مناظرة من 20 سؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا نص مناظرة جرت بين المرشد الروحاني لمركز الشبيبة في لبنان وبين الأستاذ إبراهيم بن سليمان الجبهان ولقد كانت هذه المناظرة عن طريق المراسلة، وهذا نصها :
حضرة الأستاذ اسكندر جديد ، سلام على من اتبع الهدى وبعد :
استلمت إجابتكم على العشرين سؤالاً التي وجهتها إليكم، وإليكم فيما يلي ملاحظاتي عليها :
س 1 : يقول سان أوغسطين (أنا مؤمن لأن ذلك لا يتفق مع العقل ) فهل كان يشك في صحة معتقداته لو كانت متفقة مع العقل . وأي فرق بين المجنون وبين من يضرب بعقله عرض الحائط ؟
وقد أجبتم على هذا السؤال بأـن الإيمان الذي أشار إليه المذكور هو نوع من الإيمان بالغيب .
وأجيبكم على ذلك بأن الإيمان بالغيب ، لا يخلو أن يكون إيماناً بحق أو إيماناً بباطل- والإيمان بالحق هو ما تؤيده الأدلة وتسانده الشواهد وتدعمه البراهين ، كالإيمان بالله ، ورسله ، وبما جاء به الرسل من أوامر ونواه . ووعد ووعيد . والإيمان بالباطل ، هو ما تعارضه الأدلة ، وتعارضه الشواهد ، وتهدمه البراهين كالإيمان بأن الواحد يساوي ثلاثة وأن الثلاثة تساوي واحد ا. وأن الله تعالى نزل من عليائه ليدخل في رحم امرأة من مخلوقاته ، ويخرج من فرجها على هيئة إنسان ، ليختبر ذكاءكم .
س 2 – من الذي أعطى المجامع حق ترشيح عيسى ومريم وروح القدس للألوهية وحق إصدار القرارات بعصمة البابا . وبمنح الكنيسة حق الغفران والحرمان- وإذا كان لها الحق في ذلك أفلا يكون من حقها عزل من ألّهتهم . وترشيح آلهة أخرى ؟
وقد أجبتم على هذا السؤال بأن المسيحيين لا يؤلهون مريم . وأن تأليها بدعة ترفضها المسيحية. وقد قاومها علماء المسيحية حنى تلاشت تماماً . وقد قارنتم بين الفرقة التي تؤله مريم ، وبين الفرق الضالة التي انتسبت إلى الإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء (كالسبئية ، والشيطانية ، والجناحية، والبزيعية وغيرها ) ثم إنكم أنكرتم ترشيح المجامع لعيسى وروح القدس : ويكفيني في رد إنكاركم ، إحالتكم إلى المراجع الكنسية العليا في الفاتيكان ، وما حفظته وثائقها ومراجعها من محاضر وقرارات المجامع الثلاثة الأولى وما بعدها . وحاولتم أن تثبتوا بأن المسيح نفسه قد ادعى الألوهية لنفسه بالزعم أنه عليه السلام ، قد ادعى السلطان لنفسه في الأرض وفي السماء . وأنه ادعى الوحدة مع الله (تعالى الله عن ذلك).
وأنه ادعى الأزلية
وأن الله قد حل فيه (تعالى الله عن ذلك)
وأن وجوده في السماء. وفي الأرض
وأنه ديان الأحياء.. والأموات
وأنه حاضر في كل زمان ومكان
وأنه واضع الناموس ومكمله
وأن أعماله تشهد بألوهيته
وأنه قد ادعى مغفرة الخطايا، والعلم بالخفيات
وأن له سلطان على عناصر الطبيعة
وأنه هو الذي أرسل روح القدس
وأنه خالق الكل
وأن الأب شهد بألوهيته بوحيه إلى الأنبياء
وأن الرسل شهدت بألوهيته
واستشهدت على صحة هذه الدعاوى بمقتطفات من الأناجيل والرسائل.
وأجيبك على هذا الادعاء ، بأنه لا يحق لك أن تستشهد على صحة اعتقادك بمقتطفات لا أعترف بصحتها. وقد أثبت عدم صحتها في كتاب (معاول الهدم والتدمير في النصرانية وفي التبشير).
أما إجابتك على القسم الأخير من سؤالي وهو :
إذا كان لها (أي المجامع) الحق في ذلك . أفلا يكون من حقها عزل من رشحتهم . وترشيح آلهة أخرى ؟ بأنني أقصد الاستهزاء . وأنك لا تتعامل مع المستهزئين. فأجيبك عليه بأن هذه الإجابة هي في الحقيقة هزيمة منكرة أمام حجة دامغة ، وفرار من مواجهة الحقيقة إلى عالم الخيالات والأوهام.
س 3 – هل وقع الصلب على أقنوم واحد دون بقية الأقانيم ؟ وإذا كان كذلك . أفلا يجوز لبقية الأقانيم . ما وقع لأحدها ؟
وقد زعمت بأن الإجابة على هذا السؤال موجودة في القرآن في قوله تعالى (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم) (سورة النساء-157) ونسيت أو تناسيت أن تكملة الآية المذكورة هو قوله تعالى (وما قتلوه. وما صلبوه . ولكن شبه لهم) وهي تنفي مزاعم اليهود . وقولهم (إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم).
ثم تقول بأن الصلب وقع على الأقنوم الثاني لله … بناء على عهد الفداء . بين الأب والابن . لأجل خلاص البشر – في الوقت الذي تقول فيه بعد سطرين : إننا نؤمن بإله واحد له ثلاثة أقانيم . ولكل أقنوم شخصية مستقلة . بحيث يمكن يمكن عقد عهد بين أقنوم وآخر . ويمكن لأقنوم أن يرسل آخر . وأن يقع أقنوم تحت سلطان أقنوم .
وهذا تخليط لا يحل المشكلة . بل يزيدها تعقيداً . بل هو خارج عن موضوع السؤال لأن الإشكال المطلوب حله ، هو الصلب الذي وقع حسب زعمك على الأقنوم الثاني والذي من الممكن أن يقع على بقية الأقانيم . مادامت الأقانيم كلها متساوية في القدرة . وفي المجد . وفي الاستقلال، وفي التصرف ، وفي التدبير ، وإنكار هذا الممكن إنكار للبداهات ، ومكابرة للمعقول ، واستخفاف بالعقول.
أما استشهادك بأقوال بولس ، فمردود عليك ، وينبغي أن لا تبحث لأقواله عن مغفلين لا يعرفون من هو بولس.
وأما استشهادك بما في بعض كتبك المقدسة ، فلا محل له من الإعراب ، وأرجو أن توفره لنفسك ، لأني أصلاً لا أعترف بصحتها ، وما لا أعترف بصحته لا يحق لك أن تحتج به عليّ .
أما خرافة الفداء ، والكفارة فإنه لا يوجد لها دليل في الأناجيل ، مع أنها أساس الإيمان عندكم، وقد اخترعها دجاجلة الكنيسة من أسلافكم ليبرروا بها دعوى ألوهية المسيح . ولتكون جواباً لمن يقول (كيف يكون المسيح إلهاً ويصلب)؟.
أما عقيدة الصلب ، فقد كانت موجودة في عقائد النيبال الذين يزعمون أن معبودهم (أندرا) قد صلب وثقبت أقدامه بالمسامير .
أما ما ذكرته من شروحات وتفسير لعقائد الفداء ، والكفارة والخلاص، والمشورة فليست أكثر من هذيان ، لم أفهمه إلا كما تفهم أنت من رطانة رجال الأسكيمو.
س 4 – لماذا كانت الأقانيم ثلاثة ولم تكن أربعة أو خمسة أو خمسين . أليست الزيادة خير من النقص . والكثرة أفضل من القلة ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بقولك (لماذا كان الله أحد الله الصمد) أليس التعدد أفضل من الوحدانية ؟
ويكفي أن أرد عليك بقوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)
س 5– لماذا قدم المسيح نفسه قرباناً لمغفرة خطيئة آدم حسب زعمكم ، ولم يقدم بدلاً عنها صك غفران ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بقولك –ليس الغفران بالفداء قضية مزعومة بل هو مشورة إلهية. وحكمة فائقة – لذلك لم يأت المسيح إلى العالم لإعطاء صكوك غفران . ولا ليعلّم الناس أن الحسنات يذهبن السيئات ، أو بأن صيام شهر يكفر الخطايا، أو بأن الحج إلى مكان ما ينيل البر ، أو بأن النطق بشهادة ما تنجي من عذاب جهنم .
وأجيبك على ذلك بقولي :
إذا كانت الحسنات لا تذهب السيئات ، وأعمال البر لا تكفر الخطايا ، ولا تنجي من عذاب جهنم ، فأي فائدة تجنيها الإنسانية من إنزال الكتب ، وإرسال الرسل ، وهل تكون وصايا الرسل وشرائعهم ، إلا نوعاً من اللغو !. وهل يكون تنفيذها والالتزام بها إلا إضاعة للوقت والجهد ، فيما لا طائل من ورائه ؟! وهل خلق الله الجنة ، ليكون جزاء أوليائه الحرمان منها ، وهل يحتاج كل مذنب إلى مسيح جديد يقدم نفسه فداءً عن ما ارتكبه من ذنوب ؟
صدقني يا أستاذ اسكندر . إن من يحملون هذه الأفكار لا بد أن يكونوا قد أصيبوا بلوثة في عقولهم ، وإلا فما معنى تشبثكم بهذه الأفكار التي لا تصلح إلا للمتاحف .ولا تليق بإنسان يحترم عقله . والتي ورثتموها من أئمة الضلال في عصور الظلام والانحطاط.
أنا لا ألومك على هذا التفكير السقيم . فأنت تفكر بعقلية من يخشى على مركزه الاجتماعي ، ولكني ألوم أصحاب الرؤوس النخرة . الذين ينقادون لكم كما تنقاد الخراف العجماء بين يدي من يسوقها إلى المسلخ .
س 6 – لماذا كان عيسى مسؤولاً دون غيره عن خطيئة آدم ، حسب زعمكم ومطالباً بالتكفير عنها ؟
وقد أجبتَ على هذا السؤال بجواب لايمت إلى السؤال بصلة . لأنني لم أسألك عن صورة آدم ، ولا عن كيفية خلقه ، ولا عن الأطوار التي مر بها قبل خلقه ، ولا عن المراحل التي مر بها قبل الامتحان وبعده ، إنما سألتك عن الحكمة التي في مؤاخذة عيسى على ذنب اقترفه غيره وكيف لا يكون حقاً لي وللناس أجمعين ما كان حقاً لآدم على عيسى عليه السلام ، وبمعنى أوضح كيف احتاج آدم إلى مسيح يفتديه، ويكفر عن خطيئته ولا تحتاج ذريته إلى مسحاء بعدد ما اقترفته من خطايا وآثام ؟
ثم تقول في ص (34) كيف يجوز أن نسلم بآثار الوراثة العميقة في الحياة ، ولا نسلم بالميراث الآتي إلى الإنسان من خطيئة أبويه الأولين؟
وهذا تخليط لا يليق أن يصدر من إنسان يحترم عقله –إذ من البديهي أن الإنسان غير مسؤول عن عوامل الوراثة ، كاللون ، والملامح ، ولكنه مسؤول مسؤولية تامة عما كسبت يداه .فيثاب على إحسانه . ويجازى بما يستحقه على إساءته (ولا تزر وازرة وزر أخرى)وهذه قاعدة تحكم كل قانون وضعي أو سماوي.باستثناء شرائع الغاب وقوانين أكلة لحوم البشر .
ولو افترضنا صحة ما تقوله . لوجب أن تكون مثقلاً بكل الأوزار التي اقترفها آباؤك وأجدادك.ولكنت في حاجة إلى أعداد لا تحصى من المخلصين لكي يفتدوك مما تراكم على عاتقك من ذنوبهم .ويكفروا عنك ما أورثته من خطاياهم عبر العصور.
ولو صحت خرافة الكفارة والفداء .لما كان هناك معنى ليوم الدينونة.ولكنا الآن نرفل في رحاب جنات النعيم ، ونتفيأ ظلال الخلد في جوار رب العالمين.
أما استشهادك بقول العالم الانكليزي (هكسلي) الذي يقول إن ناموس الخطيئة يسكن في الإنسان فهو زعم لم يأت به (هكسلي) من عند نفسه بل هو عنصر أصيل من عناصر النصرانيةالتي تقول (إن الإنسان منذ خطيئة آدم قد انقلب شريراً لاحيلة في إصلاحه ..إلا بمنقذ ومخلص إلهي ) وقد تسربت هذه الفكرة إلى النصرانية من البوذية التي تقول ( إن الإنسان شرير بطبعه ، والخير طارئ عليه ).
أما ما حشوت به الصفحات التالية إلى صفحة (55) فلا أتناوله بالنقاش لأنه محاولة لتبرير فكرة أرفضها بأدلة لا أعترف بصحتها .
س 7 – أليس من الأعدل والأحكم أن يحيي الله آدم . ويأمره بتقديم نفسه قرباناً على الصليب تكفيراً عن خطيئته ،بدلاً من تقديم عيسى (حسب زعمكم )بلا سبب وجيه ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بأن آدم لا يصلح أن يكون ذبيحة كفارة ، بسبب كسره شريعة الله ، وإنه لما كان الله قدوسنا استلزم أن يكون وسيط الصلح قدوساً… الخ
ولا أدري والله إلى كم قدوس يحتاج البشر في تكفير خطاياهم . التي تفوق العد والإحصاء.بل ولا أدري ماهي الرجعية إذا لم تكن في هذه الأفكار التي لا تصلح إلا للعرض في متاحف المومياء.
س 8 - هل كان الأنبياء الذين سبقوا مجيء المسيح يؤمنون بألوهيته ؟ الجواب بنعم يحتاج إلى إثبات والجواب بلا حجة تدمغ بها المكابرين
وقد أجبت بنعم واستشهدت بالمزمور الثاني والحادي عشر ، وبمقتطفات من اشعيا وارميا ، ودانيال وميخا وملاخي ، وتناسيت أن هذه الأسفار كلها متهمة بالزيف والتزوير ولم تجد حتى الآن من يستطيع إخراجها من قفص الاتهام.
س 9 – أما كان الله قادراً على خلاص آدم وذريته بغير صلب المسيح ؟
وقد أجبتَ في الصفحات 62و63و64 بما يتنافى مع سعة غفران الله .وبما لا يليق بعظيم سلطانه حيث تقول في (ص 64) أن الله لكونه كاملاً في كل صفاته لا يصح لمشيئته أن تغفر للإنسان ذنوبه على حساب حقه وعدله.
وهذا تحكم لا يليق أن يصدر من العبد تجاه معبوده.
س 10- التوراة لا تثبت ألوهية عيسى . فهل كان موسى عالماً بها وأخفاها عن قومه . أم كان جاهلاً بها ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بإيراد المقتطفات التالية :
في البدء خلق (إلوهيم) السماوات والأرض (تكوين 1-1)
زاعماً أن لفظة (إلوهيم) وردت بصيغة الجمع – والصحيح أنها أحد الأسماء التي يطلقها اليهود على الله تعالى– حيث يسمونه مرة (يهوة)ومرة يسمونه (ايلوهيم) ومرة يسمونه( رب الجنود) ومرة يسمونه (إله اسرائيل) .
واستشهدت أيضاً بما ورد في التثنية (6- 4) وهو (اسمع يا اسرائيلي الرب إلهنا واحد) زاعماً أن لفظة (إلهنا) وردت في صيغة الجمع.
ونرد على ذلك بأن ما ورد في التثنية إن كان الخطاب فيه موجها من الله لإسرائيل فهو متناقض .لأن الله لا ينبغي أن يكون مألوهاً لغيره .
والفقرة التي أوردتها تشير بأن لله إلهاً آخر ولو جاز هذا أن يكون لكل إله إله آخر إلى ما لا نهاية.والخلاصة انه لا يجوز لك الاستشهاد بكتب تبيح الغش
.والكذب.والغدر. والمكر ، وتأمر بالفحشاء والمنكر والبغي والنفاق والاستغلال وتشجع الدعارة ، والعهر ، والفسوق ، والإباحية، وتحلل الكبائر، وتدعوا إلى الرذيلة ، والانحلال وتصف الله جل شأنه بالجهل والضعف والتعصب والعنصرية ،والانعزال والظلم والتعطش لسفك الدماء ، ومؤاخذة البريء بجريرة المذنب ، والتي يزعم واضعوها أن النار تخرج من فمه ، وأن الدخان ينساب من أنفه ، وأنه يحب رائحة الشواء والمحرقات ، وأنه لا يرضى إلا إذا قدمت له القرابين البشرية ، وتنسب إلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ما يخجل القلم من ذكره ، حيث تتهمهم بالكفر والزنا ، والخيانة ، والمروق وعبادة الأوثان .
ولا أظنك تجهل ما تتضمنه أسفار (صموئيل الثاني، والملوك الأول ، وحزقيال ،ويشوع والتثنية، والعدد والخروج، واشعيا ، والقضاة وأخبار الأيام ، ونشيد الانشاد ، والجامعة ، واستير وغيرها .
ولمن يشك في قولي أن يرجع إلى الأسفار المذكورة وله أن يحكم بما يشاء .
ولعل أكثر ما أثار دهشتي وعجبي ما كتبتَه تحت عنوان (الثالوث في الإسلام) حيث تزعم أن الإسلام لم يحارب ثالوث المسيحية .وغنما حارب ثالوثاً آخر هو ثالوث طائفة( المرقونين) الذين قالوا بثالوث مؤلف من :
أ?- عادل – انزل التوراة.
ب?- وصالح نسخ التوراة بالإنجيل .
جـ- وشرير- وهو ابليس .
مع أن القرآن خاطب النصارى عامة . ولم يخاطب طائفة منهم . بدليل أنه ينفي الألوهية عن المسيح بالذات في آيات عديدة . والمسيح عليه السلام تؤلهه جميع طوائف النصارى باستثناء الموحدين منهم وهم أتباع (اريوس) و (سباليوس) الذين انقرضوا بعد أن أبادتهم الحروب ومحاكم التفتيش .
أما ما أوردته من مصطلحات فلسفية ، كالوجود المطلق ، والمقيد، والمعلق ، والعقل، والعاقل والمعقول ، -وما أوردته من أقوال الرازي وابن سينا فهذه كلها تخيلات ، وتمحلات ، وتنطع ، وترف عقلي ، لا تثبت حقاً ولا تنفي باطلاً ، ولا تستحق إضاعة الوقت في مناقشتها .
أما قولك في ص (80)أن لفظة الكلمة التي أطلقت على المسيح في الكتاب المقدس ، واقتبسها الإسلام وأنها تدل على وحدة الأقنومين الأول والثاني .
فأقول لك :
أولاً - إن لفظة أقنوم لفظة يونانية لم تكن معروفة عند قدماء النصارى . وقد دخلت إلى النصرانية بواسطة من تنصروا من الوثنيين .
ثانياً –إن الإسلام لم يقتبس لفظة الكلمة من كتابكم المقدس ، بل الصحيح أن للإسلام الفضل في التعريف بكتبكم إذ لولاه لطمسها النسيان ولأصبحت في خير كان.
ثالثا- إن كلمة الله التي أشار إليها القرآن هو قوله تعالى (كن) لكل ما يريد خلقه وإيجاده بدليل قوله تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (82- سورة يس) وقوله تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) (59-سورة آل عمران).
ولو كان خلق عيسى بقول (كن)يستلزم رفعه إلى مرتبة الألوهية، لكان التأليه لازماً لكل مخلوق أوجده الله بقول (كن).
رابعاً – إن ما أوردته من أقوال بولس يثبت أنك تتنكر لمسيحيتك باتباعك لمن هو من الد أعداء المسيح.
خامساً-إن ما دار في الاجتماع الذي تم في الأزهر في عام (1905) لا علاقة له بموضوعنا لأنه يبحث في معية الله مع عباده .ومعية الله حقيقة تقرها الشرائع –ولا تتعارض مع العقل والمنطق والفكر السليم، وهي معية علم وإحاطة كما يليق بجلال الله ، ويتناسب مع كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وليست معية حلول أو اتحاد كما تزعم .
س 11- إذا كان غفران خطيئة آدم قد احتاج إلى هذه المسرحية المضحكة المبكية التي تتمثل في تقديم المسيح نفسه قرباناً على الصليب حسب زعمكم فما الذي يحتاج إليه غفران ذنوب العباد وآثامهم من لدن آدم وحتى قيام الساعة ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بأن المسرحية المبكية هي فيما أورده المفسرون من روايات وتخرصات حول الرجل الذي ألقي عليه شبه عيسى ، حيث قال بعضهم أنه تطياس اليهودي . وقال آخرون أنه الحارس الذي كلف بحراسة المسيح ، وآخرون قالوا أن أحد الحواريون تطوع بأخذ الشبه مقابل وعد بالجنة .وما أورده الطبري والسدي وغيره .
وأقول لك –إن كل رواية تعين الشخص البديل الذي ألقي عليه شبه عيسى مردودة بل ونعدها من الخرافات الاسرائيلية التي تسربت إلى كتب التفسير عن طريق بعض الوضاعين ممن لبسوا الإسلام مقلوباً ليهدموا الإسلام المظلوم تحت ستر الإسلام المزعوم . ومثل هذه الروايات لا تنطلي إلا على الأغبياء والمغفلين . وما دام أن القرآن والسنة الصحيحة لم يعينا الشبه البديل ، فليس من حقنا أن نتجاوزهما إلى ما لا نثق في صحته من الأخبار . وقد أوردت في كتابي ( معاول الهدم والتدمير في النصرانية وفي التبشير) في هذا الموضوع ما فيه الكفاية .
س12 – لماذا أجل الفداء إلى زمن المسيح . وما هي الحكمة في هذا التأجيل . وما حكم من ماتوا قبل الفداء ؟
وقد أجت على هذا السؤال بإيراد مبررات ملأت بها الصحائف من (89) إلى (93) منها أن الأرض وقعت تحت اللعنة بسبب سقوط آدم ، وهذه اللعنة يجب ( حسب زعمك ) أن تأخذ مفعولها بواسطة خراب عمومي . تتغير به هيئة الأرض . ولا أدري والله كيف تأخذك الرأفة بشخص واحد ألقي عليه شبه عيسى بزعم أنه بريء وأنه لا يستحق القتل . ثم تتبخر هذه الرأفة حينما تتذكر خطيئة آدم فتصب اللعنة صبا على كل من أقلتهم الأرض وأظلتهم السماء . من عهد آدم إلى زمن المسيح بسبب ذنب تجاوز الله عنه . وغفره لآدم قبل أن يهبط إلى الأرض . أما بقية مبرراتك فلن أناقشها لأنها مجرد تحيلات وتخرصات لا سند لها من أساس علمي أو برهان عقلي ، أو تفكير سليم .
س13 – لقد عرف التثليث قبل النصرانية في عبادات الوثنيين في فارس ، وفي اليونان ، والهند والصين ، ومصر فما السر في ذلك ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بقولك : إنه يوجد فرق شاسع بين العقيدة المسيحية والوثنيين – فالمصريون كانوا يؤمنون بثالوث ممثل في ( أوزوريس ، وإيزيس ، وهوريس ) ولكن هؤلاء لم يكونوا إلهاً واحداً بل كانوا ثلاثة آلهة والهنود آمنوا بثلاثة آلهة هم : ( براهما ، شنوا ، شيوا ) وهم أيضاً ثلاثة آلهة ، ثم تقول : إن وجود التثليث في ديانات الوثنيين لا يشبه التثليث في المسيحية وتضرب مثلاً لذلك بلفظ الجلالة ( الله ) الذي هو واحد في الجاهلية وفي الإسلام وبشعائر الحج والعمرة التي أقرها الإسلام ، وبقصة الاسراء والمعراج التي لها مثيل في كتب الزرادشتيه ثم تقول : وهل يضر الإسلام كون اليهودية سبقته إلى عقيدة التوحيد ؟
أجيبك على ذلك بما يلي :
إن الوثنيين الذين كانوا يؤمنون بالتثليث قبل النصرانية كانوا أعقل منكم لأنهم يسمون الأشياء بمسمياتها فلا يقولون إن الواحد يساوي ثلاثة ، وأن الثلاثة تساوي واحداً . أما ضربك المثل بلفظ الجلالة وبشعائر الحج والعمرة ، فلا وجه للمقارنة بين التثليث في النصرانية وبين شعائر من بقايا دين الحنيفية أقرها الإسلام ، لأن التثليث قد تسرب إلى النصرانية من وثنيين وعبدة أصنام ، أما شعائر الحج والعمرة فقد انتقلت إلى دين الإسلام من دين سماوي يدعو إلى وحدانية الله ، أما إقرارك بعقيدة التوحيد في اليهودية فهو حجة عليك لأنك بالتزامك عقيدة التثليث تناقض اليهودية ، وتعمل ضد إرادة المسيح الذي يقول : ( ما جئت لأنقض الناموس ولكن جئت لأكمل ) وأنت بإصرارك على التثليث إنما تضحك على نفسك ، وتخدعها ، بادعائك بأنك موحد ، وأن الثلاثة هي في الحقيقة واحد ، وأن الوحدانية هي في التثليث ، ومثل هذه الاعتقادات لا ينبغي أن تصدر من إنسان يحترم عقله ، ولا ينسى أن يحترم عقول الأخرين . ومشكلتكم أيها المبشرون أنكم تخترعون الأكاذيب ثم تصدقونها وتتشبهون بالنعام ثم تريدون من البشر أن يفقدوا عقولهم ، وأن يتحولوا إلى قطعان من البهائم عندما يؤمنون بأمثال هذه الترهات .
س14- ماذا تكون النتيجة لو أن قساً أصدر لشخص صك غفران ، وأصدر آخر في حقه قرار حرمان ؟
وقد أجبت على هذا السؤال : بأن صكوك الغفران بدعة ، وليس لها قاعدة في الكتاب المقدس وقد حاربها المصلح العظيم ( مارتن لوثر ) وقضى عليها في مهدها . وأجيبك على ذلك بأن ( مارتن لوثر ) عميل لليهودية العالمية ، استفاد اليهود من ثورته على الكنيسة فوائد كثيرة منها :
أ - تدمير النصارى بأيدي بعضهم البعض .
ب – إحياء العهد القديم بعد أن أصبح جثة هامدة .
ج – صرف أنظار الأوربيين عن الإسلام الذي بدأ نوره يشع عليهم بواسطة من عادوا من الحروب الصليبية – ولولا ثورة ( لوثر) لما بقي في أوربا من لا يدين بالإسلام وإذا كان المذكور قد قضى على بعض البدع والخرافات النصرانية ، المتمثلة في صكوك الغفران والحرمان فقد كان ذلك بقصد امتصاص النقمة العارمة التي اجتاحت الأوربيين على باء الكنيسة الذين ضربوا أسوأ الأمثلة في الفسق والتسلط والفساد والظلم واقتراف الجرائم .
س15-ماذا تكون النتيجة لو أن أحد الأقانيم أراد شيئاً وأراد الآخر نقيضه ؟
وقد أجبتَ على هذا السؤال بقولك : أنه لا يوجد بين الأقانيم أدنى تمييز في الذات لأن ذاتهم واحدة . ولا في زمن الوجود لأن كلاً منهم أزلي .ولهم علم واحد ومشيئة واحدة، وعقل واحد ولم يقل أحد أن في اللاهوت ثلاثة عقول ، أو ثلاث قوّات ، أوثلاث إرادات .
وأجبتك على ذلك بأن الأقانيم لفظة دخيلة على النصرانية ، وليس لها أساس أو دليل في كتبكم –وما دام هذا الأصل غير موجود في كتبكم ، فإن كل ما تفرع منه باطل ، لأن ما بني على الفاسد فهو فاسد مثله.
س 16- الحواريون الذين عاصروا عيسى وناصروه لم يثبت أن أحداً منهم عبد المسيح أو اعتقد ألوهيته . فهل أنتم أعلم بعيسى من الحواريين ؟
وقد أجبتَ على هذا السؤال بإيراد مقتطفات من الأناجيل ورسالة بولس :
وبما أني لا أعترف بصحة الأناجيل ورسائل بولس. فإنه لا يحق لك إلزامي بقبول أي شهادة منها .كما أن من حقك أن تطالبني بأن لا ألزمك بقبول أي شهادة من كتاب لا تؤمن بصحته .
س17- الأناجي المتداولة هي :( متى ،لوقا، مرقس، يوحنا ) ونحن كمسلمين لا نؤمن بغير إنجيل عيسى عليه السلام فأين هو هذا الإنجيل ؟
وقد أجبتَ على هذا السؤال بقولك :
من امتيازات المسيحية أن إنجيلها لم ينزل في حرف جامد . بل نزل في شخص إلهي هو الرب يسوع المسيح الذي تجسد من روح القدس. ومن مريم العذراء وعاش أرضنا- ردحاً من الزمن. أعلن خلاله محبة الله في الفداء. إلى أن قلت – وفي تعبير آخر أن المسيح هو الإنجيل بحياته وأعماله ، وموته على الصليب وقيامته وصعوده إلى السماء..إلخ
وأجبتك على ذلك :
إن مجمع نيقية المنعقد في 325م قد قرر اختيار الأربعة الأناجيل المتداولة الآن من بين حوالي 1مائة إنجيل كانت متداولة آن ذاك ولو صح ما تقوله لكان هذا الإجراء باطلاً ولكان من حق كل نصراني أن يؤلف إنجيلاً حديثاً بحسب تصوراته لحياة المسيح وموته ، وأقواله وأعماله ولبطل الاحتجاج بأي إنجيل قديم أو حديث.لأن كل مؤلف إنجيل يدعي أن الحق في جانبه .وهذه قمة الفوضى التي لا ضابط لها ولا نظام.
س18- التوراة تنص على أن كل من عُلّق خشبة فهو ملعون ، وأنتم تصرون على أن عيسى عليه السلام هو الذي علق على خشبة الصليب ونحن كمسلمين نصر على تنتزيهه عن هذه الهرطقات ، فمتى نتفق ؟
وقد أجبت على هذا السؤال بقولك :
أ?- نص التوراة صحيح، ويسوع المسيح علّق على خشبة الصليب كفادٍِ فعلاً وذلك لكي يزيل حكم اللعنة عن البشر الذين لم يثبتوا في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس.
ب?- المسيحي يعلق الصليب تباهياً وتذكيراً بما قاله الرسول المضبوط (بولس)الذي قال (أما من جهتي فحاشا أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع الذي قد صلب العالم لي وأنا للعالم).
وأجبتك على ذلك:
أ?- بأنه كان ينبغي أن يحملكم نص التوراة على أن تختاروا بين الإيمان به أو الإيمان بأن المسيح لم يصلب.وإنما الذي صلب شخص آخر ألقي الشبه عليه ولكنكم لفرط ذكائكم اخترتم الإيمان بالنص. وبأن المصلوب شخص المسيح ، ثم لاتريدون أن تصدقوا بأنكم أغبياء.
ب?- إن ماقاله رسولكم المضبوط(بولس)لمن أكبر الأدلة على أنه من ألد أعداء المسيح ولكنكم لفرط ذكائكم أيضاً وربما لفرط محبتكم للمسيح أصدرتم مرسوماً بترفيع (بولس )إلى مرتبة الرسل الذين يتمتعون بحق النسخ والتشريع فيما يبلغونه عن الله تعالى .وفي الوقت الذي اعتبرتم فيه جميع الأنبياء والمرسلين الذين سبقوا مجيء المسيح (سراقاً ولصوصا)ً استنادا إلى نص لايجرؤ على قوله إلا مجدف أو معتوه .
ثم ماذا؟
ثم تريدون من الناس أن يفقدوا عقولهم .ليؤمنوا بخرافاتكم وصفاقاتكم.ويتخذوا منكم هداةً ومرشدين .وكأنه لم يكفكم ما وصل العالم إليه على أيديكم من تفسخ أخلاقي.وتدهور اقتصادي وتفكك اجتماعي وتمزق وانحلال وسقوط في الضياع والحيرة والضلال .
س19-لقد كان عيسى يصلي فهل كان يعبد نفسه ؟ وكان يدعو الله ويتضرع إليه ، فهل كان يدعو نفسه ويتضرع إليها؟ وكان يسمي نفسه نبياً ورسولاً وهو أجل وأعظم من أن يكذب على قومه .وكان يرفض أن يسمى صالحاً تواضعاً لله .ولا يعقل أن يكون إلهاً ويتواضع لغيره .وباختصار لقد كان يأكل ويشرب ويمشي ويتعب، وكان يفرح ويحزن ، وكان يخضع للسنن والقوانين الكونية ، وما ينبغي لإله أن تتحكم فيه سنن خلقها .وأن تسيطر عليه نواميس أوجدها .فكيف توفقون بين هذه الحقائق الدامغة التي لا ينكرها إلا مكابر وبين إصراركم على تأليه المسيح ؟
وقد أجبتَ على هذا السؤال بقولك :
يعلم الكتاب المقدس أن يسوع في القناعة لأجل الداء اتخذ جسداً بشرياً ولذلك كل ما ينسب للإنسان باعتبار ناسوته ، يمكن أن ينسب ليسوع :
أما من جهة قول الإنجيل أنه كان يصلي فلم تكن صلواته تعبداً بل تأملاً تتخلله الشفاعة للمؤمنين .
مع أطيب التحيات والتمنيات خادم يسوع
اسكندر جديد
وأجبتك على ذلك بأنك اقتصرت على تفسير صلاته.وقلت أنها لم تكن تعبداً بل تأملاً – ولم تتفضل بإعطاء تفسير مقنع لدعائه ، وتضرعه ، ولا لتسمية نفسه نبياً ورسولاً ولا لرفضه أن يسمى صالحاً – وهل كان صلوات الله وسلامه عليه يأكل ويشرب تأملاً؟وهل كان يتخلص من فضلات طعامه وشرابه تأملاً ؟ وهل كان يخضع للسنن والنواميس الكونية تأملاً ؟ وهل كان ناسوته يعبد لاهوته ؟إذ أن كل هذه ألغاز ومعميات تحتاج إلى من يحل رموزها.ويقدم للحائرين ما يحتاجونه فيها من شرح وإيضاح .
ختاماً ثق أنني أصلي من أجل إنقاذ المسيح منكم
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
خادم الحق وجندي الحقيقة
إبراهيم بن سليمان الجبهان
المفضلات