-
خلق السماوات والأرض.... انقر هنـــا
السجود لآدم عليه السلام
يجب أن نوضح أولاً بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحدد من هو الأعلى مرتبة والأقل مرتبة من خلقه ، وعلى الرغم من أن الملائكة هم الأعلى مرتبة والإنسان أقل مرتبة ، ولكننا نجد أن الله ميز سيدنا آدم عليه السلام بعلم أعلى من علم الملائكة الذين هم الأعلى مرتبة من الإنسان ... حين قال : { وعلم آدم الأسماء كلها } وقول الملائكة { لا علم لنا إلا ما علمتنا }
وقد ذكرنا من قبل أن الله سبحانه وتعالى عندما أوضح لملائكته أنه قرر أن يخلق خليفة له في الأرض .. فهذا لسبب أن هؤلاء الملائكة لهم مهام خاصة مع سيدنا آدم عليه السلام ونسله
ولذلك
عندما نجد قول الحق سبحانه وتعالى للملائكة : { اسْجُدُوا لآدَمَ } فهذا السجود هو طاعة لأوامر الله ، وهذا السجود ليست عبادة لآدم عليه السلام ... فالله سبحانه وتعالى هو الذي أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه والسلام .. ولم يأمرهم آدم عليه السلام بالسجود له ... ولا يحق له أن يأمرهم .
فالأمر بالسجود هنا من الله سبحانه وتعالى ، ومن أطاعه كان عابداً ، ومن لم يطعه كان عاصياً .. ومن رد الأمر على الآمر كان كافرٍ .
ولكن قصة خلق آدم عليه السلام تكرر أكثر من مرة في القرآن .. ونجد في سورة ص قول الحق سبحانه وتعالى :
ص
آية رقم : 75
قرآن كريم
قَالَ يَا إِبْلِيسَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العَالِينَ
وهنا يتضح لنا أن أمر السجود لم يشمل كل الملائكة ، لأن قول الحق { أَمْ كُنْتَ مِنَ العَالِين } ، أنه يوجد من هم العالين الذين لم يشملهم أمر السجود ... وهم الملائكة العالين من حملة العرش وحراس السماء وغيرهم ممن ليست لهم مهمة مع الإنسان
بالطبع إبليس لعنه الله طالما رفض إطاعة أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام ورد الأمر على الآمر ، فبهذا أصبح من الكافرين
اللهم تقبل منا صالح الأعمال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
============================
وقد قال احد الأخوة :
"فَسَجَدَ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ" فِيهِ تَأْكِيدَانِ
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
وَقَوْله : { فَسَجَدَ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا سَوَّى اللَّه خَلْق ذَلِكَ الْبَشَر , وَهُوَ آدَم , وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه , سَجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ , يَعْنِي بِذَلِكَ : الْمَلَائِكَة الَّذِينَ هُمْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض .
وللرد على هذه النقطة :
ولو رجعنا إلى سورة الحجر نجد قول الله عز وجل والذي لا يخالف ما جاء بسورة البقرة والذي لا يخالف ما ذكر
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ {15/28} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ {15/29} فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {15/30} إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ {15/31}
إذن : الملائكة الذين سجدوا أجمعين هم الذين قال لهم الله إني جاعل في الأرض خليفة ... فالله لم يقل في بداية الآية { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ ... أجمعين } ... ولكن ذكر قول { أجمعين } في السجود فقط .. لأظهار معصية إبليس وطاعة الملائكة أجمعين أصحاب المهمة والذين قال لهم الله إني خالق بشراً
والله أعلم
التعديل الأخير تم بواسطة السيف البتار ; 29-12-2005 الساعة 12:19 AM
-
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }البقرة34
التفسير :
اذكر -أيها الرسول- للناس تكريم الله لآدم حين قال سبحانه للملائكة اسجدوا لآدم سجود تحيةٍ إكرامًا له وإظهارًا لفضله بالانحناء له
(فسجدوا إلا إبليس) فأطاعوا جميعًا إلا إبليس امتنع عن السجود تكبرًا وحسدًا وهو أبو الجن كان بين الملائكة فقد امتنع عن السجود وتكبّر عنه فصار من الجاحدين بالله, العاصين لأمره.
وسواء أكان السجود تحية أو غيره فلله الأمر جميعاً وله أن يفعل ما يشاء ، ومن المعروف تحريم القسم بغير الله على الناس
ولكن الله يقسم ببعض مخلوقاته كما هو حاصل في آيات قرآنية كريمة كثيرة
: , ,
-
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يأمر الله فليس لعباده الخيرة من أمرهم
أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم ولم يأمرهم بعبادة آدم ,,,فأدم ليس مستحقاً للسجود عن ذاته ولكن مستحقاً للسجود طاعة لأمر الله ,,والسجود كان للتعظيم والتكريم قبل أن يحرمه الإسلام ويجعله لله فقط
وسجود المؤمنين بالله لغير الله قبل الإسلام لم يكن سوى سجود تعظيم وتكريم ,فالسجود للتعظيم والتكريم مثله مثل زواج الرجل بأختين [كما تزوج نبى الله يعقوب],,,وزواج الأخ بأخته[ كما كان يتزوج أبناء آدم],,وغيرها حرمها الإسلام بنصوص صريحة .
****
العبرة فى هذه القصة هو أن طاعة الله هى غاية مخلوقاته مهما كانت طبيعة خلقهم سواء من نار أو نور أو طين
فالملائكة التى خلقت من نور أطاعت أمر ربها على الفور وسجدت لآدم ولم تتكبر على أمر الله,,,وآدم وإن أخطأ وأكل من الشجرة المحرمة إلا أنه لم يتكبر وأستغفر وتاب ’’بينما إبليس الذى خلق من نار تكبر على أمر الله وعصى
وهذا ما نستخلصه هو أننا جميعاً مخلوقات خلقت لتطيع الله فيما يأمره لم تخلق لتعصى وتتكبر مهما كانت طبيعة خلقنا.
***
بل إن هناك من البشر من تصل به طاعته وحبه لله إلى درجة أعلى من الملائكة التى لم تخلق وبها شهوات البشر,,ومن الناس من تصل به شروره و معصيته لله وحبه لشهواته إلى درجة أدنى من درجة الحيوان الذى لا يعقل
*****
وقارئ القرآن لا يحتاج للكتاب المقدس فى شئ على الإطلاق
ومن يقارن قصص الأنبياء وأخلاقهم وصفاتهم فى الكتاب المقدس والقرآن يعرف الفارق الكبير بينهما
***
القرآن يحمل فى آياته العبرة والعظة والتفكر بأقل كلمات وبأبلغ أسلوب دون أن يغرق فى سرد الحكايات والقصص التى إمتلأ بها كتاب النصارى واليهود .ولهذا كان كتاباً معجزاً فى طريقته المنفردة التى تصل بقارئه إلى وصوله للمعنى المراد عن طريق لقطات تأتى كل سورة بلقطة من نفس القصة تضيف للمعنى وتزيده .
وسنة الرسول جاءت بالعديد من القصص التى أضافت وشرحت ما جاء بالقرآن ,,فمحمد رسول يوحى إليه من السماء وما قصه الرسول لإصحابه من قصص الأ ولين والتى تختلف عن ما جاء فى كتب النصارى واليهود هى التى نأخذ بها كمسلمين وليس ما جاء فى الكتاب المقدس.
-
[ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين]
هنا ذكر زوجة آدم ولم يذكر لنا كيف أتت وكيف خلقت؟؟؟ ثم سمح لهما بالأكل من ثمار الجنة ماعدا شجرة واحدة..لم يقل لنا ما هذه الشجرة؟؟ ولماذا يكونا من الظالمين إذا أكلا منها ومن سيظلما؟؟ لماذا لا يكونا من العاصين بدل من الظالمين؟؟ ثم يقول[ فأزلهما الشيطان عنها ] ماذا كان يفعل الشيطان فى الجنة مع آدم وزوجته؟؟؟
ثم قال [فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ]لم يقل لنا ماهذه الكلمات التى تلقاها آدم؟؟]
هل تنفع هذه الكلمات البشر الآن لكى يتوبوا هم أيضاً؟؟
التعديل الأخير تم بواسطة الريحانة ; 17-06-2005 الساعة 03:36 PM
-
بسم الله الرحمن الرحيم
فى هذا الرابط قصة آدم كاملة بكل تفاصيلها كما جاءت فى القرآن والسنة ليعرف النصارى أننا لسنا محتاجين للجوء لكتاب النصارى واليهود لنعرف أى شئ
[ http://www.uaearab.com/anbiaa/aadm.htm
التعديل الأخير تم بواسطة الريحانة ; 17-06-2005 الساعة 08:49 PM
-
بسم الله الرحمن الرحيم
شبهة الكلام المكرر
يقول النصارى لو أزلنا القصص المعادة فى القرآن والكلمات والجمل المعادة لوجدنا أن القرآن لا يكاد يملأ كراسةواحدة.
مثل تكرار قصة آدم ,وفى سورة الرحمن والمرسلات وسورة القمر ....
.
الرد على هذه الشبهة: يقع التكرار فى القرآن الكريم على وجوه:
مرة يكون المكرر أداة تؤدى وظيفة فى الجملة بعد أن تستوفى ركنيها الأساسيين.
وأخرى تتكرر كلمة مع أختها لداع ، بحيث تفيد معنى لا يمكن الحصول عليه بدونها.
فاصلة تكرر فى سورة واحدة على نمط واحد.
قصة تتكرر فى مواضع متعددة مع اختلاف فى طرق الصياغة وعرض الفكرة.
بعض الأوامر والنواهى والإرشادات والنصح مما يقرر حكماً شرعيًّا أو يحث على فضيلة أو ينهى عن رذيلة أو يرغب فى خير أو ينفر من شر.
وتكرار القرآن فى جميع المواضع التى ذكرناها ، والتى لم نذكرها مما يلحظ عليها سمة التكرار. فى هذا كله يباين التكرار القرآنى ما يقع فى غيره من الأساليب لأن التكرار وهو فن قولى معروف. قد لا يسلم الأسلوب معه من القلق والاضطراب فيكون هدفاً للنقد والطعن. لأن التكرار رخصة فى الأسلوب إذا صح هذا التعبير والرخص يجب أن تؤتى فى حذر ويقظة.
* وظيفة التكرار فى القرآن:
مع هذه المزالق كلها جاء التكرار فى القرآن الكريم محكماً. وقد ورد فيه كثيراً فليس فيه موضع قد أخذ عليه دَعْ دعاوى المغالين فإن بينهم وبين القرآن تارات ؛ فهم له أعداء وإذا أحسنا الفهم لكتاب الله فإن التكرار فيه مع سلامته من المآخذ والعيوب يؤدى وظيفتين:
أولاهما: من الناحية الدينية.
ثانيهما: من الناحية الأدبية.
فالناحية الدينية باعتبار أن القرآن كتاب هداية وإرشاد وتشريع لا يخلو منها فن من فنونه ، وأهم ما يؤديه التكرار من الناحية الدينية هو تقرير المكرر وتوكيده وإظهار العناية به ليكون فى السلوك أمثل وللاعتقاد أبين.
أما الناحية الأدبية فإن دور التكرار فيها متعدد وإن كان الهدف منه فى جميع مواضعه يؤدى إلى تأكيد المعانى وإبرازها فى معرض الوضوح والبيان. وليكن حديثنا عنه على حسب المنهج الذى أثبتناه فى صدر هذا البحث.
* تكرار الأداة: ومن أمثلتها قوله تعالى: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحِيِم). (ثم إن ربك للذيِن عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ). والظاهر من النظر فى الآيتين تكرار " إنَّ " فيهما. وهذا الظاهر يقتضى الاكتفاء ب " إنَّ " الأولى. ولم يطلب إلا خبرها. وهو فى الموضعين أعنى الخبر " لغفور رحيم " لكن هذا الظاهر خولف وأعيدت " إنَّ " مرة أخرى.ولهذه المخالفة سبب.
وهذا السبب هو طول الفصل بين " إنَّ " الأولى وخبرها. وهذا أمر يُشعِر بتنافيه مع الغرض المسوقة من أجله " إنَّ " وهو التوكيد. لهذا اقتضت البلاغة إعادتها لتلحظ النسبة بين الركنين على ما حقها أن تكون عليه من التوكيد.
على أن هناك وظيفة أخرى هى: لو أن قارئاً تلا هاتين الآيتين دون أن يكرر فيهما " إنَّ " ثم تلاهما بتكرارها مرة أخرى لظهر له الفرق بين الحالتين: قلق وضعف فى الأولى ، وتناسق وقوة فى الثانية.
ومن أجل هذا الطول كررت فى قول الشاعر:
وإن امرأً طَالَتْ مَوَاثِيقُ عَهْدِهِ *** عَلَى مِثْلِ هَذاَ إنَّهُ لَكَرِيمُ
يقول ابن الأثير رائياً هذا الرأى: ".. فإذا وردت " إنَّ " وكان بين اسمها وخبرها فسحة طويلة من الكلام. فإعادة " إنَّ " أحسن فى حكم البلاغة والفصاحة كالذى تقدّم من الآيات ".
* تكرار الكلمة مع أختها: ومن أمثلتها قوله تعالى: (أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم فى الآخرة هم الأخسرون) . فقد تكررت " هم " مرتين ، الأولى مبتدأ خبرها: " الأخسرون ". والثانية ضمير فصل جئ به لتأكيد النسبة بين الطرفين وهى: هُمْ الأولى بالأخسرية.
وكذلك قوله تعالى:(أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال فِى أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
تكررت هنا " أولئك " ثلاث مرات. ولم تجد لهذه الكلمة المكررة مع ما جاورها إلا حسناً وروعة. فالأولى والثانية: تسجلان حكماً عامًّا على منكرى البعث: كفرهم بربهم وكون الأغلال فى أعناقهم.
والثالثة: بيان لمصيرهم المهين. ودخولهم النار. ومصاحبتهم لها على وجه الخلود الذى لا يعقبه خروج منها.
ولو أسقطت(أَولئك)من الموضعين الثانى والثالث لرك المعنى واضطرب. فتصبح الواو الداخلة على:(الأغلال فى أعناقهم). واو حال. وتصبح الواو الداخلة على:(أَصحاب النار هم فيها خالدون)عاطفة عطفاً يرك معه المعنى.
لذلك حسن موضع التكرار فى الآية لما فيه من صحة المعنى وتقويته. وتأكيد النسبة فى المواضع الثلاثة للتسجيل عليهم بسوء المصير.
***
* تكرار الفاصلة:
ونعتمد فى دراستنا لتكرار الفاصلة على ثلاث سور هى: " الرحمن القمر المرسلات ". وهى السور التى برزت فيها هذه الظاهرة الأسلوبية. بشكل لم يرد فى غيرها ، كما ورد فيها.
فقد تكررت:(فبِأى آلاء ربكما تكذبان ) فى " الرحمن ". وتكررت (فكيف كان عذابى ونذر) فى " القمر ". وتكررت: (ويل يومئذ للمكذبين) فى " المرسلات ".
* تكرار الفاصلة فى " القمر ":
ولهذا التكرار فى المواضع الثلاثة أسباب ومقتضيات. ففى سورة القمر " نجد العبارة المكررة وهى: (فكيف كان عذابى ونذر(قد صاحبت فى كل موضع من مواضع تكرارها قصة عجيبة الشأن ، وكان أول موضع ذُكِرت فيه عقب قصة قوم نوح. وبعد أن صوَّر القرآن مظاهر الصراع بينهم وبين نوح عليه السلام ثم انتصار الله لنوح عليهم. حيث سلَّط عليهم الطوفان. فأغرقهم إلا مَن آمن وعصمه الله.
ونجد أن الله نجَّى نوحاً وتابعيه. ولكن تبقى هذه القصة موضع عظة وادكار، ولتلفت إليها الأنظار وللتهويل من شأنها جاء قوله تعالى عقبها: (فكيف كان عذابى ونذر(مُصدَّراً باسم الاستفهام " كيف " للتعجيب مما كان ، ولقد مهَّد لهذا التعجيب بالآية السابقة عليه. وهى قوله تعالى: (ولقد تركناها آية فهل من مدكِر).
والموضع الثانى لذكرها حين قص علينا القرآن قصة عاد وعتوها عن أمر الله وفى " عاد " هذه نجد العبارة اكتنفت القصة بدءاً ونهاية. قال تعالى: (كذبت عادُ فكيف كان عذابىِ ونذر *ِإنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً فى يومِ نحْسٍ مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر * فكيف كان عذابى ونذر ).
وتكرار العبارة هكذا فى البداية والنهاية إخراج لها مخرج الاهتمام. مع ملاحظة أن أحداث القصة هنا صُورت فى عبارات قصيرة ولكنها محكمة وافية.. ولم يسلك هذا المسلك فى قصة نوح أعنى قصر العبارات والسبب فيما يبدو لى أن إهلاك قوم نوح كان بالإغراق فى الماء. وهى وسيلة كثيراً ما تكون سبب هلاك. فقد كانت سبب هلاك فرعون وملئه.. أما أن يكون الإهلاك بالريح فذلك أمر يدعو إلى التأمل والتفكر.
ولعل مما يقوى رأينا هذا. أن هذه القصة قصة عاد وردت فى موضع آخر من القرآن يتفق مع هذا الموضوع من حيث الفكرة ، ويختلف معه قليلاً من حيث طريقة العرض وزيادة التفصيل.
جاء فى سورة الحاقة: (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ عاتية* سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حُسوماً فترى القوم فيها صرعَى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية).
فإرسال الريح هكذا سبع ليال وثمانية أيام حسوماً مدعاة للعظة والاعتبار.
ومثله: (وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم * ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم). (فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا مَن أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ).
فقد بطرت " عاد " نعم ربها عليها. وغرها ما فيه من أسباب التمكين فى الأرض وقوة البطش أن تبارز ربها ومولى نعمها بالمعاصى ، فأهلكها الله بما لا قبل لها به. وفى كل موضع يذكر القرآن فيه قصة هؤلاء ، تأتى عباراته قوية هادرة واعظة زاجرة..
جاء فى موضع آخر: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التى لم يُخلق مثلها فى البلاد )
وكانت عاقبتها خسراً وهلاكاً مع من طغى فى الأرض بغير الحق: (فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد).
أما الموضع الأخير الذى ذكرت فيه هذه العبارة: (فكيف كان عذابى ونذر)فحين قص الله علينا قصة " ثمود " ، وقد جاءت فيها كذلك مهيئة لتلقى صورة العقاب بعد التشويق إليها عند السامع. ولفت نظره إليها: (فكيف كان عذابى ونذر* إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر) .
ومن هنا ندرك شدة اقتضاء المقام لهذا التكرار. فليست إحدى العبارات فى موضع بمغنية عن أختها فى الموضع الآخر. إنما هو اتساق عجيب تطلبه المقام من الناحيتين: الدينية والأدبية.
من الناحية الدينية حيث تحمل المومنين على التذكر والاعتبار عقب كل قصة من هذه القصص ، ومن الناحية الأدبية لأن العبارة: (فكيف كان عذابى ونذر(تأتى عقب كل قصة أيضاً لافتة أنظار المشاهدين إلى " كنه " النهاية وختام أحداث القصة.
وقد مهد القرآن لهذا التكرار حيث لم يأت إلا بعد خمس عشرة آية تنتهى كلها بفاصلة واحدة تتحد نهاياتها بحرف " الراء " مع التزام تحريك ما قبلها. وذلك هو نهج فواصل السورة كلها. وقد أشاع هذا النسق الشاجى نوعاً من الإحساس القوى بجو الإنذار. والسورة فوق كل هذا مكية النزول والموضوع.
كما أن الطابع القصصى هو السائد فى هذه السورة. فبعد أن صور القرآن الكريم موقف أهل مكة من الدعوة الجديدة. وبَيَّن ضلال مسلكهم. وقد كان الرسول (حريصاً على هدايتهم فى وقت هم فيه أشد ما يكونون إعراضاً عنه. لهذا اقتضى الموقف العام سوق عِبَر الماضين ليكون فى ذلك تسلية للرسول(ومن اتبعه وزجر لمن عارضه وصد عنه.
وما دام هذا هو طابع السورة فإن أسس التربية خاصة تربية الأمم تستدعى تأكيد الحقائق بكل وسيلة ومنها التكرار الذى لمسناه فى سورتنا هذه ؛ حتى لكأنه أصيل فيها وليس بمكرر.
* تكرار آخر فى سورة " القمر ":
وفى هذه السورة " القمر " مظهر آخر من مظاهر التكرار ، هو قوله تعالى:(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر). حيث ورد فى السورة أربع مرات ، وهذه دعوة صالحة للتأمل فيما يسوقه الله من قصص.
وقد اشتملت هذه الآية: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (على خبر واستفهام ، والخبر تمهيد للاستفهام الذى فيها ولفت النظر إليه.
***
* التكرار فى سورة " الرحمن ": أما التكرار الوارد فى " الرحمن " فى قوله تعالى: (فبأى آلاء ربكما تكذبان(حيث تكررت الآية فيها إحدى وثلاثين مرة فله أسبابه كذلك. ويمكن أن نسجل هذه الملاحظات:
أولاً: إن هذا التكرار الوارد فى سورة " الرحمن " هو أكثر صور التكرار الوارد فى القرآن على الإطلاق.
ثانياً: إنه أى التكرار فى هذا الموضع قد مُهِّدَ له تمهيداً رائعاً.حيث جاء بعد اثنتى عشرة آية متحدة الفواصل. وقد تكررت فى هذا التمهيد كلمة " الميزان " ثلاث مرات متتابعة دونما نبو أو ملل:
(والسماء رفعها ووضع الميزان * ألا تطغوا فى الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ).
وهذا التمهيد قد أشاع كذلك لحناً صوتيًّا عذباً كان بمثابة مقدمة طبيعية لتلائم صور التكرار ولتألفها النفس وتأنس بها فلا تهجم عليها هجوماً ؛ لأن القرآن قد راعى فى فواصل المقدمة التمهيدية ما انبنت عليه فواصل الآية المكررة.
ثالثاً: إن الطابع الغالب على هذه السورة هو طابع تعداد النعم على الثَقَلين: الإنس والجن ، وبعد كل نعمة أو نِعَم يعددها الله تأتى هذه العبارة: (فبأى آلاء ربكما تكذبان).
وعلى هذا الأساس يمكن بيسر فهم عِلّة التكرار الذى حفلت به سورة الرحمن أنه تذكير وتقرير لنعمه. وأنها من الظهور بمكان فلا يمكن إنكارها أو التكذيب بها.
" فتكرار الفاصلة فى الرحمن.. يفيد تعداد النِّعَم والفصل بين كل نعمة وأخرى لأن الله سبحانه عدَّد فى السورة نعماءه وذكَّرعباده بآلائه. ونبههم على قدرها وقدرته عليها ولطفه فيها. وجعلها فاصلة بين كل نعمة لتعرف موضع ما أسداه إليهم منها. ثم فيها إلى ذلك معنى التبكيت والتقريع والتوبيخ ؛ لأن تعداد النِعَم والآلاء من الرحمن تبكيت لمن أنكرها كما يبكت منكر أيادى المنعَم عليه من الناس بتعديدها" . ولقائل أن يسأل: إن هذه
الفاصلة قد تكررت بعدما هو ليس بنعمة من وعيد وتهديد. فكيف يستقيم التوجيه إذن بعد هذه الآيات ؟
(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأى آلاء ربكما تكذبان) .
(يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصى والأقدام * فبأى آلاء ربكما تكذبان).
(هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن * فبأى آلاء ربكما تكذبان).
وظاهر هذه الآيات بلاء وانتقام وليس بنعم.
والجواب: ولكن المتأمل يدرك أن فى الإنذار والوعيد وبيان مآل الضالين عصمة للإنسان من الوقوع فيما وقعوا فيه فيكون مصيره مصيرهم.
ومن هذا الاعتبار يتبين أن هذه المواضع مندرجة تحت النعم ، لأن النعمة نوعان: إيصال الخير. ودفع الشر. والسورة اشتملت على كلا النوعين فلذلك كررت الفاصلة.
* التكرار فى سورة " المرسلات ": بقى التكرار الوارد فى سورة " المرسلات". وقد صنع ما صنع فى نظيريه فى " القمر " و " الرحمن " من التقديم له بتمهيد.. وله مثلهما هدف عام اقتضاه.
بيد أن التمهيد يختلف عما سبق فى " القمر و " الرحمن ". فقد رأينا فيهما اتحاد الفاصلة فى الحروف الأخيرة مع التزام نهج معين فيما قبله. أما هنا فإن الأمر يختلف.
التعديل الأخير تم بواسطة الريحانة ; 19-06-2005 الساعة 08:43 PM
-
بسم الله الرحمن الرحيم
يؤكد القرآن أنه لا يمكن للملائكة أن تعصى الله [ التحريم: 6 ] ومع ذلك فقد عصى إبليس الذى
كان من الملائكة ، كما فى الآية [ البقرة: 34 ] فأيهما صحيح ؟
***********
الملائكة مخلوقات مجبولة على طاعة الله وعبادته والتسبيح له وبه.. فهم لا يعصون الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) (1).
ومع تقرير هذه الآية أن هؤلاء الملائكة القائمين على النار [ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ] يقرر القرآن الكريم أن إبليس ـ وهو من الملائكة ـ فى قمة العصيان والعصاة: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) (2).
وهناك إمكانية للجمع بين معانى الآيتين ، وذلك بأن نقول: إن عموم الملائكة لا يعصون الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهم مفطورون ومجبولون على الطاعة.. لكن هذا لا ينفى وجود صنف هم الجن ـ ومنهم إبليس ، شملهم القرآن تحت اسم الملائكة ـ كما وصف الملائكة أيضًا بأنهم جِنَّة ـ لخفائهم واستتارهم ـ وهذا الصنف من الجن ، منهم الطائعون ومنهم العصاة..
وفى تفسير الإمام محمد عبده [1265 ـ 1323هـ ،1849 ـ 1905م] لآية [ا لبقرة: 34 ] يقول:
" أى سجدوا إلا إبليس ، وهو فرد من أفراد الملائكة ، كما يفهم من الآية وأمثالها فى القصة ، إلا آية الكهف فإنها ناطقة بأنه كان من الجن.. وليس عندنا دليل على أن بين الملائكة والجن فصلاً جوهريًا يميز أحدهما عن الآخر ، وإنما هو اختلاف أصناف ، عندما تختلف أوصاف. فالظاهر أن الجن صنف من الملائكة. وقد أطلق القرآن لفظ الجنَّة على الملائكة ، على رأى جمهور المفسرين فى قوله تعالى: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) (3). وعلى الشياطين فى آخر سورة الناس " (4).
ونحن نجد هذا الرأى أيضًا عند القرطبى ـ فى تفسيره [ الجامع لأحكام القرآن ] فيقول:
" وقال سعيد بن جبير: إن الجن سِبْط من الملائكة ، خلقوا من نار ، وإبليس منهم ، وخُلق سائر الملائكة من نور.. والملائكة قد تسمى جنا لاستتارها. وفى التنزيل: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) (5) وقال الشاعر أعشى قيس ـ فى ذكر سليمان ـ عليه السلام:
وسَخَّر من جنّ الملائكة تسعة قيامًا لديه يعملون بلا أجر (6).
فلا تناقض إذًا بين كون الملائكة لا يعصون الله.. وبين عصيان إبليس.. وهو من الجن ، الذين أطلق عليهم اسم الملائكة ـ فهو مثله كمثل الجن هؤلاء منهم الطائعون ومنهم العصاة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) التحريم: 6.
(2) البقرة: 34.
(3) الصافات: 158.
(4) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج4 ص 133 ، دراسة وتحقيق. د. محمد عمارة ، طبعة دار الشروق. القاهرة 1414هـ 1993م.
(5) الصافات: 158.
(6) [ الجامع لأحكام القرآن ] ج1 ص294 ، 295 مصدر سابق.
التعديل الأخير تم بواسطة الريحانة ; 19-06-2005 الساعة 09:10 PM
-
اقتباس
يقول النصارى لو أزلنا القصص المعادة فى القرآن والكلمات والجمل المعادة لوجدنا أن القرآن لا يكاد يملأ كراسةواحدة.
بارك الله فيكِ أختي الرياحنة على هذا المجهود الوافر
واعتذر على قلة مجهودي معكِ بسبب انشغالي بالمناظرات
وليس لدي مداخلة في هذا الخصوص إلا أن أذكر السادة النصارى تكرار القصص بالأناجيل الأربعة بشكل فاضح مع اختلاف الروايات بهم، وهذا بخلاف ما جاء بالقرآن .
فلو كان الأمر يحتاج لخذف لأبقينا على إنجيل مرقس والذي يعتبر اول الأناجيل التي كتبت ويتم حذف الثلاثة الأخرين لأنهم يعتبروا إعادة لنفس الإنجيل
وكل المواقع المسيحية تقر بأن الأناجيل الأربعة نسخ مكرر من العهد القديم
فأي منهم الأحق بالحذف ، ما جاء بالقرآن أم بالكتاب المقدس المنسوخ من العهد القديم ؟
.
-
شبهة جديدة :
سورة البقرة 35 - 37
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .
السؤال : هنا ذكر زوجة آدم ولم يذكر من أين أتت ولا حتى كيف خلقت . ثم سمح لهما بأكل ثمار الجنة
( إلا هذه الشجرة ) ما هي هذه الشجرة , ولماذا يكونا من الظالمين إذا اكلا منها من سيظلما ؟. لماذا لا يكونا من العاصين بدل الظالمين؟ . وبالعدد 36 قال فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما ... . ماذا كان يفعل الشيطان في الجنة مع آدم وزوجته . وبالعدد37 قال فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم . ما هي هذه الكلمات التي تلقاها آدم من الله حتى تاب ؟ هل تنفع البشر الآن لكي يتوبوا هم أيضا ؟
-
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخى العزيز السيف البتار
ولكن الشبهة التى كتبتها موجودة فى المشاركة رقم 44ولذلك قمت بالرد عليها بوضع قصة آدم كاملة كما جاءت فى القرآن والسنة حتى نشمل كل جوانب خلق آدم وحواء وسجود الملائكة وعصيان إبليس وغوايته لآدم وحواء وخروجهما من الجنة
*****
أين الإخوة فى المنتدى
المفروض إن الجزء الواحد فى القرآن لا يأخذ إلا شهر ..يعنى القرآن كله ننتهى من تجميع وإجابة الشبهات عليه إنشاء الله فى سنتين ونصف
ولكن لن يتم ذلك إلا بتوفيق من الله أولاً ثم مجهود من الأعضاء ..لكن بصراحة الشبهة بتفضل يومين وثلاثة ولا أحد يجيب عليها
الهمة حصلها إيه؟؟***
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة kholio5 في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 10-02-2014, 02:37 PM
-
بواسطة أبو حفص الأيوبى في المنتدى منتدى الشكاوى والإقتراحات
مشاركات: 8
آخر مشاركة: 09-06-2012, 09:07 PM
-
بواسطة محبة رسول العزة في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 14-11-2010, 01:58 AM
-
بواسطة أبـ مريم ـو في المنتدى منتديات اتباع المرسلين التقنية
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 07-06-2007, 11:24 PM
-
بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 16-12-2005, 09:10 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات