علوم رد الفرية على دين خير البرية
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد....فإن انتشار الإسلام العظيم، واكتساحَه لكل ربوع العالم، ودخولَ الناس فيه،وإقبالَهم عليه من كل حدبٍ وصوب - قد أثار فزعَ ورعب أعداءِ الدِّين، لاسيما النصارى والمنصِّرين، الذين ارتعدتْ فرائصُهم، وطاشتْ عقولهم، وجُن جنونهم، ولم يجدوا بدًّا حيالَ ذلك إلا إثارة الافتراءات والشبهات حول الإسلام، في محاولة يائسةٍ للنيل من هذا الدين العظيم، وصدِّ الناس - وخاصة أبناء ملَّتِهم - عنه، وربما تصل أطماعهم إلى الرغبة في فتنة المسلمين أنفسهم عن دينهم، وصرفِهم عن عبادة ربهم، من خلال حملات منظَّمة تدعمها دولٌ ومؤسسات كبرى، وتسخر في خدمتها الأموال، والإعلام، والنفوذ.إنهم يحاولون تشويه الوجه المشرق للإسلام العظيم، مستخدمين في ذلك طرائقَ الدجل والكذب؛ ليلبسوا الحق بالباطل،ويصدُّوا الناس عن الدين الحق، لكن كيدهم ومكرهم لا تلبث أمواجُه تتحطم على صخور الحجج الواضحات، والأدلة البيِّنات، الصادرة من نصوص الوحي كتابًا وسُنة.فإن الكاذب لا يملك من حجةٍ على كذبه إلا المزيد من الكذب؛ لأن الباطل لا يستدل عليه إلا بالباطل، وكلُّ ما أسِّس على الباطل فهو ضعيف واهٍ، لا يثبت أمام قوى الحق، ولا يصمد أمام دلائل الصدق؛ لأن الحق واضح، والباطل ضعيف،وإذا جاء الحق فإن الباطل يزهق ويتلاشى.ولذلك؛ فإن لجوء الشخص للكذب يُعَدُّ علامةً واضحة على عجزه عن المجيء بما يثبت دعواه بالحق؛ لأنه إن وجد من الحق ما يستدل به على مذهبه، ما اضطر إلى الكذب ، ولا ريب أن الكذاب يجب أن يفقد مصداقيته عند الجميع، ولا يوثق في كلامه مطلقًا.وفي ظل هذه الحرب التي يشنها أعداؤنا على الإسلام، يجب على كل مسلم أن يكون على وعيٍ بطرائق المنصرين التي يسلكونها محاولين ترويج أكاذيبهم، ومعرفةٍ بِحِيَلِهم وألاعيبهم التي يتَّبعونها لتمرير أباطيلهم؛ بحيث يأمن مكرَهم ولا ينخدع بباطلهم من جهة؛ وليمكنه التصدي لحربهم ورد كيدهم لنحورهم من جهة أخرى.ومن خلال السطور التالية أعرض لأهم طرائق المنصرين في إثارة الافتراءات على الدين، مع الإشارة إلى الأسلوب الأمثل في مواجهة كل طريقة ومن حيث الواقع الذي تُلْقى فيه الشبهات: فهناك عوامل أساسية لتفسير أسباب ظهور الشبهات وتأثيرها..
وهي: 1- قلة العلم 2- غلبة الجهل 3- وشيوع الفواحش والكبائر..
يقول الإمام ابن القيم: لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة.. صحيح ومريض وميِّت..فالقلب الصحيح: هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، كما قال تعالى: { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 88، 89].وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم، والأمر الجامع لذلك: أنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره..فسَلِمَ من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله..ولهذا يفسر المرض الذي يعرض له تارة بالشك والريب، كما قال مجاهد وقتادة في قوله تعالى: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } [البقرة: 10] أي: شك، ومرض الشبهة، والصحة تحفظ بالمثل، والشُّبَهُ والمرض يدفع بالضد والخلاف، وهو يقوى بمثل سببه، ويزول بضده، والصحة تحفظ بمثل سببها، وتضعف أو تزول بضده، ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح: من يسير الحر والبرد والحركة ونحو ذلك- فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء: من الشبهة ، حيث لا يقوى على دفعهم إذا وردا عليه، والقلب الصحيح القويُّ يطرقه أضعاف ذلك، وهو يدفعه بقوته وصحته.
ومرض القلب نوعان: نوع لا يتألم به صاحبه في الحال، وهو النوع المتقدم كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشكوك،
والنوع الثاني: مرض مؤلم له في الحال.. كالهم والغم والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية.. كإزالة أسبابه، أو بالمداواة بما يضاد تلك الأسباب، وما يدفع موجبها مع قيامها.وكما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن، ويشقى بما يشقى به البدن- فكذلك البدن يتألم كثيرًا بما يتألم به القلب، ويشقيه ما يشقيه، وكذلك الشاكُّ في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين، ولما كان ذلك يوجب له حرارة.. قيل لمن حصل له اليقين: ثلج صدره، وحصل له برد اليقين..وهو كذلك يضيق بالجهل والضلال عن طريق رشده، وينشرح بالهدى والعلم، قال تعالى: { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [الأنعام: 125]. ومن هنا يدخل في واجب محاربة الشبهات محاربة أي منكر يراه المسلم.المنهج العلمي في التعامل مع الشبهات: وهناك عدة قواعد علمية تحدد الأسلوب السليم للتعامل مع الشبهات، ابتداءً من بحث صحة النص وتوثيقه، ومرورًا بتجريده من عوامل التحريف والتحوير، وانتهاءً بالالتزام بالفهم السلفي في معالجة وتفسير النصوص، والذي يرتكز على عدة قواعد:
سبب ولادة هذه الشبهات
فالشبهة تولد من اجتماع الجهل مع التدليس
- الجهل بالدين وفقهه وشريعته وأصوله وفروعه
- التدليس على الأحاديث والعلماء واللغة العربية
أولاً:
الجهل بالدين : معروف ولا يحتاج إلى شرح ..فمخترع الشبهة معروف جهله بالدين الإسلامي وهدفه الهدم والتشكيك كأن ينتقد صاحب الشبهة مثلاً ضرورة وضوء لمسلم وطهارته قبل الصلاة أو ينتقد ما أحل الله وما حرم الله وهذا يحتاج الرد بالعقل والمنطق حيث أنه يرفض حكم ما أو شريعة فرضها الله على عباده فعليك إقناعه وتبيان الإيجابيات الآتية من هذا الأمر والسلبيات التي ستنتج عنه
ولتيسير الرد في هذا المجال نبحث عن الحكمة من هذا الأمر،كأن نبحث عن الحكمة من الصلاة،الحكمة من الوضوء،الحكمة من فرض كذا،الحكمة من تحريم كذا إلى غير ذلك ونجد الرد من كبار العلماء متوفر بإذن الله على العديد من المواقع المعتمدة
ثانياً :
التدليس على الأحاديث والعلماء: ويكون عن طريق اعتمادهم في طرح الشبهة على الحديث الضعيف سنداً أو متناً أو كلاهما معاً أو ضعيف أو منكر أو مكذوب أو موضوع المهم أنه ليس بصحيح أو بمعنى يفهمه النصراني ( ابوكريفا) لا يعترف به العلماء ولا يتفقون على صحته
ثالثاً :
التدليس على اللغة العربية : ويتمثل في رفضهم للفظة معينة وردت في الحديث الشريف اعتقاداً منهم أنها لفظ خارج فلا يفهمونه إلا بمعناه الخارج ولكنه في الأصل يقصد معنى آخر تماماً ويكون هذا في الأحاديث الشريفة وفي آيات القرآن الكريم وهذا شيء لا تختص به اللغة العربية وحدها أن يجتمع في اللفظ الواحد أكثر من معنى وبنفس التشكيل وقد يختص الجهل في اللغة بجهل قاعدة نحو معينة أو جهل في القراءة بالتشكيل الصحيح وهذا أوفر عناء البحث فيه وأجد العلماء قد قتلوه بحثاً ونسفوه رداً فأستعِن بردهم لأنهم أدرى بهذا العلم من غيرهم ولكن ماذا لو اعتمدوا في شبهتهم على حديث صحيح؟ العيب هنا يكون في القصور العقلي الذي يصيبهم في فهم الآية أو مغزى الحديث ومعناه والهدف منه كأن يعيب النصراني على حديث صحيح ذكر لفظة ما بهدف أنه لفظ خارج ولا يصح ، ولكن جهله هو الذي خيل له هذا ,, لأن هذه الأحاديث أحاديث فقهية تعليمية ومنها ما يتصل بحكم شرعي يجب تنفيذه أو شرح موقف ما ، ولله الحمد لا يوجد حديث من الأحاديث الثابتة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يثير القارئ أو ينفره لأن القارئ المنصف يدرك تمام الإدراك أن الحديث لم يروى بهدف التغزل أو إثارة الشهوة أو الاشمئذاذ فأول خطوة للرد على الشبهة ننظر في الحديث الموجود بالشبهة ونرى درجته صحيح أم ضعيف أم غير ذلك؟ نقول مهما كان رأي العالم فهو ليس بوحي كما ذكرنا من قبل أقوال العلماء لا هي قرآن ولا هي أحاديث شريفة صحيحة ومأجورين على اجتهادا تهم بإذن الله ولكن لا يُعتمَد عليها إن خالفت القرآن والسنة الصحيحة وأخيراً نجد صاحب الشبهة أحياناً يعتمد على أحاديث الشيعة والفرق الضالة التي لا نعترف بها والدخيلة على الإسلام ,,, فوقتها لا تستحق البحث وعناء الرد وهذا كذلك نجده من البحث في ملحوظة هامة : هناك العديد من الشبهات إن لم يكن جميعها قد تم نسفها بأيدي علماءنا الكرام والإخوة والأخوات الأفاضل ومن الفائدة الكبيرة اللجوء إلى خبراتهم وردودهم في هذا المجال وسيوفر علينا جهداً كبيراً في البحث عن رد الشبهة ولكن ما أجمل أن تولد الشبهة أمامك وتعقرها في المهد بيديك وتكتشف فسادها وتقضي عليها بنفسك وستجد بالرغم من حداثة علمك أن الله قد ألهمك بالجديد الذي قد لا يذكره غيرك من قبل وتكون بذلك أضفت جديداً يُحسب في ميزان حسناتك وتكتسب خبرات جديدة في الرد والبحث .
فالشبهة هي محاولة إحداث خلل في فهم وتناول النصوص، من خلال التأثير على النص الأصلي لاختلاق تناقض في المعنى بأساليب متعددة.. منها:
1- إنتزاع النص وبتره من سياقه الأصلي..
2- الزيادة أو النقصان من ألفاظ النص..
3- إفقاد النص مقوماته الأساسية وتحويره واستباقه بمقدمات مصطنعة لدفع الفهم باتجاه مُعيَّن..
4- تضييع إحداثيات النص وإخراجه من إطار الإحكام المنهجي الإسلامي..
5- حشد وتجميع النصوص المدسوسة وتقديمها على أنها نصوص قطعية..
6- إلزام النص بما ليس من لوازمه..
الكتب التي يعتمد عليها المنصرين
كتاب ( الهداية من 4 أجزاء وكتاب الباكورة الشهية وكتاب تنوير الأفهام في مصادر الإسلام وميزان الحق )
خطوات تعلم العلوم التي تساعدني على الرد
الإطلاع على الكتابات ضد الإسلام وعلى الشبهات ليس متروكاً لكل من هب ودب .. إن الشرع الحكيم لم يترك هذا الأمر بلا ضوابط ولا قواعد .. ولكن وضع لذلك القواعد التي تنظمه .. والتي لو تأملتها لسبحت من له الخلق والأمر . إن إطلاع على الشبهات ليس متاحاً لأي مسلم .. وإنما عليه بدء الطريق من أوله .. ولهذا كان على المجاهد في سبيل الله ، المنتصب لدعوة هؤلاء ومحاجتهم أن يتحلى بأمور :
أولاً: لا تختلف مواقع الإساءة لدين الله وللرسول صلى الله عليه وسلم عن المجالس التي تشتمل على مثل ذلك الكفر ، وفي كلا الحالتين يحرم المكث في تلك المجالس ، ويحرم الدخول لتلك المواقع ، إلا لمنكِرٍ عليهم يستطيع إيقاف تلك الإساءات ، فإن لم يستطع واستمر أولئك : فلا يحل له البقاء في ذلك المجلس ، كما لا يحل له الدخول إلى تلك المواقع . قال تعالى : ( وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/ 68 .( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .وقد حذَّر علماء الإسلام – قديماً وحديثاً – عموم المسلمين من النظر في كتب أهل البدع والضلال ، ومن محاورة الزنادقة والملحدين ، إلا لمسلم عالِم بدينه ، وعالم باعتقاد وفكر المقابل له ؛ خشية أن تخطف شُبه أولئك المخالفين للشرع قلب ذلك الضعيف أو الجاهل .
ثانياً: بناء على ما سبق : فمن كان ضعيف العلم والبصيرة لا يحل له دخول تلك المواقع للنظر فيها ، كما لا يحل له محاورة أولئك الكفرة والرد عليهم ؛ لعدم وجود قوة البصيرة ؛ ونعني بها العلم الصحيح المحقق الذي يحافظ به على اعتقاده ، ويحارب به أعداءه .قال ابن القيم – رحمه الله - : " وقوله ـ أي : قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصيته ـ " ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة " : هذا لضعف علمه ، وقلة بصيرته ، إذا وردت على قلبه أدنى شبهة : قدحت فيه الشك والريب ، بخلاف الراسخ في العلم ، لو وردت عليه من الشبَه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ، ولا قدحت فيه شكّاً ؛ لأنه قد رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه : ردها حرسُ العلم وجيشُه ، مغلولة ، مغلوبة ، والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له ، فمتى باشر القلبَ حقيقةُ العلم : لم تؤثر تلك الشبهة فيه ، بل يقوى علمُه ويقينُه بردِّها ومعرفة بطلانها ، ومتى لم يباشر حقيقةَ العلم بالحق قلبُه : قدحت فيه الشك بأول وهلة ، فإن تداركها ، وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكّاً مرتاباً ... " انتهى من " مفتاح دار السعادة " ( 1 / 140 ) . وإنه حتى العالِم أو طالب العلم القوي لا يحل له دخول تلك المنتديات إذا كان لا يُمكَّن من قول الحق ، أما أن يعلم أن كلامه سيحذف منه ما فيه حجة على الخصم الكافر : فلا ينبغي له البقاء بين أظهرهم ، أو المشاركة في مجالسهم ومنتدياتهم ؛ لتحقق المفسدة بوجوده في أماكن الضلال والانحراف ، دون مصلحة تغيير المنكر ، أو النهي عنه والأمر بالمعروف .
ثالثاً: إذا كان دخول العامي لا يجوز ، ودخول طالب العلم أو العالِم – إذا لم يمكَّن من الرد عليهم – لا يجوز ، فما هو الحل ؟ والجواب : أن الحل يكون بنشر الاعتقاد الصحيح في المنتديات والمواقع الإلكترونية التي تسمح بقول أهل الإسلام الحق الذي عندهم دون حذف لكلامهم ، والحل يكون بإنشاء مواقع تجمع تلك الشبهات وتدحضها بالعلم ، ويحال عليها المسلمون لتعلم دينهم ، ولمعرفة ما عند خصوم الإسلام من الجهل والكذب .
رابعاً : على المسلم .. على وعليك وعلى جميع المسلمين .. البدء بتعلم القدر الأدنى من الدين الصحيح .. وخاصة العقيدة الصافية . الصحيحة من مصادرها الموثقة ، وعلى يد أهل العلم إن أمكن ذلك . أن يقوِّي معرفته بدينه الإسلام ، فيطلب العلم ، ويتعلم ، حتى يقي نفسه من شبهات خصوم الإسلام ، وحتى يزداد يقيناً بأنه على الحق المبين .
خامساً: العناية بالمراجع الإسلامية المتخصصة في دعوة النصارى وبيان حالهم ، وكشف شبهتهم ، وهي مراجع كثيرة ، من أهمها : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم ، إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي ، مناظرة بين الإسلام والنصرانية ، للشيخ محمد جميل غازي ، العقائد الوثنية في الديانة النصرانية لمحمد طاهر التنير ، محاضرات في النصرانية للشيخ أبو زهرة ، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ، النصرانية من التوحيد إلى التثليث للدكتور محمد أحمد الحاج ، محمد في الكتاب المقدس للبروفسور عبد الأحد داود ، دراسات في الأديان: اليهودية والنصرانية للدكتور سعود الخلف ، رسائل ومناظرات الشيخ أحمد ديدات ، كما يمكن الاستفادة من بعض المواقع المتخصصة .
سادساً: أن يتحلى المحاور بأدب الإنصاف ، وأن ينظر إلى مخالفه بعين الشفقة والرحمة ، فهو حريص على هدايته ، مجتهد في إيصال الحق له ، كالطبيب الحاني يعالج مريضه ، فلا يسخر ولا يستهزئ ، ولا يتعالى ولا يتكبر ، بل يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويجادل بالتي هي أحسن ، كما قال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) العنكبوت/46قال القرطبي في تفسيره : " فيجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله عز وجل ، والتنبيه على حججه وآياته ، رجاء إجابتهم إلى الإيمان ، لا على طريق الإغلاط والمخاشنة " انتهى .وكثير من النصارى حين وقف على حجج أهل الإسلام ، وعلم زيف ما كان عليه ، آمن واهتدى ، ونجح وأفلح ، وكان للأسلوب الحسن في الدعوة أثر كبير في ذلك .ونعود ونؤكد هنا على أهمية التسلح بالعلم الشرعي ، والدراسة العميقة المتخصصة لهذا الباب ، الذي أصبح علما قائما بنفسه اليوم ، وفي بلاد الغرب ، قبل أن تخوضه ، فإنك إن خضت هذا المجال قبل التأهل له , والدارسة الكافية فيه ، عاد وبال ضعفك وعجزك على الدين الحق الذي تريد أن تنشره وتدافع عنه .واجتهد في الاتصال بأهل الاختصاص الموثوق بدينهم وعلمهم من أهل بلدك ، ليعينوك على هذا الأمر ، ويرشدوك إلى ما تحتاجه فيه .السؤال: هناك الكثير من المواقع التي تهاجم الإسلام ، ويتم فيها سب الله ورسوله وصحابته وزوجاته بأقذع الألفاظ . ويتصدى لهذا المواقع مسلمون جهلة ، وصغار ، يتخبطون في الرد عليهم ، فيبدو الرد هزيلاً ، والشبهة قوية ، ويسيئون للإسلام كثيراً . وهذه المواقع لا مصداقية لها فإن جاء الرد على الشبهة داحضاً لها ممن منّ الله عليهم بالعلم ، وهم قلة في هذه المواقع ، يتم حذف الرد تماماً ، أو إزالة بعض منه ، فيبدو الرد ضعيفاً ، وإن كان الرد من جهلة : تركوه . فهلا وجهتم لمن يتصدى لهذه المواقع من جهلة المسلمين كلمة تنذرهم مما يفعلوه ؟ . وهلا أرشدتمونا نحن الذين لا نملك العلم إلى طرق ننصر بها الإسلام وندعو إليه ؟ .
سابعاً : يباح له التدرج بعد ذلك في الإطلاع على الشبهات ، ولكن ليس من كتب المعادين ، وإنما يطلع عليها من كتب علماء الإسلام التي تعرضت لهذه الشبهات وردت عليها .. أي أن الإباحة هي لقراءة الشبهة مع الرد عليها .. وليس لمجرد الشبهة دون الرد ..
ثامناً : يباح بعد ذلك لمن أتقن الإطلاع على الشبهات في كتب المعادين دون رد عليها .. لأنه سيكون في هذه الحالة بفضل الله قادراً على الرد على هذه الشبهات .. بما حصن به نفسه في المرحلة الأولى .. وبما تدرب عليه عملياً في الثانية .. وهذا الذي قرره الشرع وفصله العلماء .. هو العقل عينه والحكمة نفسها .. لأنه ليس من العقل والحكمة أبداً أن يتعرض المرء لشبهات المخالفين دون امتلاك العلم الكافي لدحضها .. ليس من العقل أن يخرج المرء وهو أعزل لعدوه المجهز بالأسلحة الفتاكة .. وأما من يقول : إن عقيدتي راسخة ولن تثنيها الشبهات أبداً مهما كان قوتها .. فنقول : حاله كحال من : ألقاه في اليم مكتوفاً .. وقال : إياك إياك أن تبتل بالماء ! ليس من الحكمة أن تضعني في غرفة مملوءة بالجراثيم ، ثم تطلب منى ألا يصيبني المرض ، بحجة أنى صحيح معافى ! لقد رأيت من يتصدى لمجادلة النصارى والملاحدة وهو لا يواظب على الصلاة في جماعة ! وتالله لقد رأيت من يتصدى لذلك وهو لا يحسن كيف يتوضأ ! ولا أدرى .. هل المطلوب من المسلم أن يتصدى للرد على الشبهات قبل أن يلتزم هو بإسلامه شخصياً ؟ .. هل انعكست المسألة وانقلب الحال ؟قال الله تعالى : ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) العنكبوت/46 قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره : " ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب ، إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل ، أو بغير قاعدة مرضية ، وأن لا يجادلوا ، إلا بالتي هي أحسن ، بحسن خلق ولطف ولين كلام ، ودعوة إلى الحق وتحسينه ، ورد الباطل وتهجينه ، بأقرب طريق موصل لذلك . وأن لا يكون القصد منها ، مجرد المجادلة والمغالبة ، وحب العلو ، بل يكون القصد بيان الحق ، وهداية الخلق . " اهـ . [ تفسير السعدي 743]ثم عليكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تلتفتي لنفسك وطلب العلم ، وقبل أن يعرف المسلم ما عند غيره ، يجب أن يعرف ما في دينه من أحكام ، فابحثي عن أخوات من طالبات العلم وابدئي معهن في تعلم دينك ، ويمكنك أن تستعيني ـ أيضا ـ بأشرطة علماء أهل السنة الداعين إلى منهج السلف الصالح ، لاسيما إذا لم يتيسر لك من يعلمك .ولتكن عنايتك الأولى بمعرفة ما يصحح لك عقيدتك ، وعبادتك ، واهتمي بالوقوف على معاني كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .هذه هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن تبدئي بها
تاسعاً: نصرة الإسلام واجبة على كل مسلم بما يستطيعه ، وسواء كان المسلم عاميّاً أو عالماً ، ذكراً أو أنثى : فإنه يستطيع أن يصنع شيئاً يخدم به الإسلام ، وينصر به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :
1- أن يساهم بنشر المواقع العلمية ، والدعوية ، بين المسلمين وغيرهم ، وذلك بعمل قوائم بريدية يستعملها في المراسلات ، أو من خلال مراسلة من يعرف من الأصدقاء ليقوم كل واحد بدوره في نشر ذلك الخير والعلم بين الناس .
2- دعم المواقع الإسلامية العاملة ، ودعم الغرف الصوتية في " البالتوك " ، وبدعم المسلم لهؤلاء العاملين للإسلام يساهم في نصرة الإسلام .
3- تفريغ دعاة وطلبة علم لتولي دعوة الناس لدين الله ، وتعليم المسلمين أحكام الشرع ، فالحاجة ماسَّة لتفريغ طائفة من هؤلاء ليقوموا بمهمة الدعوة والتعليم .
لكي تتصدى إلى الشبهات عليك بالتالي :
1- إخلاص النية لله عز وجل
2- الاستعانة بالله تعالى والافتقار له
3- طلب العلم الشرعي
4- الرغبة في إظهار الحق
5- الثقة في قوة الحق
6- الثبات على الحق وعدم التنازل عن جزء منه
7- العدل والإنصاف مع الخصم وإن تعدى
8- الرفق والتلطف مع الخصم المنصف المهذب
10- عدم الجلوس في مجالس الشتامين والمستهزئين
11- عدم مجاراة المفترين في سوء أخلاقهم
12- دعاء الله للنفس وللخصم
13- أن تتبحر في دراسة الشبهة .
14- أن تكون مستعد لأي سؤال .
15- أن لا تناقش في موضوع لا تعرفه.
16- أن لا تدافع عن فكرة إذا لم تكن على اقتناع تام بها فإنك إذا فعلت عرضت نفسك للحرج.
17- أن تعد مادتك العلمية على أعلى مستوى من الإتقان .
منهجية التعامل مع الشبهات وقواعد دحضها
إن إظهار الحق وإيصاله للآخرين وإقناعهم به ودحض شبهاتهم وأباطيلهم يحتاج إلى أمر مهم وهو معرفة طبيعة النفس البشرية، وما يصلح لها وما يسوؤها.ومن أهم سمات هذه النفس أنها تميل إلى اللين والملاطفة والتعامل بالحسنى، وتنفر من الشدة والإذلال والإفحام والتحدي،إذ إن لها كبرياء، فمن أكرمها استطاع أن يقودها وأن يسيرها كيفما شاء، ومن خدش كبرياءها فلن يظفر منها بطاعة ولا تصديق ولا انقياد، ولا يلومن بعد ذلك إلا نفسه.لذا من أراد أن يمسح الشبهات من عقول الناس، أو أراد أن يدحضها فعليه أن يلج إلى ذلك بالحسنى وأن يتجنب العنف والشدة والتحدي، وذلك مصداقاً لقول الله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".(النحل: الآية 125).ويقول جل ذكره مخاطباً نبييه الكريمين موسى وهارون عليهما السلام: " اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليّناً لعله يتذكّر أو يخشى".( طه: الآية 42-44).
قبل أن يحاول المسلم التصدي لرد الشبهات يجب عليه أن يحقق شرطا أساسيا وهو تعلم الإسلام وعلومه أولا .. يجب على المسلم أن لا يتصدى للشبهات أبدا إن كان غير متمكن من دينه وعلومه ( المرجو قراءة نصيحة شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في توقيعي ) .. فمن يدخل عالم الشبهات بلا علم كاف ، هو كذلك الجندي الذي يدخل الحرب بلا سلاح !ينبغي الانتباه إليها عند الإقدام على الشبهات وهي كما يلي :
1- اجعل كل نيتك خالصة لوجه الله عز وجل وأنك ترد من أجل جعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العُليا .والإخلاص لله عز وجل في الرد وتصفية النية من الشوائب كحب السمعة والرياء والرغبة في الانتصار وغيرها من أمراض القلوب المحبطة للأعمال والمجلية لغضب الرب سبحانه وتعالى وهنا يمكننا أن نستشهد بمقالة الإمام مالك رحمة الله تعالى علية :" ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل".
2- قبل الرد على الشبهة اعقلها بفطرتك قبل قلبك وبقلبك قبل عقلك , واجعل الثقة المبنية على قدم راسخة في أن كل ما يكتبه أعداء الإسلام ما هو إلا " شبهات " والشبهة هي ما كان ظاهرها الحق ولكنها تحوي الباطل فتشتبه على قليلي العلم , وبحمد الله لا يوجد شئ في الإسلام دون جواب , ولا يوجد شئ في الإسلام لنخجل منه .
3- تأكد من أن كل شبهة يتقيؤها أعداء الإسلام ستجد شئ مشابه لها في عقيدتهم , فهم يحاولون إثبات ألوهية المسيح من القرآن الكريم , ورسولية بولس المدعو رسولاً من التفاسير وذلك بعدما ذاقوا مرارة الفشل من إثبات ذلك في عقيدتهم .
4- أن لا يؤدي الرد إلى منكر أكبر من السكوت وهذا الأمر يجتهد فيه أهل العلم والفقه والخبرة من العلماء والدعاة .
5- اعلم هداك الله أن كل شبهة لها رد , لذلك لا تلتزم بكل ما يقوله النصراني راجع وراءه فمن الممكن أن يكون قد أخفى جزء من التفاسير ليؤيد معتقده الزائف, أو يكون قد دلّس على المراجع
أن يكون الرد علمياً منطقياً مدللاً بالشواهد والأدلة والبراهين بعيداً عن الكلام العاطفي الذي لا يستند إلى دليل والذي لا يسمن ولا يغني من جوع فقد مل الدعاة والناس أجمعين أمثال هذه الردود التي يضحك بها على الذقون والتي ربما تعمق الشبهة وتزيد من رسوخها بدلا من أن تدحضها لذا ينبغي أن يقوم أهل العلم والمنطق والحجة بالرد على هذه التهم وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء من القيادات أو من ذوي السابقة الدعوية ، فلكل فن أهله ورجاله .
6- أن لا ينشغل جميع الدعاة في الرد على هذه الشبه والاتهامات وإنما يكفي أن ينبري لذلك نفر من العلماء والدعاة وصدق الله تعالى إذ يقول {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122
7- أن لا تنشغل الدعوة بهذه الردود عن أهدافها التي رسمتها لها ، إذ إن أعداء الله حريصون على جر الدعاة إلى معارك جانبية وحروب كلامية لينصرفوا بهم عن تحقيق أهدافهم وهنا تكمن الخطورة وربما كان هذا هو السبب الرئيس الذي جعل كثير من الدعاة يرى أن السكوت أولى من الرد والصواب في ذلك هو الاعتدال والله أعلم.
8- إن كل شبهة ليس لها أثر على الدعوة أو الدعاة فإهمالها أولى من الخوض في الرد عليها لأنه لو فتحنا هذا الباب على مصراعيه لما انغلق ولأصبح الدعاة في حيص بيص .
9- أن لا يؤدي الرد والحوار إلى المراء المذموم والجدال غير المحمود بل يكون الرد علمياً وواضحاً فإذا وضح الأمر يحسن التمادي في الرد والدخول في جدال مذموم فالسكوت هنا أولى .
10- أن يكون هدف الرد هو تبيان الحق والصواب ولذلك يحسن الاعتراف بالخطأ وعدم تبرير الباطل والانحراف فالحق أحق أن يتبع والداعية طالب حق لا طالب شهرة.
11- أن يكون الرد بعيداً عن الإسفاف والشتائم والغمز واللمز وبمعنى آخر أن يكون الرد عفيفاً مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
12- تستطيع البحث في التفاسير وعن صحة الأحاديث وهناك برنامج هام للتأكد من صحة الأحاديث وضعفها.
13- عندما تبدأ في الرد على النصراني سواء كان في منتدى إسلامي ( رد شبهة ) أو في منتدى نصراني ( حوار ) استعن بالله في الأول والآخـر وقم بترتيب الرد على فقرات تناسبك أنت لا النصراني , وأيد كلامك بالأدلة , وطالب النصراني بصحة الأدلة , لا الأدلة , طالبه بصحتها , فالإتيان بالدليل سهل , لكن إثبات صحته , هو أكبر مشاكل النصراني .
14- من النصارى من يستشهد بالأحاديث ذوات الأسانيد وكلها أسانيد ضعيفة ليست حجة علينا.
15- قبل اعتماد مشاركتك راجع المشاركة مرة أخرى من حيث اعتماد الأدلة والتصحيح اللغوي والبلاغي وما إلى ذلك .
16- اجعل ردك ابتغاء مرضاة الله ولا تنتظر استحسان أحد بل أنت في حاجة إلى النقد - للتطوير - أكثر من حاجتك إلى الشكر والمباركات .
17- أن يكون الذي يتولى عملية الرد قادراً على رد الشبهة وتفنيدها ودحضها بمعنى أن يكون ذا أهلية تؤهله من النجاح في الرد المقنع .
19-رد المتشابه إلى المحكم، تطبيقًا لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } [آل عمران:7].
فإذا اشتبه علينا معنى "كلمة الله" و"روح منه" في قوله تعالى: { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } [النساء: من الآية171] عدنا إلى محكم قوله سبحانه: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 59] فنفهم أن عيسى خُلِقَ بكلمة الله "كن" تمامًا مثلما خلق بها آدم.وكذلك عدنا إلى قوله تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ } [الجاثية: 13] لنفهم أن الإضافة بـ "مِنْهُ" إضافة ربوبية وخلق، لا إضافة تبعيض وتركيب، وهكذا يُفسَّرُ المتشابه بالمحكم.
20- رد الشبهة لعدم معقوليتها..كزعمهم بوجود أخطاء نحوية في القرآن، وذلك لأن علم النحو الذي يحاكمون القرآن إليه إنما وضعه علماء اللغة بناءً على كلام العرب وأشعارهم في الحواضر والبوادي، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو واحد من هؤلاء الذين تربوا في البوادي وكانوا مرجعا لعلماء النحو في تقعيد قواعده ، والذين تلقوا القرآن لأول مرة هم أيضًا من هؤلاء، فيصير من غير المعقول أن يتلقى هؤلاء جميعًا خطأ ما في الكلام دون أن ينتبهوا إليه، وهم الحجة الطبيعية لعلماء النحو واللغة..!فتصير الشبهة منطقًا معكوسًا ومتناقضًا مع ذاته.
21- تحديد منزلة الشبهة وتصنيفها: فينبغي التركيز على قضايا العقيدة وإثبات الوحي والنبوة والمعاد على غيرها من القضايا.
22- إظهار التناقضات بجوار رد الشبهات، لأن إظهار التناقضات يخرج المسلم من دائرة الإحساس بالاتهام والدفاع في مواجهة الآخر، وما يترتب على ذلك من الهزيمة النفسية للمدافع، وشعور الانتصار عند المهاجم..
23- التفريق بين نص الوحي وفهم المسلمين؛ لأن الأول: معصوم يحدد إطار الإسلام وقيمه، والثاني: عمل بشري خاضع لاحتمال الصواب والخطأ. فبينما تقتصر الحجية في الجانب الإسلامي على كلام الله وما صحت نسبته إلى رسوله نجد أن النصارى يؤمنون بعصمة باباواتهم، وأنهم لا يتكلمون إلا بقوة "روح القدس".
مراعاة الفرق بين الطرح العلمي وطرح المواجهة، فعند تفنيد الشبهات والرد عليها ينبغي أن يتصف الرد بالاختصار والإحكام والبساطة والتلقائية، الأمر الذي يختلف عن الطرح العلمي التفصيلي دون مراعاة لعقول المخاطبين، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً".
24- مراعاة الفرق بين الطرح العلمي وطرح المواجهة، فعند تفنيد الشبهات والرد عليها ينبغي أن يتصف الرد بالاختصار والإحكام والبساطة والتلقائية، الأمر الذي يختلف عن الطرح العلمي التفصيلي دون مراعاة لعقول المخاطبين، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً".
25- لابد من طرح الردود على الشبهات بكثافة إعلامية عالية بحيث تزاحم الإثارة الإعلامية التي تحدثها الشبهات، وتتغلب عليها فتشاع الردود بين المسلمين لتحميهم من الشبهات ويجب التفريق بين البحث الفكري و المواجهة وبذل أكبر قدر من الإثارة العاطفية عند المسلمين ناحية إسلامهم باعتبار أن هذه العاطفة هي التي تقاوم الإغراء والمال والشهوات.
طرق الرد على الشبهات
يجب على كل مسلم أن يكون على وعيٍ بطرائق المنصرين التي يسلكونها محاولين ترويج أكاذيبهم، ومعرفةٍ بِحِيَلِهم وألاعيبهم التي يتَّبعونها لتمرير أباطيلهم؛ بحيث يأمن مكرَهم ولا ينخدع بباطلهم من جهة؛ وليمكنه التصدي لحربهم ورد كيدهم لنحورهم من جهة أخرى.ومن خلال السطور التالية أعرض لأهم طرائق المنصرين في إثارة الافتراءات على الدين، مع الإشارة إلى الأسلوب الأمثل في مواجهة كل طريقة:
الطريقة الأولى: الكذب في طرح الافتراء:
ويقصد بذلك أن يطرح المنصر الافتراءَ مشتملاً على مقدمة كاذبة، توضع كأنها حقيقة مسلَّمة، ينطلق من خلالها لمناقشة الافتراء.
الطريقة الثانية: التحريف اللفظي للنصوص:
ويُقصد بهذه الطريقة تعمُّد المنصِّر تحريفَ نص الآية أو الحديث، بتغيير ألفاظه؛ للاستدلال به على معنى فاسد.
الطريقة الثالثة: تأويل النصوص، ولَيّ أعناقها، والاستدلال بها على ما لا تدل عليه:
ويقصد بهذه الطريقة تعمُّد المنصر تحريفَ معنى الآية أو الحديث، والاستدلال به على معنى فاسد لا تدل عليه، وهو ما يمكن أن نسميه بالتحريف المعنوي.
الطريقة الرابعة: الاعتماد على الضعيف الذي لا يحتج به:
ويقصد بهذه الطريقة أن يستدل المنصر بأحاديثَ ضعيفةٍ أو موضوعة لا يُحتج بها.
الطريقة الخامسة: الاحتجاج بما لا يعتبر حجة في نفسه، وإن صح عن قائله:
ويقصد بهذه الطريقة أن يستدل المنصر بما لا يعد حجة في نفسه، حتى إن صح عن قائله، كالاستدلال بقول عالم من العلماء في مسألة بعينها، أو الاستدلال بالإسرائيليات.
الطريقة السادسة: المغالطات اللغوية:
وأقصد بهذه الطريقة أن يفسر المنصر لفظةً في النص بأحد معانيها أو استخداماتها، لكنه ليس المعنى المقصودَ في النص.
الطريقة السابعة: المغالطات النحوية:
يقصد بهذه الطريقة أن يقوم المنصر بافتراض إعراب معيَّن لكلمة من آيات القرآن، ثم يدَّعي أن القرآن فيه خطأ نحوي؛ لمخالفته ذلك الإعرابَ الذي افترضه.
الطريقة الثامنة: المغالطات العلمية:
يقصد بهذه الطريقة أن يدَّعي المنصر أن آية من القرآن أو حديثًا من السنة مخالفٌ لإحدى الحقائق العلمية.
الطريقة التاسعة: المغالطات التاريخية:
يقصد بهذه الطريقة أن يدعي المنصر وجود خطأ تاريخي في القرآن أو السنة.
الطريقة العاشرة: إتباع المتشابهات
يقصد بهذه الطريقة أن يستدل المنصر بنصوص متشابهات ظنية الدلالة، على معانٍ مخالفة لما دلتْ عليه النصوصُ المحكمات القطعية الدلالة؛ كما قال الله - سبحانه -: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7].
كيفية الرد على الشبهه
1- تفنيد الشبهة
تقطيع الشبهة وتقسيمها إلى عناصر حتى يتثنى الرد علي كل مقطع .
2- وضع خريطة لهذه الشبهة
يتم الرد على الشبهة قطعة قطعة ووضع خريطة لهذه الشبهة مستخدما جميع الوسائل المتاحة للرد.
3- إثبات أن الشبهة باطلة
بعد الرد على كل نقطة في هذه الشبهة مستدلين بجميع الوسائل المتاحة لنا على الرد عليها نصل إلى النتيجة مفادها بطلان تلك الشبهة.
4- تحويل الشبهة إلى حقيقة مقابلة في الكتاب المقدس
الشبهة من أين حصل عليها المسيحيين هل من كتابهم أم استنباط فلابد أن تكون هناك شبهة مماثلة.
5- تفنيد الحقيقة جزء جزء حتى نبين العيوب الواضحة في الكتاب المقدس
عمل دراسة شاملة مختصرة حتى لا يكون هناك ملل وفي نفس الوقت تقسيمها إلى عناصر جيده
وهكذا ينتصر الحق
نسأل اللَّه تعالى أن يرد كيد الأعداء وأن يبطل مكرهم، وأن يعز دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق المسلمين للدفاع عن دينهم، والذود عن نبيهم، والذب عن سنته صلى الله عليه وسلم، وأن يجمع كلمتهم على الحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه
بقلم
محمد الحسيني الريس
المفضلات