بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
سفر الحكمة 14
8 أَمَّا الْخَشَبُ الْمَصْنُوعُ صَنَماً فَمَلْعُونٌ هُوَ وَصَانِعُهُ. أَمَّا هذَا فَلأَنَّهُ عَمِلَهُ، وَأَمَّا ذَاكَ فَلأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ فَاسِداً سُمِّيَ إِلهاً.
9 فَإِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْمُنَافِقَ وَنِفَاقَهُ عَلَى السَّوَاءِ،
10 فَيُصِيبُ الْعِقَابُ الْمَصْنُوعَ وَالصَّانِعَ.
11 لِذلِكَ سَتُفْتَقَدُ أَصْنَامُ الأُمَمِ أَيْضاً، لأَنَّهَا صَارَتْ فِي خَلْقِ اللهِ رِجْساً، وَمَعْثَرَةً لِنُفُوسِ النَّاسِ، وَفَخًّا لأَقْدَامِ الْجُهَّالِ،
12 لأَنَّ اخْتِرَاعَ الأَصْنَامِ هُوَ أَصْلُ الْفِسْقِ، وَوِجْدَانَهَا فَسَادُ الْحَيَاةِ.
13 وَهِيَ لَمْ تَكُنْ فِي الْبَدْءِ، وَلَيْسَتْ تَدُومُ إِلَى الأَبَدِ،
14 لأَنَّهَا إِنَّمَا دَخَلَتِ الْعَالَمَ بِحُبِّ النَّاس لِلْمَجْدِ الْفَارِغِ، وَلِذلِكَ قَدْ عُزِمَ عَلَى إِلْغَائِهَا عَنْ قَرِيبٍ.
15 وَذلِكَ أَنَّ وَالِداً قَدْ فُجِعَ بِثُكْلٍ مُعَجَّلٍ؛ فَصَنَعَ تِمْثَالاً لاِبْنِهِ الَّذِي خُطِفَ سَرِيعاً، وَجَعَلَ يَعْبُدُ ذلِكَ الإِنْسَانَ الْمَيْتَ بِمَنْزِلَةِ إِلهٍ، وَرَسَمَ لِلَّذِينَ تَحْتَ يَدِهِ شَعَائِرَ وَذَبَائِحَ.
16 ثُمَّ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ تَأَصَّلَتْ تِلْكَ الْعَادَةُ الْكُفْرِيَّةُ؛ فَحُفِظَتْ كَشَرِيعَةٍ، وَبِأَوَامِرِ الْمُلُوكِ عُبِدَتِ الْمَنْحُوتَاتُ.
17 وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَطِعْ النَّاسُ إِكْرَامَهُمْ بِمَحْضَرِهِمْ لِبُعْدِ مُقَامِهِمْ، صَوَّرُوا هَيْئَاتِهِمِ الْغَائِبَةَ، وَجَعَلُوا صُورَةَ الْمَلِكِ الْمُكْرَمِ نُصْبَ الْعُيُونِ، حِرْصاً عَلَى تَمَلُّقِهِ فِي الْغَيْبَةِ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ.
18 ثُمَّ إِنَّ حُبَّ الصُّنَّاعِ لِلْمُبَاهَاةِ، كَانَ دَاعِيَةً لِلْجَاهِلِينَ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي هذِهِ الْعِبَادَةِ،
19 فَإِنَّهُمْ رَغْبَةً فِي إِرْضَاءِ الآمِرِ، قَدْ أَفْرَغُوا وُسْعَهُمْ فِي الصِّنَاعَةِ، لإِخْرَاجِ الصُّورَةِ عَلَى غَايَةِ الْكَمَالِ،
20 فَاسْتُمِيلَ الْجُمْهُورُ بِبَهْجَةِ ذلِكَ الْمَصْنُوعِ، حَتَّى إِنَّ الَّذِي كَانُوا قَبْلَ قَلِيلٍ يُكْرِمُونَهُ كَإِنْسَانٍ عَدُّوهُ إِلهاً.
21 وَبِهذَا كَانَ اقْتِنَاصُ الْخَلْقِ؛ فَإِنَّ رَزِيئَةَ بَعْضِ النَّاسِ أَوِ اقْتِسَارَ الْمُلُوكِ اسْتَعْبَدَهُمْ، حَتَّى جَعَلُوا عَلَى الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الاِسْمَ الَّذِي لاَ يُشْرَكُ فِيهِ أَحَدٌ.
22 ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِضَلاَلِهِمْ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ، لكِنَّهُمْ غَاصُوا فِي حَرْبِ الْجَهْلِ الشَّدِيدَةِ، وَهُمْ يُسَمُّونَ مِثْلَ هذِهِ الشُّرُورِ سَلاَماً.
سفر الحكمة 13
10 أَمَّا الَّذِينَ سَمَّوْا أَعْمَالَ أَيْدِي النَّاسِ آلِهَةً، الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَمَا اخْتَرَعَتْهُ الصِّنَاعَةُ، وَتَمَاثِيلَ الْحَيَوَانِ وَالْحَجَرَ الْحَقِيرَ مِمَّا صَنَعْتَهُ يَدٌ قَدِيمَةٌ؛ فَهُمْ أَشْقِيَاءُ وَرَجَاؤُهُمْ فِي الأَمْوَاتِ.
11 يَقْطَعُ نَجَّارٌ شَجَرَةً مِنَ الْغَابَةِ طَوْعَ الْعَمَلِ، وَيُجَرِّدُهَا بِحِذْقِهِ مِنْ قِشْرِهَا كُلِّهِ، ثُمَّ بِحُسْنِ صِنَاعَتِهِ يَصْنَعُهَا آلَةً تَصْلُحُ لِخِدْمَةِ الْعَيْشِ،
12 وَيَسْتَعْمِلُ نُفَايَتَهَا وَقُوداً لإِعْدَادِ طَعَامِهِ.
13 ثُمَّ يَأْخُذُ قِطْعَةً مِنْ نُفَايَتِهَا لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ، خَشَبَةً ذَاتَ اعْوِجَاجٍ وَعُقَدٍ، وَيَعْتَنِي بِنَقْشِهَا فِي أَوَانِ فَرَاغِهِ، وَيُصَوِّرُهَا بِخُبْرَةِ صِنَاعَتِهِ عَلَى شَكْلِ إِنْسَانٍ،
14 أَوْ يُمَثِّلُ بِهَا حَيَوَاناً خَسِيساً، وَيَدْهُنُهَا بِالإِسْفِيدَاجِ، وَيُحَمِّرُ لَوْنَهَا بِالزُّنْجُفْرِ، وَيَطْلِي كُلَّ لَطْخَةٍ بِهَا.
15 وَيَجْعَلُ لَهَا مَقَاماً يَلِيقُ بِهَا، وَيَضَعُهَا فِي الْحَائِطِ وَيُوَثِّقُهَا بِالْحَدِيدِ،
16 وَيَتَحَفَّظُ عَلَيْهَا أَنْ لاَ تَسْقُطَ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا لاَ تَقُومُ بِمَعُونَةِ نَفْسِهَا، إِذْ هِيَ تِمْثَالٌ يَفْتَقِرُ إِلَى مَنْ يُعِينُهُ.
17 ثُمَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهَا عَنْ أَمْوَالِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَبَنِيهِ، وَلاَ يَخْجَلُ أَنْ يُخَاطِبَ مَنْ لاَ رُوحَ لَهُ.
18 فَيَطْلُبُ الْعَافِيَةَ مِنَ السَّقِيمِ، وَيَسْأَلُ الْمَيْتَ الْحَيَاةَ، وَيَسْتَغِيثُ بِمَنْ هُوَ أَعْجَزُ شَيْءٍ عَنِ الإِغَاثَةِ،
19 وَيَتَوَسَّلُ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ إِلَى مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ، وَيَلْتَمِسُ النُّصْرَةَ فِي الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ وَنُجْحِ الْمَسَاعِي مِمَّنْ هُوَ أَقْصَرُ مَوْجُودٍ بَاعاً.
المفضلات