ســورة الفاتحـــة
قال رسول الله :(الحمد لله أم القران وأم الكتاب والسبع المثاني).
واختلفوا أهي مكية أم مدنية؟ فقال ابن عباس وقتادة وأبو العالية وغيرهم: هي مكية. وقال أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري وغيرهم: هي مدنية. ويقال: نزل نصفها بمكة ونصفها بالمدينة. حكاه أبو الليث السمرقندي في تفسيره. والأول أصح لقوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}الحجر:87؛ والحجر مكية بإجماع؛ ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة؛ ويجوز نزل جبريل بتلاوتها بمكة ونزل الملك بثوابها بالمدينة.
وأجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات إلا ما روي عن حسين الجعفي: أنها ست وهذا شاذ.
هل البسملة من القرآن ؟1-اجمع العلماء أن البسملة في النمل من القرآن:{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} النمل:30
2- واختلفوا: هل هي آية من الفاتحة ومن أول كل سورة أم لا؟؛ على ثلاثة أقوال:
1- الشافعية: أية من الفاتحة ومن كل سورة؛ وأدلتهم:1- حديث أبى هريرة عن النبي :salla-icon: :إذا قرأتما الحمد لله رب العالمين فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم؛ إنها أم القران وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم احدُ آياتها )؛ 2- عن ابن عباس عن النبي :salla-icon: أن رسول الله :salla-icon: كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم )؛ 4- عن أنس قال بينا رسول الله :salla-icon: ذات يوم بين أظهرنا اذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال: نزلت علي انفا سورة فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر..الكوثر؛ قالوا فهذا الحديث يدل أن البسملة أية من كل سورة؛ 5- وقالوا: إن المصحف الإمام كُتبت فيه البسملة في أول الفاتحة وفي أول كل سورة من سور القران ما عدا سورة براءة
2- المالكية : ليست آية من الفاتحة ولا من أول أي سورة من القرآن ودليلهم:1- حديث عائشة كان رسول الله :salla-icon: يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين 2- عن انس صليت خلف النبي :salla-icon: وأبى بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين 3- عن أبى هريرة قال :سمعت رسول اللهِ :salla-icon: يقول قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي واذا قال العبد الرحمن الرحيم قال الله تعالى اثني علي عبدي.. الحديث؛ فلو كانت البسملة من الفاتحة لذكرت في الحديث القدسي؛4-كتابتها أول السور إنما هو للتبرك .
3- الحنفية: هي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ودليلهم: عن الصحابة أنهم قالوا كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم؛ وما رواه بن عباس مثله
حكم قراءة البسملة في الصلاة:مالك: منع قراءتها في الصلاة المكتوبة جهرا أو سرا؛ أبو حنيفة: يقرؤها سرا مع الفاتحة في كل ركعة وإن قرأها مع كل سورة فحسن؛ الشافعي: يقرؤها وجوبا جهرا وسرا؛ أحمد: يقرؤها سرا ولا يسن الجهر بها
بسم الله: البصريون: في موضع رفع؛ خبر لمبتدأ محذوف تقديره:ابتدائي بسم الله؛ الكوفيون: في موضع نصب بفعل مقدر وتقديره: ابتدأتُ بسم الله [البيان في إعراب غريب القرآن لابن الأنباري 1/29 ]
{الحمد لله} : الحمدُ مبتدأ ولفظ الجلالة ؛ {رب العالمين ؛الرحمن الرحيم ...} صفة لاسم الجلالة
{الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ }
اسمان من أسمائه تعالى مشتقان من الرحمة ومعنى الرحمن المنعم بجلائل النعم ومعنى الرحيم المنعم بدقائقها[البحر المحيط لأبي حيان 1/18 ]؛ وأكثر العلماء علي أن الرحمن مختص بالله عز وجل لا يجوز أن يسمى به غيره[الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/106 ]؛ والرحيم خاص بالمؤمنين كما قال تعالى:{بالمؤمنين رءوف رحيم } التوبة:128
وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله رب العالمين ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب كما قال تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم}؛ فالرب فيه ترهيب؛ والرحمن الرحيم ترغيب وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :salla-icon: «ولو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد».
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
وفيه أربع لغات: مالك ومَلِك ومَلْك؛ والقراءتان مرويتان عن النبي :salla-icon: ؛ وأبي بكر وعمر.( )[ تفسير القرطبي ] .
قرأ بعض القراء (ملك يوم الدين) وقرأ آخرون (مالك) وكلاهما صحيح متواتر في السبع
روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئاً غريباً حيث قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي, حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول لله :salla-icon: وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرؤون (مالك يوم الدين) قال ابن شهاب وأول من أحدث «ملك» مروان...(قال ابن كثير) مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب. وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول لله :salla-icon: كان يقرؤها (مالك يوم الدين) [ تفسير بن كثير]
كيف قال "مالك يوم الدين" ويوم الدين (الجزاء) لم يوجد بعد؟ ... اعلم أن مالكا اسم فاعل من ملك يملك، واسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل، ويكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا، كقولك: هذا ضارب زيد غدا، أي سيضرب زيدا.
{إياك نعبد وإياك نستعين }
إياك: ضمير منفصل منصوب بالفعل بعده ؛ وأصله (نعبدك)و(نستعينك)؛فلما قدم الضمير المتصل أصبح ضميرا منفصلا ؛ والكاف للخطاب ولا مكان لها من الإعراب .
معناه نطيع والعبادة الطاعة والتذلل؛ ونطق المكلف به إقرار بالربوبية وتحقيق لعبادة الله تعالى، إذ سائر الناس يعبدون سواه من أصنام وغير ذلك؛{وإياك نستعين} أي نطلب العون والتأييد والتوفيق.
لم قدم المفعول على الفعل؟.. قدم اهتماما، وشأن العرب تقديم الأهم.
وأيضا لئلا يتقدم ذكر العبد والعبادة على المعبود؛ قوله تعالى: "وإياك نستعين" عطف جملة على جملة. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش: "نِستعين" بكسر النون وهي لغة تميم وأسد وقيس وربيعة ليدل على أنه من استعان، فكسرت النون كما تكسر ألف الوصل. وأصل "نستعين" نستعون قلبت حركة الواو إلى العين فصارت ياء، والمصدر استعانة والأصل استعوان، قلبت حركة الواو إلى العين فانقلبت ألفا ولا يلتقي ساكنان فحذفت الألف الثانية لأنها زائدة، وقيل الأولى لأن الثانية للمعنى ولزمت الهاء عوضا.
المفضلات