الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب,وأنزله فى أوجز لفظ وأعجز إسلوب,
الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب, وأنزله فى أوجز لفظ وأعجز إسلوب
فأعيت بلاغته البلغاء, وأعجزت فصاحته الفصحاء,وأسكتت حكمته الحكماء,وأذهلت روعته الخطباء, فهو الحجة البالغة,والدلالة الدامغة,والنعمة الباقية,والعصمة الواقية,وهو شفاء الصدور,والحكم العدل فيما أحكم وتشابه من الأمور,وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له ,الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً, والحمد لله سبحانه الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً,القائل سبحانه, وبالحق أنزلناه وبالحق نزل,وماأرسلناك إلا مبشراً ونذيراً, القائل سبحانه,قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي , لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً
والقائل سبحانه,ولو أن مافى الأرض من شجرة أقلام,والبحر يمده من بعده سبعة أبحر,مانفدت كلمات الله , إن الله عزيز حكيم.وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله,وصفيه من خلقه وخليله,أدى الأمانة, وبلغ الرسالة , ونصح للأمة , وكشف الله به الغمة, وتركنا على المحجة البيضاء, ليلها كنهارها
لايزيغ عنها إلا هالك أما بعد أحبتي فى الله جميعاً السلام عليكم ورحمة الله.
أذكركم ونفسي بهذه الآية الكريمة العطرة التي تفوح عطراً رباني وخلق محمدي وحكمة بالغة وبلاغة وصلت عنان السماءوهى الآية رقم 108 من سورة يوسف إذ قال جل وعلى
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
جاء فى فتح القدير للأمام الشوكاني "قل هذه سبيلي" أي قل يا محمد للمشركين هذه الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها سبيلي: أي طريقي وسنتي، فاسم الإشارة مبتدأ وخبره سبيلي، وفسر ذلك بقوله: " أدعو إلى الله على بصيرة " أي على حجة واضحة، والبصيرة المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل والجملة في محل نصب على الحال "أنا ومن اتبعني" أي ويدعو إليها من اتبعني واهتدى بهديي. قال الفراء: والمعنى ومن اتبعني يدعو إلى الله كما أدعو. وفي هذا دليل على أن كل متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق عليه أن يقتدي به في الدعاء إلى الإيمان به وتوحيده والعمل بما شرعه لعباده " وسبحان الله وما أنا من المشركين" أي وقل يا محمد لهم سبحان الله وما أنا من المشركين بالله الذين يتخذون من دونه أنداداً. قال ابن الأنباري: ويجوز أن يتم الكلام عند قوله: " أدعو إلى الله " ثم ابتدأ، فقال "على بصيرة أنا ومن اتبعني". وقد اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون" قال: هم بنو يعقوب إذ يمكرون بيوسف. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في الآية يقول: وما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب وهم يمكرون بيوسف. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك "وكأين من آية" قال: كم من آية في السماء يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها، وفي الأرض ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" قال: سلهم من خلقهم ومن خلق السموات والأرض فسيقولون الله، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء في قوله: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" قال: كانوا يعلمون ان الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم، وكانوا مع ذلك يشركون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "هذه سبيلي" قل هذه دعوتي. وأخرج أبو الشيخ عنه "قل هذه سبيلي" قال: صلاتي. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زد في الآية قال: أمري ومشيئتي ومنهاجي، وأخرجا عن قتادة في قوله: "على بصيرة" أي على هدىً "أنا ومن اتبعني".
نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, اللهم آمين.
المفضلات