هل سمعتم أو رأيتم ثعباناً يأكل التراب؟
بالطبع لا. فقد تراجع الرب فى قراره ولم ينفذه: (14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.) تكوين 3: 14 ، وكيف تلعن البهائم ووحوش الأرض الحيَّة؟ نحن نعلم أن اللعن هو الطرد من هرحمة الله ، فهل تملك هذه الحيوانات رحمة الله؟
هذا السؤال اعتقد رقمه 63
الاجابة
هل تأكل الحية التراب؟
يقول الكتاب في سفر التكوين3 :14: " فقال الرب الإله للحيّة لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك ".
فهل تأكل الحيات التراب؟
كما يعلق أحدهم بقوله " هل سمعتم أو رأيتم ثعباناً يأكل التراب؟ بالطبع لا. فقد تراجع الرب في قراره ولم ينفذه "!!
والسؤال الآن هو ما مدى صحة هذه الآية؟ وهل تأكل الحيات التراب؟
ولكي نعرف حقيقة معنى الآية وما تقصده يجب أن نعرف الآتي:
(1) الكتاب المقدس يقدم لنا بشكل تصويري ما حدث للحية من عقوبة بسبب غوايتها لحواء ومن ثم لآدم بعدم إطاعة وصية الله. وهذه العقوبة ارتبطت بالتراب والذي يستخدم في الكتاب المقدس كناية عن الهزيمة والإذلال للأعداء حيث يقول الكتاب: " أمامه تجثو أهل البرية وأعداؤه يلحسون التراب " (مز72 :9)، " ويكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مرضعاتك. بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار رجليك فتعلمين أني أنا الرب الذي لا يخزى منتظروه " (أش49 :23)، " يلحسون التراب كالحية. كزواحف الأرض يخرجون بالرعدة من حصونهم يأتون بالرعب إلى الرب إلهنا ويخافون منك " (ميخا7 :17).
كما أن كلمة " يأكل " استخدمت كأسلوب بلاغي (طباق شعري) مقابل أكل آدم وحواء من الشجرة المحرمة.
(2) وبرغم أن الحية لا تأكل تراب الأرض كغذاء لها إلا أنها تأكل طعامها من التراب، فالحيات تزحف على الأرض وطعامها هو ما يسقط على الأرض، في التراب، وليس طعامها فقط بل كل حياتها زحف في التراب، فهي دائماً محاطة بالتراب والقذارة. والكلمة العبرية التي تعبر عن الحية هي " נחשׁ - nâchâsh " من الفعل العبري الذي يعني " يهمس "، " يطلق أصوات شبيهة بالحية " ولها معاني دلالية مثل الهمس السحري، وهذا الهمس الذي للحية يوضح معنى التراب هنا، أي كل أيامك تهمسين همس قذر " فحين كان العشاء وقد ألقى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يسلمه " (يو13 :2)!!
كما أن التراب رمز للموت " لأنك تراب والى تراب تعود " (تك3 :19).
ولكن السؤال يظل كما هو: ما هي علاقة الحية بالتراب؟ ويجيبنا العلم بشكل واضح ويقول: أنه يوجد عضو في سقف فم الحية يسمى (Jacobson's Organ - جاكوبسنس أورجان) أي عضو جاكوب، وهذا العضو يساعد الحيات على الشم بالإضافة للأنف، وينقض بلسان متشعب ويعض ما يقدم إليه بالأسنان ويلتقطه في نقاط التشعب في الأعضاء الحسية داخل فم الحيات، وهنا تشم التراب مرة بهذه الطريقة، ثم تنظف اللسان وتكرر العملية في الحال. ومن ثم فالحية تشم التراب وتأكله.
(3) وهذه اللعنة لا تفترض بالضرورة أن الحية كانت تمشي على رجلين أو قدمين، فالكتاب لم يقل ذلك، ولكن التركيز هنا على أن زحفها على بطنها هو نتيجة للعنة التي وقعت عليها، وزحفها في التراب وأكلها عن طريقه هو عقوبة مادية لا تتعدى طبيعتها.
(4) كما أن الحية كانت هي الشيطان نفسه أو الأداة التي استخدمها الشيطان في سقوط آدم وحواء، ولم تكن مجرد حية عادية. ومن الكتاب نجد أننا أمام خيارين وهما أما أن الحية كانت هي الشيطان نفسه وقد ظهر في صورتها كما يقول العهد الجديد:
" ولكنني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح " (2كو11 :3)، والمقصود هنا بالطبع الشيطان.
كما يقول أيضاً : " واله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعا. نعمة ربنا يسوع المسيح معكم " (رو16 :20)، وأيضاً " ولا عجب. لأن الشيطان نفسه يغيّر شكله إلى شبه ملاك نور " (2كو11 :14).
ويقول الوحي الإلهي في سفر الرؤيا: " فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته " (رؤ12 :9)، " فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان وقيّده ألف سنة " (رؤ20 :2). والمعنى واضح تماماً.
أما أن الحية كانت هي الأداة التي دخل فيها واستخدمها الشيطان، أي استخدم حية كانت موجودة بالفعل. وفي الحالتين فاللعنة أصلاً تقع على الشيطان وبسببه.
(5) وأهم ما تركز علية الآية هنا في سفر التكوين (3 :14و15) هو دينونة الشيطان، فكما تزحف الحية على بطنها وتأكل فقط مما هو ملقي على الأرض، من قذارة الأرض، فالشيطان الذي أختار شكل الحية أو استخدم الحية سيلقى من مكانته التي كانت سامية في السماء على الأرض، يزحف على الأرض، كقول الرب يسوع المسيح " رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء " (لو10 :18)، وما جاء في رسالة يهوذا (6): " والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام ".
(6) كما أن الذين يرون زحف الحية على الأرض في التراب يتذكرون دائماً سقوط الإنسان، وما يؤكد أن المقصود هو الإذلال هو قول الكتاب نفسه في اشعياء (65 :25) في تصويره الرمزي للحياة في ملكوت المسيح من أن " الذئب والحمل يرعيان معا والأسد يأكل التبن كالبقر. أما الحية فالتراب طعامها "، أي أن الحية ستظل في عقوبتها، تحت اللعنة.
المفضلات