بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسول الله
طبعا يستطيع القارئ الكريم أن يرى أن الزميل كيمو لا يفعل أى شئ فى هذه المناظرة سوى تكرار نفس الكلام كل مرة دون الرد الجاد على ما أقوله و كأنى أكلم نفسي كما يستطيع القارئ أن يرى أن الزميل يتجاهل الكثير جدا من الأشياء التى أقولها له على الرغم من أنه كان يستطيع الرد و هو يكتب الملخص بما أن له فيه مشاركتان
عموما لنلخص الحوار بإذن الله أبدأ بتحديد النقاط الأساسية التى دار حولها الحوار :
1- القتال فى الإسلام و خاصة قتال أهل الكتاب
2- الجزية و الصغار
3- طرد المشركين و أهل الكتاب من جزيرة العرب
4- الإكراه و استخدام القوة فى نشر الدين فى الإسلام
5- القتال و الجزية فى الكتاب المقدس
6- انتشار اليهودية و المسيحية بالقوة
و الآن نتناول ما سبق نقطة نقطة
1- القتال فى الإسلام و خاصة قتال أهل الكتاب
قلنا أن الجهاد فى الإسلام نوعان :
جهاد الدفع أى القتال للدفاع عن النفس
و جهاد الطلب أى القتال الهجومى
فأما جهاد الدفع فهذا ليس فيه أى إشكال بالطبع
لكن ما يحتاج إلى توضيح هو جهاد الطلب كما هو الحال فى فتح البلاد
و هذا له العديد من الأسباب قلناها من قبل و نعيدها مرة أخرى :
اقتباس
وهذا يؤكد المثل السائر في تلك الأزمان: الناس على دين ملوكهم. فأراد الإسلام أن يرد الأمور إلى نصابها، ويعيد للشعوب اعتبارها واختيارها، فلا يختارون هم بأنفسهم لأنفسهم. ولا سيما في هذه القضية الأساسية المصيرية، التي هي أعظم قضايا الوجود على الإطلاق: قضية دين الإنسان، الذي يحدد هويته، ويحدد غايته، ويحدد مصيره.ومن هنا كانت الحرب الموجهة إلى هؤلاء الملوك والأباطرة، لهدف واضح، هو (إزالة الحواجز) أمام الدعوة الجديدة، حتى تصل إلى الشعوب وصولا مباشرة، وتتعامل معها بحرية واختيار، لمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيا عن بينة. دون خوف من جبار يقتلهم أو يصلبهم في جذوع النخل.
2- أن تكون الأرض ميراثا للمؤمنين يقيمون فيها شرع الله و أمر الله و ينزع من عليها ملك من كفر بالله و عصى الله
فهذه سنة الله سبحانه و تعالى فى خلقه
الأبرار يرثون الأرض
كتبت فى زبور داود عليه السلام ( المزامير )
و كتبت فى القرآن الكريم
فأما القرآن الكريم ففى قوله تعالى :
{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}(الأنبياء:105)
و أما فى الكتاب المقدس ففى المزمور 37 :
8لا تَنزَعِجْ وَلا تَغْضَبْ!
وَلا تَغْتَظْ فَتَنْدَفِعَ إلَى الشَّرِّ.
9 لِأنَّ الأشْرارَ سَيَهلِكُونَ،
أمّا الَّذِينَ يَنتَظِرُونَ اللهَ، فَسَيَمْتَلِكُونَ الأرْضَ.
10 بَعْدَ وَقْتٍ قَلِيلٍ، يَمضِي الشِّرِّيرُ.
تُفَتِّشُ عَنْهُ طَوِيلا، فَلا تَجِدُهُ!
11 أمّا الوُدَعاءُ فَسَيَمْتَلِكُونَ الأرْضَ،
وَيَتَمَتَّعُونَ بِسَلامٍ وَخَيرٍ.
....
22لِأنَّ مَنْ يُبارِكهُمُ اللهُ يَمْتَلِكُونَ الأرْضَ،
وَمَنْ يَلعَنُهُمْ يَهلِكُونَ.
....
29 يَأخُذُ الصّالِحُونَ الأرْضَ المَوعُودَةَ،
وَإلَى الأبَدِ يَسكُنُونَها.
....
34 انتَظِرِ اللهَ وَاعْمَلْ بِكَلامِهِ،
وَهُوَ يَرفَعُكَ فَتَمْتَلِكَ الأرْضَ،
وَتَرَى الأشْرارَ يَهلِكُونَ.
....
38 أمّا كاسِرُو الشَّرِيعَةِ فَيَهلِكُونَ جَمِيعاً،
لِأنَّهُمْ سَيُقطَعُونَ مِنَ الأرْضِ.
يقول القس تادرس يعقوب مالطى فى تفسيره لهذا المزمور:
ما هي الأرض التي يسكنها المتكلون على الله، ويرثها الصابرون والودعاء. ربما قصد المرتل "أرض كنعان" أو "أرض الموعد" كرمز للحياة السماوية المطوَّبة، حيث يعيش المؤمن تحت ظل جناحي الرب، وسط شعبه.
و هكذا فإننا نرى أن سنة الله فى خلقه هى أن الأبرار يمتلكون الأرض و كاسرو الشريعة يهلكون جميعا
لأن الأبرار إن امتلكوا الأرض أقاموا فيها منهج الله و شرع الله و دعوا الناس لطاعة الله و الإيمان به و عملوا على منع معصيته
أما من يرفض الإيمان بالله سبحانه و تعالى و يكفر بدينه و يشرك به و يعادى من يؤمن بالله و يعادى دين الله فإن ملكه يزول بذنبه و يرث الأرض من يؤمن بالله فيقيم فيها أمر الله
لكن هناك فرق بين مفهوم ميراث الأرض فى الكتاب المقدس و فى الإسلام
ففى الكتاب المقدس كان اليهود يقومون بعمل إبادة جماعية للشعوب بما فيهم الرجال و النساء و الأطفال و دون أن يدعوهم للإيمان بالله فقط ليرثوا الأرض
أما فى الإسلام فنحن نرث الأرض و نمتلكها و لكن ليس هدفنا هو امتلاك الأرض بل هدفنا نشر دين الله عز و جل بأن نبسط سلطاننا على الأرض ثم ندعو الناس للدين و للإيمان بالله و ترك ما يعبد من دون الله فإن استجابوا فبها و إن لم يستجيبوا نكتفى بأخذ الجزية منهم و نبرهم ما لم يقاتلونا و نحسن إليهم و نحن نرجو من الله تعالى أن يؤمنوا و يهتدوا
و طبعا ليس فى الإسلام إبادة للشعوب بل نعرض عليهم الإسلام فإن أسلموا فبها و إن رفضوا نحاول فتح بلادهم سلما بلا قتال بالاتفاق على الجزية فإن أبوا فالقتال ... فالحرب هى الحل الأخير و إن حاربنا فلا نقتل النساء و لا الأطفال و لا الرهبان
فكون الأبرار يرثون الأرض و يمتلكونها بدلا من العصاة هى فكرة موجودة فى القرآن الكريم و فى الكتاب المفدس على حد سواء
لكن الفرق فى الهدف من امتلاك الأرض و كيفية امتلاك الأرض
بل اقرأ المزمور 149 أيضا :
1هَلِّلُويا!
رَنِّمُوا للهِ تَرنِيمَةً جَدِيدَةً.
[a]
رَنِّمُوا تَسابِيحَهُ فِي اجتِماعِ الأتباعِ المُخلِصِينَ.
2ابتَهِجْ يا إسرائِيلُ بِخالِقِكَ.
وَيا سُكّانَ صِهْيَوْنَ، بِمَلِكِكُمُ ابتَهِجُوا.3بِالرَّقصِ سَبِّحُوهُ.
بِالدُّفُوفِ وَالقَياثِيرِ رَنِّمُوا لَهُ.4اللهُ راضٍ عَنْ شَعبِهِ.
يُزَيِّنُ الشَّعبَ المُتَواضِعَ بِالخَلاصِ.5بِمَجدِهِ يَبتَهِجُ أتباعُهُ المُخلِصُونَ.
وَهُمْ بَعدُ فِي فِراشِهِمْ يُرَنِّمُونَ فَرَحاً.
6 لِيَهتِفُوا تَسبِيحاً للهِ،
مُلَوِّحِينَ بِسُيُوفٍ مِنْ ذَواتِ الحَدَّينِ فِي أيدِيهِمْ.
7 لِيَهتِفُوا مُتَهَيِّئِينَ لِلانتِقامِ مِنَ الأُمَمِ الأُخرَى،
وَمُعاقِبِينَ الشُّعُوبَ.
8 لِيَهتِفُوا وَهُمْ يُقَيِّدُونَ مُلُوكَهُمْ فِي سَلاسِلَ،
وَقادَتَهُمْ فِي قُيُودٍ مِنْ حَدِيدٍ.
9 يُعاقِبُونَهُمْ حَسَبَ الحُكمِ المَكتُوبِ،
وَيَظهَرُ مَجدُ أتْقِيائِهِ.هَلِّلُويا!
و طبعا المزمور ألفاظه واضحة فهو يثنى على الأبرار الذين يحملون السيوف للانتقام من الأمم الأخرى و تقييد ملوكهم و معاقبتهم حسب الحكم المكتوب و ذلك لكفرهم و ظلمهم و ذنوبهم كما فعل اليهود عندما أرادوا أن يسكنوا الأرض المقدسة
و أرجو أنك تحترم عقل القراء و لا تأتينا بتفاسير وهمية للمزمور تقوم على أن الملك المقيد هو إبليس و السيف هو كلمة الله
لأن هذه التفسيرات هى تفسيرات خيالية يكتبها البعض لأنهم يريدون أن يغيروا معنى المكتوب أمامهم بوضوح ليقولوا للناس أن المسيحية دين المحبة المطلقة و أن الله لا يرضى بحمل السيوف أبدا
و على الرغم من تكرارى لهذا الكلام لأكثر من مرة فى الحوار إلا أننا لم نجد أى رد من الزميل سوى أن الدين يجب أن ينتشر باللسان و ليس بالسيف كما انتشرت المسيحية و هو ما أثبتنا بطلانه
و كنت أتمنى أن أجد أى رد من الزميل كيمو على أن الكتاب المقدس يشير إلى أن الأبرار يرثون الأرض و يثنى على الصالحين الذين يخرجون بالسيوف على الناس ليحققوا انتقام الله من الشعوب و يقيدوا ملوكهم بالسلاسل إلا أننا لم نر له أى رد على هذا
و قد تكلمنا عن سبب قتال أهل الكتاب بصفة خاصة :
فأما اليهود فقد جاء النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة و عقد معهم المعاهدات التى تضمن لهم حقوقهم بلا ظلم يصيبهم و لكنهم غدروا و خانوا
فيهود بني قينقاع اعتدوا على امرأة مسلمة و يهود بنى النضير حاولوا اغتيال النبي صلى الله عليه و سلم و بعد أن تم إجلاؤهم من المدينة تحصنوا بحصون خيبر و جمعوا قبائل المشركين ليستأصلوا المسلمين و يهود بنى قريظة خانوا العهد فى غزوة الأحزاب و لو نجحوا فى خيانتهم لأدت تلك الخيانة إلى إبادة المسلمين
لذلك قاتلهم النبي صلى الله عليه و سلم و أجلاهم من المدينة و المناطق المجاورة
أما النصارى فقد أرسل إليهم النبي صلي الله عليه و سلم رسولا برسالة يدعوهم إلى الإسلام فقتلوا رسول رسول الله صلى الله عليه و سلم فقاتلهم المسلمون فى غزوة مؤتة ثم قام الروم بجمع جيوشهم لقتال المسلمين فى غزوة تبوك
و هناك نقطة مهمة جدا و هى أن الزميل كيمو لا يرفض فكرة قتال الوثنيين عقابا لهم و لكنه يعترض على قتال أهل الكتاب و قد بينت له أن أهل الكتاب عندنا فى ديننا كفار مشركون مثلهم مثل الوثنيين كما بينت له أن الوثنية تسربت إلى طوائف دينه المختلفة فالبروتستانت يتهمون الكاثوليك بالوثنية و الأرثوذوكس تأثروا بالوثنية باعتراف بعض النصارى أنفسهم و بدليل سجودهم لخشبة الصليب التى لا تسمع و لا تبصر و لا تضر و لا تنفع و لم أجد أى تعليق أو رد منه على هذا الكلام
2- الجزية و الصغار :
قلنا الجزية ليس فيها أى ظلم لأهل الكتاب فهى مثلها مثل الضريبة تدفع نظير قيام الدولة الإسلامية بالدفاع عن أهل الكتاب الذين يعيشون على أراضيها حيث أن أهل الكتاب لا يشاركون فى الجيش
و هى عادة لا تكون إلا مبالغ زهيدة كدينار واحد فى عهد النبي صلى الله عليه و سلم و ديناران عندما فتح عمرو بن العاص رضى الله عنه مصر و لذا فهى لا يمكن أن تكون سبب لإكراه الناس غلى الدخول فى الإسلام
و أهل الكتاب يدفعون الجزية للدولة الإسلامية كما يدفع المسلمون الزكاة و لو امتنع المسلمون عن دفع الزكاة أو امتنع أهل الكتاب عن دفع الجزية فالحكم هنا هو قتالهم
و أما الصغار المقصود فهو خضوع غير المسلمين لحكم الإسلام و دفعهم الجزية فالجزية يدفعها المغلوب للمنتصر و الضعيف للقوىو هذا الصغار سببه أمران :
1- معاداة أهل الكتاب للمسلمين و محاولتهم إيذاءهم كما حدث من اليهود و النصارى أيام النبي صلى الله عليه و سلم
2- جزاء لكفرهم و شركهم بالله فالشرك بالله ظلم عظيم و هو الذنب الذى لا يغفر و يؤدى بصاحبه إلى الخلود فى النار و العياذ بالله
و هذا لا يعنى بالطبع المبالغة فى إذلال و إهانة أهل الكتاب فنحن مأمورون ببرهم ما لم يخرجونا من ديارنا أو يقاتلونا فى الدين و من يظلم ذميا فالنبي صلى الله عليه و سلم هو خصمه يوم القيامةو قد قلنا هذا الكلام من قبل
و للمزيد من التفاصيل عن الجزية و الصغار للقارئ الكريم أن يعيد قراءة المشاركات رقم 8 و 9 فى الصفحة الأولى من المناظرة
المشاركة 8 :
https://www.ebnmaryam.com/vb/t198159.html#post588151
المشاركة9 :
https://www.ebnmaryam.com/vb/t198159.html#post588156
3- طرد المشركين و أهل الكتاب من جزيرة العرب
قلنا أن الأرض كلها لله سبحانه و تعالى
و له سبحانه أن يحكم فيها ما يشاء
فإذا حكم الله تعالى أن تكون جزيرة العرب موطنا للمؤمنين فقط وجب تنفيذ أمره
و جزيرة العرب مهد الإسلام و منطلقه فلا يجتمع فيها دينان
و هناك خلاف فى المنطقة التى لا يجوز توطين أهل الكتاب فيها فقد تكون الحجاز فقط و ليس جزيرة العرب كلها
و قيل أنه يجوز دخولهم للعمل كما هو الوضع فى المملكة السعودية حاليا و لكن لا يجوز توطينهم فى هذه البلاد
أما فى غير جزيرة العرب فلأهل الكتاب أن يسكنوا حيث شاءوا فى بلاد المسلمين كأهل ذمة لهم ذمة الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم
و فى الكتاب المقدس أمر الله بطرد الشعوب الوثنية من أرض كنعان بل و إبادتهم تماما ليكون لليهود وطن ليس فيه وثنيون
و الزميل كيمو لا يرى بأسا بطرد الوثنيين لكن الاعتراض عنده على طرد أهل الكتاب
و قد قلنا له أنه عندنا لا فرق كبير بين الوثنيين و أهل الكتاب فكلهم عندنا كفار مشركون
و قد تسربت الوثنية إلى أهل الكتاب فبعض طوائف النصارى ترمى الطوائف الأخرى بالوثنية كما أن النصارى يسجدون لخشبة الصليب التى لا تسمع و لا تبصر و لا تضر و لا تنفع
4- الإكراه و استخدام القوة فى نشر الدين فى الإسلام
قلنا مرارا و تكرارا أنه لا إكراه فى الدين و لا يجوز إكراه أحد على اعتناق الإسلام
و الهدف من الفتوحات الإسلامية ليس إلا فتح الباب أمام الدعوة حتى يتمكن المسلمون من دعوة الناس إلى الدين دون أن يصيبهم أذى و لضمان حرية الاعتقاد بحيث يتمكن الناس من الدخول فى الإسلام دون خوف من أذى أو اضطهاد
فإن قيل أننا نستخدم القوة لتأمين الدعوة و ضمان حرية الاعتقاد فهذا لا ننكره و إن قيل أننا نستخدم القوة لإكراه الناس على الدخول فى الدين فقد بينا مرارا و تكرارا براءة الإسلام من هذا و الدليل على منع الإكراه فى الإسلام هو الحديث التالى :
- عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256] قال: كانت المرأةُ مِن الأنصارِ لا يكادُ يعيشُ لها ولَدٌ فتحلِفُ: لئِنْ عاش لها ولدٌ لَتُهوِّدَنَّه فلمَّا أُجليَتْ بنو النَّضيرِ إذا فيهم ناسٌ مِن أبناءِ الأنصارِ فقالتِ الأنصارُ: يا رسولَ اللهِ أبناؤُنا فأنزَل اللهُ هذه الآيةَ: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256] قال سعيدُ بنُ جُبيرٍ: فمَن شاء لحِق بهم ومَن شاء دخَل في الإسلامِ
اقتباس
الأقباط تحت الحكم الإسلامي
الأقباط تحت الحكم الإسلامي
بعد وفاة المقوقس بثلاثة شهور اُختير الشماس/ بطرس بطريركاً للملكيين في مصر. ويبدو أن تأخير اختياره كان راجعاً إلى تردد الكثيرين في قبول هذا المنصب, ورغبة الملكيين في استشارة القسطنطينية بعد أن انفصلت الأمور الدينية في مصر عن السلطة المدنية, و انعدم الأمل في العودة إلى حوزة الإمبراطورية البيزنطية. أما عمرو بن العاص, كتب إلى البطريرك بنيامين طالباً منه أن يعود ليدير بيعته وطائفته. فعاد بنيامين إلى الإسكندرية بعد غيبة استمرت 31 سنة. وأحسن عمرو استقباله, كما عاد كثير من الأقباط الهاربين إلى أراضيهم. كانت سياسة عمرو ترمى إلى كسب مودة الأقباط , واحترام شعورهم الديني, ولم يستولى على ممتلكات الكنيسة, لكنه كافأ الأقباط اليعاقبة على خدماتهم للعرب, إذ تركهم يستولون على معظم كنائس الملكيين وأديرتهم.
ولم يضغط على الأقباط ليعتنقوا الإسلام
وكلفهم بحصر الضرائب, وعين لهم قاضياً مسيحياً ليحكم بينهم حسب ما جاء في شريعتهم.
و قلنا أن الاستثناء من الإكراه فى الإسلام هو المشركين العرب فى آخر عام من حياة النبي صلى الله عليه و سلم و قد ناقشنا أسباب هذا من قبل
اقتباس
و بلا شك أن هناك العديد من الأسباب لقتال مشركى العرب حتى يدخلوا فى الإسلام و عدم قبول الجزية منهم كأهل الكتاب
1- مشركى العرب كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى و وحدانيته و أنه هو الرب الذى يخلق و يرزق و ينعم و على الرغم من هذا كانوا مصممين على ترك عبادته سبحانه و تعالى و عبادة الأوثان بدلا منه سبحانه باعتبارها تقربهم من الله
و قد دعاهم النبي صلى الله عليه و سلم نحو 22 سنة إلى لا إله إلا الله و ترك ما يعبد من دون الله إلا أنهم أبوا إلا اتباع ضلالات آبائهم
قال تعالى :
( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ) لقمان 25
و فى سورة المؤمنون :
( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ( 84 ) سيقولون لله قل أفلا تذكرون ( 85 ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ( 86 )سيقولون لله قل أفلا تتقون ( 87 ) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( 88 ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( 89 ) )
و فى الحديث الشريف :
- أنَّ قُريشًا جاءت إلى الحُصَينِ وكانت تُعظِّمُه ، فقالوا له : كلِّمْ لنا هذا الرَّجلَ فإنَّه يذكرُ آلهتَنا ويسُبُّهم ، فجاءوا معه حتَّى جلسوا قريبًا من بابِ النَّبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ، ودخل الحُصَينُ ، فلمَّا رآه النَّبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – قال : أوسِعوا للشَّيخِ – وعمرانُ وأصحابُه متوافدون - ، فقال حُصَينٌ : ما هذا الَّذي يبلُغُنا عنك أنَّك تشتمُ آلهتَنا وتذكُرُهم ، وقد كان أبوك جفنةً وخبزًا ؟ ، فقال : يا حُصَينُ إنَّ أبي وأباك في النَّارِ . يا حُصينُ : كم إلهًا تعبدُ ؟ قال : سبعةٌ في الأرضِ ، وإلهٌ في السَّماءِ ، قال : فإذا أصابك ضرٌّ من تدعو ؟ قال : الَّذي في السَّماءِ ، قال : فإذا هلك المالُ من تدعو ؟ قال : الَّذي في السَّماءِ ، قال : فيستجيبُ لك وحدَه وتشرِكُهم معه
الراوي: عمران بن الحصين المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 278/1
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح]
إذا فمشركو العرب يعلمون أن الله تعالى هو الخالق و هو الملك الذى له كل شئ و يتوجهون إليه بالدعاء فى الشدائد و لكنهم يرفضون ترك عبادة الأوثان و ظلوا مصممين على هذا طوال 22 سنة من البعثة النبوية
و مما لا شك فيه أن من يعلم أن الله تعالى هو الخالق و الرازق ثم يعبد الأوثان فهذا إنسان قد سفه نفسه و هو لا يفعل هذا الضلال إلا تمسكا بما وجد عليه آباؤه و ما يجد عليه الناس حوله
و مثل هذا الشخص لو ترك التعصب و فكر قليلا لعلم أنه على ضلال و ترك هذا الضلال
و لذلك فإن هؤلاء المشركين بعد أن رفضوا عبادة الله تعالى طوال 22 سنة ما إن أعلمهم النبي صلى الله عليه و سلم بأنه سيقاتلهم بعد 4 أشهر حتى سارعوا جميعا بالدخول فى الإسلام فى خلال هذه الأشهر الأربعة
لماذا ؟
لأنه ليس لديهم إيمان حقيقي بهذه الوثنية و بالتالى فهم ليسوا مستعدين للقتال فى سبيل هذه المعتقدات التى ورثوها عن آبائهم و التى يتبين لأى شخص يفكر فيها أنها ليست سوى ضلال
جاء فى تفسير الطبرى :
- حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) ، قال : أهل العهد : مدلج ، والعرب الذين عاهدهم ، ومن كان له عهد . قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها وأراد الحج ، ثم قال : إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك ، فأرسل أبا بكر وعليا رحمة الله عليهما ، فطافا بالناس بذي المجاز ، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها ، وبالموسم كله ، وآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر ، فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات : عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من شهر ربيع الآخر ، ثم لا عهد لهم . وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا ، فآمن الناس أجمعون حينئذ ، ولم يسح أحد . وقال : حين رجع من الطائف ، مضى من فوره ذلك ، فغزا تبوك ، بعد إذ جاء إلى المدينة .
يعنى المشركون ما إن أعلمهم النبي صلى الله عليه و سلم بأنه سيقاتلهم لو لم يسلموا حتى تركوا الوثنية و دخلوا الإسلام و لم يقاتل أحد لأنه ليس لديهم إيمان حقيقي بما هم عليه من عبادة الأوثان و بالتالى فهم ليسوا على استعداد لبذل حياتهم فى سبيل الوثنية
و ربما دخلوا فى الإسلام فى بداية الأمر تفاديا للقتال و بعد أن عرفوه و فهموه دخل الإيمان الحقيقي قلوبهم و أصبح أبناؤهم مسلمين و بذلك نالوا الفلاح فى الدنيا و فى الآخرة بالنجاة من النار هم و أبناؤهم
لذلك كان نبذ العهود للمشركين و إيذانهم بالقتال بعد 4 أشهر هو فى حقيقة الأمر رحمة بهم حيث دفعهم هذا إلى ترك عبادة الأصنام و عبادة الله وحده مما يؤدى بهم إلى النجاة من النار فى الآخرة
2- أن من يرفض ترك عبادة الحجارة و هو يؤمن بالله طيلة 22 سنة من الدعوة النبوية هو إنسان قد سفه نفسه و باع عقله و يستحق الخزى فى الدنيا و الآخرة إن أصر على الوثنية
و هؤلاء السيف عقابهم و هو عقاب عادل لهم على خطاياهم
فإذا كنتم تقولون إن الله أمر فى العهد القديم بإبادة الشعوب بسبب خطاياهم فنحن نقول إن الله أمر فى القرآن الكريم بقتال مشركى العرب بسبب خطاياهم
لكن الفرق بين العهد القديم و القرآن الكريم أن العهد القديم يأمر بالإبادة الكلية للرجال و النساء و الأطفال بينما يحرم الإسلام قتل النساء و الأطفال
فى العهد القديم الأمر بإبادة الشعوب دون أن تتم دعوتها لعبادة الله تعالى بينما القرآن الكريم أمر بقتال مشركى العرب بعد دعوتهم لمدة 22 سنة
فى العهد القديم لا مفر للشعوب من الإبادة الشاملة بينما فى القرآن الكريم دخول الناس فى الإسلام يكفل لهم النجاة بل لو طلبوا الأمان فلهم هذا بشرط أن يستمعوا إلى القرآن الكريم
3- أن مشركى العرب هؤلاء بلغ فسادهم فى حياتهم مبلغا عظيما ليس فقط لعبادتهم الأوثان
بل أن مشركى العرب هؤلاء لفسادهم لو كانوا يعيشون فى عصرنا الحالى فى بلد أوروبي يتشدق بحقوق الإنسان و الحرية المطلقة للعقيدة لتم قتلهم و سجنهم
إليك نماذج من فساد هؤلاء المشركين
مشركى العرب كان بعضهم يطوف بالبيت الحرام عاريا كيوم ولدته أمه
- بعَثني أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه في تلك الحَجَّةِ في المؤذِّنِينَ ، بعَثهم يومَ النحرِ يؤذِّنونَ بمِنى : أن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشرِكٌ ، ولا يَطوفَ بالبيتِ عُريانٌ . قال حُمَيدٌ : ثم أَردَف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعليِّ بنِ أبي طالبٍ ، فأمَره أن يؤذِّنَ ببَراءَةَ . قال أبو هُرَيرَةَ : فأذَّن معَنا عليٌّ في أهلِ مِنًى يومَ النحرِ ببَراءَةَ ، وأن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشرِكٌ ، ولا يَطوفَ بالبيتِ عُريانٌ .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4656
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
مشركى العرب كانوا إذا أنجبت زوجة أحدهم أنثى ربما دفنها فى التراب و هى حية ترزق
قال الله عز و جل فى سورة النحل :
وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ( 58 ) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ( 59 )
مشركى العرب كان منهم من يقتل أولاده سواء ذكورا أو إناثا إذا أصابه الفقر
قال الله عز و جل فى سورة الأنعام :
( وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون ( 137 ) )
مشركى العرب كان منهم من يقطع آذان الأنعام و البهائم
قال تعالى فى سورة النساء :
( ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا ( 121 ) )
جاء فى تفسير البغوى :
( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ) أي : يقطعونها ويشقونها ، وهي البحيرة
تخيل لو أن هناك أناس يعيشون فى بلد أوروبي يتشدق بحقوق الإنسان و هؤلاء الناس يمشون فى الشوارع عراة تماما و إذا أنجبت زوجة أحدهم أنثى دفنها فى التراب
و إذا أصابهم فقر قتلوا أبناءهم و هم أيضا يقطعون آذان البهائم
تخيل ماذا سيحدث لهم ؟
بلا شك أنهم كانوا سيتم منع ممارساتهم هذه بالقوة و لو أدى هذا إلى قتلهم و كانوا سيتم وضعهم فى السجون
عموما لنقرأ ما يقوله القمص تادرس يعقوب عن أسباب سماح الله لليهود بإبادة الشعوب فى العهد القديم
ننقل ما كتبه القمص فى مقدمة تفسيره لسفر التثنية :
اقتباس
لماذا سمح الله للشعب أن يُبيد الشعوب المحيطة بلا شفقة؟
أ. كانت هذه الشعوب تمثل الخطايا التي يجب إبادتها، ولم يكن ممكنًا للشعب في بداية حياته الروحية أن يميز بين الخاطئ والخطية، فقتل الخاطئ كان يعني تحطيم الخطية ونزعها.
ب. كان الفساد الذي دبّ بين هذه الشعوب غير محتمل، ففي عبادة البعل تُقدم الأمهات أطفالهن في النار ليحترقوا بين ضربات الطبول كي لا تُسمع صرخات الأطفال؛ بجانب تكريس النساء والفتيات أنفسهن للزنا ليجمعن مالًا للهياكل. فهلاك الأمم بحياتهم العنيفة والفاسدة أخطر من قتل الجسد.
فإذا كانت هذه الشعوب تمثل الخطايا التى تجب إبادتها فى العهد القديم فإن مشركى العرب يمثلون الخطايا التى يجب قتالها فى من نزول القرآن
و إذا كان الفساد فى هذه الشعوب غير محتمل لأن الأمهات تقدم أطفالها فى النار فالفساد الذى كان فى مشركى العرب كبير جدا لأنهم كانوا يقتلون أبناءهم و يعذبون الحيوانات و يطوفون بالبيت الحرام عراة
و الفرق كما قلنا هو أن الإبادة فى العهد القديم كانت تشمل النساء و الأطفال و كانت تتم بدون دعوة الشعوب للإيمان و لم يكن هناك شئ يمكن أن تفعله تلك الشعوب لتفادى الإبادة أما فى الإسلام فقتل النساء و الأطفال محرم و القتال كان بعد دعوة مشركى العرب طوال 22 سنة و كان يمكنهم بكل بساطة تفادى القتال إذا دخلوا فى الإسلام أو طلبوا الأمان و سمعوا القرآن الكريم
و أنا فعلا أتعجب من أنك لا تجد عيبا فى الأمر بالإبادة فى العهد القديم بينما تعترض على آية السيف فى القرآن الكريم
4 - مشركى العرب هم من بدأ بنقض العهود أو بدا من أحوالهم أنهم سينقضونها و أما من التزموا بالعهود فهؤلاء يجب الوفاء بعهدهم طوال فترة العهد
5- لو أن مشركى العرب ظهروا على المسلمين و انتصروا عليهم و تمكنوا من رقابهم فلن يرقبوا فى مؤمن إلا و لا ذمة و لذلك فقتالهم هو نوع من تأمين المسلمين و حمايتهم من أذى الوثنيين و غدرهم
6- جزيرة العرب مهد الإسلام لها خصوصيتها لا يجتمع فيها دينان و يجب دك الوثنية فيها تماما و لو بقوة السلاح
و تجدر الإشارة إلى أن الزميل كيمو أعلن أنه مقتنع بأسباب قتال الوثنيين
المفضلات