عصمة نبي الله أدم عليه السلام من الخطيئة
أولا : الأكل من الشجرة المحرمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)
سورة البقرة
فيبدو من هذه الآية الكريمة أن أدم أكل من شجرة منهي عن الأكل منها وهذا يبدو في ظاهره خطيئة مما فيها من نهي في "لا تقربا" وعاقبة وهي " فتكونا من الظالمين"
وللرد على ذلك نوضح أن النهي نوعان , نوع منعي تحريمي ونوع أخر إرشادي
النهي التحريمي يصحبه عقوبة
والنهي الإرشادي يصحبه عاقبة
فنحن ننهي الأطفال -إرشاداً- مثلاً عن اللعب فوق الأسرة خوفا من الوقوع والأذى , والوقوع هنا عاقبة وليس عقوبة
فننهي الطفل بلا تلعب هنا كيلا تقع (تظلم نفسك)
بينما مثلاً نرى في الأماكن العسكرية لافتة (ممنوع التصوير) وهذا نهي منعي أو تحريمي يعرض صاحبه للسجن إذا لم يمتثل , والسجن هنا عقوبة و ليس عاقبة
وخطأ أدم يعد خطيئة إذا كان النهي منعي , ولا تعد كذلك إن كان النهي إرشادي
والنهي في قصة أدم إرشادي لأنه لو كان تحريمي , لرفع الله أثره عن أدم بعدما تاب عليه
فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
البقرة
أما الظلم فهو وضع الشيئ في غير موضوعه ومخالفة الحد
ونحن العرب نقول (من شابه أباه فما ظلم)
وهو أنواع كثيرة :
أكبرها الشرك بالله وأصغرها أن يشك الإنسان بشوكة زهرة
والرجل الذي يقتل نفسه يعد ظالماً لنفسه , و أيضاً الرجل الذي يرتدي حذاء أصغر من مقاسه , ويؤلمه كثيراً عندما يمشي به , أيضا يسمى ظالماً نفسه , فهل يستويان لكونهما ظالمين ؟؟
لذا فقوله تعالى :
" فتكونا من الظالمين"
لاتلحق بأدم أي صفة من صفات المجرمين كما يتبين من بحثنا هذا
ملخص قصة أدم والدرس المستفاد
1- خلق الله أدم لعبادته "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" و عمارة الأرض "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"
2- حذر الله أدم من أن يأكل من شجرة ما , حتى لا يتحمل عاقبة ذلك (وليس عقوبة) ذلك "وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ"
3- لم يعلم أدم عاقبة هذا الأمر بل لم يكن يعرف مبدأ الثواب و العقاب ولم يخلق الله الشريعة بعد فأدم لم يكن يعلم عن جهنم مثلاً أي شيء و لم يكن يعي حجم معصية الله فهو أول البشر و لم يرسل قبله أي نبي
4- أكل أدم و حدثت العاقبة , ألا وهي إظهار عورته "فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ"
5- تعلم أدم الدرس و ندم على فعلته و غفر الله له "لَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"
6- حل أدم على الأرض و هو يحمل في جعبته الدرس فأستحق أن يكون نبي الله على الأرض "وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
"
والخطأ حتى يصبح خطيئة لا بد من توافر فيه الشروط الآتية :
1- أن يكون الإنسان مكلف بشريعة
2- أن يكون الخطأ حدث بعد نزول التشريع
3- أن يكون مبدأ الصواب والعقاب تم تشريعة بالجنة والنار
-هناك نقاط أخرى سيتم ذكرها في وقتها إنما ذكرت ما يخص قصة أدم فقط -
وعلية فمحل خطا أدم كان
1- قبل التشريعات والكتب المنزلة
2- في دار غير دار التكليف والتشريع
وبذلك يكون أكل أدم من الشجرة لا تجعله خاطئ لأن نهي الله كان إرشادياً ولا يعد نقضاً للعصمة لغياب التشريع عنه
يتبع ...
المفضلات