هل كان الله يعلم إجابة المسيح لما سأله ؟ (المائدة116).
قالوا : إن الله ليس بكل شيء عليم ، وذلك لأنه يسأل عيسى كما قال القرآن : وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (المائدة116).
ونجده في مواضع كثيرة يقول عن نفسه : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) (البقرة).
وقوله : وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) (البقرة).
كيف يكون بكل شيء عليم ثم يسأل المسيح هل أنت قلت للناس اعبدوني وأمي ... أليس ذلك تناقضًا أيها المسلمون ؟!
الرد على الشبهة
أولاً : إن الله بكل شيء عليم حقًا ويقينًا ؛ وأما عن سؤله للمسيح فهذا يوم القيامة أمام من جعله إلها مثل أغلب نصارى اليوم ، ومن جعل أمه إلهة مثل المريمة واليعقوبية... فهم الذين قالوا : إن المسيح هو الذي قال لنا أعبدوني وأمي ...
فيسأله الله يوم القيامة أمامهم على سبيل التوبيخ لهم لا الاستعلام ليبين لهم كذبهم على المسيح ويقيم الحجة عليهم ، وهذا من قوله : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ .
فكان جواب المسيح : قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) ( المائدة ).
نلاحظ : أن المسيح ذكر أن الله علام الغيوب ، وعلام على وزن فعال أي : كثير العلم الذي لا حدود له.
جاء في تفسير ابن كثير : هذا أيضًا مما يخاطب الله تعالى به عبده ورسوله عيسى ابن مريم قائلا له يوم القيامة بحضرة من اتخذه وأمه إلهين من دون الله: { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ؟ وهذا تهديد للنصارى وتوبيخ وتقريع على رؤوس الأشهاد. هكذا قاله قتادة وغيره، واستدل قتادة على ذلك بقوله تعالى: { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }. أهـ
قلتُ : وبالمثال يتضح المقال : قال أحدُ العلماء : - وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى- لو أن أحداً بلَّغك أن صديقك قد تكلم عليك بسوء, وأنت متيقن أن هذا الإنسان كاذب, لعلمك بخلق صديقك, فماذا تفعل لتظهر كذب هذا النمام؟ إنك تسأل صديقك أمامه, وتقول له: هل قلت علىَّ كذا وكذا؟ فهل أنت شاك في صديقك؟ إنك على يقين من استحالة هذا الأمر, ولكنك تصرفت هذا التصرف لتخزى هذا الكاذب النمّام.
فالسؤال الذي ورد في الآية الكريمة ليس للاستعلام, ولكنه للتوبيخ . أهـ
ثانيًا : إن الآية الكريمة التي ذكرها المعترضون فيها أعجاز قوي ؛ لأن المسيح قال: " فتشوا الكتب " ؛ ولم تقل الأناجيل أبدًا إنه إله ، ولم يقل أبدًا : " أعبدوني ..." فعبدوه ظلمًا وزورًا...
ثالثًا : إن المعترضين يتكلمون عن تناقض حول قوله : وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) (البقرة) ، حقًا إن الله في الإسلام بكل شيء عليم ؛ لكن إله المعترضين ليس بكل شيء عليم ؛ فهم يقولون ويعتقدون أن يسوع إله ؛ ولكن هذا الإله لا يعلم متى الساعة ، ولا يعلم موسم شجرة التين التي من المفترض أنه خلقها بحسب إيمانهم ... فكيف يكون بكل شيء عليم ؟!
بيان ما سبق جاء في الأتي :
1- يسوعُ المسيح الإله لا يعلم متى الساعة .... جاء ذلك فيما يلي :
أ- إنجيل متى إصحاح 24 عدد36«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.
ب- إنجيل مرقس إصحاح 13 عدد11«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.
2- يسوع دمر شجرة التين تدميرًا ... لأنه لا يعلم موسم التين ... جاء ذلك فيما يلي:
أ- إنجيل مرقس إصحاح 11 عدد 11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.
ب- إنجيل متى إصحاح 21 عدد 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا:«لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ !!
قلتُ : إذا كان يسوع المسيح إلهًا ، ولا يعلم متى الساعة ، ولا موسم التين ....
أتساءل :
1- هل يستحق هذا الإله لقب إله ؟!
2- هل هناك إله لا يعلم الغيب....؟!
3- هل يستحق هذا الإله أن يعبد ... أم أن يسوع المسيح نبي من عند الله لا يعلم متى الساعة...؟!
كتبه / أكرم حسن مرسي
13 / 4 / 2013 م السبت ، الساعة العاشرة والنصف صباحا
المفضلات