الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو الرد على فرية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً مزواجاً وصاحب شهوة ؛ لأنه تزوج بأكثر من امرأة ، و هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها ، وبطلانها عن إبطالها فلو كان تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم قدحاً في نبوته ما سكت أعداء الدين عنه رغم أنهم كانوا يتربصون به الدوائر لكي يصدوا الناس عن دعوته فالعدو يقصد لدفع قول عدوه بكل ما قدر عليه من المكايد ، فلما لم يطعن الأعداء فيه صلى الله عليه وسلم من خلال تعدده للزوجات دل ذلك على أن هذا أمر طبيعي عند العرب ، ولو فرض أنه صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة لقضاء الوتر من الشهوة ، والتمشي مع ما تقتضيه الفطرة لم يكن ذلك قصوراً في مقام النبوة ،ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من أجل قضاء الوتر لاختار الأبكار الشابات باهرات الجمال ،وأول امرأة تزوجها خديجة رضي الله عنها كانت أكبر منه بخمسة عشرة عاماً فقد كان في الخامسة والعشرين من عمره ،وكانت في الأربعين من عمرها فهل هذا من صفات الرجل الشهواني ؟!!!!! وغالب من تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم كن كبيرات السن فهل هذا من صفات الرجل الشهواني ؟!!!!! ،وبدء تزوج النبيصلى الله عليه وسلم زوجاته كان بعد الثالثة والخمسين من عمره فهل الرجل الشهواني يصبر عن النساء حتى هذا السن ؟!!!!!! ، والنبي صلى الله عليه وسلم زُوج ،ولم يتزوج كزواجه من زينب بنت جحش حيث كانت زوجة لزيد بن ثابت فعايرته بنسبه ، و أنه عبد ، وكان النبيصلى الله عليه وسلم يأمره بالصبر حتى طلقها فأمره الله بالزواج منها قال تعالى : ﴿ َإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ﴾ ( الأحزاب : 37 ) لتحريم عادة التبني ،ولبيان أن الذي قد تبنى أحداً يحل له أن يتزوج زوجة الذي تبناه ،والسيدة عائشة رضي الله عنها قد رآها صلى الله عليه وسلم في المنام مرتين ورؤيا الأنبياء حق ،وتعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان سنة الأنبياء قبله فقد تزوج إبراهيم عليه السلام ثلاث زوجات ،وتزوج موسى عليه السلام بأربع ، و تزوج داود عليه السلام بسبع ، وتعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم كان ضرورة من أجل الرسالة لتكثير من يشاهد أحواله صلى الله عليه وسلم الباطنة فينتفي عنه ما يظن المشركون أنه ساحر فالزوجات أعلم بأزواجهن ،وتعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان ضرورة لتكثير عشيرته فيزداد أعوانه على من يحاربه ، وتعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان ضرورة لتوثيق الصحبة بينه وبين أصحابه فالزواج من عائشة يوثق العلاقة بينه وبين أبي بكر ،والزواج من حفصة لتوثيق العلاقة بينه وبين عمر بن الخطاب ، و تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان ضرورة لإعانة الأرامل فزواجه من ميمونة رضي الله عنها كان ضرورة فهي كانت أرملة كبيرة السن تحتاج لمن يرعاها ،وأيضاً قرابتها متشعبة في بني هاشم وببني مخزوم ،وسودة بنت زمعة كانت من زوجات أحد المحاربين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها من أجل رعايتها وإكرام زوجها الذي كان يحارب معه ، و أم سلمة تزوجها إكراماً لزوجها المدافع عن الإسلام ، و كفالة لأولادها ، و لرعايتها فهي تحتاج إلى من يرعاها ،وأم حبيبة تزوجها إكراماً لها ، و لإعانتها ورعايتها ، و حتى لا ترجع إلى أهل الكفر ،وزينب بنت خزيمة تزوجها إكراماً لزوجها المدافع عن الإسلام ولإعانتها ورعايتها فهي تحتاج إلى من يرعاها ، و تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان ضرورة لتحقيق مصالح تشريعية ولانتشار الشريعة بأكثر من شخص فالزواج من السيدة زينب بنت جحش كان لإبطال عادة التبني ،وجواز تزوج المتبني لزوجة المتبنى ،وقد روت السيدة زينب بنت جحش تسعة أحاديث أما الزواج من السيدة عائشة كان لإبطال عادة التآخى ، و قد روت السيدة عائشة 2210 حديثاً ، و الزواج من أم سلمة كان للعلم بأن الثيب لها ثلاثة أيام والبكر لها سبعة أيام ، و قد روت 378 حديثاً ، و ميمونة رضي الله عنها روت 76 حديثاً وأم حبيبة روت 65 حديثا ، و حفصة روت 60 حديثاً و جويرية روت خمس أحاديث فكان تعدد زوجاته ضرورة لتخريج مجموعة من النساء تعلم النساء الأخرى الأمور التي يخجلن من ذكرها ، و تعدد الزوجات كان ضرورة لتحقيق مصالح سياسية ككسب تأييد القبائل وكان الزواج من أم حبيبة لكي لا ترجع إلى الكفر بتعذيب أهلها لها ،وكان الزواج من جويرية حتى تهتدي قبيلتها فيكثر سواد المسلمين ،وكان الزواج من ميمونة ؛لأن قرابتها كانت متشعبة في بني هاشم ،و تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان ضرورة لإظهار كمال عدله في معاملته مع زوجاته فتقتدي الأمة به
هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد الأربعاء 24/1/ 2007 م
المفضلات