-
الرد على ادعاء أن خروج آدم من الجنة كان عقابا لذريته
ادعاء أن خروج آدم من الجنة كان عقابا لذريته (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المغالطين أن إخراج آدم - عليه السلام - من الجنة إنما كان عقابا لذريته من بعده، وقد تحملت هذه الذرية خطيئة أبيها القديم على غير جريرة[1] منها. وكأن هؤلاء يرمون الفعل الإلهي بالظلم، أو يقاربون بين فكرة الإسلام عن هبوط آدم إلى الأرض، وفكرة الفداء عند النصرانية، بجمع اشتراك الذرية في الحالين في تحمل وزر الخطيئة الأولى.
وجها إبطال الشبهة:
القرآن الكريم يصف الله بالعدل، ويصفه بكل صفات الكمال.
إخراج آدم من الجنة، وذريته بالطبع ليس عقابا لهم على معصية آدم، إنما مقصد خلق آدم هو خلافة الأرض وعمارتها.
التفصيل:
أولا. العقيدة الإسلامية مظهر للعدل الإلهي:
لله - سبحانه وتعالى - وحده صفات الكمال ومن هذه الصفات العدل، فلا تجد كتابا يصف الله تعالى بصفات الكمال والعدل مثل القرآن الكريم، قال تعالى: )وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم (115)( (الأنعام)، وقال عز وجل: )ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (29)( (ق). وقال تبارك وتعالى: )ولا يظلم ربك أحدا (49)( (الكهف:49).
وفي الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا»[2]. ومن أسمائه الحسنى العدل والمقسط.
والحق أن المعتقد الإسلامي في ذلك بمنأى عما تورطت فيه العقائد الأخرى، ومنها ما له أصل سماوي، فإذا كانت التوراة تنسب إلى الله - عز وجل - أنه يمد عذابه إلى الجيل الثالث والرابع، وكانت النصرانية إنما تقوم على فكرة الفداء، وأن الله بزعمهم قد أرسل على العالم ابنه الفادي ليتحمل عن بني آدم وزر خطيئة أبيهم الأولى، إذا كنا نجد ذلك وهذا في التوراة والإنجيل فلسنا واجدين من ذلك شيئا فيما يأخذ به المسلمون من عقائد.
ثانيا. خروج آدم من الجنة له دلالته ومغزاه:
إن هذا الفهم فاسد لا وجود له في الإسلام؛ فليس في الإسلام خطيئة موروثة، بل الإنسان حر في اختياره، وهو وحده مسئول عن عمله، قال تعالى: )ألا تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (39) وأن سعيه سوف يرى (40) ثم يجـزاه الجــزاء الأوفى (41)( (النجم)، )ألا تـزر وازرة وزر أخــرى( (الإسراء: 15)، فعقيدة النصارى الفاسدة هي التي تقول بالخطيئة الموروثة.
والله - عز وجل - أيضا يعامل خلقه بفضله وكرمه لا بعدله، فقد يكرم الولد لصلاح أبيه أو جده في حين أنه لا يعذبه ويخزيه بذنب أبيه أو جده، وحسبنا في ذلك قوله عز وجل: )وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك((الكهف: 82).
والله - سبحانه وتعالى - لم يظلم آدم - عليه السلام - عندما أخرجه من الجنة، ولكنه ترك طاعة ربه بأكله من الشجرة، والذي كان سببا لخروجه من الجنة وما ظلمه ربه، وهذا أمر قدره الله تعالى عليه قبل أن يخلقه.
فقد أخبر الله - عز وجل - الملائكة قبل أن يخلق آدم قائلا: )إني جاعل في الأرض خليفة( (البقرة: 30)، ومن قال إن الخير للإنسان أن يكون في الجنة من غير أن يسبق ذلك عمل يقدمه؛ ليشعر بقيمة ما بيده؟
إننا إذا ذهبنا في الافتراضات والاحتمالات؛ فإننا لا نجد أحكم ولا أعدل ولا أنسب من هذا الافتراض الذي كان، وهو أن الإنسان الحر المختار قدر الله أن يعيش على هذه الأرض كما يعيش عليها باقي أفراد جنسه من بني آدم فيعمل ويعمل غيره فيتفاوتون في الأعمال، وينتج عن هذا التفاوت الجزاء يوم الجزاء. وهذا محض عدل إلهي محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال العقاد: "العقيدة الإلهية في الإسلام هي أكمل عقيدة في العقل، وهي أكمل عقيدة في الدين"[3].
"إن الخطيئة في التصور الإسلامي - خطيئة فردية والتوبة فردية، في تصور واضح بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض... فليست هناك خطيئة مفروضة على الإنسان قبل مولده - كما تقول نظرية الكنيسة - وليس هناك تكفير لاهوتي كالذي تقول الكنيسة به عن عيسى عليه السلام - ابن الله بزعمهم - حيث تدعى ظلما وزورا أن الله قام بصلبه، تخليصا لبني آدم من خطيئة آدم.. كلا!
فخطيئة آدم كانت خطيئته الشخصية، والخلاص منها كان بالتوبة المباشرة في يسر وبساطة وخطيئة كل ولد من أولاده خطيئة - كذلك - شخصية، والطريق مفتوح للتوبة في يسر وبساطه.. تصور مريح صريح يحمل كل إنسان وزره، ويوحي إلى كل إنسان بالجهد والمحاولة وعدم اليأس والقنوط.. )إن الله تواب رحيم (12)( (الحجرات) [4].
الخلاصة:
الإسلام لا يصف الله إلا بكل صفات الكمال، ومنها صفة العدل، وقد دعا إلى العدل وأمر به قال تعالى: )إن الله يأمر بالعدل( (النحل: 90)، فكيف يأمر الله تعالى به ويصفه جاهل بالظلم، وكيف يحرم الظلم على نفسه وهو قد ظلم عباده؟ فقال: "إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا".
وما صارت الأرض مستقرا لذرية آدم من بعده إلا لحكمة الله - عز وجل - في جعل الأرض لهم مستقرا ومتاعا إلى حين، يعمرونها ويكونون خلفاء عليها، ثم يجزى كل محسن بإحسانه وكل مسىء على إساءته يوم الجزاء.
(*)حتى الملائكة تسأل، رحلة إلى الإسلام في أمريكا، جيفر لانغ، ترجمة: منذر العبسي، دار الفكر المعاصر، بيروت، 2001م.
[1]. الجريرة: الجناية والذنب.
[2]. أخرجــه مسلـم في صحيحــه، كتــاب البـر والصلـة والآداب، بــاب تحريـم الظلــم (6737).
[3]. الفلسفة القرآنية، عباس محمود العقاد، دار السلام، القاهرة، د. ت، ص107، 108.
[4]. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/1987م، ج1، ص61 بتصرف.
منقول
بيان الإسلام
و الكتاب المقدس ذكر سبب خلق الإنسان هكذا
سفر التكوين 1
26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».
27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».
29 وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.
30 وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ.
31 وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا.
وذكر أيضاً أنّ سبب خروج أدم هكذا
سفر التكوين 3
22 وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: « هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ ».
23 فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا.
مواضيع ذات صلة
الرد على ادعاء طرد آدم - عليه السلام - من الجنة لوقوعه في الخطيئة بأكله من الشجر
الرد على ادعاء أن اللعنة حلت على آدم وحواء بخروجهما من الجنة
التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 08-06-2014 الساعة 02:01 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة الشهاب الثاقب. في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 22-09-2015, 04:18 PM
-
بواسطة الشهاب الثاقب. في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 07-06-2014, 03:33 PM
-
بواسطة كلمة سواء في المنتدى شبهات حول العقيدة الإسلامية
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 20-10-2010, 11:06 AM
-
بواسطة fares_273 في المنتدى منتدى غرف البال توك
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 13-05-2008, 08:36 AM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 11-07-2005, 02:46 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات