بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لا أدري لماذا يسمى أطفال متلازمة داون بالمنغوليين ؟
نعم أطفال متلازمة داون لهم أعين ضيقة ووجة دائري لكن هذه الصفات والمميزات لا تنطبق على شعب منغوليا
فـ الشعب الأوزبكي والطاجيك وشعوب دول جنوب شرق آسيا يمتلكون هذه الصفات والمميزات
ربما أن للتسمية دواع أخرى !!!
متلازمة داون هو البشوش دائما يضحك لك وللدنيا سواء ضحكت له أو عبست له فهو يضحك لك فهذه الدنيا لا تساوي عنده اى شىء
متلازمة داون لا يكره أحدا ولا يعرف إن كان أحد يكره أحدا فهو يقبل عليك يعرفك أو لا يعرفك إقبال محب..مشتاق .. صادق
متلازمة داون لا يكذب عليك مطلقا إنه بالكاد يتكلم وإن تكلم فهي أشتات حروف لا كلمة سوء بل حروف محبة صادقة وأصيلة ونبيلة
متلازمة داون لا يعرف الحيلة لأنه لا يستثمر الحاجة فان أعطيته رقص فرحا وإن لم تعطه صمت مبتسما في وجهك
متلازمة داون لا يكون من الوشاة النمامين ولا من الحساد الحقودين ولا من المضمرين السوء المظهرين لك المحبة بابتسامة تشبه تثاؤب الأفعى
متلازمة داون ينظر للأشياء متأملا بشوشا ..فهو لا يريدها وإن أراد شيئا منها فإنه يعطيه لمن أراده منه
متلازمة داون إن وبخته يقبلك ويحضنك وينظر لك مبتسما
متلازمة داون لا يسعى إلى الاستحواذ إنه مكتفي بإبتسامتك له
متلازمة داون لا يقتل طبعا ولا يسرق ولا يخون ولا ينكر العهد مثلنا
لكن فاجعة متلازمة داون هي إنه لا يعيش طويلا
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت
وكم من صحيح مات من غير علة ..وكم من مـريض عاش حين من الدهر
ثم ما جدوى الحياة غير متلازمة داون الطويلة إن كانت تقسم أرباعا بين الجهالة والخيبة والخصومة والتعب ؟
نعم ثمة بين هذه الأرباع فواصل من فرح عابر ونشوة وامضة وآمال هي طائرة كالغيوم ولكن ايهما الأكثر
راحة وإراحة :
الحياة المركزة الآمنة المطمئنة الرضية المرضية أم الحياة المنفوشة الضاجة المتصارعة المتراكضة الوجلة الحائرة ؟
كنت احسب أن طفل متلازمة داون ولاحظ أنه يسمى طفلاً حتى وإن تجاوز العشرين ما أحلى ذلك والله أقول كنت احسبه يعاني من نقص خَلْقي فإذا بأحد الأطباء يصحح الخطأ ليقول :
بل إنه يملك على زيادة عنا نحن غير متلازمة داون نعم إنه يمتلك كروموسوما زائدا عنا وربما يكون هذا الكروموسوم الزائد الذي أوجده الله جل شأنه في أطفال متلازمة داون هو كروموسوم البراءة الذي يتلاشى بعد مغادرة الأطفال العاديين لطفولاتهم !
فحين يغادر الأطفال الأصحاء لطفولاتهم تغيب عنهم تلك الابتسامة الساحرة والنظرة الحالمة السكرى والطمانينة الملائكية ... أما أطفال متلازمة داون فيبقون محتفظين بها كالملائكة ومن يعرفهم ويعايشهم فسيعرف أنهم أطفال طيبون فطفولتهم ميممة بأعلى رتب النقاء ومظللة بغمام السماء أطفال جداً
لطفاء مسالمون لايثيرون الفتنة لا يسألونك عن ديانتك و لا عن جنسيتك لا تعجبهم قوّتهم فيتحوّلون إلى طغاة وجبابرة مثلنا لا يحيكون الغدر أو الأذى لا يأخذون ما ليس لهم به حق ودودين يحملون حبّا طاهرًا يطعمون الحمام في الحدائق ويطلقون العصافير من أقفاصها
ليس لهم مخالب أو أنياب بل لهم قلوبٌ بيضاء صغيرة مشرعة تخفق بالحب بريئة طاهرة نقية لا يغلقون أبوابها بها نبعٍ من الحب صافياً يمدنا بالدفء ويشعرنا بالحنان الدافق قلوبٌ تحولت إلى أزهارا تزخر ُ بالرَّحيق فهم أطفال أجمل من رأت الدنيا.
نبقى نحن بتعب الحياة ولؤمها وصراعها أطول مدة على هذه الأرض ونجرش من الزمن علفا أكثر في الحين الذي يحلقون هم بالقليل الذي أمضوه بين نظرة شاردة وابتسامة.
أطفال متلازمة داون يكتفون من الحياة بما ينبغي فالألم والحزن والتعب والمكائد هي ليست مما ينبغي أن تكون عليه الحياة والطفرات الشاذة هنا لا تعنيني والمجتمعات السوية كذلك.
وهذا الكروموسوم الذي يمتلكونه ونفتقده ربما يكون إكسير السعادة الذي خاب شقاة الأرض ومعذبوها في الفوز به فظلت أعمارهم الطويلة تلهث ويا ليتها
قصرت كما قصر عمر متلازمة داون!!
سيقال إنهم عالة على الحياة ولكن أي عيش أطيب؟
أن تكون عالة على الحياة أم تكون الحياة عالة عليك ؟
سيقال إنهم لم يضيفوا للحياة شيئا !
وهل يفعل سواهم غير الكد لأجل حذف ما أضافه السابقون من أحمال ثقيلة على الحياة ؟
سيقال إنك متشائم!
وهل أضاف المتفائلون شيئا غير هذا التشاؤم ؟
إن كان الإنسان قد غزا ظهر القمر فوجده صخراً وتراباً وبدأ يعشقه ويأخذ قلبه وعقله فنحن نحب ونعشق أطفال متلازمة داون
وهاهي الكواكب تزاحمت لتظهر بريقها ولمعانها لتنافسهم أطفالاً لطالما سخر منهم البعض نحبّهم وحبهم سكن في مهجتنا وعشعش في سويداء قلوبنا هم كلّ جوارحنا وحبهم أبعد من تناهيد القلب وقابع ومطعون في أقصى تجاويف الفؤاد فبسم الله الذي غرس في عمق عمقنا حبكم وأبقاه وكم هو شاسع لا نستطيع أن نرى نهايته ويتطاير من قلوبنا لكم ويأبى الرضوخ إلا لقلوبكم.
أطفال متلازمة داون أطفال يتشابهون كأنهم إخوة لأن أمّهم واحدة هي حواء وأباهم واحد وهو آدم صحيح أن أمهاتهم يختلفن لكن أمّهم الأولى هي حواء لم نعد نرى سواهم من يملأ نون العيون لأنهم مصدر ومبعث فخر ووسام شرف فمكانهم حدائق القلوب والذاكرة
والروح وهم ريحانة الروح ونزف الجروح وصورهم محمولة على الأكتاف لا تبرح عنا نقولها للمرة المليون نحبكم ولا نزال نحبكم ولكم ينساق الحرف مدبجاً بشظايا القلب
والقلب ممهوراً بعبارات اللهفة وتراتيل الحب وهل يمكن للقلب أن يبتعد عن جسده ...؟
نتلذذ بمشاغبتهم ولهم قدراً هائلاً من الدلال دائماً يضحكون وبدون إنقطاع يطردون الهموم والأحزان بضحكاتهم المستمرة وإبتسامتهم المتواصلة التي تعلو محياهم وتزينهم يسلكون سبلاً وفجاجاً ليصلوا إلى مبتغاهم في ميدان الحياة كي يكسبوا المهارة ويتمكنوا من الوقوف بجرأة أمام أفراد المجتمع لا شىء يثني عزيمتهم فهم في القلب وفي الروح المثال
أطفال متلازمة داون أطفال رائعون حقا .
ما أجمل الروح التي يحملونها بين ضلوعهم.
لا يتذمرون أبدا ولا يصرخون بوجهك حين ينقص عليهم شىء
أو يريدون شىء ما أو يسئ إليهم أحد.
يتلقون كل الأحداث والألم بروح حلوة خفيفة.
يجبرونك على الإبتسامة والضحك.
نحن أهاليهم نسير بالشوارع ونفتخر أنهم متلازمة داون وندعو كل
من يجبره الفضول بالنظر إليهم ليتوقف ونعطيه شرح موجز عن أطفال متلازمة داون.
نحن أهالي أطفال متلازمة داون لنا رسالة في الحياة حيث هم رسالتنا
ونشفق على الملايين من الناس الذين لا يملكون لحياتهم معنى أو رسالة
يقومون بها بينما نحن رسالتنا أطفال متلازمة داون ونشعر بالفخر حين نسير
معهم ونشعر بالمتعة حين نجلس معهم وننظف أنوفهم وثيابهم وحين تنزل الدموع
من أعيننا اشفاقاً عليهم نخجل من تلك الإبتسامة العظيمة التي تعلو ملامحهم
ومحياهم فهم لا يعرفون في حياتهم إلا الإبتسامة والقلوب الطاهرة حيث لا يوجد
أجمل من الإبتسامة التي يشعلها أطفال متلازمة داون في النفوس وكأنها قدت
واشعلت من نور فهي دعوة للناس ليقتبسوا منهم شعلة وإبتسامة وحب.
الدنيا جميلة وكل شىء فيها جميل لكن أجمل ما فيها هم أطفال متلازمة داون.
لو سألت الأرض عن أحلى ذكرياتها لأجابة على الفور :
إنهم أطفال متلازمة داون كيف لا وهم ملائكة الجنّة وعصافيرها والقلوب تختلج
في أقفاصها فرحة وحباً بهم.
فلهم جميعا عظيم الاحترام والتقدير
الله يعوضهم في الجنة
فهم وأهلهم مبتلون
الله يكتب لهم الأجر والمثوبة
المفضلات