ضوء في الدائرة المعتمة
يحكى أن شاباً أنهكته العلة ,
فرحل عن وطنه يطلب الصحة في السياحة وارتياد الأقطار البعيدة ,
وكان أبوه يعلم طبيعة مرضه , وأن سقمه جاء من توعك مزاجه وغلبة أوهامه
فكتب إليه في غربته هذه الرسالة :
" ولدي , إنك الآن على بعد ألف وخمسمائة ميل من بيتك ,
ومع ذلك لست تحس فارقاً بين هنا وهناك , أليس كذلك ؟
بلى , لأنك أخذت عبر هذه المسافة الشاسعة الشيء الوحيد الذي هو مصدر كل ما تعانيه ,
ذلك هو نفسك ,
لا آفة البتة بجسمك أو عقلك ولا شيء من التجارب التي واجهتها
قد تردي بك إلى هذه الهاوية السحيقة من الشقاء ,
وإنما الذي تردّى بك هو العوج الذهني الذي واجهت به تجاربك ,
وكما يفكر المرء يكون , فمتى أدركت ذلك يا بني ,
فعد إلى بيتك وأهلك , لأنك يومئذٍ تكون قد شفيت !!.. ".
قال الشاب :
" هاجني هذا الخطاب , وبلغ بي الغضب حداً قررت معه ألا أعود إلى بيتي وأهلي,
وقال : ثم أنصت إلى الأفكار التي تضمنها خطاب أبي تقال بصفة أخرى
فكانت ممحاة مسحت الاضطراب الذي يغطي عقلي ,
ووسعني في تلك اللحظة أن أفكر تفكيراً متزناً في حياتي ,
وهالني إذ ذاك أن أرى نفسي على حقيقتها ,
نعم ! لقد رأيتني أريد أن أغير الدنيا وما عليها في حين أن
الشيء الوحيد الذي كان في أشد الحاجة إلى التغيير
هو تفكيري واتجاه ذهني ..
هو نفسي " .
منقول
المفضلات