الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
مرحبا بك عزيزي ريتشارد مرة أخرى ... وأشكر لك حسن المتابعة
نبدأ إن شاء الله تعالى في الإجابة على هذه النقطة من السؤال
اقتباس
وأنه تزوج إمراة يهودية بعد أن قتل جميع أهلها ومن بينهم زوجها؟
أقول قبل الرد ... أن صياغة السؤال (وأنا أعلم أيها الفاضل أنها ليست لك) فيها ظلم عظيم بين ... وهذا ما ستلمسه بنفسك بعد أن انتهي إن شاء الله تعالى
قبل الشروع في الحديث حول زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السيدة صفية بنت حيي بن أخطب سيد يهود بني النضير وحبرهم ... أحب ان أربط بعض الأحداث ببعض ... أعني ربط إجلاء بني النضير ثم موقعة الأحزاب وغزوة بني قريظة بغزوة خيبر
فإننا قد تكلمنا آنفا عن خيانة بنو النضير للنبي صلى الله عليه وسلم ... ومحاولة الإغتيال التي قاموا بها ... وقد أجلاهم النبي لما أخلفوا عهده - كدأب يهود على مر العصور والأزمان - ... وقد استقر بهم المقام في خيبر
ولقد قام بنو قريظة وهم في خيبر بإظهار العداء المطلق للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما ألبوا عليه الأحزاب ... فقد خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة ، يحرضونهم على غزو الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ويوالونهم عليه ، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم ، فأجابتهم قريش ، وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر ، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها .
ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان ، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك ، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب ، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي(صلى الله عليه وسلم) والمسلمين .
وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ـ وقائدهم أبو سفيان ـ في أربعة آلاف ، ووافاهم بنو سليم بمَرِّ الظَّهْرَان ، وخرجت من الشرق قبائل غطفان : بنو فَزَارة ، يقودهم عُيينَة بن حِصْن ، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف ، وبنو أشجع ، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ ، كما خرجت بنو أسد وغيرها .
واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه .
وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عَرَمْرَم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل ، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ .
هذا إلى جانب أن بني النضير أيضا هم من أغروا بني قريظة بخيانة النبي صلى الله عليه وسلم ... فقد انطلق كبير بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة فأتى كعب بن أسد القرظي ـ سيد بني قريظة وصاحب عقدهم وعهدهم ، وكان قد عاقد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) على أن ينصره إذا أصابته حرب فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه ، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه ، فقال حيي : إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها ، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة ، وبغطفان على قادتها وسادتها ، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد ، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه .
فقال له كعب : جئتني والله بذُلِّ الدهر وبجَهَامٍ قد هَرَاق ماؤه ، فهو يرْعِد ويبْرِق ، ليس فيه شيء . ويحك يا حيي ! فدعني وما أنا عليه ، فإني لم أر من محمد إلا صدقاً ووفاءً.
فلم يزل حيي بكعب يفْتِلُه في الذِّرْوَة والغَارِب ، حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً : لئن رجعت قريش وغطفان ، ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك ، حتى يصيبني ما أصابك ، فنقض كعب بن أسد عهده ، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين ، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين .
إلى جانب أن يهود خيبر كانوا يعدون أنفسهم لحرب النبي صلى الله عليه وسلم إن آجلا أو عاجلا
فكان لا بد أن يلتفت إليهم الرسول بعد أن عقد هدنة مع قريش وحلفائها في الحديبية ... حتى يأمن شرهم ومكرهم ... ولكي لا يتكرر منهم تحزيب الأحزاب ضده مرة أخرى
وأعيد التأكيد - قبل نهاية هذه الجزئية - أن غزوة الأحزاب كانت قتالا وليست قتلا ... وكانت خاضعة لتعاليم القتال في الإسلام بعدم المساس بأحد إلا المقاتلين من الرجال فقط
وهنا يظهر مدى الغبن الذي صيغ به السؤال ... فالنبي لم يقتل القوم ... بل قاتلهم
يتبع إن شاء الله تعالى
المفضلات