أخطاء شائعة في العقيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
والمتأمل في بلاد الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها يشاهد أنواعاً من الأخطاء، لا أقول الأخطاء الصغيرة ولكن الأخطاء الكبيرة المنتشرة وتلك الأخطاء بدأت تغزونا هنا ، وبدأت تغزو البلد الذي ينهج مجتمعا منهج الشيخ محمد عبد الوهاب المجدد رحمه الله تعالى ومن ثم كان اقتداء المسلمين في كل مكان بما كان هذا الاقتداء يدعونا إلى أن ننتبه أكثر إلى أخطاءنا.
وحتى لا يطول بنا الوقت فإننا نبدأ بذكر هذه الأخطاء وقد قسمتها إلى مجموعات:
المجموعة الأولى: أخطاء في قضايا عامة تتعلق بالعقيدة .
وأولها: أخطاء في مفهوم لا إله إلا الله ، فإن كثيراً من الناس يفهم مِنْ لا إله إلا الله أنها كلمة يقولها بلسانه وينسى أن هذه الكلمة تقتضي منه أشياء وأشياء، ومن هذه الأشياء التي تقتضيها كلمه التوحيد ركناها :
النفي والإثبات ..
النفي : بأن ينفي الإنسان أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تبارك وتعالى.
والإثبات: بأن يصرف جميع أنواع العبادة لله وحدة لا شريك له .
ومدلول هذا: إخلاص الدين لله والكفر بالطاغوت . ولذا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}النحل36 فمدلول لا إله إلا الله هو الإيمان بالله ومدلولها أيضا هو الكفر بالطاغوت.
والخطأ الذي يشيع عند بعض الناس اليوم هو ظنهم أن لا إله إلا الله هو عبادة الله فقط ونقول نحن :
هذا هو مقتضاها وركنها الأول، ولكن لها مقتضى آخر وركن لا بد منه ألا وهو الكفر بالطاغوت ، فلا بد من البراءة من الشرك والكفر بالطواغيت جميعاً ، وهذه هي ملة إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل السلام والتسليم {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}الممتحنة4 وهذا الخطأ الشائع مما ينبغي أن ننتبه له جيداً .
ثانياً: ومن الأخطاء في القضايا العامة خلطاً في مفهوم الولاء والبراء فإن الناس إذا فتشت في أحوالهم وجدتهم خلطوا في هذه الأصل من عدة وجوه: وجهان
أولهما : موالاة الكفار وموالاة الكفار مناقضة لمفهوم الولاء والبراء في الإسلام؛ لأن هؤلاء الكفار مهما تعددت دياناتهم سواء أكانوا وثنيين أو كتابين فهم أعداء لنا والله سبحانه يقول وهو أصدق القائلين ومَن أصدق مِن الله قيلا ومَن أصدق مِن الله حديثا يقول {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}البقرة120 فموالاة الكفار بأي نوع من أنواع الموالاة مناقضاً لذلك الأصل الولاء والبراء .
الولاء للمسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها ، والبراء من الكفار جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها.
والوجه الثاني من الخلط في باب الولاء والبراء : هو استبدال استبدال الولاء للقبيلة أو للبلد ، استبدالها بعقيدة الولاء والبراء، وهذا أيضاً خطأ شائع ، فإن بعض الناس يوالي الآخرين ؛ لأنه من القبيلة الفلانية، لأنه من البلد الفلاني، ثم بعد ذلك لا يزن علاقاته بالناس بميزان التقوى القائم على ميزان الولاء والبراء والحب في الله والبغض في الله ، تجد الواحد من هؤلاء يأتي أو يرى أمامه أحدهما فاسق ضالٌ مضل مطيع عابد لله سبحانه وتعالى، ثم تجده يوالي الأول ؛ لأنه من قبيلته ويتعصب له أحياناً لأنه من بلدته ، ويعادي الثاني لأنه ليس من قبيلته أو لأنه ليس من بلدته وهذا مدخل خطير على الإيمان؛ لأن الإنسان إذا كان ميزانه فقط هو ميزان الجاهلية ، ميزان القبيلة، ميزان الوطن، ميزان المصلحة الشخصية، أو المال ، واستبدل بميزان الولاء والبراء تلك الموازين الجاهلية ، فإن الإنسان والحالة هذه يكون على خطر عظيم، بل الواجب أن يكون دائماً عنوان قلبك ولسانك الحب في الله والبغض في لله ، إذا رأيت الرجل التقي فهو أخي في الله وأحبه في الله ولو كان أبعد بعيد ولو رأيت الفاجر أو الخاطئ أو الكافر أو الفاسق، فإنني أبغضه بغضاً تاماً؛ إن كان كافراً، وأبغضه على قدر معصيته إن كان فاسقا، ولو كان أبي أو أخي أو أقرب الناس لديّ، هذا هو ميزان التوحيد.
إننا نرى ونشاهد يتعصب الإنسان فيها لبلدة تعصب الجاهلية فانتبهوا أيها الأحباب لمثل هذا.
ثالثاً: ومن الأخطاء أيضا العامة خطأ في مفهوم العبادة بحيث أن بعض الناس ظن أن مفهوم العبادة قاصر على أصول العبادة المعروفة من الصلاة والزكاة والحج والصيام ونسي أن العبادة تشمل كل شعب الإيمان ومسائل الإيمان والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) إذن العبادة تشمل كل شيء تشمل أمور الحياة كلها من أولها إلى آخرها، علاقاتك بالأسرة، بالجيران، أمورك الاقتصادية والتعليمية ، علاقاتك كلها بالناس جميعاً، علاقة المجتمع بغيره، العلاقات الاقتصادية السياسية العسكرية العلمية إلى آخره، كل ذلك داخل في مفهوم الشرع وهو داخل في مفهوم العبادة، وإذا كان داخلاً في مفهوم العبادة فمقتضاه أن ينهج فيه وأن يسلك فيه ما أمر الله به وما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، إننا نجد بعض الناس يأتي ويقول : شأنك والمسجد أي الزم الصلاة في المسجد، ودع عنك الناس! هل هذا هو الإسلام؟ وهل هذا هو مفهوم العبادة التي تقوم أسها على طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لا .
إن هذا – إنِ استخدمنا مصطلحاً جديداً - نوع من العلمنة في مفهوم العبادة في الإسلام، نوع من العلمنة تريد أن تحصر العبادة في أنواع خاصة منها ، وهذا خطأ يجب الانتباه له .
رابعاً: ومن المفاهيم العامة في هذا الأصل أيضاً مفهوم الوسط في الدين فبعض الناس إذا رأى المتمسك بدينه ، المحافظ على السنة ، قال له: يا أخي لا تتشدد ، وكن وسطا ، وهو رآه متمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا من المفاهيم الخاطئة؛ لأن معنى ذلك كأنك تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أنت بسنتك متشدد! لماذا لم تقل هكذا يا أبى بكر أو يا عمر أو أي واحد من الصحابة رضوان الله عليهم مِمّنْ تمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزم بها، كأنك تقول له: هؤلاء متشددون، وكان الواجب عليهم أن يكونوا وسطا؛ لأننا نأتي إلى ابننا أو جارنا أو أخينا، فإذا رأيناه متمسكاً بسنة رسول الله عليه وسلم ؛ جئنا لنقول له هذا الكلام : لا تتشدد، وكن وسطا .
ولذا فإننا نقول حول هذه المسألة:
أولاً : إن التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة هو الحق وهو الوسط؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها أبداً غلو ولا تقصير ،ثم نقول:
ثانياً : إن الوسط ورد في القرءان في مثل قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}البقرة143 والمعنى : أن أمته الإسلام أتباع محمدٍ صلى الله عليه وسلم هم وسطاً بين الأمم اليهود والنصارى وغيرهم، كما ورد الوسط أيضاً في منهاج أمة أهل السنة والجماعة ، وذلك حينما يقولون: أهل السنة وسط بين الطوائف المنحرفة والمبتدعة ، فهم وسط مثلا في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والنواصب ، وهم وسط في باب الإيمان ومسائل الأحكام ، وهم وسط في باب القدر بين القدرية والجبرية فهم وسط بين الطوائف جميعا، ثم نقول:
ثالثاً: أما ما يرد عند الناس ونحوهم من قولهم كن وسطا فهذا فيه تفصيل فإن قصد به: ترك السنن وترك التزامها في العبادات والمعاملات وغيرها فلا شك أن هذا باطل؛ لأن الحق هو التزام سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي الوسط .
وأما إن وُجِّه إلى من غلا بالسنة وجاوز الحد فيها وقصر وقيل له كن وسطاً؛ فهذا صحيح .. لكن له أمثلة خاصة ، مثل : ذلك الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا لا أتزوج النساء، نقول له: لا ، تزوجْ فإن الرسول تزوج، وكن وسطا، مثل الذي قال: أنا أقوم الليل كله ولا أنام أبدا ! نقول له: كن وسطاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بهؤلاء وأمثالهم : (أما إني فأخشاكم في الله وإنني أتزوج النساء وأصوم وأفطر وأنام وأستيقظ فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ويقاتل هؤلاء أولئك الذين يتركون جميع النوافل نوافل الصلاة والصيام والأذكار ويؤدي ذلك إلى تقصيرهم، فهذا أيضاً مقصر والأول قد غلا في جانب والوسط هو الصحيح.
إذن هناك مفهوم خاطئ في مسألة مصطلح الوسط ، وهذا المفهوم الخاطئ نطبقه أحياناً على بعض الناس بمنهج خاطئ، وذلك حينما نأتي على من التزم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحيته في لباسه في صلاته في أموره كلها فنأتي ونقول له: لا تتشدد وكن وسطا ، ونقول هذا مفهوم خاطئ .
رابعاً: من المفاهيم الخاطئة أيضاً مصطلح أهل السنة والجماعة ، مصطلح أهل السنة والجماعة في الأرض مصطلح شرعي وردت فيه النصوص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عليكم بالجماعة) وهذان مفهومان ومصطلحان شرعيان.
ولذا كان مصطلح أهل السنة والجماعة مصطلح على كل من التزم بهما في تاريخ الإسلام فمتى وقع الخلط في هذا المصطلح؟ إن الخلط وقع في هذا المصطلح في بداية الافتراق وفي بداية القرن الرابع بشكل أخص وذلك حينما انتسب إلى أهل السنة والجماعة من ليس منهم .
لهذا فإننا نقول : إن انتساب كثير من طوائف الأشاعرة أو الماترودية إلى مصطلح أهل السنة والجماعة انتساب خاطئ ويجب أن يبين هذا المصطلح وأن لا نعدل عنه لأجل أن هناك آخرين تسموا به فإن تسمية الباطل باسم الحق لا يمنعنا بأن نقول الحق والتسمية به ، فنقول : يجب التزام أهل السنة والجماعة على ما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى ، وهذا المصطلح ربما لا نجد له هنا كثيرا الاستعمال لكنه مستعمل في كثير من بلاد الإسلام بحيث يظهر لنا بعض الناس أن تلك الطوائف المبتدعة هي أهل السنة وهم بالحقيقية عندهم مخالفات كثيرة لأهل السنة والجماعة.
خامساً وأخيراً: من الأشياء العامة التي وقع الخلط فيها أيضا مسألة وجوب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه المسألة ظنّ بعض الناس أنها مقتصرة على فئة من الناس وهم الحكام ، ونحن نقول: إن الحكم بما أنزل الله واجب على الجميع ، واجب على الحكام في ما يحكون به بين الناس ولكنه أيضاً واجب على كل فرد في ما يتعلق بأعماله وأفعاله وخاصة شغله ولهذا كان مقتضى توحيد العبادة هذا المقتضى على : كمال الذل لله أولا، وكمال المحبة لله ثانيا، وكمال الطاعة لله ثالثا .
كمال الطاعة مقتضاها: أن تقدم طاعة الله وطاعة رسوله على طاعة من سواهما وأن تحكم بهما وأن تحكمهما بكل شأن من شؤونك .
المرأة المسلمة، الشاب المسلم ، الأسرة المسلمة، المجتمع المسلم، البلد المسلم، الكل يجب عليهم طاعة الله، وأن يعلموا بأن هذا جزء من العقيدة. الطاعة وتحكيم شرع الله جزآن أصيلان من العقيدة؛ لأن أي إنسان لو قال : إنني أعبد الله وحدة لا شريك له فإننا سنقول له: فكيف ستعبد الله؟ على أي منهج ؟ على طريق البوذيين أو على طريقة النصارى؟ أو على طريقة اليهود؟ إنك لن تستطيع أن تحقق العبودية لله وحدة لا شريك له إلا حينما تلتزم طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وتعالوا مثلاً إلى الصلاة كيف سيصلي الإنسان إذا لم يلتزم منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الصلاة وتفاصيلها؟ تعالوا إلى الزكاة، تعالوا إلى الصيام، والى الحج ، تعالوا إلى صلة الأرحام، تعالوا إلى قسمة المواريث ، تعالوا إلى باب الوصايا، تعالوا إلى أبواب النكاح، تعالوا وتعالوا إلى جميع شؤون الحياة ، كيف كيف سننظم أمورنا ونتعبد رينا إلا بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
المجموعة الثانية: أخطاء تتعلق بأنواع من الشركيات ونحوها ومن أوائل تلك الأخطاء كثرة السحرة والكهنة والمشعوذين وغيرهم، ونقول : إن من دلائل ضعف العقيدة كثرة هؤلاء السحرة وكون سوقهم رائجا.
إن هؤلاء لا يكثرون حينما تصحح العقيدة ، لا يكثرون حينما ينشئون في بلداً يؤمنون أن هؤلاء السحرة لا يتعلمون السحر إلا بعد الكفر بالله كما قال الله تبارك وتعالى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ }البقرة102 نعم إن هؤلاء لا يكفرون إلا حينما تضعف العقيدة بالله ويضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى ، لذلك فإننا نقول: إن هناك أمور يجب الانتباه إليها:
أولها : إن الإتيان إلى السحرة والمشعوذين خطر كبير على العقيدة يخشى على صاحبها من الزيغ، فيجب الحذر من هؤلاء ونقول:
ثانياً يجب إقامة حكم الله في هؤلاء السحرة وأن يبن حالهم وأن يبين الحكم فيهم .
والراجح فيهم عند جمهور العلماء أنهم يقتلون سواء كان قتلهم ردة أو قتلهم حدا لكن قتلهم هو أقل حكم لهم يتعلق بشأنهم حتى يتخلص المسلمون من شرورهم .
ثالثاً أن يفضح هؤلاء وأن يبين كذبهم ودجلهم فإن هؤلاء السحرة ، وهؤلاء الكهان كذبوا ولعبوا بعقول الناس ، ولعبوا بعواطفهم فيجب بالحالة هذه أن نحرص كل الحرص على بيان دجلهم وكذبهم ، ولقد كان أئمة الإسلام في السابق يبينون حكم الله فيهم وينفذونه ، ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كان يأمر بقتل السحرة بل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قتلن بعض السحرة ، وفي عهد الخلفاء من بعد ذلك كانوا يقومون على هؤلاء الكهنة والمشعوذين .
فمثلاً سمع أحد الخلفاء بكاهناً يدعي علم المغيبات فلما سمع به الخليفة طلبه أن يأتي إليه فلما دخل عليه والناس من حوله قال له الخليفة: هل أنت تعرف مقدار أعمار الناس قال : نعم إنني أعرف فقال له الخليفة: أنا كم بقي من عمري فذكر له سنتين أو ثلاث سنوات قال لم يبق من عمرك إلا سنتين أو ثلاث سنوات فسأله سؤال آخر قال له: كم بقي من عمرك أنت؟ قال : بقي من عمري ثلاثون سنة ! وهنا كان السياف حاضرا فقال له: اقطع رقبته فلما قص رقبته تبين كذبة في الحالين دعواه أن عمره بقي فيه ثلاثون سنة، وبه يتبين كذبة في ما ادعاه، فهذا جمع ، بين فضحه وبيان كذبه وبين إقامة حكم الله سبحانه وتعالى في مثل هؤلاء المدعين بالمغيبات ، ثم نقول :
ثالثاً: إتيان الكهان ولو من دون تصديقهم لا يجوز وتصديقهم أيضاً لا يجوز والنبي صلى الله عليه وسلم ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) . ونقول أيضاً:
رابعاً: إن هؤلاء الكهنة ونحوهم مما يجب أن ينتبه إلى خطرهم وأنهم يفسدون في الأرض فساداً عظيما ، فإن هؤلاء ينشرون السحر وينشرون الكهانة وينشرون الشرك بالله سبحانه وتعالى ومعلوم أن السحر لا يقوم إلا بعد الكفر بالله والإتيان بناقض صريحاً من نواقض الإسلام نسأل الله السلامة والعافية ، ثم نقول أيضاً : وهذه من الأمور المتعلقة بهذه أن بعض الناس ظن أن النشرة جائزة بجميع صورها وهذه من المفاهيم المتعلقة بالسحر والشعوذة ، والنشرة: هي حل السحر ، ونحن نقول :
إن النشرة قسمان :
حل السحر بسحر مثله فهذا لا يجوز ؛ لأن فيه تصديق السحرة وتعزيزاً لمكانتهم والإتيان إليهم لا يجوز فكيف يطلب منهم بشفاء بعض المرضى والأعمال .
أما النوع الثاني وهو شفاء السحر بالرقي والأدعية من القرءان الكريم ومن الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: إن هذه من الرقى الجائزة.
إن كثيراً من الناس ينكرون بذكر هذه فإذا أصيب أحدهم بمرض قيل له فيه سحر ثم صار يدور به على السحرة في مشارق الأرض ومغاربها ونقول : إن هذا لا يجوز، فلو أنا اتقينا الله سبحانه وتعالى وتعاملنا بالقراءة الشرعية فإن الله سبحانه وتعالى يشفي مرضانا .
وأنا أقول لكم: لقد رأيت أناساً فعلاً أصيبوا بأنواع من السحر ثم إن الله سبحانه وتعالى وفقهم للقراءة الشرعية فقط فشفاهم الله سبحانه وتعالى وفيهم من مُنِع من زوجته عن طريق السحر ثم شفاهم الله سبحانه وتعالى ووجد له الأولاد فاتقوا الله ، واخشوا أليم عقابه فإن الله سبحانه وتعالى يُخشى منه الاستدراج .
ثانياً: ومن أنواع مسائل الشركيات أيضا المشهورة شد الرحل وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ونقول :
إن هذا محرم لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ) وذكرها عليه الصلاة والسلام فمن شد الرحل لقبر وليه أو لقبر رسول الله خاصة ، فقد وقع في النهي الشديد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم قد يقول قائل : إن الرسول إنما نهى عن شد الرحال إلى المساجد فلا ندخل فيها القبور نقول: إن نهي النبي صلى الله عليه وسلم شامل لجميع الأشياء المعظمة من المساجد أو مشاهد أو القبور أو غيرها ، ولهذا لما ذهب أحد الصحابة مسافراً في زيارة جبل الطور في سيناء ولقيه بعد رجوعه صحابي آخر من أين جئت؟ قال : جئتُ من جبل الطور ، ليس فيه قبر وليس فيه مسجد فقال له: لو أنني رأيتك قبل أن تذهب ما ذهبت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فينبغي أن ننتبه لهذا الخطأ الكبير الذي بدأ -حقيقة- يسري إلى الناس نسأل الله السلامة والعافية ، فلا يجوز شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ولا لغيرة من القبور .
ويدخل في هذا : من الأخطاء الشائعة التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو التسمح به أو السؤال عند القبر متوجهاً عند القبر عند الدعاء كل ذلك من البدع التي كثرت وشاعت وينبغي أن نَحْذَر منها وأن نُحَذّر منها غيرنا، أما دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وسؤاله الحاجات من دون الله سبحانه وتعالى فهذا شرك أكبر مخرج من الملة .
ونقول أيضاً: من البدع المتعلقة بالقبور قراءة الفاتحة على الميت عند زيارة القبور وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بدعة ، ومن بدعها أيضاً التي بدأت تشيع وشائعة أيضاً في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلمزيارة النساء للقبور وزيارتهن لا تجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن زائرات القبور) كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ومما يكمن في ذلك :
التبرك في الكعبة وجدرانها والتمسح بها في غير ما ورد التمسح به كالحجر الأسود من تقبيله ومسحة أو كالركن اليماني وكذلك أيضاً التبرك بالآثار المتعددة في مكة والمدينة وغيرهما مثل التبرك بغار ثور أو غار حراء أو بعض الأماكن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ذلك من الأمور المبتدعة التي يجب أن نحذر منها وأن نحذر أخواننا المسلمين منها.
ثالثاً ومن الأمور المتعلقة أيضاً ومن الأمور والبدع والشائعة المتعلقة بالشركيات ونحرها اعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم نور! وهذا بدأ ينتشر بين الصوفية ، لكن بدأ ينتشر عندنا مِمّن ينتحل مذهب الصوفية ، ويعتقد هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم نور، ألا هي تصلب في الأصلاب ثم يحتجون بذلك بقصة موضوعة مكذوبة وأنها وردت في سيرة ابن هشام إلا أنها قصة ليست صحيحة وهي أن عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم كان في جبينه نور ، ثم تقول القصة : إن بغياً من بغايا مكة أرادته لنفسها فأبى عليها ودخل على زوجته آمنة فلما أتاها لقيته تلك المرأة البغي بعد أيام فدعاها لنفسها فقالت : لا أريدك قال لها ولمَ؟ قالت له لأنني كنت رأيت على جبينك نوراً فأردت أن يكون هذا النور فيّ وأن النور قد زال الآن . فليزم هؤلاء أن الرسول نور تقلب في الأصلاب وأنه كان في جبين عبد الله والد رسول الله أرسل هذا النور إلى بطن أمه آمنة ثم خرج إلى الدنيا وهذا كله غير صحيح بل النبي صلى الله عليه وسلم بشر، ولد كما يولد غيره، صحيح أنه حدثت عند ولادته إرهاصات لكنه بشر من البشر عليه الصلاة والسلم ، وما يقوله الصوفية في رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه نور شبيه بمقولة النصارى في المسيح التي أدت به إلى عبادتهمن دون الله سبحانه وتعالى ونقول أيضاً : إن كثيراً من هؤلاء الصوفية أدى بهم قولهم هذا إلى عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائه من دون الله والزعم أنه يحضر بنفسه الموالد وكل ذلك من الباطل .
فاحذروا هذه البدع التي نخشى أن تغزونا ونقول: إن ما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم من حقوق؛ معروفة ، والواجب طاعته رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإتباعه بلا إفراط ولا تفريط، فقولوا عبد الله ورسوله . نعم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه عبد، فقولوا : عبد الله وليس عبداً فقط ولكنه رسول الله فهو عبد ، وهذا حق وهو رسوله الله ويجب طاعته صلى الله عليه وسلم وهذا هو المنهج الوسط ، وليس هذا في الحقيقة موطن تفصيل هذه المسألة .
رابعاً من الأمور الخطيرة أيضا والشائعة والتي يجب الانتباه إليها الاستهزاء بالدين والملتزمين .
وأقول: من المؤسف جداً أن هذا شائع بين كثير من الناس أن يستهزئوا بشعائر الإسلام كاللحية أو الصلاة أو الصيام أو غير ذلك من شعائر الله وأحياناً يستهزئون بالملتزمين ، بهذه السنن والواجبات ولهذا نقول : إن هذا داء خطير جدا؛ لأنه قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر بل الاستهزاء بالله أو بالإسلام أو بشريعة من الشرائع كفر بالله تبارك وتعالى والله تعالى يقول عن أولئك الذين سخروا من الرسول ومن أصحابة {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }التوبة66.
فاحذروا من هذا حذراً شديداً، فإن الاستهزاء كفر وإن كان على سبيل المزاح أو الحقيقة قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون.
احذروا عباد الله من هذا أما بالنسبة بالاستهزاء بالملتزمين بالدين فإنه مزلق خطير لأنه يخشى أن يكون هذا لكراهيته ما التزم به أولئك من شعائر الإسلام نقول: إن من استهزأ بأحد الملتزمين بملة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن كان استهزاء لأجل ما تنزل به من شريعة فإن هذا استهزاء بالشريعة والاستهزاء بالشريعة كفر أما إذا كان الاستهزاء بأشخاصهم فقط بقطع النظر عن الشريعة التي التزموها فهذا مزلق خطر ونوع نفاق يخشى على صاحبه.
خامساً ومن الأخطاء الشائعة أيضا توهم أن العلم الحديث قد يعارض نصوص من القرآن. ونقول: إن مما يجب أن يعتقد المؤمن أن ما في القرآن العظيم وما ثبت عن الني صلى الله عليه وسلم من أحاديث صحيحة حقاً بأنه من عند علام الغيوب وأنه لا يمكن أن يتعارض شيء من ذلك مع أي خبر أو علم حتى هذه ؛ حقيقة يجب أن نؤمن بها وأن نصدق بها بعض الناس أحياناً يحدث عنده نوع من الوهن فيعترف ويأتي ويقول كيف أن الله يعلم ما في الأرحام ثم إنه الآن يعرف الطبيب عن طريق الآلات: الذكر أو الأنثى في حالات الحمل الأخيرة ونحن نقول : إن الجواب على هذه المسألة - وما هي إلا مثال فقط- سهل ويسير، لذا فإننا نقول:
أولاً: قول الله تبارك وتعالى ** َيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}لقمان34 عامٌّ يشمل ولادته في بطن أمه ويشمل عمرة ويشمل عمله ويشمل رزقه ويشمل حاله في الدنيا وهل هو شقي أو سعيد ولهذا فإن هذه هي الأمور الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما ورد عن حديث ابن مسعود حينما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر على النطفة ( إن أحدكم يجمع خلقة في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً مثل ذلك علقة ثم أربعين يوماًً مضغة ثم يرسل إليه الملك ويأمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فنقول : إن هذه الأمور هي الواردة وهي التي يفسر بها مدلوله قول الله تبارك وتعالى ** َيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}لقمان34 مع أن معرفة كونه ذكر أو أنثى مع أن كونه ذكرا أو أنثى داخلاً في باب قدر الله سبحانه وتعالى ولذلك فإننا نقول: إن معرفة كونه ذكرا أو أنثى لا يكون إلا بعد تخليقه وهذا لا إشكال فيه فإذا كان بعد تخليقه فهذا لا إشكال الأن كون الطبيب يراه من فوق مثل ما لو شق البطن وأخرج الولد أن الولد قد تخلّق فهو معروف بأنه ذكر أو أنثى لهذا فإننا نقول : هل تعرفون كونه ذكرا أو أنثى هل تعرفون كونه ذكر أو أنثى قبل تشكيل خلق الإنسان أنهم لا يستطيعون معرفة ذلك فإذا ما عرفوه بعد تخليقه واكتمال نموه وقرب خروجه من بطن أمه فنقول: إن هذا صار بعدما عرف فلا تعارض بينهما والواجب على العبد أن يعلم أن نصوص القرآن الصريحة وأن نصوص الأحاديث الصحيحة لا يمكن أن تتعارض مع العلم الحديث ولا مع غيره؛ لأنها حق لا شك فيه والكل من الله سبحانه وتعالى أمراً وتنزيلاً وخلقاً وتقديرا .
المجموعة الثالثة : من الأخطاء الشائعة أخطاء تتعلق بالرقى والتمائم
ونحوها وأقول:
أول هذه الأخطاء ما يتعلق بالقراء فإن كثرة القرّاء والطرقة التي يقرأ بها بعضهم تحولت من قراءة شرعية مشروعة إلى قراءة بدعية فهذا التجمع الكبير واختلاط الرجال بالنساء ثم الاعتقاد أن القارئ نفسه يشفي وينفع ثم بعد ذلك لا يقع من أمور أخرى نقول: إن هذه يخشى على أصحابها فينبغي الانتباه .
ثانياً التمائم من القرآن ونقول : إن التميمة إذا لم تكن من القرآن بأن كانت من خرزاً أو آلات معدنية أو غيرها فهذه من التمائم المحرمة والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها نهياً شديداً كما وردت في ذلك الأحاديث . إنما بقي في هذه المسائل بقية :
وهي التميمة إذا كانت من القرآن فإن بعض الناس يأتي ويكتب آيات من القرآن الكريم ثم يأتي ويعلقها على صدر الصبي أو على ظهره ونحن نقول:
إن الصحيح أن هذه لا تجوز لأمور :
أولها: أن هذه بدعة لم تكن معروفة لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وثانيها: أن هذه تؤديها إلى التمائم المحرمة؛ لأن من تساهل بها تساهل بغيرها من التمائم التي اتفق العلماء على تحريمها . ونقول:
ثالثاًً: أن هذا يؤدي إلى امتهان القرءان ودخوله في دورات المياه وأحياناً وصول البول أو نحوه إلى التميمة وخاصة عند الأطفال فينبغي أن نعلم حكم ذلك وأن نبتعد عنه جزاكم الله خيرا .
ثالثاً: ومن الأمور الشائعة أيضا قول الإنسان بعد حدوث أمر يكرهه لو أنني فعلت كذا لكان كذا وكذا ونقول: إن هذا الاعتراض محرم؛ لأنه اعتراض على القدر والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإذا أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) وبعض الناس إذا حصل له مكروه أو حدث له شيء يأتي ويتحسر ويقول: لو أنني فعلت كذا لكن كذا ونحوا ذلك ونقول: إن هذه بدعة ويجب الانتباه إلى منعها؛ لأنها اعتراض على قدر الله تعالى وقد يسأل سائل ويقول: ما معنى ذلك ، أن استخدام لو في جميع الأمور ممنوع؟
نقول في الجواب : فيه تفصيل: فيقال :
أولاً: إذا قصد بلو مجرد الخبر كأن يقول لو أتيتني لأكرمتك أو لو علمت بوجودك لزرتك فنقول : هذا ما فيه إشكال لأنه من باب الإخبار .
ثانياً: إذا قصد به التمني في أمر مشروع كأن يقول : لو كان لي عندي قدرة لحججت هذا العام أو لحججت العام الماضي ، مثل ذلك الرجل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ذكر رجلين أحدهما رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في سبيل الله ورجل آخر لم يأته الله مال لكنه يقول لو كان لي مثل مال فلان لفعلت مثل فعله. قال صلى الله عليه وسلم ( فهما في الأجر سواء ) فهذا في أمر مشروع مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ساق الهدي في حجته وبقي قارناً عليه الصلاة والسلام لما أمر الناس بالتمتع. وقال له : أنت يا رسول الله قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة) فهذا تمني في أمر مشروع.
أما النوع الثالث: فهو ما سبق بيانه التحسر على أمراً قد مضى اعتراضا على مقدور فهذا الذي يمنع.
رابعاً: من الأمور الشائعة التي يجب الانتباه إليها التشاؤم بشهر صفر وهذا منشر حتى أن بعض الناس لا يتزوجون بهذا الشهر والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ) وصفر هنا عند كثير من الشراح المقصود به شهر صفر وهذا هو الراجح فلا يجوز التشاؤم بهذا الشهر بل هذا الشهر مثل غيره من الشهور نتزوج فيه ونسافر ولا نتشاءم فيه فانتبهوا .
خامساً ومن الأخطاء أيضاً الشائعة التفاؤل من المصحف أو التشاؤم فيه وذلك بأن يفتح المصحف فيقرأ أول آية من المصحف .
أول آية من الصفحة فإذا قرأ آية فيها خير تفاءل وإذا قرأ آية فيها عذاب تشاءم ونقول : إن هذا لا ينبغي .
سادسا:ً ومن الأخطاء الشائعة أيضاً التعلق بالأسباب من دون الله تبارك وتعالى . وهذا له أمثلة، فمن أمثلته:
التعلق بالأسباب في وقت الخوف الشديد والظن بأن هذه الأسباب تحي ونحن نقول : الأخذ بالأسباب جائز لكن التعلق بها من دون الله تبارك وتعالى هو المنهي عنه.
ثانياً من الأمثلة تعلق الموظف بالوظيفة وظنه أنها هي وسيلة الرزق وهذا أيضا تعلق غير صحيح بل الوظيفة ما هي إلا وسيلة من الوسائل فقط.
ثالثاً : ظن بعض الناس أن تحصينه لبيته أو نحو ذلك يحميه من العدو ونقول : إن هذا من الأسباب فقط ، أما التعلق بالأسباب لوحدها فهذا من الأمور التي لا تجوز. ولهذا نقول : إن التعلق بالأسباب له حالات:
الحالة الأولى: أن ينظر إلى الأسباب التي هي أسباب صحيحة أوجدها الله تبارك وتعالى في هذه الحياة ، فإذا نظر إليها مع اعتماده في الأصل على الله تبارك وتعالى واعتقاده أن خالق الأسباب والمسببات هو الله تبارك وتعالى وأن مشيئة الله تبارك وتعالى نافذة فهذا لا خلاف . فإن الإنسان يفعل الأسباب، يبتعد عن الحفرة، وهذا فعل يستوجب يغلق بابه فهذه أسباب نفعلها لكن مع اعتقادنا واعتمادنا وتوكلنا على الله تعالى.
ثانياً من حالات الأسباب: أن يتعلق قلبه بغير الله في أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى مثل ظن البعض أن أصحاب القبور قد يشفون المريض أو يقضون الحاجات أو نحو ذلك . وهذا شرك أكير يخرج من الملة .
الثالث من الحالات أن يعتمد على سبب شرعي صحيح لكنه يغفل عن مسبب ذلك وهو الله سبحانه وتعالى فهذا فيه نوع شرك لكن لا يخرج من الملة والواجب الحذر منه الواجب الحذر منه.
سابعاً ومن الأمور أيضاً والأخطاء الشائعة ظن بعض الناس أنه لا حاجة إلى الدعاء فإن بعض الناس يقول: ما دام الأمر مقدراً فلا حاجة إلى الدعاء ، ونقول : إن هذا خطر منتشر فإن الدعاء من جمله الأسباب والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يرد القدر إلا الدعاء) ومعناه أن الدعاء من جملة الأسباب ، فقد يرد الله عن العبد مصيبة بسبب الدعاء ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ما من عبد أو ما من رجل يدعو بغير اثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه أحد ثلاث خصال : إما أن يستجيب دعاءه وإما أن يرد عنه من الشر مثله وإما أن يدخر له عند الله تبارك وتعالى يوم القيامة) فقالوا: يا رسول الله إذاً نكثر من الدعاء ؟ قال رسول صلى الله عليه وسلم : (الله أكثر) .
إذاً الدعاء عبادة، ونحن مأمورون والدعاء من جملة الأسباب ولذلك الذي يأتي ويقول إذا كان المكتوب سيأتي دعوت أو لم أدعو نقول:
إن دعاءك أيضاً مقدر ومكتوب فإذا كنت قد رمقت به فادعُ الله سبحانه وتعالى فإن الله تبارك وتعالى قد يكون قدر أن يزيل عنك المصيبة بسبب الدعاء فينبغي للعبد أن يعلم ذلك وأن يدعو الله وأن يكثر من الدعاء وأن يعلم أنه لا يخسر أبداً بالدعاء ، فالدعاء أولاً عبادة وقربة إلى الله {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60 ثم أيضاً إنك لن تخسر أبداً ولو دعوت ليلاً ونهارا : إما أن يستجيب الله دعائك أو يرد عنك من المصائب مثلها أو أن يدخر لك ذلك أجراً وثواباً عنده يوم القيامة.
ثامناً: ومن الأخطاء العقدية الشائعة أيضا الخوف الشديد من العين ونحن نقول إن هذا منتشر حتى أن بعض الناس صار يأخذ من أثر كل من زاره وبعض الناس تحول عنده إلى وسوسة بحيث أنه صار يختفي من أعين الناس أو يخفي أولاده من أعين الناس خوف من العين. ونقول: هذا من ضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى بل إن بعض الناس إذا جاءه أحد وهو يأكل الطعام رمى قطعة من الطعام في الأرض ظاناً أن ذلك من أجل العين . وهذا كله من الأخطاء الشائعة.
ونحن نقول في ذلك : العين حق؛ لأن هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
ونقول ثانياً هناك رقية شرعية عن العين منها القراءة كما قال صلى الله عليه وسلم : (لا رقية إلا من عين أو حمى) .
ومنها أيضا الأخذ من الآثار بالاستغسال من أعضائه ونحو ذلك .
أما التعدي في ذلك بحيث الأخذ من بوله أو نحو ذلك فنقول: إن هذا ليس له أصل أما من رمى قطعة من الأكل ونحوه إن هذا باطل لا دليل عليه بل هو إتلاف للطعام بلا دليل وهو وسوسة ينبغي أن يبتعد العبد عنها القسم الرابع: أخطاء تتعلق بالألفاظ ونحوها:
أولاً: سبّ الزمان وسب الدهر وهذا يكثر عند الشعراء وعند عيرهم حتى أن بعض الناس يقول: تسلط علينا الدهر، وبعضهم يقول: الزمن غدار ونحو ذلك من العبارات .
ونحن نقول: إن هذا يحتاج إلى تفصيل وبيان: فإذا جاء الأمر على طريقة الأخبار المحضة مثل أن يقول الإنسان : هذا اليوم حار أو يقول اليوم بارد برده شديد أو نحو ذلك نقول: إن هذا من باب الخبر وهو جائز مثل قول لوط عليه الصلاة والسلام لما جاءه قومه يهرعون إليه يريدون السوء قال : {هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ }هود77 .
فوصف اليوم بأنه عصيب .
الثاني: أن يسب الدهر على أن الدهر هو الفاعل لهذه المصائب أو أن الزمان هو الفعل لها فنقول: إن هذا قد يرفع أو قد يرتفع يصاحبه بنوع من الشرك.
الثالث أن يسب الزمن أو الدهر مع اعتقاده أن الفاعل هو الله تبارك وتعالى فنقول: إن هذا منهي عنه والنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي يقول الله تعالى (( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ))فينبغي أن نبتعد عن هذه الألفاظ.
ثانياً: المقالة المشهورة : إن المادة لا تفنى ولا تستحدث وهذه نجدها أحياناً عند الطلاب في المدارس في دروس الكيمياء والفيزياء ونحوها ونحن نقول : إن هذا باطل بل أن الموجودات كلها كانت عدماً ثم أوجدها الله سبحانه وتعالىفالقول بأنها لا تستحدث غير صحيح بل الماديات كلها كانت عدماً ثم أحياها الله ، ثم نقول أيضاً :
ثانياً : إنها قابلة للفناء والعدم؛ لأن كل ما قبل الحدوث فهو قابل للعدم ومن هنا نقول: إن هذه المخلوقات ستفنى ثم يحييها الله ويبعثها من جديد مرة أخرى أما بقاء الجنة ونعيمها وأهلها ودوامها أبد الآباد وبقاء النار وعذابها وأهلها أبد الآباد فإننا نقول: ليس توضعاً لذاتها أما دوامها في أدامه الله سبحانه وتعالى لها أما ما سوى الله سبحانه وتعالى فهو قابل للحدوث والعذاب .
ثالثاً من الأمور والأخطاء الشائعة الألفاظ وليست في الألفاظ لوحدها لكنها أيضاً تكثر في اللفظ قول كثير من الناس التقوى ها هنا ونقول: إن هذه كلمة حق أريد بها باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قال هذه لكن متى قالها عليه الصلاة والسلام؟ وهو يعلم أصحابه التمسك بآداب الإسلام فقال عليه الصلاة والسلام ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تناجشوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله أخوانا المسلم أخوا المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يكذبه ) ثم قال صلى الله عليه وسلم: ( التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات) ( بحسب أمراً من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم حرام دمه ومآله وعرضه).
أغمِضْ عن الدُّنيا عينَكَ، وولِّ عنها قَلبَكَ،
وإيَّاكَ أن تُهلككَ كمَا أهلكَت مَن كان قَبلكَ،
فقد رأيتُ مصَارعَها،وعاينتُ سوءَ آثارِهَا على أهلها،
وكيف عَريَ مَن كَسَت،وجَاعَ مَن أطعمت، ومات مَن أحيت.
المفضلات