بسم الله الرحمن الرحيم
ثالثا: بعض الاحاديث المنتقدة على الصحيحين والاجابة عنهما
لا يجوز انتقاد حديث صححه اهل العلم ... وقد يمكن لطلاب العلم البحث في الاسانيد ومعرفة احوال من رواها ... ولكن الغريب والمثير للشفقة معا ان ياتي نصراني يتعبد لله بكتاب يجهل من كتبه ولم يروى بالسند لا تواترا ولا احادا فيقول ان في البخاري ومسلم احاديث ضعيفة فان هذا من اعجب العجب عندي يدل على الافلاس لامة لا تعرف عن السند ولا عن علم الرجال شيئا ...
ان معظم النقد الموجه لبعض الاحاديث في الصحيحين (قلنا مجموعها هو 210 حديثا) اغلبه في السند وقليل منه في المتن
وقد الف في ذلك بعض علماء اهل الحديث ومنهم الدارقطني في كتابه "الالزام والتتبع" وغيره ... وقد رد الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره معظم هذه الانتقادات والتي في الغالب كان الصواب فيها مع الشيخين رحمهما الله تعالى ... ولن اعرض لانتقادات الدارقطني والاجابة عليها الا ان دعت الضرورة فهو مجال علمي بحت ولكني هنا اعرض لبعض الاحاديث من الصحيحين فقط والتي اثار اعداء الدين شبهات حولها حيث انهم مثلا لا يتعرضون لنقد الدارقطني او غيره لبعض احاديث الصحيحين فهذا مجال نقاش علمي لا مكان لجهال النصارى فيه ... ولكنهم يتحدثون عن احاديث يوهم متنها التعارض او الاختلاف او يثيرون شبهة ان راوي الحديث مدلس ... وقد اجبنا بفضل الله تعالى عن شبهة التدليس واعرض الان لبعض الاحاديث التي انتقدوها مجيبا عنها بفضل الله تعالى ...
الحديث الاول
رواه البخاري في صحيحه (باب القسامة) عن نعيم بن حماد عن هشيم عن حصين.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبدالواحد أنا شجاع بن علي أنا أبو عبدالله بن مندة أنا خيثمة نا الحسن بن مكرم نا شبابة بن سوار نا عبدالملك بن مسلم نا عيسى بن حطان قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا عمرو بن ميمون الأودي جالس ، وعنده ناس فقال: له رجل حدثنا بأعجب شيء رأيته في الجاهلية ، قال: كنت في حرث لأهلي باليمن فرأيت قرودا كثيرة قد اجتمعن ، قال: فرأيت قردا وقردة اضطجعا ثم أدخلت القردة يدها تحت عنق القرد ، واعتنقها ثم ناما فجاء قرد فغمزها من تحت رأسها فنظرت إليه فأسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد فنكحها وأنا أنظر ، ثم رجعت إلى مضجعها فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد كما كانت فانتبه القرد فقام إليها فشم دبرها فاجتمعت القردة فجعل يشير إليه وإليها فتفرقت القردة فلم ألبث أن جيء بذلك القرد بعينه أعرفه فانطلقوا بها وبالقرد إلى موضع كثير الرمل فحفروا لهما حفيرة فجعلوهما فيها ثم رجموهما حتى قتلوهما والله لقد رأيت الرجم قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
الاعتراض:- كيف تقيم القرود الحدود والاحكام ؟؟؟ وهل تقام الحدود على البهائم ؟؟؟
الجواب: - احسن ما رد في هذا الباب على هذا الحديث هو ابن قتيبة رحمه الله في كتابه (تاويل مختلف الحديث) حيث قال:-
(ونحن نقول في جواب هذا الاستهزاء إن حديث القرود ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه وإنما هو شيء ذكر عن عمرو بن ميمون.
حدثني محمد بن خالد بن خداش قال نا مسلم بن قتيبة عن هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: "زنت قردة في الجاهلية فرجمتها القرود ورجمتها معهم" .
قال أبو محمد: وقد يمكن أن يكون رأي القرود ترجم قردة فظن أنها ترجمها لأنها زنت ، وهذا لا يعلمه أحد إلا ظنا لأن القرود لا تنبئ عن أنفسها ، والذي يراها تتسافد لا يعلم أزنت أم لم تزن هذا ظن ، ولعل الشيخ عرف أنها زنت بوجه من الدلائل لا نعلمه فإن القرود أزنى البهائم ، والعرب تضرب بها المثل فتقول أزنى من قرد ، ولولا أن الزنا منه معروف ما ضربت به المثل ، وليس شيء أشبه بالإنسان في الزواج ، والغيرة منه ، والبهائم قد تتعادى ويثب بعضها على بعض ، ويعاقب بعضها بعضا فمنها ما يعض ، ومنها ما يخدش ، ومنها ما يكسر ويحطم ، والقرود ترجم بالأكف التي جعلها الله لها كما يرجم الإنسان ، فإن كان إنما رجم بعضها بعضا لغير زنا فتوهمه الشيخ لزنا فليس هذا ببعيد ، وإن كان الشيخ استدل على الزنا منها بدليل وعلى أن الرجم كان من أجله فليس ذلك أيضا ببعيد لأنها على ما أعلمتك أشد البهائم غيرة وأقربها من بني آدم أفهاما.) انتهى كلامه يرحمه الله
وقد اجاب ابن حجر العسقلاني رحمه الله ايضا على هذا الحديث فقال:-
(هذه الرواية ـ كما هو ظاهر ـ ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا كلام أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، وإنما رواها البخاري رحمه الله حكاية عما شاهده عمرو بن ميمون ، وهو الأودي ، أبو عبد الله الكوفي ، توفي سنة (74هـ) ، أدرك الجاهلية والنبوة وأسلم ، ولكنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، لذلك لم يعده العلماء من الصحابة ، وإنما من المخضرمين من كبار التابعين .)
وما يحكيه احد التابعين عن مشاهدته لا يرتقي الى السنة النبوية وليس من السنة فلا حرج على من شكك في هذا الخبر .... (قلت: هنا اشكال... وهو لماذا يروى هذا الخبر في البخاري طالما انه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؟؟ والاجابة على هذا الاشكال تكون في ان هذا الحديث ليس على شرط البخاري رحمه الله لان هذا الاثر غير مسند للرسول صلى الله عليه وسلم فهو ليس من كلامه ولا من كلام الصحابة رضوان الله عليهم وانما اورده البخاري معلقا للاشارة ان عمرا بن ميمون قد ادرك الجاهلية ...فتضعيف السند ليس حجة على البخاري لانه روي في المعلقات لا في الاصول
المفضلات