مرحبا انا لدي سؤال يرادوني منذ فترة طويلة
لماذا المسلمين الذين ينجبون من الجواري بدون زواج ابنائهم يعتبرون ابناء حلال و شرف لكن العشاق الذين ينجبون بدون زواج يعتبرون زناة و ابنائهم ابناء زنا و حرام ؟
مرحبا انا لدي سؤال يرادوني منذ فترة طويلة
لماذا المسلمين الذين ينجبون من الجواري بدون زواج ابنائهم يعتبرون ابناء حلال و شرف لكن العشاق الذين ينجبون بدون زواج يعتبرون زناة و ابنائهم ابناء زنا و حرام ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
السلام على من اتبع الهدى
يقول الحق : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } النساء 3
وهناك من يقف عند ((مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) ويتجادل ، ونطمئن هؤلاء الذين يقفون عند هذا القول ونقول : لم يعد هناك مصدر الآن لملك اليمين ؛ لأن المسلمين الآن في خنوع ، وقد اجترأ عليهم الكفار ، وصاروا يقتطعون دولاً من دولهم . وما هبّ المسلمون ليقفوا لحماية أرض إسلامية . ولم تعد هناك حرب بين المسلمين وكفار ، بحيث يكون فيه أسرى و (( ملك اليمين)) .
ولكنا ندافع عنه أيام كان هناك ملك يمين . ولنر المعنى الناضج حين يبيح الله متعة السيد بما ملكت يمينه ، انظر إلى المعنى ، فالإسلام قد جاء ومن بين أهدافه أن يصفي الرق ، ولم يأت ليجئ بالرق .
وبعد أن كان لتصفية الرق سبب واحد هو إدارة السيد . عدَّدَ الإسلام مصاريف تصفية الرق ؛ فارتكاب ذنب ما يقال للمذنب : اعتق رقبة كفارة اليمين . وكفارة ظهار فيؤمر رجل ظاهر من زوجته بأن يعتق رقبة وكفارة فطر في صيام ، وكفارة قتل ... إلخ .... إذن الإسلام يوسع مصارف العتق .
ومن يوسع مصاريف العتق أيريد أن يبقى على الرق ، أم يريد أن يصفيه ويمحوه ؟
لنفترض أن مؤمناً لم يذنب ، ولم يفعل ما يستحق أن يعتق من أجله رقبة ، وعنده جوار ، هنا يضع الإسلام القواعد لمعاملة الجواري :
ـ إن لم يكن عندك ما يستحق التكفير ، فعليك أن تطعم الجارية مما تأكا وتلبسها ما يلبس أهل بيتك ، لا تكلفها ما لا تطيق ، فإن كلفتها فأعنها ، أي فضل هذا ، يدها بيد سيدها وسيدتها ، فما الذي ينقصها ؟ إن الذي ينقصها إرواء إلحاح الغريزة ، وخاصة أنها تكون في بيت رجل فيه امرأة ، وتراها حين تتزين لزوجها ، وتراها حين تخرج في الصباح لتستحم ، والنساء عندهن حساسية لهذا الأمر ، فتصوروا أن واحدة مما ملكت يمين السيد بهذه المواقف ؟ ألا تهاج في الغرائز؟
حين يبيح الله للسيد أن يستمتع بها وأن تستمتع به ، فإنه يرحمها من هذه الناحية ويعلمها أنها لا تقل عن سيدتها امرأة الرجل فتتمتع مثلها . ويريد الحق أيضاً أن يعمق تصفية الرق ، لأنه إن زوجها من رجل رقيق فإنها تظل جارية أمة ، والذي تلده يكون رقيقاً ، لكن عندما تتمتع مع سيدها وتأتي منه بولد ، فإنها تكون قد حررت نفسها وحررت ولدها ، وفي ذلك زيادة في تصفية الرق ، وفي ذلك إكرام لغريزتها . ولكن الحمقى يريدون أن يؤاخذوا الإسلام على هذا !!
يقول الحق : ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )) فالعدل أو الأكتفاء بواحدة أو ما ملكت اليمين ، ذلك أقرب ألا تجوروا .
من خواطر الإمام / محمد متولي الشعراوي
نأتى لسؤالك
السبب أنّ الجارية عندما يدخل بها سيدها بشروط الدخول أصبح كالزواج ولكن بدون عقد فالعقد هو عقد ملكها و انظر الى الأيات التالية و تفسيرها و فيها كيف سهل الاسلام الزواج من الإماء
( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 25 ) ) النساء
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا ) أَيْ : فَضْلًا وَسَعَةً ، ( أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ ) الْحَرَائِرَ ( الْمُؤْمِنَاتِ ) قَرَأَ الْكِسَائِيُّ ( الْمُحْصِنَاتِ ) بِكَسْرِ الصَّادِ حَيْثُ كَانَ ، إِلَّا قَوْلَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ جَمِيعِهَا ، ( فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ ) إِمَائِكُمْ ، ( الْمُؤْمِنَاتِ ) [ ص: 197 ] أَيْ : مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَهْرِ الْحُرَّةِ الْمُؤْمِنَةِ ، فَلْيَتَزَوَّجِ الْأَمَةَ الْمُؤْمِنَةَ .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ نِكَاحُ الْأَمَةِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : أَنْ لَا يَجِدَ مَهْرَ حُرَّةٍ ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعَنَتِ ، وَهُوَ الزِّنَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ : ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ ) وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ .
وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لِلْحُرِّ نِكَاحُ الْأَمَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي نِكَاحِهِ حُرَّةٌ ، أَمَّا الْعَبْدُ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ فِي نِكَاحِهِ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ، كَمَا يَقُولُ فِي الْحُرِّ .
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِأَنَّهُ قَالَ ( فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) جَوَّزَ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : " وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابِ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " ( الْمَائِدَةِ - 5 ) أَيْ : الْحَرَائِرُ ، جَوَّزَ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ ، بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ ، وَبِالِاتِّفَاقِ يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ .
[ ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ) أَيْ : لَا تَتَعَرَّضُوا لِلْبَاطِنِ فِي الْإِيمَانِ وَخُذُوا بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ] .
( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) قِيلَ : بَعْضُكُمْ إِخْوَةٌ لِبَعْضٍ ، وَقِيلَ : كُلُّكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَسْتَنْكِفُوا مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ ، ( فَانْكِحُوهُنَّ ) يَعْنِي : الْإِمَاءَ ( بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) أَيْ : مَوَالِيهِنَّ ، ( وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) مُهُورَهُنَّ ، ( بِالْمَعْرُوفِ ) مِنْ غَيْرِ مَطْلٍ وَضِرَارٍ ، ( مُحْصَنَاتٍ ) عَفَائِفَ بِالنِّكَاحِ ، ( غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ ) أَيْ : غَيْرَ زَانِيَاتٍ ، ( وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ) أَيْ : أَحْبَابٍ تَزْنُونَ بِهِنَّ فِي السِّرِّ ، قَالَ الْحَسَنُ : الْمُسَافِحَةُ هِيَ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَعَاهَا تَبِعَتْهُ ، وَذَاتُ أَخْدَانٍ أَيْ : تَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ لَا تَزْنِي إِلَّا مَعَهُ ، وَالْعَرَبُ كَانَتْ تُحَرِّمُ الْأُولَى وَتُجَوِّزُ الثَّانِيَةِ ، ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَالصَّادِ ، أَيْ : حَفِظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : أَسْلَمْنَ ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ : ( أُحْصِنَّ ) بِضَمِّ الْأَلْفِ وَكَسْرِ الصَّادِ ، أَيْ : زُوِّجْنَ ( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ ) يَعْنِي : الزِّنَا ، ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ ) أَيْ : مَا عَلَى الْحَرَائِرِ الْأَبْكَارِ إِذَا زَنَيْنَ ، ( مِنَ الْعَذَابِ ) يَعْنِي : الْحَدَّ ، فَيُجْلَدُ الرَّقِيقُ إِذَا زَنَى خَمْسِينَ جَلْدَةً ، وَهَلْ يُغَرَّبُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ ، فَإِنْ قُلْنَا يُغَرَّبُ فَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَلَا رَجْمَ عَلَى الْعَبِيدِ .
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ : أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي فِتْيَةٍ مِنْ [ ص: 198 ] قُرَيْشٍ فَجَلَدْنَا وَلَائِدَ مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا .
وَلَا فَرْقَ فِي حَدِّ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ مِنَ الْمَمَالِيكِ إِذَا زَنَى ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : ( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ ) وَرَوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ .
وَمَعْنَى الْإِحْصَانُ عِنْدَ الْآخَرِينَ الْإِسْلَامُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّزْوِيجَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّزْوِيجَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا بِالتَّزْوِيجِ فَلَا رَجْمَ عَلَيْهِ ، إِنَّمَا حَدُّهُ الْجِلْدُ بِخِلَافِ الْحُرِّ ، فَحَدُّ الْأَمَةِ ثَابِتٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَبَيَانُ أَنَّهُ بِالْجِلْدِ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي الْمُقْبُرِيَّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيِّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ " .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( ذَلِكَ ) يَعْنِي : نِكَاحَ الْأَمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ ، ( لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ ) يَعْنِي : الزِّنَا ، يُرِيدُ الْمَشَقَّةَ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ ، ( وَإِنْ تَصْبِرُوا ) عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ مُتَعَفِّفِينَ ، ( خَيْرٌ لَكُمْ ) لِئَلَّا يُخْلَقُ الْوَلَدُ رَقِيقًا ( وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
تفسير البغوي » سورة النساء
التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 12-05-2018 الساعة 09:14 PM
هل الله يُعذب نفسه لنفسه!؟هل الله يفتدى بنفسه لنفسه!؟هل الله هو الوالد وفى نفس الوقت المولود!؟ يعنى ولد نفسه سُبحان الله تعالى عما يقولون ويصفون
راجع الموضوع التالي
( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 33 ) ) النور
( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا ) أَيْ : لِيَطْلُبِ الْعِفَّةَ عَنِ الْحَرَامِ وَالزِّنَا الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا لَا يَنْكِحُونَ بِهِ لِلصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ ، ( حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) أَيْ : يُوَسِّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ . [ ص: 41 ]
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ ) أَيْ : يَطْلُبُونَ الْمُكَاتَبَةَ ، ( مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ ) سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رُوِيَ أَنَّ غُلَامًا لِحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى سَأَلَ مَوْلَاهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فَكَاتَبَهُ حُوَيْطِبٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ ، وَوَهَبَ لَهُ مِنْهَا عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَدَّاهَا ، وَقُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي الْحَرْبِ
وَالْكِتَابَةُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِمَمْلُوكِهِ : كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا مِنَ الْمَالِ ، وَيُسَمِّيَ مَالًا مَعْلُومًا ، يُؤَدَّى ذَلِكَ فِي نَجْمَيْنِ أَوْ نُجُومٍ مَعْلُومَةٍ فِي كُلِّ نَجْمٍ كَذَا ، فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَالْعَبْدُ يَقْبَلُ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَدَّى الْمَالَ عَتَقَ ، وَيَصِيرُ الْعَبْدُ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ، وَإِذَا أُعْتِقَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ فَمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ ، يَكُونُ لَهُ ، وَيَتْبَعُهُ أَوْلَادُهُ الَّذِينَ حَصَلُوا فِي حَالِ الْكِتَابَةِ فِي الْعِتْقِ ، وَإِذَا عَجْزَ عَنْ أَدَاءِ الْمَالِ كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَفْسِخَ كِتَابَتَهُ وَيَرُدَّهُ إِلَى الرِّقِّ ، وَمَا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ ، لِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ " . وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا : " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ " .
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : ( فَكَاتِبُوهُمْ ) أَمْرُ إِيجَابٍ ، يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ الَّذِي عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا إِذَا سَأَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ ، عَلَى قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَإِنْ سَأَلَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَجِبُ ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَتَلَكَّأَ عَنْهُ فَشَكَا إِلَى عُمَرَ ، فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ وَأَمَرَهُ بِالْكِتَابَةِ فَكَاتَبَهُ . وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ . وَلَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ نَجْمَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ إِرْفَاقًا بِالْعَبْدِ ، وَمِنْ تَتِمَّةِ الْإِرْفَاقِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ عَلَى مَهَلٍ ، فَيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ ، كَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ [ ص: 42 ] الْخَطَأِ ، وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ فَكَانَتْ عَلَيْهِمْ مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ الْكِتَابَةَ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ وَحَالَّةً .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْخَيْرِ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : قُوَّةً عَلَى الْكَسْبِ . وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ : مَالًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " إِنْ تَرَكَ خَيْرًا " ( الْبَقَرَةِ - 180 ) أَيْ : مَالًا وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدًا لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ لَهُ : كَاتِبْنِي ، قَالَ : أَلَكَ مَالٌ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : تُرِيدُ أَنْ تُطْعِمَنِي مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ . قَالَ الزَّجَّاجُ : لَوْ أَرَادَ بِهِ الْمَالَ لَقَالَ : إِنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ خَيْرًا . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ زَيْدٍ وَعُبَيْدَةُ : صِدْقًا وَأَمَانَةً وَقَالَ طَاوُسٌ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : مَالًا وَأَمَانَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَظْهَرُ مَعَانِي الْخَيْرِ فِي الْعَبْدِ : الِاكْتِسَابُ مَعَ الْأَمَانَةِ ، فَأُحِبُّ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِذَا كَانَ هَكَذَا .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْجُورَبَذِيُّ ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ يُرِيدُ الْعَفَافَ ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ : " إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا " أَيْ : أَقَامُوا الصَّلَاةَ . وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بَالِغًا عَاقِلًا فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا تَصْحُ كِتَابَتُهُمَا لِأَنَّ الِابْتِغَاءَ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ . وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ كِتَابَةَ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ .
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هَذَا خِطَابٌ لِلْمَوَالِي ، يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْ مُكَاتَبِهِ مِنْ مَالِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ . [ ص: 43 ] ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ ، فَقَالَ قَوْمٌ : يَحُطُّ عَنْهُ رُبُعَ مَالِ الْكِتَابَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلَيٍّ ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلَيٍّ مَرْفُوعًا ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَحُطُّ عَنْهُ الثُّلُثَ . وَقَالَ الْآخَرُونَ : لَيْسَ لَهُ حَدٌّ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ مَا شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ .
قَالَ نَافِعٌ : كَاتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ غُلَامًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَاتَبَ مُكَاتَبَهُ لَمْ يَضَعْ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ أَوَّلِ نُجُومِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَعْجِزَ فَتَرْجِعَ إِلَيْهِ صَدَقَتُهُ ، وَوَضَعَ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ مَا أَحَبَّ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ . وَالْوُجُوبُ أَظْهَرُ . وَقَالَ قَوْمٌ : أَرَادَ بِقَوْلِهِ : " وَآتَوْهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ " أَيْ سَهْمَهُمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَفِي الرِّقَابِ " ( التَّوْبَةِ - 60 ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : هُوَ حَثٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ عَلَى مَعُونَتِهِمْ
وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ : فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَمُوتُ رَقِيقًا ، وَتَرْتَفِعُ الْكِتَابَةُ سَوَاءٌ تَرَكَ مَالًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَرْتَفِعُ الْبَيْعُ . وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَقَتَادَةُ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ . وَقَالَ قَوْمٌ : إِنْ تَرَكَ وَفَاءً بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ كَانَ حُرًّا وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ ، فَالزِّيَادَةُ لِأَوْلَادِهِ الْأَحْرَارِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَالْحَسَنِ ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُعَلَّقٌ بِالْأَدَاءِ ، وَقَدْ وُجِدَ وَتَبِعَهُ الْأَوْلَادُ وَالِاكْتِسَابُ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ : وَهِيَ أَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى فَسْخَهَا مَا لَمْ يَعْجِزِ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى ، وَيَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ [ ص: 44 ] عَنِ النُّجُومِ ، وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ يَمْلِكُ الْمَوْلَى فَسْخَهَا قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِ ، حَتَّى لَوْ أَدَّى الْمَالَ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَعْتِقُ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ عَنِ النُّجُومِ ، وَإِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِأَدَاءِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ التَّرَاجُعُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ، وَيَثْبُتُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ، فَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ رَقَبَتِهِ ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مَالًا .
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : ( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ الْمُنَافِقِ ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَتَانِ : مُعَاذَةُ وَمُسَيْكَةُ ، وَكَانَ يُكْرِهُهُمَا عَلَى الزِّنَا بِالضَّرِيبَةِ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، يُؤَجِّرُونَ إِمَاءَهُمْ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ قَالَتْ مُعَاذَةُ لِمُسَيْكَةَ : إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ ، فَإِنْ يَكُ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرْنَا مِنْهُ ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا فَقَدْ آنَ لَنَا أَنْ نَدَعَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ . وَرُوِيَ أَنَّهُ جَاءَتْ إِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ يَوْمًا بِبُرْدٍ وَجَاءَتِ الْأُخْرَى بِدِينَارٍ ، فَقَالَ لَهُمَا : ارْجِعَا فَازْنِيَا ، قَالَتَا : وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ ، قَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَحَرَّمَ الزِّنَا ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَكَتَا إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ
( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ ) إِمَاءَكُمْ ( عَلَى الْبِغَاءِ ) أَيْ : الزِّنَا ( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) أَيْ : إِذَا أَرَدْنَ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الشَّرْطُ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِكْرَاهُهُنَّ عَلَى الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْنَ تَحَصُّنًا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " ( آلِ عِمْرَانَ - 139 ) ، أَيْ : إِذَا كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَقِيلَ : شَرَطَ إِرَادَةَ التَّحَصُّنِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ ، فَإِذَا لَمْ تُرِدِ التَّحَصُّنَ بَغَتْ طَوْعًا ، وَالتَّحَصُّنُ : التَّعَفُّفُ . وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهَا : وَأَنْكَحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ .
تفسير البغوي » سورة النور
راجع ايضاً
https://www.ebnmaryam.com/vb/t207244.html
الرجاء الرد على شبهة ملك اليمين.
الرد على : المرأة تشارك ثلاثة نساء مع زوجها أو عدد لا نهائي من ملكات اليمين
التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 12-05-2018 الساعة 09:07 PM
هل الله يُعذب نفسه لنفسه!؟هل الله يفتدى بنفسه لنفسه!؟هل الله هو الوالد وفى نفس الوقت المولود!؟ يعنى ولد نفسه سُبحان الله تعالى عما يقولون ويصفون
راجع الموضوع التالي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات