نظـرات في رسولية بولس
بقلم: باسم حجاج Basemhagag@yahoo.com
إن مفهوم الرسالة مختلف تمام الإختلاف بين الإسلام والمسيحية واليهودية فلقد تم تشويه الرسل والرسالات في كتب اليهود والنصارى وأصبح الأنبياء والرسل في الكتاب المقدس يفعلون أشياء يخجل منها من له أدنى عقل.
وكان لليهود والنصارى مغزى من تشويه الأنبياء الذين لهم نفس الأسماء في القرآن الكريم مثل نبي الله إبراهيم ولوط وموسى وهارون وداود وسليمان ونسبوا إليهم أشياء يندى منها الجبين فمثلاً عند إعتراضنا على شبهة زنا النبي داود في الكتاب المقدس يرد عليها القس منيس عبد النور في كتابه شبهات وهمية حول الكتاب المقدس "بأن الأنبياء قد أخطأوا والرب يغفر لهم هذه الذنوب وذلك لبيان مغفرته حتى مع الأنبياء" وذلك يكون ذريعة عندهم لعمل أي فسق أو أي ذنب فإذا زنوا لماذا تعيب عليهم ذلك فقد زنى النبي عندهم، وإذا شربوا الخمر، لماذا تعيب عليهم وقد شربها النبي، وبهذا تسقط الفضيلة في هاتان الديانتان ويكون هناك مبرر لاقتراف كافة الآثام.
وللرد على هذا نجد أنه لا يقبل من النبي الرسالة إذا كان بهذا الوصف فإذا خان النبي قائده وزنى بإمرأته فكيف تقبل منه دعوى الرسالة وقد خانك فيما بينك وبينه فما المبرر ألا يخونك في رسالة السماء. إن الرجل العادي ليخجل أن يكون أبوه بهذا الوصف فكيف بالنبي المرسل المجتبى والمختار من عند الله تعالى. إذا كانت هذه أوصاف الأنبياء لا تقبل منهم دعوى الرسالة
ولذلك فإننا وبظهور القرآن الكريم والدين الخاتم تمت تبرئة هؤلاء الأنبياء من كل إفتراءات هؤلاء الأفاقين والكذابين والمدلسين ولولا القرآن لم نعرف أن السيدة مريم بريئة من تهمة الزنا التي ألصقها بها اليهود، وما ألصق بأنبياء الله ورسله من النقائص والإفتراءات ولذلك قال الله سبحانه في كتابه العزيز: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"
كانت هذه مقدمة في نظرات إلى رسولية بولس هل يستحق بولس أن يكون رسولاً وما هو الميزان الذي يزنون به الرسالة وما هي المؤهلات التي تؤهله لنيل الرسالة فعند تقدمك لأي عمل أول ما يطلب منك مؤهلاتك التي تجعلك تمارس هذا العمل:
أولا: تناقضات قصة الرؤية والنبوة المزعومة
زعم بولس أنه لقي المسيح بعد ثلاث سنوات من رفعه، حين كان متجهاً إلى دمشق، لكن عند التحقيق في قصة رؤية بولس للمسيح يتبين أنها إحدى كذبات بولس وأوهامه، ودليل لذلك يتضح بالمقارنة بين روايات القصة في العهد الجديد، حيث وردت القصة ثلاث مرات:
أولاها في أعمال الرسل (9/3-22)، من رواية لوقا أو كاتب سفر الأعمال
والثانية من كلام بولس في خطبته أمام الشعب (انظر أعمال 22/6-11)،
والثالثة أيضاً من رواية بولس أمام الملك أغريباس (انظر أعمال 26/12-18)، كما أشار بولس للقصة في مواضع متعددة في رسائله.
ولدى دراسة القصة في مواضعها الثلاث يتبين تناقضها في مواضع:
1- جاء في الرواية الأولى (أعمال 9) "وأما الرجال المسافرون معه، فوقفوا صامتين يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً" (أعمال 9/7)، بينما جاء في الرواية الثانية (أعمال 22): "المسافرون لم يسمعوا الصوت" (أعمال 22/9)، فهل سمع المسافرون الصوت؟ أم لم يسمعوه؟.
2- جاء في الرواية الأولى والثانية أن المسيح طلب من بولس أن يذهب إلى دمشق حيث سيخبَر هناك بالتعليمات: "قال له الرب: قم وادخل المدينة فيقال لك: ماذا ينبغي أن تفعل" (أعمال 9/6)،" قلت ماذا أفعل يا رب؟ فقال لي الرب: قم واذهب إلى دمشق وهناك يقال لك عن جميع ما ترتب لك أن تفعل" (أعمال 22/10)، بينما يذكر بولس في الرواية الثالثة (أعمال 26) أن المسيح أخبره بتعليماته بنفسه، فقد قال له: "قم وقف على رجليك، لأني لهذا ظهرت لك، لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم" (أعمال26/16-18).
3- جاء في الرواية الثانية أن المسافرين مع بولس "نظروا النور وارتعبوا" (أعمال 22/9)، لكنه في الرواية الأولى يقول: "ولا ينظرون أحداً" (أعمال 9/7).
4- جاء في الرواية الأولى والثانية أن بولس "وحده سقط على الأرض" (أعمال 9/4)، بينما المسافرون وقفوا، وفي الرواية الثالثة أن الجميع سقطوا، فقد جاء فيها "سقطنا جميعاً على الأرض" (أعمال 26/14).
5- جاء في الرواية الأولى "أن نوراً أبرق حوله من السماء" (أعمال 9/3)، ومثله في الرواية الثانية (انظر أعمال 22/6)، غير أن الرواية الثالثة تقول: "أبرق حولي وحول الذاهبين معي" (أعمال 26/13).
فحدث بهذه الأهمية في تاريخ بولس ثم النصرانية لا يجوز أن تقع فيه مثل هذه الاختلافات، يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: "إن تقديم شهادتين مثل هاتين (الرواية الأولى والثالثة) أمام محكمة ابتدائية في أي قضية، ولتكن حادثة بسيطة من حوادث السير على الطرق لكفيل برفضهما معاً، فما بالنا إذا كانت القضية تتعلق بعقيدة يتوقف عليها المصير الأبدي للملايين من البشر"، إذ بعد هذه الحادثة أصبح شاول الرسول بولس مؤسس المسيحية الحقيقي.
المفضلات