الخلاف شر
أهل السنة يأخذون القواعد من الكتاب والسنة،
فتكون قاعدتهم تبعا للكتاب والسنة، وأهل البدع بخلاف ذلك؛
يقعدون القواعد، ثم ينظرون في الكتاب والسنة فلذلك تجد لهم من تحريف النصوص، وتأويلها، وتنزيلها على غير مراد الله ورسوله، ما يعجب منه المسلم الحق، لأن هذا هو شأن من يعتقد ثم يستدل؛ يقع منه الزلل والتحريف؛ لأن النصوص قد لا تستقيم وقواعده. وإذا رجعنا إلى الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة؛ وجدناها تدل على أن الخلاف شر: قال الله تعالى:
(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: خلق أهل رحمته؛ لئلا يختلفوا. (أحكام القرآن لأبي بكر العربي 3 /1072)
وقال أبو محمد بن حزم (الأحكام 5/66) : فاستثنى الله تعالى من رحم من جملة المختلفين، وأخرج المرحومين من جملة المختلفين.
قال الشاطبي: (الاعتصام 2/169) : إن الآية اقتضت أن أهل الاختلاف المذكورين؛ مباينون لأهل الرحمة؛ لقوله:
(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) فإنها اقتضت قسمين: أهل الاختلاف، ومرحومين.
فظاهر التقسيم؛ أن أهل الرحمة ليسوا من أهل الاختلاف، وإلا كان قسم الشيء قسيما له، ولم يستقم معنى الاستثناء ا. هـ
وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول فيها: الذين رحمهم؛ الله لم يختلفوا. (الأحكام 5/66).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المجموع 4/25) قال الله تعالى:
(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون، وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا، وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة،
فمن خالفهم في شيء؛ فاته من الرحمة بقدر ذلك ا. هـ
وقال أيضا: (المجموع 4/236) : خلق قوما للاختلاف، وقوما للرحمة 0 اهـ
وقال ابن أبي العز الحنفي: (شرح الطحاوية 2 /775) فجعل أهل الرحمة مستثنين من الخلاف ا. هـ
وقال تعالى
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
قال المزني: (جامع بيان العلم 2/910) : فذم الله الاختلاف، وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة، فلو كان الاختلاف من دينه ما ذمه، ولو كان التنازع من حكمه ما أمرهم بالرجوع عنده إلى الكتاب والسنة ا. هـ
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان» فلم ينزلوا بعد منزلا، إلا انضم بعضهم إلى بعض. (رواه أبو داود 2628)
فانظر كيف نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- تفرق الصحابة في المكان من حيث الظاهر، مع ائتلاف بواطنهم كما قال تعالى:
(وألف بين قلوبهم) (الأنفال 36) إلى الشيطان، وحسبك بفعل أضيف إلى الشيطان؛ فإنه لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء والمنكر. فكيف إذا كان الخلاف بما هو أعظم من هذا التفرق في المكان فقط؟! كالخلاف في العقائد، والمسائل العلمية والعملية …
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الخلاف شر 0 (رواه أبو داود 1960)
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اقضوا كما كنتم تقضون؛ فإني أكره الاختلاف، حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي 0 (رواه البخاري 3707)
وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه هذا في بيع أم الولد؛ لأنه كان يرى هو وعمر أنهن لا يبعن، وأنه رجع عن ذلك، فرأى أن يبعن، كما في رواية حماد بن زيد، عن أيوب. وقول علي رضي الله عنه:
(أكره الاختلاف) في حكم بيع أم الولد مما تتجاذبه الأدلة تحريما أو تحليلا فكيف بالمسائل التي لم يقم عليها دليل من الكتاب والسنة، وإنما هي من مضلات الهوى،
التي صارت الأحزاب تتخذها أصولا، تسير وتسير الأتباع عليها؟!
قال أبو جعفر الطحاوي: (متن الطحاوية) مع الشرح (2/775) وترى الجماعة حقا وصوابا، والفرقة زيغا وعذابا 0 اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المجموع 3/421) فإن الجماعة رحمة، والفرقة عذاب 0 ا. هـ
يتبع ..
المفضلات