نوّر الله قلبه ممن تبعهم بإحسان؛ لأنه لو قيل بفهم الحجة هنا، صار لا يكفر إلا من عاند، يعلم أن هذه الحجة وعليه يفهم الحجة ويفهم أنها صحيحة ويفهم أنها راجحة ومع ذلك لا يستجيب فهذا يعني أنه معاند، والله جلّ وعلا بيّن في القرآن أن منهم من لم يفقه أصلا قوله كقوله جلّ وعلا ?وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ?(190)، يعني أن يفهموه فهم الحجة كما فهمها من أراد الله جلّ وعلا هدايته.
وهناك قسم آخر من فهم الحجة، الذي هو فهم اللسان، فهم اللسان هذا لا بد منه ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ? [إبراهيم:4]، فلا بدّ أن يفهم وجه الحجة باللّسان الذي يتكلم به، لكن يفهم أن حجته هذه أرجح من الحجة التي عنده، أو أنها أقوى من الشبهة التي عنده ونحو ذلك فهذا ليس بلازم، المهم أن توضح بشروطها الكاملة.
وهذه يقوم بها العلماء فتختلف مسألة قيام الحجة وفهم الحجة بحسب نوع الشبهة التي تَعرِض، فمثلا الإستغاثة بالله جلّ وعلا ليست في قيام الحجة كالإستغاثة بالله جلّ وعلا وحده وأن الإستغاثة بغيره شرك أكبر ليست في قيام الحجة وفي مسألة فهمها مثل مسألة طلب الشفاعة من النبي عليه الصلاة والسلام، فهذه مسألة ربما حصل فيها نوع اشتباه عند من لم يعلم، وتلك واضحة بيّنة.
فإذن مسألة قيام الحجة تختلف بإختلاف نوع قيام الحجة وكيف تقام الحجة وبما تقام وتختلف بما يُبيّن المسألة إلى آخره.
س2/ هل يُستدل بفعل العالم لفعل معيّن في مسألة ما على أنّ ذلك الفعل هو مذهبه الذي يقول به؟
ج/ لا يدل على ذلك، فالفعل له احتمالات كثيرة وأيضاً الفعل قد يكون عن غفلة، لكن إذا لازم الفعل، إذا لازمه، فإن هذا يدل على أنه مذهب له. لكنه إذا فعله أحياناً فربما -العَالِمُ بَشَرٌ- يأتيه من الشواغل ما يجعله ما يلتزم بالسنة في بعض المواضع أو يعمل شيئاً وهو لا يستحضر الحكم فيه تماماً، يعني وهو يفعل جاهل ونحو ذلك فهذا يحدث لكل أحد.
فالعالم فعله ليس بحجة إلا إذا إلتزمه، إذا إلتزمه يدلّ -لا نقول ليس بحجة لكن ليس بمذهب له- إلا إذا التزمه، فإذا التزمه دلّ على أنه يذهب إلى هذا القول.
س3/ هل يجوز أن يُدعى بقول القائل: يا مجيب دعوة نوح أجب دعائي.
ج/ هو سأل الله جلّ وعلا وتعرّض لذلك، فلا بأس.
س4/ وهل يجوز نحو ذلك بقول القائل: يا مجيب دعوة إبليس أجب دعائي.
ج/ هذا خلاف الأدب، فكونه ما يدعو إلا بهذا، هذا يدل على سوء أو على جهل؛ لأنه يتعرض بما يناسب أنه يجيبه في الدعاء، ودعوة إبليس أجيبة امتحان وبلاء له ليعظم إثمه وإضلاله للخلق يكون أعظم في عذابه هذا من الاعتداء في الدعاء ومن عدم الأدب مع الله جلّ وعلا.
س5/ هل القول أن العمل شرط في صحة الإيمان صحيح؟ وإذا كان غير صحيح نرجو ذكر السبب. وكذلك قول إن العمل شرط في كمال الإيمان.
ج/ ينبغي إيضاح مسألة وأنا أوضحتها لكم عدة مرّات وفي شرح الطحاوية أيضا فصلنا الكلام فيها، في الواسطية.
كلمة (شرط) لا يُدخلها أهل السنة في الكلام على مسمى الإيمان، الإيمان له حقيقة وحقيقته التي يقوم عليها هي أركانه وليست شروط، الشرط يسبق المشروط، الشرط يسبق، أما الأركان فهي ما تقوم عليه حقيقة الشيء، إذا ما قامت الأركان ما قامت حقيقة الإيمان.
فالإيمان قول وعمل: قول اللسان، تصديق الجنان، عمل الأركان. هذه أركان، أركان للإيمان (القول والعمل والإعتقاد) وليست شروطاً؛ لأن الشروط خارجة عن المسمى والسلف أجمعوا على أن مسمى الإيمان: الإعتقاد والقول والعمل. وبه تميزوا عن باقي الفرق الأخرى.
لهذا إدخال كلمة شرط تدل على عدم فهم حقيقة معنى الركن وحقيقة معنى الشرط. قبل أن يُبحث هل هو شرط كمال أو شرط صحة، هذا ليس بحثاً صحيحا لأنه عندنا أن العمل ركن في الإيمان.
عند الخوارج العمل شرط في صحة الإيمان، عند المعتزلة أن الشرط في الصحة.
عندنا ليست كذلك؛ بل العمل ركن من الأركان.
إذا نظرت إلى أنواع القسم التكليفي الحكم الوضعي وماهية المسميات التي تدل على الأسماء بَانَ لك أن الركن هو ما يقوم عليه الشيء؛ يعني لا يمكن أن يتصوّرالشيء إلا به، والشرط هو مصحِّح للأركان.كيف؟
خذ مثلا البيع، البيع ما أركان البيع؟ هل تحفظها أركانه كذا وكذا حفظا؟ لا، هي متصورة.
متصور لأن الركن هو ما تقوم عليه حقيقة الشيء بدونه لا يمكن أن يقوم هذا الشيء يعني يقوم مسمى
كالبيع مثلا إذا قيل لك ما أركان البيع، ماذا تقول، أركان البيع إيش؟:
لابد من بائع، -ولا كيف من اللي يبيع؟-، ولا بد من مشتري، صحيح، ولا بد من مُثمَن -شيء يقع عليه البيع-، ولا بد من صيغة تبادل -بعت، اشتريت، إلخ..-. لكن الأخ قال: الثمن. هل الثمن من الأركان، يمكن أن يقع البيع؛ يعني صورة البيع تقع بلا ثمن موجود، يكون غير موجود أو يكون إلخ...
فالثمن من مقتضيات البيع لكن ليس ركناً، المهم المُثمَن الذي يقع عليه البيع، السلعة التي تبايعوها.
إذا أتينا للشرط، شروط البيع، شروط البيع إيش؟ هي مصححات هذه الأركان، يعني مثلاً تقول البائع إذا قلنا الشرط، الشرط ما معناه عند أهل العلم؟ شرط يصحّح أن يكون هذا الرّكن شرعياً، فالبائع ماشرطه ليكون تصرّفه شرعياً؟ أن يكون من أهل التصرّف إلخ...
طيب، المُثمَن -السلعة- ما شرط هذا الركن ليكون هذا مالاً يقع عليه المعاملة، يقول لك اشترطوا إيش له؟ أن يكون إيش؟ أن يكون معلوماً، أن يكون له مالية، ما يكون محرّم إلخ... أن يكون مباح النفع إلخ...
إذن فالشروط خارجة عن حقيقة الشيء وإنما هي لتصحيح الشيء.
خذ مثالاً آخر، الصلاة الآن، حقيقة الصلاة تقع بالأركان، أركان الصلاة هل هي خارجة عنها أو فيها؟ هل فيه ركن للصلاة خاج عنها؟ كلّ الأركان في داخله إبتداءً من تكبيرة الإحرام وإنتهاءً بالتسليمة، كلها في داخل مسمى الصلاة، لكن الشروط؟ يقول إستقبال القبلة قبْل، نأتي للطهارة قبْل، نجي للبقعة، يعني فيه أشياء قبل، وهناك النية تكون مستصحبة إلى آخره.
فإذاً في مسألة الإيمان -وأنا أوضحت لكم هذا في ما سبق لكن تأكيداً عليه-، الذي يتكلم في الإيما وإذا تكلم عن العمل أتى بكلمة شرط فإنه لم يفهم مذهب السلف لأن الشرط، لا يمكن أن تقول الإيمان قول وعمل وتقول العمل شرط. كيف يكون الإيمان قول وعمل، ويكون العمل شرط؟ الشرط خارج عن الحقيقة.
فإذا كانت حقيقة الإيمان قول وعمل، بأتفاق السلف، بالإجماع، بإجماع السلف حتى أن البخاري رحمه الله ذكروا عنه أنه لم يرْوِ في كتابه لمن لم يقل الإيمان قول وعمل، إذا كان الإيمان قول وعمل معناه هذه حقيقة الإيمان، فكيف يُجعل العمل شرط؟ فإذا جعلنا العمل شرطاً معناه أخرجناه من كونه ركناً وجعلناه شرطاً للقول أو شرطاً للإعتقاد، فإما أن ندخل في مذهب المرجئة أو ندخل في مذهب الخوارج والمعتزلة.
وهذه مسائل مهمة تبيّن لك ضرورة الاتصال بعلم الأصول -أصول الفقه-، وتعريفات الأشياء حتى يفهم معنى اللفظ ودلالته، وهذا كتفصيل للإجمال الذي به غلّطنا المحشي للطحاوية على حاشيته. (191)
س6/ بينوا لنا الفرق بين المشيئة والإرادة وهل تعلقهما واحد أم ثم تفريق بين الكوني والشرعي؟
ج/ هذا سؤال جيد ويدل على إدراك العلم إن شاء الله تعالى.
المشيئة، مشيئة الله جلّ وعلا غير الإرادة من جهة أن الإرادة تنقسم إلى قسمين والمشيئة نوع واحد.
فمشيئة الله جلّ وعلا في النصوص واحدة، وتُفَسَّر بما يشاؤه كونا، يعني بما يريده كونا، بما يأذن به جلّ وعلا أن يحدث في ملكوته كونا.
أما الإرادة فلها قسمان في ألفاظ أخر جاءت في الشريعة مثل الإذن، والكتابة، والقضاء، والأمر إلخ..
فالإرادة منها إرادة كونية، ومنها إرادة شرعية:
الإرادة الكونية لا تعلق لها -وهي المشيئة-، لا تعلّق لها بمحبة الله جلّ وعلا وبرضاه، يعني يريد كوناً ويشاء كوناً مما شاءه أشياء يحبها جلّ وعلا ويرضاها، ومما شاءه أيضا وأراده كوناً أشياء يكرهها الله جلّ وعلا، لكن أذن بها في ملكه لحكمة. أما الإرادة الشرعية فهو جلّ وعلا لا يريد شرعاً، لا يأذن شرعاً إلا بما يُحبه ويرضاه، فالله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده الكفر ولذلك لا يريد الكفر شرعاً وإن أراده وشاءه كوناً، وهكذا.
يقول: هل تعلقهما واحد أم ثَم تفريق بين الكوني والشرعي؟
تعلق مختفف لأن الإرادة الكونية تعلقها بما يكون، يعني تعلقها بالحكم، بالخلق.
والإرادة [الشرعية] (192) تعلقها بالأمر وبما شرع.
والله سبحانه وتعالى فرّق بين الخلق والأمر فقال: ?أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ?[الأعراف:54]، فالخلق هذا التعلق بالمشيئة الكونية والإرادة به، والأمر تعلق الإرادة الشرعية به لهذا يختلف هذا عن ذاك.
نكتفي بهذا القدر وأسأل الله جلّ وعلا لكم العلم والعمل والتوفيق لكل خير ولأحبابنا جميعاً، إنه جواد[كربم].
س7/ هذا سؤال يقول ما الفرق بين الدعاء والمسألة؟
ج/ الدعاء قسمان: دعاء عبادة ودعاء مسألة.
معنى دعاء العبادة أنه يتعبد الله جلّ وعلا ليرجوَ ثوابه، سميت العبادة دعاءً لأن كل متعبد يطلب بعبادته الثواب، فهو طالب ضمناً، من صلى هو في عبادة، كل مصلي سائل لأنه يسأل الثواب ورضا الله جلّ وعلا عنه إلخ... وإن لم يقل اللهم إرضى عني، اللهم أثبني إلخ...
أما دعاء المسألة، وهو السؤال: فهو أن يرفع يديه ويقول اللهم أعطني كذا، اللهم أسألك كذا، هذا يُسمى دعاء المسألة.
والدعاء في القرآن، في ما ورد في النصوص في القرآن والسنة تارة يأتي بمعنى دعاء العبادة وتارة يأتي بمعنى دعاء المسألة وتارة يكون بما يحتمل هذا وذاك.
فمما يحتمل هذا وهذا أو يشتمل الأمرين معاً كقوله في الآية التي ذكرتها لكم: ?وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ?[غافر:60]، وكذلك قوله: ?وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ?[البقرة:186].
ودعاء المسألة كقوله: ?فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ?[العنكبوت:65] دعوا هنا يعني إيش؟ مو عبدوا، معنى سألوا الله مخلصين في سؤالهم والسؤال من الدين.
وما خصّ به العبادة كقوله جلّ وعلا: ?وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ?[مريم:48-49]، فقوله هنا في الأولى ?تَدْعُونَ? وفي الثانية ?يَعْبُدُونَ? دلّ على أن معنى الدعاء هنا هو العبادة.
فإذن في النصوص الدعاء ينقسم إلى قسمين دعاء العبادة ودعاء المسألة بمعنى دعاء العبادة، يعني العبادات بأنواعها، ودعاء المسألة يعني السؤال. ?وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً?[الجن:18]، هذا يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة، وهكذا.
وفقكم الله.
??(??
[الأسئلة] نجيب عن بعض الأسئلة التي تأتي:
س1/ يقول: سمعت حديثاً أنه «ليس يتحسّر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة لم يذكروا الله تعالى فيها»، فهل هذا التحسّر مما ينافي النعيم أو غير ذلك؟
ج/ لا يحضرني الحديث في تخريجه، وعلى القول أو على فرض ثبوته، فإن التحسّر في فوات المراتب العالية نقص ولكنه ليس عذاباً؛ لأن الذي مُنِعَ أهل الجنة من أن يكون عليهم هو العذاب، أما النَّقص في النعيم بأنواعه، هذا حاصل، فإنّ نعيم أهل الجنة ليس بمرتبة واحدة ولا بمنزلة واحدة، يتفاوتون في النعيم البدني وفي النعيم البصري والسمعي وكذلك النعيم النفسي، يتفاوتون في ذلك بحسب مراتبهم، فإذا وُجد تحسّر فهذا نقص؛ يعني بمعني فوت بعض النعيم، يعني يقولون: ليتنا ذكرنا الله جلّ وعلا في كل ساعة حتى تزيد أو ترتفع درجتنا.
س2/ يقول: عندما يتكلم العلماء على مسألة الزيادة والنقص في الإيمان يأتون بعبارات مثل: إنه متبعّض، وإنه متفاضل، وإنه يذهب بعضه ولا يذهب أصله، وإنه يذهب بعضه ولا يذهب كله. فهل هذه العبارات مقصودة أم أنها تدلّ على مسألة الزيادة والنقص؟ أم أنها تدل على معنى زائد عن الزيادة والنقص؟
ج/ الذي ينبغي على طالب العلم إذا درس مسألة من مسائل العلم أن يبتدئ بأصول المسألة ويستوعبَها جيّداً؛ لأن الأصول والمسائل الأولى في العلم أو في أي مسألة من المسائل قبل الدخول في التفصيلات هي التي عليها بناء هذا الباب أو بناء هذه المسألة.
لذلك قد يُكثر طالب العلم من القراءة فدخل عليه مسائل في مسائل، خاصة في العقيدة ويشتبه عليه التأصيل بالتفريق ويشتبه عليه المسائل التي هي عقد ويُبنى عليها العلم من المسائل التي هي من الإيضاح أو من اللوازم أو من الاستطرادات وأشباه ذلك.
الإيمان عند جمهور أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، وزيادته دلّ عليها القرآن كما هو معلوم في قوله: ?زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ?[الأنفال:2]، وفي قوله: ?فَزَادَهُمْ إِيمَاناً?[آل عمران:173]، وفي قوله: ?وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً?[المدثر:31]، ونحو ذلك.
وهذه الزيادة قال بها جميع أهل السنة؛ بأن الإيمان يزيد هذا إجماع من أهل السنة.
لكن هل ينقص أم أنه يزيد ويقف ثمّ يزيد مرة أخرى؟
عامة أهل السنة، جمهور أهل السنة إلا ما ندر يقولون ما زاد فإنه ينقص؛ وذلك لأن سبب الزيادة وعلة الزيادة هي الإيمان، فدلّ على أنّ النّقص علته وسببه هو ضد شعب الإيمان التي هي المعاصي، فإذا عصى الله جلّ وعلا نقص إيمانه وإذا عبد الله جلّ وعلا وتقرّب إليه زاد إيمانه.
وهذا يدل عليه أيضا جمع من الأحاديث الصحيحة منها قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، وفي لفظ عند الإمام أحمد «إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلّة، فإذا ترك ونزع عاد إليه»، وهذا يدل على أن فعل المعاصي سبب في زوال بعض الإيمان، وهذا هو معنى النّقص. (193)
فإذن الإيمان يزيد وينقص، هذا هو قول أهل السنة، يعني عامة أهل السنة، أكثر أهل السنة أو تقول كل أهل السنة إلا من ندر.
أما مسألة التبعض فهذه متصلة -تذكرون الإيمان متبعض- هذه متصلة بمسائل الزيادة والنقصان ومسائل الأسماء والأحكام، يعني أن الإيمان ليس شيئاً واحدا، إما أن يأتي ويثبت كله، وإما أن يذهب ويزول كلُّه، لأن هذا هو قول الخوارج ومن شابههم؛ بأن الإيمان شيء واحد إما أن يوجد وإما أن يزول، هو شيء واحد لا يقبل التفاضل، وكذلك المعين، هذا من جهة الحكم، ومن جهة الأسماء فإن من ارتكب المعصية فليس بمؤمن عندهم لأنه ارتكب ما يذهب معه أصل الإيمان فليس بمؤمن.
فإذن مسألة التبعض وأن الإيمان يزيد وينقص ويتبعض، يذهب بعضه لا يذهب أصله، هذه المسائل متعلقة بمذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان، ثم التبعض له علاقة بالأحكام والتكفير والأسماء التي تُطلق على مرتكب المعصية والكبيرة.
فإذن قولك في الأخيرة: هل تدل على مسألة الزيادة والنقص أم تدل على معنى زائداً عن الزيادة والنقص؟
لا هي تدل على معنى زائد على الزيادة والنقص، لكن لها صلة بالزيادة والنقص، لأن منبع الزيادة والنقص ومنبع التبعض واحد وهو أن الإيمان ليس شيئا واحدا، وإنما الإيمان قد يأتي وقد يذهب قد يزيد وقد ينقص بحسب الحال.
س3/ يقول: قرأت كتاباً لأحد العلماء المعاصرين يقول فيه: إنّ الوجه - وجه الرحمان- صفة ذاتية زائدة. فما المقصود بقوله ذلك؟
ج/ أنا لا أعلم، لكن أحياناً تُستعمل، المقصود بها زائدة على الذات يعني لذهاب عن قول من يقول الوجه هو الذات، ?وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ?[الرحمن:27] يعني وتبقى ذات ربك، فقد يكون مراده أنه زائدة يعني عن الذات ليست هي الذات، صفة الذات، توجد ذات ويوجد وجه للرب جلّ جلاله، لكنها ليست من العبارات المستعملة عند السلف.
س4/ لما مُيِّزت نصوص الوعيد بأنها تمرّ كما جاءت؟ وهل تُلحق بها نصوص الرحمة في هذا الوصف؟
ج/ الوعيد الذي هو توعّد من الله جلّ وعلا للكافر أو للفاسق بالعذاب، هذا حق والله جلّ وعلا خبره صدق لكن وعيده جلّ وعلا مع كونه حقاً وصدقاً كما أخبر جلّ جلاله فإنه في حق المسلم الموحّد على رجاء الغفران، وعلى رجاء العفو، ولذلك أن لا يطبّق الوعيد في حق المعين؛ بل نقول: هذا الوعيد يُمرّ كما جاء ولا ندخل في تفصيلاته من حيث إن هذا من وعده كذا بالنار في تفصيلات هذا الوعيد، أو في تفصيلات المعيّن الذي ارتكب شيء مما ينطبق عليه هذا الوعيد، الأصل أن نُمِرَّ ذلك كما جاء ونُبقيه وعيداً للتخويف والجزاء عند رب العالمين.
ولهذا يقول العلماء: إخلاف الوعيد فضل وكرم، وأما إخلاف الوعد فكذب.
ولهذا فإنّ الله جلّ وعلا لا يُخلف وعده، ?لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ?[الروم:6] وَعْد الله مفعول لا بدّ منه، ما وعد به عباده فلا بدّ منه.
أما وعيده سبحانه وتعالى، فإنه قد يتخلى في حق المعين بفضل منه وكرم. وكما جاء في الحديث الذي في الصحيحين: أنه يوم القيامة يكون آخر من يُخرَج من النار أقوام «يخرجون من النار وقد امتحشوا، فيلقون في نهر يقال له نهر الحياء فينبتون كما تنبت الحِبة أو الحبة في جانب الشيء»، هذا بفضله جلّ وعلا فيخرج من النار أقوام لم يعملوا خيراً قط، ويغفر الله جلّ وعلا لمن يشاء سبحانه وتعالى.
فإذن الوعيد يبقى كما هو بدون تفصيل يُمر كما جاء من جهة المعنى ومن جهة من يتعلق به، ثمّ وعيد الله جلّ وعلا بالعذاب في الدنيا أو العقوبة في الدنيا، هذا متعلق بحكمته سبحانه وتعالى، وحكمة الله جلّ وعلا غالبة، لهذا يُثبَت الوعيد في حقّ الكافر من جهة الجنس لا من جهة المعيّن حتى يموت على الكفر، فإذا مات على الكفر فإنّه يُقال فيه ما أوْعده الله جلّ وعلا، لأنه قد جاء في الحديث الصحيح «حيث ما مررت بقبر كافر فبشّره بالنّار»، وهو في بعض السنن بإسناد جيّد.
وهناك قسم ثاني من الوعيد وهو وعيد الحكم وليس وعيد العذاب وهو مثل: «من أتى كاهنا لم تُقبل له صلاة»، «من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أُنزل على محمّد»، «من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أُنزل على محمّد»، «لا يدخل الجنة قاطع رحم»، «لا يدخل الجنة قتّات»، ونحو ذلك، هذا وعيد في الاسم والحكم وليس وعيداً في نوع العذاب وأشباه ذلك.
وهذا الوعيد هو الذي يكثر كلام السلف فيه، لأنه يمرّ كما جاء، لماذا؟ لأنّ الدخول في نوعي حكمه، يعني هل هو كافر كفر أكبر أو أصغر؟ هل هو لا يدخل الجنة؟ يعني نقول له: لأن الغرض من الوعيد تخويف من هذه الأفعال حتى يرتدع العباد، فإذا دخل الناس في تفصيلاتها ولم يمروها كما جاءت كأنه يضعف جانب الوعيد فيها.
لكن لها تفصيل، مع كونه يُمَر كما جاء فإنه له تفصيل بحسب ما عند أهل العلم من الأدلة، فمثلاً نقول في «لا يدخل الجنة قتّات» نفرّق بين الدخول الأول والدخول المتأخِّر، مثلاً «من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر» نقول مثلاً هذا كفر أصغر وليس بكفر أكبر، وأشباه ذلك من الأدلة التي فيها وعيد بالحكم.
وهذا يحتاج إلى أدلة أخرى لبيان معنى هذا الحديث أو معنى هذه الآية، وإلا فالأصل أن يمر؛ بمعنى لا يُسأل العالم أو طالب العلم في تفصيله أو تفسيره لأن الغرض منه التخويف.
لهذا مثلاً في حديث: «من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أُنزل على محمّد»، سُئل عنه الإمام أحمد هل هو كفر أكبر أو أصغر فتوقف عن ذلك وقال -كما هي الرواية الثالثة أو القول الثالث- توقف وقال أقول كُفْر وبَسْ؛ يعني وسكت. وهذا لأجل أن النص أطلق والمقصود منه التخويف.
والقول الأول أنه كفر أكبر، كما ينحو إليه قلة من أهل العلم، والقول الثاني أنه كفر أصغر مع أن النص نص وعيد لكن دخل العلماء في تفسيره لأجل ورود الأدلة الأخرى، كما جاء في مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح ثابت أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من أتى كاهنا أو عرّافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة»، فدلّ، هذا من رواية الإمام أحمد وهي زيادة قوية مقبولة زائدة على ما في صحيح مسلم «من أتى كاهنا أو عرّافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تُقبل له صلاة»، بدون زيادة «فصدقه»، فقد جاءت بإسناد ثابت صحيح بل هي أرجح في الزيادة من رواية مسلم ولذلك اعتمدها إمام الدعوة رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد.
المقصود أنه قال «فصدقه لم تُقبل له صلاة»، فكونه عليه الصلاة والسلام حدّ عدم قبول الصلاة بأربعين ليلة دلّ على بقاء الإسلام، لأن الكافر إذا كفر من بعد إيمانه فإنه لا تُقبل له صلاة مطلقاً، أما عدم قبول الصلاة أربعين ليلة، فهذا يدل على أنه مسلم لكن عدم القبول لأجل عظم ما فعله، ثمّ لأجل الشبهة في حقه، الشبهة في حق من يسأل الكاهن فإنه قد يقول: أنا لا أقول أنه يعلم الغيب ولا أعتقد أنه يعلم الغيب ولكن قد يُخبر بالشيء الذي تُخبره به الشياطين أو من يسترق السمع فتوجد شبهة تمنع من مأخذ التكفير.
أما الساحر فيختلف عن الكاهن، الساحر هذا شيء آخر لأنه لا يسحر إلا بالاستعاذة والاستغاثة بشياطين الجن.
س5/ هل دعاء: اللهم أنصر جميع المسلمين من المستضعفين أو دعاء ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا من باب التعدي في الدعاء بحيث إن الأول قد كتبه الله في الأرض والثاني قال الله سبحانه كما في الحديث قد فعلت؟
والسؤال الثاني: هل اعتقاد القبوريين والصوفية في الأولياء وأنهم يملكون الشفاعة ونحوها ناشئ من الغلو في الدعاء أم ما هو سبب هذا الاعتقاد لديهم؟
ج / مسألة الاعتداء في الدعاء بحثنا فيها باختصار في الدرس الماضي، وهي مسألة مهمة جداً ينبغي لطلاّب العلم أن يعتنوا بها لأن الداعي إذا اعتدى في الدعاء فإنه يأثم ، والاعتداء في الدعاء سبب لردّه؛ بل من أعظم أسباب ردّ الدعاء أن يدعو العبد ربّه الجليل العظيم ويعتدي ولا يتأدّب وهو يدعو.
وبعض البشر وهم من هم في ضعف شأنهم وقلة حيلتهم؛ لكنهم إذا رأوا من يسألهم ويعتدي في السؤال فإنهم لا يغفرون وربما عاقبوا وربما نفروا؛ لأن من حسن أو من أسباب الإجابة حسن السؤال حتى في حق المخلوق، والله جلّ وعلا هو المستحق لكل أدب من عبده وتذلّل من عبده وحسن السؤال وحسن الدعاء؛ لهذا مبحث الاعتداء في الدعاء مما ينبغي على كل طالب علم أن يعتني به وخاصة خطباء المساجد والأئمة الذين يدعون لأنفسهم وللمسلمين في القنوت وفي غيره.
لهذا جاء مثل هذا السؤال لأجل الاهتمام بهذا الموضوع.
قول القائل اللهم أنصر جميع المسلمين من المستضعفين هل هذا فيه اعتداء في الدعاء أم لا؟
هذا فيه حسن رجاء وظن بالله جلّ وعلا، وليس فيه اعتداء والنبي عليه الصلاة والسلام دعا بنجاة المستضعفين فقال: «اللهم أنْجِ المستضعفين، اللهم أنْجِ فلانا وفلانا»، والدعاء بنجاة جميع المستضعفين من المسلمين أو بنصر المسلمين جميعاً، هذا طلب والطلب قد يُجاب بنحوه؛ يعني قد يُجاب بنفس المطلوب وقد يجاب بصورة أخرى كما أوضحنا في الدرس الماضي، «ما من عبد يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال، إما أن يُعجل له دعوته، وإما أن يختبئها له يوم القيامة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها» وهذا يدل على أن العبد إذا أعظم في الطلب فإنه.....هذا مع عظم الرجاء.
الاعتداء في الدعاء لا يدخل في هذه اللفظة؛ لأنه لم يسأل سؤال فيه إثم، ولم يسأل سؤال ولم يدعو بدعاء فيه قطيعة رحم، ولا بشيء مضاد لأمر الله جلّ وعلا في القرآن والسنة ولم يدعُ بدعاء فيه مناقضة لحكمة الله جلّ وعلا، مثاله.
مثال ما يناقض الحكمة- مثلاً يقول القائل: اللهم دمر اليهود والنصارى أجمعين، اللهم اجعلهم كذا واجعل...إلخ، وهذا تدميرهم بأجمعهم هذا ينافي الحكمة التي أخبرنا الله جلّ وعلا بها أنه يؤخر هؤلاء حتى ينزل المسيح عله السلام، فيُسلم النصارى ويُقتل اليهود، فمثل هذا الدعاء العام هذا فيه مناقضة لما أُخبرنا منا الحكمة، وفيه -مثل ما ذكرت- اعتداء في الدعاء.
ولهذا كان من دعاء عمر ( وهو الخليفة الراشد والفقيه الأعلم، في دعائه أنه لم يكن يدع على جميع الكفار بأصنافهم من اليهود والنصارى وغيرهم، وإنما كان يدعو بدعاء مقيد فيقول ( في دعاء القنوت: اللهم عليك بكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن دينك ويقاتلون أولياءك. وهذا مما يوافق قوله جلّ وعلا في سورة الممتحنة: ?لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?[الممتحنة:8]. ومن البرّ في حقهم عدم الدعاء عليهم، ومن البر في حقهم الدعاء لهم بالهداية ونحو ذلك، ثمّ قال جلّ وعلا: ?إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ?[الممتحنة:9]، هؤلاء هم الذين يدعى عليهم و هم الذين يُنتصر عليهم إلخ...
أما الشِّق الثاني في ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا هل من باب الاعتداء في الدعاء:
عدّه بعض العلماء من الاعتداء في الدعاء كالقرافي في الفروق وغيره، وسبب ذلك أنه الله جلّ وعلا قال قد فعلت، الله جلّ وعلا أجرى هذا حُكْماً في أنه من نسي أو أخطأ فإنه لا يؤاخذه ولا يجعل عليه وزراً جلّ جلاله، فإذا دعوت وأنت عالم بأن الله أعطى هذا فيقول هذا اعتداء لأنه أنت تدعو بشيء قد تكفل الله به فكأنك تقول إن الله لم يتكفل به أو تشك في تكفل الله به، هذه وجهة القرافي ومن معه، وربما مال إليه بعض أهل العلم الآخرين.
والقول الثاني وهو الصحيح أن هذا ليس من الاعتداء في الدعاء لأنّ الذي عفا الله جلّ وعلا عنه أن يؤاخذه بالنسيان والخطأ هو المؤمن الموحّد فهذا السائل لا يسأل بما يتعلق بإعطاء الله جلّ وعلا ولا بفعل الله جلّ وعلا وإنما يسأل أن يكون هو ممن أكرمه الله جلّ وعلا بالدّخول في زمرة المؤمنين الذين أعطاهم هذا الفضل والإحسان، فكأنه قال: اللهم ثبتني على الإيمان، اللهم لا تُزغ قلبي حتى لا يُؤاخذ بنسيانه أو بخطئه، وهذا هو المعتمد في مثل هذه المسألة..
اقرأ...
قبل ما تبدأ حتى لا أنسى الخميس قلت لكم ما فيه درس إن شاء الله يْصير فيه درس ونؤجل عدم الدرس للأسبوع الذي بعده، الخميس القادم يعني موجود. نعم
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س/ هل المعتزلة والكلابية تأويل في الصفات مجتهدين عند تأويلها، وإذا كانوا مجتهدين هل ينكر عليهم وهل يحصل لهم ثواب على اجتهادهم لقوله عليه السلام «من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر»؟
ج/ أولا هم مجتهدون نعم؛ لكن لم يؤذن لهم في الاجتهاد، لأنهم اجتهدوا بدون أن يأذن لهم الشرع بالاجتهاد.
فالاجتهاد يكون في المسائل التسي له فيها أن يجتهد، أما مسائل الغيب والصفات والجنة والنار والشيء الذي لا يُدركه الإنسان باجتهاده فإنه إذا اجتهد فيه فيكون تعدى ما أذن له فيه والمتعدي مؤاخَذ، ولهذا لاشك أنهم ما بين مبتدع بدعته كفرية وما بين مبتدع بدعته صغرى يعني بدعة معصية.
والواجب على كل أحد أن يعلم أن اجتهاده إنما يكون فيما له اجتهاد فيه، وهذا يختلف باختلاف الناس فيها، العلماء علماء الشريعة يجتهدون الأحكام الشرعية الأحكام الدنيوية التي فيها مجال الاجتهاد، أما الغيب فلا مجال فيه للاجتهاد ولم يؤذن لأحد أن يجتهد فيه بعقله.
لكن إذا اجتهد في فهم النصوص في حمل بعض النصوص على بعض، في ترجيح بعض الدلالات على بعض، هذا من الاجتهاد المأذون به سواء في الأمور الغيبية أم في غيرها.
لكن أن يجتهد بنفي شيء لدلالة أخرى ليست دلالة مصدر التشريع الذي هو الوحي من الكتاب والسنة، في الأمور الغيبية، مصدر التشريع الكتاب والسنة، فإنه ليس له ذلك.
فلذلك لا يدخل هؤلاء من المعتزلة والكلابية ونفاة الصفات أو الذين يخالفون في الأمور الغيبية لا يدخلون في مسألة الاجتهاد وأنه إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطا فله أجر، وإنما هم مأزورون لأنهم اجتهدوا في غير ما لهم الاجتهاد فيه، والواجب أن يسلّموا لطريقة السلف وأن يُمروا نصوص الغيب كما جاءت وأن يؤمنوا كما دلت عليه.
لهذا نقول: قد يكون لهذا المبتدع أو لهذا الموافق لمبتدعة أو لهذا المتأول أو لهذا المتكلّم في الغيب برأيه وعقله مع وزره وإثمه وبدعته، قد يكون لهم من الحسنات ما يمحو تلك السيئات؛ لأن البدعة والتأويل وأشباه ذلك بدعة صغرى معصية وكبيرة من جنس غيرها من الذنوب؛ ولكنها هي -يعني من جنس غيرها بأنه يأثم فيها- لكنها هي أعظم لأن جنس البدع أعظم من جنس الكبائر والذنوب، قد يكون له حسنات عظيمة مثل مقام عظيم من الجهاد في سبيل الله، أو نصرة للشريعة في مسائل كثيرة ونحو ذلك، ما يكفّر الله جل وعلا به خطيئته أو تكون حسناته راجحة على سيئاته، ولكن من حيث الأصل ليس له أن يجتهد، وهو آثم بذلك؛ ولكن ربما يكون عفو الله جل وعلا يدركه.
ولهذا لما ذكر ابن تيمية في أول الواسطية -وهذه مهمة- في أول الواسطية لما ذكر قال: هذا اعتقاد الفرقة الناجية الطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة.
وعقدوا له المحاكمة على هذه العقيدة قالوا: ما تعني بقولك الفرقة الناجية؟ قال يعني الناجية من النار.
قال: هل يعني هذا أنك تقول إن من لم يؤمن بهذه العقيدة يقول بها جميع ما أوردت أنه من أهل النار؟ قال: لم أقل هذا ولا يلزم من كلامي. لأن هذه العقيدة هي عقيدة الفرقة الناجية الطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة فمن اعتقدها فهو موعود بالنجاة وبالنصر موعود بالنجاة من النار، «كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي» ومعلوم قطعا...... فهو على ذنب وقد يغفر الله له فلا يُدخله النار لا يعذبه بالنار ابتداء يغفر له الله؛ لأن هذا دون الشرك؛ وقد يغفر الله له بحسنات ماحية، وقد يغفر الله جل وعلا له بمقام صدق في الإسلام كجهاد ونحوه إلى آخره؛ لكنه متوعد لأنه أتى أو قال بغير دليل، لهذا ليس لأحد أن يجتهد في الغيبيات بما لم يوقف فيه على دليل.
س2/ أليس الغضب والرضا متعلّق حصوله بمسبَّبات، ليس كما قررنا أنه متعلق بالمشيئة والقدرة، فإذا حصل سبب الرضا حصل رضا الله جل وعلا، ومثله يقال في الغضب، فيقال رضا الله أو غضبه متعلق بمشيئته إذا حصل السبب، وضح لي ما اشتبه عليَّ.
ج/ هذا غير خاص الذي تفضل به أو ذكره السائل غير خاص بالغضب والرضا، كلها يعني المغرفة متعلقة بالسبب، الرحمة متعلقة بسبب، إجابة الدعاء متعلقة بسبب، كلام الله جل وعلا تنزيله القرآن متعلق بسبب ?قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا?[المجادلة:1]، بعد أن تكلمت وجادلت، ?قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا?[الأحزاب:18]، هذا بعد سبب.
فإذن فتعليقه بالسّبب الذي من العبد ليس هو بحث في الصفات بحث المراد، إنما المراد إنما يتّصف الله جل وعلا بهذه الصفة إذا شاء سبحانه وتعالى، إذا شاء سبحانه وتعالى فإنه يتصف بها؛ يعني إذا أراد الله جل وعلا أن يغضب غضب، فقد لا يغضب فلا يلزم من وقوع الشرك الذي يغضب الله جل وعلا أن يغضب سبحانه وتعالى بل قد يغضب وقد لا يغضب وإذا وقع ما يرضى عنه جل وعلا فإن رضاه سبحانه وتعالى متعلق بمشيئته وقدرته.
أما الأسباب من العبد فهذه في الجميع.
س3/ هذا يقول: صفة الغضب والرضا كصفة الكلام قديمة الأصل متجددة الآحاد، هل يقال بهذا؟
ج/ الكلام يختلف عن صفة الغضب والرضا، كلام الله جل وعلا منه الكلام الكوني الذي به تكون المخلوقات، فالله جل وعلا خلق الماء بكلامه الكوني، وخلق العرش بكلامه الكوني جل وعلا، وخلق الهواء بكلامه الكوني، وخلق القلم بكلامه الكوني، وخلق اللوح المحفوظ بكلامه الكوني، خلق السموات والأرض ومن فيها من المكلفين وما فيها من المخلوقات ومن يغضب عليه ويرضى عليه بكلامه الكوني.
الغضب والرضا صفة فعلية تقوم بمشيئته جل وعلا وبقدرته، أما أنها كالكلام في هذا فلا أعلم هذا ممن قرره أهل العلم بأنها قديمة النوع حادثة الآحاد، أنا لا اعلمه يمكن نبحثها زيادة أو يبحثها أحد الإخوان ويفيدنا بها.
شيخ الإسلام رسالة مستقلة في المسألة ممكن أراجعها، له رسالة في الصفات الاختيار تعرفونها؟ موش في الفتاوى، مستقلة في مجموعة الرسائل الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله أول رسالة في الصفات الاختياريةن بحث كل هذا، يمكن مراجعتها ونجدد المعلومة في الدرس القادم.
س4/ هل لكم دروس غير درس السبت والخميس، وهل سيكون دروس بعد الطحاوية؟
ج/ إن شاء الله تفاءل بالخير، يعني خلاص الطحاوية ثم نقف، أنا عندي في الغالب السبت والخميس هذه ثابتة وفي باقي الأسبوع يكون عندي يوم الثلاثاء والخميس أو الثلائاء أو الخميس والجمعة إما محاضرات أو أشياء تتعلق بمدارس تحفيظ القرآن أو زيارات فيها إرشاد ونحو ذلك.
س5/ هل دعاء الأئمة في قنوت الوتر بالكروفون الخارجي على المنـ....؟
ج/ ... كونه يطلع بَرَّ أو ما يطلع هو نظر إلى أنه [جفاء] يعني فيه رفع الصوت قال «أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فناديه» قال «الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» هذا كونه يدعو بصوت خافت ويسمع في الخارج ليس هذا من الاعتداء في الدعاء.
س6/ يقول: نرجو من فضيلتكم تقرأه على ما هو عليه، التعليق على هذه الكلمة، إلى آخره.
ج/ الكلمة أعرفها، وأعرف من قالها وهذه طريقة الأسئلة أنا ما أحبها من قديم، الواحد ما يجيي؛ يعني يأخذ المتكلم أو يأخذ الشيخ أو المعلم يسأله عن كلمة هو ربما ما يعرف من قالها، ثم يقال أنه فلان يقول الشيخ الفلاني كذا وكذا هذه كلمة معروفة أُثيرت هذه الأيام ولهذا السؤال يكون واضحا ليكون الجواب واضحا.
المقصود أن كون الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا، فبعض علماء الحنابلة المتأخرين أو أكثر المتأخرين ممن صنفوا في عقيدة السلف وهم لم يحققوا في هذا الأمر عَدّوا أهل السنة والجماعة ثلاثة فئات:
أهل الحديث والأثر. والأشاعرة. والماتريدية.
مثل ما فعلها السفاريني وفعله أيضا غيره، وهذه مشت على كثيرين وتبناها أخيرا تبناها بعض الجماعات الإسلامية ووسعوا الكلام فيها كما هو معلوم.
ولكن في الحقيقة كلمة أهل السنة الجميع من أهل السنة ولاشك؛ لأن السنة لأنهم جميعا يحتجون بالسنة ويؤمنون بها إلى آخره؛ لكن الجماعة كلمة الجماعة كل يدعيها، الأشاعرة يقولون نحن أهل السنة والجماعة، الماتريدية يقولون نحن أهل السنة والجماعة، وربما ما يفرق بينهما فالجميع يقولون أهل السنة والجماعة يعنون الأشاعرة والمارتريدية. أهل الحديث والأثر يقولون نحن أهل السنة والجماعة.
وإذا نظرت للحقيقة كل يدعي وصلا بالجماعة؛ لكن هل يصح ادعاؤه أو لا يصح؟
كلمة (الجماعة) هنا معناه الذي لم يفرق في الدين، ما كانت عليه الجماعة الأولى وهم الصحابة والتابعون، فهل أقوال هؤلاء فرّقت في الدين، وهل هي على ما كان عليه الأوائل أم لا؟ فإذا أتى الجواب جاءت النتيجة، فإذا كان فعلا هم على ما كان عليه الأوائل؛ يعني الأشاعرة ونحوهم وبعض الفرق الموجودة الآن والجماعات الإسلامية وغيرها، إذا كانوا على ما كان عليه السلف فحافظوا على الجماعة الأولى ممن لم يفرقوا بين دليل ودليل خاصة في الأمور الغيبية في مسائل العقيدة، ولم ينفوا شيئا بل أثبتوا كما أثبت الله جل وعلا، فإن هؤلاء من الجماعة، لكن إذا كانوا يفرطون ويتأولون ويتعرضون للغيبيات؛ بل يخالفون في معنى كلمة التوحيد في أول واجب وفي الإيمان يخالفون وفي القدر يخالفون، وفي الصفات يخالفون، وفي مسائل أخر أيضا في العقيدة يخالفون ما كان عليه السلف كيف نقول إنهم متمسكون بالجماعة.
التمسك بأهل السنة والجماعة ليست دعوة وليست منحة يمنحها الإنسان باختياره، نقول فلان من أهل السنة والجماعة أو لا، ليست مزاجا وليست عقلا وليست هبات توزع على الناس، هذا وصف جاء في الكتاب والسنة بأن الذي فرق دينه ليس من الجماعة، ?شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ?[الشورى:13]، نقول: إن الله جل وعلا وصف بالسمع والبصر ما نتأوله؛ لكن الغضب والرضا نتأوله يعني نقول هي الإرادة. يعني ما يغضب؟ نقول: نعم ما يغضب.
فالذي يعبده صنم نقول مثلا: خالد ابن الوليد لما علا جبل أحد وأصبح يرمي النبل على النبي ( والسمام على النبي ( وعلى الصحابة وقُتل من قتل من شهداء أحد، في تلك الحال كان مغضوبا عليه أو مرضيا عنه؟ عندهم أنه مرضي عنه لأن بعد خمس سنين أو ست سنين.
إذن ثم مخالفة ودخول في صفات الله بالعقليات هذا خطا كبير.
الأصل الأصيل عندهم أن الشرع تبع العقل لهذا يقول قائلهم: العقل هو القاضي والشرع هو الشاهد. يعني القاضي الذي يقضي في الخصومات هو العقل الشرع شاهد نجد الدليل من الكتاب والسنة شاهد لكن يرجع إلى عقله، صح ما الشاهد؟ ما صح ما احتج به، قال لا لازم نشوف لنا طريقة، هذه لاشك أنها ليست طريقة الجماعة.
الجماعة هم الذين لم يفرقوا في الدين، أخذوا ما جاء من الله جل وعلا وما جاء من الرسول ( أخذا واحدا.
نفرق!! نأخذ بآية هذه نسلم نمر بها نثبتها وآية أخرى لا، ما نثبت، ليش ما تفرق بين هذا وهذا؟ ما الفرق بين مسائل الصفات بعضها مع بعض؟ ليش تقول هذا يرى الله في الآخرة أن تقول لكن إلى غير جهة، ترد على المعتزلة بخلق القرآن وأنت تقول أن الذي بين أيدينا مخلوق لكن القديم غير مخلوق؛ يعني إذن فيه أشياء كثيرة عند الأشاعرة والماتريدية وأشباههم خالفوا فيها الجماعة قبل أن تتغير الجماعة.
الجماعة ما هي؟ قبل أن تحدث هذه الأقوال، نرى، يعني قبل أن تحدث القول في الصفات، ما الذي كان عليه المسلمون قبل ذلك، مائة سنة الناس ما يعرفون التأويل يكونون على ضلال، أو يكون غيرهم أدرك الصواب وما هم ما يدركوه، فيهم الصحابة، حدث الخوارج قول الخوارج بعده ننظر إلى ما كان عليه الناس قبل ظهور الخوارج قبل؛ الصحابة ما الذي كانوا عليه في مسائل الإيمان مسائل الأسماء والأحكام التكفير إلى غير ذلك ما الذي كانوا عليه، لاشك أنه هو الجماعة في مسألة الإيمان ومسألة الأحكام والأسماء، ما قبل ظهور الخوارج، ظهر بعد ذلك القدرية غيلان الدمشقي ومعبد الجهني إلى آخره، في مسائل القدر الجماعة ما قبل خروجه، تبحث عما قبل، هل ما قبل يدل على شيء ما فيه شك.
ولهذا عندك الذين ذكروا أنه من الأشاعرة إلى آخره، أن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة، نقول: أهل السنة نعم؛ لكن الجماعة نحن نود ونرغب ونتمنى أنهم من أهل السنة والجماعة حقيقة وليست منحة ولا هوى؛ لكن هل كانوا على الجماعة لاشك أن أهل العلم أمناء في الأوصاف التي علّقها الله جل وعلا بمن وعده بالنجاة أمناء لا يجوز لهم أن يوزّعوا الأوصاف بمحض اجتهادهم هذا كذا وهذا كذا، لا هم أمناء على الشريعة، فلابد أن يؤدوا الشريعة على ما أؤتمنوا عليه، يطاعون ما يطاعون، لايد يكون ما عنده؛ لكن يأتي أسلوب ما يقول به، أن يقول بالتي هي أحسن؛ لكن الكلمة في نفسها لابد أن تكون حقا واضحة، لا مداهنة فيها ولا مجاملة.
الجماعة وصف شرعي من تحقق به وُصف به، ومن لم يتحقق به فإنه لا يوصف، ولاشك أن هذا مما الناس فيه خاصة المنتسبين للعلم والبحث والناس فيه متنوعون، فممن يغلو إلى أحد الطرفين وممن يتساهل فيجعل الأمور تمشي ودون أمانة في الحكم، ومنهم من توسط، وهم الذين تمسكوا بهدي السلف الصالح وبطريقة الجماعة لأنهم لم يقولوا على الله جل وعلا بلا علم.
أسأل الله جل وعلا أن يوفّقكم جميعا لما فيه صلاحكم في دنياكم وفي آخرتكم، وأن يقينا وإياكم العثار وأن يبارك لنا في الأعمار إنه سبحانه رحيم جواد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
??(??
[الأسئلة] بين يدي الدرس نجيب على بعض الأسئلة.
س1/ أليس البحث والتدقيق في بعض الأمور الغيبية والمستقبلية وكثرة المباحثات والمطارحات فيها، يعتبر من فضول العلم وإشغال النفس فيه إشغال بالمفضول عن الفاضل، وذلك كبحث هل الحوض قبل الصراط أو بعده، وكبحث كفتي الميزان، وهل هما حقيقتان أم لا، ونحو ذلك من المسائل؟
ج/ هذا السؤال مفيد؛ لأنه ينبئ عن رغبة في طريقة السلف في بحث المسائل العلمية العقدية، سواء كانت من مسائل الغيب خالصة أم من المسائل التي جرى فيها البحث.
والأصل لكل مؤمن أن يكون طالبا للحق الذي ذكره الله جل وعلا في كتابه أو ذكره النبي ( في حديثه، وطلب الحق في هذه المسائل أو طلب العلم في معنى آي القرآن أو حديث النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ هذا هو طلب العلم النافع، والآي والأحاديث التي فيها ذكر المسائل الغيبية، تارة يكون بحث أهل العلم فيها فيما دل عليه النص، وتارة يكون البحث فيها من جهة الرد على الذي خالف النص.
أما الأول كبحث الميزان مثلا، هل له كفتان أم لا؟ فقد جاء في القرآن أن الميزان يوضع ?وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا?[الأنبياء:47]، وقال أيضا ?فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(8)وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ?[المؤمنون:102-103]الآية، وكذلك قولك ?فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ?[الزلزلة:7-8].
وهذا فيه إثبات الميزان والموازين، وأنها توزن بها الأعمال، وأنه يعلم الناس؛ يعلم المؤمن إذا ثقل الميزان وإذا خفّ، وهذه الإيمان بها واجب لأن الله جل وعلا أخبر بها، هذه المسائل الغيبية، والسنة دلت على أن الميزان له كفتان كما في أحاديث كثيرة، وأن مقتضى الوزن مقتضى الوزن أن يكون له كفتان.
لهذا من دار حول دلالة الكتاب والسنة فهذا عقيدة، وليست من فضول العلم بل هذا من العلم النافع الذي يؤمر طالب العلم بتتبعه والإيمان به؛ لأنه ما أخبر الله جل وعلا به إلا ليؤمن به ويعتقد، وما أخبر النبي ( بذلك إلا لأنه من العلم النافع.
أما المسألة الثانية أو الشق الثاني فإنهم يبحثون في مسائل لم يدلَّ الدليل على عين المسألة ولكن لابد من الخوض فيها ردًّا على المخالفين الأصل في هدي الصحابة رضوان الله عليهم هو إمرار النصوص التي جاء بالكتاب والسنة والإيمان بها والعلم بذلك الحرص عليه وتتبع العلم في هذه المسائل، هذا ظاهر.
لكن تفصيل الكلام في المسائل لم يأتِ الدليل بها ومن جهة التعريفات ومن جهة الدلائل ومن جهة بعض الألفاظ الإيضاحية أو ذكر بعض المسائل الخلافية، مثل هل الحوض قبل أو الصراط قبل، وهذه المسائل ليست فيها نص عن الصحابة ليس فيها قول واضح عنهم، ونشأ كثير من المسائل نشأ القول فيها لأجل المخالفين، فكثير من مسائل الأسماء والأحكام التي يتكلم فيها الخوارج والمعتزلة لم يتكلم فيها الصحابة بالتفصيل، تكلم فيها من بعدهم ردا على هذه الفئات لما قويت ولم يندحر شرها.
كذلك في مسائل القدر فإن الصحابة تكلموا في الرد على القدرية النفاة الذين أنكروا العلم، واشتد إنكارهم على ذلك وأتوا بالأزلية التي فيها إثبات أن من قدر الله جل وعلا وعلمه سبحانه تعالى بالأشياء قبل حدوثها العلم السابق الأزلي وأن الأمر(199)... السنة وإبقاء دلالة القرآن والسنة وتوجيه الناس إلى الإيمان بهما وعدم البعد عنهما، فإذا جاء من يشكّك في الدلالة دلالة الآية عن العقيدة أو دلالة السنة عن العقيدة بأقوال وتعريفات وجب الدخول معه بقدر ما يدفع به شره والصائل يجب دفعه بحسب القدرة، والصِّيال العلم على أصول الشريعة على الكتاب والسنة هذا أعظم من الصِّيال على الأبدان لأن أصل ....ولهذا صار أعظم الجهاد: الجهاد بالعلم أعظم من جهاد العدو الذي هو الجهاد غير المتعين، الجهاد العلمي أعظم؛ لأنه به الحفظ حفظ الشريعة وليس حفظ الثغور أو حفظ بيضة الإسلام بها حفظ الشريعة وبقاء هذه الشريعة للناس حتى يتحقق قول الله جل وعلا ?فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا?[الفرقان:52] وأعظم ما يوغر العدو المحافظة على العلم والبقاء عليه، والآن بل قبل ذلك بأزمان إلى الآن الشهوات والحروب على الأبدان هذه فيها مد وجزر؛ يعني تارة يقوى أمر المؤمنين وتارة يضعف، والله جل وعلا يقول ?وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ?[آل عمران:140] لكن الصِّيال على العلم وعلى الكتاب والسنة وعلى دلائل ذلك وإلقاء الناس بالشبه وبعدهم على دلائل الشرع هذا هو الذي يزيل الإيمان والذي به تحصل الشبه ويقوى جانب الشيطان في البعد عن الديانة.
لهذا ما يتكلم فيه أهل العلم وخاصة المحققين ليس من فضول العلم في مسائل الاعتقاد لأن هذا بحسب الحال.
نعم قد يأتي زمان يكون فيه بحث بعض المسائل من الفضول؛ لأنه ليس ثم حافز إليها في ذلك الزمن، فيكون بقاؤها عند طائفة قليلة من أهل العلم كفرض كفاية؛ لكن بحثها -وليس ثم حاجة إليها- ليس هذا من صنيع أهل العلم.
لذلك العلماء يذكرون للناس في كل زمان ما يحتاجون إليه، وليس كل ما يعلمون وليس كل ما في الكتاب ينقلون إليهم؟ لا، ما يحتاجون إليه بحسب ما يعلمون من الزمن وما فيه من مضادة للأدلة ونحو ذلك.
لهذا مثلا تجد أنه عندنا في الدروس نفصّل في أقوال الأشاعرة والماتريدية والرد عليها أكثر من أقوال المعتزلة؛ لأن المعتزلة أقوالهم الباقية الآن أقوال قليلة مثل يعني بعض المسائل المشهورة، أما الآن أكثر التآليف وأكثر المضادة والذين ينسبون إلى السلف التأويل، إنما هي من جهة الأشعرية والماتريدية ونحو ذلك، ففهم مذهبهم الآن لطلاب العلم لأجل كثرة الاختلاط وكثرة الكتب المؤلفة في التشكيك في حقيقة مذهب السلف، هذا هو المتعين لهذا يختلف هذا باختلاف البلد وباختلاف الزمان والمكان.
قد يذهب الذاهب إلة بلد ويرى الحاجة فيها إلى تفصيل أقوال لا يحتاجها بلد آخر في بعض المسائل، يكون في بلد الناس لا يعلمون، فذكرها والتفصيل فيها ليس من المناسب، فطالب العلم يكون ربانيا يعلّم الناس ما يحتاجون إليه في جهادهم في فهمهم للشريعة وفي جاهدهم ضدّ الذين عقدوا ألوية البدعة.
س2/ من قسم الدعاء إلى دعاء عبادة ودعاء المسألة، أين دعاء الثناء؟
ج/ دعاء الثناء هو دعاء العبادة، لأن الثناء على الله جل وعلا عبادة، فإذا أثنى على الله جل وعلا في دعائه فدعا دعاء عبادة.
من أثنى على الله جدل وعلا في دعائه فقد دعا دعاء العبادة.
س3/ ذكرتم في كتابكم المنظار أن الخوف من الجن يدخل في خوف السر الذي عدّه العلماء من الشرك الأكبر، فهل هذا على إطلاقه؟ وهل ينطبق ذلك الذي يخاف الجن في المناطق الموحشة كالصحاري والبيوت المهجورة؟
ج/ لا، هو معنى خوف السر، خوف السر ضبطه العلماء في شرح كتاب التوحيد في مسألة الخوف، خوف السر أن يخاف المرء من غير الله جل وعلا في إيصال الأذى إليه بدون سبب، هذا هو الذي يختص الله جل وعلا به، الله جل وعلا يقدّر على العبد مرض بدون سبب يعلمه يقدّر الموت بدون سبب بدون ما يعلم، أما إذا كان الشيء له سبب ظاهر أو كان له سبب؛ لكنه يخشى أن يكون الجني يتسبب فيه فيما يكون سبب طبيعي مثل الخوف من الدخول في الأماكن المهجورة أو في الظلام أو نحو ذلك يخاف من الشياطين أو الجن هذه أسباب.
لكن خوف السر أن يخاف أن يناله الولي أو أن يناله الجني أو نحو ذلك بغير سبب؛ يعني أن يعتقد أن عنده قوة وتصرف حيث يؤذيه بدون سبب، هذا ليس بحق ما ممكن للجني أن يؤذي العباد بدون سبب، الجني هو مثل الإنسي ما يؤذي بدون سبب.
فإذا خاف أن يوصله الإيذاء بدون أسباب يعني لا اعتداء من الإنسي ولا فعل أو شيء يدل عليه من الجني، هذا لا يجوز.
وإذا كان الخوف -الخوف الطبيعي- ليس خوف اعتقاد إنما ناتج عن ضعف الإنسان، وليس خوف اعتقاد في الجن وإنما يخاف من إيذائهم واعتدائهم في مثل البيوت، فهذا قد يدخل في الخوف الطبيعي الذي يخشاه الإنسان ولا يدخل في الخوف المحرم ولا في الخوف الشركي.
فإذن المسألة ليس على إطلاقها ولكن يوضحها لك ضابط خوف السر الذي وصفته لك.
... بدون سبب يمكنهم أن يعملوه، ليس بدون سبب ظاهر، قد يكون هو سبب خفي قد يعمل وسيقول للجني سبب خفي ما أدري عنه، يعني يكون هو بدون سبب يمكنهم أن يعملوه مثل مثلا أن يتسلط الجني يخاف مثلا أن يؤذيه دائما، يخاف الجني أن يتسلط على أولاده، لماذا يخاف؟ يخاف لاعتقاد ليس خوفا طبيعيا، خوف اعتقاد، يعتقد الجن يتسلطون.
مثل الكفار الذين نزلوا واديا قالوا: نعوذ من سيد هذا الوادي من سفهاء قومه. يظنون كل وادي له جني يمسكونه وأنهم يعتدون على الناس، وهذا هو الذي نزل في قوله تعالى ?وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا?[الجن:6] لأنه سببه الخوف خوف من شيء لا يملكونه، فهذا خوف اعتقاد، خوف السر خوف اعتقاد بأن يعتقد بأن هذا الذي خاف منه يوصل الأذى إليه بدون سبب بدون سبب يعلمه بدون سبب معقول؛ ولكنه هو عنده قدرة، فإذا اعتقد هذا الاعتقاد في الولي أو في الجني أو نحو ذلك فهذا هو خوف السر.
أما خاف من مكان مظلم أو خاف من جن هذا قد يدخل في الخوف الطبيعي من بعض الحالات ليس خوف اعتقاد.
س4/ هل يقام على ساب الصحابة شيء من العقاب؟
ج/ اليوم عندنا بحث عن الصحابة.
س5/ هل يجوز قراءة كتب الأدب عن الصحابة وما جرى بينهم من الردود؟
ج/ يجوز لمن يقوى على فهم العقيدة أو عنده أصل شرعي يرجع إليه.
س6/ ما يحل بالمسلمين هذه الأيام في الشيشان فهل يجوز القنوت لهم في الفرائض.
ج/ القنوت قنوت النوازل هذا مربوط بإذن الإمام، فإذن ولي الأمر، ليس لآحاد الناس أن يقنتوا لمن شاءوا، ونزلت في الصحابة رضوان الله عليهم نوازل كثيرة فما قنتوا إلا إذا أذن ولي الأمر فإنه يقنط.
والذي جرى عليه الأمر في هذه البلاد أنه إذا جرت الفتوى على القنوت فإنه يرفع بذلك إلى ولي الأمر فيأذن بالقنوت فإذا جاءت الفتوى، وهنا لابد من فتوى ليس لأحد من الناس في مسجده أن يقنت دون إذن الناس في هذا تبع للإمام.
مع أن القول الصحيح في هذا أنه لا تقنت كل المساجد؛ لأنه لما حصل القنوت في عهد النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ إنما قنت هو في مسجده الأعظم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، أما المساجد الأخرى مسجد قباء والمساجد الأخرى مسجد العالية ومسجد بني [زُرير] المسجد الأخرى لم تقنت في المدينة إنما قنت المسجد الأعظم .
هذا الرواية [الثالثة](200) عن الإمام أحمد في المسألة أن الناس تبع للإمام إذا قنت، ليس إذا أذن، يقصدون بالإمام يعني في المسجد الأعظم فليس كل مسجد يقنت وهذا في الحقيقة هو أقوى الأقوال أحظاها للدليل ليس كل المساجد تقنت؛ لأن هذا دعاء وإذا قام به بعض المؤمنين كفى على الآخرين.
كذلك إذا جاء الإذن بوقته ليس له أن يجعله في وقت آخر؛ يعني جاء الإذن مثلا أن يقنت في الفجر فيقتصر على الفجر، ليس له أن يقنت في المغرب أو في العشاء لأن هذا تبع للفتوى وليس لآحاد الناس في المساجد أن يجتهدوا.
نكتفي بهذا القدر
[الأسئلة] نجيب عن سؤالين.
س1/ أشرتم أن مسائل الصحابة ليست في الأصل من مسائل الاعتقاد، وفي الحديث «حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق» هل ثم فرق بين كونهم من الإيمان وكونها أنها ليست مسائل الاعتقاد؟
ج/الإيمان شعبه كثيرة «الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة» فمنها ما يدخل في مسائل الاعتقاد ومنها ما لا يدخل.
فأصل حب الصحابة هي مسألة حب موالاة، هذه ليست من العقيدة لأن أصل العقيدة ما يتعلق بمسائل الغيب ثم دخل فيها ما يتميز به أهل السنة من غيره، أصل العقيدة الذي يدخل في أركان الإيمان الستة الاعتقاد في الله ربوبيته إلهيته الأسماء والصفات الكتب والرسل اليوم الآخر والقدر هذه العقيدة، مسائل الإيمان بنفسها أما المسائل الأخرى الملحقة هذه لأجل المخالفة، وصارت من العقيدة وكونها من الإيمان هذا حق الإيمان ليست كل مسائله مسائل اعتقاد.
س2/ أراني أجد شيئا في نفسي على معاوية ( من حيث موقفه، لا سيما رسول الله ( يقول لعمار «تقتلك الفئة الباغية» فهل علي في هذا إثم، مع العلم أني لا أتكلم بذلك ولا أتحدث به؟
ج/ نعم عليك إثم في ذلك إذا كان العلم سهلا عليك أن تتحصل عليه وأن تجلو هذه الشبهة وتبقى وأنت لا تجلو هذه الشبهة عندك، كون الشيء يكون في نفس الإنسان وليس عنده وسيلة لكشفه ولا وسيلة لتعلم ما يدفع عنه هذه الشبهة وتسويل الشيطان، هذه قد يعذر معه؛ لكن إذا كان العلم قريبا والكتب موجودة وأهل العلم الذين يكشفون الشبه موجودون فهذا يأثم العبد بالتقصير ويأثم على بقاء هذا الشيء في نفسه.
ومعاوية ( فيما فعل أداء لواجب شرعي يراه هو أنه متقدِّم على مسألة البيعة، وهو أن دم عثمان فقد (، وهو وليه هو ولي الدم هو ذو القرابة من عثمان وولي الدم لا بد أن يسلم من قتل، تحقيقا لقول الله جل وعلا ?وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا?[الإسراء:33]، وكذلك الآيات التي فيها القصاص وأن الولي ?فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ?[البقرة:178]، فمعاوية ( أراد أخذ الحق الذي جعله الله له والانتصار من قتلة عمان، وسفك دم عثمان لاشك أن دم عثمان إذ ذاك هو أطهر دم لإنسان سفك، فالانتصار لعثمان ( واجب، وعلي ( أخّر بحث دم عثمان حتى لا تذهب بيضة الإسلام وبيضة أهل الإسلام لأن هؤلاء الخوارج والذين جاؤوا أرادوا الفتنة العظيمة، فأراد أن يستقر الأمر ثم يسلم القتلة لمعاوية؛ لكنه لم يفهم هذا؛ يعني اختلف الاجتهاد فلم يفهم هذا مع سعي الخوارج في الإعلام الفاسد، فسعوا في التفريق ينقلون لهؤلاء أخبار لمعاوية أخبار عن علي ولعلي أخبار عن معاوية، والحققية الصحابة كلهم هدفهم في ذلك وهو حفظ بيضة الاسلام والانتصار من قتلة عثمان، لكن حصل ما حصل.
فمعاوية ( مجتهد يريد أن يأخذ بحقه الشرعي؛ لكن الصواب مع علي؛ لأن بيعة علي واستقامة أمر الناس في الخلافة وعدم حصول القتال هذا هو الواجب والحق مع علي في ذلك، ومعاوية ( مجتهد مأجور على اجتهاده ولكنه مخطئ في ما اجتهد فيه في ذلك ولكنه مأجور.
والإنسان لا يبغض من اجتهد أو يجد في نفسه شيئا على من اجتهد في الحق، وإن كان أخطأ، فإنه إذا اجتهد في الحق وتحراه، فإن هذا هو الذي يجب عليه فمعاوية ( به استقام المسلمون وحُفظت البيضة بعد علي (، فالناس في زمن علي كانوا متفرقين ولم يستقم الأمر لعلي بالخلافة ولم يجتمع الناس عليه.
ثم لما حصل تنازل الحسن ابن علي في الولاية لمعاوية ( أجمعين وحصل في هذا الاجتماع العظيم في سنة إحدى والأربعين في العام الذي سمي عام الجماعة يعني عام اجتماع الناس حصل غيض العدو، حتى الخوارج هربوا حتى كانت لهم الصولة وكانوا يفرقون وسفكت من دماء الصحابة ودماء التابعين ما سفك؛ ولكنهم لما اجتمع الناس كان أول من اندحر هؤلاء الخوارج أخزاهم الله.
فمعاوية ( له من الفضائل ما له، هو كاتب الوحي للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، وهو من الصحابة الذين كانت لهم مواقف عظيمة في الجهاد، وجهاد الروم وجهاد الأعداء كما هو معلوم، وولي الشام وكانت في سيرته لولايته لعثمان كان طيب السيرة، والاجتهاد في المال أو في بعض الأمور هذا إنما لا يمشي على وفق منهج الخوارج، أما الصحابة فكانوا يرون أن ما اجتهدوا فيه أن ما بين مصيب وما بين مخطئ، والمخطئ لا يُعاب على ما اجتهد فيه إذا لم يكن مخالفا للأصول ومعاوية ( وحبه من الإيمان، ولا يجوز لمسلم أن يبقي في نفسه شيئا على صحابي من صحابة رسول الله (.
س3/ هل يُفرّق بين سب الصحابة بعضهم لبعض وسب غيرهم لهم؟
ج/ ما سبّ صحابي صحابيا مطلقا، وإنما قد يتسابون كما يحصل بين البشر يترادون في موقف، لكن لا يسبهم مطلقا أو يذم صحابيا مطلقا؛ لكن يكون بينهم تراد في مجلس لأجل ما يحصل بين البشر مقاتلة مؤقتة؛ لكن سب مطلق وانتقاص قدر فلان من الصحابة مطلقا هذا لم يحصل عند الصحابة.
س4/ ما حكم تقديم بعض الصحابة على بعض مثل تقديم علي على أبي بكر وعمر وعثمان؟
ج/ الصحابة أفضلهم كما ذكرت لكم العشرة وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الذِّكر، ومعتقد أهل السنة والجماعة والذي دلت عليه النصوص ولا يجوز عليه خلافه أن أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي هؤلاء هم أفضل الصحابة وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الذكر وكترتيبهم في الخلافة.
أما تقديم علي على أبي بكر وعمر فكما قال السختياني: من فضّل عليا على أبي بكر عمر فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. كيف يكون أفضل ويقدمون غيره عليه معناه أنهم خونة كما يدعي الرافضة، أو أن لهم كذا وكذا.
والصحابة من المهاجرين والأنصار قدموا من هو الأفضل لهم في دينهم وفي أيضا الولاية، تقديم علي على جميلة الثلاثة هذا صنيع الرافضة.
س5/ ما المقصود بالفطرة -أو القطرة!!- الواردة في الآيات والأحاديث؟
ج/ الفطرة المقصود بها التوحيد وهو في تفصيلها بحث آخر.
نكتفي بهذا وفقكم الله لما فيه رضاه وبارك فيكم.
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ هل المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل المجزئ من الجنابة؟
ج/ المضمضة والاستنشاق الصحيح أنها واجبة، في كل طهارة، سواء كانت طهارة صغرى أو كانت طهارة كبرى، سواء ما كانت طهارة مستحبة أم كانت طهارة واجبة، مثل الغسل يجب على الصحيح المضمضة والاستنشاق.
س/ وهل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر، ولو رفع هل لابد من المضمضة والاستنشاق؟
ج/ التعبير غير صحيح السؤال: هل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟
ما أدري أوش يعني (هل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟) يعني أنه الغسل المستحب غسل الجمعة الذي لا يكون واجبا -يعني عن حدث أكبر- إذا اغتسل هل يكفي عن الوضوء؟ هذا السؤال.
طبعا الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل الواجب؛ لأن الحدث الأكبر يرفعه الغسل، والغسل يرفع الحدث الأكبر ويرفع أيضا الحدث الأصغر معه بالنية، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيتوضّأ ثم يفيض الماء على رأسه وبدنه دل هذا على أن غسل الجنابة يرفع الحدث الأكبر والأصغر.
وغُسل الجمعة تارة يكون عن حدث أكبر وتارة يكون لا عن حدث وإنما هو لأجل غُسل الجمعة المتأكد ولم بكن معه حدث أكبر، وهذا الغسل لابد بعده من الوضوء أو قبله ولو يُحدث، يعني أنه إذا راجع غسل الجمعة ما يكفي الغسل عن الوضوء لابد أن يتوضأ، وهكذا في كل غسل مستحب أو في كل غسل تنظف أو تبرّد فلابد في الوضوء من الترتيب والموالاة ولابد من النية فيه.
فإذن الغسل إذا كان غسلا واجبا بالنسبة للرجل الجنابة وبالنسبة للمرأة عن حيض أو نفاس فإنّ حينئذ يدخل الحدث الأصغر في الأكبر، وإذا رفع الحدث الأكبر بالغسل الواجب أجزأ عن الوضوء بالنية، أما إذا كان غسلا مستحبا أو كان غسل الجمعة ولم يكن هو محدثا حدثا أكبر فإنه لا يكفي عن الوضوء بل لابد من الوضوء.
وغسل الجمعة اختلف العلماء فيه هل هو واجب أم مستحب والصحيح فيه أنه سنة مؤكدة، وأنه ليس بواجب وللأحاديث التي فيها لفظ الوجوب وحق لا تدل على الوجوب الذي يأثم من تركه لأدلة معروفة في بابه.
س3/ هل يجوز للمرأة أن تلبس القصير و[العارية] أمام زوجها وخصوصا أن مثل هذه الألبسة مما تحبب الزوج لزوجته؟
ج/ المرأة بالنسبة لزوجها يجوز لها أن تلبس ما شاءت وما شاء زوجها، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ صحّ عنه أنه قال «احفظ عورتك إلا عن زوجك أو ما ملكت يمينك»، الرجل أيضا يلبس ما شاء أمام زوجته؛ ولكن لا يكره ويستحب أن يكونوا عراة لأن ذلك من قبيل الحياء والله أحق أن يستحيى منه؛ ولكن الألبسة التي تحبّب المرأة إلى زوجها أو تحبب الزوج إلى زوجه؛ يعني إلى زوجته فهذا لا بأس به.
وابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُما يقول: إنني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي. وهذا ذكره عند قوله تعالى ?وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ?[النساء:19]، وهذا من أداء الحقوق العامة وهذا لا يجب، إذا فعلته المرأة فهذا من العشرة الحسنة.
س4/ هل شخصية عبد الله بن سبأ شخصية وهمية؟
ج/ قيل إن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية.
والشيعة يؤكدون على هذا، ولهم في هذا عدة مؤلفات ويؤكدون على أن عبد الله بن سبأ شخصية متوهمة وليست بالحقيقة.
والذي عليه أهل السنة والجماعة ممن ألف في العقائد أو في التاريخ أو في الفرق أن عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية، وأنه كان باليمن ثم أتى إلى المدينة ثم ذهب إلى مصر والشام وأنه هو السبب التفرقة بين المؤمنين في عهد عثمان، وكان يكتب وروي ذلك بأسانيد مختلفة وشهرة اسمه عند أهل السنة وتناقل ما ذكر عنه في تفصيل معروف في موضعه هذا يغني عن تتبع الأسانيد في هذا الباب.
فشخصيته مشهورة وهو سبب إحداث الفرقة في عهد عثمان ( حيث كان يكتب لكل والٍ في مصر من الأنصار بما أخذه هو على الوالي الآخر، ويكتب للناس بذلك لإيغار الصدور بعضها على بعض.
ومن الفرق المشهورة المعروفة المدونة في كتب التاريخ وكتب العقائد والفرق الفرقة السبئية الذين كانوا يقولون بألوهية علي (، وهم الذين يتبعون عبد الله بن سبأ الذي نفي إلى فارس وبسبب نفيه هناك ظهرت هناك فرقة الشيعة والرافضة أكثر من غيرها.
س5/ كثير من الإخوان -جزاهم الله خيرا- إذا ما وقع بينهم خلاف في مسألة ما إما فقهية أو غيرها وأنكر عليهم شدة الخلاف بينهم، قالوا: الصحابة اختلفوا فما بالك بحالنا؟
ج/ أولا هذا ليس مما يسوغ أن يُذكر هذا عن الصحابة ويجعل الخلاف خلاف الصحابة حجة مطلقا لاختلاف غيرهم.
الصحابة رضوان الله عليهم أولا لم يختلفوا ولله الحمد في باب من أبواب العقيدة والتوحيد والأصول وإنما اختلفوا في بعض المسائل الاجتهادية كالمسائل الفقهية وبعض مسائل الإمامة التي كانت في زمنهم لهم تأويلها.
ثم من القواعد المقررة عند أهل السنة كما كتبوا في عقائدهم أننا نحمل جميع أعمال الصحابة وأقوال الصحابة وأفعال الصحابة على إرادة خير على أنهم لم يقصدوا إحداث الخلاف والانتصار للنفس، ولم ويذهبوا إلى النزعة القبلية أو النزعة علو الشأن أو نزعات الدنيا وإنما كان لهم في ذلك تأويلات، وربما دخل بعض هذه المطالب كشيء من الدنيا دخل في تأويل الدين، ولم يقصد أساسا فلم يكن في الصحابة ولله الحمد ممن يشار إليهم وحصل منهم الخلاف أن يكون منهم من يقصد الدنيا فقط محضة، وإنما يريدون الدين وربما يدخل في شيء من ذلك بعض استمساك بأمور الدنيا التي لهم فيها تأويل سائغ.
ولهذا لا يسوغ أن يحتج(203) أحد إذا اختلف مع غيره أن يحتج بخلاف الصحابة مطلقا، وإنما في بعض الوسائل إذا اختلف فيها الصحابة فالخلاف يسع من بعضهم إذا كانت من المسائل التي ليس فيها دليل واضح، أما إذا كانت المسالة فيها نص أو فيها دللي ظاهر من الكتاب أو من السنة فأقوال الصحابة بين راجح ومرجوح إذا اختلفوا، فالله جل وعلا أمرنا أننا عند التنازع والاختلاف أن نرد إلى الله جل وعلا وإلى الرسول ?فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً?[النساء:59]، وهذا الذي يجب أن يرد للدليل، فإذا لم تظهر دلالة الدليل في المسائل فغن في اختلاف الصحابة سعة إذا اختلفوا، وهم لم يختلفوا ولله الحمد في التوحيد ولم يختلفوا في العقيدة ولم يختلفوا في أصول الدين، وإنما اختلفوا في بعض مسائل اجتهادية معروفة، ولهم فيها تأويل وكل يقوم بحجته وأقوال ما بين راجح ومرجوح ( وأرضاهم.
??(??
[الأسئلة] نجيب عن سؤالين أو ثلاثة
س1/ بعض أهل العلم يذكر في تعريف الصحابي من آمن بالرسول ورآه ومات على ذلك وإن تخللته ردة، وذكر وإن تخللته صحبته ردة.
ج/ هذه المسألة معروفة في تعريف الصحابي في مصطلح الحديث؛ يعني هذا القيد وإن تخللته ردة، لا داعي له لأن آمن بالرسول ( ورآه ومات على ذلك. فقوله وإن تخللته ردة هذا لأجل خلاف من خالف في هذه المسألة؛ لكن قوله ومات على ذلك وإن تخللته ردة لا تصلح للتعاريف على ما هو معروف في موطنه.
س2/ هل يصح أن يقال إن حسان بن ثابت ( جبان او نحو ذلك كما ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة، علما أن وصف الجبان وصف ليس عامًّا وإنما هو لحادثة أو نحوه؟
ج/ ليس كذلك، ليس كذلك؛ بل حسان بن ثابت ( من الشّجعان لأنه كان يهجو المشركين، قد قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لحسان «أهجهم حسان وروح القدس معك» وقال أيضا له في وصفه هجائه للمشركين «لهو أشد عليهم من وقع النبل»، والعرب كانت من تثأر ممن يهجو وتكيد له بالسوء، فحسان ( كان مقداما لكنه كان كبير السن جدا، فكان تقدم قبل النبوة قبل أن يسلم عليه ستون سنة، فأسلم وهو ابن ستين سنة، ولما جاءت المغازي كان كبيرا فربما تأخر لضعفه لا لأجل شيء في نفسه.
فوصفه بهذا أولا لا يجوز لأنه تأخر في بعض الوقعات لا لأجل ما ذكره هنا؛ ولكن لأسباب أخر، وله له في ذلك مقام الصدق ( وأرضاه.
س3/ ما رأيك، إيش.
ج/ ما أدري المهم يقول في الرد على أهل الرِّفض ودحض ما يبثون على جهاز الإنترنت من تشكيك في القرآن وأنه ناقص وغير ذلك من الشبه؟
ج/ أنا ما وقفت أنهم يعلنون تقص القرآن؛ لأنهم يقولون: نحن لا نقول بنقص القرآن ولا يصح إنما هو قول شذاذ منا ولا يصح أن ينسب إلينا. ويتبرؤون من هذه المقالة فإذا كان نشروه على صفحات الإنترنت تحتاج إلى تثبت، ولابد من الرد عليهم وهو من الجهاد العلمي .
س4/ لم تشيروا حفظكم الله إلى خلافة الحسن بن علي؟
ج/ أنا ما أشرت إليها؟ أشرت، قال أشرت، صحيح ما فصلت أما الإشارة أشرت.
س5/ ما رأيكم في ولاية عبد الله بن الزبير وهل هي ولاية شرعية وفي عام ألفين... وإلى آخره.
ج/ أول القرن يبدأ من سنة الصفر أو من سنة الواحد، بداية القرن يعني سنة واحد أو من سنة صفر؟ يعني الآن لما أقول عشرة هذه تتمة إيش؟ تتمة العاشرة أو هو هي تبدأ من عندما السنة تبدأ تتناقص.
على كل حال هذا هروب من السؤال يعني.
فيه شيء إن شاء الله سيصدر قريبا عن هذه الاحتفالات يعني تنبيه عام إن شاء الله يصدر قريبا.
س6/ هل لمن يدّعي أنه من الأشراف حق علي وإذا كان من الفسقة هل يجب عليّ شيء تجاهه؟
ج/ لا، له حق المحبة لأنه من الأشراف اما من جهة الحقوق الأخرى الحقوق الأخرى فهي متبادلة كغيرهم من المسلمين، لكن له حق المحبة له حق التقديم، له حق المزيد من النصيحة.
والأشراف، الشرف المقصود به شرف النسبة يعني أنه منتسب إلى الآل، وفيه صلة خاص يعني كل واحد منتسب إلى على ( يقال له من الأشراف.
لكن فيه اصطلاح خاص آخر وهو أن يفرق بين الأشراف والسّادة، يقال هذا من الأشراف وهذا من السادة؛ يعنى بالسّادة من لم يكن من بيت الأشراف الذين ولوا الإمارة في وقت من الأوقات والحكم في مكة يقال هؤلاء السادة، وسلسلة النسب الأخرى يقال هؤلاء الأشراف الذين ولوا الولاية والإمارة والملك.
هذا اصطلاح خاص يقال هذا سيد وهذا شريف؛ لكنهم المقصود أن لفظ الشرف الأشراف مقصود به من الآل ولا يعني به هذا المعنى الخاص أنه من بيت الحكم السابق فهذا لا يخصون بشيء إنما هم مثل كال من انتسب إلى النبي يعني إلى علي ( ولهم حق، ويقدمون إذا كان هم فضل وعلم مزية وصلاح، أما إذا لم يكن لهم ذلك لهم حقوق أخرى تؤدى ويدعى لهم وينصحون ولهم في ذلك أكثر من غيرهم.
س7/ يقولون في الأذان وأشهد أن عليا ولي الله، ما المقصود بهذه العبارة، وهل من سمع هذا الأذان يردد ما يقول المؤذن؟
ج/ هذه العبارة عند الشيعة والزيدية هذه باطلة؛ لأن الأحاديث التي فيها تعليم النبي ( للأذان لبلال في قصة الرؤيا ولابن أم مكتوم ولغيرهما، ليس فيه هذه اللفظة، ومضى المسلمون في عهد أبي بكر وهم مجمعون وليس في ألفاظ الأذان وأشهد أن عليا ولي الله ثم في عهد أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفي عهد الصحابة.
حتى حدثت بعد ذلك من الشيعة والزيدية مراغمة في ظنهم لبعض النواصب وأهل البدع وهذا باطل لأن الأذان عبادة ولا يجوز أن يضاف إليه ما لم يأتي دليل عليه.
وهذه العبارة حتى بعض الشيعة والزيدية انكرها والشوكاني له بحث فيها أيضا طويل والصنعاني وهما كانا من الزيدية، وكذلك لبعض الشيعة وكذلك الرافضة لهما بحوث مثل الموسوي في رد هذه الكلمة بأنها زائدة وأدخلت لغرض سياسي، ثم بقبت في ذلك.
فهذه العبارة بدعة والذي يسمع هذه العبارة يجب لا أن يردد ويتابع؛ بل يجب عليه أن ينكر في قلبه وأن ينكر البدع وأن يرد على من قالها وإن استطاع أن يؤذن هو الأذان الشرعي الأذان الذي في السنة فهذا هو الذي يجب عليه.
س8/ ما رأيك بمن يقول: لو أن خلافة أبي بكر منصوصا عليها لما اختلف الصحابة ( في سقيفة بني ساعدة ؟
ج/ أولا دائما في الأسئلة لا تقول (رأيك فيمن) تقول رأيك في قول كذا أحسن، يكون السؤال عن القول لا عن القائل، هذا أمر.
الأمر الآخر العلم يختلف الناس فيه، يختلف الناس في استحضاره ويختلف الناس أيضا في العلم به، وقد يكون عند فلان من الناس علما ولكنه في الموضع الفلاني ما استحضره ثم بعد ساعة قد يستحضر أكثر مما قال في الوقت ذلك، ثم قد يكون في وقت الخصومة ما فيه من ذهاب بعض ما يستحضر لكن الأمر صار إليهم وأجمعوا لما ذكّرهم بقوله الأمة من قريش.
وهذا من حسن سياسة أبي بكر ( ومن حسن معالجته للأمور؛ لأنه لم يذكر هو ولا من معه ولا المهاجرين لم يذكروا التنصيص على أبي بكر وإنما ذكروا التنصيص على قريش ليقطعوا بذلك دابر تمسك الأنصار بالخلافة، وقال فيهم أبو بكر الكلمة الشهيرة: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. لم يَختلفوا كثيرا إنما كانت بعض الأيام.
س9/ يدعي بعض الشباب أن الجهاد في الشيشان فرض عين على كل مسلم قادر، فما القول(205) الصحيح؟
ج/ ما أحد من أهل العلم قال حتى يكون هناك قول صحيح وقول ضعيف، ما أحد يقول إن الجهاد في الشيشان فرض واجب على كل مسلم قادر، ما أحد يقول.
الجهاد يجب على من في البلد من في البلد ممن دهموا وجب عليهم الجهاد بحسب القدرة، فإذا بم يستطيعوا أو لم يكفوا فإنه يجب على من يقربهم من البلدان المسلمين؛ يعني الأقرب فالأقرب لأن الله جل وعلا يقول ?قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ?[التوبة:123] قال ?قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم? لهذا أهل العلم متفقون على أنهم إذا دهم عدو بلدا فإن الجهاد يجب على الجميع في رد هذا العدو ممن هم في البلد، فإذا لم يستطيعوا الكفاية فإنه يجب على من قرب منهم، وهكذا ففي تدرج.
وأنا دائما مثل ما حصل من قبل في أمثلتها الشباب نوصيهم دائما بأن لا يذهبوا إلى الجهاد في أي بلد من تلك البلاد؛ بل إن كان لهم رغبة فيمدهم بالمال ويدعون لهم بظهر الغيب ونحو ذلك، وجهادهم في بلدهم بالعلم والعمل الصالح والاستعداد في الدعوة ونشر العلم في المستقبل هذا أولى، ويذهب أناس هناك ولا يعلمون حال تلك البلاد ولا ما فيها من العقائد ولا ما فيها من الأفكار ولا الاتجاهات المختلفة فيذهب من رغبته في الجهاد ورغبته في الشهادة جعلنا الله جل وعلا ممن يطلبها بحق، يرغب في ذلك ثم هناك يُصطاد وهو عنده نية طيبة وحسنة ثم يُصطاد من يرغونه بأفكار وآراء ربما لم تكن موافقة لطريقة أهل السنة ولا المنهج السلفي لهذا لا ينصح أحد.
بل من استطاع أن يمنع أحدا أن يذهب وهو الأولى فمن كان يرغب في الجهاد أن يجاهد بالمال الجهاد العيني لا يجب الجهاد الكفائي عليهم هم هناك وعلى من يقرب منهم، وأما الناس هنا فيرشدون إلى الجهاد بالمال ويتبرعون عليهم، والجهاد بالعلم والجهاد بالعلم يلازمون العلم وهذا فيه النفع العظيم المستقبلي، جعلنا الله وإياكم ممن وُفّق للحق.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
??(??
[الأسئلة] نجيب عن بعض الأسئلة بين يدي هذا الدرس.
س1/ لقد أشكل السؤال الذي طرح في الدرس السابق وهو إذا اغتسل للجمعة هل يجزئ عن الوضوء؟ فأجبتم بعدم الجواز، فهل المنع إذا لم يَنْوِ الوضوء وهو تحت الدش أو حتى ولو نوى الوضوء مع الاغتسال للجمعة إلى آخر الكلام .
ج/ هو الكلام كان واضحا لكن يمكن أن يختصر في نقطتين:
النقطة الأولى أن الحدث الأصغر لا يرفعه الغسل إلا إذا كان الغسل عن حدث أكبر، الحدث الأصغر لا يرفعه الغسل؛ يعني ليس كل غسل يرفع الحدث الأصغر، ومعنى قولنا كل غسل، غسل العبادة مثل الجمعة أو غسل التبرد أو للتنظف، هذا ليس الغسل رافعا للحدث الأكبر وبالتالي فلا يرفع الحدث الأكبر بل يلزم المغتسل غسل استحباب أو غسل نظافة أو غسل لا يرفع الحدث الأكبر، يلزمه أن يتوضأ لأن هذا الغسل لا يرفع الحدث.
وإنما الذي يرفع الحدث بالنية إذا اغتسل لرفع الحدث الأكبر، الرجل إذا كان عليه جنابة فاغتسل من الجنابة وهو ينوي رفع الحدث الأكبر والحدث الأصغر، أو ينوي رفع الحدث مطلقا فإنه يغتسل ويكون هذا من الصور التي يدخل فيها، تدخل فيها الطهارة الصغرى في الكبرى أو يدخل فيها الأصغر في الأكبر.
أما إذا لم يكن يرفع الحدث الأكبر فإنه لا يدخل في ذلك؛ بل يجب عليه الوضوء فإن حدثه باطن والغسل لا يرفع الحدث الأصغر إلا إذا كان الغسل لرفع الحدث الأكبر.
النقطة الثانية التي توضح المقام أن قول بعض أهل العلم إن غسل الجمعة واجب على ما جاء في بعض الأحاديث «غسل الجمعة واجب على كل محتلم» ونحو ذلك، كون الغسل واجبا هذا وجوبه للتعبد لا لرفع الحدث، ولهذا لا يدخل في الصورة الأولى ولو كان الغسل واجبا عند من قال به، فتعليق رفع الحدث الأصغر إنما هو بالغسل الذي يرفع الحدث الأكبر، وليس بالغسل الواجب؛ لأنه هناك صور فيها غسل واجب أيضا، مثلا عند من قال إن غسل الإسلام واجب هذا لا يرفع الحدث الأصغر إلا، إذا كان عن حدث أكبر، كذلك المرأة إذا اغتسلت عن الحيض؛ يعني اغتسلت بعد الحيض اغتسلت بعد التنافس فإن هذا الغسل بالنية يرفع الحدث الأصغر لأنه غسل لرفع الحدث الأكبر.
أما إذا كان غسلا غير ذلك فإنه لا يرفع الحدث هذا إيضاح المقام حتى لا يكون ثم إشكال.
س2/ يقول كيف يناظر ويجادل الورافض وهم لا يؤمنون بكتاب إلا بتحريف ولا بسنة إلا [...] فعلى أي شيء نجادلهم وبأي شيء نفحمهم؟
ج/ ينبغي للمجادل أن ينظر أي طالب العلم ينظر في الكتب التي صنفت في الرد على الشيعة والزيدية والروافض؛ لأن فيها من العلم ما يهيئ لطالب العلم تصور المسائل التي يختلف فيها أهل السنة مع تلك الطوائف وكيفية الرد.
وخلاصة الخلاف مع الشيعة أو مع الرافضة بالخصوص:
يرجع إلى خلاف في توحيد العيادة لأنهم يرون أن لأئمتهم مقاما يصلح معه أن يسألوا وان يدعوا وأن يستغاث بهم؛ بل بناء القباب على القبور والحج إلى المشاهد التي يسمونها مشاهد يعني قبور الأولياء وما أشبه ذلك، هذا راجع إلى الشيعة الرافضة فهم أول من أحدث فتنة البناء على القبور وتعظيم ذلك وشد الرحال إليها.
توحيد العبادة ثم فرق بيننا وبينهم كبير؛ بل هم لا يقرون بتوحيد العبادة إلا على طريقتهم فعندهم دعوة الأولياء ودعوة الأئمة الاثني عشر أو دعوة النبي ( وتعظيم القبور والمقابر وشد الرحل بها والتوسل بها والاستغاثة بأصحابها لتفريج الكرب وفي طلب الخيرات هذا كله عندهم مشروع ومطلوب؛ بل هو الحد أو من الحد عندهم.
وأئمتهم -سيأتي بيان في هذا الدرس إن شاء الله- عندهم هم أبلغ وارفع من الأنبياء مثل ما قال الخميني في كتابه الدولة الإسلامية يقول: ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل وأنهم كانوا قبل خلق هذا العالم أنوارا وجعلهم الله بعرشه محدثين وجعل لهم بالمنزلة والقربى ما لم يجعله لأحد من العالمين. وهذا يعني أن فيهم من صفة الملائكة أو من نور الله أو ما أشبه ذلك أو أنهم أرفع من الأنبياء دعوة أولئك والاستغاثة بهم هذه مطلوبة، هذا في توحيد العبادة.
كذلك النبوة والوَلاية هناك فرق، كذلك في مصدر التلقي الكتاب والسنة وما هو الكتاب وما هي السنة، في ذلك أيضا هناك فرق، كذلك النظرة في مسائل العقيدة بعامة في الغيبيات والأسماء والصفات والقدر والإيمان ثم فروق كثيرة بين أهل السنة وبينهم.
وهذه تتطلبها من كتب أهل العلم التي صنفوها في بيان هذه المسائل مثل كتاب ابن تيمية منهاج السنة ومثل المنتقى للذهبي ومثل جواب أهل السنة للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وثم كتب كثيرة في هذا الباب.
س3/ من الذين يمثلون النّواصب وهل هم فقط الخوارج؟
ج/ النواصب هم الذين يناصبون العِداء للصحابة عقيدة، وهؤلاء هم ضد الشيعة؛ يعني من مدحه الشيعة فهم يناصبونه، مدحوا عليا فهم يناصبون عليا العداء ويتولون معاوية ويتولون يزيد بن معاوية ضد الحسين، وهكذا، وهؤلاء ثم فرق ينتسبون إلى هذه المقالة مثل فرقة اليزيدية في العراق في سوريا ونحو ذلك من الفرق.
س4/ يدعو بعض الأئمة هذه الأيام يقول: يا غياث المستغيثين. هل اسم غياث من أسماء الله تعالى؟
ج/ هذا الدعاء صححه الإمام أحمد رحمه الله، وصوبه ابن تيمية في الفتاوى أيضا وذلك لأن الله جل وعلا هو الذي يغيث ?إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ?[الأنفال:9]، من استغاث بالله أغاثه، والاستغاثة نوع من الدعاء لأنها طلب الغوث الذي هو دعاء خاص ونداء خاص، الله جل وعلا يجيب المضطر إذا دعاه كما قال في سورة النمل ?أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ?[النمل:62]، فهذا الدعاء مما صحح، ومسألة النداء فيه يا غياث المستغيثين لا يلزم منه أن يكون اسم غياث من الأسماء الحسنة لأن معناه ثابت بطريقة أخرى وهذه يمكن الرجوع فيها كلام ابن تيمية.
س5/ من المعلوم أن الاجتماع ونبذ الفرقة من أهم المقاصد الشرعية فما صفة الذين يجب علينا مراعاة هذا المقصد معهم وذلك أن كثيرا من المبتدعة كالأشاعرة والرافضة وغيرهم لو أنكر عليهم مذهبهم حصلت الفرقة فهل يسكت عليهم مراعاة لذلك المقصد الكبير ؟
ج/ هذه مسألة كبيرة يضيق عنها المقام؛ لكن المقصود الاجتماع: الاجتماع على الدين، والدعوة تكون إلى الدين الذي أمرنا الله جل وعلا بالاجتماع عليه، وهو ما نزل به القرآن وصح عن النبي ( وكان عليه السلف الصالح، هذا هو الدين كما قال جل وعلا ?شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ?[الشورى:13] الآية، وكذلك قوله جل وعلا في سورة آل عمران ?وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ?[آل عمران:103]، ?وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ?[آل عمران:105]، وأوضحت لكم هذا مرارا.
فالدين الذي يجب الاجتماع عليه هو الذين الذي كان عليه النبي ( وكان عليه صحابته وكان عليه السلف الصالح، وأما ما أحدثته الأمة من البدع في الاعتقاد أو البدع في العمليات وفي العبادات، وهذا لاشك أنه ليس الدين الأول وهو شيء جديد، ولذلك صار فرقة وافتراقا عما كانت عليه الجماعة الأولى، لهذا يجب أن يحافظ على ما كانت عليه الجماعة الأولى قبل أن تفسد وتحدث الفرقة والاختلاف، وهذا مما يجب الدعوة إليه بتثبته، بتثبيت العقيدة في النفوس والدعوة إلى التوحيد والالتزام بالعمل الصالح، ونبذ الخلاف في هذه المسائل لتحصيل الأصول الشرعية في ملازمة الدليل وعدم الذهاب إلى العقليات.
من جهة ثانية الاجتماع الائتلاف يكون بالاجتماع على من ولاه الله جل وعلا أمر المسلمين، هذا الاجتماع مقصود في الشريعة أمر الله جل وعلا وأمر به النبي ( وحض عليه وأبدى فيه وأعاد كنا يقول إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب في مسائل الجاهلية حتى غدا عند كثيرين هذا الأصل كأنه لم يكن شيء من حديث النبي (، فالاجتماع نوعان اجتماع في الدين على ولي الأمر وعدم مخالفته في غير وعدم مخالفته ولزوم طاعته في المعروف، إذا أمر بالمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
س6/ ما حكم أكل التمساح؟
ج/ التمساح من ذوات الناب فلا يؤكل، وإن كان بحريا فهو أيضا بري.
س7/ هل المذهب الظاهري من المذاهب المعتبرة ولماذا يندر ذكر أقوالهم في المسائل الفقهية؟
ج/ المذهب الظاهري مذهب موسوم بالقول بالظاهر؛ لكنه لم يتأصل في متون للكتب وفي قول إمام منهم يمكن أن يصار إليه في أن هذا مذهب أهل الظاهر.
ولهذا في كتب الخلاف العالي يختلف القول هل هذا فعلا مذهب الظاهرية أو ليس بمذهب الظاهرية، والظاهرية نسبوا إلى قولهم بالظاهر ونفي القياس وعدم الدخول في التعليلات.
ولهم قواعد في الأصول مثل أن يكون كل أمر للوجوب ونفي التعليل، وعدم الأخذ بخلاف دل عليه الظاهر حتى ولو فارق المعنى الذي يراد من الدليل.
تارة ينسب إلى داوود الظاهري في مسائل، وتارة وينسب إلى أبي محمد بن حزم الأندلسي في مسائل، وتارة ينسب إلى غيرهما.
وأكثر ما يقال الآن مذهب الظاهرية يعني به مذهب ابن حزم وهو الذي قعد للقول بالظاهر لهذا ابن حزم إنما ينسب القول إليه، ولا يعدى إلى قول الفرقة أن هذا قول الظاهرية بعامة وقد يتجاوز فيقال إن الظاهرية قالوا كذا.
لكن الظاهرية كمذهب لا يوجد له تأصيل من حيث المتون ومن حيث المسائل التي قالوا بها مثل مذهب الحنابلة المالكية الشافعية الحنفية هذه يعرف المذهب، ولم يخدم أيضا بعد ابن حزم وإن كان جاء بعض العلماء يقولون بقول أهل الظاهر ابن عربي الصوفي ومثل ابن سيد الناس ونحوهما، مثل ابن أبي حيان صاحب البحر المحيط وجماعة ممن كانوا يميلون إلى هذا لكن ليسوا بمترسخين في الفقه، ولا ألفوا لهذا لا تجد أن أقوالهم تذكر في باب الخلاف دائما.
س7/ يوجد على كثير من السيارات تعليقات وخرق في مقدمتها ومؤخرتها، وأكثر هذه السيارات تخص باكستانيين وأفغان، وتوضع هذه الخرق لدفع العين ولدفع الحوادث. فما توجيهكم للعمل على إزالتها وبالأخص أنها في بلد التوحيد؟
ج/ هذه الأشياء التي تعلق ربما تكون من التمائم، وربما لا تكون.
ولهذا ينبغي أن يُتثبت من ذلك فإذا ثبت أنها تميمة علقت مثل خيوط حمر أو أرنب على الزجاجة أو على خلف المقعد الخلفي يوضع حيوان، أو وضع مصحف في الخلف خلف الناس قد أكلته الشمس من كثر ما أصابه منها وأشباه ذلك هذا ظاهر أنها من التمائم.
فإذا كانت من التمائم وجب مناصحة من هي معه، وإزالتها إن أمكن إزالتها بدون مفسدة.
ووجب أيضا أن يقوم أهل الحسبة الأمر بالمعروف والنهي في هذه المسائل؛ لأن الشرك هو أخبث ما يكون هو التعلق بغير الله واعتقاد النفع والضر في هذه الخرق والأشرطة والحيوانات، وأنها تدفع العين أو تجلب الخير أو نحو ذلك، هذه من الاعتقادات الفاسدة، والنبي ( صح عنه أنه قال «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» وقال أيضا «من تعلق تميمة فقد أشرك» و(تعلّق) تشمل شيئين: تشمل التعليق وتعلق القلب، تشمل التعليق في نفسه وتعلق القلب.
فمن علق شيئا وتعلق قلبه به فقد أشرك.
والقرآن على الصحيح لا يجوز أن يستخدم تميمة لا من جهة وضعه في السيارات للحفظ أو لدفع العين، ولا من جهة لبسه كتمثال مثل ما يباع أحيانا لبعض النساء ويلبس، هذا كله من جهة التمائم، أو يجعل القرآن في خرقة وتربط أو يعلق هذا كله من حهة التمائم ويجب أن ينهى عن ذلك، وأن لا يتخذ القرآن تميمة لأنه داخل في العموم وصيانة لهم من استعماله في غير ما شرع الله جل وعلا. نكتفي بهذا.
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ عنده سؤال عن الهاتف الجوال والرد عليه في أثناء الدرس وترك الهاتف الجوال على النغمة اللمزعجة وكذلك النداء العالي؟
ج/ الذي ينبغي في الدروس أن يترك هذا، إلا لمن كان ينتظر شيئا مهما وليس فيه إزعاج، يمكن يرتب نفسه؛ لكن الأصل هو إعانة نفسه والآخرين على الإنصات، ولاشك أنه من تمام الأدب عدم إشغال الآخرين بذلك.
س2/ ألا يقصد المؤلف رحمه الله بأهل الحديث والأثر خير القرون قرني؟
ج/ هذا قد يرد ولكن لا يسمى الصحابة أهل الأثر، لأن التفصيل أهل الأثر وأهل النظر إنما أتى بعد ذلك لا نقول أن الصحابة أنهم أهل أثر وأهل نظر إنما هذا نشأ في أوائل القرن الثاني من مدرسة المدينة أهل الرأي والكوفة الرأي، فانقسم أهل العلم إلى مدرستين مدرسة النظر والفقه ومدرسة الفقه والأثر.
س3/ تكثر المراثي والأشعار فيمن يموت من العلماء وغير ذلك، ويحصل من المبالغة في ذكر المحاسن والثبات عليه وثم سؤالان:
الأول: هل هذا من النياحة.
الثاني: يرد في كثير منها بعض الألفاظ الشركية وقريب منها والمبالغة الشديدة إلى آخره. وذكر أمثلة من ذلك .
وأظنه يقول القصائد في كانت رثاء عبد العزيز بن باز وثم مدخل لأهل البدع.
ج/ لاشك أن ما رثي به سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى فيه قسم منه حق وطيّب وجزى الله الراثين خيرا.
والعلماء يرثون العلماء والشعراء يرثون أهل العلم ومن في صفهم على الإسلام والمسلمين.
لكن القسم الثاني من تلك المراثي كما ذكر فيها من الغلو ووسائل الشرك ونداء الميت ما فيه، وهذا مما يبين لك غربة التوحيد، وأن الناس لا يصح أن يقولوا التوحيد علمناه والحمد لله الناس الحمد لله الناس على الفطرة ولا يحتاجون للعقيدة والتوحيد.
هذا في موت سماحة الشيخ لما سير بجنازته من الناس من تمسح به وألقى عليه سترة من الجهلة ولما جاء القصائد فيه من يشار إليهم من ناداه يا أبا عبد الله وغوث الملاهيف(207)... ونحوه من المبالغات.
وهذا يدلك على أن رسالة الشيخ رحمه الله والدعوة التي أقامها في ملازمة السنة وترك البدع ورد وسائل الشرك ووسائل البدع فيمن هو أفضل من الشيخ رحمه الله هو النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أبو بكر وعمر عثمان وعلي إلى آخره، الشيخ أقام حياته لتقريض السنة ووسائل الشرك ويأتي من يغلو فيه إما لغرض صالح أو لغرض غير صالح أيضا هذا لاشك أنه ذنب وإثم على من قاله يجب عليه التوبة وسحب هذه القصائد وأن يراجعها أهل العلم إذا كان فيها شيء منكر يجب عليه أن..، وهذه نتبرأ منها نتبرأ ممن غلا في مدح الصحابة وفي مدح النبي ( غلا فيه الغلو الذي أوصله إلى مقام لم يجعله الله جل وعلا له، فكيف بمن هو دون النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ودون الصحابة من العلماء والأولياء ومثل سماحة الشيخ رحمه الله تعالى؟ لاشك أن الواجب الانكار ولا نقر شيئا من ذلك ونبرأ منه.
وليس لأهل البدعة حجة في ذلك لأن أهل التوحيد فيهم جهلة أيضا، مثل ما في أهل البدع جهلة، فمن أهل البدع يبالغون في المدح ويطرون، كذلك في المنتسبين إلى التوحيد وإلى أهل التوحيد وإلى أهل العقيدة فيهم من يجهل كثيرا فيخطئ ويتجاوز.
وذكرني ذا حينما رأيت بعض الأشياء ذكرني هذا بشيخ الإسلام ابن تيمية الذي عاش حياته للعقيدة وللتوحيد ولنصرة السنة ولرد البدع ووسائل الشرك والغلو في الأموات ثم بعد ذلك جنازته صلي عليها الظهر وظلت تمشي إلى المقبرة والناس يلقون عمائمهم وسلقون أرديتهم على جثمان شيخ الإسلام تبركا به، فما حياته إذن؟ هؤلاء الجهلة الكثيرون حتى ولو انتسبوا إلى الثقافة وإلى العلم بحاجة إلى أن يدرسوا العقيدة ويعلمون ما يقبح وما يحسن، هو يريد أن يرثي إمام وعالما مثل سماحة الشيخ ويقع في افثم ويجعل الإثم أيضا ينتشر في الأمة والبدعة ووسائل الشيك فبدل أن نسير في دعوته وما عاش في حياته له نخالفه بعد وفاته وهذا لاشك أنه مما يسر الشيطان ويأنس له.
والغلو شرٌّ الغلو شر، وهدي الصحابة في ذلك هو الهدي الكامل، كم المراثي في أبي بكر وكم المراثي في عمر وعثمان وكم المراثي ابن عمر وابن عباس، اجمعوها أليس في زمانهم من الشعراء من فيه، لكنها قليلة محافظة لا لأنهم لا يستحقون؛ لكن خشية من الغلو، وأحيانا بعض المسائل يعامل فيها الإنسان الناس بنقيض القصد حتى يتوسعوا في الشرك والدع.
ولهذا ينبغي عليكم جميعا أن تستدلوا بما حصل في هذه التجاوزات على غربة التوحيد ويعطيكم دليلا على أنه في هذا البلد والذين هم قريبين من الشيخ ويعلمون دعوته ويعلمون الكتب التي شرحها ودرسها وفتاويه التي يرد فيها على أقل البدع وعلى أقل وسائل الشرك كيف أن الناس يخالفونه وهم عاشوا معه سنين عددا فما أشد الغربة وما أشد حاجة الناس إلى التوحيد والعقيدة العلم الصحيح والالتزام بالسنة.
أسال الله جل وعلا أن يرفع درجة شيخنا في عليين وأن يجزيه عنا خير الجزاء وأن يجعله مع الأئمة السابقين ممن أحبهم واقتفى أثرهم إنه سبحانه على كل شيء قدير.
س4/ ما رأيكم ما جاء في كتاب عبد الله بن الإمام أحمد من اتهام لأبي حنيفة بالقول بخلق القرآن إلى آخره؟
ج/ هذا سؤال جيد هذا موجود في كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد وعبد الله بن الإمام أحمد في وقته كانت الفتنة في خلق القرآن كبيرة، وكانوا يستدلون فيها بأشياء تنسب لأبي حنيفة وهو منها براء خلق القرآن، وكانت تنسب إليه أشياء ينقلها المعتزلة من تأويل الصفات إلى آخره مما هو منها براء، وبعضها انتشر في الناس ونقل لبعض العلماء فحكموا بظاهر القول، وهذا قبل أن يكون لأبي حنيفة مدرسة ومذهب؛ لأنه كان العهد قريبا عهد أبو حنيفة وكانت القوال تنقل قول سفيان قول وكيع قول سفيان الثوري سفيان بن عيينة قول فلان وفلان من أهل العلم في الإمام أبي حنيفة، وكانت الحاجة في ذلك الوقت باجتهاد عبد الله بن الإمام أحمد كانت الحاجة قائمة في أن ينقل أقوال العلماء فيما نقل.
ولكن بعد ذلك الزمان كما ذكر الطحاوي أجمع أهل العلم على أن لا ينقلوا ذلك، وعلى أن لا يذكروا الإمام أبا حنيفة إلا بالخير والجميل، هذا فيما بعد زمن الخطيب البغدادي يعني في عهد الإمام أحمد ربما تكلموا وفي عهد الخطيب البغدادي نقل مقولات في تاريخه معروفة، وحصل ردود عليه بعد حتى وصلنا إلى استقراء منهج السلف في القرن السادس والسابع هجري وكتب في ذلك رسالة ابن تيمية الرسالة المشهورة رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وفي كتبه جميعا يذكر الإمام أبا حنيفة بالخير وبالجميع ويترحم عليه وينسبه غلى شيء واحد وهو القول بالإرجاء إرجاء الفقهاء دون سلسلة الأقوال التي نسبت إليه فإنه يوجد كتاب أبي حنيفة الفقه الأكبر وتوجد رسائل له تدل على أنه في الجملة يتابع السلف الصالح إلا في هذه المسألة مسألة دخول الأعمال في مسمى الإيمان.
وهكذا درج العلماء على ذلك كما قال الإمام الطحاوي إلا -كما ذكرت لك- بعض من جاء على الجانبين إما إلا من أهل النظر في الواقعة في أهل الحديث وسماهم حشوية وسماهم جهلة ومن إلا أيضا من المنتسبين من أهل الحديث والأثر فوقع في أبي حنيفة رحمه الله أو وقع في الحنفية كمدرسة فقهية أو في العلماء.
والمدرسة الوسط هو الذي ذكرها الطحاوي وهو الذي عليه أئمة السنة.
لما جاء الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب أصّل هذا المنهج في الناس وان لا يذكر أحد إلا بالجميل وأن ينظر في أقوالهم وما رجحه الدليل فيؤخذ به وأن لا يتابع عالم فيما أخطأ فيه وفيما زل؛ بل نقول هذا كلام العالم وهذا اجتهاده والقول الثاني هو الراجح.
ولهذا ظهر بكثرة في المدرسة مدرسة الدعوة ظهر القول الراجح والمرجوح وربي عليه أهل العلم في هذه المسائل تحقيقا لهذا الأمر، حتى أتينا إلى أول عهد الملك عبد العزيز رحمه الله لما دخل مكة، وأراد العلماء طباعة كتابة السنة لعبد الله بن الإمام أحمد وكان المشرف على ذلك والمراجع له الشيخ العلامة عبد الله بت حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى رئيس القضاة إذ ذاك في مكة، فنزع هذا الفصل بكامله من الطباعة، فلم يُطبع لأنه من جهة الحكمة الشرعية كان له وقته وانتهى، ثم هو اجتهاد ورعاية مصالح الناس أن ينزع وأن لا يبقى وليس هذا فيه خيانة للأمانة؛ بل الأمانة أن لا يجعل الناس يصدون عن ما ذكر عبد الله بن الإمام في كتابه من السنة والعقيدة الصحيحة لأجل نقول نقلت في ذلك وطبع الكتاب بدون هذا الفصل وانتشر في الناس وفي العلماء على أن هذا كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد.
حتى طبعت مؤخرا في رسالة علمية أو في بحث علمي وأُدخل هذا الفصل وهو موجود في المخطوطات معروف أدخل هذا الفصل من جديد يعني أرجع إليه وقالوا إن الأمانة تقتضي إثباته إلى آخره وهذا لاشك أنه ليس بصحيح بل صنيع العلماء علماء الدعوة فيما سبق من السياسة الشرعية ومن معرفة مقاصد العلماء في تآليفهم واختلاف الزمان والمكان والحال وما استقرت عليه العقيدة وكلام أهل العلم في ذلك.
ولما طبع كنا في دعوة عند فضيلة الشيخ الجليل الشيخ صالح الفوزان في بيته كان داعيا لسماحة الشيخ عبد العزيز رحمه وطرحت عليه أول ما طبع الكتاب كتاب السنة الطبعة الأخيرة التي في مجلدين إدخال هذا الباب فيما ذُكر في أبي حنيفة وأما الطبعة الأولى كانت خالية من هذا لصنيع المشايخ فقال رحمه في مجلس الشيخ صالح قال لي: الذي صنعه المشايخ هو المتعين ومن السياسة الشرعية أن يحذف وإيراده ليس مناسبا. وهذا هو الذي عليه نهج العلماء.
زاد الأمر حتى صار هناك تآليف يطعن في أبي حنيفة وصار يقال أبو جيفة ونحو ذلك وهذا لاشك ليس من منهجنا وليس من طريقة علماء الدعوة، ولا علماء السلف لأننا لا نذكر العلماء إلا بالجميل، إذا أخطؤوا فلا نتابعهم في أخطائهم خاصة الأئمة هؤلاء الأربعة؛ لأن لهم شأنا ومقاما لا ينكر.
نكتفي لهذا القدر أسأل لكم التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الأسئلة] ثَم بعض الأسئلة بين يدينا.
س1/ أحيانا يكون الشخص على طريق طويل وتكون الأرض يابسة فإذا بال الشخص تطاير الرذاذ أسفل ملابسه فهل هذا مما يعفى عنه لأنه يشق التحرز منه؟
ج/ لا يعفى عن ذلك لأن الأرض إذا كانت يابسة يعني صلبة فإنه يُسنّ أن يحركها حتى تكون رخوة.
ولهذا يقول الفقهاء في آداب التخلي يقولون: ويرتاد لبوله مكانا رِخوا؛ يعني أن من أراد البول فلابد أن يبحث عن ما يأمن معه تطاير الرشاش والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مرة أتى سباطة قوم فبال قائما، قال لأنها تكون تشرب البول ومعها يؤمن تطاير الرشاش.
ومن الكبائر ألا يستبرئ المرء من البول كما جاء في الحديث المتفق على صحته: مر النبي ( بقبرين فقال «إنهما لبعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كير فأما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول» وفي لفظ آخر «كان لا يستبرئ من البول» وهذا يعني كان يتساهل فإذا كانت الأرض يابسة فإذا بال عليها واندفع البول بقوة تطاير الرشاش عليك فهو يمكن أن يحركها حتى تثور وتشرب البول وتصير رخوة فهو مؤثر لاشك، وهذا يظهر إذا كان يستديم هذا الأمر يعني دائما يفعل ذلك ولا يبالي وهذا والعياذ بالله، فواجب من تنبه لهذا ومثل هذه المسألة ليست مما يشق التحرز منه ولا تدخل في القاعدة مما يشق التحرز منه.
س2/ البنت الصغيرة أو الولد الصغير الشباب إذا خرج فيهم الشيب أو ولدوا هكذا فهل يجوز تغيير هذا الشيب بالسواد ؟
ج/ الجواب أن تغيير الشيب بالسواد الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز، سواء أكان المغير شابا أم كهلا يعني المغير شعره شابا أو كهلا أم كان طاعنا في السن كحال والد أبي بكر، فإنه كان طاعنا في السن وقال النبي ( في حقه غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد من أهل العلم من قال هذا يحمل على من لا يناسبه التغيير بالسواد وهو الشخص الذي طعن في السن وتجعد جلده بحيث لا يناسبه بالسّواد فيكون مُثلة.
والقول الصحيح كما ذكرنا أنه لا يجوز التغيير بالسواد لآحاد الناس بعامة الناس لا يجوز التغيير سواء أكانوا شباب أو غير ذلك لما روى الإمام أحمد ومالك في الموطأ وجماعة أن النبي ( قال «يكون من أمتي أقوام يسبغون بالسواد كحواصل الطير لا يريحون ريح الجنة» أو كما جاء عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الحديث اختلف في صحنته والصواب أنه صحيح.
والمقصود من ذلك أن تغيير الشيب بسواد خالص لا يكون.
بعض أهل العلم استثنى حالتين في جواز التغيير بالسواد والقول قريب ولهم ما يدل له من الأصول:
الحال الأولى لإمام لولي الأمر.
والثانية في الحرب حتى يكون أهيب للعدو.
وإلا فالقاعدة والأصل إذا دلت عليه الأدلة أن التغيير بالسواد لا يجوز.
فإذا كان كذلك ففي هذه الحالة الشاب والبنت الذين فيهم شيء يغيرون بغير السواد وما هو دون السواد بالحنة بلون يناسب حنة خفيفة أو الحنة الكثيفة أو يخلط الحنة بالكتم يكون قريبا من السواد لكن لا يكون سوادا خالصا.
س3/ هل في هذه الكلمة محذور شرعي وهي: سورة لقطعة من الذرة ومكتوب عليها هذه من خيرات الطبيعة حيث أنها تنتشر دعاية في مثل هذه الشوارع؟
ج/ هذا صحيح رأيناه في الشوارع هذه الكلمة كلمة فيها سو؛ء لأن الخير من الله جل وعلا، والطبيعة مطبوعة ليست طابعة للأشياء فعيلة يعني مفعولة، هي مطبوعة طبعها الله جل وعلا وجعلها على هذا النحو من سننه فالله جل وعلا هو الذي جعل من سنته أن الماء ينزل وأن الأرض تتنوع، ما ينتج منها. ولهذا هذه الكلمة فيها مخالفة فينبغي؛ بل يجب تجنبها حفظا لنعم الله جل وعلا على عباده.
س4/ استمعنا إلى شرح فضيلتكم على بلوغ المرام في باب الغسل وأشكل علينا لعدم الموالاة قولكم أنه يجوز غسل الرأس ثم يجوز له النوم بعد الاستيقاظ غسل بقية البدن أرجو تفصيل ذلك؟
ج/ الموالاة هذه في الوضوء، الموالاة واجبة في الوضوء، الترتيب والموالاة في الوضوء، أما الغسل فلا يجب فيه ترتيب ولا يجب فيه موالاة ومعنى الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله بل يوالي بين هذا وهذا.
والغسل إذ لم تجب فيه الموالاة ولم يجبب فيه التتابع فله أن يفرقه، فإذا مثل ما ذكر السائل إذا كان عليه مشقة أن يغتسل مثلا الفجر أن يغسل رأسه إما لبرد او لعارض او لما يختاره فله أن يغسل رأسه قبل أن ينام ويغسل بقية البدن وهذا نص عليه أهل العلم وموجود في كتبهم كما هو معروف.
المقصود أن الأصل أن الله الأدلة دلت على أن الموالاة واجبة وأنه لا يجوز تأخير غسل عضو حتى ينشف الذي قبله بل يجب عليه أن يوالي بين الأعضاء في الوضوء أما الغسل فهو باق على الأصل وهو أنه يجوز فيه التفريق ولا تجب فيه الموالاة.
س5/ في قوله تعالى ?فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى?[الأعلى:9] هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟
ج/ هذه المسألة اختلف فيها العلماء قد ذكرت لكم الخلاف أظن في شرح الواسطية أظن في بعض المواضع، والآية استدل بها جماعة من العلماء منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية شيخ الإسلام ومنهم ابن عبد السلام في القواعد وجماعة، وذكر هذا أيضا ابن رجب عن بعض أهل العلم في شرحه على الأربعين.
والآية فيها دليل على أنّ الذكرى مأمور بها إذا كانت ستنفع؛ لأن الله قال ?فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى? أمر بالتذكير إذا كانت الذكرى ستنفع، هل يدخل هذا في النهي عن المنكر، أم هذا في التذكير بما ينفع الناس، ظاهر لكلمة ?الذِّكْرَى? أنها تشمل الأمر بالمعروف وتشمل النهي عن المنكر؛ لأن التذكير يشمل هذا وهذا في القرآن والسنة.
لهذا قال طائفة من العلماء ممن سمينا ومن غيرهم: إنه للمرء أن يترك الإنكار إذا غلب على الظن عدم الانتفاع، كذلك يجوز له أن لا يذكر إذا غلب على الظن عدم الانتفاع، أما إذا غلب على الظن الانتفاع بالإنكار أو الانتفاع بالذكرى فهنا يجب عليه أن ينكر ويحب عليه أن يأمر بالمعروف بحسب الحال، هذا قول.
الجمهور على خلاف ذلك وهو أن الأحاديث دلت على أن المنكر إذا رُئي وجب تغييره، لهذا قالوا سواء غلب على الظن أو لم يغلب على الظن فلابد منه حفاظا على ما أجب الله جل وعلا.
ولهذا قال سبحانه وتعالى لما ذكر حال أهل القرية ?وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ?[الأعراف:164]، فدل على هذا أن المعذرة مطلوبة وأن لا يسكت على المنكر؛ لكن هذا لا يدل على الوجوب، وحال الصحابة بكثير من أحوالهم وخاصة لما دخلوا على الولاة -ولاة بني أمية والأمراء- فيما سكتوا عنه وفيما لم ينكروه قال ابن عبد السلام وكذلك كلام ابن تيمية أنهم أخذوا بأنهم غلب على ظنهم أنهم لا ينتفعون بذلك لعلم الواقع في المنكر لعلمه ولجل أنه يعلم أنه لو أنكر عليه فإنه لن يستجيب.
المقصود من ذلك أن العلماء لهم في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يجب الإنكار مطلقا فما أمر النبي (.
القول الثاني: أنه يجب مع غلبة الظن، وإذا لم يغلب على الظن فإنه يجوز له أن ينكر.
والقول الثالث: وهو المتوسط بينهما أنه لا يجب ولكن يستحب إذا غلب على الظن عدم الانتفاع، وهذا معناه أن الإنسان لا يؤثم نفسه فيما غلب على الظن عدم الانتفاع، وهذا يحصل الذي يغلب في المسائل التي يغلب فيها الظن عدم الانتفاع مثل المنكرات المنتشرة، مثل مثلا حلق اللحى، ومثل الإسبال، ومثل كشف المرآة لوجهها، ومثل لرؤية المجلات رؤية النساء في المجلات المحرمة، أو مثل هذه يغلب على الظن من الناس عدم الانتفاع مطلقا أو عدم الانتفاع في وقتها؛ يعني بحسب الحال؛ لكن إذا غلب على الظن أنه إذا وعظه أمره أنه ينتهي ولو في الوقت نفسه، فهذا يتعين عليه؛ يعني دخل في المسألة مثل غيرها مع القدرة؛ لكن يظن انه إذا قال له لا تحلق لحيتك أو هذا حرام لم ينتفع فهو لا يجب عليه حينئذ ويسلم من الإثم المقصود السلامة من الإثم في مثل هذه الحال، والله المستعان كل في هذا الباب مقصر، ونسأل الله جل وعلا أن يعفو عنا وعنكم.
س6/ هذا يسأل عن نشرة بها اسم لبعض الشركات، يقول: هل في هذا ما ينكر.
ج/ هو أعرف بما كتب لكن هذا فيه تكلف يعني إنكاره مثل هذا فيه تكلف لأن الكلمة لا تقرأ على النحو الذي ذكر.
نكتفي بهذا...
??(??
[الأسئلة]
س1/ يقول أشكل عند قول الطحاوي: (حب الصحابة دين وإيمان) (211)، وذلك من جهة تسمية حب الصحابة إيمان، والحب عمل القلب وليس هو التصديق، فيكون العمل داخلاً في مسمى الإيمان.
ج/ هذا مشكل وقد ذكر الشارح أنه مشكل على أصل الشيخ، وهذا ظاهر أنه مشكل، وما من أحد يخالف السّنة إلا ويقع في التناقض، لأنّ الميزان الذي لا يختلف هو الكتاب والسنة أما الرأي فيختلف، الإنسان يرى رأياً اليوم وغداً يبدو له شيء آخر، ما يلتزمه في كل كلمة، يلتزمه إذا جاء في التعريف، يلتزمه إذا جاء في الوصف ثم يخالفه في سَنَن كلامه وهكذا.
ولهذا بعض أهل البدع حتى في مسائل الصفات، إذا جاؤوا يتكلمون مثلاً عن الاستواء على العرش، لو تحقق هو من نفسه لوجد أن نفسه تغلبه إلى أن الله جلّ وعلا مستوى على عرشه بذاته بائن من خلقه حتى وهو يتكلم فيها.
لكن إذا أراد أن يقرّر المسألة ذهب إلى ما تعلمه فتم فرق مابين الشيء الفطري وهو التسليم لكلام الله جلّ وعلا وكلام رسوله وما يأتي في باب التعليم تارة.
ولهذا نبهناكم مراراً إلى غلط قول من يقول إن أكثر المسلمين أشاعرة أو أكثر المسلمين ليسوا من أهل السنة والجماعة، وإنما أكثر المسلمين أشاعرة، أو أكثر المسلمين ماتريدية أو نحو ذلك، والقليل هم من يتبعون منهج السلف الصالح، هذا غلط غلط كبير.
بل أكثر المسلمين في المسائل الغيبية على الطريقة المرضية، لكن ليس أكثر العلماء؛ لأن العلماء هم الذين عندهم ما يخالف ظاهر الكتاب والسنة، وما يُخالف ظاهر الفطرة، أما لو تسأل أي عامي في البلاد التي هي بلاد لنصرة المذاهب المخالفة لطريقة السلف، إما للأشعرية والماتريدية بحسب اختلاف البلدان وتأخذ عامي وتسأله عن الاستواء على العرش، ما يستحضر إلا ما يدل عليه الظاهر وما يؤمن به، إلا إذا أتى أحد من العلماء وعلمه أن هذه تأويلها كذا وكذا، فيذهب إلى كلام العالم.
والإيمان بالظاهر بالصفات ما يستحضر أن الرحمة، الله لا يوصف بالرحمة ما يستحضر أن الله ما يوصف بالرضا، لو تسأل عامي الله يرضى؟ يقول نعم الله يرضى في القرآن. الله يغضب؟ يقول نعم يغضب.
فلذلك عامة الناس حتى في مسائل الإيمان، العمل، لو تسأل عامة الناس: هل العمل من الإيمان؟ أكثر المسلمين يقولك نعم العمل من الإيمان. كذلك مسائل القدر ما عندهم مبحث الجبر ولا يعرفون الجبر الداخلي لا الظاهري الذي هو الكسب عند الأشاعرة، هذه مسائل مخالفة للفطرة ومخالفة لظاهر النصوص، والناس لا يستوعبونها إلا بالدرس والتعليم.
ولهذا ميزة هدي السلف الصالح وميزة طريقة أئمة الحديث أنهم على ظاهر القرآن والحديث، وهذا هو الذي يسع الذكي والبليد والعامي وغير العامي والعالم وغير العالم، يسع الجميع لأنها سهلة ميسورة، وإنما فصّلنا في المسائل وكثُرَ الكلام لأجل كثرة المخالفين وحماية للشريعة.
مثل الإعداد بالسلاح، عندنا مال كثير نحتاج فيه إلى بناء مساجد فنذهب نبني المساجد لكن إن داهمنا عدو وجّهناه في العدو، أخرنا بناء المساجد لأن لا يقضي ما هو موجود من الدين والمساجد.
فلهذا النفوس، نفوس المسلمين هي على ظاهر الكتاب والسنة ما عندهم التأويل والعقلانيات إلخ... فأكثر المسلمين على طريقة السلف في الاعتقاد.
لكن، أما العلماء فهذه هي المصيبة هم الذين تعلموا، منذ نشؤوا دخلوا في مدارس تعلمهم الأشعرية بقوانينها دخلوا في مدارس تعلمهم دين الخوارج أو دين الرافضة أو إلخ... فأخذوا منها شيئا فشيئا بالتعليم و[بالقص]، لهذا كما جاء في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه».
المقصود من ذلك أن المعلم قد يكون أعظم من الأبوين أعظم في التأثير أو المربي أو الذي تخالط، ولهذا احرص تمام الحرص على أن يسلم القلب من مخالفة الكتاب والسنة في الاعتقاد، الأعمال والذنوب فهي على باب الغفران كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
فَوَالله مَـا خَوْفِـي الـذُّنُوبَ فَإِنَّهَـا لَعَلَـى سَبِيلِ الْعَفْـوِ وَالْغُفْـرَانِ
لَكِنَمَـا أَخْشَـى انْسِلاَخَ الْقَلْبِ مِـنْ تَحْكِيـمِ هَـذَا الْوَحْـيِ وَالْقُـرْآنِ
تحكيم مو معناه الدولة اللّي تحكم فقط لا أنت أيضا تحكم الوحي والقرآن في المسائل، تعتقد ما في القرآن وتعتقد ما في السنة.
فالمقصود من ذلك أن الإشكال الذي وقع فيه الطحاوي يبين لك أن بعض العلماء حتى من الذين ربما أصلوا شيئاً مخالفاً للسنة، مثل ما أصل في مسألة الإيمان شيئاً بينا عدم صحت ذلك هو يُخالفه، نحن نقول إشكال، لكن هو في الواقع مخالف وهو الصحيح. أن حب الصحابة إيمان وحب الصحابة عمل القلب وأدخله في الإيمان، حب الصحابة إيمان، خلاص واضح أن هذا العمل إيمان ولهذا قال الشارح: وهذه الكلمة مشكلة على أصل الشيخ. كما ذكره السائل.
س2/ هل تُقاس الرؤية الصالحة على الكرامة؟ أي هل هي من الكرامة أم لا؟
ج/ الرؤية الصالحة ليست أمراً خارقاً للعادة، الرؤية الصالحة تحصل لأحد الناس ليست خارقة لعادة البشر ولا لعادة بعض الجن، فهي رؤية يضربها الملك، فهي رؤية صالحة وليس لها دخل في الكرامات.
[تابع للسؤال]: وهل هي مما قد يحتاج إليه المؤمن أو لا؟
لا، المؤمن لا يتعلق قلبه بالرؤى، إذا رأى رؤية صالحة حمد الله جلّ وعلا ولازم الطاعة حتى لا يفتتن، وإذا رأى رؤية هو لا تسره أو فيها سوء بالنسبة له فيعمل ما أوصى به النبي (، أنه ينفث عن يساره ثلاثاً، يستعيذ بالله جلّ وعلا من شرها وينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره.
س3/ امرأة عليها قضاء من رمضان الماضي وفرّطت، ثم ولدت قبل شهرين وهي الآن لا تستطيع القضاء بسبب خوفها على ولدها الرضيع، فما الواجب عليها؟
ج/ الواجب عليها أن تصوم، أن تقضي الآن فإذا كانت لا تستطيع لأجل خوفها فإنها يجب عليها الكفارة لأجل التأخير لأنها مفرّطة، هي تعرف أنها حامل وتعرف أنها ستولد فهي مفرّطة في هذا الباب، عليها الكفارة، تطعم عن كل يوم مسكين.
س4/ هل العاصي يعطى كتابه بيمينه أم بشماله؟
ج/ العاصي يعطى كتابه بيمينه، أما الذي يعطى كتابه يوم القيامة بشماله فهو الكافر، يعطى كتابه بشماله وراء ظهره، أما المؤمن فيعطى كتابه باليمين سواء أكان من السابقين أم من المقتصدين أم ممن ظلم نفسه، ثم يأتي بعد ذلك الحساب والوزن ثم تأتي الْمُجازات.
س5/ الإمام إذا التفت إلى المصلين، هل يخص جهة اليمين دون جهة الشمال، أم لا؟
ج/ إذا كان المقصود في السلام، السلام إذا سلم في الصلاة فإنه يسلم عن يمينه ثم عن شماله، ويكون تسليمه عن الشمال أبلغ في الإلتفات، كما جاء في السنة، عن الشمال يكون أبلغ في الإلتفات، ثم إذا انفتل إليهم فالأفضل أن يقابلهم، يعني يجعل وجهه تلقاء الناس، وإذا جعل الناس عن شماله وقابل من هو على يمين الصف فهذا أيضاً سائغ لورود الأثر به.
س6/ تريد إحدى الأخوات طلب العلم عند أحد المشايخ لكن ليس عندها محرم، فقيل لها عليك بالرضاعة من إحدى زوجات الشيخ لتحرمي عليه مع العلم أن عمرها كان 22 عاماً، أفتونا مأجورين.
ج/ المسائل هنا مسائل بحث، مَاهِي مسائل فتوى، هذه مسائل تعليم، ما نفتي، يعني ما تسمع مني ليس فتوى إنما هنا مجالس تعليم للبحث، بحث المسائل وما في المسائل من أقوال إلى آخره، لتنمية كيف يبحث طالب العلم، ما هو مجال فتوى، ليس هذا الدرس أو الأسئلة هذه مقام فتوى، إنما هي مقام بحث وتعليم.
أما هذه المرأة التي تريد أن ترضع وهي كبيرة، فالرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين وكان خمس رضعات مشبعات فأكثر، أما رضاع الكبير فإنه لا ينشر الحرمة فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم»، والرضاع ما كان في الحولين خمس رضاعات محرّمات، كان فيما أنزل عشر رضاعات محرمات ثم نسخت إلى خمس رضاعات محرمات، وقد قال أيضاً عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: «لا تُحَرِّم المصّة ولا المصّتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان»، فالمقصود أن عامة أهل العلم على أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين، ثم أن يكون خمس رضاعات فأكثر، والرضعة أن تكون مشبعة يأخذ ثدي المرأة التي فيها اللبن الذي ثاب عن حمل، يأخذ ويلتقمه فيمتصه حتى يشبع، ثم يتركه ثم ثانية، حتى يتركه، يعني خمس رضاعات مختلفات، أما رضاع الكبير فلا ينشر الحرمة.
وما جاء في الصحيح من قصة سالم مولى أبى حذيفة فإنها عند جمهور أهل العلم خاصة به لأجل حاله، وثم رواية عن الإمام أحمد واختارها أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية أن قصة سالم ليست خاصة به بل هي خاصة بكل من كانت حاله مثل حال سالم، وحال سالم أنه كان نشأ في ذلك البيت، فزوجة الرجل تعتبر أمه؛ يعني أو هو يعتبرها أمه لأنها ربته ونشأ فيها ومنذ نشأته حتى كبر، والبنات أيضاً عنده هو نشأ في البيت كأنهن أخوات يعني هو ما يحس هو بالأجنبية، ما يحس بأن النساء أجنبيات عنه، فقال أرضعنه عليه الصلاة والسلام تحرمن عليه، وذلك لأجل طول الملازمة.
شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أيضاً على ما جاء في الدليل أظنه أيضاً أنه مذهب ابن حزم، أنه إذا كانت في مثل هذه الحال فإنه الرضاع للكبير ينشر الحرمة، واحد عاش في بيت من صغره إلى أن كبر وكبر ثم لما كبر احتيج إلى أنه يبقى في البيت فيكون رضاع الكبير في هذه الحالة محرّم، لكن هذا ليس بالقول الراجح، القول الراجح أن الرضاع المحرِّم هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم، وهو ما كان في السنتين، وأما رضاع الكبير فلا يحرِّم مطلقا.
س7/ لقد رأيت في محلات بيع أمام المسجد الحرام والمسجد النبوي أناس يبيعون عطورات سميت "جنة الفردوس" و"جنة النعيم"، ما حكم هذه التسميات؟
ج/ على العموم سواء كانت عطورات أم لا، هذه التسميات فيها مغالطة، هي ليست جنة الفردوس وليست جنة النعيم، واستخدام هذه الأسماء الشرعية في مثل الدعايات التجارية أو في البضائع، هذا من امتهان الأسماء الشرعية فلا يجوز.
س8/صاحب الجيمس سوبر باللون الأسود -أنا أقرأ المكتوب-، اللون الأسود والأزرق، أرجو أن يحرك سيارته لأتمكن من الخروج.
ج/ ذكرنا لكم عدة مرات، ما يجوز الواحد أنه يسد على غيره، نجيب الهيئة، مو أحس!! لأنه منكر، لأنه من المنكر نجيب الهيئة.
س9/ أنا أنظر إلى النساء في صور ومجلات وغيرها فما كفارة ذلك؟
ج/ النظر إلى النساء وإلى الصور المستحسنة من أعظم أسباب قسوة القلب، وعدم حصول حلاوة الإيمان ولا لذة الطاعة؛ بل هو وسيلة وخطوة من خطوات الشيطان ليضل المسلم حتى يقع في الفاحشة، وهذا مشاهد ومن وقع في بعض الفواحش ممن ينتسب إلى الخير، يعني وقع وزلت به القدم ثم تاب واستغفر وسيلتها التساهل، التساهل في رؤيتها في المجلات أو في رؤيتها في الأجهزة، والواجب على العبد أن يمتثل قول الله جلّ وعلا: ?قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ?[النور:30]، فالعبد إذا لم يغض بصره فإنه يُسلب حلاوة الإيمان.
إذا وقع في النظرة الأولى، النظرة الأولى ليس فيها شيء.
أما إذا تعمد تكرار النظر وتعمد العورات، وتعمد التلذذ بالنظر، هذا إذا أصابه في قلبه زيغ أو أصابه في قلبه قسوة فهو الحسيب على نفسه، لهذا الواجب على كل مؤمن أن يحذر من هذا البلاء وهو تكرار النظر و الاسترسال مع ما في المجلات أو مع ما في التلفزيون أو ما في الأجهزة والفضائيات والفيديو إلخ.
ومن أحسن الكلام الذي يحضرني في هذا الباب ما ذكره ابن القيم في سرّ قول النبي ( في خطبة الكسوف لما كسفت الشمس فإنه عليه الصلاة والسلام قال: «إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا»، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يغار أن يزني عبده أو أن تزني أمته»، إلى آخر خطبته عليه الصلاة والسلام.
قال ابن القيم: ذكر موقع الزنا في خطبة كسوف الشمس لعظم المشابهة بينهما، فكما أن انكساف الشمس سببه ذهاب الضياء فإن انكساف القلب وذهاب الضياء والنور فيه سببه الزنا.
وهذه مناسبة صحيحة وعظيمة، فإن وقوع هذه الفواحش كما أنه يؤثر على الفرد بانكساف قلبه والنور الذي فيه، فإنه أيضاً يؤثر على المجتمع بالذنوب والمعاصي التي يكون معها البلاء من الله جلّ وعلا.
لهذا الواجب على كل واحد أن يترك النّظر طلباً لمرضاة الله جلّ وعلا، النظر المحرم، ومن ترك النظر وجد في قلبه الحلاوة، حلاوة الإيمان، وخاصة أهل العلم وطلبة العلم فإن أعظم ما يؤثر على فهم الكتاب والسنة وفقه الكتاب والسنة هو أن ينشغل القلب بالصّور على أنواعها، وعشق الصور والتطلع إلى الصور والتساهل في ذلك هذا مرتع وخيم، وقد يكون خطوة من خطوات الشيطان ليوقع العبد في الفاحشة فالواجب على من وقع في ذلك التوبة إلى الله جلّ وعلا وأن لا يسترسل مع نفسه في هواها، وأن يعلم أن حلاوة الإيمان أعظم من لذة سريعة تذهب، والإيمان إذا ذهبت فحلاوته فكيف يبنيها؟ لا الصلاة تكون خاشعة ولا القلب يكون ملتذاً بذكر الله جلّ وعلا فيعيش بجسده لا بقلبه وبروحه، وكثرة الاستغفار والتوبة والعزم على عدم العود، هذا من الأسباب التي يطهّر الله جلّ وعلا بها القلب مما علق به، والله المستعان.
س10/ هل تصح هذه العبارة: كرامات الأولياء معجزات الأنبياء، ومعجزات الأنبياء كرامات الأولياء؟
ج/ يعني ما أدري من اللي قالها، ولكنها عبارة حلوة: كرامات الأولياء معجزات الأنبياء. لو قال كرامات الأولياء معجزات للأنبياء أو كرامة الولي معجزة للنبي، يعني من حيث الجنس فربما صحت، يعني باعتبار جميع الأولياء، كرامات جميع الأولياء ما حصلت لهم إلا باتباعهم لهذا النبي، فكل أنواع الخوارق التي حصلت للولي الأول والولي الثاني والعاشر والمائة، كل أنواع هذه الخوارق والكرامات في مجموعها هي معجزة للنبي؛ لأنها ما حصلت لهم إلا بالإتباع، قال: ومعجزات الأنبياء كرامات الأولياء. هذا عكس الكلمة السابقة، فهي إيضاحها على ما ذكرت لك، إذا كان المقصود كرامات جميع الأولياء هي معجزة وآية وبرهان للنبي الذي تابعوه، فهذا صحيح.
س11/ أنا أقرأ هذا للفائدة، للفائدة لا للإقرار لما فيه، يقول: تبيّن في هذه الليلة أن هناك أحد الناس هداهم الله يقوم بسرقة أجهزة التسجيل أثناء الصلاة، فنرجو التنبيه على الإخوة بعدم ترك مسجلاتهم بعد اليوم حتى لا تتعرض للسرقة.
ج/ هذا له شقان:
المعلومة جاءتكم، أنا ما أدري صحتها من عدمه، لكن إن شاء الله هو متثبت.
لكن الثاني كفائدة لا يُقال إن هذا سرقة، السرقة لها شروطها الشرعية، ما أُخذ من حرز وعلى وجه الخفاء أما إذا كان الشيء موضوع وأُخِذ أمام الناس موضوع وأُخِذ، هذا لا يسمى سرقة، ولا يسمى من أخذه سارق وليس عليه حد السرقة كما هو معلوم. قد يكون اختلاساً قد يكون غصباً يعني بحسب الحالة. لكنه سرقة لا، هذه تساهل فيها هنا، يقول سرق كذا وسرق كذا!؟، حتى لو أنه في جيبه، قال فلان سرق من جيبي كذا، وميش سرقة.
السرقة لها حدودها الشرعية ولا شروطها وليس كل غصب سرقة، وليس كل اختلاس سرقة، وليس كل نهب أيضاً سرقة، فالسرقة شيء والنهب شيء والاختلاس شيء، ويعني فرّقوا بين الألفاظ الشرعية.
س12/ يقول بأنه يجوز أكل الجزء المقطوع من المصيد الهارب كالغزال مثلاً وهو هارب، فهل يجوز أن نقيس الضب عليه إذا كان هارباً ثم دخل جحره فتُمكن من قطع عِفرة الضب إلى آخره.
ج/ أما المسألة الأولى فهي مسألة علمية وهي أن ما أُبين من حي فهو كميتته، ما أبين من حي فهو كميتته إلا الطريدة.
ما أبين من حي؛ يعني واحد يقطع شيء من خروف وهو قائم، يقطع بعضه ويأكله، ما أبين منه فهو كميتته، هذا ميتته تحل؟ لا تحل، فإذاً ما أبين منه لا يحل، قالوا إلا الطريدة، الطريدة مثل ما ذكرت، يُطرد فلا يُتَمَكن منه إلا بقطع شيء منه، فهذا يُستثنى من ذلك، أما مسألة الضَّب فلا أدري.
نكتفي بهذا القدر ونراكم إن شاء الله على خير حال، أستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد.
??(??
[الأسئلة] نجيب عن بعض الأسئلة:
س1/ قال: شخص انتهت مدة مسحه بعد صلاة العصر، ثم لما جاء المغرب شك هل خلع خفيه وتوضأ أم مسح على المسح السابق فماذا يعمل؟
ج/ من القواعد المقرّرة أنه عند طروء الشك يُبنى على اليقين، والبناء على اليقين أصل من أصول الشّريعة فيما اشتبه على الإنسان علمه فيرجع إذا شك إلى ما شك فيه، وهذا داخل تحت عدة أحاديث عن النبي (، منها قوله: «فليطرح الشك في الصلاة وليبنِ على ما استيقن»، ومنها أيضا قوله عليه الصلاة والسلام : «دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك».
والقاعدة الفقهية: اليقين لا يزول بالشك. فهنا إذا تيقن خروج مدة المسح، وشكّ هل تطهّر أم لم يتطهّر فالأصل ما تيقن وهو أنه خرجت المدة ولم يتوضأ لأنه على الصحيح إذا انتهت المدة فإن الذي مسح يجب عليه أن يخلع الخفين أو الجوربين وأن يتوضأ من جديد.
فإذن في حالة هذا السائل فإنه يجب عليه أن يعيد إذا كان صلى المغرب على هذه الحالة، فإنه يجب عليه أن يعيد لأنه يبني على اليقين.
س2/ هل ثبت أن الرسول ( قرأ في صلاة العيد: بالجمعة، وهل أتاك حديث الغاشية؟
ج/ لا أعلم هذا أنه جاء في العيد، الجمعة وهل أتاك حديث الغاشية، وإنما سنة النبي ( في صلاة العيد في القراءة والجمعة يعني في أغلب الأمر أن يقرأ سبح والغاشية وقرأ بغيرها في صلاة العيد وفي صلاة الجمعة.
لكن هذا قراءة الجمعة في الركعة الأولى وقراءة هل أتاك حديث الغاشية في الركعة الثانية، رواها مسلم في الصحيح في أواخر أحاديث القراءة في الجمعة، وهي سنة في صلاة الجمعة.
أما صلاة العيد فلعلّ من قرأ إن كان أحد قرأ بها بناها عل القياس؛ لكن الذي جاء هو قراءة سبح والغاشية وربما اجتمعا يعني الجمعة والعيد في يوم واحد فقرأ رسول الله ( بهما، يعني بسبح والغاشية، أما الجمعة في الأولى وهل أتاك حديث الغاشية في الثانية، فهذه إنما هي في صلاة الجمعة؛ لأن الذي ثبت عن رسول الله ( في سنته في القراءة في صلاة الجمعة ثلاث سنن:
الأولى: سبح والغاشية، الثانية: الجمعة والمنافقون، وهاتان أكثر، وسبح أكثر والغاشية ثم يليها الجمعة والمنافقون، ثم أنه قرأ أيضاً: الجمعة وهل أتاك حديث الغاشية، فهذه ثلاث سنن عنه عليه الصلاة والسلام في قراءة الجمعة.
س3/ ما معنى قوله "منه بدأ وإليه يعود"؟
ج/ قول طائفة من السلف في القرآن الكريم الذي هو كلام الله جلّ جلاله: "منه بدأ وإليه يعود"، يعني منه جلّ جلاله بدأ قولاً وكلاماً وتنزيلاً، فلما تكلم به سمعه منه جبريل عليه السلام فبلغه جبريل نبينا محمدا ( كما سمعه، وقولهم "وإليه يعود" يعني في آخر الزمان حين لا يُعمل بالقرآن فيكرِّم الله جلّ وعلا كلامه أن يبقى في الأرض ولا ثَمّ من يعمل به فيسرى على القرآن في ليلة، من الأوراق من الصحف ومن الصدور فلا يبقى منه في الأرض آية. هذا معنى قولهم: "منه بدأ وإليه يعود".
س4/ هل ورد نهي عن حلق العلم يوم الجمعة؟
ج/ نعم، هذا جاء في حديث رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي ( نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة. وهذا عند أكثر أهل العلم على الكراهة ومحله أن يكون الناس يستعدون لسماع الخطبة قبل الصلاة ثم هم يتحلقون وهذا التحلق النهي عنه لعدّة تعليلات:
الأول: أنّ التحلق والناس ينتظرون الخطيب سبب لقطع الصفوف.
والتعليل الثاني: أن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة سبب للحديث من المتحلقين في غير قراءة القرآن والذكر وتفريغ القلب والنفس لسماع الموعظة لسماع الخطبة التي هي فرض في صلاة الجمعة.
وليس النهي مطلقاً عن التحلّق في كل أجزاء يوم الجمعة. فلو كان ثَم حلقة علم بعد الفجر فلا بأس، بحيث لا تطول حتى تُشغل الناس عن صلاة الجمعة أو كانت حلقة بعد صلاة الجمعة أو كانت حلقة بعد العصر فهذا لا بأس به، لأن المقصود من الحديث الحسن الذي رواه أبو داوود وغيره، السابق، هو التحلق كما هو لفظ الحديث قبل الصلاة يوم الجمعة.
ولهذا كان من عمل شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ذكره عنه من ترجم له أنه كانت له حلقة عظيمة في التفسير يلقيها بعد صلاة الجمعة، يعني بعد أن يفرغ الناس من راتبة الجمعة وينتهون، فيبدأ التدريس في التفسير يوم الجمعة، قالوا: وفسر سورة نوح مدة سنة يعني كل يوم بعد صلاة الجمعة.
فالمقصود على هذا يحمل النهي، فلو كان هناك في مسجد إقبال على الطاعة وناس يأتون إلى المسجد من الصباح الباكر أو من بعد الفجر أو من طلوع الشمس فهنا يكون النهي وارداً يعني عن التحلق لأنه يشغل الناس عما أتوا له.
سائل من المستمعين: بعضهم يستغرب كيف أن شيخ الإسلام كان يتحدث بعد أن يخطب خطبة الجمعة ويصليها الناس يقوم في الناس..
الشيخ: لا الموعظة ليست كذلك، العلم غير الموعظة، لأن خطبة الجمعة المقصود منها الموعظة كما ثبت في الصحيح أن النبي ( كان يخطب الجمعة يَعِضُ الناس.
ولهذا قال جمع من أهل العلم أن الموعظة واجبة أو ركن في صلاة الجمعة، في خطبة الجمعة؛ لأنها هي المقصودة أنه ( كان يعض الناس، ومثلها الوصية بالتقوى وأشباه ذلك.
فإذا كان الحديث بعد الفراغ من الصلاة للموعظة والتذكير فهذا ليس بجيّد، إذا كان يُعتاد، أما إذا كان لمناسبة أو لحضور عالم يُستفاد من علمه وكان [الأمر لماما] فهذا ربما فعله بعض أهل العلم لكن الأصل النبي ( لا يعض الناس بعد الجمعة ولا صحابته أيضاً يعظون، أما العلم فالعلم في كل زمن في كل وقت، العلم ليس موعظة بالمعنى الخاص وان كان موعظة بالمعنى العام.
مثلاً قراءة بعض الأشياء يعد صلاة الجمعة، في الزمن الأول كان يُقرأ أخبار الفتوح وكان يقرأ أخبار أو أوامر ولي الأمر ونحو ذلك كان يقرؤها الأئمة، يعني في القرن الثاني والقرن الثلاث يقرؤونها بعد صلاة الجمعة لحضور الناس.
نكتفي بهذا القدر...
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ هل إيمان أهل الكتاب بعيسى عليه السلام إيمان ينفعهم أو إيمان إقرار لا ينفع؟
ج/ إذا نزل كسر الصليب وقتل الخنزير ووضع الجزية فآمن به أهل الكتاب واتبعوه، يعني اتبعوا ما أمر به من شريعة الإسلام فإنه ينفعهم؛ أما إذا آمنوا به يعني إيماناً بنزوله لا بما جاء به وإلى ما دعا إليه فهذا لا ينفع. المسألة ترجع إلى الأصول العامة.
...(214)
هل هذا في زمن عيسى أم في غيره؟ الحديث هذا صحيح كما هو معلوم، لكن هل هذا في زمن عيسى أم في غيره؟ أنا ما اتحدث وربما يكون قبل ذلك ثم تحدث فتنة وربما المقصود منه بعض البيوت لا كل بيوت الأرض.
س2/ ما رأيكم في القول بأنه قوله: ?فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا?، على نخو قول تعالى: ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ?[النحل:1]؟
ج/ إذا كان المراد بقوله: ?فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا?، الأشراط الكبرى فهو على نحو قوله: ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ?، يعني قرب المجيئ ودنا، ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ? يعني بقيام الساعة، ?فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ? يعني قرب جداً، و?فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا?، المقصود الأشراط بالأشراط الكبرى يعني فسرت الأشراط بالأشراط الكبرى، يكون ?جَاءَ?، بمعنى قرب ودنا مجيؤها مثل ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ? هذا صحيح، لكن التخصيص بأن الأشراط هنا هي الأشراط الكبرى دون الصغرى يحتاج إلى دليل، والنبي ( في حديث جبريل جاء ذكر أشراط الساعة وفسّرها بالأشراط الصغرى، قال أخبرني عن الساعة، ثم قال له أخبرني عن أشراطها، قال: «أن تلد الأمة ربتها» إلخ...، كما ذكرت لك آنفاً وهذه من الأشراط الصغرى.
إذن حمل آية محمد عليه السلام على الأشراط الكبرى دون الصغرى يحتاج إلى دليل، والأمران وشمول الآية للأمرين أولى.
س3/ أنا كم مرة نبهت عليكم، السيارة يقول رقم كذا لون أبيض مغلقة لباب منزلي، يا إخوان طلبة علم طبقوا العلم، لا ضرر ولا ضرار، تجيء تحضر ساعة تتقرب إلى الله جلّ وعلا وتضر ناس عنده موعد، معاه مريض، حق له أمام المنزل ليس حقاً لك، الطريق عام لكن ما هو أمام الباب، الخروج والدخول ليس حقاً لك لا في إيقاف السيارة ولا في النظر ولا حتى في الوقوف للحديث، ما لك حق تقف أنت وواحد أمام باب الغير وتتحدثان، ليس لك حق وتأثم على ذلك إلا إذا أذن صاحب المنزل، فالوقوف، وقوف السيارة وسد الباب هذا أعظم، انتبهوا بارك الله فيكم، يعني هذا من التفريط في الحقوق.
س4/ إن المسيح الدجال لم يكن حياً في زمن النبي ( ألا يُعارض هذا شك النبي ( في ابن صياد هل هو المسيح الدجال أم لا؟ وكذلك إقسام بعض الصحابة.
ج/ المسألة معروفة من جهة البحث لكن فيه في قصة ابن صائد أنه لما ذهب إليه النبي عليه الصلاة والسلام، قال «ما ترى؟» ثم قال له إني أرى الدخ ولم يكمل، فقال له عليه الصلاة والسلام «اخسأ فلن تعدو قدرك»، لأنه علم أنه كاذب، لهذا الأظهر فيه أنه كاهن صفته كانت مقاربة للصفة لكن الدجال أمره يختلف، وابن صائد مات ودفن بإجماع الناس في ذلك الزمان.
س5/ أين يوجد يأجوج ومأجوج؟
ج/ لا أعلم.
س6/ ما علاقة ابن الصيّاد بالدجال، وهل رأى الصحابة ابن صائد؟
ج/ نعم ابن صيّاد أو ابن صائد كان موجوداً في المدينة، وظهر عليه بعض العلامات وخُشي أن يكون الدجال، لكن من المعلوم أن الدجال لا يخرج من المدينة، الدجال يخرج من مكان هو فيها محبوس وهذا الرجل مات ودُفن إلخ...، فالقول أنه هو، أن الدجال هو ابن صائد ليس [صحيح]، الصحابة شكوا ثم تبين لهم هذا الأمر، ومن أقسم على أن ابن صياد هو الدجال هذا بحسب ظنه أو أن المقصود أنه دجال من الدجاجلة.
س7/ ما رأيكم في من قال أن يأجوج ومأجوج هم شعوب الصين؟
ج/ هذا محتمل؛ لكن ما فيه ما يدل على الجزم به، لأن بعض الصفات التي وردت منطبقة عليهم، في أشكالهم لكن بعض الصفات لأنهم قصيرو القامة جداً وبعض الصفات قد ما تنطبق من كل جهة، والتحديد ما الذي يفيد فيه؟ يعني كانوا شعوب الصين أو شعوب أخرى أو ناس يكثرون بقرب زمن خروج عيسى عليه السلام، يكثرون جداً، يتناسلون ثم يذهبون للناس، يعني ما الذي يختلف من ذلك؟ ويأجوج ومأجوج مثل ما ذكرنا لك سابقا هم موجودون من زمن الأنبياء: ?إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ?[الكهف:94]، وأنهم يخرجون في زمن، فهم شَعْبان أو قبيلان أو قبيلتان كبيرتان موجودة، لكن ما المقصود بها؟ قد يكون الصين وقد يكون غير ذلك، أنا ما أعلم لأن ما عندي ما يحدد ذلك بالدليل.
س8/ ورد حديث فيه التردد بين خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها، أيهما أول خروجاً فما الجواب عنه؟
ج/ يعني الحديث الذي في صحيح مسلم أنها إذا خرجت إحداهما كانت الأخرى تليها، وهذا الحديث إذا كان فيه التردد، فإن الأحاديث الأخرى دلت على أن خروج الدابة تكون على الناس ضحى، ضحى، طلوع الشمس، الطلوع ما يكون بعد الضحى، الطلوع يكون في وقت الطلوع، يعني في أول إدبار الليل وإقبال الصباح، والصحيح أن طلوع الشمس من مغربها أول ثم بعد ذلك خروج الدابة، وهذا يقتضيه أيضاً المعنى، لأن طلوع الشمس من مغربها، هذا خلاص فاصلة الإيمان، يعني من لم يؤمن من قبل لم ينفعه إيمانه، ثمّ الدابة لتسم الناس تَكْلِمهم.
س9/ ألا يكون مفرد أشراط هو شَرَط؟ أما شَرْطْ فجمعه شروط؟
ج/ هذا صحيح لكن هو يصح شَرْطْ، شَْرٌط وشَرَطْ وهذا كثير، أعني شَرْطْ وشَرَطْ في المفرد يتبادلان، يعني من حيث القياس ومن حيث النقل، مثل نَهْرْ ونَهَرْ، سَمْعْ وسَمَعْ، وفي القرآن في القراءات في كثير تناويع بين فَعْل وفَعَلْ في المفرد الذي جمعه أفعال، والنهر: ?[وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا](215) نَهْراً? [الكهف:33]، وفي القراءة الأخرى: ?[وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا] (216) نَهَراً?، اللي هو قراءتنا، وجمع نَهْرْ، أنهار وأنْهُر فالمسألة صحيح شَرْطٌ وشَرَطْ ولا يعني استعمال الشَرْطْ فيما ذُكر أنه، المقصود أنها صحيح شَرْطٌ وشَرَطْ كلها...
يعني الأسئلة اللي البحث فيها معروف فلا داعي لسؤالها، فهذه المسألة عن كفر التكذيب والجحود، وأنه نسب إلى بعض العلماء إلخ... هذه البحث فيها معروف.
س10/ كيف تكون أطوار حياة الدجال الأولى؟
ج/ الله أعلم، الله يعيذنا من الفتنة.
هم حذروا من الفتنة، خوفوا الناس من الفتنة، من فتنة المسيح الدجال.
وبالمناسبة ما ذكرت في المسيح الدجال والمسيح عيسى ابن مريم، اشتركا في اسم المسيح والمعنى مختلف.
المسيح الدجال فعيل بمعنى مفعول، يعني لأنه ممسوح، ممسوح العين اليسرى وعينه الأخرى كأنها عنبة طافية، يعني بالية، فمسيح بمعنى ممسوح يعني إحدى العينين غير موجودة، أعور.
وأما المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فهو مسيح بمعنى ماسح فاعل لأنه كان إذا مسح على مريض أو من يشتكي أبرأه الله جلّ وعلا كما جاء في القرآن في سورة آل عمران والمائدة: ?وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي?[المائدة:110].
في بعض الكتب يقولون المسيخ، أو لا؟ هذه أنا ما أعرف إيش أصلها، المسيخ يعني بمعنى ممسوخ! هل هو ممسوخ هو؟ هل جاء في الأحاديث ممسوخ أو مسيخ؟ أنا ما أعلم فيها، ولكن الأحاديث كلها اللي في السنن اللي في الصحيح، اللي في السنن كلها المسيح بالحاح لا بالخاء.
س11/ حبذا لو أبنت لي معنى -هذا آخر سؤال-، قول بعض العلماء إن القدرة لا تتعلق بالمستحيل، بل لا تتعلق القدرة إلا بالممكن بخلاف العلم، وهل هذا القول صحيح؟
ج/ يحتاج تأمل، ما أستحضر يعني...، لكن كأنها من كلمات الأشاعرة، القدرة لا تتعلق بالمستحيل بل تتعلق القدرة بالممكن، القدرة؛ قدرة الله جلّ وعلا تتعلق بكل شيء كما هو نص القرآن: ?وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً?(217)، ?وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?(218)، ?إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?(219)، ?وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً?[الكهف:45]، ونحو ذلك، فالقدرة متعلقة بكل شيء، وكل شيء هذه تشمل ما أذن الله جل وعلا بوقوعه وما لم يأذن بوقوعه.
أما تعلقها بالممكن، من قال تتعلق بالممكن، فالممكن وقوعاً أو الممكن إذناً؟ فهذا الكلام فيه صلة بكلام الأشاعرة والماتريدية ونحوهم ممن يعلقون القدرة بما يشاؤه الله جل وعلا وما يأذن به.
والقرآن فيه الرد على هذا القول من جهتين:
الأولى: في عموم كل شيء في الآيات التي ذكرت لك.
والثانية: في آية سورة الأنعام، في قوله: ?قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً?[الأنعام:65]، قال جلّ وعلا: ?هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ?، هل حصل هذا العذاب من فوق؟ قال عليه الصلاة والسلام لما قرأها: «أعوذ بوجهك»، ?أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ? قال: «أعوذ بوجهك»، ?أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً? قال: «هذه أهون». وهذه وقعت كما في الحديث الثاني أن النبي ( سأل ربه ثلاثاً فأعطاه اثنين ومنعه واحدة.
فهناك أشياء كما في نص الآية الله قادر عليها ولم يأذن بوقوعها فهي من جهة الوقوع ما دام أنه لم يأذن الله جلّ وعلا بها ولم تقع لكن تعلّقت بها قدرته، فإن دلت الآية على أن قدرته جلّ وعلا متعلقة بكل شيء بما يشاء أن يقع وبما لم يشأ أن يقع، وهذا هو قول أهل السنة خلافاً لقول الآخرين.
ننبه على أن آخر الأسبوع القادم، فيوم الخميس غير موجود، أجيء مساء الخميس إن شاء الله، فجر الجمعة، يكون درس الخميس فجر الجمعة، أما درس السبت فأيضاً نرجع مرة أخرى للمدينة، فالسبت القادم اعذرونا إن شاء الله ونلتقي في السبت الذي بعده. وفقكم الله لما فيه رضاه. الجمعة بعد الفجر إن شاء الله.
??(??
الأسئلة] نجيب عن بعض الأسئلة في فاتحة هذا الدرس:
س1/ آمل التكرم بإعادة شرح الواسطية بعد الانتهاء من الطحاوية لأن غالب الطلبة لم يحضروا شرحكم، كثيرة وكثيرة إحالتكم للواسطية، إذا رأيتم إعادتها فهو خير.
ج/ يحتاج إلى يعني تأمل لكن ما أظن النية ذلك لأنه مشينا على عدد من الكتب، والرغبة أن تبقى الجلسات في الأشرطة ينتفع منها الناس، فالابتداء بكتب جديدة أولى لتبقى محفوظة في الأشرطة، ويمكن طالب العلم أن يرجع إلى الشرح موجود يستفيد منه، هو موجود إن شاء الله.
فيه كتاب مسائل الجاهلية لإمام الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ما أكملناه، وعدد من الإخوة اختاروا إكماله، أو نأخذ عدد من الكتب اثنين ثلاثة معه، فيصير الدرس متنوع لا بأس قررنا إن شاء الله يكون خير.
س2/ تعلمون كثرة الكلام حول استعمال الرجال للدفوف وتسرّع البعض بالتحريم، نرجوا منكم تبيين الحكم.
ج/ استعمال الدف للرجال العلماء اختلفوا فيه على عدة أقوال:
فمنهم من رأى المنع والنهي عن ذلك لأنه إنما أبيح للنساء في العرس وليالي الفرح وأما الرجال فهم باقون على أصل المنع، وهذا ذهب إليه جمع من أهل العلم في ذلك، واستدلوا له بأن امرأة كانت تضرب الدف عند رسول الله ( فلما دخل عمر ألقت الدف تحتها وجلست عليه فقال عليه الصلاة والسلام له: «يا عمر إن الشيطان يفرق منك»، استدلوا بقوله: «إن الشيطان يفرق منك» بأن هذا من عمل الشيطان والأصل في أعمال الشيطان أنها محرّمة.
والقول الثاني أنه يباح الدف للرجال ويستدل أهل هذا القول بعدة أدلة منها أنّ النبي ( أقر الضرب بالدف بين يديه وأتته امراة فقالت يا رسول الله: إني نذرت إن رجعت سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: «أوفِ بنذرك». فدل على أن الضرب بالدف واستماع الرجل له ليس بمحرم، لأنه قال: «أوف بنذرك»، ولا نذر في معصية الله جل وعلا، هذا الحديث رواه أبو داود وغيره بإسناد جيد. واستُدِلَ له أيضاً ببعض... السلف.
والكلام في المسألة راجع إلى بعض الأحوال كالفرح بعرس أو بعيد أو في حرب أو في افتخار ونحوهما هل يُباح مطلقاً أم في هذه الصور التي جاء في الدليل ما هو من جنسها؟ العلماء مختلفون في ذلك، والمسألة تحتاج إلى تحرير، مزيد تحرير، وكثير من علمائنا يمنعون منها لسد الذريعة في ذلك.
س3/ هل هذا [يافت] عمار يعني، يقول ( لعمار: «تقتلك الفئة الباغية»، هل هذا معناه أن فرقة معاوية فرقة باغية؟
ج/ قول النبي عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر «تقتلك الفئة الباغية»هذا حديث صحيح، وأهل العلم يستدلون به على أن الحق مع علي ( وأصحابه، وأن معاوية ( ومن معه أنهم كانوا متأولون وبغوا على علي (، وإنما فعلوا ذلك باجتهاد كما هو معلوم، ولهذا لما قيل لمعاوية هذا الحديث: "إن عماراً تقتله الفئة الباغية"، قال: "إنما قتله الذين أخرجوه"، يعني ما قتلناه، قتله الذين أخرجوه في أمر ليس بحق، فتأول حتى الحديث وجعل علياً ( ومن معه الذين بغوا على أولياء بني عثمان (.
والصواب في ذلك هو ما عليه مُعتَقَد أهل السنة والجماعة من الترضي عن الجميع، واعتقاد أن الصواب والحق مع علي ( وأصحابه، وأنّ معاوية ( بغى على علي في ما ذهب إليه وأنه لم يكن أيضاً هذا كل ما حصل باختيار معاوية (، بل كان ثَم من يفسد بين الفئتين وهم الخوارج قاتلهم الله.
المقصود من ذلك أن محبة الجميع فرض ومعاوية ( كاتب وحي النبي ( ولا يجوز التنقص منه، وولايته كانت من خير الولايات، يعني هو خير ملِك ملَك لأنه صحابي وأقام الجهاد واجتمعت عليه الأمة في وقته، وعلي ( من هذه الجهة لم تجتمع عليه الأمة فلذلك حصل من الخير ومراغمة الأعداء وقتال أعداء الله وجهاد المشركين وسعة انتشار الإسلام في وقت معاوية ما لم يحصل في خلافة علي (. فلهذا الله أعلم بمواقع حكمته وقدَره ولكن علي ( هو المصيب وهو [على حق] وهو الخليفة الراشد وهو رابع الخلفاء ورابع المبشرين بالجنة وهو أفضل وأعلى مقاماً من معاوية ( جميعاً بلا شك، ولكن معاوية كان في ذلك متأولاً وكان في عهده من الخير ما يُحمد له.
س4/ ما رأيكم بموسى الموسوي؟ قرأت له ردوداً على الإمامية وقيل إنه شيعي.
ج/ هذا أحد...، موسى الموسوي أحد الإمامية الرافضة نقل ما على الخميني دعوته في ولاية [الفقيه] وفي بعض أمور السياسة فرحل إلى أمريكا وأنشأ له هناك داراً ومركزاً، وألف بعض الكتب باللغة الإنجليزية والبعض باللغة العربية، وبعض كتبه كـ: "الشيعة والتصحيح" و"التشيع والتشيع"، و"يا شيعة العالم استيقضوا" ونحو هذه الكتب مفيدة في الرّد على الشيعة وبيان أن منهم من يردّ عليهم من كتبهم وأنهم متناقضون، وأن الحقّ ليس معهم وأنّ عندهم من التناقض وعندهم من مخالفة ما عليه أكابرهم المتقدمون ما يدل على فساد ما ذهبوا إليه، فكتبه مفيدة في ذلك.
لكنه هو يذهب إلى شيء يجب أن تنتبه إليه، وهو أن الشيعة حق وأن التشيع حق وأن الجعفرية حق، وأنه لا يجوز أن يُتعدى على التشيع من حيث هو، وأن السنة والشيعة فرقتان من فرق الإسلام لا ينبغي أن يكون بينهما كبير فرق، ومع هذا فهو رد على الشيعة في مواضع كثيرة، مثلا أذكر له في كتابه "الشيعة والتصحيح" ذكر عدة مسائل منها مسألة العصمة، مسألة ترك يوم الجمعة وزواج المتعة. وأيضاً ذكر وهي مسألة مهمة عقد لها باباً سماه (الشيعة ومراقد الأئمة)، وذكر في هذا نقداً واضحاً وتضليلاً للذين يقدسون الأئمة ويتجهون إلى مراقدهم بالحج يعني إلى قبورهم، وقال حتى في صدر هذا الباب إن صح حفظي يقول في أول أسطر منه: (يحلو لبعض الفئات أن تجعل معظّمهم مقدّساً ويجعلون عليه خِلعاً من صفات الإله كما فعل الناس من المسلمين بمعظميهم فلدى السنة معظمون خلعوا عليهم من صفات الإله وجعلوا يذهبون إليهم بالذبائح والنذور والطلبات والاستغاثات، وللشيعة أيضاً مقدسون ومعظمون خلعوا عليهم من صفات الإله ولم ينجُ -هذه عبارته- ولم ينجُ من هذا التخريف إلا الطائفة الموسومة بالسلفية).
فعلى العموم عنده ما عنده وكتبه تستفيد منها، يستفيد منها طالب العلم في بعض الأمور وخاصة(220) في مسألة متى بدأ القول بالعصمة، ومتى بدأ الانحراف، انحراف الشيعة عن أقوال الأوائل، أرخها في كتبه تأريخاً جيدا، وبين أن بداية الانحراف كانت في أوائل المائة الرابعة بدأ القول بالعصمة وبدأ الانحراف عن طريقة أئمتهم الأولين، فيُرَدّ عليهم من كلام بعضهم.
* فيه بعض الأسئلة خاصة، يعني فتاوى خاصة يمكن أن يسألني بعدها.
س4/ اختلف العلماء والمفسرون في قول حقيقة تأويل كذبات إبراهيم عليه السلام فما الأقوال المرجحة في ذلك ؟
ج/ ما أدري إيش معنى تأويل كذبات إبراهيم؟ يقول اختلف المفسرون تأويل الكذبات في الحديث، ماذا يعني بها؟ على كل حال الكذبات التي تذكر في الحديث هي معروفة كلها كذبت في ذات الله قوله ?إِنِّي سَقِيمٌ?[الصافات:89]، ?قَالَ هَـذَا رَبِّي?[الأنعام:76] وقوله في زوجه سارة هذه أختي وكان متأولا في ذلك وصادقا وفيها مصلحة فهو خشي أن تجعل من الكذب باعتبار الظاهر لا باعتبار الباطن.
س6/ الأرض متى تزكى، هل يكون ذلك متى عرضها للبيع كلفظ الحديث؟ أم إذا نوى تكون هذه الأرض استثمارا تجاريا؟
ج/ الأرض فإذا ملكها المسلم بفعله بنية التجارة ثم أعدّها للبيع فإنه حينئذ فيها الزكاة وتزكى زكاة عروض تجارة تقوَّم بعد حول من ملكها ملك تجارة وإعدادها للبيع تقوَّم وتزكى قيمتها إذا كانت عندهم، وإذا لم تكن القيمة الزكاة عنده يخرج مما عنده فإنه ينتظر حتى يبيعها ثم يخرج زكاتها.
والأصل في ذلك عند العلماء حديث سَمُرة الذي رواه أبو داوود وغيره أنه قال: كنا نؤمر أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع. هذا الحديث رواه أبو داوود وإسناده فيه مجاهيل ولكن قال بعض أهل العلم إن إسناده مقارَب أو مقارِب -بفتح الراء أو بكسرها- وهذا لأجل أنها نسخة وهي رُوي بها عدد من الأحاديث وليس حديثا واحدا، والنسخ ربما اغتفر فيها العلماء على اعتبار أنها وجادة وتناقل بالإسناد ما لا يغتفر في التحديث.
والصحيح أن إسناده ضعيف ولكنه مأخوذ به لدلالة عدد من الأحاديث على زكاة التجارة منها ما رواه الحاكم بإسناد جيد أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «وفي البز صدقته» والبز هو القماش الذي يبيعه التاجر، ومنها ما واه البخاري في صحيحه وغيره لما منع ابن جميل وخالد والعباس الزكاة قال ابن عباس قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «أما ابن جميل فما نقم إلا أن كان فقيرا ثم أغناه الله من فضله، أما خالد فإنكم تظلمون خالدا فإنه احتبس أسيافه وأدرعه في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها» لأنه تقدم بصدقة سنتين والشاهد منه على زكاة عروض التجارة قوله في شأن خالد ( خطأ! ارتباط غير صالح.إنه احتبس أسيافه وأدرعه» فهم نقموا على خالد أنه لم يخرج الصدقة من الأسياف والأذرع والنبي ( اعتذر له لا بأن زكاة عروض التجارة ليست بواجبة لكنه أوقفها، وإذا كان أوقفها فقد خرجت من ملحه فحينئذ تكون تكون ملكا للمسلمين أو للمجاهدين فحينئذ لا زكاة فيها.
فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء للأدلة التي ذكرت وللأصول العامة وأن عروض التجارة فيها الزكاة بشرطين:
الشرط الأول أن يملكها بفعله.
والثاني أن ينوي بها التجارة من حين ملكه إياها.
ولعلماء الفقه تفاصيل في إذا حولها يعني من نية التجارة إلى نية السكنى وما تابع ذلك لكن في ما ذكرنا ما هو كاف في هذا.
المقصود أما إذا فيه أرض ملكها ليبني عليها عمارة أو مسكنا لعمارة التأجير أو ليسكن فيها أو بنى له بيتا ليسكن أو ليؤجره فهذه لا زكاة فيها، الزكاة أن ينوي فيها التجارة يعني عروض التجارة، أوش معنى التجارة معناه الربح يعني أنه يشتريها ليطلب بها الزيادة، هذا داخل في أصل المال أنه مال قابل للنماء إلى آخره.
ومن أهل العلم ممن يقولون بزكاة عروض التجارة لم يقولوا لا تجب زكاة العروض إلا في الأموال المدارة، وهو قول الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى وهو مذهب المالكية، يجعلون الأموال الجامدة غير المتحركة لا زكاة فيها، وأما الزكاة في حق من يملك الأموال المدارة، بمعنى تاجر عقار يبيع ويشت يبيع ويشتري، تاجر أسهم يبيع ويشتري، واحد عنده محل دائما يغير يدير المال فهذا هو الذي يقدره في وقت من السنة ويزكيه لأنه مُدير وليس كل أحد يعتبر مديرا عندهم.
لكن ظاهر الأدلة أن عروض التجارة تجب إذا كانت للتجارة سواء أكان مديرا أم لم يكن مديرا، وهذا له ارتباط بأساس المال؛ لأن هذا المال الذي اشترى به هذا الأرض هو قابل للنماء فشراؤه للأرض هذه للتجارة أو عمارة للتجارة أو شيء للتجارة هذه هو يطلب فيها النماء، وما كان كذلك فهو داخل تحت الأصل في وجوب الزكاة في الأموال التي تقبل النماء وخرج من نحو قوله «ليس على المسلم وفي فرسه ولا عبده ولا داره صدقة» لأنه ليس معدا للنماء.
والله تعالى أعلم. نكتفي بهذا القدر.
س/ ثبت أن الله تعالى خط التوراة لموسى بيده فهل ثبت أن الله تعالى ناوله التوراة بيده؟
ج/ ما أعلم ذلك، وظاهر القرآن لا يدل عليه.
س/ أدرس في إحدى الثانويات، وعندنا مدرس ينصح باستماع أشرطة طارق السويدان لجميع الطلاب والتي يأتي بها إلى المدرسة لبيعها بأسعار مخفضة ما رأيكم في هذا، نرجو الإجابة بأهميته والاختلاف فيه؟
ج/ لا يطلق القول في الأشرطة -أشرطة الأخ المذكور- يطلق القول بردها جميعا أو قبولها جميعا، منها ما هو حسن ومنها ما عليه فيه ملاحظات، فهو ليس بطالب العلم يحسن مواضع الخلاف ومواضع العقيدة، وإنما أراد أن يبسط قصص الأنبياء ويبسط السير بأسلوب ينفع الناس فيها، فاجتهد في ذلك فما أخطأ فيه فيجب الانتباه لذلك وحذفه من الشريط أو بيان ذلك له ليصحح ذلك، ولا يطلق القول بأنها كلها نافعة أو كلها غير نافعة؛ بل ينبغي النظر فيما اشتملت عليه.
وبعض الإخوة ذكر لي أنه فيما مضى جاء هنا لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأنه نبه على بعض الأشياء وأنه صححها في الأشرطة الجديدة، ما أدري عن صدق هذا الكلام ...
المقصود أن بعض هؤلاء كانت نافعة فيراجع قبل ثم بعد ذلك لا بأس، وإذا كان فيها خطأ أو غلط في العقيدة أو تساهل مع أهل الفرق الضالة أو نحو ذلك فهذا لا يجوز التساهل فيه.
اقرأ...
??(??
[الأسئلة] نجيب عن ثلاثة أسئلة ونمشي إن شاء الله.
س1/ قال بعض أهل العلم أنه لا يستعان بالجن لا مسلمهم ولا كافرهم، وذكر أن الجن يخبرون أنهم مسلمون هذا لا يصدق؛ لأنه من علم الغيب فنؤمن أن من الجن أن منهم المسلم والكافر إلى آخره؟
ج/ الاستعانة بالجن حرام سواء كانت استعانة بالجني الكافر الشيطان أو بالجني المسلم، وذلك لعدة أدلة:
منها أن استمتاع الجني بالإنسي والإنسي بالجني محرم في نصوص الكتاب والسنة وأنه لا يستثنى من ذلك لم يرد الدليل بالاستثناء ولا بالتخصيص، فبقاء الأمر عمومه بما يشمل الجميع هذا هو الأصل وهو المتعيِّن.
الأمر الثاني أن الجن لهم قُدَر كما هو معلوم وانه في زمن النبي ( كان منهم مسلمون كثير أسلموا قال جل وعلا ?قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا?[الجن:1] إلى أن قالوا ?وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ?[الجن:11]، وكذلك قوله ?وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ?[الجن:14]، وكذلك في آخر سورة الأحقاف ?إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا [لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ] يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ?[الأحقاف:30] فالجن في زمن النبوة كان منهم من صحب النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وأسلم بين يديه، وعندهم من القُدَر ما ليس عند غيرهم، وقد مضى زمن النبوة بأزمان ولم يستعن النبي ( بالجن، ولم يستعن الصحابة بهم وقد واجهتهم أشياء، فهذا الدليل وهذا الإجماع أعظم وأبلغ مما يُستدل به على أن هذا الأمر من البدع لأنه لم يكن في زمن السلف، هذه المسألة أظهر وابلغ لأنهم لم يستخدموا ذلك ولم يستعينوا بهم لا بسلمهم ولا بكافرهم وهذا له سبب، وهو أن الجني إذا زعم أنه مسلم فإن إثبات إسلامهم وإثبات صلاحه متوقف على أمر باطن لا يطّلع عليه الإنسان فأنت في الظاهر تحكم على الرجل إذا قابلك والجن منهم رجال ومنهم نساء ?وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ?[الجن:6]، تحكم عليه بالظاهر من هيئته وشكله على أنه مسلم، والجن لا تعلم صدقهم ولا تعلم حقيقة ما ادعوا فبقي الأمر على الأمر المغيب، ولهذا قال أهل العلم إنّ رواية الجن للأحاديث ضعيفة، فلو أتى الجني وروى بالإسناد وقال قال رسول الله ( كذا وهذا يقول أنا مسلم وأنا يقول أنا مسلم في الإسناد فعند أهل الاصطلاح بحثوا رواية الجن وقالوا: إنها ضعيفة لأن الجن ضعيف حتى ولو قال أنا مسلم فلا يصدق في خبره.
المسألة الثانية التي تدل على المنع من الاستعانة بمسلمهم وكافرهم والمسالة على الاستعانة بالمسلمين أن فتح باب الاستعانة هذا هو فتح باب الشرك بالله جل وعلا، فيجب سده فهو أولى من سدّ أنواع ذرائع الشرك، فالشريعة حرمت البناء على القبور لئلا يكون وسيلة لتعظيم أصحابها، وجاء تحريم بعض الوسائل وسائل الشرك لئلا يكون وسيلة، بعض وسائل البيوع المحرمة لئلا يكون وسيلة إلى الربا وهكذا، والاستعانة بالجن الذين يُجهلون ولا يعلم حقيقة الحال، الاستعانة بهم لاشك أنه ذريعة بأن يأمر الجني الإنسي إذا فُتح الباب أن يأمره بالتقرّب أو ببعض الأشياء.
وقد بلغني بيقين عن بعض من يتعاطى القراءة وهو من الجهلة ليس من أهل العلم ولا من طلبة العلم ممن فتح هذا الباب فسيطر عليه الجن وهو لا يسلم في هذا، وأصبح يأمرونه بأشياء وينهونه عن أشياء، وربما أذلوه في بعض الأمور، فسد الذريعة في هذا واجب ولا يجوز التساهل به.
الأمر الثالث والأخير استدل بعض من قال بجوازه ببعض التعبير، بعض العبارات عن شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتاب النبوات وفي الفتاوى معلومة كلام ابن تيمية في الموضوع؛ لكن شيخ الإسلام لا يريد بما قال إباحة الاستعانة، وإنما بحث حال المسلم مع الجني، فقال في أوله: وأولياء الله لا يعاملون الجن إلا بأمرهم الشرع ونهيهم عن ضده، كما كان حال النبي ( وأصحابه، ثم ذكر الحال الثالثة: أنه قد يعرض الجني للإنسي في أمر يُعينه فيه هذا لا بأس به.
فيُحمل كلامه على أنه في حالة -لأن بعض السلف فعلها- في حالة أنه بعرض لها مثلا يأتيه ويقول أنا آتيك ويقول أنا أصحبك لصلاة الفجر أو يهديه للطريق مثل ما حصل للإمام أحمد قد يكون من الملائكة وقد يكون من الجن الله أعلم؛ لكن يقول الطريق من هاهنا فيتبعه هذا ليس استعانة ليس طلبا للعون، وإنما هو إرشاد وهذا الإرشاد متوقِّف على صدق المرشد وعلى كذبه ليس هو استعانة طلب للعون، ويقول له مثلا هو كذا أو الطريق من هنا أو هذا الشيء في الفلاني من دون أن يطلب وهذا خبر قد يكون صادقا وقد يكون كاذبا واختبار الخبر لا ما نع منه يختبر هل هو صادق أم كاذب.
المقصود أن هذه مسألة لا تتساهلوا فيها في هذا الوقت ولا فيما بعده؛ لأني أخشى أن ينفتح علينا ذرائع الشرك ووسائل البدع من جرّاء القراء الجهلة الذين فتحوا باب الاستعانة بالجن في هذا الباب.
لأجل طول الجواب نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
سائل: الصحابة سالوا عنه فقالوا إن امرأة معها قرين، فأخبرته فأخبرهم أن عمر خرج... ثم أخبر الجني ذكره بعض علماء الأثر.
الشيخ: لا أدري أوش المقصود.
المتدخل: يسعني الصحابة استعانوا بهذا القرين في البحث عن عمر ( أخبره أنه كان... الصدقة. ذكره الشيخ محمد في القول المفيد. ووش رأيك هل هو طلب أو خبر.
الشيخ: ما أعرف، هذا يحتاج إلى إثبات أولا ثم هذا قد يحمل على أنه خبر لكن ما نعارض فيه شبه أكثر من هذا ما نعارض الأصول الشرعية، فيه مسائل في التوحيد لو نأخذ بعض المسائل هي أيضا تؤثر على كثير، ما نأخذ ما لا يُعرف، يجب في المشتبهات هذه أن تحمل على المحكم، المحكم هو الأصل، كون حادثة حدثت ما تدري عن تأويلها لأن حكايات الأفعال لها عدة توجيهات وعدة أحوال هذه توجها بكذا وهذه توجها بكذا، من قال أنه توجه إلى الاستعانة فقط يحتاج إلى استدلال؛ هل هم طلبوا العون أو أخبروا أو أوش الحال في الحقيقة، فما نحكم على فعل الصحابة لمناقضة حال النبي (، هذا في ما لو كان يعني فعلهم حجة في هذا، معلوم أن أقوال الصحابة فيه نظر في الاحتجاج، فكيف بأفعالهم إذا خالفت... ما أعرفها والله.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
-
س1/ ما حكم الصلاة مع وجود الدّفّاية أو المبخرة أمام المصلي؟
ج/ الدّفاية والمبخرة ونحوهما مما هو نار اختلف أهل العلم في استقبال المصلي للنار ولكل ما كان من جنسها على قولين أو أكثر لكن الأشهر أنهما قولان:
الأول: الكراهة وهذا الذي ذهب إليه الإمام أحمد وأصحابه وهو المدون في كتب فقهاء الحنابلة رحمهم الله، وتوجيه ذلك أنّ جنس النار عُبِد من دون الله جل وعلا، فعبد المجوس النار إما لأنّها نار أو لما فيها من النور الذي يقابل الظلمة والظلمة والنور إلهان عندهم فلأجل هذا الاشتباه ولأجل أن المشركين ربما عبدوا النار فإن المشابهة في هذه تكون مكروهة.
والقول الثاني: أنه لا باس باستقبالها، وهذا الذي ذهب إليه جمع من أهل العلم ومنهم البخاري رحمه الله تعالى، كما ألمع إليه في ذكره لحديث صلاة النبي ( واستقباله أو رؤيته بين يديه الجنة ورؤيته بين يديه النار، قال «عرضت علي الجنة وعرضت علي النار في مقامكم هذا» فاستدل به على أن استقبال لا يكره لأن النبي ( لم يحول وجهته أو لم يشعر بلفظه أو بفعله أن هذا مكروه.
وتوسّع بعض أهل العلم فأدخل فيه في الكراهة يعني في القول الأول كل ما كان فيه النور إذا استقبله المصلي ولكن هذا توسّع ليس بجيد، والصواب أنه لا بأس بذلك لظهور دلالة الحديث عليه، وإذا تركها المسلم من باب الاحتياط فهو أولى.
ثَم قليل أو نوادر قالوا بالحرمة لكن لا وجه لهم؛ لأن القياس على عبادة المشركين للنار ليس هذا بمحله.
س2/ ما حكم قتل الحشرات بالكهرباء ؟
ج/ إذا كان الكهرباء هذه لحقت الحشرات لتقتلها فإن هذا منهي عنه؛ لأن قتل أمة من الأمم أو طلب ذلك -يعني في غير مضرة كما سيأتي- فإنه ليس بمأذون به في الشرع وليس بسائغ، والعلماء يتكلمون في هذه المسألة في موضعين:
الأول: قتل الحشرات من حيث الأصل.
والثاني: قتل الحشرات بالنار أو بالكهرباء أو ما شابهها من الأجهزة الحديثة.
أما النوع الأول فقتل الحشرات جائز إذا كانت مضرة بالاتفاق واستدلوا بذلك بقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «خمس [..] يقتلن في الحل والحرم» فالحشرة إذا كانت ضارة مضرة بالإنسان سواء أكانت واحدة أو أكثر فإن قتلها جائز؛ بل مطلوب لأن هذا يدخل في باب رد المعتدي أو رد الصائل أو رد الأذى عن ما يؤذي الإنسان.
وأما ما لا يؤذي مثل أن يأتي الإنسان في البر أو مكان لا يسكنه ولا يضره وجود الحشرات فيه فيسلط على النمل نارا أو يسلط عليها أو على بعض الهوام من المواد الكيمياوية ونحو ذلك ولا يستفيد وهي ليست مضرة له، فهذا منهي عنه لأنه من قتل ما لم يؤذن يقتله.
أما المسألة الثانية فهي قتلها بالكهرباء أو بالنار أو ينحوها، فهذا إذا كانت مضرة دخلت في الباب الأول، وإذا كانت مضرة فإنه إذا طُلبت فإنه ينهى عنه ويحرم، أما إذا وضعت النار والكهرباء وهي التي جاءت، فهذا لا يدخل في ما يُنهى عنه لأن الحشرات من طبيعتها خاصة ما يطير منها أنها تطلب النار فإنه تحترق فيها.
فالمقصود إذا طلبت النار فلا شيء على الإنسان، وإذا طلبها هو بالنار أتبعها ليحرقها بالنار فهذا منهيٌّ عنه.
س3/ الإخوان في الشيشان يسألون الإخوان الدعاء، فلماذا توقف الأئمة عن الدعاء لهم، وهل لهم من دعاء الآن وهل من دعا لهم الآن يعتبر مخالفا؟
ج/ هذه المسألة كثر السؤال عنها وهي تحتاج إلى تفصيل، ذلك أنّ النوازل التي تنزل بالمسلمين سواء أكانت نازلة عامة أو نازلة خاصة فإن الدعاء دعاء المسلم في النوازل طلبا من الله جل وعلا لكشفها ورفع كربة المسلمين في كل مكان هذا من ولاية المسلم للمسلم ومن محبة المسلم للمسلم، ومن النصرة التي أمر الله جل وعلا بها بنحو قوله ?إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ?[محمد:7]، وفي نحو قوله جل وعلا ?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ?[التوبة:71]، وفي نحو قوله جل جلاله ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ?[المائدة:55]، فوَلاية المسلم للمسلم تقتضي نصرته بما يستطيع، ومن ذلك الدعاء له، الدعاء في أوقات الإجابة وفي خطب الجمعة ودعاء الفرد أو دعاء الخطيب أو الدعاء في الدرب أو نحو ذلك هذا من الأمور المطلوبة شرعا لأنها من مقتضى الوَلاية.
المسألة الثانية إدخال هذا الدعاء في الصلاة؛ يعني ما يسميه الناس القنوت -قنوت النوازل- وهو الذي جاء في الحديث أن النبي ( قنت شهرا يدعو على قبائل من العرب ذكوان و.. ونحو ذلك من القبائل لما استحر القتل في القراء في ذات الرقاع كما هو معلوم.
وسنة النبي ( كما هو معلوم التي يجب اتباعها لا أهواء الناس ولا عواطف الشباب ولا الرغبات المختلفة.
والسنة في قنوت النوازل حتى ولو استنكر بعض من لا يعرف، ورأيت بعض الأوراق التي كُتبت، وهذا مما يؤكد على طلبة العلم حاجة الناس إلى العلم، إذا كان الناس ألفوا الدعاء في بعض ما حصل للمسلمين في الماضي فيظنون أن تغييره تغيير للسنة وترك للنصرة، أو رد، أو عدم استجابة لحاجة المسلمين ونحو ذلك، هذا يؤكد أنه يجب على طالب العلم وعلى من له ولاية خاصة أو عامة أن ننبه الناس، حتى لا يتسارعوا في أمر وتغيب السنة في ذلك وتصبح المسألة بعد ذلك غُيرت إذا غيرت السنة تصبح محدثة عامة تتكرر.
والذي دلت عليه السنة في قنوت النوازل أشياء:
الأول أن النبي ( قنت مرة ولم يقنت في كل نازلة قنت في ذات الرقاع لما استحر القتل بالقراء، ولم يقنت لما حصل قتل المسلمين في مؤتة، وكان من قُتل فيها جعفر وقتل فيها عدد ورجع المسلمون بعد أن حصل لهم ما حصل، وكذلك لم يقنت الصحابة ( في كثير من النوازل التي مرت بهم، فالنبي ( قنت مرة في نازلة عظيمة استحر القتل فيها بالقرّاء قتل منهم سبعون وكانوا هم حفظة القرآن وهم الذين يحفظون عن الناس كتاب الله جل وعلا.
المسألة الثانية مما دلت عليه السنة أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قنت هو فقط، في مسجده، ولم يأمر مساجد المدينة أن تقنت، فلم ينقل أحد من أهل الحديث ولا من الرواة ولا في كتاب لا سنن ولا صحيح ولا مسند ولا أجزاء حديثية فيما بلغني أن النبي ( يعني بإسناد صحيح أمر أحدا من المساجد أن يقنت.
فالقنوت ليست السنة فيه أن يقنت الجميع وغنما فإنما هو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَم.
ولهذا أصح أقوال أهل العلم في المسالة أنه لا يقنت إلا الإمام ويقنت المسجد الأعظم في البلد، وليس كلا مسجد جماعة وليس كل مسجد جمعة يقنت، وإنما يقنت الإمام وفي المسجد الأعظم إقتداءً بالسنة، وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله عليهم فلم يكتم في النوازل التي حصلت في عهد عمر في عهد علي أنه قيل لكل المساجد اقنتوا للنوازل.
فإذا كانت المسألة فيها خلاف وجب كما هو منهج أهل الحديث -وهو المنهج الحق- وجب فيها أن ترد إلى السنة حتى تستديم والعلماء لهم في المسألة أربعة أقوال:
القول الأول: أنه لا يقنت إلا الإمام فقط.
الثاني: أن يقنت الإمام الأعظم أو من ينيبه في المسجد الأعظم.
الثالث: أن تقنت كل جماعة سواء كانوا في مسجد أو لم يكونوا في مسجد فإنه تقنت كل جماعة.
والرابع: أنه يقنت حتى المصلي وحده.
الأقوال الثلاثة الأولى مختلفة عن أهل العلم يعني في المذاهب الأربعة وفي غيرها، وفيه ثلاث روايات عن الإمام أحمد، والأخير يقنت كل مصلي يعني إذا أراد هذا ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والسنة تدل على القول الثاني، وهو أنه يقنت الإمام الأعظم أو من ينيبه في المسجد الأعظم في البلد يعني إئتمام في المسلمين أو من ينيبه الأعظم في البلد فقط دون سائر المساجد وهذا هو السنة في هذا الأمر فقط دون ما سواه.
المسألة الثالثة المتعلقة بهذا أن فهم معنى النازلة والفرق بينها وبين المصيبة والقتل، والفرق بين النازلة الخاصة والنازلة العامة هذا مما يتعين أن يفرق بينهما؛ لأن السنة دلت على أن النبي ( قنت وترك القنوت، قنت بعد ذات الرقاع ولم يقنت فيما نزل من مصائب في غيرها، فدلّ على التفريق بين هذا وهذا.
إذا تبين هذا التفصيل المختصر، فالواجب على طلبة العلم أن يكونوا متنبهين لهذه الأصول، ومن تتبع سيرة أئمة الدعوة فيما مضى، وجد أنهم لم يقنتوا على مدى مائتين سنة الماضية إلا في ما ندر جدا في المصيبة التي يصابون بها هم؛ لأن هذا لا يخاطب به المسلمين -كما هو معلوم- وهذا هو الأوثق والقرب إلى السنة في هذا الباب والمسألة كما ترى فيها خلاف والعالم إذا اجتهد في ذلك واختار أحد الأقوال فلا يعتب عليه أنه لم يأخذ بالقول الآخر؛ لأن الدليل هو محل الاعتبار في هذه المسائل المهمة.
تحصل من ذلك أن الدعاء مطلوب، وأن إدخال الدعاء في الصلاة هو محل البحث في القنوت.
ثم إذا صار قنوت النازلة فالواقع الآن يدل على أن كثير من أئمة المساجد لا يستحسنون قنوت النوازل ويدعو بما خطر له، وقد نص الفقهاء في كتبهم يدعو بما ينتسب النازلة ولا يدعو بما خطر له. لأن هذا الدعاء شُرِع لأجل النازلة فإذا دعا بما خطر له في غير موضوع النازلة قد أخرج هذا الدعاء عن موضوعه، وعما شُرع له فدخل فيما نهي عنه وقد يصل إلى بدعة تبطل الصلاة وهو لا يشعر، وفيما حصل من قنوت في نوازل السابقة التي حصلت بها فتوى من الإفتاء وأذن بها ولي الأمر فيما حصل في الماضي سمعنا وصلينا مع كثير من الأئمة لا يحسنون دعاء النوازل لو قيل حتى كل مسجد جماعة، فإذا رأى رؤيا أنه لا يحسنون دعاء النوازل ولا قنوت النوازل، فينبغي أن لا يؤذن لهم به لأنهم يحرفون الصلاة عن موضوعها وعن ما يشرع فيها.
ولا يتساهل الناس في بعض المسائل يحققون مصلحة من جهة -مصلحة الدعاء والقنوت-، ثم يحدث مفسدة من جهة أخرى في أنهم لا يحسنون الدعاء، ويدخلون في مسائل ليست مما يدعى له.
تحصّل من هذا البحث الذي ذكرت لكم على اختصاره أن الصحيح دلت عليه السنة أنه لا يقنت إلا الإمام الأعظم أو من ينيبه وفي المسجد العظم فقط في النازلة التي تؤثر على أهل البلد.
أما قنوت المسلمين عامة لنازلة وقعت في بعضهم فهذا لا أصل له في السنة والله أعلم.
س2/ أيهما أولى التصدق بالملابس أو إهدائها لأحد الوالدين مع عدم حاجتهما ؟
ج/ هذا حسب أثر إهداء الملابس للوالدين، إذا كان اثر ذلك فيه البر بهما وإدخال السرور عليهما فبر الوالدين أرفع درجة من التصدّق، أما إذا كان لا يشعر الوالدان أنه بر ولا أنه إحسان إليهما، فإنه تصدق على المحتاج أولى.
س3/ إذا تعجّل الحاج فهل يرمي في اليوم الثاني عن ذلك اليوم وما بعده، أم يكتفي برميه لذلك اليوم ؟
ج/ الله جل وعلا قال ?وَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى?[البقرة:203]، ومعنى الآية أن من اتقى الله جل وعلا وعظم حرماته وعظم شعائره، فإنه لا إثم عليه إذا تقدّم تعجل ولا إثم عليه إذا تأخّر، وليس قوله ?لِمَنِ اتَّقَى? متعلقا بالمتأخر دون المتقدم يعني المتأخر دون المتعجل وقوله ?وَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ? هذه تمت الجملة، قال ?لِمَنِ اتَّقَى? يشمل الحالين؛ يعني لا إثم على المتعجل ولا إثم على المتأخر إذا كان الجميع قد اتقوا الله في تعجلهم واتقوا الله في تأخرهم.
وإذا تعجل الحاج في يومين؛ يعني مكث الحادي عشر والثاني عشر فإنه إذا رمى الجمار بعد الزوال يعني إلى المغرب وخرج فإن هذا يكفيه ولا يجب عليه رمي اليوم الثالث عشر إلا إذا بات في مِنى قاصدا؛ يعني إذا أتاه الليل في منى قاصدا البيتوتة.
س4/ ذكرت حفظك الله كلاما حول طارق السويدان أشكل على كثير من أهل -كذا - الذين يكرهون أهل البدع ويناصرهم نرجو أن يوفكم الله إلى تفصيل الكلام في ذلك؟
ج/ هذا الأسبوع الماضي كان الكلام؟
حصل إشكال في الأسبوع الماضي حول أشرطة طارق السويدان إلى آخره؟
ج/ أنا بينت الكلام أن هذا سؤال الذي جاء من أستاذ مدرس يريد أن يعطي أشرطة طارق السويدان لمن يستفيد منها، فإذا كان الذي سيعطي للأستاذ طالب علم يميز الأشرطة الحسنة من غير الحسنة، يميز الأشرطة النافعة من غير النافعة فإن له أن ينتقي ويعطي ما لا ضرر فيه، أما من لا يحسن، مثل ما ذكرت لكم أشرطته فيها ما هو جيد يعمي لبعض الناس وفيها ما هو غلط سواء كان في المنهج أو في التساهل مع بعض أهل البدع، ذكرت لكم أن سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله سبق أنه قابله وأنه رجع في عدد من المسائل وما أشبه ذلك في نقل بعض الثقات لي.
المقصود من هذا أنّ أشرطته إذا كانت الذي سينتقي ويُعطيها يعطيها من ينتفع بها طالب علم يحسن الفرق بين السنة والبدعة، وبين الصواب والغلط فلا بأس أن ينتقي ويعطي لأنّ منها أشياء لا بدعة فيها.
وأما التزكية المطلقة لأشرطته فلا؛ لأنها كما ذكرت لكم مشتملة على صواب، فمن عثر على ما غلط فيه الواجب المناصحة؛ لأن المرء لا يكتفي بأن هذا بحسن وهذا فيه أغلاط وهذا عنده كذا؛ بل ينبغي له أن تجمع ويناصح الذي أخطأ أو الذي توسع وكما هو معلوم المذكور ليس بطالب علم ولا من العلماء، وإنما أراد أن يقرب قصص الأنبياء والسيرة وبعض المسائل، فأصاب في كثير وربما غلط في بعض المسائل فتصحيح ذلك للفائدة العامة ينبغي.
إذن فلا ننصح كل أحد أن يأخذ ما لا يعرف، وإذا كان طالب العلم يهدي لمن ينتفع بها، مستواه يناسب هذه الأشرطة فينتقي ما لا غلط فيه ولا بدعة ويعطيها، هذا الذي يظهر لي في ذلك.
س5/ ما هو الإجماع المعتبر؟
ج/ الإجماع المعتبر هو إجماع أهل عصر من العصور.
س6/ هذا سؤال طويل لكن سأقرأه: لو لبس المحرم وقت البرد مشله وألقاه على عاتقيه دون أن يدخل يديه فيهما كذلك إذا لبس الكنابل وهي دون الكعبين فما حكم ذلك ؟
ج/ المحرم أوجب عليه النبي ( وأمره أن يلبس أو أن يحرم في ثوبين و أن لا يلبس السراويل ولا الخمص ولا العمامة إلى آخر ذلك...
وهو أن لا يلبس الخفين إلا ألا يجد غيرهما أو يقطعهما دون الكعبين.
من بعض المصطلحات التي أثرت في مسائل الشرع، مصطلح المخيط، السلف عبروا عن هذا الحديث بأنه يُنهى عن لبس المخيط؛ المحرم يتجرّد من المخيط، وفُهم منه أن كل ما فيه خياطة فإنه يُنهى عنه.
وهذا الفهم ليس بصحيح ولم يريدوه، لأن كلمة المخيط عند السلف يعني بها ما يخاط ويلبس عادة، ما يقاس على قدر البدن الثوب القميص سراويل، ما يخاط على قدر اليد هو القفازين، ما يخاط على قدر الرجل هو الجوارب؛ لأن لكل جزء من البدن له شيء يناسبه يخاط له.
إذا كان كذلك فليس المقصود من النهي من لبس المخيط إلا ما دل عليه الحديث، ما دلت عليه الأدلة في أنه لا يلبس شيئا من الملابس التي تصنع على قدر البدن أو على قدر عضو من أعضائه، وهذا يعني أن المشلة أو الكور أو ما هو أدفى أو فروة إذا لم يجعلها كاللباس المعتاد فإنها لا تدخل في النهي؛ لأن النبي ( لم يأمر بلس رداء وإزار، إذا جاء البرد كيف يتدفى الإنسان يأتي ببطانية ويلقيها عليه، يستخدم ما يدفيه لكن بشرط أن يترك اللبس المعتاد، إذا كان المشلة هذا يلبسه بإدخال يديه فإلقاؤه على كتفيه للتدفية هذا بأس به ولا يدخل في لبس المخيط أو لبس ما نهي عنه، كذلك لبس النعال التي فيها خياطة مثلا النعال، يلبسون البلاستيك هذا ونحوها لأن ما فيها خياطة، هذا ليس قصدتا، لو اعتقد أيضا يلبس هذه النعال البلاستيك أنها هي السنة هذا أيضا يحتاج إلى تنبيه؛ لأن السنة أن لا تلبس ما خبط على قدر البدن وألا تلبس الخفين أما النعال فلم يأت نهي فيهما.
فالإحرام يكون في نعليه، فالحاج ليس عنده نعلين أو اشتد عليه البرد فله أن يلبس الكنابل هذه لأنها خف مقطوع، لكن لا يلبسها ابتداءً ولكن يلبس النعلين إذا لم يجد إلا الكنابل هذه التي لا تبلغ إلا إلى الكعبين فلا بأس(221).
إذا ما وجد إلا خف فهل يلزمه قطعه؟ خف طويل – بوت – يعني اللي يسمونه أو اللي يسميه الجنود - إيش - بسطار أو نحو ذلك فهل يلزمه قطعه؟ اختلف العلماء في ذلك، والصحيح: أنه لا يلزمه قطعه وأن إلزام القطع منسوخ، لأن النبي ( قال ذلك في المدينة ولما أتى في عرفة لم يأمر بقطعهما إذا احتاج إلى ذلك.
ومن المناسب التنبيه أن طالب العلم دائماً إذا أتت المواسم رمضان وقت الحج جاء وقت عاشوراء، أي موسم فيه تعلق بأحكام شرعية، فإنه يراجع كل سنة؛ لأن هذا أدعى إلى تثبيت العلم، وأدعى إلى أن يكون غير هاجر للحق أو غير هاجر لما في الكتاب والسنة من الدلائل في ذلك، فإذا أقبل رمضان تراجع أحكام الصيام في كتب الفقه والحديث وفتاوى أهل العلم، وأحكام الزكاة وأحكام القيام، وتراجع أحكام العيدين، إذا أقبل الحج قبله بشهر من الآن تقرأ في أحكام الحج، تثبتها سنة سنتين ثلاث، تلحظ أن هذه المسائل تتضح لك شيئاً فشيئاً، وتستزيد كل سنة بما لم يكن عندك في السنة الماضية، وهذا طبيعي في طالب العلم، طبيعي في الإنسان، تقرأ أول مرة يفوتك تأخذ عشرين ثلاثين في المائة، وكثير منه – لأنك مركز على البعض – يفوت، تحتاج فيه إلى سؤال، السنة القادمة تقرأ فتجد أن عدداً من المسائل واضحة، مثلا تعريف الحج واضح، شروط وجوب الحج واضحة، أركان الحج واضحة، أنواع الإحرام واضحة، تزيد في مسائل لم تكن واضحة تزيد حصيلتك ثم بعد ذلك السنة المقبلة وهكذا، طالب العلم لا يمكن أن يتعلم في سنة العلم جادته طويلة ما ينتهي الإنسان منه إلا بالموت.
وتذكرون كلمة الإمام أحمد رحمه الله لما قيل له: إنك تكتب وأنت في هذا السن، يعني بعد أن علا شأنه رحمه الله، قال: مع المحبرة إلى المقبرة، طالب العلم ما ينفك من طلب العلم بحسب ما أعطاه الله جل وعلا، وخذ من فراغك لشغلك؛ يعني استغل وقت الفراغ استغل وقت الشباب، استغل قبل أن تسود إما بعيال تكون مسؤولاً عنه أو بمشاغل، طالب العلم إذا وجد والصحة والفراغ يقبل على طلب العلم ويستفيد، لأنه النور في القلوب وفي الصدور، والبينة فيما يتعبد به الإنسان ويراه في أحوال الناس. نكتفي بهذا القدر.
نعم اقرأ..
??(??
الأسئلة] نجيب على سؤالين أو ثلاثة:
س1/ جاء حديثٌ يدل على أن الاختلاف في الأمة رحمة ؟
ج/ هذا الحديث ليس بصحيح، وليس اختلاف الأمة رحمة، بل الاختلاف في الأمة أوقعها في بلابل كثيرة.
س2/ من اجتهد في إباحة نسبةٍ من الربا، كـ ( 5 % ) ونحوه، فهل يُؤجر على هذا وهل يُشنع عليه ؟
ج/ هذا الربا نوعان:
ربا متفق عليه ومجمع عليه، فهذا الذي يخالف فيه الإجماع هو صاحب ضلال وهوى، وهو ربا الجاهلية، الذي فيه القرض الحسن، ثم بعد يقول: إما أن تقضي وإما أن تربي، ويجعلون الربا أضعافاً مضاعفة، وهذا هو الذي جاء في عدد من الآيات وعدد من الأحاديث.
أما الربا غير المتفق على تحريمه: فهذا يدخل في باب الخلاف القوي والخلاف الضعيف على نحو ما فصلنا، مثلاً خلاف ابن عباس في ربا الفضل وربا النسيئة كما معلوم، وأنه لا ربا في الفضل وإنما الربا ربا النسيئة استدلالاً بالحصر في قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الربا في النسيئة»، فهذا اجتهاد وخلاف، لكنه خلافٌ ضعيف، حتى خلاف الصحابة خلافٌ ضعيف، لأن خلاف ابن عباس في هذه المسألة، كذلك إباحته للمتعة مثلاً في بعض المواطن أيضاً خلافٌ ضعيف، وما أشبه ذلك.
من الصور المعاصرة التي جرى فيها البحث: الفوائد الربوية، ومن أباحها من بعض المنتسبين إلى العلم، فهذه الفوائد الربوية منها ما هو متفق على تحريمه وهو ربا الجاهلية، ومنها ما هو مختلف في تحريمه، وما اختلف في تحريمه يدخل في الخلاف الضعيف أو في الاجتهاد في ما ليس بصواب، فيدخل في التفصيل الذي ذكرناه.
أول من –حسب علمي– أول من أباح الفوائد الربوية يعني فوائد البنوك الربوية والقرض – القرض الصناعي – ونحوه – حسب علمي – الشيخ محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار المعروف، وهو رجل يميل إلى مذهب السلف ونصر التوحيد والعقيدة في مواطن كثيرة، وله إلمام بالحديث والسنة والتخريج، لكنه غلط في مسائل فقهية، ولم يكن من صناعته الفتوى، فأباح أشياء تبعه عليها عدد، وله رسالة في هذا الموضوع بخصوصه وهو ( الربا والمعاملات المالية ) أجاز فيها هذه الفوائد لشبه عنده في ذلك وتبعه عليها عدد من المشايخ في مصر ما بين مقصر وما بين معسر في هذه المسائل.
ومعلومٌ أن الحلاف –كما ذكرت لك في هذا – خلاف شاذ وضعيف وليس له حظ من الدليل.
لكنه وجود الخلاف في هذه المسألة يفيد فائدتين:
الأولى: أن مسألة الفوائد والقرض الصناعي ونحو ذلك ليس من مسائل الربا المجمع عليها، فاعتقاد إباحتها والإفتاء بذلك أو إجازتها لا يدخل في إجازة واستحلال الربا؛ لأن استحلال الربا المجمع عليه كفر، والربا المجمع عليه هو ربا الجاهلية، أما ربا الفوائد وربا القرض وما أشبه ذلك فهذه محرمة ولا تجوز ويجب إنكارها لكن لا تدخل في الربا المتفق عليه.
س/ أليس يُنكر على من خالف في الفروع الفقهية مع ظهور الدليل ؟
ج/ هذا يدخل في التفصيل الذي ذكرته الخلاف القوي والخلاف الضعيف.
الفوائد الربوية أقل من الضعيف الخلاف الشاذ أو المنكر، يجب فيه الإنكار لأنه ما له.. يعني استدلوا بقوله جل وعلا: ?لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ?[البقرة:179] وأن الفوائد هذه ليس فيها؛ يعني الربا المحرم قالوا: هو الذي فيه ظلم للمسكين يعني ظلم لصاحب المال، وهذا – يقولون – هذا صاحب المال إذا أودع ماله في البنك ولم يأخذ عليه شيئاً والبنك هو الذي استفاد صار هو المظلوم، فأخذ الفوائد عندهم أنه عدل، وأن ترك الأخذ ظلم له، لأن البنك يستفيد وهو لا يُعطى شيئاً، يشغل المال ويستفيد، ومعلوم أن المال يقبل النماء باليوم، يعني كل يوم فيه كسب، يعني على طريقة التجارات العالمية وأشباه ذلك، فعندهم هذه الشبهة.
لكن هذا لو أُقِر لآل الأمر إلى أن البنوك – يعني من غير الأدلة النصية لكن على حد تعبيرهم بأن فيه ظلم وعدم ظلم – لو أُقِر ذلك والحقيقة هو الذي فيه الظلم لأنه لو أُقِر ذلك صارت البنوك تأخذ 100 % وتعطي هذا صاحب الفوائد 5 % 6 % 7 % ونحو ذلك، والأصل في ذلك أن صاحب المال إذا أراد أن يعطي من يشتغل له أن يكون شريكاً له، شريكاً له في مكسبه وفي خسارته، فالناس تنمو أموالهم يعني لو فرضنا أنهم سيودعون وسيأخذون هذا 5 % وهذا 6 % وهذا 7 % وهذا 10 % سيودعون بل قد يحصل 50 % فسيبقى نمو المال عند هذه الفئة قليلاً، ونمو المال عند أهل البنوك عظيماً فتقوى البنوك ويضعف الناس، ظاهر ؟ هذا هو حقيقة الظلم، الظلم الجماعي.
وفقكم الله وأعاننا وإياكم على الحق والهدى.
??(??
الأسئلة] نجيب بعض الأسئلة.
س1/ يذكر الرغبة في إخراج بعض الكتب التي شُرحت أن تفرَّغ وتطبع مثل كتاب التوحيد والواسطية والطحاوية؟
ج/ جُعل لهذا قائمة وبعضها شُرع فيه نرجو إن شاء الله أن يكون قريبا.
س2/ ما رأيك فيمن يحجّ بدون تصريح، علما أنه قد تمكن من الحج عدة مرات؟
ج/ بالنسبة للسؤال أن لا أختار أن يسأل أحد بـقول السائل ما رأيك؛ لأن المجيب لا يجيب عن رأيه، وهذا هو الأصل أنه لا يجيب برأيه، وإنما يجيب بما بعلمه هو من دلائل الشرع والشريعة والأصول العامة التي لا يسوغ أن يتعدّى المعلم أو المفتي أو المجيب أن يتعدّاها.
الرأي قد يكون ممدوحا وقد يكون مذموما، وعامة كلام السلف -كما تعلمون- في ذم الرأي وذم أهل الرأي؛ لأن في الغالب الرأي لا يصدر عن تتبع للدليل تتبع للقول الصحيح في المسألة، فيقال في مثل هذه المسألة: ما حكم كذا؟ ما حال كذا؟ ما حكم من حج بدون تصريح؟ ما حال من حج بدون تصريح هل يأثم أو لا يأثم؟ ونحو ذلك.
هذا من جهة صياغة السؤال.
أما من جهة الجواب سواء مر معكم مرارا المشايخ وأهل الإفتاء أنّ قول ولي الأمر في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد ملزم، إذا كانت المسألة فيها اجتهاد ولم يحرم حلالا أو يحل حراما ولم يأمر بمعصية فإن قوله ملزم، وسيما إذا كان أمره وإلزامه بذلك كان نتيجة لفتوى، ومعلوم أنّ الحج سواء أكان حج المقيم أو حج المواطن قد صدر فيه فتوى من هيئة كبار العلماء وإن لم تكن في بعضها بالإجماع لكن الفتوى معتبرة، وفيها قرار من هيئة كبار العلماء ألزموا به ولي الأمر فلا يجوز حينئذ مخالفتهم؛ لكن لو فعل، من خالف وحج، فهل حجه صحيح؟ حجه صحيح؛ لأنه لا يدخل حجه بإثم ارتكبه كالمرأة لو حجت بدون محرم فإنها تأثم مع صحة الحج.
ومما ينبغي على طلاب العلم بعامة أن لا يحتالوا على ما يفتى به، أو على ما يلزم به ولي الأمر فيما له الإلزام به وأن يستجيبوا ذلك لأن هذا من المصالح المرسلة، تعلمون أن الشريعة جاءت بحفظ المصالح المرسلة كما جاءت بحفظ المصالح المقيدة، والشريعة في أصلها جاءت لتحصيل المصالح وتكمليها ودرء المفاسد وتقليلها.
ولهذا فينبغي على المسلم أن يحتسب في طاعة ولاة الأمور وطاعة الفتوى التي صدرت من أهل العلم في ذلك وأن لا يتحيّل السبل لمخالفتها؛ لأن في هذا مصالح كثيرة للمسلمين في الداخل وفي الخارج.
وتعلمون قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
س3/ هل عبارة: الله ما شفناه لكن بالعقل عرفناه. في قول العامة صحيح؟
ج/ هذا القول في غالب معناه صحيح وهو مأخوذ في الأصل من كلام علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ في خطبه، وهو موجود في نهج البلاغة -نسيت العبارة- لكن حاصلها يقول:
والله إن لم تدركه الأبصار بالشهود لكن عرفته وعنعنت له العقول بالدليل.
أو نحو ذلك هي موجودة أصلها من كلام علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
س4/ كيف اعقد النذر من عمر رَضِيَ اللهُ عنْهُ وهو حالة الشرك، مع أن النذر عبادة تحتاج إلى نية: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟
ج/ النذر عبادة يحتاج إلى نية؛ لكن ليس من شرط صحته الإسلام، ليس من صحة وقوع النذر الإسلام، قد ينذر نذرا ويكون نذر طاعة ويقع النذر صحيحا؛ لكن إذا وفى به وهو غبر مسلم، هل يؤجر عليه؟ نقول لا يؤجر عليه؛ لأن الثواب من شرطه الإسلام، أما أصل عقد النذر مثل اليمين بعض النذور والأيمان مبناهما واحد، فالنذر هو إلزام النفس عبادة لله تعالى ليست لازمة له بأصل الشرع، إلزام المسلم النفس بهذه العبادة هذا النذر، فله في الإلزام مقام اليمين، ولهذا إذا نذر وكان مستوصيا لأنه نذر على ما يستطيعه في المستقبل، وليس نذر معصية فإنّ هذا الوفاء به متعيَّن فإذا أسلم فإنه يجب عليه أن يوفي بهذا النذر؛ لأنه ليس من صحة انعقاده الإسلام.
س5/ ما حكم نهر الأئمة لمن يقوم باستعطاء الناس، وهل هو من المنكر الذي ينبغي أن يقوم بإزالته؟
ج/ هذا السؤال له شقان:
الشق الأول: سؤال المسجد؛ هل يجوز لأحد أن يقوم في المسجد ويسأل؟
والمسألة الثانية: هل الإمام يأذن أو لا يأذن بالسؤال؟
وأما الشق(223) الأول منها هو أن السؤال في المسجد؛ يعني سؤال المحتاج في المسجد اختلف فيه على عدة أقوال:
فمن أهل العلم من ذهب إلى إباحته وأن المحتاج له أن يسأل، واستدلوا بذلك بما رواه أبو داوود في السنن أن أبا بكر الصديق رَضِيَ اللهُ عنْهُ مرّ بسائل يسأل في المسجد فأعطاه يعني سياق الحديث أن أبا بكر قال: مررت بسائل يسأل في المسجد فأعطيته خبزة. أو نحو ذلك.
والقول الثاني أن هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سنته لم يكن الإذن بسؤال الفقير أو المحتاج الناس، وإنما كان هديه أنه إذا علم محتاجا فإنه يطلب من الناس أن يعطوه، وكما حصل في قصة مجتابي النمار، وهم قوم قدموا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد تخرقت نمارهم وكانوا في حالة رثة، فعرف ذلك في وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما صلى طلب الناس أن يتصدقوا على هؤلاء، فقام رجل فقال: علي يا رسول الله درهم. فتتابع الناس بعده فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «من سن سنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» استدلُّوا هذا على أن السائل لا يجوز له السؤال في المسجد وأن إمام المسجد إذا علم من أحد حاجة وتثبت من ذلك فإنه يطلب من الجماعة، يطلب من الناس أن يتصدقوا عليه.
أما السائل يقوم ويسأل بعد الصلاة هذا لم يكون في عهد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، وهؤلاء ذهبوا إلى تحريم سؤال المسجد بعكس الأول الأولون الإباحة هؤلاء قالوا بالتحريم، وممن ذهب إلى ذلك جمع من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حرم السؤال في المسجد، وهذا اختاره عدد من أئمة الدعوة منهم سماحة الجد محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى.
وعليه فإن الإمام -على هذا القول إذا اختار هذا القول وأنه لا يجب سؤال المسجد- فإنه يلزمه أن لا يُقِرّ سائل على محرم إذا كان السؤال فإنه يلزمه أن لا يتركه، فيكون نهي الإمام للسائل هذا نهي لفعل ما لا يجوز في المسجد، فيدفعه بما يندفع به، إذا اندفع بكلام سهل فإن هذا يكفي، إذا اندفع بما هو أكثر بنهر -يعني لم يندفع بأقل- اندفع بالنهر فإن له ذلك، إذا لم يندفع إلا بإخراجه فإن لذلك أيضا، على هذا القول.
وأدلة هذا القول من حيث عدم الجواز ظاهر من حيث الدليل، ووجهوا فعل أبي بكر لأنه لم يسأل بعد الصلاة وإنما وجده في طرف المسجد يعرض حاجته، وهذا غير المسألة تلتي فيها الخلاف.
فإذن وجه الدليل يدلّ على عدم جواز السؤال في المساجد، وعلى أن السنة أن الإمام إذا علم حاجة محتاج فإنّه يدفع في ذلك ويحدّث الناس بذلك لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فيما رواه الشيخان «اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء» والشفاعة من شفع شفاعة حسنة أجر عليها إذا علم تحقق أن هذا محتاج فكونه يسعى في ذلك ويحدث الناس بأني أنا محتاج موجود من صفته كذا وكذا أعطوه، هذا له أصل في السنة وهو حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما ما ترونه اليوم من أنه بعد كل صلاة حدث اثنين وثلاثة ويقطعون على الناس تسبيحهم، وبعضهم ينمق الخطابة ويتحدث بحديث طويل أو يظهر عاهة أو نحو ذلك، هذا لاشك أنه ليس مما كان في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو أولى بالمنع من كثير من المسائل التي يُمنع منها بعض المأمومين كالدعاء بعد الصلاة ونحوها؛ لأنها لم تكن في السنة بيقين.
وأئمة الدعوة رحمهم الله هديهم في المساجد كان على هذا، أنه إذا علم محتاجا في البلد أو قدم عليه من هو محتاج تكلّم الإمام: هنا محتاج يحتاج إلى بيت تصدقوا جزاكم الله خيرا. يعطوه الجماعة أو هو يكون موجودا فيعطونه وهذا هو التعاون على البر والتقوى.
أما الإذن للناس أنه كل من أراد ويسأل ويقطع الذكر وربما شوش على المصلين ويعني هذا فيه نظر ظاهر.
سائل: العوامل ينكرون على الإمام.
فيبين لهم يدفعه بالتي هي أسهل، يدفعه والإمام يكون حكيما ما يجعل المسألة مرادّة صوت يكون حكيما يدفع بالتي هي أسهل ويعلم الناس الحكم وإن شاء الله يتعلموا ذلك.
من سأل وأحب أحد أن يعطيه فهذا صدقة.
??(??
[الأسئلة]
س/... مسألة وهي: أن كل من انتسب إلى القبلة من أهل الأهواء والبدع وغيرهم ينتسبون إلى الإسلام، ومن قال إن المجتمعات مجتمعات جاهلية فكيف يكون الإيضاح على هذا الأمر؟
ج/ الأول ذكرناه وقررناه لكم فيما سبق أن من كان منتسبا إلى القبلة بالصلاة إليها من أهل التوحيد فهو من أهل القبلة، وإذا عرض له هوى أو بدعة فإن البدعة درجات والأهواء أيضا درجات، فلا نخرجه من الإسلام لبدعة فيه يعني لمجرد بدعة فيه أو بكل بدعة فيه، ولا نخرجه من الإسلام لمجرد الهوى الذي يكون في هذه الأمة؛ بل لابد أن يكون الهوى مؤثرا أو أن تكون البدعة مغلظة مكفرة.
أما من قال مجتمعات المسلمين اليوم مجتمعات جاهلية، فهذا باطل؛ لأن الجاهلية في النصوص هي اسم لفترة زمنية مضت قال جل وعلا ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وقال سبحانه ?أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ?[المائدة:50]، وهذه الجاهلية تكون في العقيدة في العبادة تكون في الأحوال الاجتماعية وتكون في الأخلاق تكون في الآداب، فهي من جهة الزمان انقضت زمانها ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، وأما من جهة المكان فإن الجاهلية اسم يتبع صفة الجهل، والجهل يتنوع، والجهل العام ارتفع ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، لهذا قال عليه الصلاة والسلام «لا تزال طائفة من أمتي على الحق» ووجود هذه الطائفة على الحق حتى قيام الساعة يمنع رجوع الجهل العام ورجوع الجاهلية العامة.
فإذن الجاهلية العامة في الأمكنة ذهبت، وجاهلية الزمان ذهبت، بقي نوع آخر من الجاهلية وهو جاهلية الصفات، فمن أشبه أهل الجاهلية في صفة فهو مشارك لهم في هذه الصفة، كما قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما عيّر رجلا أسودا بأمه فقال له: يا ابن السوداء. قال له عليه الصلاة والسلام «إنك امرؤ فيك جاهلية» يعني فيك خصلة من خصال أهل الجاهلية، وخصال الجاهلية متنوعة كثيرة دل عليها القرآن والسنة يعني فيما خالف فيه رسول الله ( أهل الجاهلية، وألّف في هذا إمام هذه الدعوة الكتاب المشهور مسائل أهل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله ( أهل الجاهلية، وتلك المسائل منها ما هو مكفّر كعبادة غير الله، منها ما هو في الاعتقادات، منها ما هو في المسائل العملية، ومنها ما هو في الاجتماعيات، ومنها ما هو في الأقوال إلى آخره، فالجاهلية جاهلية الصفات هذه باقية، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «تسلكُنَّ مسلك الأمم من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع» قالوا: يا رسول الله فارس والروم؟ قال «فمن الناس إلا أولئك»، فارس والروم خصالهم من خصال الجاهلية؛ بل خصالهم خصال جاهلية في الاعتقاد وفي الأقوال وفي الأعمال، فدل على أن خصال الجاهلية تكون في هذه الأمم.
فإذن وصف الأرض أنها صارت إلى جاهلية هذا باطل، ومناقض لحكم النبي (؛ بل وحكم الله جل جلاله في قوله ?هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا?[الفتح:28]، فظهر دين محمد عليه الصلاة والسلام على كل دين وظهرت ملته على كل ملة وظهر هديه على كل هدي.
والحمد لله على ذلك كما قال جل جلاله ?وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ?[الشرح:4]، فرفع ذكر محمد عليه الصلاة والسلام فوق ذكر غيره، فصار هو المقدم عليه الصلاة والسلام في الاتباع وفي الهدي في أكثر الأرض ولله الحمد.
كذلك جاهلية الزمان لا يوجد زمان يكون الزمان زمان جاهلية؛ لأن زمن الجاهلية انتهى ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، فلا يقال مثلا هذا القرن قرن جاهلي، أهل هذا القرن في جاهلية ونحو ذلك؛ بل لا تزال في أمة محمد عليه الصلاة والسلام صنوف الخير ولله الحمد على منته وتوفيقه.
س/ هل يجوز وضع ما يسمى بالدَّفَّايات في المسجد وهي تشتعل نارا؟
ج/ لا بأس من وضع ما يدفئ في المسجد؛ لكن قال بعض أهل العلم: يكره استقبال ما فيه نار أو ما عُبِد من دون الله؛ يعني لأن النار عُبدت عبدها المجوس، فكرهوها لأجل نوع المشابهة؛ لكن هذه الكراهية وهو مذهب الحنابلة ليست بجيّدة؛ بل الصواب الجواز، استدل البخاري رحمه الله على الجواز بأن النبي ( عُرضت له الجنة وهو يصلي وعرضت له النار فتراجع لما صارت النار أمامه عليه الصلاة والسلام فيستدل بذلك على أن هذا النهي أو هذه الكراهة التي ذهب إليها طائفة من أهل العلم أن الصواب الجواز، لعدم الدليل الواضح على الكراهة، وهو ورود الدليل من فعله عليه الصلاة والسلام.
نكتفي بهذا، اقرأ...
??(??
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 30-06-2024, 01:59 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 27-12-2019, 02:38 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 13-12-2019, 11:32 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 24-05-2010, 07:00 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 10-04-2010, 10:14 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات