السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الطاغوت:
أصله الطغيان وهو مجاوزة الحد , فالطاغوت هو كل ما جاوز العبد به حده_ أي حد العبودية _وادعى لنفسه صفة أو حقاً من حقوق الألوهية أو الربوبية , فالطاغوت يشمل كل من عبد من دون الله وهو راض ويشمل رؤوساً خمسة هم السبب في ضلال أكثر العالم .
أولهم الشيطان الداعى لعبادة غير الله , قال تعالى:
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (60) سورة يــس .
فما معنى عبادة الشيطان؟ وهل هُناك من يقول أن إلهه هو الشيطان؟
ألا نرى أن الجميع حتى الكفار يسبون الشيطان ويلعنونه؟! بلى ولكن عبادة الشيطان هي طاعة في الكفر والشرك وتكذيب الرُسل عليهم السلام , فمن قبل ذلك منه وأطاعه فيه فقد عبده من دون الله .
الثاني من رؤوس الطواغيت :
الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله والدليل القاطع عل ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (60) سورة النساء .
نزلت فيمن أراد التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي أو إلى بعض الكُهان وهي تشمل كل من يتحاكم إلى من يحكم بغير ما أنزل الله , لا شك أن الذي يحكم بغير ما أنزل الله قد جاوز حد العبودية التي تستلزم تلقي أحكام الله وشرعه بالقبول ( والأذعان ) ونسب إلى نفسه الربوبية في التشريع .
قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (54) سورة الأعراف .
وقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} (21) سورة الشورى .
فسمى الله من اتخذ من يُشرع له من دون الله مشركاً وهؤلاء المشرعين شركاء بالباطل فالله لا شريك له في خلقه كذلك .
والثالث من رؤوس الطواغيت:
الأحبار والرهبان الذين يُبدلون الشرع .
( أي علماء السوء وعباد السوء ) جرياً وراء الدنيا , قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة .
فسرها النبي بقولهِ: " ألم يحلوا لكم الحرام , ويحرموا عليكم الحلال فأتبعتومُهم فتلك عبادتهم " هذا الحديث حسن : رواه الترمذي والبيهقي في الكبير وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
والرابع والخامس من رؤوس الطواغيت:
الساحر والكاهن , فالساحر يدعي الضر , والنفع والخلق , وتقليب القلوب وكل هذه من صفات الربوبية , والكاهن يدعى علم الغيب , وعلم الغيب استأثر سبحانه وتعالى به .
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (59) سورة الأنعام .
وصفات الكفر بالطاغوت
أن يعتقد بطلان ما زعموه لأنفسهم من صفات أو حقوق الإله الحق لا شريك له , وأن يُصرح بلسانه بذلك , وبأن يعلم أنه حين ينطق بلاَ إله إلا الله فإنه يعني بها تكذيب كل هؤلاء أو غيرهم ممن يعبد من دون الله , ثم يكون عمله مُطَابقاً لقوله وأعتقاده فلا يُطيع الشيطان ولا يستجيب لدعائه فيما يأمرون به من الكفر والمعاصي ولا يتحاكم إلى من يحكم بغير ما أنزل الله , ولا يتبع من بدل شرع الله , ولا يأتي السحرة والكهان ثم تكميل هذا كله بالجهاد باللسان واليد والمال والنفس لإبطال عبادة الطواغيت من على ظهر الأرض وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد:
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (39) سورة الأنفال .
المحدث :-الشيخ ياسر برهامى
المفضلات