الراجح في قوله تعالى { متوفيك ورافعك }
رجح أغلب المفسرين قولين :
الأول : متوفيك أي مُنيمك وهومثل قوله تعالى :
{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } [الزمر: 42]
الثاني :
متوفيك : أي قابضك من الأرض رافعك إلى السماء أي أنه رُفع من السماء بغير موت ولا نوم .
والقول الثاني أصح عند المُحققين من أهل العلم :
قال القرطبي :
والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس، وقاله الضحاك.
قال ابن كثير :
وقال مطر الوراق: متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه.
قال الألوسي وقد ذكر ثمانية أوجه وقال كلها غير بعيدة وهذا ثالثها :
أن المراد قابضك ومستوفي شخصك من الأرض من توفى المال بمعنى استوفاه وقبضه .
وقال أبو بكر الجزائري :
{ متوفيك } : متمم لك ما كتبت لك من أيام بقائك مع قومك .
{ ورافعك إلّي } : إلى جواري في الملكوت الأعلى .
وقال ابن حيان في البحر المحيط :
وقيل : متوفيك : قابضك من الأرض من غير موت ، قاله الحسن ، والضحاك ، وابن زيد ، وابن جريج ، ومطر الوراق ، ومحمد بن جعفر بن الزبير ، من : توفيت مالي على فلان إذا استوفيته .
وقال الشيخ الشعراوي كلاما بليغا في هذه المسألة فقال :
ونريد أن نقف الآن عند كلمة قول الحق : { مُتَوَفِّيكَ } . نحن غالبا ما نأخذ معنى بعض الألفاظ من الغالب الشائع ، ثم تموت المعاني الأخرى في اللفظ ويروج المعنى الشائع فنفهم المقصد من اللفظ . إن كلمة « التوفي » نفهمها على أنها الموت ، ولكن علينا هنا أن نرجع إلى أصل استعمال اللفظة ، فإنه قد يغلب معنى على لفظ ، وهذا اللفظ موضوع لمعان متعددة ، فيأخذه واحد ليجعله خاصا بواحد من هذه . إن كلمة « التوفي » قد يأخذها واحدا لمعنى « الوفاة » وهو الموت . ولكن ، ألم يكن ربك الذي قال : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } ؟ وهو القائل في القرآن الكريم : { وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ليقضى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 60 ] .
إذن { يَتَوَفَّاكُم } هنا بأي معنى؟ إنها بمعنى ينيمكم .
وقال رحمه الله : واللغة العربية توضح ذلك ، فأنت تقول - على سبيل المثال - لمن أقرضته مبلغا من المال ، ويطلب منك أن تتنازل عن بعضه لا ، لا بد أن أستوفي مالي ، وعندما يعطيك كل مالك ، تقول له : استوفيت مالي تماما ، فتوفيته ، أي أنك أخذته بتمامه .
إذن ، فمعنى { مُتَوَفِّيكَ } قد يكون هو أخذك الشيء تاما .
وقال رحمه الله :
إذن ، « فمتوفيك » تعني مرة تمام الشيء ، « كاستيفاء المال » وتعني مرة « النوم » . وحين يقول الحق : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } ماذا يعني ذلك؟ إنه سبحانه يريد أن يقول : أريدك تماما ، أي أن خلقي لا يقدرون على هدم بنيتك ، إني طالبك إلى تاما ، لأنك في الأرض عرضة لأغيار البشر من البشر ، لكني سآتي بك في مكان تكون خالصا لي وحدى ، لقد أخذتك من البشر تامّاً ، ومعنى « تاما » ، أي أن الروح في جسدك بكل مواصفاته ، فالذين يقدرون عليه من هدم المادة لم يتمكنوا منه .
وقال الطبري رحمه الله :
وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا، قولُ من قال:"معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ"، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكَرها، اختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه .
وقال جماعة من المفسرين :
فذكر الطبري :
وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إليّ ومطهِّرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا. وقال: هذا من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم.
وكما ذكر ابن كثير :
{ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك، يعني بعد ذلك.
وهو ما استحسنه الألوسي في تفسيره ..
وعلى كل هناك شبه إجماع على أن عيسى لم يمت ومن قال أنه مات قليلون وذكروا أشياء لادليل عليها فمنهم من قال أنه مات ثلاث ساعات ومنهم من قال سبعة ثم رفع وهي أقوال ضعيفة جدا .
ولأهل العلم نكتة حيث يقولون هناك صحابي لم يمت وهو عيسى عليه السلام لأنه رأى وشاهد النبي عليه السلام غي الإسراء والمعراج وآمن به وسينزل ليحكم بشريعته .
والصحابي هو من شاهد النبي أو سمع منه وآمن به ..
والله أعلى وأعلم
المفضلات