-
هل الله يحب الفرحين أم لا يحبهم ؟!
هل الله يحب الفرحين أم لا يحبهم ؟! (القصص 76).
قالوا : إن هناك تناقضًا في القرآن حول مسالة أن الله يحب الفرحين أو لا يحبهم....
هناك آية تقول : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (القصص 76)
وآية أخرى تقول: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (يونس 58).
فهل الله يحب الفرح للإنسان أم لا يحبه ؟!
الرد على الشبهة
إن الفرح الذي ذُكر في القرآن الكريم على نوعين : فرح بغير حق ، وهو من الآية الأولى ، وفرح بحق ، وهو من الآية الثانية.
الآية الأولى : ذكرت أن الله لا يحب الفرحين بقوتهم والاعتماد على أنفسهم وعدم شكر الله على نعمه واستخدمها في ظلم الناس ... فلآية ذُكرت في معرض كلام الله عن قارون الذي طغى وتجبر في الأرض بغير الحق وفرح بماله ونسي وتناسى أنه من الله ... فخسف الله به الأرض بعد أن نصحه الصالحون وأبى لنصحهم ...
فالله لا يحب الفرح المغتر بنفسه ؛ بل يحب العبد الذي يثق فيه ، ويفرح بما آتاه من فضله وينفق ماله في طاعة الناس... دلت على ذلك الآيات نفسها التي أقتطع المعترضون أجزءًا منها ...
يقول : إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) (القصص).
جاء في التفسير الميسر : إن قارون كان من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر عليهم، وآتينا قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا، حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء، إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال، إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون لله تعالى ما أعطاهم. والتمس فيما أتاك الله من الأموال ثواب الدار الآخرة، بالعمل فيها بطاعة الله في الدنيا، ولا تترك حظك من الدنيا، بأن تتمتع فيها بالحلال دون إسراف، وأحسن إلى الناس بالصدقة، كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة، ولا تلتمس ما حرَّم الله عليك من البغي على قومك، إن الله لا يحب المفسدين.
وأما عن قولي بأن هناك فرح بغير حق مثل قارون ... فقد دلت آية على ذلك ؛ لما قال حاكيا لنبيه عن خطاب الملائكة لأهل النار : ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) (غافر).
نلاحظ قوله : " تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ "؛ فدل ذلك على أن هناك فرحًا بالحق يحبه الله ، وهو الذي جاء في الآية الثاني التي استشهد بها المعترضون ...
قوله : قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (يونس 58).
الفرح بالحق يحبه الله ؛ فالله يحب العبد الذي يفرح بالقرآن وبعبادة ربه ، وسعيه للخير ....
جاء في التفسير الميسر: قل -أيها الرسول- لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته، وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين الحق وهو الإسلام ، فبذلك فليفرحوا; فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه، والقرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة.
كما أن الله يحب العبد الذي يتوب إليه ، وإن كان ظالما .... جاء ذلك في صحيح مسلم برقم 4932 عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ".
وعليه : فإن الفرح الذي بغير الحق : هو الفرح بالدنيا وعدم شكر الله على نعمه ، واستخدمها في ظلم الآخرين ، وأما الفرح بالحق : فهو فرح العبد بالإسلام والقرآن والعدل ، والعمل للآخرة .... وهذا يحبه الله .
وبذلك يكون التناقض في عقول المعترضين وحدهم ، وليس عندنا ثمة تناقض واحد في كتاب الله ... قال : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) ( النساء ).
بينما كتابهم التي يعتبرونه مقدسًا مليء بالتناقضات.... ويمكن للقارئ أن يرجع إلي كتابي : لماذا أنا مسلم ولست نصرانيًا ؟ ليجد كمًّا هائلاً من التناقضات الحقيقية في كتابهم المقدس.
-
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة دكتور وديع احمد في المنتدى منتديات الشيخ الدكتور وديع أحمد فتحي
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 29-04-2013, 12:25 AM
-
بواسطة طالب علم فلسطيني في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 27-01-2013, 01:49 AM
-
بواسطة هنوووشه في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 10-01-2012, 09:48 PM
-
بواسطة @سالم@ في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 12-07-2011, 10:52 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 03-05-2011, 02:19 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات