الأديان المقارنة
تقـديم المؤلف
الدكتور الحواري
لقد كتبت هذا الكتاب بالإنجليزية أصلاً ولكن طلب العديد من الأخوة فرض ترجمته إلى العربية ليطلع قراء العربية، فكانت هذه الترجمة التي أرجو أن تحقق القصد..
إن التدين صبغة فطرية في الإنسان، فهي تلاحظ بشكل جلي في مجرى حياة أي فرد أو عائلة أو قبيلة أو أمة على مدى التاريخ البشري.
فبعض الشعوب أو الأفراد يعبدون الإله الواحد المطلق الوجود المطلق القدرة،
والبعض الآخرون يعبدون إما إله السماء أو آلهة أرضية،
والبعض الآخرون يهبطون في عبادتهم حتى عبادة أو تقديس حيوانات معينة، كما هو الحال مع البقرة الهندية والثور الهندي،
والبعض الآخرون قد هبطوا أيضاً في عبادتهم حتى قدسوا أو عبدوا حشرات معينة كالخنافس المصرية.
وعليه فالملاحظ أن لب كل المقدسات البشرية وعباداتهم هو الإله الواحد أو الآلهة، وهو الكيان الذي اعتادوا أن يتجمعوا ليمارسوا من أجله أو حوله صلواتهم أو عباداتهم.
ولكن المشاهد أن الروح والروحانية هي التي تملأ الفراغ النفسي العقلي وليس النظرة المادية، فهي ليست مجرد حالة من حالات تقسيم الأجناس البشرية إلى مراحل وعصور كما تقول الماية، وإن كانت تمارس بشكل سامٍ أو هابط لدى هذا الشعب أو ذاك، وفي هذا العصر أو ذاك، تبعاً لعوامل خارجية وداخلية، ولذلك نجد الشعوب والأمم التي أكرهت على الابتعاد عنها عادت إليها بمجرد التخلص من ذلك الإكراه..
فمثلاً شعوب الاتحاد السوفييتي السابق، فإنها ما أسرع ما انخلعت من أرديتها المادية الشيوعية التي كانت مجبرة بالقوة البوليسيّة على ارتدائها، إذ بمجرد ضربة سياسية واحدة تغير كل شيء وعادت الممارسات الروحية لتحل محل تلك المادية وكأنهم كانوا بانتظار تلك اللحظة الحاسمة في التغيير.. فقد عادوا سريعاً إلى معتقداتهم وأديانهم الأصلية بشكل لا يصدق حتى للعالمين بأحوال الشعوب..
والسؤال الجوهري الآن الذي يتطلب إجابة عاجلة جداً ومقبولة تماماً هو:
ما هو لب الروحية والروحانية لدى الإنسان؟
فإذا كان لبها هو الإله فأي إله؟ وما هو الإله؟ وأين هو الإله؟
لا شك أن أجوبة هذه الأسئلة ستحسم مسألة ماذا قبل الحياة البشرية، ولكن ماذا بشأن الجانبين الآخرين من الحياة:
ماذا بعدها؟
وما هي علاقتها بما قبلها وما بعدها؟
فحل هذه المشكلة ذات الجوانب الثلاثة ضروري جداً لتحقيق قناعة الإنسان العقلية وطمأنينته القلبية، لأن الإنسان يلزمه هذا الحل ليتوفر ويتحقق له الحل السليم والدائم المحقق للشعور بالسعادة أو الشقاء..
لقد حاولت الأديان أن توفر هذا الحل للإنسان عندما شكلت وجهات نظرها بشأن الإله المدخل الأساسي إليها..
فدين يرى أن الإله هو فقط خالق المخلوقات، ودين آخر يرى أن الإله هو الخالق المدبر معاً، ودين ثالث، إن جاز التعبير، يرى أن مجرد الاعتراف بوجود الإله هو تضليل للعقول وأفيون للشعوب..
وموقف كل دين له آثاره الفردية والمجتمعية في حياة الإنسان.
وعليه دعونا في هذا الكتاب نحاول أن نرى كيف تنظر الأديان الرئيسة الستة:
1- الكونفوشية
2- والهندوسية
3- والبوذية، كأديان أرضية.
4- واليهودية
5- والنصرانية
6- والإسلامية
كأديان سماوية إلى الإله، وكلنا أمل أن نحقق الوصول للهدف بعد أن نكون قد أعطينا بقدر ما يمكن النظرة الأصولية لهذه الأديان.
ولكن، دعونا قبل ذلك نلقي نظرة حول هذا النوع من العلوم: علم الأديان المقارنة.
المفضلات