لا يليق بالله التجسد في صورة بشر
إن تجسد الله في صورة بشر لا يليق به سبحانه فكيف يتجسد الخالق المنزه عن النقائص بالمخلوق المتسم بالنقص ؟ فمن يقول الله يمكن أن يتجسد في صورة إنسان فهو ينتقص من قدر الله جل وعلا و لا يمدح فيه ، و يثبت لله صفة نقص لا صفة كمال وكل وصف أسند إلى الله يؤدي إلى الطعن فيه فهو باطل ،إذ كل صفات الله صفات كمال لا نقص فيها قال تعالى : ﴿ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[1] أي : للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه, وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره[2] وليس معنى أن الله قدير على كل شيء أن نصف الله بالاستطاعة على فعل شيء لا يليق به سبحانه كمن يقول مادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على خلق من يقهره ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على أن يميت نفسه ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على إهلاك نفسه ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على أن يخلق إنسانا ولا يعلم عنه شيئا ومادام الله قادر على كل شيء فهو قادر على أكل الخراء ، و مادام الله قادر على كل شيء فهو قادر على أن يدخل في دبر إنسان ، و من يثبت قدرة الله على مثل هذه الأشياء فهو يثبت لله النقص لا الكمال ، و الله قادر على كل شيء يليق به أن يقدر عليه ، وهؤلاء النصارى ما قدروا الله حق قدره و تشبيههم تغير صورة الإله إلى صورة البشر بتغير صورة الملك إلى صورة الإنسان تشبيه مع الفارق ؛ لأن تحول صورة الملك إلى صورة الإنسان لم يخرجه عن طبيعته الأصلية أما تحول الإله لصورة البشر فهو لا يليق بالله أصلاً فكيف يحول الإله المنزه عن النقص المتصف بالكمال المطلق صورته سبحانه لصورة الإنسان المتسم بالنقص ؟ و الواجب علينا ألا نفترض أن الله يقدر على فعل شيء ، وهذا الشيء لا يليق بمثله سبحانه ، ونحن المسلمون لا يؤدي بنا اعتقادنا في الله بمثل هذا الهراء الذي فيه انتقاص صريح للرب سبحانه أما هؤلاء الكفار فلم يقدروا لله قدره قال تعالى : ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[3] هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد سيد بكالوريوس الطب والجراحة الأربعاء 15/9/2008م 15 شوال 1429 هجريا
[1] - النحل الآية 60
[2] - التفسير الميسر النحل الآية 60
[3] - الزمر الآية 67
المفضلات