1/ من المشهور المستفيض أن (يس أو ياسين) اسم من أسماء النبي الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم؛ و(يس) لفظٌ عربيٌّ له مترادفان آخران: (الياس)، و (إل ياسين)، وهذا ما ذكره ابن جني، وما هو مستنبط من آيات سورة الصافات:
(وإن الياس لمن المرسلين)... (سلام على إل ياسين)؛ وفي القراءات المشهورة المتواترة: (على آل ياسين).
فالسورة الكريمة تناولت قصص الأنبياء، وفي مُفتَتَح كل قصة ومُنتهاها اسم النبي:
(ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون 75)... (سلام على نوح في العالمين 79)
(وإن من شيعته لإبراهيم 83)... (سلام على إبراهيم 109)
(وإن إلياس لمن المرسلين 123)... (سلام على إل ياسين 130),
2/ إن اللفظة المرادفة لـ (الياس)، أو (يس) أو(إل ياسين) في العبرية هي (إيليا).
وإنك لتجد الكلام المستفيض عن النبي الكريم (إيليا) في سفر الملوك الأول، وغيره، وهو النبي المشار له في العربية بـ (الياس).
فــ (يس أو الياس أو إلياسين) يُنطق في العبرية: (إيليا).
3/ وإيليا -أيضا- هو النبي القوي الذي ظلت تتحدث عنه التوراة وتعلن قيام الدين على يديه، نبي أخر غير الياس الذي جاء قبل اليسع (اليشع).
جاء في سفر ملاخي عن النبي القوي الذي سيقيم الدين:
أصحاح:3
1 «هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ»
2 وَمَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ؟ وَمَنْ يَثْبُتُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟ لأَنَّهُ مِثْلُ نَارِ الْمُمَحِّصِ، وَمِثْلُ أَشْنَانِ الْقَصَّارِ.
أصحاح:4
1 «فَهُوَذَا يَأْتِي الْيَوْمُ الْمُتَّقِدُ كَالتَّنُّورِ، وَكُلُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَكُلُّ فَاعِلِي الشَّرِّ يَكُونُونَ قَشًّا، وَيُحْرِقُهُمُ الْيَوْمُ الآتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، فَلاَ يُبْقِي لَهُمْ أَصْلاً وَلاَ فَرْعًا.
4 «اُذْكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى عَبْدِي الَّتِي أَمَرْتُهُ بِهَا فِي حُورِيبَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ.
5 «هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ،
6 فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ».
من الواضح جدا أن إيليا (يس) هو النبي القوي الذي سيقيم الدين، وهو الذي ظلت تبشر به التوراة، ولقد حاول الإنجيليون جعل هذه النبوة تنطبق على المسيح، ولكن القراءة الجيدة للنص لا تدل على ذلك، فالنبي المبشَّر به في ملاخي نبي قوي يُقيم الدين، وهو سيردُّ قلب الآباء على الأبناء 4: 6، والمسيح قال: (فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا) متى 10: 35. وفي نبوة ملاخي أمْر لهم بتذكر شريعة موسى والفرائض والأحكام، فهذا النبي القوي سيعيد تطبيقها... الخ.
بل الأهم من ذلك أن المسيح نفسه بشَّر بالنبي القوي إيليا الذي سيقيم الدين، ففي متى، ص11:
11 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.
13 لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.
14 وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.15 مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.
ولقد كانت هذه معضلة حقيقية، لم يستطع الإنجيليون حلها! فالنبي القوي الذي سيقيم الدين يبشر به المسيح نفسه، ويقول إنه سيأتي!.
لقد حاولوا -عبثا- صرف نبوة المسيح هذه إلى يوحنا المعمدان: (حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا) متى 16: 13، حقا لقد صدَق وصفُ الإنجيل له: مرقس 6: 52 لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً. مرقس 9: 32 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ. لوقا 2: 50 فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. إنجيل لوقا 9: 45 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هذَا الْقَوْلَ، إنجيل لوقا 18: 34 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا. لقد اشتهروا بالغباء!.
فالمفاجأة هي أن يوحنا العمدان نفسه أنكر أن يكون هو إيليا! جاء في إنجيل يوحنا:
19 وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟»
20 فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ».
21 فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ».
25 فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟»
من الواضح أن إيليا شخص غير المسيح... بشر به المسيح... وقال المعمدان إنه ليس هو!
4/ فمَن يكون إيليا النبي القوي الذي بشرت به الكتب، والذي سيأتي بعد المسيح، ويقيم الدين، غير محمد -صلى الله عليه وسلم؛ فهو (إيليا)، الذي يُنْطَقُ في العربية (الياس، وإلياسين، ويس)
المفضلات