حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال : ( جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار : أُبَيُّ ـ بن كعب ـ ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت، قلت لأنس : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي ) صحيح البخاري، المناقب، 3526. مسلم، فضائل الصحابة، 4507.
هذا الأثر يشير إلى من كانوا يكتبون الوحي بإملاء مباشر من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن من الصحابة غير هؤلاء من كانوا يكتبون القرآن من ذاكرتهم الحافظة ، أو بإملاء من غيرهم من الحافظين، وبذلك بلغ عدد من جمع القرآن كتابة من الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة، ذكرهم ابن النديم(الفهرست، لابن النديم، ط. دار المعرفة، بيروت، 1398هـ/1978م، ج 1، ص 41).
وعن زيد بن ثابت قال : إني قاعد إلى جنب النبي (صلى الله عليه وسلم) يوما إذ أوحي إليه قال وغشيته السكينة ووقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة قال زيد فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله ثم سري عنه فقال اكتب يا زيد فأخذت كتفا فقال اكتب "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون الآية كلها إلى قوله أجرا عظيما" فكتبت ذلك في كتف فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى فقام حين سمع فضيلة المجاهدين قال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى وأشباه ذلك قال زيد فوالله ما مضى كلامه أو ما هو إلا أن قضى كلامه غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى ثم سري عنه فقال اقرأ فقرأت عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون . مسند احمد 20677 .
فيتضح لنا انه في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بدأ باتخاذ الرسول الكريم كتابا للوحي ، كانوا يجمعون القرآن على العسب واللخاف والأكتاف، لأن أدوات الكتابة لم تكن متوفرة لديهم، فكانوا يضعون ما يكتبون في بيت رسول الله وينسخون منه نسخة لكل واحد منهم وكانت تلك النسخ المكتوبة بمحضر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيحرسها الصحابة فِى بيوتهم مع استظهارهم لما فيها بل للقرءان كله, ولم يجمع القرآن في مصحف واحد في عهد رسول الله لعدة أسباب أهمها أن القرآن لم ينزل جملة واحدة على الرسول واستمرار نزول الوحي .
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشرف بنفسه على ما يكتب، فعن زيد قال: فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسره فأكتب وهو يملي عليَّ فإذا فرغت قال: إقرأه، فأقرأُه، فان كان فيه سقط أقامه، ثم اخرج إلى الناس.. المستدرك: 2 / 611.
ولقد صح عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يعارض القرآن على جبريل مرة فِى كل سنة فِى شهر رمضان, وفِى عام وفاته صلى الله عليه وسلم كانت المعارضة بينهما مرتين فِى شهر رمضان منه.
والمعارضة تكون بقراءة هذا مرة واستماع ذاك ثم قراءة ذاك واستماع هذا, تحقيقًا لمعنى المشاركة فتكون القراءة بينهما فِى كل سنة مرتين, وفِى سنة وفاته أربع مرات, فتفرس النبِى صلى الله عليه وسلم من تكرير المعارضة فِى السنة الأخيرة قرب زمن لحوقه بالرفيق الأعلى _ جبريل وميكائيل _, فجمع الصحابة رضِى الله عنهم فعرض القرءان عليهم ءاخر عرضة.
وروي أن الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره حتى قال (صلى الله عليه وآله): (إن لصاحب القرآن عند الله لكل ختم دعوة مستجابة) كنز العمال: 1 / حديث 2280.
وتكشف لنا واقعة إسلام عمر بن الخطاب صدق هذا الحديث حيث قرأ سورة "طه" من على الصحيفة التي كانت في بيت أخته فاطمة بنت الخطاب وهداه الله للإسلام فور قراءة
طه {20/1} مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى {20/2} إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى {20/3} تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى {20/4} الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى {20/5} لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى {20/6} وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى {20/7} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى {20/8}
يتبع :-
.
المفضلات