لما جاء تحذير الأنبياء -صلوات الله عليهم- من الدجال، ورد معنى جميل في السنة النبوية ليوم الخلاص من فتنته، فعن النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب الناس قال (يوم الخلاص ومايوم الخلاص؟"ثلاثا"، قيل: ومايوم الخلاص؟ قال:يجيء الدجال فيصعد أحدا، فينظر المدينة فيقول لأصحابه أترون هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد - من معجزات النبوة في حين كان المسجد النبوي من جريد النخل- ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من نقابها ملكا مصلتا، فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقة -أي معسكره- ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص).
يوم خلاص لأهل الحديث الذين وصفهم السلف بأنهم خير الناس، وأنهم حماة الدين، وأنهم أولى الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم أمناء الرسول وورثته فيما خلفه من السنة وأنواع الحكمة، وأنهم حماة الأرض.
ولتوضيح المعنى؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس من بلد إلا سيطؤها الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليها ملائكة تحرسها، فينزل السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كل كافر ومنافق).
مكة والمدينة كمدينتين مقدستين لها فضلها وشرفها على كل بقاع الأرض، لكن في الحديث ذكرت كرموز، وعلى مستوى الأفراد فمكة رمز القرآن والمدينة السنة النبوية محرمتان على الدجال فينزل السبخة -الأرض التي لاتثبت- فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات -معنى لا حساً- فيخرج إليه كل كافر ومنافق.
وعليه فإن من أهم مايعصم من الدجال ما أخبرنا به الله سبحانه في كتابه، ونبيه في سنته.
فقال صلى الله عليه وسلم (من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف حفظ من فتنة الدجال).
والآيات هي « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا»
القرآن الكريم معجزة محمد صلى الله عليه وسلم لم يجعل الله سبيلا لتحريفه، قيما على الكتب السابقة المحرفة، بالإيمان والعمل به ثبات ومواجهة كاملة للدجال وفتنه.
وفي حديث آخر (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) يوضح من هو الدجال؟ قول الله تعالى « وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا».
وحديث أخير (من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) فتنته وأتباعه مذكورة في آخر عشر آيات « الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)»
وبيوم الخلاص تنتهى مراحل الدجال، لتتبقى آخر مرحلة بظهور مسيح دجال بصفاته الخَلقيََََة، يكون هلاكه على يد المسيح الحقيقي عيسى ابن مريم عليهما السلام.
وعن كيفية يوم الخلاص فبعد أن أقام الله الحجة على خلقه، وبعد رد العلم إليه أولا وآخرا، يكون بالرجوع إلى كتاب الله في سورتي الطارق والدخان.
نسأل الله السلامة.
والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المفضلات